أعضاء الكونغرس الأمريكي .. ساسة أم مؤرخون ؟!

[منى العمد]

ساسة أم مؤرخون

لست أدري بأي حق يجتمع الكونغرس الأمريكي ليصوت على قرار إبادة الأرمن ، هل نسيت حكومة الولايات المتحدة فظنت نفسها "الأمم المتحدة " ؟
هل بدلت مجلس الأمن الدولي بالكونغرس ؟ يبدو أن الأنا الأمريكية ، علا صوتها وتعاظم حتى اختلطت الأوراق وظنت أمريكا نفسها مرة أخرى راعية العدالة المطلقة ، فمن حقها إذن أن تحاكم تركيا على إبادة الأرمن ، أليس لنا أن نسأل : من نصّب الكونغرس للدفاع عن حقوق الأرمن ، بالنيابة عن الأرمن ؟
أم هل يشترط في أعضاء الكونغرس الأمريكي أن يكونوا كلهم مؤرخين بحاثة حتى يصوتوا على مثل هذا القرار؟ ما لهؤلاء وللتاريخ ؟
أم أنهم يخلطون السياسة بكل الأشياء والتاريخ شيء منها ، أم أنه يحق لأمريكا ما لا يحق لغيرها .
من حقنا نحن إذن أن نصوت على قرار يدين جرائم أمريكا الوحشية ليس فقط ضد الهنود الحمر السكان الأصليين لأمريكا ، بل ضد هيروشيما وناغازاكي ، ألم يكن إلقاء القنبلة الذرية على هاتين المدينتين المنكوبتين هو حرب إبادة أفسدت الحرث والنسل ولا تزال المدينتان تعانيان من آثار هذه الجريمة التي لا مثيل لها في تاريخ الإنسانية كلها ؟
ألم تكن حرب أمريكا في فيتنام هي حرب قذرة كما وصفها كثير من الأمريكيين أنفسهم ؟ ولماذا نذهب بعيداً والجرائم الأمريكية في العراق ماثلة أمام أعيننا نراها عبر الفضائيات وفي الصحف وعبر الشبكة العنكبوتية بل كم سمعنا شهادة الشهود من الجنود الأمريكان أنفسهم من سفك دماء إلى انتهاك أعراض إلى ترويع للآمنين في منازلهم حتى غدا الأمن السلعة التي لا يمكن أن تشترى ، فهاجر العراقيون شرقاً وغرباً بحثاً عن السلعة المفقودة في أوطانهم .
ولا تملك جهة حتى مجلس الأمن الدولي تجريم هذه الأفعال التي تقوم بها أمريكا في العراق ، وأين الكونغرس إن كان لا يرى العود في عينه ويرى القذاة في عين غيره ، أين الكونغرس من محاكم التفتيش التي أقيمت للمسلمين في الأندلس ؟ وأين الكونغرس من مذابح سربنتشا وكوسوفو وسراييفو ، وأين الكونغرس من استلاب فلسطين من أهلها الشرعيين وتقديمها لليهود بوعد بلفور الغاشم وأينه من مذابح ديرياسين وحصار غزة ؟
أين هم أعضاء الكونغرس من جرائم الاستعمار الايطالي في ليبيا وجرائم الاستعمارالفرنسي في الجزائر وغيرها وغيرها ،
ألم يعد الكونغرس يرى سوى إبادة الأرمن أيام الحكم العثماني ، يبدو أن الكونغرس أصيب بنوع جديد من عمى الألوان ، وكذلك كل الساسة في أمريكا ، لا يرون سوى
ما يوافق أهوائهم ومصالحهم انطلاقاً من عصبية بغيضة وطائفية ملعونة ، الساسة الأمريكان الذين هالهم أن تظهر أمارات عودة رشيدة في تركيا لأصولها الإسلامية ، وأفقدهم رشدهم أن تختار تركيا رئيساً ذا ميول إسلامية وفوق ذلك فزوجته محجبة ، كما أن رئيس الوزراء إسلامي وزوجته محجبة أيضاً .
خافوا أن تعود تركيا إلى دورها الريادي وإنها - إن شاء الله- فاعلة كما كانت أيام العثمانيين فسارعوا إلى محاولة تشويه تاريخ الدولة العثمانية بافتعال قضية الأرمن ، وجرائم العثمانيين المزعومة ضدهم .
فلتسكت أمريكا وليتكلم التاريخ وليقدم براهينه .
بيت القصيد :
قال هامان لفرعون : قد بالغت يا فرعون وتماديت .
قال فرعون : ومن يمنعني إن فعلت ؟؟