المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الوصول إلى محطة دمشق في خارطة الطريق



د. محمد اسحق الريفي
02/06/2008, 11:21 PM
الوصول إلى محطة دمشق في خارطة الطريق
أ.د. محمد اسحق الريفي
إعلان سوريا والكيان الصهيوني عن بدء مفاوضات غير مباشرة بهدف حل النزاع بينهما، يؤكد أن المنطقة العربية ستشهد في الأشهر القليلة القادمة بداية مرحلة جديدة تتسم بتغييرات خطيرة باتجاه تسوية الصراع العربي–الصهيوني وفق خارطة الطريق الأمريكية، وهو ما سيكون له انعكاسات خطيرة على القضية الفلسطينية.

وتجدر الإشارة إلى أن خارطة الطريق الأمريكية تهدف إلى إعادة ترتيب المنطقة وإقامة ما تسميه الولايات المتحدة الأمريكية "الشرق الأوسط الكبير"، عبر إنهاء حالة المقاومة والممانعة لمخططات الهيمنة الصهيوأمريكية على منطقتنا، وذلك لدمج الكيان الصهيوني في المنطقة وإجبار الدول العربية والإسلامية على إقامة سلام شامل معه على حساب القضية الفلسطينية. وتتضمن هذه الخارطة معالم طريق ملتوية تمر بالتخلص من "الأنظمة المارقة"، كما تسميها الإدارة الأمريكية، أو تطويعها وتدجينها. ويبدو أن الوقت قد حان للوصول إلى إحدى أهم محطات خارطة الطريق، وهي المحطة السورية، ولكن عبر خيار "السلام".

فخيار "السلام" هو وسيلة الولايات المتحدة للوصول إلى المحطة السورية بسلام، وهذا ما عبر عنه الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر أثناء زيارته لدمشق عندما قال: "طريق السلام لا بد أن يمر عبر دمشق"، ويتفق هذا مع تقرير بيكر–هاملتون الذي أكد على أهمية الدور السوري في الخروج من المأزق العراقي واستقرار المنطقة.

ويأتي التهديد الأمريكي والصهيوني بشن حرب على سوريا لتغيير نظام الأسد في سياق الضغط عليه وابتزازه إلى أقصى حد ممكن، فالولايات المتحدة تتخذ مواقفها، فيما يتعلق بالحرب أو السلام في التعاطي مع الحالة السورية، بناء على تأثير الحرب أو السلام على مصالحها في المنطقة، والتي من المؤكد أنها ستتضرر كثيراً بتغيير نظام الأسد بالقوة العسكرية.

فإشعال حرب إقليمية في المنطقة، تشمل سوريا وإيران ولبنان، لن يكون في صالح الولايات المتحدة ولا الكيان الصهيوني، وفق ما يرى العديد من المحللين السياسيين والاستراتيجيين، إذ إن هذه الحرب ستؤدي إلى تشكيل جبهة ملتهبة تشمل أفغانستان وإيران والعراق وسوريا ولبنان، الأمر الذي سيشجع أعداد كبيرة من المجاهدين العرب والمسلمين على التدفق نحو الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة لمقاومة الاحتلال الصهيوني، وهو ما لا يستطيع الكيان الصهيوني أن يصمد أمامه ويؤدي إلى ضرب المصالح الأمريكية والغربية في المنطقة، إضافة إلى زيادة صعوبة المستنقع الأمريكي في العراق وتهديد الأنظمة "الصديقة" للولايات المتحدة.

ولذلك فقد يكون إخراج سوريا من محور المقاومة والممانعة، عبر استدراجها إلى توقيع اتفاقية سلام شامل مع الكيان الصهيوني وفق مؤتمر مدريد للسلام، أخطر بكثير على القضية الفلسطينية من نشوب حرب إقليمية في منطقتنا بهدف تغيير النظام السوري، إذ إنه من المتوقع أن تتضمن اتفاقية السلام اشتراطات صهيوأمريكية على سوريا بالطلب من قادة حركتي حماس والجهاد الإسلامي مغادرة الأراضي السورية.

فالولايات المتحدة والكيان الصهيوني يشترطان على سوريا إنهاء العلاقات السورية الإيرانية، وتحييد منظمة حزب الله، وإغلاق مكاتب حركتي حماس والجهاد الإسلامي في دمشق، وإنهاء حالة الحرب مع الكيان الصهيوني، والمشاركة فيما تسميه الولايات المتحدة "الحرب على الإرهاب". وكل ذلك في مقابل تسوية مشكلة الجولان المحتل، واعتراف الولايات المتحدة بشرعية نظام الأسد، وإزالة اسم سوريا من قائمة الدول المارقة.

وتجدر الإشارة إلى أن الأحداث الأخيرة التي شهدتها الساحة اللبنانية، وما تبع ذلك من توصل القوى السياسية اللبنانية المتنازعة إلى اتفاقية الدوحة، تمثل خطوات مهمة على طريق التسوية بين سوريا والكيان الصهيوني في إطار تحييد كل من سوريا ومنظمة حزب الله...

وبعبارة أخرى، فإن السلام بين سوريا والكيان الصهيوني يستهدف أساساً القضية الفلسطينية، وذلك من خلال إشراك الأنظمة الرسمية العربية في عزل حركة حماس والتضييق عليها وإجبارها على وقف المقاومة، وكذلك من خلال تعزيز مواقف فريق النهج الاستسلامي ودعمه سياسياً وعسكرياً في مواجهة حركتي حماس والجهاد الإسلامي. ويأتي ذلك كله بمواكبة مرحلة جديدة من التسوية السياسية سيوقع عباس وأولمرت على إطارها خلال الأيام القليلة القادمة.

كما أنه من المتوقع أن تهرول الدول العربية والإسلامية إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني وإقامة سلام شامل معه، وذلك بمجرد انضمام سوريا إلى محور "الاعتدال العربي" وإقامة سلام مع الكيان الصهيوني، وسيتبع ذلك زيادة الضغوط العربية على حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وربما ستدفع بعض الدول العربية بجيوشها إلى قطاع غزة بعد تلقيه ضربة عسكرية صهيونية متوقعة، بذريعة حماية المدنيين الفلسطينيين وإنقاذهم من كارثة إنسانية!!

ولذلك فإن توصل سوريا والكيان الصهيوني إلى اتفاقية سلام شامل يعد خطوة كبيرة وحاسمة نحو محاولة إنهاء القضية الفلسطينية وفق الرؤية الصهيوأمريكية، ومن ثم التقدم باتجاه إقامة الشرق الأوسط الكبير وبسط الهيمنة الصهيوأمريكية على المنطقة، وهذا يفرض على حركة حماس ومن يقف معها ضد المخططات الصهيوأمريكية في المنطقة مسؤولية عظيمة.

ورغم كل ذلك، فإنه يستحيل على الأمريكيين والصهاينة والمتواطئين معهم القضاء على حركة حماس، لأنه من الصعب إقناع الفلسطينيين بجدوى عملية التسوية، ومن الصعب إقناعهم بترك سلاحهم والتخلي عن مقاومة الاحتلال، ومن الصعب كذلك الاستمرار في خداعهم وإنكار حقوقهم ووجودهم، فمعظم الفلسطينيين فقدوا ثقتهم في التسوية السياسية وفريقها.

وهنا يأتي دور الأحرار والشرفاء العرب والمسلمين، الذين نتوقع منهم أن يقاوموا محاولات تصفية القضية الفلسطينية، وأن يمارسوا أشد الضغوط على الأنظمة الرسمية المتواطئة!!

1/6/2008

د. محمد اسحق الريفي
02/06/2008, 11:21 PM
الوصول إلى محطة دمشق في خارطة الطريق
أ.د. محمد اسحق الريفي
إعلان سوريا والكيان الصهيوني عن بدء مفاوضات غير مباشرة بهدف حل النزاع بينهما، يؤكد أن المنطقة العربية ستشهد في الأشهر القليلة القادمة بداية مرحلة جديدة تتسم بتغييرات خطيرة باتجاه تسوية الصراع العربي–الصهيوني وفق خارطة الطريق الأمريكية، وهو ما سيكون له انعكاسات خطيرة على القضية الفلسطينية.

وتجدر الإشارة إلى أن خارطة الطريق الأمريكية تهدف إلى إعادة ترتيب المنطقة وإقامة ما تسميه الولايات المتحدة الأمريكية "الشرق الأوسط الكبير"، عبر إنهاء حالة المقاومة والممانعة لمخططات الهيمنة الصهيوأمريكية على منطقتنا، وذلك لدمج الكيان الصهيوني في المنطقة وإجبار الدول العربية والإسلامية على إقامة سلام شامل معه على حساب القضية الفلسطينية. وتتضمن هذه الخارطة معالم طريق ملتوية تمر بالتخلص من "الأنظمة المارقة"، كما تسميها الإدارة الأمريكية، أو تطويعها وتدجينها. ويبدو أن الوقت قد حان للوصول إلى إحدى أهم محطات خارطة الطريق، وهي المحطة السورية، ولكن عبر خيار "السلام".

فخيار "السلام" هو وسيلة الولايات المتحدة للوصول إلى المحطة السورية بسلام، وهذا ما عبر عنه الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر أثناء زيارته لدمشق عندما قال: "طريق السلام لا بد أن يمر عبر دمشق"، ويتفق هذا مع تقرير بيكر–هاملتون الذي أكد على أهمية الدور السوري في الخروج من المأزق العراقي واستقرار المنطقة.

ويأتي التهديد الأمريكي والصهيوني بشن حرب على سوريا لتغيير نظام الأسد في سياق الضغط عليه وابتزازه إلى أقصى حد ممكن، فالولايات المتحدة تتخذ مواقفها، فيما يتعلق بالحرب أو السلام في التعاطي مع الحالة السورية، بناء على تأثير الحرب أو السلام على مصالحها في المنطقة، والتي من المؤكد أنها ستتضرر كثيراً بتغيير نظام الأسد بالقوة العسكرية.

فإشعال حرب إقليمية في المنطقة، تشمل سوريا وإيران ولبنان، لن يكون في صالح الولايات المتحدة ولا الكيان الصهيوني، وفق ما يرى العديد من المحللين السياسيين والاستراتيجيين، إذ إن هذه الحرب ستؤدي إلى تشكيل جبهة ملتهبة تشمل أفغانستان وإيران والعراق وسوريا ولبنان، الأمر الذي سيشجع أعداد كبيرة من المجاهدين العرب والمسلمين على التدفق نحو الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة لمقاومة الاحتلال الصهيوني، وهو ما لا يستطيع الكيان الصهيوني أن يصمد أمامه ويؤدي إلى ضرب المصالح الأمريكية والغربية في المنطقة، إضافة إلى زيادة صعوبة المستنقع الأمريكي في العراق وتهديد الأنظمة "الصديقة" للولايات المتحدة.

ولذلك فقد يكون إخراج سوريا من محور المقاومة والممانعة، عبر استدراجها إلى توقيع اتفاقية سلام شامل مع الكيان الصهيوني وفق مؤتمر مدريد للسلام، أخطر بكثير على القضية الفلسطينية من نشوب حرب إقليمية في منطقتنا بهدف تغيير النظام السوري، إذ إنه من المتوقع أن تتضمن اتفاقية السلام اشتراطات صهيوأمريكية على سوريا بالطلب من قادة حركتي حماس والجهاد الإسلامي مغادرة الأراضي السورية.

فالولايات المتحدة والكيان الصهيوني يشترطان على سوريا إنهاء العلاقات السورية الإيرانية، وتحييد منظمة حزب الله، وإغلاق مكاتب حركتي حماس والجهاد الإسلامي في دمشق، وإنهاء حالة الحرب مع الكيان الصهيوني، والمشاركة فيما تسميه الولايات المتحدة "الحرب على الإرهاب". وكل ذلك في مقابل تسوية مشكلة الجولان المحتل، واعتراف الولايات المتحدة بشرعية نظام الأسد، وإزالة اسم سوريا من قائمة الدول المارقة.

وتجدر الإشارة إلى أن الأحداث الأخيرة التي شهدتها الساحة اللبنانية، وما تبع ذلك من توصل القوى السياسية اللبنانية المتنازعة إلى اتفاقية الدوحة، تمثل خطوات مهمة على طريق التسوية بين سوريا والكيان الصهيوني في إطار تحييد كل من سوريا ومنظمة حزب الله...

وبعبارة أخرى، فإن السلام بين سوريا والكيان الصهيوني يستهدف أساساً القضية الفلسطينية، وذلك من خلال إشراك الأنظمة الرسمية العربية في عزل حركة حماس والتضييق عليها وإجبارها على وقف المقاومة، وكذلك من خلال تعزيز مواقف فريق النهج الاستسلامي ودعمه سياسياً وعسكرياً في مواجهة حركتي حماس والجهاد الإسلامي. ويأتي ذلك كله بمواكبة مرحلة جديدة من التسوية السياسية سيوقع عباس وأولمرت على إطارها خلال الأيام القليلة القادمة.

كما أنه من المتوقع أن تهرول الدول العربية والإسلامية إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني وإقامة سلام شامل معه، وذلك بمجرد انضمام سوريا إلى محور "الاعتدال العربي" وإقامة سلام مع الكيان الصهيوني، وسيتبع ذلك زيادة الضغوط العربية على حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وربما ستدفع بعض الدول العربية بجيوشها إلى قطاع غزة بعد تلقيه ضربة عسكرية صهيونية متوقعة، بذريعة حماية المدنيين الفلسطينيين وإنقاذهم من كارثة إنسانية!!

ولذلك فإن توصل سوريا والكيان الصهيوني إلى اتفاقية سلام شامل يعد خطوة كبيرة وحاسمة نحو محاولة إنهاء القضية الفلسطينية وفق الرؤية الصهيوأمريكية، ومن ثم التقدم باتجاه إقامة الشرق الأوسط الكبير وبسط الهيمنة الصهيوأمريكية على المنطقة، وهذا يفرض على حركة حماس ومن يقف معها ضد المخططات الصهيوأمريكية في المنطقة مسؤولية عظيمة.

ورغم كل ذلك، فإنه يستحيل على الأمريكيين والصهاينة والمتواطئين معهم القضاء على حركة حماس، لأنه من الصعب إقناع الفلسطينيين بجدوى عملية التسوية، ومن الصعب إقناعهم بترك سلاحهم والتخلي عن مقاومة الاحتلال، ومن الصعب كذلك الاستمرار في خداعهم وإنكار حقوقهم ووجودهم، فمعظم الفلسطينيين فقدوا ثقتهم في التسوية السياسية وفريقها.

وهنا يأتي دور الأحرار والشرفاء العرب والمسلمين، الذين نتوقع منهم أن يقاوموا محاولات تصفية القضية الفلسطينية، وأن يمارسوا أشد الضغوط على الأنظمة الرسمية المتواطئة!!

1/6/2008