المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نص ونقد - مقالة عن قصة (حرية)



فيصل عبد الوهاب
24/05/2008, 10:41 PM
حرية - ليلى إبراهيم الأحيدب
عندما انشق ضوء الصباح ، لملمت شتاتي ومشيت نحو عيادته، حين وصلت كانت موظفة الاستقبال لاتزال تعدل وضع حجابها وتفتح حاسوبها، نظرت إلي مستغربة قدومي المبكر!!قلت لها :الدكتور موجود؟
قالت وهي تستدني مفكرتها: لديك موعد معه؟ لايزال الوقت مبكرا !!
قلت: هو اخبرني أن موعدي معه قبل موعد فتح العيادة فقط اخبريه أنني هنا!!
رمقتني بعين يملؤها نوم عميق ثم هاتفته واشارت لي أن ادخل للعيادة وانتظره0
حين حضر اشار لي أن اتكلم عن مشكلتي باختصار00قلت له :
:هل تعرف فيلم( ذا لاقسي ) رفع حاجبيه مستفهما ، أكملت:
حين يفر أحد الضيوف من رهبة القصر المحمل بأرث الميت
يسلك دروب طويلة في الغابة
يقطعها وهو يتنفس الفرار
لكنه يفاجئ أن الدروب تأخذه ثانية للقصر!!
يجرب الطريق المعاكس ! يقوده أيضا للقصر!!
يخيم الظلام فيعود للقصر منقادا لمصيره !!!
هكذا يفعل بي أرثه !!
يسرقني من حياتي
أدلف إلى أقبيته كلما أنهيت شيء من واجباتي كأنسانة!!
يظل تواجدي معه هاجسا مسيطرا على كل لحظات حياتي!! أنهي وجبتي بعجل لألحق به!!
ألقي نظرة سريعة على جدول مواعيدي لأرى متى أكون له !!
أفرش سجادتي وأصلي وأنا أفكر به!! لاأقرأ تعاويذ المساء كاملة !! بل يخفق قلبي و أنا انتظره!!أكون في جمعة الخميس وأنا أهجس به ، يحدثونني فأنعطف نحوهم للحظة ثم أعود له !! ينهضون لمائدة العشاء وأنا يحدوني الجوع له!!
أنضم أليهم وأتناول الأطباق منهم أتذوقها فأجدني ممتلئة به !! أجلس معهم على سفرة الطعام يمازحونني ريجييم!! فأنثني ضاحكة وأنا أقلب موائده الدسمة في داخلي !!يسألونني ماهو ريجييمك، أقول لهم : لن تستطيعوه!! قاس وطويل الأمد!!
أنه يلتهم روحي، يسرق مني تفاصيل حياتي، يضللني فأتوه ، يقودني نحو الأقبية ويشير للنور، لاأرى النور لكني أراه فأنقاد للعتمة معه !!
رضيت أن يشق صدري وينتزع من قلبي كل هوى ليس له !!
رضيت أن يمسك روحي بيديه ويصهرها في غواياته!!
رضيت أن لا يكون لحياتي بابا سواه!!
لذلك يطرقون الباب طويلا وأنا أبحث في الجدار عن كوة تقودني لهم فلا أجد إلا الباب الذي يقودني إاليه!!أسمعهم ينادونني وأصيخ السمع لوشوشاتهم فلا أسمع إلا همسه هو !!
أمشي في الممرات الطويلة فلاأجد سواه!!
كل المرايا تعكسه لي !!
أنا مسروقة!!
مجتاحة!!
مسبية !!
أنا لم أعد أنا!!
لذلك كان يجب أن يشق أحدهم صدري ويطهرني منه!!!

نظر إلي الطبيب وابتسم ثم قال: اطلعي على السرير

حين استويت على سرير الكشف، جذب الستارة واقترب مني فاغمضت عيني ،فتح ازارير قميصي الوردي،واحدا واحدا ، فتحها برقة خياط ماهر، كنت اشعر بيده تتلمس صدري ،وتجس نهدي بهدوء عراف، وتتوقف تحت نهدي الايسر ،شعرت بيده الدافئة تتحسس قلبي ، تمسده ،تحركه بحذر0
يتوقف ويقول لي : لن ينخلع بسهولة لابد أن ألهيك بشيء حتي استطيع نزعه؟
فتحت عيني المغمضتين وقلت: أفعل أي شيء فقط خلصني من هذا الأرث؟
انحنى علي ، وضع يده خلف ظهري ،رفعني إليه ، ثم استوى معي على السرير، اقترب أكثر ويده لازالت تتحسس قلبي ، همس لي : لاتخافي !!رفعت بصري إليه وشعرت به يقترب أكثر، ويده لاتزال تمسد قلبي!!
ينحني علي ،أشعر بأنفاسه الحارة تلفح وجهي ، يقترب أكثر ويقبلني ، أشعر بقلبي ينتفض، يرتجف بقوة ، ينخلع وهو يضغط بشفته على شفتي ويحررني منك!!!!

مفهوم تحرر المرأة في قصة (حرية) لليلى إبراهيم الأحيدب
الكاتب: فيصل عبد الوهاب
تحاول بطلة القصة التخلص من (الإرث) العاطفي الذي يربطها بحبيبها وذلك بأن تتجه إليه وتدعوه لاقتلاع (القلب) مكمن العاطفة ومسبب عبودية المرأة للرجل.وتمهد الكاتبة لفكرة الحتمية بالإشارة إلى الفلم الأميركي حيث يحاول بطل الفلم عبثا الهروب من مصيره ولكن الطرق كلها تؤدي به إلى المصير نفسه. والحتمية (العاطفية)التي تؤدي بالمرأة إلى الذهاب إلى الطبيب (قد يكون الطبيب هو الحبيب نفسه في القصة) لتخليصها من هذا الإرث فيها إشارة رمزية إلى توحد الداء والدواء أو الخصم والحكم في رمز (الطبيب-الرجل). إن العاطفة المشار إليها ربما تؤدي إلى استعباد المرأة من قبل الرجل تماما مثلما تؤدي إلى استعباد الرجل من قبل المرأة. ونورد مثلا لذلك حيث يشبه الكاتب الانكليزي شكسبير على لسان بطله (أورسينو) وهو حاكم جزيرة (الليريا) في مسرحية (الليلة الثانية عشرة) The Twelfth Night يشبه رغباته العاطفية بكلاب الصيد التي تسعى لافتراسه خاصة وان حبيبته تصده وترفض الزواج منه وهو الحاكم. فالعلاقة العاطفية بين الرجل والمرأة ينبغي أن تدار بتوازن دقيق وأي خلل في هذه العلاقة يؤدي نشوء طرف قوي وطرف ضعيف قد تستغل لصالح الطرف الأقوى. ومفهوم تحرر المرأة في هذه القصة يفترض أن الطرف الأقوى هو الرجل وتسعى المرأة إلى التحرر منه والانعتاق من سيطرته التي يفرضها بقوته العاطفية إذا استبعدنا العناصر الاقتصادية والسياسية والدينية. وقد درجت المرأة على العزف على هذا الوتر منذ بداية حركة تحرير المرأة على يد كاتباتها ورموزها مثل مارغريت فولرMargaret Fuller التي أشار إليها الكاتب الأمريكي ناثانيل هوثورن في روايته الشهيرة (الحرف القرمزي) The Scarlet Letter حيث تسعى بطلة الرواية (هيستر براين) إلى التخلص من (الإرث) الديني والتاريخي والسياسي الذي يمثله الرجل وتتحدى المجتمع بارتكابها الخطيئة، ورغم ذلك فهي تحاول عبثا الاتحاد بحبيبها التي اختارته والهروب معه لتكوين أسرة تخالف فيها أعراف المجتمع وتقاليده. وفكرة (الإرث) Inheritance في الرواية تقترب كثيرا من الفكرة نفسها في قصة (حرية). ففي الرواية تسعى البطلة إلى التخلص من الإرث البيوريتاني المتطرف والمتشدد في مفاهيمه باتجاه تحقيق مجتمع ديني مثالي لا يتفهم النوازع البشرية على حقيقتها. وتمتد هذه الفكرة لتصل إلى التحرر من فكرة الخطيئة الأولى وآثارها. كما أنها توحي بالعلاقة بين أمريكا وأوروبا باعتبار أن الأولى تشكل الامتداد التاريخي للثانية وبالتالي لا يمكن للأولى التخلص من إرثها الأوروبي. واختلاف هذه القصة عن الرواية في أن البطلة تسعى إلى التخلص من العبودية التي تمثلها العاطفة في توجهها نحو الحبيب قائلة: حررني منك ، بينما تسعى بطلة الرواية إلى الاتحاد مع الحبيب الذي يموت بين ذراعيها نتيجة الألم الناشئ عن ارتكابه للخطيئة معها.
وعلى الرغم من الاختلاف بين القصة والرواية من حيث سياقهما التاريخي والديني والسياسي إلا أن المضامين الإنسانية تتشابه إلى حد كبير. فبطلة القصة أيضا تحاول التخلص من معتقداتها الدينية وأعرافها الاجتماعية وكل ارث القبيلة وتعليمات المؤسسات التربوية التي نشأت عليها بالذهاب إلى مصيرها المحتوم وتحقيق اتحادها مع الحبيب المنشود الذي يمثل القوة المسيطرة أيضا. والصراع هنا يتمثل بين القيم المتوارثة ونداء العقل وبين نداء العاطفة والرغبات الطبيعية والتي تدعو المرأة إلى السعي حثيثا لإشباعها بواسطة اتحادها مع الحبيب المستعبد (بكسر الباء) الذي تسعى إلى التحرر منه أيضا. وتثير هذه المواجهة إشكالية الصراع بين القديم والجديد أو التراث والمعاصرة أو المواجهة بين الحداثة واللاحداثة. وقد يتسرب إلى ذهن القارئ أن النص هنا يمكن أن يفهم على انه تأكيد على استحالة تحرر المرأة من سيطرة الرجل بوجود العاطفة أو الغريزة بينهما ، ولكن هذه الفكرة تؤدي بنا إلى مفهوم عبثي يغير من طبيعة الرجل والمرأة باتجاه يختلف تماما عما هو متعارف عليه منذ الأزل. إن المذهب الطبيعي Naturalism الذي ألهم الكثير من الكتاب الغربيين في كتابة أعمالهم الأدبية يحول الإنسان إلى كتلة من الغرائز يتحرك الإنسان وفقها دون اعتبار لما يمثله العقل والقوى الروحية من أدوات يمكنها أن تخفف من غلواء العاطفة والنزوات وتعقلنها باتجاه يعلي من الصفة الإنسانية التي يتفوق فيها الإنسان عن غيره من الكائنات الحية.
ونرجع إلى الناحية الفنية في القصة ونشير إلى أن الكاتبة قد مزجت بين المباشرة والرمزية في تناولها هذا الموضوع الحيوي ولو أنها اقتصرت على الجانب الرمزي ولم تستخدم تقنية الالتفات في نهاية القصة ،التي أغرقت القصة بالمباشرة ، لاكتسبت القصة بعدا فنيا مضافا إلى عمق الفكرة المنتشرة في أجواء القصة.

ناهد يوسف حسن
24/06/2008, 04:48 PM
أخي عبد الوهاب
شكر على النقد والقصة
لكن مرور النص حال دون قراءتها
تحياتي لك

فيصل عبد الوهاب
01/07/2008, 11:19 PM
الأخت ناهدة
أرى أن القصة قد ثبتت فيمكنك قراءتها بسهولة..شكرا لحضورك..دمت بخير