لبنى ياسين
24/05/2008, 09:49 AM
التلفزيون لسه بخير
لبنى ياسين
كنت أقلب قنوات جهاز التلفاز باحثة عن برنامج مفيد أقتل به الملل الذي أدركني فجأة, مررت بقناة خاصة ببرنامج ستار أكاديمي, ثم سوبر ستار, بعدها برنامج ثالث لم أعرف ما اسمه ولكنه على ما يبدو يتبنى المواهب الخليجية, ثم "هزي يا نواعم" وما "أدراك ما هزي يا نواعم" الذي طرح قضايانا"الشرقية" حتى شاركت بها الغربيات خصرا ونحرا وهات يا (هز بدن), فتمنيت من قلبي أن أشكر القائمين على هذه البرامج المفيدة المسلية من كل قلبي, لأنهم وفي سابقة لم تحصل قبلا في الوطن العربي شعروا بمعاناة المواطن العربي, وأحسوا بذلك القلق الخفي الذي يتسرب إلى حناياه, مع البطالة, والمجاعات, والفقر, والغلاء, ومع التفجيرات التي استباحت شوارع مدننا العربية, وأصبحت تتجول فيها بحرية, ومع الاحتلال الإسرائيلي وممارساته الأبوية الطيبة على الشعب الفلسطيني, ومع حصار غزة وسقوط أبنائها صرعى الجوع والمرض والحرمان، ومع المذابح التي تنتشر في السودان، والديمقراطية التي ينعم بها إخواننا العراقيين المستوردة مع الاحتلال الأمريكي, فكيف للإنسان أن يتعايش مع كل تلك الإحباطات ويتفاعل معها تفاعلاً إيجابياً إن لم يكن هناك برامج قيمة ومهمة كلفت مبالغ طائلة من الأموال العربية, وجهداً لا يعلم به سوى الله, مستقطبة زهرة شبابنا لتقدم إليهم كل مفيد وتسحب من جيوبهم وجيوب ذويهم في تجربة مثالية للمشاركة في التمويل مبالغ تافهة تحت مسمى (التصويت)؟!!
وكيف بإمكاننا أن ندعم إخواننا تحت القصف وفي المخيمات والسجون, ومن ينامون على الطوى إن لم نجد صوتاً عذباً وقامة هيفاء تتحزم بأعلامنا العربية وترقص على أنغام نشيدنا الوطني لتنقل أحاسيسنا وتعاطفنا مع إخواننا بدقة مدهشة؟!.
وها نحن حين يضيق صدرنا بأحوال بلداننا وقضايانا المصيرية الكبرى المهمشة عالمياً، نهتز تعاطفاً مع النواعم، ونبكي مع مرشحة العراق، ونصوت لمرشح فلسطين، فيفرح بنا الأقصى متفائلا بعودته السريعة إثر فتوحات مدهشة يقوم بها ميشو وزلازل والعم الكبير ظاظا. وهزي يا نواعم!!
والحقيقة إن تلفزيون الواقع لم يفعل شيئاً سوى انه نقل إلينا الواقع بحذافيره, وعيشنا معاناة كل متسابق ومتسابقة , كان الله في عونهم, ووحد الشعب العربي بجمعه في أستوديو واحد, تحت إدارة واحدة وتدريب واحد, وها نحن بعد (التوحد) الذي أصابنا في هذه الاستوديوهات نغني ونرقص...إذا فالعرب ما زالوا بخير...صدقوني.:emo_m7:
وبالمناسبة...ربما لم ينتبه الكثيرين منكم إلى أن هذه البرامج لم تفجر فقط الطاقات الفنية عند الإنسان العربي وتوحد شتاته فحسب, بل إنها فجرت فيه طاقة إبداعية هائلة لحل مشكلاته على مبدأ عصف الدماغ, كما حدث حين أراد احد الأطفال أن ينقذ متسابقته المفضلة التي أصبحت في قائمة "نومينيه", فما كان منه إلا أن ابتكر حلا لمشكلته فاقترض راتب والده كاملاً، بينما كان الأخير نائماً, واشترى به بطاقات شحن جوال, ولأنه اصغر من أن يقتني جوالا, فقد وزعها على شباب الحارة ليقوموا بالتصويت على حساب مصروف البيت الشهري, والشهادة لله أن البرنامج كان أهلاً لهذا الإكرام , فما كان منه إلا أن استضاف الطفل شاكراً إياه على هذا التصرف السخي, وكافأه بظهوره على التلفزيون وبرؤية نجمته المفضلة من المتسابقات على الهواء مباشرة,لا شك بعد ذلك أن الكثير من أترابه حسدوه وتمنوا أن يكونوا مكانه وربما قلدوه لينالوا ما ناله من تكريم, ومن يدري ربما تأتي الأيام القادمة بحلول أكثر إبداعاً من هذا على يد صغارنا, لذا أود أن أقول لكل من يهاجم التلفزيون وقنواته الفضائية المدهشة وبرامجه الآسرة:
مهلا يا جماعة...(التلفزيون لسه بخير).:good:
لبنى ياسين
كنت أقلب قنوات جهاز التلفاز باحثة عن برنامج مفيد أقتل به الملل الذي أدركني فجأة, مررت بقناة خاصة ببرنامج ستار أكاديمي, ثم سوبر ستار, بعدها برنامج ثالث لم أعرف ما اسمه ولكنه على ما يبدو يتبنى المواهب الخليجية, ثم "هزي يا نواعم" وما "أدراك ما هزي يا نواعم" الذي طرح قضايانا"الشرقية" حتى شاركت بها الغربيات خصرا ونحرا وهات يا (هز بدن), فتمنيت من قلبي أن أشكر القائمين على هذه البرامج المفيدة المسلية من كل قلبي, لأنهم وفي سابقة لم تحصل قبلا في الوطن العربي شعروا بمعاناة المواطن العربي, وأحسوا بذلك القلق الخفي الذي يتسرب إلى حناياه, مع البطالة, والمجاعات, والفقر, والغلاء, ومع التفجيرات التي استباحت شوارع مدننا العربية, وأصبحت تتجول فيها بحرية, ومع الاحتلال الإسرائيلي وممارساته الأبوية الطيبة على الشعب الفلسطيني, ومع حصار غزة وسقوط أبنائها صرعى الجوع والمرض والحرمان، ومع المذابح التي تنتشر في السودان، والديمقراطية التي ينعم بها إخواننا العراقيين المستوردة مع الاحتلال الأمريكي, فكيف للإنسان أن يتعايش مع كل تلك الإحباطات ويتفاعل معها تفاعلاً إيجابياً إن لم يكن هناك برامج قيمة ومهمة كلفت مبالغ طائلة من الأموال العربية, وجهداً لا يعلم به سوى الله, مستقطبة زهرة شبابنا لتقدم إليهم كل مفيد وتسحب من جيوبهم وجيوب ذويهم في تجربة مثالية للمشاركة في التمويل مبالغ تافهة تحت مسمى (التصويت)؟!!
وكيف بإمكاننا أن ندعم إخواننا تحت القصف وفي المخيمات والسجون, ومن ينامون على الطوى إن لم نجد صوتاً عذباً وقامة هيفاء تتحزم بأعلامنا العربية وترقص على أنغام نشيدنا الوطني لتنقل أحاسيسنا وتعاطفنا مع إخواننا بدقة مدهشة؟!.
وها نحن حين يضيق صدرنا بأحوال بلداننا وقضايانا المصيرية الكبرى المهمشة عالمياً، نهتز تعاطفاً مع النواعم، ونبكي مع مرشحة العراق، ونصوت لمرشح فلسطين، فيفرح بنا الأقصى متفائلا بعودته السريعة إثر فتوحات مدهشة يقوم بها ميشو وزلازل والعم الكبير ظاظا. وهزي يا نواعم!!
والحقيقة إن تلفزيون الواقع لم يفعل شيئاً سوى انه نقل إلينا الواقع بحذافيره, وعيشنا معاناة كل متسابق ومتسابقة , كان الله في عونهم, ووحد الشعب العربي بجمعه في أستوديو واحد, تحت إدارة واحدة وتدريب واحد, وها نحن بعد (التوحد) الذي أصابنا في هذه الاستوديوهات نغني ونرقص...إذا فالعرب ما زالوا بخير...صدقوني.:emo_m7:
وبالمناسبة...ربما لم ينتبه الكثيرين منكم إلى أن هذه البرامج لم تفجر فقط الطاقات الفنية عند الإنسان العربي وتوحد شتاته فحسب, بل إنها فجرت فيه طاقة إبداعية هائلة لحل مشكلاته على مبدأ عصف الدماغ, كما حدث حين أراد احد الأطفال أن ينقذ متسابقته المفضلة التي أصبحت في قائمة "نومينيه", فما كان منه إلا أن ابتكر حلا لمشكلته فاقترض راتب والده كاملاً، بينما كان الأخير نائماً, واشترى به بطاقات شحن جوال, ولأنه اصغر من أن يقتني جوالا, فقد وزعها على شباب الحارة ليقوموا بالتصويت على حساب مصروف البيت الشهري, والشهادة لله أن البرنامج كان أهلاً لهذا الإكرام , فما كان منه إلا أن استضاف الطفل شاكراً إياه على هذا التصرف السخي, وكافأه بظهوره على التلفزيون وبرؤية نجمته المفضلة من المتسابقات على الهواء مباشرة,لا شك بعد ذلك أن الكثير من أترابه حسدوه وتمنوا أن يكونوا مكانه وربما قلدوه لينالوا ما ناله من تكريم, ومن يدري ربما تأتي الأيام القادمة بحلول أكثر إبداعاً من هذا على يد صغارنا, لذا أود أن أقول لكل من يهاجم التلفزيون وقنواته الفضائية المدهشة وبرامجه الآسرة:
مهلا يا جماعة...(التلفزيون لسه بخير).:good: