المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لا تتركوا السودان يقاتل لوحده



د. محمد اسحق الريفي
26/05/2008, 11:22 PM
لا تتركوا السودان يقاتل وحده

عامر عبد المنعم
5/22/2008
المعركة الدائرة في السودان، والتي وصلت إلى أم درمان والخرطوم، وتجددت في أبيي تكشف عن حجم الخطر الذي يهدد هذا البلد، فلأول مرة يصل التهديد إلى العاصمة التي ظلت بعيدة عن التوترات التي يعيشها السودان منذ الاستقلال. كان الحكم السوداني مستقرًّا في مواجهة حركة التمرد الجنوبي، ولم يكن هناك تهديد مباشر للسلطة؛ مما أعطاه مناعة أمام المؤامرة الغربية التي لم تتوقف، خاصة منذ انقلاب سوار الذهب وحتى الآن.

كان السودان في السابق قادرًا على مواجهة التهديد الجنوبي بمفرده، ومع بعض المساعدات، لكن اليوم اتسعت دائرة التهديد، وانخرطت فيها قوًى داخلية وخارجية؛ بما يفوق قدرة البلد الصاعد على المواجهة إلي مالا نهاية. وبسبب هذه الضغوط وتخلي العرب والمسلمين وقَّع السودان على اتفاق ماشاكوس؛ هذا الاتفاق الذي فتح باب جهنم على الحكم السوداني، وزاد من طمع حركات التمرد. فهذا البلد المترامي الأطراف يعاني منذ القدم ضعف علاقة السلطة المركزية التي تعاني من الفقر وقلة الإمكانات بمحافظات البلاد.

وكان من المتوقع مع ظهور البترول أن تقوى هذه السلطة، ويزداد الترابط، خاصة مع رصف الطرق والنهضة الاقتصادية، وتطوير الاتصالات التي يشهدها السودان؛ إلا أن ما حدث هو العكس. إذ دخل الغرب كطرف مباشر في الواقع السوداني؛ ليدير المعركة بأطراف داخلية مستغلاً العصبية القبيلة أحيانًا، وطابور من العملاء أحيانًا أخرى، وغذّى حركات التمرد في الغرب والشرق، ونجح في الغرب ، وغرس الفتنة في دارفور، ونقل الأزمة دوليًّا في أعنف حملة قادها صهاينة ومتطرفون في أمريكا وأوروبا.

في المقابل لم يتحرك العرب لدعم السودان في معركته، ولم تتدفق الأموال العربية الرسمية والشعبية إلى السودان وإلى دارفور؛ لتُشعِر أهلها المسلمين بأن لهم إخوانًا يقفون معهم، ولم تقم منظمات الإغاثة الإسلامية بدورها الإنساني لقطع الطريق على المخطط المعادي في الوقت الذي تدفقت فيه المنظمات الصليبية والتبشيرية؛ للتكامل مع التدخل العسكري الغربي.
بلغت المأساة ذروتها أن بعض الحكومات العربية وقفت ضد السودان، وساندت التمرد حتى وقت قريب، ومنها مصر للأسف، وإن كانت بدأت مؤخرًا تشعر بخطورة الوضع، وتهديد أمنها المباشر. وكما هو معلوم فإن الحكومة المصرية في التسعينيات تركت ملف السودان في يد نائب رئيس الوزراء المصري يوسف والي المُدَان بتعاونه مع إسرائيل، وتخريب الزراعة المصرية أثناء توليه لوزارة الزراعة نحو ربع قرن من الزمان.

مع تعقُّد المشهد السوداني بعد تصاعد دخان الاشتباكات خلال الأسابيع الأخيرة يمكن وصف الوضع الحالي في السودان كالتالي:
1- حكومة وطنية مخلصة يقودها الرئيس عمر البشير المشهود له بالإخلاص والبسالة.
2- مستشارون بعضهم صقور ، وبعضهم غير ذلك.
3- جزء من معارضة مسلح خائن متحالف مع الخارج.
4- جزء من المعارضة ضيّق الأفق ؛ يتحرك بدافع انتقامي ولا يرى الخطر الذي يهدد وجود كل السودان.
5- معارضة وطنية عاقلة تصحّح مواقفها مثل الخطوة التي اتخذها الصادق المهدي الذي تعالى على الخصومة، وانضم إلى الخندق الصحيح لمواجهة الخطر الذي يهدد السودان.
6- أطراف علاقتها بالدولة المركزية ضعيفة انغرس فيها عملاء للغرب ممن درسوا وتربوا في الخارج.
7- حركة تمرد بالجنوب تسعي للانفصال، ويغريها العون الغربي فتطمع في حكم السودان كله.
8- الغرب موجود بقوة على الأرض من خلال بعثات الأمم المتحدة التي جاءت مع الاتفاق مع الجنوب واتفاق دارفور، وهي أشبه باحتلال تلمسه بمجرد نزولك مطار الخرطوم.
9- العرب والمسلمون يتجاهلون ما يحدث، وإن كان ثمة استثمارات ومبادرات فردية محدودة.

كيف يواجه السودان ما يحدث؟
لا شك أن المخلصين من أبناء السودان يعملون بجد وكفاءة، ولولا أن هناك عقولاً تخطط وتدير المعركة ما صمد السودان، وأفشل المكر المعادي، وتغلب على المؤامرات التي لا تتوقف.

لقد استفادت الحكومة السودانية من تجربة الحصار، وفتحت لنفسها مخارج كثيرة أفشلت خطط الغرب الصليبي المعادي باقتدار، ورغم التحدي العسكري والتهديدات الكثيرة تواصلت معركة البناء والتقدم الاقتصادي ، وحقَّقت البلاد طفرة لا يمكن إنكارها.

لقد تحرك الحكم السوداني في كل الاتجاهات؛ بحيث لا يؤثر العسكري على الاقتصادي، بل لم تؤثر التهديدات العسكرية على مجمل الحياة المدنية.

بالتأكيد أمام الحكومة السودانية الكثير لتعمله، وليس من المصلحة أن نتحدث عنه، لكن لأن المعركة في السودان لا تخص السودان وحده؛ لكونها تشكل تهديدًا للأمة؛ فإنني أطرح ما أراه واجبًا لنصرة بلد مسلم يتعرض للغزو المنظم.

من المقترحات:
1- على جامعة الدول العربية أن تقوم بدورها بالتوجه الفوري إلى السودان ؛ لبحث مطالبه العاجلة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
2- سكان دارفور المسلمون يحتاجون إلى إعانات ومساعدات؛ ليشعروا بانتمائهم للأمة، ويكونوا هم حائط الصدّ ضد المجرمين، والدعم هنا يجب أن يكون من الحكومات كالسعودية ودول الخليج ومن المنظمات الشعبية والإغاثية الموجودة في العالم الإسلامي.
3- وقف التعامل مع فصائل المعارضة السودانية المنخرطة في المشروع المعادي.
4- على العلماء دور في توعية الأمة بقضية الولاء والبراء بشكل عصري يفهمه المسلمون. الولاء للمؤمنين والبراء من الكافرين؛ حتى لا نرى مسلمين يخدمون مخططات الغرب الصليبي تحت شعارات ظاهرها الرحمة وفي باطنها العذاب. لقد أصبحت استعانة الغرب بمسلمين لتنفيذ الاستراتيجيات الصليبية ظاهرة معاصرة شائعة تحتاج إلى وقفة.

المعركة في السودان هي جزء من المعركة الكبرى التي يخوضها الغرب الصليبي ضد المسلمين، وكما يواجهوننا بتحالفات وبالجملة لم يعد يجدي معهم أن نواجههم فرادى. إن المعركة تتسع كل يوم وقد يكون هذا في صالحنا إن تكاتفنا، وقام المسلمون بواجب النصرة؛ لأن العدو لا يقدر على أن يحارب بأبنائه، كما في العراق وفي أفغانستان، بعد الخسائر التي يتكبدها والتي كسرت شوكته وأضاعت هيبته.

ورقة الغرب الغازي الأخيرة التي يستخدمها هم المرتزقة والعملاء والخونة. على الأمة أن تغلق كل الأبواب التي يتسرب منها هؤلاء المخربون، وفضحهم في بيئاتهم، وكشف تضليلهم. وهذا يحتاج خططًا مدروسة لا تكلف الكثير، لكن هذا التحرك لاحتواء الخونة والضالين يحتاج إلى عقول مخلصة تخطط ، ودعم مادي بعيد عن أيّ شروط.

لكي ننتصر في معاركنا علينا أن ندرس خطط العدو، والعدو الآن بعد أن درسنا وتعلم من تجربته معنا بات يضرب بعضنا ببعض؛ باستخدام القبلية والعرقية والطائفية التي كانت من عناصر قوتنا، وسخّرها لتفكيك بلادنا بتكلفة بسيطة لا تضاهي تكلفة تحريك جيوشه. علينا أن نقلب عليه الطاولة ونفقده هذا السلاح بتحرك سليم قائم على أسس واقعية وعلمية.
إن سلخ رءوس الفتنة عن قبائلهم هو التحدي الذي يحتاج إلى جهد واعي، يُفقد الأعداء الورقة الأخيرة التي يلعبون بها، ليس في السودان وحده، وإنما في كل العالم الإسلامي.

aamermoneim@yahoo.com

منى حسن محمد الحاج
27/05/2008, 11:12 AM
أ.د. إسحق محمد الريفي
أحييك أستاذي على نقل هذا المقال الرائع الذي يصف وبدقة وصدق الوضع الحالي في السودان.
وكان من المتوقع مع ظهور البترول أن تقوى هذه السلطة، ويزداد الترابط، خاصة مع رصف الطرق والنهضة الاقتصادية، وتطوير الاتصالات التي يشهدها السودان؛ إلا أن ما حدث هو العكس. إذ دخل الغرب كطرف مباشر في الواقع السوداني؛ ليدير المعركة بأطراف داخلية مستغلاً العصبية القبيلة أحيانًا، وطابور من العملاء أحيانًا أخرى، وغذّى حركات التمرد في الغرب والشرق، ونجح في الغرب ، وغرس الفتنة في دارفور، ونقل الأزمة دوليًّا في أعنف حملة قادها صهاينة ومتطرفون في أمريكا وأوروبا.والله إنه فعلاً ما حدث ويحدث وما يؤلمنا ولكن ما كل من يكتب يكتب بصدق ما كتبه أخي عامر...
أحييه كاتباً صادقاً متمكناً نقل الحدث بعناية وتحليل رائع..
أحيي من خلال هذه الطرح الرئيس عمر البشير والشعب الصامد الذي يستحق التحية.
لك خالص الشكر والتقدير

د. محمد اسحق الريفي
27/05/2008, 11:31 AM
أختي العزيزة المهندسة منى حسن محمد الحاج،

أشكر لك مرورك الطيب ومشاركتك المهمة، فشهادتك حول ما يدور في دارفور يؤكد لنا صحة ما جاء في هذا المقال، مع احترامي وتقديري الكبير لكاتبه.

إن الغرب الصليبي المجرم يحتل العراق ويرتكب المجازر فيها ضد العراقيين، ويفعل ذات الشيء في أفغانستان، ويحاصر غزة في فلسطين لإسقاط رائدة المقاومة حركة حماس، ويجند عملائه ومرتزقته لزعزعة الاستقرار في السودان، تمهيدا لإسقاط النظام الإسلامي هناك، ليتمكن الصليبيون المجرمون بعد ذلك من نهب ثروات دارفور والسودان، وبعدها سيطوقون مصر من كل مكان، ولهذا علينا أن نفيق من غفلتنا وننهض من سباتنا ونستيقظ من رقودنا، وإلا فسيمزقنا الصليبيون الحاقدون علينا شر ممزق، ويستحلوا أرضنا ويستبيحوا كرامتنا...

لماذا لا يعي المسلمون ما يحاك ضدهم وضد دينهم؟! ولماذا لا يريد المسلمون تصديق أن الصليبيون يشنون حرب صليبية عالمية ضد الإسلام المسلمين؟! ولماذا يصمت علماؤنا الأفاضل ولا يتعاطون إيجابيا مع الحرب الصليبية على أمتنا وكأن هؤلاء العلماء يعيشون على كوكب غير الأرض في كون مختلف؟!

تحية تكاد تحترق غيظا!!

كمال محمود علي
27/06/2008, 09:44 PM
أخونا محمد الريفي

شكرا على هذاالتوضيح .
لقد قلت ُ في قصيدة لي عن غزو العراق
(( مالوا على بلد الرشيد .. الموصلي .. أبي الحسن
وغداً على بلد سواه ))

ويبدو أنني كنت متفائلا ، فالبلد ، في الحق ، قد يصبح بلدانا عدة
لا بلدا واحدا .

كان الله في عون السودان وأهله .

شكرا لجمال روحك .