المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل تعرف « بيضة البُقَيْلَة » ؟؟



غالب ياسين
07/06/2008, 09:58 PM
* في كتاب « البخلاء » للجاحظ قال : فإن كان لابد من المؤاكلة، ولابد من المشاركة، فمع مَن لا ينتهز بيضة البقيلة .
*وفيه أيضا : ولقد كانوا يتحامون بيضة البقيلة، ويدعها كل واحد منهم لصاحبه؛ حتى إن القصعة لَتُرْفَع وإن البيضَ خاصةً لعلى حالِه. وأنت اليوم إذا أردت أن تمتع عينك بنظرة واحدة منها، لم تقدر على ذلك! .
*وفي « ثمار القلوب » للثعالبي، و« البصائر والذخائر » لأبي حيان التوحيدي : وحكي عن محمد بن أبي المؤمل، أنه قال في كلام: ولقد كانوا متحامين بيضة البقيلة، ويدعها كل امرئ لصاحبه، وأنت اليوم لو أردت أن تمتع عينيك بنظرة واحدة إليها لم تقدر عليها.
*وفي « نثر الدر » للآبي : قيل لطفيلي: لم قطعت فلاناً صديقك؟ قال: لأنه يسبقني إلى بيضة البقيلة .
* وفي « البيان والتبيين » للجاحظ : قبل لبلاَلِ بن أبي بُرْدَة: لم لا تُوَلِّي أبا العَجُوزِ بن أبي شَيخ العَرّافَ - وكان بلالُ مسترضَعاً فيهم، وهو مِن بَلْهُجَيْم - قال: لأني رأيتُ منه ثلاثاً:
رأيتُه يحتَجمُ في بُيوتِ إخوانه،
ورأيتُ عليه مِظلّةً وهو في الظلِّ،
ورأيتُه يُبادِرُ بَيضَ البُقَيْلة .
وفي « ربيع الأبرار » للزمخشري : ثلاث ينتهي الحمق إليها: أن يستظل الرجل بمظلة وهو في الظل، وأن يسابق الرجل إلى بيضة البقيلة، وأن يحتجم في غير داره .
بعد ما تقدم > هل يعرف أحد الأفاضل هنا ما المقصود بـ : " بيضة البُقيلة " ؟

:emo_m15:

منذر أبو هواش
07/06/2008, 11:59 PM
"بيضة البقيلة" ... هل هي "بيضة الأرض"؟
رغم ورود هذا المصطلح في أكثر من مرجع تراثي، إلا أنه يبدو أن الانقطاع عن استخدامه في الحياة اليومية للعرب لفترة طويلة وعدم ورود مرادف أو تعريف واضح له في كتب التراث قد جعل من هذا الشيء أمرا غامضا.

لذلك فقد حاول العديد من العلماء المختصين وضع اقتراحات تتناسب مع السياقات التي ورد فيها هذا المصطلح. لقد حاول الأستاذ عبد السلام هارون تعريف "بيضة البقيلة" فقال إنها قد تكون " قطعة من متخير اللحم، تشبه البيض "، لكن هذا التعريف يبقى مجرد اجتهاد غير قطعي في غياب الأدلة القطعية الواضحة من التراث العربي.

إذا نظرنا في سياقات المراجع التراثية التي وردت فيها هذه الكلمة فغاية ما يمكننا فهمه هو أن "بيضة البقيلة" طعام يؤكل، وأي تفسير أكثر من ذلك يمكن اعتباره اجتهادا غير أكيد أو مجرد رجم بالغيب. فبيضة البقيلة اسم لطعام مكون من كلمتين إحداهما "بيضة"، وهي كلمة لها كثير من الدلالات والمرادفات، والأخرى كلمة "البقيلة" التي من معانيها "البقلة" التي لا توحي لنا في البداية بأي شيء يربطها مع كلمة "البيضة".

وأمام هذه الحقيقة فإن الكلمة الثانية تجعلنا نستبعد احتمال أن تكون هذه البيضة بيضة عادية من بيوض الطيور أو الدواجن المعتادة التي نعرفها كلنا. وهذا الأمر يدفعنا إلى البحث عن معنى آخر يتناسب مع الدلالة المجهولة لهذه العبارة الغامضة لغاية الآن.

جاء في أساس البلاغة: "وباضت الأرض: أنبتت الكمأة وهي بيضة الأرض"، والمعروف عن الكمأة أنها ثمرة تنمو وحيدة متروكة بلا جذر ولا ساق ولا ألياف ولا أغصان ولا براعم ولا أوراق ولا أزهار, ولذلك فهي تعيش حياة تطفلية تعاونية مع ما حولها من الأعشاب، وللسبب نفسه فإن الإنسان يعجز عن زراعتها وإنباتها رغم أنها طيبة الرائحة لذيذة الطعم. ولذلك أيضا فقد ضرب العرب فيها المثل في التطفل والذل فقالوا: "هو أذل من بيضة البلد" بمعنى أن ذلك الشخص ذليل منفرد لا ناصر له بمنزلة "بيضة البلد" التي تبدوا وكأنها تخرج من الأرض من دون ناصر ولا معين.

قال الجوهري في الصحاح: "أبقلت الأرض: خرج بقلها"، والواحدة من البقل يفال لها بقلة، وتصغيرها بقيلة. لذلك فالاحتمال كبير أن تكون "بيضة الأرض" التي تنبت من الأرض هي هي بيضة البقيلة العزيزة التي لا تنبت إلا في موسم خروج البقل من الأرض.

هذه النبتة لا تنمو إلا في الطبيعة، ولم يعرف الإنسان وسيلة لزراعتها وتكثيرها لأن لها آلية صعبة معقدة في التكاثر تتدخل فيها بعض القوارض، وهي لذلك نبتة عزيزة فاخرة غالية الثمن، ناهيك عن رائحتها الطيبة وطعمها اللذيذ، فلا تقدم إلا للضيوف الأعزاء. ونظرا لأن كميتها محدودة، ولا تكفي سائر الضيوف، فإن أصول الإتيكيت تقتضي تحاشيها وتركها للغير أدبا وترفعا، ولذلك فقد اعتبروا أن المسارعة إليها تعتبر نوعا من أنواع التطفل المقيت.

لذلك يبدو لي أن ثمرة الكمأة "بيضة الأرض" أو "بيضة البلد" هي المرادف المعني والمقصود بقولهم "بيضة البقيلة" موضوع البحث.

هذا مجرد اجتهاد لغوي آخر إلى أن يثبت العكس،

والله أعلم، وبالله التوفيق،

منذر أبو هواش



كلمة ( الكمأة ) تعني الشيء المستتر، وتعرف الكمأة بعدة أسماءِ، فتعرف في الخليج بالفقع لأن الأرض تتفقع أي تنتفخ وتتشقق عنها, وفي بعض البلاد تعرف بشجرة الأرض أو بيضة الأرض أو جدري الأرض ( لأن الأرض تتشقق في الأماكن التي يوجد بها الفقع تشبيهاً له بمرض الجدري الذي يصيب الإنسان ) أو بيضة البلد أو العسقل أو بيضة النعامة. وفي منطقة بلاد الشام، يسمونه " الكماه " تحريفا عاميا لاسم " الكمأة " وهو اسمها العربي الأصيل، ولمَّا كان بعضٌ من محبيها على قناعة لا تَقْبل جدلا، وهي أنها من فعل الرعد في أرض الصحراء، عقب شتاء ممطر، لهذا يشيع موسمها في نهاية فصل الشتاء، أو بداية فصل الربيع، وعليه فقد تعارفوا على تسميتها باسم نبات الرعد. ومن أسمائها أيضاً: المغاريد والعرجون والعرخانة والقعموس والشرياخ.

ينمو الكمأة أو الترفاس على شكل درنة البطاطا في الصحاري، فهو ينمو بالقرب من نوع من النباتات الصحراوية قريبا من جذور الأشجار الضخمة، كشجر البلوط على سبيل المثال. شكله كروي لحمي رخو منتظم، وسطحه أملس أو درني ويختلف لونه من البيج إلى الأسود ، ويكون في احجام تتفاوت وتختلف وقد يصغر بعضُها حتى يكونَ في حجم حبَّة البندق، أو يكبُر ليصلَ حجم البرتقالة.

عدة أنواع من الكمأة مثل الزبيدي ولونه يميل إلى البياض وحجمه كبير قد يصل إلى حجم البرتقالة الكبيرة، والخلاسي ولونه أحمر وهو أصغر من الزبيدي وهو في بعض المناطق ألذ وأغلى في القيمة من الزبيدي، والجبي ولونه أسود إلى محمرة وهو صغير جدا، والهوبر ولونه أسود وداخله أبيض وهذا النوع يظهر قبل ظهور الكمأة الأصلية وهو يدل على أن الكمأة ستظهر قريبا، وهو أردأ أنواع الكمأة.

ينمو الكمأة بكثرة في السعودية، وبلاد الشام، و شمال افريقية، وفرنسا وإيطاليا، التي تدرب الكلاب والخنازير لمعرفة موقع الكمأة. و يعرف مكان الكمأة إما بتشقق سطح الأرض التي فوقها أو بتطاير الحشرات فوق الموقع. ويتواجد بكثرة في منطقة الحمادة الحمراء بليبيا.

كما أن أفضل وقت للبحث عنه هو عند الفجر أو الأصيل حين تكشف أشعة الشمس الخفيفة أي تغير بسيط يعتري سطح الرمال. و عند العثور عليه يجب حفظه في مكان مظلم و بارد و الأفضل وضعه في سلة و عدم وضعه في كيس بلاستيكي لتجنب فساده و تغير مذاقه.

الكمأة ( الفقع ) واحد من أغرب النباتات الفطرية، التي تنمو بلا جذر ولا ساق ولا ألياف ولا أغصان ولا براعم ولا أوراق ولا أزهار, كما عجز الإنسان عن زراعتها .. أما الجزء الذي يؤكل منها فهو ثمرتها.

تنمو الكمأة في البرية مكونة مع بعض النباتات الزهرية المتكافلة معها علاقة تبادل منفعة في تركيب جذري يسمى ( الميكورايزا Mycorhizae ) حيث يقوم النبات الزهري بإمداد الفطر بالمواد الغذائية الناتجة من البناء الضوئي كالمواد الكربوهدراتية والدهنية، ويقوم الفطر بخدمة النبات الزهري بتوسيع شبكة الشعيرات الامتصاصية الفطرية التي تعوض النبات الزهري عن شعيراته الجذرية التي لم تستطع أن تتكون في ظروف الصحراء القاحلة، وبذلك يساعد الفطر النبات على امتصاص الماء والمواد الغذائية المعدنية من التربة التي فتتها وحللها وأذابها الفطر بأحماضه القوية, كما يحلل الفطر المواد السامة في التربة ويحمي النبات الزهري من آثارها المميتة, ومن النباتات الزهرية المتكافلة مع فطرة الكمأة: الحندقوق والشيح ولسان الحمل والليبيم والأرقة.

توجد عدة أنواع من الكمأة وأشهرها: ( الزبيدي ) وهو أجود أنواعها وأغلاها وألذها طعماً, ومشهور في الجزيرة العربية, وهو ذو قيمة غذائية عالية إذ يحتوي على كمية كبيرة من البروتينات وغني بفيتامين ( أ ) ويتميز بلون أبيض ناصع ورائحة قوية مميزة, وحجمه كبير قد يصل إلى حجم البرتقالة وأحياناً أكبر من ذلك، ( الخلاسي ) وهو أقل جودة من الزبيدي وأصغر حجماً, ويتميز بلون بني مائل للرصاصي وله طعم طيب, وهو أكثر انتشاراً من الزبيدي وأقل سعراً، ( الجبأة ) يتميز بلون بني مائل إلى الوردي, وهو أقل جودة من الخلاسي وأقل انتشاراً كما أنه صغير جداً في الحجم، ( الهبيري ) يتميز بلون بني داكن مائل إلى الأسود, وهو سريع النمو ويظهر بعد أمطار الوسم بعشرين يوماً تقريباً, وظهوره دليل على ظهور الزبيدي والخلاسي, وينمو مجتمعاً كل ثلاث إلى خمس حبات في مكان واحد, ويكون بحجم حبة الحمص وغير متجانس ويعتبر هذا النوع أردأ أنواع الكمأة، ونادراً ما يؤكل, وتأكله الطيور

يرتبط موعد ظهور الكمأة ( الفقع ) في صحراء الجزيرة العربية « بالوسمي »، وهو أول المطر الذي يسم الأرض بخروج بادراتها. ويبدأ في 19 أكتوبر ويستمر لمدة 52 يوما. ويبدأ البحث عن الفقع لجمعه وحصاده بعد مرور 30-90 يوماً من بدء الموسم. حيث تكون أجسامه الثمرية مدفونة على أعماق تتراوح من عشرة إلى ثلاثين سنتيمتراً. ويستدل على وجوده بارتفاع طفيف في سطح التربة، أو بتشقق التربة عنه, وعند تمام نضج الجسم الثمري تفرز الفطرة رائحة قوية مميزة. كما تنجذب القوارض نحو هذه الرائحة، وتستخرج الكمأة وتأكلها، وتمر أبواغ الكمأة خلال قناتها الهضمية دون أن تهضم، وتخرج مع برازها مستعدة للإنبات، حيث تبقى في التربة حتى تجد العائل المناسب.

تحتوى الكمأة على البروتين بنسبة 20%، أما الدهون فتمثل (3%) والنشويات والسكريات (13%) والألياف (10% )، لهذا فهي ذات قيمة غذائية عالية ومردود حراري متواضع، وتحتوي الكمأة أيضا على معادن مشابهة لتلك التي يحتويها جسم الإنسان مثل الفوسفور، والصوديوم، والكالسيوم، والبوتاسيوم , وهي غنية بفيتامين " ب ". كما تحتوي على كمية من النيتروجين بجانب الكربون، والأكسجين، والهيدروجين، وهذا ما يجعل تركيبها شبيهاً بتركيب اللحم, وطعم المطبوخ منها مثل طعم كلى الضأن، وبناء على هذا فالكمأة طعام صحي لأنها غنية بالبروتين, وتحتوى على الدهون الخالية من الكولسترول، قليلة المحتوى من ملح كلوريد الصوديوم المسبب الأساسي لارتفاع ضغط الدم، غنية بالألياف والبوتاسيوم، سعراتها الحرارية معادلة للنشويات, إضافة إلى رائحتها المحببة وطعمها الشهي مما يغري الكثيرين بالإقبال على تناولها مهما غلا ثمنها وارتفع.

غالب ياسين
08/06/2008, 07:44 PM
اشكر اخي الرائع د. منذر على هذا الشرح وعلى التوضيح
لك مني كل الاحترام والتقدير
:fl: :fl: :fl:

غالب ياسين
08/06/2008, 07:44 PM
اشكر اخي الرائع د. منذر على هذا الشرح وعلى التوضيح
لك مني كل الاحترام والتقدير
:fl: :fl: :fl:

غالب ياسين
08/06/2008, 07:44 PM
اشكر اخي الرائع د. منذر على هذا الشرح وعلى التوضيح
لك مني كل الاحترام والتقدير
:fl: :fl: :fl: