المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المسافة فينا



عادل بوجلدين
07/06/2008, 09:32 PM
هذا العالم الموبوء بالخيبات المفجوع بالخراب منحنا النصيب الأوفر في كعكته الخائبة ....أطرافنا تآكلت .. وصميمنا أهترأ من داخله ..المسافة بيننا.. وكل توثب مشروع تطاله النوايا المتخمة بالسوء ... فكل العالم الذي تمطى على بحيرات الأمل .. استكثر علينا أن تكون لطموحاتنا شجيرة نستظل بحماها ... الهجيرة اوقدت حر المرارة في أوطاننا الصغرى فاستفاق الحلم الأكبر على كابوس مريع بانتظار أن توقظه الصحوة !!
( العيون التى في طرفها .. نومْ ) لم تصحوْ.. وفخاخ المؤمراة تنتصب على كل قارعة وطنْ ...المسافة فينا تتسع .. لأننا لانجـيد لعبة ( القياس ) فتركنا الأميال تتمدد بين قلوبنا المأسورة بحلم قديم والمنقادة الى هاوية الكوابيس المطلية ببضعْ بضعْ أوهامْ نسجتها وعودُ آسرينا.
المسافة فينا .. ولاأحد يخاطر بالخطوة الأولى ..
لاأحد يستظل بفيء جرأة ويعلن حقيقتنا الآنية بأننا محضْ أرقام في لعبة تضع الأرقام على هامش هامش دوائرها وأن الدوائر هى الرسوخ وان ماعداها هو أشباه ظلال لايستقيم لها ظل ولايُشد بها بنيان .
لاأحد يتمرد على تصاريف الزمن .. والعيب فينا .. نسأل عن ( جهينة كل ركب ) فيما تتسع أبعاد المسافة وتتأرجح قلوبنا حتى فيافي البعاد ..وحتى البعاد.. وحتى حدود الغربة .
العالم يوقد كل شموعه في حضرة الأيام الآتية .. ونحن الحاضرون مآتم الشموع نكتفي بالتصفيق على خلفية إطفاء الشموع... نكتفي من الغنيمة بالإياب ونتمدد في حمى مضاربنا التى استوحشت ساكنيها وناءت بهم عند مفترق طرق .. لاتُهدى سبيلاً ولاتُرشد ضالاً.
لإن المسافة ليست بيننا .. لإن المسافة فينا تتسع كلما غامت الرؤى ... وكلما أسلمنا طواعيةً لموات حاضر وآت فتكلسنا كمومياءت فى محاضر التاريخ المتمدن .. نجتر ما استكان في مخيلتنا المأسورة بغابر هزيل وحاضر مهترىء وقادم يبدو أكثر اهتراءً.
فى مضاربنا المترامية فى شاسع صحراءنا .. تنتكس رايات القبيلة الحالمة بغارات غابرة ويستبد الحالمون بخدر أحلامهم التى أنهكها طول التمني فغدت مجرد همهمات وأشباح صدى تتعثر عند اول رابية ولاتتجاوز مضارب القبيلة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سؤال الى كل الاخوة : هل حقاً إن المسافة بيننا أم المسافة فينا؟

سعيد نويضي
08/06/2008, 08:05 PM
بسم الله الرحمن الرحيم...

الأخ عادل بوجلدين...سلام الله عليك و رحمته و بركاته

العالم يا أخي الحبيب في قبضة من خلقه إلى يوم معلوم...و ما منحنا منه من الخيرات ما لا يعد و لا يحصى...فقد يكون من سبقونا لم يحسنوا الحفاظ على "الكعكة " و الكعكة"الاقتصادية" كما يحلو للبعض أن يسميها باعتبار أن منطق العالم هو منطق تجاري محض...لا مجال فيه للعواطف و الأحاسيس و المشاعر...بل المجال فيه للأرقام و المعدلات...و من تم استوطن الجفاف أعماقنا حتى أصبحنا نشكو الظمأ في كل شيء...و من تم كبرت "المسافة" بين الذات الجماعية الواحدة " الأمة" و الذوات المكونة لحقيقة وجودها...

فالمشاريع التي ما فتئ العالم يصبو لتحقيقها لا تخلو من كونها مشاريع تقوم على الحق أو على الباطل...و درجة الاقتراب من هذا أو ذاك مرتبطة ارتباط وثيق بدرجة الاقتراب من إيماننا و مقتضى "المسافة" التي تفصل أو تربط هذا الإيمان بواقع الحياة بأمتنا بصفة خاصة و بالعالم أجمع بصفة عامة...

فمهما حاولنا الاقتراب من طموحاتنا و آمالنا و أحلامنا إن لم يضمها رابط الوحدة الإيمانية فسنظل نستظل بغير ظل الله عز وجل...و لن تنمو و تكبر مظلة الإسلام التي إن لم تستظل بنور الله جل و علا و الموجود في كل آية من آياته الموجودة في الكون أو تلك المسطرة في كتابه و سنة نبيه إلا سقطت في شرك جنود إبليس من هؤلاء و أولائك...فالطريق ليس معبد بالزهور و الرياحين كما يحلو أن يحلم البعض من ذوي النفوس الطيبة...و لكن لو تذكرنا قول الله عز وجل و ما قاله إبليس في الزمن الأول..." قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83) سورة ص...فإبليس متربص بجنوده من كل جهة و صوب...و لقد أقسم بعزة رب العالمين...فكيف سيتخلى عن دوره و ما خلق له...؟إلا من رحم الله عز و جل و كان من عباد الله المخلصين...ٍٍٍو الإخلاص هو الحد الفاصل و السيف الباتر و القلم النافع و العمل الصالح الذي سيسقط الباطل مهما علا و طغى و تجبر...و الصحوة تشق طريقها رويدا رويدا...و الإنسان لا يتغير بين عيشة و ضحاها...فقدوتنا عليه أفضل الصلاة و أزكى التسليم ظل لمدة ثلاثة و عشرون سنة و هو يؤسس...و أعيدها ظل "يؤسس" لمنهج و طريقة إن سلكتاها أفلحنا في الدنيا و الآخرة و إن حدنا عنها أصابنا الذل و الهوان و هو ما نعيشه حاليا كدويلات لا تسمن نفسها فكيف تغني غيرها أو تفك أسرها...فثرواتها أي "كعكتها الاقتصادية" في بنوكهم تحت أيديهم...لا يصرفون منها إلا ما شاءوا و إن زاغوا عن منهجهم و "شريعتهم" فرضوا عليهم الحصار و منعوهم من التصرف في خيراتهم تحت أي مبرر... و يوجد منهم من يحترم قيمة العقد و الكلمة التي صدرت منه "وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75) سورة آل عمران ...فهذا العالم بل هذا الكون و ما فيه هو لله جل و علا...و من يدركون هذه الحقيقة لا ينتظرون من يعلمهم دينهم و لا أن يصحح لهم مناهجهم التربوية حتى يكون متحضرين...فالحضارة ابتدأت مع آدم عليه السلام و انتهت مع آخر الأنبياء و المرسلين...عليه أفضل الصلاة و أزكى التسليم...فالإسلام هو خاتم الأديان التي ابتدأت مع آدم عليه السلام و ختمها رسول الرحمة عليهم جميعا أفضل الصلاة و أزكى التسليم إلى يوم الدين...و فيه القدوة الحسنة...

فالمسافة التي تعتبر محور السؤال في نظري فينا و بيننا...
فينا أولا لأن الله عز وجل العليم بحالنا في مسألة التغيير أكد على تغيير ما بأنفسنا قبل أن يغير ما بحالنا...و هذا موضوع آخر...
و المسافة كذلك بيننا لأننا لم نستطع حتى الآن أن نصل إلى تصور واضح يقتنع به كل من هب و دب من المؤمنين المتقين على معنى "الوسطية"...و قد يفهم البعض من كلامي هذا نوع من فرض تصور معين على الأمة و على مفكريها و علمائها و فقهائها-حاشا لله- ما يكون لي ذلك و ما ينبغي أن يكون لي ذلك...و لكن أقول أن مشكلتنا هي في تعدد التصورات التي تحاول تحديد مفهوم معين أو مصطلح معين...فما بالك بمنهاج و منهج معين؟ فالكل يدعي أن الشمس لا تحتاج إلى دليل...و مع ذلك تجد القائمين على وضع تشريع لهذه الحقيقة يتجادلون في الطريقة التي سوف يتناولون بها الموضوع...و الأمثلة كثيرة بعدد النخب المفكرة في عالمنا الإسلامي و بعدد المفكرين في واتا العزيزة...

لكن هذا لا يعني أن فكر الآخر غير مقبول أو مرفوض...و لكن من وجهة نظري كل ابن آدم خطاء و خير الخطاءين التوابون كما قال الرسول عليه الصلاة و السلام...فما من إنسان إلا و معرض للخطأ و ما من إنسان يحسن الظن بالله إلا محاسب لنفسه قبل أن يحاسبه من لا يغفل عن صغيرة و لا كبيرة إلا أحصاها...من قول أو عمل كيفما كان القول و كيفما كان العمل...و ما باب التوبة إلا فسحة و رخصة و فرصة لمن أراد أن يصلح من حاله و حال أمته... فتاب و آمن و عمل صالحا...فالإنسان إنسان كيفما كان و أينما كان...طائره في عنقه يحمل كتابه إلى يوم معلوم...

دمتم في رعاية الله و للحديث بقية إن كان في العمر بقية...

سعيد نويضي
08/06/2008, 08:05 PM
بسم الله الرحمن الرحيم...

الأخ عادل بوجلدين...سلام الله عليك و رحمته و بركاته

العالم يا أخي الحبيب في قبضة من خلقه إلى يوم معلوم...و ما منحنا منه من الخيرات ما لا يعد و لا يحصى...فقد يكون من سبقونا لم يحسنوا الحفاظ على "الكعكة " و الكعكة"الاقتصادية" كما يحلو للبعض أن يسميها باعتبار أن منطق العالم هو منطق تجاري محض...لا مجال فيه للعواطف و الأحاسيس و المشاعر...بل المجال فيه للأرقام و المعدلات...و من تم استوطن الجفاف أعماقنا حتى أصبحنا نشكو الظمأ في كل شيء...و من تم كبرت "المسافة" بين الذات الجماعية الواحدة " الأمة" و الذوات المكونة لحقيقة وجودها...

فالمشاريع التي ما فتئ العالم يصبو لتحقيقها لا تخلو من كونها مشاريع تقوم على الحق أو على الباطل...و درجة الاقتراب من هذا أو ذاك مرتبطة ارتباط وثيق بدرجة الاقتراب من إيماننا و مقتضى "المسافة" التي تفصل أو تربط هذا الإيمان بواقع الحياة بأمتنا بصفة خاصة و بالعالم أجمع بصفة عامة...

فمهما حاولنا الاقتراب من طموحاتنا و آمالنا و أحلامنا إن لم يضمها رابط الوحدة الإيمانية فسنظل نستظل بغير ظل الله عز وجل...و لن تنمو و تكبر مظلة الإسلام التي إن لم تستظل بنور الله جل و علا و الموجود في كل آية من آياته الموجودة في الكون أو تلك المسطرة في كتابه و سنة نبيه إلا سقطت في شرك جنود إبليس من هؤلاء و أولائك...فالطريق ليس معبد بالزهور و الرياحين كما يحلو أن يحلم البعض من ذوي النفوس الطيبة...و لكن لو تذكرنا قول الله عز وجل و ما قاله إبليس في الزمن الأول..." قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83) سورة ص...فإبليس متربص بجنوده من كل جهة و صوب...و لقد أقسم بعزة رب العالمين...فكيف سيتخلى عن دوره و ما خلق له...؟إلا من رحم الله عز و جل و كان من عباد الله المخلصين...ٍٍٍو الإخلاص هو الحد الفاصل و السيف الباتر و القلم النافع و العمل الصالح الذي سيسقط الباطل مهما علا و طغى و تجبر...و الصحوة تشق طريقها رويدا رويدا...و الإنسان لا يتغير بين عيشة و ضحاها...فقدوتنا عليه أفضل الصلاة و أزكى التسليم ظل لمدة ثلاثة و عشرون سنة و هو يؤسس...و أعيدها ظل "يؤسس" لمنهج و طريقة إن سلكتاها أفلحنا في الدنيا و الآخرة و إن حدنا عنها أصابنا الذل و الهوان و هو ما نعيشه حاليا كدويلات لا تسمن نفسها فكيف تغني غيرها أو تفك أسرها...فثرواتها أي "كعكتها الاقتصادية" في بنوكهم تحت أيديهم...لا يصرفون منها إلا ما شاءوا و إن زاغوا عن منهجهم و "شريعتهم" فرضوا عليهم الحصار و منعوهم من التصرف في خيراتهم تحت أي مبرر... و يوجد منهم من يحترم قيمة العقد و الكلمة التي صدرت منه "وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75) سورة آل عمران ...فهذا العالم بل هذا الكون و ما فيه هو لله جل و علا...و من يدركون هذه الحقيقة لا ينتظرون من يعلمهم دينهم و لا أن يصحح لهم مناهجهم التربوية حتى يكون متحضرين...فالحضارة ابتدأت مع آدم عليه السلام و انتهت مع آخر الأنبياء و المرسلين...عليه أفضل الصلاة و أزكى التسليم...فالإسلام هو خاتم الأديان التي ابتدأت مع آدم عليه السلام و ختمها رسول الرحمة عليهم جميعا أفضل الصلاة و أزكى التسليم إلى يوم الدين...و فيه القدوة الحسنة...

فالمسافة التي تعتبر محور السؤال في نظري فينا و بيننا...
فينا أولا لأن الله عز وجل العليم بحالنا في مسألة التغيير أكد على تغيير ما بأنفسنا قبل أن يغير ما بحالنا...و هذا موضوع آخر...
و المسافة كذلك بيننا لأننا لم نستطع حتى الآن أن نصل إلى تصور واضح يقتنع به كل من هب و دب من المؤمنين المتقين على معنى "الوسطية"...و قد يفهم البعض من كلامي هذا نوع من فرض تصور معين على الأمة و على مفكريها و علمائها و فقهائها-حاشا لله- ما يكون لي ذلك و ما ينبغي أن يكون لي ذلك...و لكن أقول أن مشكلتنا هي في تعدد التصورات التي تحاول تحديد مفهوم معين أو مصطلح معين...فما بالك بمنهاج و منهج معين؟ فالكل يدعي أن الشمس لا تحتاج إلى دليل...و مع ذلك تجد القائمين على وضع تشريع لهذه الحقيقة يتجادلون في الطريقة التي سوف يتناولون بها الموضوع...و الأمثلة كثيرة بعدد النخب المفكرة في عالمنا الإسلامي و بعدد المفكرين في واتا العزيزة...

لكن هذا لا يعني أن فكر الآخر غير مقبول أو مرفوض...و لكن من وجهة نظري كل ابن آدم خطاء و خير الخطاءين التوابون كما قال الرسول عليه الصلاة و السلام...فما من إنسان إلا و معرض للخطأ و ما من إنسان يحسن الظن بالله إلا محاسب لنفسه قبل أن يحاسبه من لا يغفل عن صغيرة و لا كبيرة إلا أحصاها...من قول أو عمل كيفما كان القول و كيفما كان العمل...و ما باب التوبة إلا فسحة و رخصة و فرصة لمن أراد أن يصلح من حاله و حال أمته... فتاب و آمن و عمل صالحا...فالإنسان إنسان كيفما كان و أينما كان...طائره في عنقه يحمل كتابه إلى يوم معلوم...

دمتم في رعاية الله و للحديث بقية إن كان في العمر بقية...

سعيد نويضي
08/06/2008, 08:05 PM
بسم الله الرحمن الرحيم...

الأخ عادل بوجلدين...سلام الله عليك و رحمته و بركاته

العالم يا أخي الحبيب في قبضة من خلقه إلى يوم معلوم...و ما منحنا منه من الخيرات ما لا يعد و لا يحصى...فقد يكون من سبقونا لم يحسنوا الحفاظ على "الكعكة " و الكعكة"الاقتصادية" كما يحلو للبعض أن يسميها باعتبار أن منطق العالم هو منطق تجاري محض...لا مجال فيه للعواطف و الأحاسيس و المشاعر...بل المجال فيه للأرقام و المعدلات...و من تم استوطن الجفاف أعماقنا حتى أصبحنا نشكو الظمأ في كل شيء...و من تم كبرت "المسافة" بين الذات الجماعية الواحدة " الأمة" و الذوات المكونة لحقيقة وجودها...

فالمشاريع التي ما فتئ العالم يصبو لتحقيقها لا تخلو من كونها مشاريع تقوم على الحق أو على الباطل...و درجة الاقتراب من هذا أو ذاك مرتبطة ارتباط وثيق بدرجة الاقتراب من إيماننا و مقتضى "المسافة" التي تفصل أو تربط هذا الإيمان بواقع الحياة بأمتنا بصفة خاصة و بالعالم أجمع بصفة عامة...

فمهما حاولنا الاقتراب من طموحاتنا و آمالنا و أحلامنا إن لم يضمها رابط الوحدة الإيمانية فسنظل نستظل بغير ظل الله عز وجل...و لن تنمو و تكبر مظلة الإسلام التي إن لم تستظل بنور الله جل و علا و الموجود في كل آية من آياته الموجودة في الكون أو تلك المسطرة في كتابه و سنة نبيه إلا سقطت في شرك جنود إبليس من هؤلاء و أولائك...فالطريق ليس معبد بالزهور و الرياحين كما يحلو أن يحلم البعض من ذوي النفوس الطيبة...و لكن لو تذكرنا قول الله عز وجل و ما قاله إبليس في الزمن الأول..." قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83) سورة ص...فإبليس متربص بجنوده من كل جهة و صوب...و لقد أقسم بعزة رب العالمين...فكيف سيتخلى عن دوره و ما خلق له...؟إلا من رحم الله عز و جل و كان من عباد الله المخلصين...ٍٍٍو الإخلاص هو الحد الفاصل و السيف الباتر و القلم النافع و العمل الصالح الذي سيسقط الباطل مهما علا و طغى و تجبر...و الصحوة تشق طريقها رويدا رويدا...و الإنسان لا يتغير بين عيشة و ضحاها...فقدوتنا عليه أفضل الصلاة و أزكى التسليم ظل لمدة ثلاثة و عشرون سنة و هو يؤسس...و أعيدها ظل "يؤسس" لمنهج و طريقة إن سلكتاها أفلحنا في الدنيا و الآخرة و إن حدنا عنها أصابنا الذل و الهوان و هو ما نعيشه حاليا كدويلات لا تسمن نفسها فكيف تغني غيرها أو تفك أسرها...فثرواتها أي "كعكتها الاقتصادية" في بنوكهم تحت أيديهم...لا يصرفون منها إلا ما شاءوا و إن زاغوا عن منهجهم و "شريعتهم" فرضوا عليهم الحصار و منعوهم من التصرف في خيراتهم تحت أي مبرر... و يوجد منهم من يحترم قيمة العقد و الكلمة التي صدرت منه "وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75) سورة آل عمران ...فهذا العالم بل هذا الكون و ما فيه هو لله جل و علا...و من يدركون هذه الحقيقة لا ينتظرون من يعلمهم دينهم و لا أن يصحح لهم مناهجهم التربوية حتى يكون متحضرين...فالحضارة ابتدأت مع آدم عليه السلام و انتهت مع آخر الأنبياء و المرسلين...عليه أفضل الصلاة و أزكى التسليم...فالإسلام هو خاتم الأديان التي ابتدأت مع آدم عليه السلام و ختمها رسول الرحمة عليهم جميعا أفضل الصلاة و أزكى التسليم إلى يوم الدين...و فيه القدوة الحسنة...

فالمسافة التي تعتبر محور السؤال في نظري فينا و بيننا...
فينا أولا لأن الله عز وجل العليم بحالنا في مسألة التغيير أكد على تغيير ما بأنفسنا قبل أن يغير ما بحالنا...و هذا موضوع آخر...
و المسافة كذلك بيننا لأننا لم نستطع حتى الآن أن نصل إلى تصور واضح يقتنع به كل من هب و دب من المؤمنين المتقين على معنى "الوسطية"...و قد يفهم البعض من كلامي هذا نوع من فرض تصور معين على الأمة و على مفكريها و علمائها و فقهائها-حاشا لله- ما يكون لي ذلك و ما ينبغي أن يكون لي ذلك...و لكن أقول أن مشكلتنا هي في تعدد التصورات التي تحاول تحديد مفهوم معين أو مصطلح معين...فما بالك بمنهاج و منهج معين؟ فالكل يدعي أن الشمس لا تحتاج إلى دليل...و مع ذلك تجد القائمين على وضع تشريع لهذه الحقيقة يتجادلون في الطريقة التي سوف يتناولون بها الموضوع...و الأمثلة كثيرة بعدد النخب المفكرة في عالمنا الإسلامي و بعدد المفكرين في واتا العزيزة...

لكن هذا لا يعني أن فكر الآخر غير مقبول أو مرفوض...و لكن من وجهة نظري كل ابن آدم خطاء و خير الخطاءين التوابون كما قال الرسول عليه الصلاة و السلام...فما من إنسان إلا و معرض للخطأ و ما من إنسان يحسن الظن بالله إلا محاسب لنفسه قبل أن يحاسبه من لا يغفل عن صغيرة و لا كبيرة إلا أحصاها...من قول أو عمل كيفما كان القول و كيفما كان العمل...و ما باب التوبة إلا فسحة و رخصة و فرصة لمن أراد أن يصلح من حاله و حال أمته... فتاب و آمن و عمل صالحا...فالإنسان إنسان كيفما كان و أينما كان...طائره في عنقه يحمل كتابه إلى يوم معلوم...

دمتم في رعاية الله و للحديث بقية إن كان في العمر بقية...