المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سيرة الحذاء



عادل بوجلدين
07/06/2008, 09:51 PM
يُكرس أساطين الموضة والأزياء جُل وقتهم فى ابتكار تصاميم جديدة للأحذية باعتبار أن المقولة الرائجة ( أناقة الرجل تبدأ من حذائه ) كافية لترويج منتجاتهم ( الحذائية) وتسويقها غير أننا وكليبين لاتهمنا أناقة الحذاء ولاتعنينا إلا إضطراراً عندما يكون مقرونةً ببدلات الزواج كما أننا وكما يقول ( سالم العوكلي) نُفضل دائماً الأحذية بدون رباط وهذه المفـــاضلة تعود لكوننا دائماً عجولين وربما مهمة ربط الحذاء تُعرقلنا عن ممارسة عجلتنا اللامجدية والتـــــى تعود إلى قلق ( البدوى فينا) كما يقول ( يوسف القويرى ) ..( .. لهذا نرحل دائماً وبلا ارتواء ونعود إلى ذواتنا وللمرايا المغبشة وكل ماشببنا عليه بالعيون نفسها وبالقلب نفسه ) .. هذا الرحيل المستبد بنا والعجلة اللامجدية لاتتطلب أحذية برباط بل خلقت حالة عدم تفاهم بيننا وبين أحذيتنا فالشاعر ( سالم العوكلي ) يعود مجدداً ليؤكد أن أحذيتنا الإيطالية لاتعرف شوارعنا في تأكيد لقلق البدوى الساكن بداخلنا وبالتالي فان هذا الترحال والقلق وحالة عدم الفهم لاتحتاج الى تدخل خبراء الموضة فى الالتزام بأناقة أحذيتنا القلقة .. الراحلة بلاارتواء .. والتى لاتعرف شوارعنا ولا تفهمنا!!! .
منذ أن عرف الإنسان كيفية تغطية قدميه منذ حوالي 500 ألف عام تقريبا وهنت قدما الإنسان لإعتماده على أشياء خارجية تمكنه من النهوض وهو الأمر الذى أدركه كثير من السياسين فلم يعد الحذاء مجرد أناقة بل صار مذهب لعق بعض أحذية بعض أولي النفوذ وسيلة للوصول لكن الأحذية التى لعقوها قد تتحول فى نهاية الأمر إلى علامة سقوطهم فشجرة الدر انتهى سلطانها بحفلة ( ضرب القباقيب ) وحكم ( صدام حسين ) انتهى بنكتة مأسوية بضرب صورته بالحـذاء وهو أبلغ إعلان رسمي تناقلته وكالات الأنباء عن سقوط حكم صدام وكان هذا المشهد كافياً لانتهاء أسطورته .
فى تاريخنا العربي الغابر تظهر حكاية حذاء ( ابوالقاسم الطنبورى ) كناية عن سوء الحظ وشؤم الطالع الذى لازمه فى حكاية دراماتيكية ارتبطت بحذائه وحظه المنكوب ...ويتخذ حكماءنا من ( خفي حنين ) إشارة واضحة إلى الخيبة والفشل .. وفى تاريخنا الحاضر لازالت الكثير من شعوبنا موبؤة بشؤم الأحذية الطنبورية ـ وان اختلفت الأذواق والمقاسات ـ ولازال الكثيرون لايعرفون سوى العودة ً بخفي حنين... لكن سلوانا الوحيدة فى كل عصورنا الغابرة والحاضرة وقع أحذية النساء التى لازالت أكثر الأشياء التى تستوجب إدارة الرؤوس و.. العقول !!
العلاقة بين السياسين والأحذية لاتتوقف عند لعقها أو ضربهم بها فالتاريخ يسجل لنا حذاء الرئيس الروسي ( خروتشوف ) الذى أعتلى منبر منظمة الأمم المتحدة مهدداً متوعداً وانتهى الأمر بجمهوريته العملاقة مفككة مهترأة تحت أحذية من لم يغفروا له حذاؤه المُشهر في وجوههم إبان عز روسيا .. كما يسجل التاريخ قافلة أحذية ( ماتيلدا ماركوس ) التى خلفتها وراءها فى الفلبين وكانت حديث العالم حينما طاردت ( الفلبين ) بعلها المهزوم تاركاً مجده وأحذية زوجته .. كما حدث المشهد ذاته مع زوجة الرئيس السوداني ( جعفر النميري ) والتى خلفت زوجته أزواجاً لاتعد من الأحذية والتى لم تكف لملايين الأقدام الحافية فى السودان ... ولعل صانع الأحذية (التركمانستانى) كان ذكياً حين أراد تكريم رئيس بلده باهدائه حذاءً عملاقاً وعزا ذلك إنه بإهداء هذا الحذاء ((نريد أن نُظهر الخطوات العظيمة والناجحة التي حققها بلدنا المستقل في عصره الذهبي)) وكأنه أراد بهذه الهدية أن يُذكر رئيسه بعلاقة السياسين بالأحذية التى تنتهي في نهاية المطاف .. على الرؤوس!!
الرئيس ( بوش الابن ) والذي خلّّف سلفه (الأب) في هوسه بأحذية رعاة البقر وربما ايضاً بعقلية راعي البقر حيث تلونت السياسة الامريكية بألوان هوس رعاة البقر فى التدمير والدمار والمغامرات غير المحسوبة فأكمل بوش الابن سلسلة مغامرات والده الكاوبوية والتى انتهت بغرق أحذيته في مستنقعات العراق وأفغانستان !!
من الطريف تلك العلاقة بين رؤساء اللاتيين والأحذية فتوليدو رئيس البيرو يُدين للأحذية بوصوله للسلطة ففى طفولته عمل ماسحاً للأحذية ونتيجة لأتقانه عمله فقد لفت انتباه زوجين امريكين ساعداه على الحصول على منحة دراسية كانت الانطلاقة لوصوله الى رئاسة البيرو غير أن أداؤه الرئاسي لم يحفظ وده لشريحة الفقراء وماسحي الأحذية خصوصاً... وفى البرازيل جاهد كثيراً ماسح الأحذية (( دي سيلفا )) فى الانتخابات الى أن وصل الى سدة الرئاسة ومن خلال ماضيه ( الحذائي ) فانه لن تنطلي عليه ألاعيب وخزعبلات ماسحي الأحذية!!
يظل للحذاء حضوره الطاغي وإشكالياته المتعددة عبر رحلته التى امتدت لأكثر من 500 الف عام وربما نحن كليبين قد أدركنا وبعفوية هذه الإشكالية التى يصنعها الحذاء فارتبط فى موروثنا الشعبي بحالة عدم الفهم وعجز الاستيعابْ وتشابك المفاهيم فى الــمثل الدارج ( اضربه في راسه ... طـيّر شلايكه !!) هذه العلاقة الغير مفهومة والمتلبدة والذى لم يتحرج الشاعر ( عبدالسلام العجيلي ) من التأكيد مجدداً والاعتراف بأن حذاؤه لم يعد يسمعه