المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جيش عراقي واحد لا جيش سابق وآخر حالي



غالب ياسين
08/06/2008, 08:04 PM
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

جيش عراقي واحد لا جيش سابق وآخر حالي

شبكة البصرة

محمد زيدان

قد تثير الدهشة لدى البعض تسمية المليشيات العميلة والعصابات المجرمة التي جندها الاحتلال لخدمة أهدافه المعروفة جيشا عراقيا وحرسا وطنيا وما إلى ذلك من التسميات المضللة. وكذلك الشأن عند تسمية الخيانة والعمالة مقاومة سلمية للاحتلال الأمريكي، وتسمية غزو دولة آمنة ظلما وعدوانا تحريرا. ولو دققنا في القاموس اللغوي الذي يروج له الاحتلال وعملاؤه وحلفاؤه لوجدنا أن مفرداته كثيرة وقد تتطور حسب الظروف وتتجدد. بل لقد عمد وعملاؤه إلى تدنيس مفردات لغوية لها وزنها التاريخي ولها وقعها الوجداني، فمن بين آخر ما ابتدعه تسمية التناحر المليشاوي واستهداف مدننا الآمنة كالبصرة والموصل، "صولة الفرسان" و " ذات الربيعين". إن هناك ترسانة من مفردات الاحتلال وعملائه للتضليل والتعمية وتزييف الوقائع. ولا غرابة في استعارة الأجانب بالأصل والفصل للأسماء العربية والادعاء بانتسابهم للعشائر العربية، وإخفاء الأسماء الحقيقية والنسب الحقيقي، لنهب ما يمكن تهبه، وتحقيق ما يمكن تحقيقه من مكاسب مادية على حساب مستقبل العراقيين أصحاب الأرض والتاريخ. وقد ينساق ذوو النوايا الحسنة تحت الدعاية الشيطانية والقهر الإعلامي المتواصل، إن باللغة العربية وإن باللغات الأجنبية إلى تداول نفس المفردات وهم لا يشعرون. لقد زيفوا كل شيء ابتداء بأسماء المدن مثل مدينة الثورة والمطارات مثل مطار صدام وابتدعوا علما شبيها بعلم الكيان الصهيوني؛ ولما فشلوا في تمريره عمدوا بعد مدة إلى تشويه معالم العلم العراقي والهدف هو إلغاء الحضور الرمزي العربي منه المتمثل في النجمات الثلاث. ودسوا بعض المتساقطين ممن كانوا مندسين في دواليب الدولة الوطنية العراقية لتشويه صورة رجال الدولة العراقيين، وصورة العراق، فالعربي الأصيل والعراقي الشهم يلجم لسانه عندما يكون أخاه في محنة، حتى ولو اختلف معه يوما أو كانت بينهما منافسة أو كان يضمر له عداء شخصيا

إن التشويه والتزييف لحق كل شيء، ولم يستثن حتى الأجنة في الأرحام، وكذلك طال عقول الناس ووجدانهم.

وسوف نقف قليلا عند ما سموه جيشا عراقيا وحرسا وطنيا وشرطة عراقية، وهي لعمري قمة في التزييف والمكر؛ وبغض النظر عن تعريف الجيش والحرس والشرطة من الناحية المفهومية والتاريخية فإن إضافة صفات مثل " العراقي" و "الوطني" إلى تكديس لمليشيات عميلة وعناصر مغرر بها وأجانب صفويين من إيران ومستوطنين أكراد جاؤوا من خارج العراق وتجهيزها بالسلاح والزج بها في إيذاء العراقيين وتقتيلهم على الهوية، ثم بعد ذلك تسميتها جيشا عراقيا وحرسا وطنيا وشرطة عراقية لهو عين الشطارة والكيد اللغوي. وللمفردات والكلمات سحرها ووهجها وقوتها على التخدير، فانظر كيف يقولون عن الشيطان أنه الملاك المجنح والعالم كله يراه شيطانا رجيما؛ الجيوش الوطنية ما وجدت إلا لحماية الحدود من الغزاة. أما وأن الغازي يسرح ويمرح في الديار ويقتل الأبرياء ويغتصب النساء؛ فالجيش الذي ينعت بالوطني هو من يتصدى له ليضع حدا لطغيانه، فما وجد إلا للدفاع عن التراب الوطني والسيادة الوطنية. لكننا على العكس نرى في الحالة العراقية أن العدو الغازي، وهو عدو ليس ككل الأعداء، شكل ما سموه جيشا عراقيا وشرطة وحرسا "عراقيين" لحماية مصالحه الإستراتيجية وأرواح جنوده ومرتزقته ثم لإيذاء العراقيين الرافضين للاحتلال وحتى الذين لا يفقهون شيئا مما يجري من أطفال ومجانين ومتخلفين عقليا. ولم تسلم الحيوانات، فلقد استهدفت الأبقار في جنوب بغداد وأظنها في بابل. ولربما تعود بعض العراقيين في الأرياف على استهداف كلابهم كما كان يحدث أثناء الثورة الجزائرية. وإذن ما سموه جيشا وحرسا وشرطة جزء لا يتجزأ من قوات العدو الصهيوأمريكي الغاصب؛ وبالتأكيد فإنهم يطلقون عليها ما يشاؤون من التسميات لتضليل البسطاء وغسل الأدمغة. ولنعد لمثال الجزائر في عهد الاحتلال الفرنسي فإنه لم يكن للجزائريين جيش ولا شرطة ولا حرس ولا درك، فالكل كان تابعا لفرنسا، وكان هناك تجنيد إجباري للجزائريين في صفوف قوات الاحتلال، ولم يكن أحد منهم يدعي بأن الجيش والشرطة الفرنسيين هي له. وعندما اندلعت ثورة التحرير الجزائرية تشكل جيش التحرير الجزائري من العدم، وخاض حروبا ضارية ضد المحتل لاسترجاع الاستقلال، وانتصر في النهاية، وفي المقابل كان للمحتل عملاء وكانت هناك تشكيلات عميلة شبيهة بما يسمونه في العراق حاليا جيشا وحرسا وشرطة، ولم يكن عددهم قليلا. الأسلوب فقط يختلف، وفيه بصمات تختلف والكثير من التضليل والتعمية. ألم نقل بأن للمفردات سحرها. العميل يبقى عميلا والخائن يبقى خائنا حتى ولو صبغوه بالذهب والفضة من قمة الرأس إلى أخمص القدمين. لم يعرف الجزائريون قبل اندلاع ثورة التحرير جيشا وطنيا؛ وعلى العكس فإن العراق يملك جيشا وطنيا متميزا حباه الله بقدرات قتالية عالية وخبرة واسعة، وخاض حروبا حديثة شرسة وقاسية مع قوى إقليمية وعالمية، وحقق نصرا ماحقا على الجار الطامع، وتصدى للعدوان الثلاثيني وبعده للعدوان الصهيوأمريكي البريطاني المستمر. ناهيك عن مساهمته في الدفاع عن الأراضي العربية والحق العربي. عندما نقول يملك العراق جيشا عراقيا بصيغة المضارع نقصد أن ما يميز الجيش العراقي البطل أنه تحول من الحرب الكلاسيكية إلى حرب العصابات، وهو موجود على الأرض وحقق إنجازات ويحقق إنجازات وانتصارات وسوف يحقق إنجازات أكبر في المستقبل إن شاء الله. إن الفصائل العراقية المجاهدة وطنية وقومية وإسلامية تعترف بدور الجيش العراقي في تنظيم وتطوير المقاومة الوطنية العراقية. إنه لم ينته بإقدام العدو الصهيوأمريكي على حله وتشريد عناصره وحرمانها من قوت الأطفال، وإنما انتقل إلى مستوى حضاري وجهادي أرقى وهو تأطير المقاومة الوطنية العراقية وإكسابها قدرة أكبر على الفعل الجهادي المتميز. فهذا يحسب له ولقوات الأمن الوطنية العراقية بكل تشكيلاتها. إنه جيش قيم ورسالة وليس جيش مرتزقة ومليشيات عميلة. ومن هنا فالجيش الوطني العراقي قائم بالفعل ويؤدي واجبه الجهادي على أحسن وجه. ولهذا فإنه لا جود لجيش حالي وجيش سابق، فما يسمونه جيشا عراقيا سابقا هو نفسه الجيش العراقي الحالي الذي يخوض حربا ضروسا مع كل الوطنيين العراقيين لإخراج المحتل وعملائه. ليست له دبابات ولا طائرات و لكن لديه إيمانه وعقيدته الوطنية وصواريخه التي أخفاها لوقت الشدة أو يصنعها الثوار العراقيون بأنفسهم. إننا نخطئ في حق أبطال العراق والعرب والمسلمين حينما نقول عن الجيش الوطني العراقي بأنه الجيش العراقي السابق، وعن أكداس من المليشيات والمرتزقة والمغرر بهم أنهم الجيش العراقي الحالي. من الجائز تسميتهم كلاب حراسة للمارينز أو أكياس رمل أو مرتزقة أومليشيات عميلة ولكن لا تنطبق عليهم التسمية المروج لها إعلاميا. الجيش العراقي البطل في الميدان يقارع أعتى قوة في العالم. قد يقول قائل إن بعض المتساقطين من عناصر الجيش والأمن انخرطوا في لعبة الاحتلال، وهذا أمر طبيعي، لأن الخونة والمرتدين موجودون في كل مكان. لكن الجيش العراقي البطل يبقى جيشا عقائديا وطنيا وعظيما، وأثبت في الميدان وأمام العالم كفاءته القتالية وشجاعته. لقد كنا – نحن العرب الذين لم تلوث عقولهم دعاية الغزاة وعملائهم في المنطقة العربية – نؤمن بأن الجيش العراقي هو جيشنا وكنا شديدي الفخر والاعتزاز به، وكنا نعتز بالقدرات التصنيعية العسكرية العراقية وبالعبقرية العراقية لأنها منا ولنا. وكان ابن المغرب العربي يخاف على مستقبل العراق الغالي من كيد الكائدين وتآمر المتآمرين. كانت تجربتنا في العراق رائدة وشجاعة وطموحة، وكانت كل خطوة إلى الأمام تثير هواجسنا، خشية عليها. الأعداء كثيرون وعملاؤهم ينتشرون كالذباب في كل مكان، والأمة تترنح في سباتها الذي فرضه النظام الرسمي العربي المدعوم أمريكيا وغربيا. وكانت النكبة... نكبتنا نحن العرب بمرور الغزاة على أرضنا لغزو عراقنا الغالي وقبلتنا الحضارية، وتقتيل أهلنا وتشريد الملايين واستقدام الأجانب من غير العراقيين من إيران ومن غير إيران ليحلوا محلنا نحن أبناء العروبة. قسمونا إلى أجناس وأعراق وطوائف؛ وفعلوا ما فعلوا لإنهاء وجودنا بالعراق. وتلاقى الأعداء وتداعت علينا الأمم بأمر من الإمبراطورية الأعظم لتثبيت أقدام المحتل.

ولقد عملت الدعاية الساقطة على تخويف أهلنا في الخليج العربي من الجيش العراقي البطل، وحاولت تشويه صورته الرائعة والجميلة. وفعلت ما لم تفعله مع الكيان الصهيوني الغاشم. والمضحك المبكي أن الأغلبية الساحقة من إخواننا في الجيش العراقي ليسوا عربا فحسب، ولكنهم ينتسبون لنفس القبائل العربية المنتشرة في نجد والحجاز وباقي منطقة الخليج. نفس الدم ونفس الدين واللغة والعادات والتقاليد والملبس...ونفس المصير، فأين المشكل؟

عندما وقعت الواقعة رأينا بأم أعيننا في المغرب العربي رجالا كالأسود، ينتحبون على ما حل ببغداد من دمار واحتلال. رجال الجزائر أشداء وعايشوا أقسى الظروف والمحن، ولكنهم انتحبوا وتدفقت الدموع بغزارة على ما حل بالأشقاء في بغداد. لقد تمنى سقط المتاع وتمنت الكائنات الشهوانية الشيطانية على مرمى حجر من البصرة المجاهدة

بأن تضرب بغداد بالقنابل النووية.. هذا ما تناقلته الأخبار، في الوقت الذي كانت دموعنا تسيل مدرارا على غزو عاصمتنا وقبلتنا الحضارية. هل يصدق عاقل أن يتجرأ الشقيق والجار على نهب قوت أبنائنا المحاصرين في أرض الرافدين باسم تقديم تعويضات عن الحرب؟ ونحن أبناء الأمة من مغربها إلى مشرقها من يعوض لنا خسائرنا؟ خسائر أهلنا في العراق هي خسائرنا نحن العرب. كما أن الجيش العراقي البطل هو جيشنا. إننا وعبر الأجيال المتعاقبة لن نغفر لمن حاول تشويه صورة أبطالنا في الجيش الوطني العراقي، الذي كان وبحق جيشا عربيا مغوارا قبل أن يكون عراقيا، ولن نغفر مطلقا لهؤلاء الذين تمادوا في نهب أرزاق اليتامى والأرامل والمرضى بدعوى التعويض عن خسائر الحرب. كيف ينهبون أرزاق أبنائنا وإخواننا في العراق التي هي أرزاقنا ويبددونها في المواخير والعلب الليلية وحتى بعضها يذهب لجيوب آباء قتلى الغزاة ولا يتحرك شريان من شرايينهم أسفا على ما فعلوه بنا. العراقيون هم نحن العرب جميعا فلماذا يفعلون بنا هذه الأفاعيل؟ ثم لماذا الصمت؟ الإمارات العربية، بين قوسين، تتعامل مع المشردين العراقيين بقساوة وتتاجر ببؤسهم وشقائهم، وتعد العدة لتنصيب سفير لها لدى القتلة والمجرمين في المنطقة الخضراء نكاية بنا وإيغالا في تمزيق جسدنا وإرضاء للصهاينة والأمريكان وللإيرانيين الذي اغتصبوا جزرنا وأحوازنا ونهبوا خيراتنا. ليطمئن هؤلاء بأن جيشنا العراقي البطل لا يزال قائما وأنه تحول من الدفاع إلى تحرير العراق من دنس الاحتلال الصهيوأمريكي ومن دنس العملاء الصغار في المنطقة العربية والعالم الإسلامي. أبطالنا في العراق لم تخفهم القنابل النووية ولا السلاح الكيمياوي ولا الأقمار الصناعية ولا طائرات التجسس التي تحرث السماء حرثا لرصد كل كبيرة وصغيرة. لقد استطاعوا تمريغ الإمبراطورية الأعظم في تاريخ البشرية في الوحل.....في الوحل.

لنحترس من الفخاخ اللغوية الكثيرة كما علينا أن نحترس من الصور المزيفة التي يعرضها الإعلام العربي العميل. وقصة حلبجة ليست ببعيدة حيث استعمل فيها المعتدون الصفويون السلاح الكيمياوي ضد التجمعات السكنية الآمنة، ومسح الإعلام العربي العميل وحتى العالمي والصفوي بالتحديد السكين في النظام الوطني العراقي. إيران هاجمت العراق بالأسلحة الكيميائية وبتواطؤ مع الطالباني العميل الذي نصبه الاحتلال الصهيوأمريكي "رئيسا" على رقاب العراقيين. لكن يحاكم بعض أبطال الجيش العراقي في محاكمات صورية مزيفة لجرائم ارتكبتها إيران المعتدية. لقد كان العراقيون صريحين وواضحين، كانوا أبعد عن الوجوه المتعددة والنفاق. كانوا دائما صادقين مع أنفسهم ومع أمتهم ودفع الجيش العراقي والشعب العراقي ثمنا غاليا دفاعا عن الأرض العربية والمستقبل العربي والشموخ العربي. لكننا وجدنا من يصور الجيش العراقي وكأنه لا علاقة له بالأمة ولا بتاريخ الأمة.

لا يزال جيشنا العراقي البطل يدفع الغالي والنفيس لتعطيل مشاريع الغزاة الصهيوأمريكيين من شرق أوسط كبير وآخر جديد وأطماع صهيونية صفوية في الأرض العربية والبترول العربي. ورغم الخيانة والاندفاع في الانقياد للمغتصب؛ فإن الجيش العراقي ومعه كل المقاومين الوطنيين العراقيين يموتون من أجل دينهم وعروبتهم ووطنهم. فتحياتنا الخالصة لأبطالنا المجاهدين في الجيش العراقي البطل ولكل المجاهدين العراقيين الذين أجبروا العدو على أن يشبع موتا وهوانا في صمت، وفي ظل تعتيم إعلامي مبالغ فيه حول خسائره الكبيرة التي يتكبدها، وحول معنويات جيشه المنهارة. وعاشت المقاومة الوطنية العراقية ممثلا شرعيا وحيدا لشعبنا العراقي، ومزيدا من النصر يا أبطال أمتنا.

المواطن العربي محمد زيدان

شبكة البصرة

السبت 3 جماد الثاني 1429 / 7 حزيران 2008

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس

غالب ياسين
08/06/2008, 08:04 PM
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

جيش عراقي واحد لا جيش سابق وآخر حالي

شبكة البصرة

محمد زيدان

قد تثير الدهشة لدى البعض تسمية المليشيات العميلة والعصابات المجرمة التي جندها الاحتلال لخدمة أهدافه المعروفة جيشا عراقيا وحرسا وطنيا وما إلى ذلك من التسميات المضللة. وكذلك الشأن عند تسمية الخيانة والعمالة مقاومة سلمية للاحتلال الأمريكي، وتسمية غزو دولة آمنة ظلما وعدوانا تحريرا. ولو دققنا في القاموس اللغوي الذي يروج له الاحتلال وعملاؤه وحلفاؤه لوجدنا أن مفرداته كثيرة وقد تتطور حسب الظروف وتتجدد. بل لقد عمد وعملاؤه إلى تدنيس مفردات لغوية لها وزنها التاريخي ولها وقعها الوجداني، فمن بين آخر ما ابتدعه تسمية التناحر المليشاوي واستهداف مدننا الآمنة كالبصرة والموصل، "صولة الفرسان" و " ذات الربيعين". إن هناك ترسانة من مفردات الاحتلال وعملائه للتضليل والتعمية وتزييف الوقائع. ولا غرابة في استعارة الأجانب بالأصل والفصل للأسماء العربية والادعاء بانتسابهم للعشائر العربية، وإخفاء الأسماء الحقيقية والنسب الحقيقي، لنهب ما يمكن تهبه، وتحقيق ما يمكن تحقيقه من مكاسب مادية على حساب مستقبل العراقيين أصحاب الأرض والتاريخ. وقد ينساق ذوو النوايا الحسنة تحت الدعاية الشيطانية والقهر الإعلامي المتواصل، إن باللغة العربية وإن باللغات الأجنبية إلى تداول نفس المفردات وهم لا يشعرون. لقد زيفوا كل شيء ابتداء بأسماء المدن مثل مدينة الثورة والمطارات مثل مطار صدام وابتدعوا علما شبيها بعلم الكيان الصهيوني؛ ولما فشلوا في تمريره عمدوا بعد مدة إلى تشويه معالم العلم العراقي والهدف هو إلغاء الحضور الرمزي العربي منه المتمثل في النجمات الثلاث. ودسوا بعض المتساقطين ممن كانوا مندسين في دواليب الدولة الوطنية العراقية لتشويه صورة رجال الدولة العراقيين، وصورة العراق، فالعربي الأصيل والعراقي الشهم يلجم لسانه عندما يكون أخاه في محنة، حتى ولو اختلف معه يوما أو كانت بينهما منافسة أو كان يضمر له عداء شخصيا

إن التشويه والتزييف لحق كل شيء، ولم يستثن حتى الأجنة في الأرحام، وكذلك طال عقول الناس ووجدانهم.

وسوف نقف قليلا عند ما سموه جيشا عراقيا وحرسا وطنيا وشرطة عراقية، وهي لعمري قمة في التزييف والمكر؛ وبغض النظر عن تعريف الجيش والحرس والشرطة من الناحية المفهومية والتاريخية فإن إضافة صفات مثل " العراقي" و "الوطني" إلى تكديس لمليشيات عميلة وعناصر مغرر بها وأجانب صفويين من إيران ومستوطنين أكراد جاؤوا من خارج العراق وتجهيزها بالسلاح والزج بها في إيذاء العراقيين وتقتيلهم على الهوية، ثم بعد ذلك تسميتها جيشا عراقيا وحرسا وطنيا وشرطة عراقية لهو عين الشطارة والكيد اللغوي. وللمفردات والكلمات سحرها ووهجها وقوتها على التخدير، فانظر كيف يقولون عن الشيطان أنه الملاك المجنح والعالم كله يراه شيطانا رجيما؛ الجيوش الوطنية ما وجدت إلا لحماية الحدود من الغزاة. أما وأن الغازي يسرح ويمرح في الديار ويقتل الأبرياء ويغتصب النساء؛ فالجيش الذي ينعت بالوطني هو من يتصدى له ليضع حدا لطغيانه، فما وجد إلا للدفاع عن التراب الوطني والسيادة الوطنية. لكننا على العكس نرى في الحالة العراقية أن العدو الغازي، وهو عدو ليس ككل الأعداء، شكل ما سموه جيشا عراقيا وشرطة وحرسا "عراقيين" لحماية مصالحه الإستراتيجية وأرواح جنوده ومرتزقته ثم لإيذاء العراقيين الرافضين للاحتلال وحتى الذين لا يفقهون شيئا مما يجري من أطفال ومجانين ومتخلفين عقليا. ولم تسلم الحيوانات، فلقد استهدفت الأبقار في جنوب بغداد وأظنها في بابل. ولربما تعود بعض العراقيين في الأرياف على استهداف كلابهم كما كان يحدث أثناء الثورة الجزائرية. وإذن ما سموه جيشا وحرسا وشرطة جزء لا يتجزأ من قوات العدو الصهيوأمريكي الغاصب؛ وبالتأكيد فإنهم يطلقون عليها ما يشاؤون من التسميات لتضليل البسطاء وغسل الأدمغة. ولنعد لمثال الجزائر في عهد الاحتلال الفرنسي فإنه لم يكن للجزائريين جيش ولا شرطة ولا حرس ولا درك، فالكل كان تابعا لفرنسا، وكان هناك تجنيد إجباري للجزائريين في صفوف قوات الاحتلال، ولم يكن أحد منهم يدعي بأن الجيش والشرطة الفرنسيين هي له. وعندما اندلعت ثورة التحرير الجزائرية تشكل جيش التحرير الجزائري من العدم، وخاض حروبا ضارية ضد المحتل لاسترجاع الاستقلال، وانتصر في النهاية، وفي المقابل كان للمحتل عملاء وكانت هناك تشكيلات عميلة شبيهة بما يسمونه في العراق حاليا جيشا وحرسا وشرطة، ولم يكن عددهم قليلا. الأسلوب فقط يختلف، وفيه بصمات تختلف والكثير من التضليل والتعمية. ألم نقل بأن للمفردات سحرها. العميل يبقى عميلا والخائن يبقى خائنا حتى ولو صبغوه بالذهب والفضة من قمة الرأس إلى أخمص القدمين. لم يعرف الجزائريون قبل اندلاع ثورة التحرير جيشا وطنيا؛ وعلى العكس فإن العراق يملك جيشا وطنيا متميزا حباه الله بقدرات قتالية عالية وخبرة واسعة، وخاض حروبا حديثة شرسة وقاسية مع قوى إقليمية وعالمية، وحقق نصرا ماحقا على الجار الطامع، وتصدى للعدوان الثلاثيني وبعده للعدوان الصهيوأمريكي البريطاني المستمر. ناهيك عن مساهمته في الدفاع عن الأراضي العربية والحق العربي. عندما نقول يملك العراق جيشا عراقيا بصيغة المضارع نقصد أن ما يميز الجيش العراقي البطل أنه تحول من الحرب الكلاسيكية إلى حرب العصابات، وهو موجود على الأرض وحقق إنجازات ويحقق إنجازات وانتصارات وسوف يحقق إنجازات أكبر في المستقبل إن شاء الله. إن الفصائل العراقية المجاهدة وطنية وقومية وإسلامية تعترف بدور الجيش العراقي في تنظيم وتطوير المقاومة الوطنية العراقية. إنه لم ينته بإقدام العدو الصهيوأمريكي على حله وتشريد عناصره وحرمانها من قوت الأطفال، وإنما انتقل إلى مستوى حضاري وجهادي أرقى وهو تأطير المقاومة الوطنية العراقية وإكسابها قدرة أكبر على الفعل الجهادي المتميز. فهذا يحسب له ولقوات الأمن الوطنية العراقية بكل تشكيلاتها. إنه جيش قيم ورسالة وليس جيش مرتزقة ومليشيات عميلة. ومن هنا فالجيش الوطني العراقي قائم بالفعل ويؤدي واجبه الجهادي على أحسن وجه. ولهذا فإنه لا جود لجيش حالي وجيش سابق، فما يسمونه جيشا عراقيا سابقا هو نفسه الجيش العراقي الحالي الذي يخوض حربا ضروسا مع كل الوطنيين العراقيين لإخراج المحتل وعملائه. ليست له دبابات ولا طائرات و لكن لديه إيمانه وعقيدته الوطنية وصواريخه التي أخفاها لوقت الشدة أو يصنعها الثوار العراقيون بأنفسهم. إننا نخطئ في حق أبطال العراق والعرب والمسلمين حينما نقول عن الجيش الوطني العراقي بأنه الجيش العراقي السابق، وعن أكداس من المليشيات والمرتزقة والمغرر بهم أنهم الجيش العراقي الحالي. من الجائز تسميتهم كلاب حراسة للمارينز أو أكياس رمل أو مرتزقة أومليشيات عميلة ولكن لا تنطبق عليهم التسمية المروج لها إعلاميا. الجيش العراقي البطل في الميدان يقارع أعتى قوة في العالم. قد يقول قائل إن بعض المتساقطين من عناصر الجيش والأمن انخرطوا في لعبة الاحتلال، وهذا أمر طبيعي، لأن الخونة والمرتدين موجودون في كل مكان. لكن الجيش العراقي البطل يبقى جيشا عقائديا وطنيا وعظيما، وأثبت في الميدان وأمام العالم كفاءته القتالية وشجاعته. لقد كنا – نحن العرب الذين لم تلوث عقولهم دعاية الغزاة وعملائهم في المنطقة العربية – نؤمن بأن الجيش العراقي هو جيشنا وكنا شديدي الفخر والاعتزاز به، وكنا نعتز بالقدرات التصنيعية العسكرية العراقية وبالعبقرية العراقية لأنها منا ولنا. وكان ابن المغرب العربي يخاف على مستقبل العراق الغالي من كيد الكائدين وتآمر المتآمرين. كانت تجربتنا في العراق رائدة وشجاعة وطموحة، وكانت كل خطوة إلى الأمام تثير هواجسنا، خشية عليها. الأعداء كثيرون وعملاؤهم ينتشرون كالذباب في كل مكان، والأمة تترنح في سباتها الذي فرضه النظام الرسمي العربي المدعوم أمريكيا وغربيا. وكانت النكبة... نكبتنا نحن العرب بمرور الغزاة على أرضنا لغزو عراقنا الغالي وقبلتنا الحضارية، وتقتيل أهلنا وتشريد الملايين واستقدام الأجانب من غير العراقيين من إيران ومن غير إيران ليحلوا محلنا نحن أبناء العروبة. قسمونا إلى أجناس وأعراق وطوائف؛ وفعلوا ما فعلوا لإنهاء وجودنا بالعراق. وتلاقى الأعداء وتداعت علينا الأمم بأمر من الإمبراطورية الأعظم لتثبيت أقدام المحتل.

ولقد عملت الدعاية الساقطة على تخويف أهلنا في الخليج العربي من الجيش العراقي البطل، وحاولت تشويه صورته الرائعة والجميلة. وفعلت ما لم تفعله مع الكيان الصهيوني الغاشم. والمضحك المبكي أن الأغلبية الساحقة من إخواننا في الجيش العراقي ليسوا عربا فحسب، ولكنهم ينتسبون لنفس القبائل العربية المنتشرة في نجد والحجاز وباقي منطقة الخليج. نفس الدم ونفس الدين واللغة والعادات والتقاليد والملبس...ونفس المصير، فأين المشكل؟

عندما وقعت الواقعة رأينا بأم أعيننا في المغرب العربي رجالا كالأسود، ينتحبون على ما حل ببغداد من دمار واحتلال. رجال الجزائر أشداء وعايشوا أقسى الظروف والمحن، ولكنهم انتحبوا وتدفقت الدموع بغزارة على ما حل بالأشقاء في بغداد. لقد تمنى سقط المتاع وتمنت الكائنات الشهوانية الشيطانية على مرمى حجر من البصرة المجاهدة

بأن تضرب بغداد بالقنابل النووية.. هذا ما تناقلته الأخبار، في الوقت الذي كانت دموعنا تسيل مدرارا على غزو عاصمتنا وقبلتنا الحضارية. هل يصدق عاقل أن يتجرأ الشقيق والجار على نهب قوت أبنائنا المحاصرين في أرض الرافدين باسم تقديم تعويضات عن الحرب؟ ونحن أبناء الأمة من مغربها إلى مشرقها من يعوض لنا خسائرنا؟ خسائر أهلنا في العراق هي خسائرنا نحن العرب. كما أن الجيش العراقي البطل هو جيشنا. إننا وعبر الأجيال المتعاقبة لن نغفر لمن حاول تشويه صورة أبطالنا في الجيش الوطني العراقي، الذي كان وبحق جيشا عربيا مغوارا قبل أن يكون عراقيا، ولن نغفر مطلقا لهؤلاء الذين تمادوا في نهب أرزاق اليتامى والأرامل والمرضى بدعوى التعويض عن خسائر الحرب. كيف ينهبون أرزاق أبنائنا وإخواننا في العراق التي هي أرزاقنا ويبددونها في المواخير والعلب الليلية وحتى بعضها يذهب لجيوب آباء قتلى الغزاة ولا يتحرك شريان من شرايينهم أسفا على ما فعلوه بنا. العراقيون هم نحن العرب جميعا فلماذا يفعلون بنا هذه الأفاعيل؟ ثم لماذا الصمت؟ الإمارات العربية، بين قوسين، تتعامل مع المشردين العراقيين بقساوة وتتاجر ببؤسهم وشقائهم، وتعد العدة لتنصيب سفير لها لدى القتلة والمجرمين في المنطقة الخضراء نكاية بنا وإيغالا في تمزيق جسدنا وإرضاء للصهاينة والأمريكان وللإيرانيين الذي اغتصبوا جزرنا وأحوازنا ونهبوا خيراتنا. ليطمئن هؤلاء بأن جيشنا العراقي البطل لا يزال قائما وأنه تحول من الدفاع إلى تحرير العراق من دنس الاحتلال الصهيوأمريكي ومن دنس العملاء الصغار في المنطقة العربية والعالم الإسلامي. أبطالنا في العراق لم تخفهم القنابل النووية ولا السلاح الكيمياوي ولا الأقمار الصناعية ولا طائرات التجسس التي تحرث السماء حرثا لرصد كل كبيرة وصغيرة. لقد استطاعوا تمريغ الإمبراطورية الأعظم في تاريخ البشرية في الوحل.....في الوحل.

لنحترس من الفخاخ اللغوية الكثيرة كما علينا أن نحترس من الصور المزيفة التي يعرضها الإعلام العربي العميل. وقصة حلبجة ليست ببعيدة حيث استعمل فيها المعتدون الصفويون السلاح الكيمياوي ضد التجمعات السكنية الآمنة، ومسح الإعلام العربي العميل وحتى العالمي والصفوي بالتحديد السكين في النظام الوطني العراقي. إيران هاجمت العراق بالأسلحة الكيميائية وبتواطؤ مع الطالباني العميل الذي نصبه الاحتلال الصهيوأمريكي "رئيسا" على رقاب العراقيين. لكن يحاكم بعض أبطال الجيش العراقي في محاكمات صورية مزيفة لجرائم ارتكبتها إيران المعتدية. لقد كان العراقيون صريحين وواضحين، كانوا أبعد عن الوجوه المتعددة والنفاق. كانوا دائما صادقين مع أنفسهم ومع أمتهم ودفع الجيش العراقي والشعب العراقي ثمنا غاليا دفاعا عن الأرض العربية والمستقبل العربي والشموخ العربي. لكننا وجدنا من يصور الجيش العراقي وكأنه لا علاقة له بالأمة ولا بتاريخ الأمة.

لا يزال جيشنا العراقي البطل يدفع الغالي والنفيس لتعطيل مشاريع الغزاة الصهيوأمريكيين من شرق أوسط كبير وآخر جديد وأطماع صهيونية صفوية في الأرض العربية والبترول العربي. ورغم الخيانة والاندفاع في الانقياد للمغتصب؛ فإن الجيش العراقي ومعه كل المقاومين الوطنيين العراقيين يموتون من أجل دينهم وعروبتهم ووطنهم. فتحياتنا الخالصة لأبطالنا المجاهدين في الجيش العراقي البطل ولكل المجاهدين العراقيين الذين أجبروا العدو على أن يشبع موتا وهوانا في صمت، وفي ظل تعتيم إعلامي مبالغ فيه حول خسائره الكبيرة التي يتكبدها، وحول معنويات جيشه المنهارة. وعاشت المقاومة الوطنية العراقية ممثلا شرعيا وحيدا لشعبنا العراقي، ومزيدا من النصر يا أبطال أمتنا.

المواطن العربي محمد زيدان

شبكة البصرة

السبت 3 جماد الثاني 1429 / 7 حزيران 2008

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس

غالب ياسين
08/06/2008, 08:04 PM
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

جيش عراقي واحد لا جيش سابق وآخر حالي

شبكة البصرة

محمد زيدان

قد تثير الدهشة لدى البعض تسمية المليشيات العميلة والعصابات المجرمة التي جندها الاحتلال لخدمة أهدافه المعروفة جيشا عراقيا وحرسا وطنيا وما إلى ذلك من التسميات المضللة. وكذلك الشأن عند تسمية الخيانة والعمالة مقاومة سلمية للاحتلال الأمريكي، وتسمية غزو دولة آمنة ظلما وعدوانا تحريرا. ولو دققنا في القاموس اللغوي الذي يروج له الاحتلال وعملاؤه وحلفاؤه لوجدنا أن مفرداته كثيرة وقد تتطور حسب الظروف وتتجدد. بل لقد عمد وعملاؤه إلى تدنيس مفردات لغوية لها وزنها التاريخي ولها وقعها الوجداني، فمن بين آخر ما ابتدعه تسمية التناحر المليشاوي واستهداف مدننا الآمنة كالبصرة والموصل، "صولة الفرسان" و " ذات الربيعين". إن هناك ترسانة من مفردات الاحتلال وعملائه للتضليل والتعمية وتزييف الوقائع. ولا غرابة في استعارة الأجانب بالأصل والفصل للأسماء العربية والادعاء بانتسابهم للعشائر العربية، وإخفاء الأسماء الحقيقية والنسب الحقيقي، لنهب ما يمكن تهبه، وتحقيق ما يمكن تحقيقه من مكاسب مادية على حساب مستقبل العراقيين أصحاب الأرض والتاريخ. وقد ينساق ذوو النوايا الحسنة تحت الدعاية الشيطانية والقهر الإعلامي المتواصل، إن باللغة العربية وإن باللغات الأجنبية إلى تداول نفس المفردات وهم لا يشعرون. لقد زيفوا كل شيء ابتداء بأسماء المدن مثل مدينة الثورة والمطارات مثل مطار صدام وابتدعوا علما شبيها بعلم الكيان الصهيوني؛ ولما فشلوا في تمريره عمدوا بعد مدة إلى تشويه معالم العلم العراقي والهدف هو إلغاء الحضور الرمزي العربي منه المتمثل في النجمات الثلاث. ودسوا بعض المتساقطين ممن كانوا مندسين في دواليب الدولة الوطنية العراقية لتشويه صورة رجال الدولة العراقيين، وصورة العراق، فالعربي الأصيل والعراقي الشهم يلجم لسانه عندما يكون أخاه في محنة، حتى ولو اختلف معه يوما أو كانت بينهما منافسة أو كان يضمر له عداء شخصيا

إن التشويه والتزييف لحق كل شيء، ولم يستثن حتى الأجنة في الأرحام، وكذلك طال عقول الناس ووجدانهم.

وسوف نقف قليلا عند ما سموه جيشا عراقيا وحرسا وطنيا وشرطة عراقية، وهي لعمري قمة في التزييف والمكر؛ وبغض النظر عن تعريف الجيش والحرس والشرطة من الناحية المفهومية والتاريخية فإن إضافة صفات مثل " العراقي" و "الوطني" إلى تكديس لمليشيات عميلة وعناصر مغرر بها وأجانب صفويين من إيران ومستوطنين أكراد جاؤوا من خارج العراق وتجهيزها بالسلاح والزج بها في إيذاء العراقيين وتقتيلهم على الهوية، ثم بعد ذلك تسميتها جيشا عراقيا وحرسا وطنيا وشرطة عراقية لهو عين الشطارة والكيد اللغوي. وللمفردات والكلمات سحرها ووهجها وقوتها على التخدير، فانظر كيف يقولون عن الشيطان أنه الملاك المجنح والعالم كله يراه شيطانا رجيما؛ الجيوش الوطنية ما وجدت إلا لحماية الحدود من الغزاة. أما وأن الغازي يسرح ويمرح في الديار ويقتل الأبرياء ويغتصب النساء؛ فالجيش الذي ينعت بالوطني هو من يتصدى له ليضع حدا لطغيانه، فما وجد إلا للدفاع عن التراب الوطني والسيادة الوطنية. لكننا على العكس نرى في الحالة العراقية أن العدو الغازي، وهو عدو ليس ككل الأعداء، شكل ما سموه جيشا عراقيا وشرطة وحرسا "عراقيين" لحماية مصالحه الإستراتيجية وأرواح جنوده ومرتزقته ثم لإيذاء العراقيين الرافضين للاحتلال وحتى الذين لا يفقهون شيئا مما يجري من أطفال ومجانين ومتخلفين عقليا. ولم تسلم الحيوانات، فلقد استهدفت الأبقار في جنوب بغداد وأظنها في بابل. ولربما تعود بعض العراقيين في الأرياف على استهداف كلابهم كما كان يحدث أثناء الثورة الجزائرية. وإذن ما سموه جيشا وحرسا وشرطة جزء لا يتجزأ من قوات العدو الصهيوأمريكي الغاصب؛ وبالتأكيد فإنهم يطلقون عليها ما يشاؤون من التسميات لتضليل البسطاء وغسل الأدمغة. ولنعد لمثال الجزائر في عهد الاحتلال الفرنسي فإنه لم يكن للجزائريين جيش ولا شرطة ولا حرس ولا درك، فالكل كان تابعا لفرنسا، وكان هناك تجنيد إجباري للجزائريين في صفوف قوات الاحتلال، ولم يكن أحد منهم يدعي بأن الجيش والشرطة الفرنسيين هي له. وعندما اندلعت ثورة التحرير الجزائرية تشكل جيش التحرير الجزائري من العدم، وخاض حروبا ضارية ضد المحتل لاسترجاع الاستقلال، وانتصر في النهاية، وفي المقابل كان للمحتل عملاء وكانت هناك تشكيلات عميلة شبيهة بما يسمونه في العراق حاليا جيشا وحرسا وشرطة، ولم يكن عددهم قليلا. الأسلوب فقط يختلف، وفيه بصمات تختلف والكثير من التضليل والتعمية. ألم نقل بأن للمفردات سحرها. العميل يبقى عميلا والخائن يبقى خائنا حتى ولو صبغوه بالذهب والفضة من قمة الرأس إلى أخمص القدمين. لم يعرف الجزائريون قبل اندلاع ثورة التحرير جيشا وطنيا؛ وعلى العكس فإن العراق يملك جيشا وطنيا متميزا حباه الله بقدرات قتالية عالية وخبرة واسعة، وخاض حروبا حديثة شرسة وقاسية مع قوى إقليمية وعالمية، وحقق نصرا ماحقا على الجار الطامع، وتصدى للعدوان الثلاثيني وبعده للعدوان الصهيوأمريكي البريطاني المستمر. ناهيك عن مساهمته في الدفاع عن الأراضي العربية والحق العربي. عندما نقول يملك العراق جيشا عراقيا بصيغة المضارع نقصد أن ما يميز الجيش العراقي البطل أنه تحول من الحرب الكلاسيكية إلى حرب العصابات، وهو موجود على الأرض وحقق إنجازات ويحقق إنجازات وانتصارات وسوف يحقق إنجازات أكبر في المستقبل إن شاء الله. إن الفصائل العراقية المجاهدة وطنية وقومية وإسلامية تعترف بدور الجيش العراقي في تنظيم وتطوير المقاومة الوطنية العراقية. إنه لم ينته بإقدام العدو الصهيوأمريكي على حله وتشريد عناصره وحرمانها من قوت الأطفال، وإنما انتقل إلى مستوى حضاري وجهادي أرقى وهو تأطير المقاومة الوطنية العراقية وإكسابها قدرة أكبر على الفعل الجهادي المتميز. فهذا يحسب له ولقوات الأمن الوطنية العراقية بكل تشكيلاتها. إنه جيش قيم ورسالة وليس جيش مرتزقة ومليشيات عميلة. ومن هنا فالجيش الوطني العراقي قائم بالفعل ويؤدي واجبه الجهادي على أحسن وجه. ولهذا فإنه لا جود لجيش حالي وجيش سابق، فما يسمونه جيشا عراقيا سابقا هو نفسه الجيش العراقي الحالي الذي يخوض حربا ضروسا مع كل الوطنيين العراقيين لإخراج المحتل وعملائه. ليست له دبابات ولا طائرات و لكن لديه إيمانه وعقيدته الوطنية وصواريخه التي أخفاها لوقت الشدة أو يصنعها الثوار العراقيون بأنفسهم. إننا نخطئ في حق أبطال العراق والعرب والمسلمين حينما نقول عن الجيش الوطني العراقي بأنه الجيش العراقي السابق، وعن أكداس من المليشيات والمرتزقة والمغرر بهم أنهم الجيش العراقي الحالي. من الجائز تسميتهم كلاب حراسة للمارينز أو أكياس رمل أو مرتزقة أومليشيات عميلة ولكن لا تنطبق عليهم التسمية المروج لها إعلاميا. الجيش العراقي البطل في الميدان يقارع أعتى قوة في العالم. قد يقول قائل إن بعض المتساقطين من عناصر الجيش والأمن انخرطوا في لعبة الاحتلال، وهذا أمر طبيعي، لأن الخونة والمرتدين موجودون في كل مكان. لكن الجيش العراقي البطل يبقى جيشا عقائديا وطنيا وعظيما، وأثبت في الميدان وأمام العالم كفاءته القتالية وشجاعته. لقد كنا – نحن العرب الذين لم تلوث عقولهم دعاية الغزاة وعملائهم في المنطقة العربية – نؤمن بأن الجيش العراقي هو جيشنا وكنا شديدي الفخر والاعتزاز به، وكنا نعتز بالقدرات التصنيعية العسكرية العراقية وبالعبقرية العراقية لأنها منا ولنا. وكان ابن المغرب العربي يخاف على مستقبل العراق الغالي من كيد الكائدين وتآمر المتآمرين. كانت تجربتنا في العراق رائدة وشجاعة وطموحة، وكانت كل خطوة إلى الأمام تثير هواجسنا، خشية عليها. الأعداء كثيرون وعملاؤهم ينتشرون كالذباب في كل مكان، والأمة تترنح في سباتها الذي فرضه النظام الرسمي العربي المدعوم أمريكيا وغربيا. وكانت النكبة... نكبتنا نحن العرب بمرور الغزاة على أرضنا لغزو عراقنا الغالي وقبلتنا الحضارية، وتقتيل أهلنا وتشريد الملايين واستقدام الأجانب من غير العراقيين من إيران ومن غير إيران ليحلوا محلنا نحن أبناء العروبة. قسمونا إلى أجناس وأعراق وطوائف؛ وفعلوا ما فعلوا لإنهاء وجودنا بالعراق. وتلاقى الأعداء وتداعت علينا الأمم بأمر من الإمبراطورية الأعظم لتثبيت أقدام المحتل.

ولقد عملت الدعاية الساقطة على تخويف أهلنا في الخليج العربي من الجيش العراقي البطل، وحاولت تشويه صورته الرائعة والجميلة. وفعلت ما لم تفعله مع الكيان الصهيوني الغاشم. والمضحك المبكي أن الأغلبية الساحقة من إخواننا في الجيش العراقي ليسوا عربا فحسب، ولكنهم ينتسبون لنفس القبائل العربية المنتشرة في نجد والحجاز وباقي منطقة الخليج. نفس الدم ونفس الدين واللغة والعادات والتقاليد والملبس...ونفس المصير، فأين المشكل؟

عندما وقعت الواقعة رأينا بأم أعيننا في المغرب العربي رجالا كالأسود، ينتحبون على ما حل ببغداد من دمار واحتلال. رجال الجزائر أشداء وعايشوا أقسى الظروف والمحن، ولكنهم انتحبوا وتدفقت الدموع بغزارة على ما حل بالأشقاء في بغداد. لقد تمنى سقط المتاع وتمنت الكائنات الشهوانية الشيطانية على مرمى حجر من البصرة المجاهدة

بأن تضرب بغداد بالقنابل النووية.. هذا ما تناقلته الأخبار، في الوقت الذي كانت دموعنا تسيل مدرارا على غزو عاصمتنا وقبلتنا الحضارية. هل يصدق عاقل أن يتجرأ الشقيق والجار على نهب قوت أبنائنا المحاصرين في أرض الرافدين باسم تقديم تعويضات عن الحرب؟ ونحن أبناء الأمة من مغربها إلى مشرقها من يعوض لنا خسائرنا؟ خسائر أهلنا في العراق هي خسائرنا نحن العرب. كما أن الجيش العراقي البطل هو جيشنا. إننا وعبر الأجيال المتعاقبة لن نغفر لمن حاول تشويه صورة أبطالنا في الجيش الوطني العراقي، الذي كان وبحق جيشا عربيا مغوارا قبل أن يكون عراقيا، ولن نغفر مطلقا لهؤلاء الذين تمادوا في نهب أرزاق اليتامى والأرامل والمرضى بدعوى التعويض عن خسائر الحرب. كيف ينهبون أرزاق أبنائنا وإخواننا في العراق التي هي أرزاقنا ويبددونها في المواخير والعلب الليلية وحتى بعضها يذهب لجيوب آباء قتلى الغزاة ولا يتحرك شريان من شرايينهم أسفا على ما فعلوه بنا. العراقيون هم نحن العرب جميعا فلماذا يفعلون بنا هذه الأفاعيل؟ ثم لماذا الصمت؟ الإمارات العربية، بين قوسين، تتعامل مع المشردين العراقيين بقساوة وتتاجر ببؤسهم وشقائهم، وتعد العدة لتنصيب سفير لها لدى القتلة والمجرمين في المنطقة الخضراء نكاية بنا وإيغالا في تمزيق جسدنا وإرضاء للصهاينة والأمريكان وللإيرانيين الذي اغتصبوا جزرنا وأحوازنا ونهبوا خيراتنا. ليطمئن هؤلاء بأن جيشنا العراقي البطل لا يزال قائما وأنه تحول من الدفاع إلى تحرير العراق من دنس الاحتلال الصهيوأمريكي ومن دنس العملاء الصغار في المنطقة العربية والعالم الإسلامي. أبطالنا في العراق لم تخفهم القنابل النووية ولا السلاح الكيمياوي ولا الأقمار الصناعية ولا طائرات التجسس التي تحرث السماء حرثا لرصد كل كبيرة وصغيرة. لقد استطاعوا تمريغ الإمبراطورية الأعظم في تاريخ البشرية في الوحل.....في الوحل.

لنحترس من الفخاخ اللغوية الكثيرة كما علينا أن نحترس من الصور المزيفة التي يعرضها الإعلام العربي العميل. وقصة حلبجة ليست ببعيدة حيث استعمل فيها المعتدون الصفويون السلاح الكيمياوي ضد التجمعات السكنية الآمنة، ومسح الإعلام العربي العميل وحتى العالمي والصفوي بالتحديد السكين في النظام الوطني العراقي. إيران هاجمت العراق بالأسلحة الكيميائية وبتواطؤ مع الطالباني العميل الذي نصبه الاحتلال الصهيوأمريكي "رئيسا" على رقاب العراقيين. لكن يحاكم بعض أبطال الجيش العراقي في محاكمات صورية مزيفة لجرائم ارتكبتها إيران المعتدية. لقد كان العراقيون صريحين وواضحين، كانوا أبعد عن الوجوه المتعددة والنفاق. كانوا دائما صادقين مع أنفسهم ومع أمتهم ودفع الجيش العراقي والشعب العراقي ثمنا غاليا دفاعا عن الأرض العربية والمستقبل العربي والشموخ العربي. لكننا وجدنا من يصور الجيش العراقي وكأنه لا علاقة له بالأمة ولا بتاريخ الأمة.

لا يزال جيشنا العراقي البطل يدفع الغالي والنفيس لتعطيل مشاريع الغزاة الصهيوأمريكيين من شرق أوسط كبير وآخر جديد وأطماع صهيونية صفوية في الأرض العربية والبترول العربي. ورغم الخيانة والاندفاع في الانقياد للمغتصب؛ فإن الجيش العراقي ومعه كل المقاومين الوطنيين العراقيين يموتون من أجل دينهم وعروبتهم ووطنهم. فتحياتنا الخالصة لأبطالنا المجاهدين في الجيش العراقي البطل ولكل المجاهدين العراقيين الذين أجبروا العدو على أن يشبع موتا وهوانا في صمت، وفي ظل تعتيم إعلامي مبالغ فيه حول خسائره الكبيرة التي يتكبدها، وحول معنويات جيشه المنهارة. وعاشت المقاومة الوطنية العراقية ممثلا شرعيا وحيدا لشعبنا العراقي، ومزيدا من النصر يا أبطال أمتنا.

المواطن العربي محمد زيدان

شبكة البصرة

السبت 3 جماد الثاني 1429 / 7 حزيران 2008

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس