المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل هاجم العراق الأكراد بالأسلحة الكيميائية ??



غالب ياسين
06/06/2008, 09:40 PM
حلبجة .....والسلاح الكيمياوي الايراني

شبكة البصرة

د.عبد الفتاح الفلاح

بعد النكسة التي منيت بها الادارة الامريكية في موضوع تسويغ وتبرير الحرب العدوانية لاحتلال العراق فيما يخص اسلحة الدمار الشامل والتعاون مع القاعدة , هذه النكسة التي افصحت عنها الدوائر الامريكية الرسمية ذاتها بعد ان اثبتت ان العراق خال تماما من اسلحة الدمار الشامل ,ولم تثبت كل التحقيقات المتواصلة والدقيقة والمعتمة بان للقيادة العراقية علاقة بتنظيمات القاعدة , بل على العكس فقد اثبتت تلك التحقيقات بان القيادة العراقية ابعد ما يمكن عن القاعدة للتناقض العقائدي والايدولوجي والسياسي الحاد بينهما

بعد هذه النكسة عادت ابواق الاعلام الامريكي تزعق بما يسهل لها النفاذ من ثغرة جديدة , تخلقها وتخرقها لاعطاء مبرر بديل عن تلك المبررات الزائفة التي سقطت من ايدي بوش وهو يخوض معترك الانتخابات الرئاسية

ان الثغرة الجديدة التي تسعى الادارة الامريكية لتاجيجها مجددا تدق على وتر استخدام الاسلحة الكيمياوية على حلبجة من قبل القيادة العراقية او ما يسمى باستخدام صدام حسين السلاح الكيمياوي ضد شعبه

وفي هذا المقال وبعيدا عن كل الدعايات والادعاءات الاعلامية , لابد من ايضاح الحقيقة التاريخية عن هذا الحدث الخطير الذي راح ضحيته الالاف من ابناء الشعب العراقي , اطفالا وشيوخا ونساءا ورجال في واحدة من اكبر الجرائم الانسانية بشاعة على شعب فقير امن في بلدته المتواضعة

ولعل السوال الذي يفرض نفسه مبدئيا لماذا تستخدم القيادة العراقية السلاح الكيمياوي ضد الاكراد في عام 1988؟ وما هو المبرر المنطقي او الموضوعي لهذه الجريمة؟

واذا ما رجعنا الى ذلك العام والاعوام التي لحقته في نظرة تاريخية لوجدنا الصورة التالية

لم تكن اية مشاكل في العام 1988 بين القيادة العراقية والاحزاب الكردية , لا بل ان كردستان العراق لم يكن فيها خلال الحرب العراقية الايرانية وخاصة في تلك المرحلة الا قطعات عسكرية قليلة حيث لم تكن هذه الجبهة من القتال ساخنة وبالرغم من محدودية القوات العراقية في تلك المنطقة فلم تسجل اي عملية استهداف لها من قبل اي جهة كردية . بل ان لوائين من الحرس الجمهوري العراقي الخاص كان من القومية الكردية بقصد اثبات ان الشباب الكردي كانوا منخرطين في الخدمة العسكرية ويقاتلون الى جانب اشقائهم من القومية العربية في القوات المسلحة خلال الحرب العراقية الايرانية , لا بل ان الكثير من قادة الفرق والالوية والكتائب في الجيش العراقي كانوا من الاكراد , ومنهم من كان يشار له بالبنان في قدراته لادارة العمليات العسكرية الناجحة ضمن قاطع مسؤوليته

ومن هذه الصورة الموجزة الاولية يمكن طرح التساؤل هل ان من مصلحة القيادة العراقية وهي تخوض حرب ضروس مع الايرانيين وكثير من اراضيها محتلة من الطرف الايراني ان تقوم بمثل هذا الهجوم على عوائل امنة من الشعب الكردي في حلبجة؟ وماذا تحقق في ذلك غير الجانب الانعكاسي السلبي المضاد والمضاف لهمومها؟

وقبل الدخول ايضا في حيثيات ما جرى في حلبجة علينا ان نقفز بالزمن الى المرحلة التي تلت هذا الحدث الذي حدث في اذار عام 1988 . فبعد انتهاء الحرب العراقية الايرانية في اب /اغسطس من نفس العام اي بعد خمسة شهور فقط , ونظرا للاجواء الصيفية الحارة في مناطق العراق الوسطى والجنوبية , فقد انطلق معظم ابناء الشعب العراقي بمختلف شرائحهم وبضمنهم المسؤولين السياسيين والعسكريين وغيرهم الى منطقة كردستان ومصايفها الجميلة واجوائها العذبة , وطبيعتها الخلابة للاستمتاع بها وقضاء وقت من الاستراحة والاستجمام . ولعل النقطة التي احب ان اركز عليها هنا ان هذه المنطقة في تلك المرحلة لم تشهد ايضا اي استهداف او عمليات مضادة للقيادة العراقية او مؤسساتها او رموزها على طريق الانتقام مما حدث في حلبجة بالرغم من ان اوقات متاخرة في الليل ولنقل حتى الصباح كان الناس يجوبون المصايف الشمالية في المناطق النائية . والقوات العراقية ومراكز الشرطة محدودة العدد تنتشر بشكل بسيط هنا وهناك . ولو كان الاكراد مقتنعين بان الذي قام بضرب حلبجة هو القيادة العراقية لكانت لهم فرصة ذهبية للانتقام . ولعلنا هنا نذكر بتلك المظاهرة العارمة التي خرجت من حلبجة من قبل اهاليها بعد يومين من القصف الكيمياوي منددة بايران لما اقترفته من جريمة وحشية ضد ابناءهم.

ولندخل الان في الحيثيات الميدانية العسكرية التي حدثت

العراق وايران كانا يمتلكان الاسلحة الكيمياوية ويتبادلانها بالحرب الدائرة بينهم بين الحين والاخر . والعراق كان يمتلك سلاحي(السارين والخردل) اما ايران فكانت تمتلك (السيانيد والخردل) ..ولمعلومات القارئ نعطي صورة موجزة عن هذه الاسلحة . فالسارين والسيانيد هما من عوامل (الاعصاب) اما الخردل فهو من عوامل ( الفقاعات ) . والسارين والسيانيد تسميان بالعوامل المتطايرة التي ينتهي مفعول تاثيرها بعد استخدامها بساعات قلائل قد لا تتجاوز الساعة او الساعتين اما الخردل فيسمى بالعوامل الثابتة الذي يبقى على الارض كسائل يبعث ابخرته لفترة طويلة قد تتجاوز الايام الاربعة او الخمسة , ومن ناحية العمليات العسكرية , فقد شنت ايران هجوما واسعا بقوات الحرس الثوري والبسيج على القاطع الشمالي من الجبهة (العراقية - الايرانية) ضمن منطقة كردستان مستهدفة احتلال حلبجة باتجاه السليمانية مستغلة محدودية القوات المسلحة العراقية في ذلك القاطع ومحققة المباغتة والسرعة في الاختراق في منتصف شهر اذار/مارس عام 1988

وهنا نتوقف قليلا ونعطي الاحتمال الافتراضيين اولهما ان العراق هو الذي استخدم السلاح الكيمياوي على حلبجة والافتراض الثاني ايران هي التي استخدمته

في الافتراض الاول , لو ان العراق هو الذي استخدمها , فانه ووفقا للمعطيات التي ذكرناها انفا يفترض ان تقوم القوات العراقية باستخدام السلاح الكيمياوي من نوع السارين وهو من عوامل الاعصاب المتطايرة بعد دخول القوات الايرانية الى حلبجة من اجل ايقاع الخسائر الكبيرة في صفوفها , لكي تقوم بعد ذلك بساعة او ساعتين (اي بعد انتهاء مفعول الغاز السام) بالهجوم بالقطعات البرية لاستعادة حلبجة من ايدي القوات الايرانية التي احتلتها

وبالطبع فانه لو قام العراق بهذه العمليات العسكرية فان ذلك يعني ان الخسائر بالقوات الايرانية كبيرة جدا خاصة وان القوات الايرانية هي من قوات الحرس الثوري والبسيج والتي اعتمدت (اطلاق الذقن) وفق فتوى خميني . وبالطبع فان من يطلق ذقنه لا يتمكن من ارتداء قناع الوقاية مما يفضي الى وقوع الخسائر المميتة الكبيرة .. ولكن واقع الحال في هذا الافتراض اكد عدم وقوع خسائر في صفوف القوات الايرانية . فهل يعقل ان تقوم القيادة العراقية بضرب حلبجة قبل دخول القوات الايرانية اليها بعوامل كيمياوية متطايرة من نوع الاعصاب السارين لتقتل اهلها!!ولو كان الامر كذلك ووفق كل الحسابات وفي اسوا الاحتمالات فانها يفترض ان تضربها بعوامل الفقاعات من نوع الخردل لكي يبقى في الارض لفترة طويلة ويمنع القوات الايرانية من دخول المدينة

وللمعلومات فان الكلية الحربية الامريكية سبق وان كلفت من قبل البنتاغون للتحقيق والتدقيق في عملية حلبجة . وبعد الزيارات الميدانية والكشوفات التحليلية الموقعية والدراسات المعمقة توصلت الى نوع العامل الكيميائي المستخدم وهو من نوع السيانيد المتطاير الذي تملكه ايران . وهناك دراسات امريكية ووثائق عديدة لا مجال لذكرها تؤكد هذه الحقيقة

وفي الافتراض الثاني , فان ايران وقبل دخولها الى مدينة حلبجة ,استخدمت السلاح الكيمياوي من نوع السيانيد سريع التاثر وسريع التطاير حيث ينتهي مفعوله بعد مرور (1-2) ساعة . ومن ثم دخلت المدينة وصورت القتلى من الاكراد لتحقق الهدف العسكري اولا في احتلال مدينة حلبجة بامان وضمان , وبغية استغلال صور القتلى بالاسلحة الكيمياوية في اوسع حملة اعلامية ضد القيادة العراقية

هذا هو الواقع الحقيقي والتاريخي , والله سبحانه الذي يمهل ولا يهمل سيكشف ذلك وسينال المعتدي قصاصه العادل في الدنيا والاخرة

شبكة البصرة

غالب ياسين
06/06/2008, 09:41 PM
من قصف حلبجة بالكيمياوي؟

شبكة البصرة

وجدي أنور مردان

بتاريخ 16 مارس أذار1988 تعرضت مدينة حلبجة الكردية العراقية الى قصف بالاسلحة الكيمياوية، أستشهد جراءه المئات من النساء والشيوخ والاطفال. بقيت صورة ذلك الشيخ الكردي وهو يحضن أحد أحفاده الصغار لحظة الاستشهاد، بحنان وعطف الابوة ليدرأ عنه غائلة الموت، الصورة الاكثر أثارة في الذاكرة والوجدان. أن ما تعرض لها تلك المدينة المنكوبة جريمة، يندى لها جبين الانسانية، ومن أقذر صفحات الحرب العراقية الايرانية بشاعة وهولا . ظلت مأساتها لاتنمحى من الذاكرة الجمعية لشعبنا الكردي.

فما هي قصة هذه المدينة المنكوبة؟، وكيف جرى ما جرى ؟ والاهم من ذلك كله، من قصف مدينة حلبجة بالسلاح الكيمياوي؟؟ ولماذا شوهت وحجبت حقيقة ما جرى ؟

لاشك في أن الاسلحة الكيماوية قد أستخدمت خلال الحرب العراقية الايرانية التي دامت ثمان سنوات عجاف بشكل واسع ومريع من قبل كلا الطرفين المتحاربين. وثقته لجان تقصي الحقائق التي بعثتها الامم المتحدة خلال الحرب، في تقاريرها المقدمة الى مجلس الامن و الامين العام الاسبق خافير بيريز دي كويار.

المسألة الاكثر أهمية وأثارة، والتي تصدرت وسائل الاعلام العالمية وأضحت محور تصريحات المسؤولين الغربيين وفي المقدمة منهم المسؤولين الامريكيين، كلما تأزم الوضع مع العراق، هي أتهامها العراق والنظام العراقي السابق باستخدام الاسلحة الكيمياوية ضد شعبه، وعلى وجه الخصوص ضد مواطنيه الاكراد في حلبجة، التي راح ضحيتها حسب التقديرات الاعلامية (5) آلاف مواطن كردي عراقي من المدنيين الابرياء . وكذلك أدعاءات استخدام الغازات السامة ضد الاكراد في (عمليات الانفال) بعد انتهاء الحرب العراقية الايرانية.

عمدت وسائل الاعلام الغربية والامريكية، ومن خلفهم الاعلام العالمي والعربي، على ترسيخ ذلك الفعل الشنيع في أذهان الناس،وأن النظام العراقي السابق هو الذي أقترف هذه الجريمة النكراء. بحيث أصبحت حقيقة غير قابلة للنقاش ، والمساس بمصداقيتها أصبحت من المحرمات.

لا نبغي في هذا المقال أن نحسن من صورة الرئيس العراقي السابق صدام حسين، ولا من صور أركان نظامه، وأنما كشف الحقيقة، التي شوهت وحجبت يجب أن تعلن ليعرف الناس حقيقة ما جرى معززة بالوثائق، لأن نتائج هذا الاتهام لاتمس صدام حسين وأركان نظامه وحدهم بل تمس العراق وشعبه أيضا، وربما الكشف عن مداخلاتها وتداعياتها يساعد في غسل بعض الجراح الذي أصاب الاكراد بسببها وليس كلها. و كذلك لأطلاع الذين أنخدعوا بموضوعية الاعلام الغربي وحياديته، وليتكشف للرأي العام العراقي والعربي والعالمي، مدى التضليل والتلفيق التي تمارسها الاعلام الغربي والامريكي وقادة دولها وكيف يقلبون الحقائق وويطمسونها أو يشوهونها في أحسن الاحوال، من أجل أهدافهم السياسية، حتى وأن تقاطعت ممارساتهم تلك مع أبسط القيم الاخلاقية والقانونية والانسانية .

الرئيس بوش وأركان أدارته والسيد توني بلير وقسما من أعضاء حكومته، ومن خلفهم جوقة الاعلام الغربي، عندما بدؤا يقرعون طبول الحرب في نهاية العام 2002 لغزو العراق، سوقوا جملة من المزاعم والاكاذيب والتلفيقات وشوهوا الحقائق، قصد تضليل الرأي العام وأيجاد مسوغات ومبررات لغزو العراق وأسقاط نظامه السياسي وأحتلاله. ومن جملة تلك الادعاءات والتلفيقات، أمتلاك العراق للأسلحة الدمار الشامل ورفضه لعودة المفتشين الدوليين للعراق للبحث عنها وفقا لقرار مجلس الامن 1284 ثم القرار 1411، بحجه أنه يخفي برامجه التسليحية و لديه القدرة على شن هجوم بالاسلحة البيولوجية أو الكيمياوية في غضون (45) دقيقة، ومنها صلة النظام السابق بتنظيم القاعدة وزعيمها أسامة بن لادن، ومنها أيضا استخدام العراق السلاح الكيمياوي والغازات السامة ضد شعبه وقتل الالاف من مواطنيه.

بعد غزو العراق وأحتلاله وتدميره سقطت المزاعم والتلفيقات والاكاذيب جميعها ، كما تتساقط أوراق الاشجار في الخريف، ولم تصمد أمام الحقائق التي تكشفت سويعات قليلة. فيماعدا زعم واحد، رسخته وسائل الاعلام الغربية والامريكية في أذهان الرأي العام العالمي والعربي والعراقي كما ذكرنا، وهو زعم أستخدام العراق للسلاح الكيمياوي ضد مواطنيه الاكراد في حلبجة وعمليات الانفال. ونرى أنصافا للحقيقة والتاريخ بان الوقت قد حان لأظهار الحقيقة وأسقاط هذه الفرية كما سقطت سابقاتها مستندين في ذلك على وثائق أمريكية وشهادة علمائها المختصين.

كان العام 1988 ، عام تحول كبير في مسار الحرب العراقية الايرانية، فمع أطلالته توفرت لدى القوات العراقية قدرات عسكرية أضافية لشن هجمات مكثفة ونوعية على القوات الايرانية في القاطع الجنوبي من ساحات العمليات العسكرية، مما أدى الى حشر القوات الايرانية في موقف صعب وحرج للغاية. بالرغم عن أستمرارالمعارك الطاحنة على مدار شهري يناير، كانون الثاني و فبراير، شباط 1988 في القاطع الجنوبي، حولت أيران تركيزها نحو القاطع الشمالي على خط (دربنديخان- شهرزور- حلبجة) وحشدت قوات قوامها أربع فرق (أي بحدود 40 ألف جندي) للقيام بعملية أختراق لأحتلال أحدى المدن الحدودية بعملية شبيهة لعملية أحتلال شبه جزيرة الفاو عام 1986و بقصد تخفيف الضغط عن قواتها في القاطع الجنوبي. كانت مدينة حلبجة هي الهدف الايراني، تمهيدا لأحتلال مدينة السليمانية.

مع تصاعد وتيرة العمليات العسكرية ، والقصف المتبادل على مدار الساعة في أطراف مدينة حلبجة، أخلت الحكومة العراقية المدينة من سكانها الى ناحية خورمال التي تبعد عن حلبجة بـ (25) كيلومترا. في هذه الفترة كان أنتشار تشكيلات القوات الايرانية أنتشارا دفاعيا. أنسحبت القوات العراقية من المدينة يوم 10/3/1988 الى منطقة شهرزور، وفي يوم 13/3/1988 عاد السكان المدنيين الى حلبجة مرة ثانية من دون علم القوات العراقية والايرانية، وفي اليوم نفسه تغير وضع التشكيلات الايرانية الى وضع الانفتاح الهجومي. بتاريخ 16/3/1988 أبلغت ايران الامم المتحدة بان العراق قصف مدينة حلبجة بالاسلحة الكيمياوية وأدخلت في اليوم ذاته وسائل الاعلام العالمية والمصورين (التي كانت مهيئة سلفا وقريبة من المدينة) والمصورين الى المدينة لتوثيق المجزرة البشعة التي تعرضت لها المدينة المنكوبة وراح ضحيتها المئات من أبناء شعبنا الكردي الابرياء. نجحت ايران في تسويق واستغلال هذه القضية أيما نجاح.

شاهد العالم عبر وسائل الاعلام حجم المأساة الانسانية التي تعرضت لها المدينة وأهلها من النساء والشيوخ والاطفال، وبقيت هذه الصورة البشعة مطبوعة في أذهان الناس تهزهم هزاً الى هذه اللحظة. أستغلت وسائل الاعلام هذا الحادث و شنت حملة شعواء على العراق ونظامه السابق وصدقت الرواية الايرانية وما زالت. وأستغله الرئيس بوش والسيد طوني بلير كأحد الذرائع لشن عدوانهما على العراق.

فما هي الحقيقة ؟ وماذا حصل بالضبط في حلبجة؟ لنتفحص بعض الوثائق والادلة التي أحجبت عمدا عن الرأي العام العالمي، ومن بينها وثائق وأدلة صادرة عن جهات وشخصيات أمريكية مختصة. (كانت هناك وثائق وأدلة موثقة محفوظة في دائرة المنظمات والمؤتمرات الدولية في وزارة الخارجية حول هذا الموضوع، والملفت للنظر أن المكتبين اللذين حفظت فيهما هذه الوثائق أحترقت عن أخرها يوم 12/4/2003!!!!).

كلفت وزارة الدفاع الامريكية ( البنتاغون ) عام 1990، لجنة في الكلية الحربية العسكرية الامريكية، (US ARMY WAR COLLEGE) بدراسة موضوع (كيف سيقاتل العراقيون الولايات المتحدة الامريكية). تشكلت اللجنة من السادة: ( PROFESSOR STEPHEN PELLETIERE AND LT COLONEL DOUGLAS V. JOHNSON 11 AND LEIF R. ROSENBERGER.) وجميعهم من كادر معهد الدراسات الاستراتيجية في الكلية الحربية العسكرية الامريكية في كارليسيل، بنسلفانيا. درسوا المضوع دراسة معمقة وقدموا تقريرا بـ ( 93) صفحة. يحتوي على معلومات مهمة ومصنفة عن الجيش العراقي. نشرت جريدة نيويورك تايمز ملخصا عن التقرير بتاريخ 19/3/1990 . وفيما يلي الجزء الذي يخص موضوعنا..

(( في شهر سبتمبر أيلول 1988، أي بعد شهر واحد من انتهاء الحرب، أدانت الولايات المتحدة الامريكية، فجأةً وبشكل مثير للدهشة، العراق بمزاعم أستخدامه العوامل الكيمياوية ضد مواطنيه الاكراد المدنيين. هذا الحادث لايمكن فهمه من دون الرجوع الى بعض خلفيات العلاقة بين الحكومة العراقية والاكراد. واجه العراق خلال الحرب عدوين. الاول ايران والثاني العناصر الكردية المتمردة عليه بدعم من ايران. بعد انتهاء الحرب أعلن العراق انه مصمم على سحق التمرد الكردي، وأرسل قواته من الحرس الجمهوري الى المناطق الكردية للقضاء على التمرد، وخلال العمليات العسكرية التي نفذتها تلك القوات (عمليات الانفال)، استخدمت الغازات السامة حسبما ذكرت وزارة الخارجية الامريكية، مما أدى الى وفاة أعداد كبيرة وأصابة أخرين بجروح وحروق. وعلى أية حال أصر وزير الخارجية جورج شولتز على موقفه في أدانة العراق، الامر الذي دفع بالكونغرس الى المبادرة بفرض العقوبات الاقتصادية على بغداد لخرقه حقوق الانسان للاكراد.. بعد فحص وتدقيق الادلة التي توفرت ، وجدت اللجنة أنه من المستحيل تأكيد اتهام وزارة الخارجية، بشأن أستخدام الغازات السامة خلال العمليات (الانفال) بسبب عدم العثور على أية ضحية من ضحايا هذه الغازات. بالاضافة الى ذلك أجرت المنظمة الدولية للمساعدات الانسانية (INTERNATIONAL RELIEF ORGANIZATIONS ) فحوصات مكثفة على الاكراد الذين نزحوا الى تركيا بعد العمليات، فلم تكتشف بينهم أي مصاب كما لم يثبت بأنهم تعرضوا لمثل هذه الغازات، كذلك لم يعثر على أي مصاب أوضحية من الاكراد داخل العراق رغم البحث والتدقيق. لقد بني الاتهام برمته على أدعاءات الاكراد الذين نزحوا الى تركيا والذين أستجوبتهم مبعوث لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس، وهكذا فرض الكونغرس العقوبات الاقتصادية على العراق بسرعة قياسية لم تتجاوز (24) ساعة ، (أستنادا الى تهمة أفتراضية قائمة على أدعاءات لم تثبت صحتها).

بهذا الاعتراف من لجنة مشكلة من قبل وزارة الدفاع الامريكية ضمت في عضويتها رجال مختصين مرموقين، لم يثبت أن العراق أستخدم السلاح الكيمياوي أو الغازات السامة ضد الاكراد في عملية الانفال.

للتفاصيل راجع موقع الانترنيت : (WWW.POLYCONOMICS.COM )

نحن لانشك مطلقا بان آلالاف من أخواننا الاكراد تعرضوا خلال هذه العمليات التي قادها علي حسن المجيد الى القتل والابادة وتدمير قراهم وحرق مزارعهم ومواشيهم، ولكن لم تثبت أية جهة دولية أو منظمة صحية دولية أو الامم المتحدة، صحة أدعاءات استخدام السلاح الكيمياوي في هذه العمليات، وانما كانت فرضيات وأدعاءات مصممة لخدمة هدف سياسي. لم يكن بمقدور العراق في تلك الظروف استخدام الغازات السامة ، لأن العراق كان تحت صدمة الاتهامات الدولية التي كانت تترى عايه بسبب مأساة حلبجة ولم يجرء على القيام بعمل آخر ليزيد الطين بلة.

يبدوا ان الكونغرس الامريكي كان مصمما على معاقبة العراق لسبب أخر وقع قبل خمسة أشهر من هذه العمليات (عمليات الانفال)، وهو قصف مدينة حلبجة بالسلاح الكيمياوي.

بعد جريمة حلبجة كلفت البنتاغون، وكالة الاستخبارات العسكرية الامريكية، التحقيق في الحادث، قامت الوكالة بالمهمة وزارت حلبجة وأخذت عينات من موقع الحدث وعكفت على دراسته والتحقق من الادلة والنتائج، وقدمت تقريرها عام 1990. نشرت جريدة نيويورك تايمز الصادرة في 19 مايسن آذار 1990 مقتطفات من التقرير. ولعدم تكرار ما نشرته الجريدة، نكتفي بذكر ما أفصح عنه أحد الذين شاركوا في أعداد التقرير بشأن قضية حلبجة.

كتب البروفيســــور (STEPHEN PELLETIERE) مقالا في جريدة نيويورك تايمز بتاريخ 31/1/2003 تحت عنوان ( جريمة حرب أم عمل حربي). نص المقال في موقع الجريدة WWW.NYTIMES.COM/2003/01/31/OPINION/31PELL.HTML ). جاء فيه :

((لقد كان مداعاة للدهشة، بعد عدم العثور على برامج أسلحة الدمار الشامل العراقية من قبل مفتشي الامم المتحدة ، استغلال الرئيس بوش، في خطابه للامة، قضية أخلاقية لتبرير غزوه للعراق، بحجة أن الدكتاتور الذي يحشد أكثر الاسلحة خطورة في العالم، لم يتوانى في استخدام الغاز ضد شعبه مخلفا آلاف القتلى من المدنيين. أن استخدام الرئيس بوش عبارة (استخدام الغاز ضد شعبه) وخاصة في حلبجة كسبب لقلب نظام حكم صدام حسين، غير مبرر وغير حقيقي. الحقيقة كما أعلمه علم اليقين، أن الاكراد تعرضوا الى هجوم بالاسلحة الكيمياوية في يوم 16/3/1988 في حلبجة، ولايمكن القول بشكل قاطع أن الاسلحة الكيمياوية العراقية هي التي قتلت الاكراد. وهذا ليس هو التحريف أو التشويه الوحيد في قصة حلبجة. أنني مطلع وأعلم جيدا،( الكلام للبروفيسور) من خلال موقعي كمحلل سياسي للمخابرات المركزية الامريكية في شؤون العراق خلال الحرب العراقية الايرانية وكبروفيسور في الكلية الحربية العسكرية الامريكية للفترة (1998-2000). ومن خلال أطلاعي على كم هائل من المعلومات السرية المصنفة التي كانت ترد من واشنطن حــول ( الخليج الفارسي)، بالاضافة الى ذلك، ترأسي للجنة عسكرية عام 1990 لبحث كيف سيقاتل العراقيون الولايات المتحدة، وشاركت في أعداد تقرير سري مفصل عن الموضوع ، والذي يحتوي على تفاصيل كثيرة عن موضوع حلبجة. ومن خلال الكم الهائل من المعلومات المتوفرة لدي عن حلبجة يمكنني الافصاح عن أنه بعد المعركة مباشرة قامت الاستخبارات العسكرية الامريكية بالتحقيق في الموضوع وقدمت تقريرا سريا للغاية و محدود التداول على أساس ( NEED-TO-KNOW BASIS)، أكدت فيه على أن الغازات التي أستخدمتها ايران هي التي قتلت الاكراد في حلبجة وليس الغازات العراقية. كما كشفت ، أن كلا الطرفين استخدما هذا السلاح في المعركة التي دارت في أطراف حلبجة، ولدى فحص وأجراء الكشوفات الطبية على الضحايا الاكراد وجد معدوا تقرير الاستخبارات العسكرية الامريكية، أن الضحايا جميعا قتلوا بعوامل كيماوية تؤثر بالدم ( A BLOOD AGENT ) وهي من مشتقات غـــــاز السيانيد SYANIDE BASED GAS ) ). وكان معروفا لدى الخبراء ان هذا الغاز استخدمه ايران مرات عدة خلال الحرب. وكان معروفا أيضا للمختصين أن العراق لم ينتج ولا يمتلك هذا النوع من الغاز ولم يستخدمه في السابق.

الحقائق بخصوص حلبجة، حجبت عن الرأي العام بشكل غير أعتيادي ومثير، ونادرا ماذكرت أو نوقشت في المقالات المنشورة في جريدة نيويورك تايمز التي تناولت الموضوع و لم يشير أي منها الى تقرير وكالة الاستخبارات العسكرية الامريكية الذي أكد على أن الغازات الايرانية هي التي قتلت الاكراد في حلبجة. ويختم البروفيسور ستيفان مقاله بالقول: ( أنني لاأريد أن أحسن صورة صدام حسين، وعليه أن يجيب على أسئلة كثيرة عن خروقاته لحقوق الانسان، ولكن أتهامه بأنه قصف شعبه بالغازات السامة في حلبجة، كفعل من أفعال الابادة، غير حقيقي وباطل).

هذه شهادة من عالم منصف خرج من رحم المؤسسة الامريكية ليقول الحق ولايخشى في قوله لومة لائم ولو كره الكارهون والمنافقون.

وبهذه الشهادة تسقط أخر ذريعة تذرع بها الرئيس بوش والسيد طوني بلير لغزو العراق وأحتلاله. أما التداعيات الاخرى للقضية فنتركها لأهل الحق و الانصاف ، أذا بقيً نفر يؤمن بهما.. وصح المثل العربي، لو خليت قلبت.

وجدي أنور مردان

كاتب من العراق

شبكة البصرة