المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رواية حارس الظلام الجزء1



بلقاسم.ع
02/06/2008, 11:23 PM
( عندما تسقط أوراق أشجاري...ذاك الخريف قد زارني...)
خريفي منظره خلاب على السفوح والطرقات الجبلية الملتوية ..والقرى الهادئة

.. جميلة هي السنون الخوالي..
إن الجو ماطر، والبرد يسكن الدير والشوارع، ويرسل من خلال الأبواب صفيرا هو الريح قائم يعلن بداية شوطه. ويخلو الجو له كي يستمتع بتساقط الأوراق، وصفيره عبر الأكواخ والبيوت المتناثرة.
ومن هنا وفي أعالي بجاية. تلك المنطقة الرائعة بطبيعتها وسكانها، وفي ضيعة يسرح فيها خاطرك، يخطفه ويسرقه جمالها وروعتها.
أشجارها المتراصة والمترامية هنا وهناك، حشائشها القوية المتداخلة والمتشابكة، شبه بساط أخضر يؤنسك. والجمال الإلهي لطبيعة عذراء لم يدنو منها مخرب أو عابث، وصفحة تنتظر من يخط عليها بقلم لا ينقصه البهاء والرفعة .وتلك الطرق الملتوية والوعرة أحيانا تكاد تتكلم، لترحب بمن يمشي عليها فهي المؤدية إلى القرية طبعا. إن حجارتها المتناثرة من حولها تجعلك تسكر، إن كنت تعشق وتهوى الطبيعة والجمال. وتلوح من بعيد أنوراها كأنها أشباح تتسامر حول موقد.
ما إن تصل إلى القرية حتى يأخذ بك الفضول إلى أبعد حد. إلى من هم ساكني هذه المنازل المبنية جلها بالطين والحجارة المصففة بروعة وبلمسات يدوية تفننت وأبدعت في انجازها . كما أنها لاتخلو من بيوت جديدة العهد حديثة البناء والتصميم، تزيد من روعة المكان . وأبوابها ونوافذها تكاد تتشابه، فهي من خشب صلب متقن الصنع محكم.
ولكل منزل هنا ساحة صغيرة تجعل منه لوحة فنية نادرة يزيدها جمالا منظر فلاح أو اثنين هنا و هناك يعمل بكد، وزوجته بالقرب منه تمد له يد العون وتحمل معه ما ثقل إلى البيت.فالكل في نشاط دائم . والأولاد يلعبون أمام المنزل، وعلى منحدرات يتخذونها للتزحلق والترفيه وهم في غمرة من السعادة والحبور.
تهدأ الطبيعة بحلول الظلام، ليرسل الليل سواده، كي يلبسه رغم أنف كل شيء. ويبدأ بسرد حكايته المتتالية الليالي ويروي عن روعة هدوءه، وكيف يتغنى بها الشعراء والكتاب وكيف كانت سترا لعشاق تذوب أحلامهم بطلوع النهار.
وتتكدس الكلمات على باب حارس الظلام . وتختال الأماني لترحل وتترك بصماتها
على جدران كوخه، وحديقته المتواضعة التي رسمها وغرسها من عصارة ذكرياته، التي دفنت في ذاك القبر المنزوي، وعلى حافة حديقته التي جعلت من هذا المنظر صورة لكيان صارع من أجل البقاء ، من أجل كلمة واحدة هي "الوفاء" ...
فهل هي مجرد صيغة لكلمة عابرة ؟ أم هي كلمة رسمت على شفاه هذا الشيخ أسطورتها ومن جبينه سقاها ؟ وكانت ملحمة لا يفتتن بسردها فقط .. بل تغرس وتنقش داخل الفؤاد شيئا يكاد يكون كالمستحيل.
ومن بين تلك الأشياء التي لفها الغموض، وسادها الهدوء، والظلام حارسها، شيء قد يعبر عن أسطورة منسية عن أشياء دفينة، يقلب الشيخ لها ذلك الرأس المهموم. ترى هل هذا لغز أم ماذا ؟ فبكل هدوء يسرح، وبتلك الزيارة المتسارعة كالوميض، يشبع ما بداخله من حرمان أو فقدان أو ربما أكثر من ذلك. ويرسل بخياله ليحضر أمامه، وهو جالس على ذاك الكرسي ممسكا سيجارته.
إنها لحظة بمثابة قفزة داخل تيار أماني، وحكاية سالفة، إرتسمت أمامه لوهلة. وبحركة هادئة يقف ليحضر شيئا ما. إنه يقلب دفاترا، ويزور بعينيه تلك الدواوين، ويسبح داخلها كطفل يبحث عن لعبه في مهده. يقلب تارة، ويقف مرة أخرى ليسترجع ذكرى تزيده تنهدا وتصلبا .
هاهو يمسك دفترا بكلتا يديه. ينظر إليه نظرة يتيم لم يذق حلو العيش أبدا. وبحركة أخرى يدقق جيدا .. وبتلك النظرات المحزنة التي ترتجف الأجفان لها، وتتصلب الشرايين لعمقها. فيحمل بتلك اليدين الخشنتين، والتي أبت إلا أن ترتجف من وقع ما حملت في كفيها. إنها صورة تبدو وكأنها لإمرة.. نعم والله كذلك. حقا إنها تلك المرأة المثالية. لشيخ كابد لأجلها، من أجل أن تبقى له سندا في هذه الحياة المريرة.
..يتبع

بلقاسم.ع
02/06/2008, 11:23 PM
( عندما تسقط أوراق أشجاري...ذاك الخريف قد زارني...)
خريفي منظره خلاب على السفوح والطرقات الجبلية الملتوية ..والقرى الهادئة

.. جميلة هي السنون الخوالي..
إن الجو ماطر، والبرد يسكن الدير والشوارع، ويرسل من خلال الأبواب صفيرا هو الريح قائم يعلن بداية شوطه. ويخلو الجو له كي يستمتع بتساقط الأوراق، وصفيره عبر الأكواخ والبيوت المتناثرة.
ومن هنا وفي أعالي بجاية. تلك المنطقة الرائعة بطبيعتها وسكانها، وفي ضيعة يسرح فيها خاطرك، يخطفه ويسرقه جمالها وروعتها.
أشجارها المتراصة والمترامية هنا وهناك، حشائشها القوية المتداخلة والمتشابكة، شبه بساط أخضر يؤنسك. والجمال الإلهي لطبيعة عذراء لم يدنو منها مخرب أو عابث، وصفحة تنتظر من يخط عليها بقلم لا ينقصه البهاء والرفعة .وتلك الطرق الملتوية والوعرة أحيانا تكاد تتكلم، لترحب بمن يمشي عليها فهي المؤدية إلى القرية طبعا. إن حجارتها المتناثرة من حولها تجعلك تسكر، إن كنت تعشق وتهوى الطبيعة والجمال. وتلوح من بعيد أنوراها كأنها أشباح تتسامر حول موقد.
ما إن تصل إلى القرية حتى يأخذ بك الفضول إلى أبعد حد. إلى من هم ساكني هذه المنازل المبنية جلها بالطين والحجارة المصففة بروعة وبلمسات يدوية تفننت وأبدعت في انجازها . كما أنها لاتخلو من بيوت جديدة العهد حديثة البناء والتصميم، تزيد من روعة المكان . وأبوابها ونوافذها تكاد تتشابه، فهي من خشب صلب متقن الصنع محكم.
ولكل منزل هنا ساحة صغيرة تجعل منه لوحة فنية نادرة يزيدها جمالا منظر فلاح أو اثنين هنا و هناك يعمل بكد، وزوجته بالقرب منه تمد له يد العون وتحمل معه ما ثقل إلى البيت.فالكل في نشاط دائم . والأولاد يلعبون أمام المنزل، وعلى منحدرات يتخذونها للتزحلق والترفيه وهم في غمرة من السعادة والحبور.
تهدأ الطبيعة بحلول الظلام، ليرسل الليل سواده، كي يلبسه رغم أنف كل شيء. ويبدأ بسرد حكايته المتتالية الليالي ويروي عن روعة هدوءه، وكيف يتغنى بها الشعراء والكتاب وكيف كانت سترا لعشاق تذوب أحلامهم بطلوع النهار.
وتتكدس الكلمات على باب حارس الظلام . وتختال الأماني لترحل وتترك بصماتها
على جدران كوخه، وحديقته المتواضعة التي رسمها وغرسها من عصارة ذكرياته، التي دفنت في ذاك القبر المنزوي، وعلى حافة حديقته التي جعلت من هذا المنظر صورة لكيان صارع من أجل البقاء ، من أجل كلمة واحدة هي "الوفاء" ...
فهل هي مجرد صيغة لكلمة عابرة ؟ أم هي كلمة رسمت على شفاه هذا الشيخ أسطورتها ومن جبينه سقاها ؟ وكانت ملحمة لا يفتتن بسردها فقط .. بل تغرس وتنقش داخل الفؤاد شيئا يكاد يكون كالمستحيل.
ومن بين تلك الأشياء التي لفها الغموض، وسادها الهدوء، والظلام حارسها، شيء قد يعبر عن أسطورة منسية عن أشياء دفينة، يقلب الشيخ لها ذلك الرأس المهموم. ترى هل هذا لغز أم ماذا ؟ فبكل هدوء يسرح، وبتلك الزيارة المتسارعة كالوميض، يشبع ما بداخله من حرمان أو فقدان أو ربما أكثر من ذلك. ويرسل بخياله ليحضر أمامه، وهو جالس على ذاك الكرسي ممسكا سيجارته.
إنها لحظة بمثابة قفزة داخل تيار أماني، وحكاية سالفة، إرتسمت أمامه لوهلة. وبحركة هادئة يقف ليحضر شيئا ما. إنه يقلب دفاترا، ويزور بعينيه تلك الدواوين، ويسبح داخلها كطفل يبحث عن لعبه في مهده. يقلب تارة، ويقف مرة أخرى ليسترجع ذكرى تزيده تنهدا وتصلبا .
هاهو يمسك دفترا بكلتا يديه. ينظر إليه نظرة يتيم لم يذق حلو العيش أبدا. وبحركة أخرى يدقق جيدا .. وبتلك النظرات المحزنة التي ترتجف الأجفان لها، وتتصلب الشرايين لعمقها. فيحمل بتلك اليدين الخشنتين، والتي أبت إلا أن ترتجف من وقع ما حملت في كفيها. إنها صورة تبدو وكأنها لإمرة.. نعم والله كذلك. حقا إنها تلك المرأة المثالية. لشيخ كابد لأجلها، من أجل أن تبقى له سندا في هذه الحياة المريرة.
..يتبع

فايزة شرف الدين
21/06/2008, 11:36 PM
الأخ بلقاسم
قرأت الجزء الأول من روايتك ، وفي ترقب باقي الأجزاء .

http://www.10neen.com/up/uploads/e116c143fc.gif (http://www.10neen.com/up/)

فايزة شرف الدين
21/06/2008, 11:36 PM
الأخ بلقاسم
قرأت الجزء الأول من روايتك ، وفي ترقب باقي الأجزاء .

http://www.10neen.com/up/uploads/e116c143fc.gif (http://www.10neen.com/up/)

ناهد يوسف حسن
22/06/2008, 01:08 AM
أخي بلقاسم ع
تحيتي لك
هل تضع هذا النص للقراءة والرد ، أم للنقد والوصول للأفضل؟
وهل الرواية منشورة، أم لم تنشرها بعد؟

ناهد يوسف حسن
22/06/2008, 01:08 AM
أخي بلقاسم ع
تحيتي لك
هل تضع هذا النص للقراءة والرد ، أم للنقد والوصول للأفضل؟
وهل الرواية منشورة، أم لم تنشرها بعد؟

الحاج بونيف
12/10/2008, 10:23 PM
ننتظر البقية أخي الفاضل بلقاسم..
مع خالص التقدير.

فاطمه بنت السراة
13/10/2008, 09:01 AM
:
أخي الفاضل بلقاسم
عنوان مثير لرواية.
أعطيتنا صورة تمهيدية واضحة وعند بدأ الحدث وقفت بنا
ننتظرك وننتظر البقية.

مودتي

بلقاسم.ع
12/06/2009, 10:14 AM
الأخ بلقاسم
قرأت الجزء الأول من روايتك ، وفي ترقب باقي الأجزاء .
http://www.wata.cc/forums/imgcache/7867.imgcache.gif (http://www.10neen.com/up/)
السلام عليكم
اختي الفاضلة شكرا على المرور واتمنى ان تنال اعجابك.

بلقاسم.ع
12/06/2009, 10:16 AM
أخي بلقاسم ع
تحيتي لك
هل تضع هذا النص للقراءة والرد ، أم للنقد والوصول للأفضل؟
وهل الرواية منشورة، أم لم تنشرها بعد؟
بارك الله فيك اختاه على المرور .. وما وضعت النص الا ان ينال حقه من القراءة والنقد البناء. وهي لم تنشر بعد.

بلقاسم.ع
12/06/2009, 10:19 AM
ننتظر البقية أخي الفاضل بلقاسم..
مع خالص التقدير.
استاذي الفاضل
انَ لك وحشة والله. كيف حالك. اتمنى ان تنال اعجابك. والبقية قادمة ان شاء الله.

بلقاسم.ع
12/06/2009, 10:25 AM
:
أخي الفاضل بلقاسم
عنوان مثير لرواية.
أعطيتنا صورة تمهيدية واضحة وعند بدأ الحدث وقفت بنا
ننتظرك وننتظر البقية.
مودتي
بارك الله فيك على طيب الكلام. وعطر زيارتك فاح بين الاسطر.شكرا جزيلا اختاه