المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المراثي - شعر د. شاكر مطلـق



الدكتور شاكر مطلق
08/06/2008, 10:03 PM
" هو الذي رأى كلَّ شيء " د.شاكر مطـلق
( إلى الصديق المرتحل الشاعر محمد عمران )

الكشفُ الأولُ:
تتكسَّرُ الأمواجُ – في غضبٍ-
على الصّخر الطّريِّ
تَدقُّ أبوابَ المدينـةِ
تسـأل الشّطآنَ – في عَجبٍ-
لمـاذا
شـاعرُ الأنـواءِ والـرُّؤيا
عن الأصـدافِ
في عجَلٍ ذهَبْ
من دون أن يطوي الشِّراعَ
ويطفئَ المصباحَ في أعلى السَّفينهْ
وكأنَّـهُ – فـوراً- يعودْ ؟!

هلْ أزعجِته الرِّيحُ
- آنَ المَـدُّ جـاءَ –
وكان يحكي للنَّوارسِ
عن حـواري الماء
أسـفاراً غـريبـهْ ؟
يحكي لنَحْلاتِ البنفسجِ
عن أساطيرِ الجُدودِ
ويقرأ الأيَّامَ في فصْل الخَرابِ
وطالَعَ الشِّعر العجيبْ؟
فيرى القوافي قادماتٍ
تسْتَحقُ الأحلامَ في بحر الَّتجلِّي
والمواني مُقـفلاتٍ
والمناراتِ انطفاءْ
ويرى – على الأمواج – وجهاً
آنَ يّشتَدُّ الضّبابُ
ولا يُداني كي نراهْ
إبانَ تنفـلتُ الحَواسُ
من القيود الأربعهْ
وتخطُّ – من نورٍ- مُصفّى
وردةَ الكشْفِ البَهيِّ
على المياه الدَّاكناتِ
بدونِ شكْلٍ أو مكانْ
من غير أن يَلقى على الألواحِ
بَـدْءَ الدَّائـرهْ
إلاَّ ظلالاً حائرهْ
ترنو بصمتٍ
بَـلْ تعانـي
والشَّيخُ شيخُ البحرِ
يدنو بالمعاني
من طيور الرُّوحِ في دَغْل القصَبْ!
هَلْ كان كالعَرَّافِ
في الطُّور المقدَّسِ
يُشعل النّيرانَ في الكَلماتِ
يُهـدي التَّائهيـنْ
لصَبوح كشفٍ أو قصيدهْ؟
وكأنّه السـاقي ولا يدري
بكأسٍ قد تدَنـَّسَ
في أكُفِّ الجاهلينْ
فيَهيمُ – مَكْسورَ الجناحِ-
على مياه الحلْم للجُزر البعيدةِ
في ثَباتِ العارفينْ؟!

** ** **



الكَشْفُ الثَّاني:

آخرُ النَّجوى غناءٌ في الرَّمَـلْ
فليكنْ منه الغناءْ
وعتابُ الأصدقاءْ!
أيّها الرَّائـي الذي عنّا نأى
قلْ لنا ماذا رأيتْ ؟
عندما غلَّقتَ – من دون ضجيجٍ-
حانة العشقِِ وما كنتَ ارتويتْ؟!
ما الذي أبقاكَ في " شُعب بُوانٍ"
في " جدارٍ من جليدٍ " – هائماً-
حتى انتَشـيتْ؟!
كنتَ في الرُّؤيا ؟
أمْ الرُّؤيا سرابٌ
لا تُري الشَّاعرَ إلاَّ
ظِلَّ أسرار الحياةْ
وعذابَ الكائناتْ
عندما الطينُ على " بَّوابةِ الهند " ينادي
لخلاصٍ مُرتَقَبْ
كيْ يظلَّ الشّعرُ مِصباحاً
ينيـرُ الـدَّائـرهْ
ويواسي المُتعبيـنْ
في كهوفِ الذَّاكرهْ؟!

كنتَ في الحُمَّى تُصلَّي
لخلاصِ الرّوح من فَصل الوباءْ
أمْ تَرى كنتَ تغنّي
لغزالِ الرّوحِ كي يَدنو إلينا
سيّدُ العشقِ بطَوْقِ الياسمينْ؟
يُبعدُ الأشبـاحَ عنـّا والمُدى
كيْ يظلَّ الحبُّ فينا
صافيـاً مثلَ النَّـدى
فنرى في " الأزرقِ "
" الأحمرَ "
يمتـدُّ شـراعـاً
لفضاءٍ لا يرانا فنراهْ
بين شَـكٍّ ويقينْ
بعد أن صارتْ طيورُ الشّعرِ
نهباً كالطّريدهْ
وانتهى دربُ الوعولْ
- لينابيعِ القصيدهْ –
تحت ظلِّ المـقْـصَلهْ

أيُّها البحرُ!
أما زلتَ حزيناً؟
نحن ما زلنا كما الموجِ
ندقُّ، الآنَ، أسوارَ المدينهْ
نسأل الشاعرَ لو يُلقي التّحيهْ
لوَداعِ الأصدقاءْ
ووداعِ البحر والأصدافِ
يعطينـا البقـيّهْ
من رؤى كان رآها
في شِباكِ العارفينْ
كي نواسي الياسمينْ
وهو يحكي للبنفسجْ
قصّةَ الشاعرِ والتَّرحالِ
في بحر المعاني
ليظلَّ الشّعرُ من نورٍ مُصفّى
وملاذَ الهائمينْ

أيها الشاعر " عِمرانُ " وداعاً
وعلى الرَّائي السلامْ
وتأهبْ – يا صديقي! –
للكُشوفاتِ الجديدهْ
آنَ يدعوكَ المقامْ!
================
د.شاكر مطلق
حمص-سورية 18 /12 /1996 .

*) ألقيت في حفل تأبين الصديق الشاعر المرحوم الشاعر "محمد عمران" في المركز العربي الثقافي في طرطوس – سورية بتاريخ 22 /12 /1996 ونشرت ضمن مجموعة قصائد التأبين في كتاب خاص صدر عام 1997 ،تحت عنوان آخر للقصيدة هو : من " ملحمة كلكامش " .
**) الأزرق والأحمر والبنفسج ... من مجموعات المرحوم الشعرية ، وكان قد زرع كُليةً في الهند .






نَواقيسُ الغياب

(إلى الصديق الشاعر المرتحل د.عبدو مسّوح )



د.شاكر مطـلق




نَواقيسُ الغياب ( * )
د.شاكر مطلق
( إلى الشاعر المرتحل د . عبدو مسّوح )

دَقّتْ نواقيسُ القصيدةِ
عندما حَلّ المَغيبُ
وآنَ وقتٌ لارتحالٍ
في الفضاءاتِ البعيدةِ
خلْفَ قَنطَرةِ العبورِ
ولا مكانٌ ، لا زمانْ
يَـتبدّى ... فيكونْ
بلْ حياةٌ في السّكونْ
لا عتيقةُ ، لا جديدةُ
مثْلَ شلاّل الضّياءِ
تَسيلُ في عمْق الفضاءِ
من النّقاءِ إلى النّقاءْ
من دون آثام التّرابِ
ودون آلام الصّليبْ
لتُعلّمَ الطّينَ الطّريَّ
تّجلّياً بعْدَ الغِيابِ
تَجاوُزاً كلَّ الحدودْ
مِنْ دون شكْـلٍ أو وجودْ
وتُعلّمَ الشّعراءَ آدابََ الحُضورِ
على البساطِِ بلا قيودْ
ليصيرَ روحُ الرّوحِ نوراً
غامراً عتْمَ المَجرّةِ
بالمَحبّةِ والمَسرّةِ
لا تُوافيه المَنايا
بَعْدَ قَنْطرةِ العُبورِ
وخَوْضِ مَطْهَرةِ النُّشورْ
في ظلّ أشجار الخلودْ ...
*** *** ***
رحَلَ المغنّي في المَغيبِ
مُكفـَّناً بالأُرْجُوانِ
وفي يدَيْهِ الصَّوْلَجانُ
مِنَ المُحبّ إلى الحبيبْ
ليَشُدَّ في الرّوح الوَترْ
فيكونَ مِن هذا الرِّثاءْ
كأسُ المَحبّةِ والإخاءْ
يُعطي لنا خبزَ العَزاءْ
ومتى تَوارى في القمرْ
سيظلُّ عطْرُ اليَاسَمينْ
مِن بَوْحه الدّافي الحزينْ
يغفو كأطيار المساءْ
بين القصائدِ في الكتابْ
في كفِّ خِلاّنِ الوفاءْ...
*** *** ***
رحَلَ النِّـطـاسـِيُّ الحَكيمُ
مع القوافي في السّحابِ
فمَنْ يُواسي اليَائسينَ ؟
ومَنْ يُداوي في العذابِ ؟
وقدْ أقامَ له الَمزََارَ
على قلوبِ البَائسينَ
وكان يَشفي بالقليلِ
مِنَ الدّواءِ وبالعَزاءْ
والآنَ مِنْ فَلَـكٍ بعيدٍ
مِثلَ نجْم الماسِ يَهدي
المُتعَبينَ العاشقينَ
إلى ينابـيعِ المَحبّةِ
خلْفَ أقواس القُـزَحْ
ليُعيد َللرّوح الفرَحْ
ويُعيدَ أسئلةَ الحضورِ
من الغِيابِ إلى التّرابْ
ليقومَ مِن أرضِ الخَرابْ
شجَرُ الرّبيع المُنـتَظَرْ
ويُظلَّ أرواحَ البَشرْ
ويباركَ الأشعارَ في فصْـل اليَبابْ
إبّان يَكتَملُ القمرْ
فيعودَ للمرْجِ المغـنـّي
في عيد سيّدة المراعي
عازفاً لحْنَ الوَداعِ
مِنَ القوافي سارحاتٍ
مثْلَ غيمٍ في المطرْ
وإذا تَجلّى قَدْ نراهُ
وقَدْ يرانا لا نراهُ
سوى رياحٍ في سفَرْ
هزّتْ نخيلَ الذّكرياتِ
فسالَ دمعٌ في الحجَرْ
يَحكي عن الزّمنِ القديمْ
ليظلَّ نجْمُ الماس يَهدي
مثـْلَ عطْرِ اليَاسَمينْ
لمزارهِ الشّعريِّ فينا
والحُضورِ السّرْمَديِّ
على بساتين الحنينْ ...
=======================
حمص – سورية 2 – 2 - 2006
E-Mail: mutlak@scs-net.org

*) ألقُيت في حفل تأبين الفقيد ، الذي أقامه فرع اتحاد الكتاب العرب بحمص بمشاركة فرع نقابة الأطباء ، في يوم الخميس تاريخ 9/3/2006 في نادي " الرابطة الأخوية " - بستان الديوان .



وداعـــاً طــفــل النّور
" إلى الصديق المرتحل الشاعر سعيد السطـلي في حفل تأبينه " .
د. شاكر مطلـق

هلْ وقـفـنـا الآنَ
نـبـكـي مـن جـديـدٍ
رِحـلـةَ الـطـيـن الـغـريـبـهْ
أمْ تـَرى نـبـكـي الـمُريــدْ ؟ !

كلُّ شيْ كـان وهـمــاً
و ســرابـاً مـن رؤانــا
أم مــرايـا مـن حـديـدْ ؟ !

كـلَّـمــا هِـمـنـا سُـكـارى
و كُـتِـبـنــا و كَتَـبـنـا
بـعـضَ حــالاتِ هــوانــا
فــوق ألــواح القـلــقْ
فــي صــحارى مـن جـلــيدْ
كـان شــيءٌ يـقـتـفـيـنــا
بـاعـثــاً فـيـنـا الأرقْ .

كـان ظــلُّ الـعَـدمـيـَّـهْ
قـائـمــاً فـيـنـا و يـقـتـاد خـطـانــا
فــوقَ أشـــواكِ الـطــريــقْ
- دون أن ، نــــدري لــمــاذا ؟ _
نــحــو وجــه لا يـــرانـــا
أو نـــرى فــيــه الـبــريــقْ .

لــمْ نـجـد فـي الــطّــورِ إلاَّ
لـحـدَنــا الــفـارغَ يـعـلوه الـحـريــقْ
و طـــيـــورُ الــــــروحِ
فـي بـسـتـانـهـا الــذاوي تـنــوحْ
و تــــنــــاجـــي
زمــن الـحـلْـــمِ الـعـتـيـــــقْ
كــيــفَ وافــاهُ الـذُّبــــولْ
و أتــاه الــمــوجُ مــن كـلِّ الـجـهــاتْ
و هــو عــريــانٌ غـــريــقْ .
* * * *
مـنــذ قــامَ الــفــكــرَ فـيـنــا
مـن سُــبـاتٍ أزلــــــــيًّ
مـعـلــناً بـــدْءَ الـخَـلـيـقــهْ
فـي دخــــول الأبـجـديـــــهْ
و انــتــهــاءَ الـمـعـجــزاتْ
رافــعــاً فــوقَ ربـانــا
كـلَّ رايــاتِ الــعــبــورْ
لانــتــشــارٍ فــي الجــهــاتْ
و اخـتـراقٍ لـلـحــضــورْ
لا نــرى ظـلاً ســـــوانــا
آنَ يـرمـيـنــــا السّــــؤا لْ
فــي كــهــوف الشــّك حـيـنـــاً
ثُــمّ حـيـنـاً للــمُـحــالْ
لـنــرى كـيـف الـحـقـيـقـهْ
تـتـلـــوى مـثـلَ أفــعــى
تــحـــت قـوس الـجُـلـجـُلـهْ ...
* * *
أيّـهـا الــمـقــبــور فــيـنـا
لَــمْ تــجـيءْ هـذا الـمـســـاءْ
لــتـُريـنـــا
وردةَ الـشِّــعـر البــَهــيـّـهْ
فـي جـبـيـن الـشـّــعــراءْ
و لـقـــــاءِ الأوفـيـاءْ
مــا الــذي قـــــادَ رؤاكْ
- مـثـلـمـا " النـوق الـعِـطـاش " –
للـمـتــاهـاتِ الـبـعـيــدهْ
خـلْـــف كُـثـبـان الــرمـــــالْ ؟
لـتــرى مـا لا نــراهْ
و تــرى " الـعـاصـي " نـبـيــــاً
قـد يُـنـاديـكَ لـتُـــروى
و يـواسـيـكَ لـتَـقـوى
فـي ارتـحـالِ الـقــلـبِ
مـنـهُـوكــاً يـنــادي
ربـــَّةَ الـشـــعـرِ لـتـأتــــي
بـخــلاص الـعـاشـقـيـنْ
أو يَــرشَّ الـعــطــرَ
فــي مـنـديـلـكَ الـدّامــي
لـتـعـطـي عـاشـــقَ الــنّــخـلِ
قـلـيــلاً مـن دمــوع اليـاســمــيــنْ
و هـو فـي " الـوَعــرِ " يـنـادي
"ديـكَــه " الـتّـائـهــهَ فـي الـقـَفـرِ
لـعـلَّ الـقـَفـر يـحـنــو
و يـعـيـــدْ
طـفـلَ نـورٍ صـارَ طـيـراً
فـي الـبـوادي و الـشَّــتـاتْ
نـحـو أمـواه " الـفــراتْ "
و إلى " حـمـصَ الـعَـديّـــهْ "
فـيـرى الأحـبـابُ و الأصـحـابُ
فـي الـعـيـن الـنَّـديـــهْ
قـصـةَ الإنـسـان فـي رُقُـمٍ طـريـَّهْ
سـوفَ تـشـوى – ذات يـومٍ –
بـحـنـيـنٍ أو بـنــارٍ
فـي اللـيـالـي الـقــمَــريــهْ
عـنـدمـا الأشـعـارُ تَـعــلــو
مــثــل سِـــرب الـقُـبــّراتْ
ثــم نـنـهـــار جـمـيـعــاً
فــي نـشــيــدٍ أو دعـــاءْ
عـنـدمـا الـطـلـقــاتُ تــدنــو
و الــرّؤى تـمـســي ســـرابــاً
أو حـــروفــا فـي كـتــــابْ ...
* * *
غـيـر أن الـحـلْـم نــادى
و نـداءُ الــوهــم لـلـرمــل رمــاكْ
مــثــلَ عـصـفــورٍ ضــريــرٍ
عــنــدَ أبــواب الـمـديـنــهْ
لــتــرى الــنــورَ هــنــاكْ
يَــهـَـبُ الـبُــشـــرى إلــيــكْ
ثـم يـعـطـيــك الـيـقـيـــنْ
مـوقـظــاً فـيــكَ الـحـنـيـنْ
لانـتـشــار فــي الـسَّــديــمْ
و طــقــوسٍ أزلــيــهْ
بــعــد أن صــرتَ ســـويـّـا
و اســـتـوتْ فـيـكَ الـقـضـيــهْ
و تــأهّـبـت لـتـدنــو
مـن تـخــوم الأبــديــهْ
دون أن تـحـمـل للــنــورِ
سـِـــــواكْ …

عــاريــاً يـمـشــي طـريـقـهْ
فـي حُـبـورٍ و ثـبــاتْ
خـالـيأً مـن كـلّ شــيءٍ
خـالـعــــاً ثــوب الـشَّــتـاتْ
و خـطـايــا الـكـائـنــاتْ
لــتــرى الأزهــارَ تـنـمــو
دون مــاءٍ أو هـــواءْ
لـتــرى كـيــفَ الـضّـيــاءْ
يـغـسـل الــرّوحَ فـتـغـدو
فـي خــلايـاه الـطـّـريـــهْ
بــذرةً ، فـي الـكــون ، تـعـلـــو
بـنـشـيـد الـصّـمـتِ
و الـصّـمـتُ بـلـيــغٌ
فـي ضـجـيـج الـكـلـمــاتْ
فـتـرى الـبـرزخَ وهــماً
و الـتـقــاءُ الـبـحـر بالـبـحـر ســرابـا
و تــرانـي فـيـكَ أحـيــا
و تـرانــا فــي رؤا كْ
حُـلْــمَ صـيـفٍ و قـصـيـد هْ
و أضـاحــي و طــريــد هْ
و ســؤالاً ســـرْمــديــاً
راعــه عــمــق الـجــوابْ
فـاطــرق الـبــابَ " ســعـيـداً"
و لـتـكـن حــراً ولــيــداَ
فــوقَ أعـشــابٍ نــديـــهْ
في بساتين الضّياءْ
أنــتَ طـفــل الـنّــورِ
لا يـغـفــو بـأرضٍ
و لـتـكـن " حـمـصَ" الـعَـديَّــهْ
قــبــركَ الــرّوحـيُّ فـيـنـــا
و لـيـكــنْ فــيــه الـســـلامْ ...
===========
د. شاكر مطلق
حمص -سورية6 / 5 / 1999

*) عمل الصديق الشاعر ، كمدير للمركز الثقافي العربي في حمص و" نواكشوط – موريتانيا " ، وتوفي في الحجّ إبان رمي الجمرات .


وداعاً ... أيها الفَخَّار
( إلى الصديق المرتحل الشاعر نصوح فاخوري )
د. شاكر مطلق

فَلتُغلَقِ الشُّرُفاتُ _ بعدَ الآنَ _
قَـدْ رحَلَ المغنِّي
من دونِ زادٍ أو مَتاعٍ
و" مسافراً في العاصفـهْْ "
كي يغلِقَ السَّفَرَ الطَّويلَ
بما يَليقُ من المعاني
إبَّانَ يدعونا الوفاءُ
إلى فضاءِِ الفاجعهْ
وإلى أقانيمِ الوَداعْ
يعطي لنا بعضَ العَزاءْ
فالطَّير فرَّتْ راجعهْ
تبغي بروجَ الذِّكرياتْ
والرّوحُ رهنُ الفاجعهْ
ترثي رفاقاً لمْ يكونوا
رهْنَ آلهةِ الظَّلامِ
وما تواروا في الشَّتاتْ
رغمَ الجراحِ النَّازفهْ ...

عمْرٌ من التَّجوالِ
في بطنِ الحياةْ
من أجلِ أنْ يَصِلَ الرَّغيفُ
إلى بطونِ الجائعينْ
ويعُمَّ في الأرضِ السَّلامْ
ما كانَ هذا بالكلامِ
ولا بحُلْمٍ خلَّبيٍّ
في بروجٍ أو رصيفْ
بلْ كانَ وعياً في سفَرْ
نحو الأماني العالياتْ
بالرُّغمِ مِن عبثِ اللَّيالي
بالقصيدةِ والمعاني
ظَلَّ المغنِّي يَنتظرْ
صوتَ الجموع الزَّاحفهْ ...

يا أيها الفَخَّارُ فَـخِّرْ
جرَّةً من طينَ ( حمصَ )
لنسكُبَ ( العاصي ) العليلَ
على قلوب العاشقينَ
الرَّاحلينَ إلى مداهْ
كي يَدخُلوا سفَراً طويلْ
يُنْبي بقُربِ العاصفهْ
ليُفجِّرَ الأحزانَ فينا
في قصائدَ مُطفَّاتٍ
مِن نبيذٍ أو قمرْ
العُمْرُ يمضي في خَدَرْ
فَنخالُ مِن سودِ الحجارةِ
سوفَ يُبنى قبرُنا
في ( تل نصرٍ ) لا يبـيـنْ
الشَّكُّ فاتحةُ اليقينِ
وبَدْءُ هَجْماتِ ( المغولِ )
على ثغورٍ فارغاتٍ
فوقها الغِربان ترنو
للخرابِ المُنتَظرْ
وإلى خيولٍ مِنْ حديدٍ
في صحارى تُـحتَضَرْ
مَن يُسعفُ الروحَ الحزينَ
وقد تماهى في حجَرْ
مِن بعدِ أن خَبِرَ الكلامَ
وكلَّ حالاتِ المطرْ
لمْ يَجْنِ مِن ثَمرِ العَطاءِ
ومِن وفاءِ العارفينْ
بأريجِ شِعرٍ مُبتكرْ
يَنزاحُ مِن قلب المغنِّي
مِن قلبِ شيخٍ يُحتَضرْ
إلاَّ قليلاً مِن دموعٍ
أو وفاءٍ أو رثاءْ
والشَّيخُ يذوي في السِّنينْ
لَمْ يَبْغِ مِن أحدٍ سوى
حبٍّ كزهرِ الياسمينْ
يكفيهِ في زمنٍ عقيمْ
وَشْمُ الكرامةِ في الجبينْ
وبرغمِ آلامِ الرَّحيلْ
فالرّوحُ ليستْ خائفهْ ...

يا ناصِحاً جيلاً مضى
اِنصحْ لنا ألاَّ نكونْ
إلاَّ رجالاً صادقينْ
إبَّانَ تدعونا القصيدةُ
كي نكونَ الصَّامدينْ
في هَوْجَةِ الإعصارِ
كي نبني الحياةْ
مِن أجلِ أبناء الحياةِ القادمينْ
ونكونَ جسراً للعبورِ
إلى الخلاصِ المُنتظرْ
ونرى خيولاً آزفهْ ...
==============
حمص _ تل الشّور 8/12/2002
د. شاكر مطلـق

*) من أعماله الشعرية مجموعة " مسافرٌ في العاصفه " .


وَداعُ النَّخيلِ
إلى الصديق الشاعر المُرتَحِل " ياسين فرجاني " (*)
د. شاكر مطلق

طيورٌ على النّخلِ تَرنو بعيداً
تُسائلُ في الصُّبحِ : أينَ الحبيبْ ؟
وتَدْمـرُ - في الحزنِ - تومي إليها :
جَفانا وغابَ ، وما مِنْ مُجيبْ
تَـرحَّلَ عنّا ، وكنّا صِحاباً
وما عادَ يأتي ، ولا يَستَجيبْ
وما عادَ يَكتبُ عنّـا سطوراً
من الشّمسِ جاءتْ تُنيرُ المَغيبْ
فيا طيرُ بَلِّغْ رُعاةَ البَوادي
وبلِّغْ ملوكَ المكانِ العجيبْ
وأخْبـِرْ مَـليكةَ تَدمرَ أنَّـا
غدَوْنا ظلالاً بقَـفرٍ رهيبْ
لقدْ كانَ منـّا ، وكنَّـا نَدامى
وإنْ غابَ عنّا ، سيبقى قريبْ
أناشيدَ حبٌّ حفِظـْنا ، ستَحيا
تُـعشِّـشُ في الرّوحِ حتّى نَغيبْ
سلاماً سلاماً لنَسْرِ البوادي
تَخونُ الرّياحُ الجناحَ الأريبْ
فيَهوي وقاراً إلى جِذْعِ نَخلٍ
ويَطوي جناحيهِ عند المَغيبْ
نشيدٌ حزينٌ يجولُ البراري
يُذَكِّرُ دوماً بصَبٍّ لبيبْ
ويُوقِظُ " أفْـقا " فيَجري دموعاً
ويسقي النَّخيلَ كؤوسَ الحبيبْ
وفي حِضنِ " عاصي الخَرابِ " السَّواقي
تَئنُّ وتَشكوا زماناً عَـجيبْ...
======================
حمص – سورية د. شاكر مطلـق
E-Mail:mutlak@scs-net.org

(*) ألقيت في حفل تأبين الشاعر المرتحل ياسين فرجاني في المركز الثقافي في حمص بتاريخ 2/7/2007 ’وكان المرحوم – المولود في " عروس الصّحراء تدمر " - من كبار ضباط الوحدة مع مصر ، وعمل محافظاً في مدينة حماة ، وكان جاراً وصديقاً للمرحوم الوالد منذ ستة عقود ينشدان الشعر معاً .
--------------------------

الدكتور شاكر مطلق
08/06/2008, 10:03 PM
" هو الذي رأى كلَّ شيء " د.شاكر مطـلق
( إلى الصديق المرتحل الشاعر محمد عمران )

الكشفُ الأولُ:
تتكسَّرُ الأمواجُ – في غضبٍ-
على الصّخر الطّريِّ
تَدقُّ أبوابَ المدينـةِ
تسـأل الشّطآنَ – في عَجبٍ-
لمـاذا
شـاعرُ الأنـواءِ والـرُّؤيا
عن الأصـدافِ
في عجَلٍ ذهَبْ
من دون أن يطوي الشِّراعَ
ويطفئَ المصباحَ في أعلى السَّفينهْ
وكأنَّـهُ – فـوراً- يعودْ ؟!

هلْ أزعجِته الرِّيحُ
- آنَ المَـدُّ جـاءَ –
وكان يحكي للنَّوارسِ
عن حـواري الماء
أسـفاراً غـريبـهْ ؟
يحكي لنَحْلاتِ البنفسجِ
عن أساطيرِ الجُدودِ
ويقرأ الأيَّامَ في فصْل الخَرابِ
وطالَعَ الشِّعر العجيبْ؟
فيرى القوافي قادماتٍ
تسْتَحقُ الأحلامَ في بحر الَّتجلِّي
والمواني مُقـفلاتٍ
والمناراتِ انطفاءْ
ويرى – على الأمواج – وجهاً
آنَ يّشتَدُّ الضّبابُ
ولا يُداني كي نراهْ
إبانَ تنفـلتُ الحَواسُ
من القيود الأربعهْ
وتخطُّ – من نورٍ- مُصفّى
وردةَ الكشْفِ البَهيِّ
على المياه الدَّاكناتِ
بدونِ شكْلٍ أو مكانْ
من غير أن يَلقى على الألواحِ
بَـدْءَ الدَّائـرهْ
إلاَّ ظلالاً حائرهْ
ترنو بصمتٍ
بَـلْ تعانـي
والشَّيخُ شيخُ البحرِ
يدنو بالمعاني
من طيور الرُّوحِ في دَغْل القصَبْ!
هَلْ كان كالعَرَّافِ
في الطُّور المقدَّسِ
يُشعل النّيرانَ في الكَلماتِ
يُهـدي التَّائهيـنْ
لصَبوح كشفٍ أو قصيدهْ؟
وكأنّه السـاقي ولا يدري
بكأسٍ قد تدَنـَّسَ
في أكُفِّ الجاهلينْ
فيَهيمُ – مَكْسورَ الجناحِ-
على مياه الحلْم للجُزر البعيدةِ
في ثَباتِ العارفينْ؟!

** ** **



الكَشْفُ الثَّاني:

آخرُ النَّجوى غناءٌ في الرَّمَـلْ
فليكنْ منه الغناءْ
وعتابُ الأصدقاءْ!
أيّها الرَّائـي الذي عنّا نأى
قلْ لنا ماذا رأيتْ ؟
عندما غلَّقتَ – من دون ضجيجٍ-
حانة العشقِِ وما كنتَ ارتويتْ؟!
ما الذي أبقاكَ في " شُعب بُوانٍ"
في " جدارٍ من جليدٍ " – هائماً-
حتى انتَشـيتْ؟!
كنتَ في الرُّؤيا ؟
أمْ الرُّؤيا سرابٌ
لا تُري الشَّاعرَ إلاَّ
ظِلَّ أسرار الحياةْ
وعذابَ الكائناتْ
عندما الطينُ على " بَّوابةِ الهند " ينادي
لخلاصٍ مُرتَقَبْ
كيْ يظلَّ الشّعرُ مِصباحاً
ينيـرُ الـدَّائـرهْ
ويواسي المُتعبيـنْ
في كهوفِ الذَّاكرهْ؟!

كنتَ في الحُمَّى تُصلَّي
لخلاصِ الرّوح من فَصل الوباءْ
أمْ تَرى كنتَ تغنّي
لغزالِ الرّوحِ كي يَدنو إلينا
سيّدُ العشقِ بطَوْقِ الياسمينْ؟
يُبعدُ الأشبـاحَ عنـّا والمُدى
كيْ يظلَّ الحبُّ فينا
صافيـاً مثلَ النَّـدى
فنرى في " الأزرقِ "
" الأحمرَ "
يمتـدُّ شـراعـاً
لفضاءٍ لا يرانا فنراهْ
بين شَـكٍّ ويقينْ
بعد أن صارتْ طيورُ الشّعرِ
نهباً كالطّريدهْ
وانتهى دربُ الوعولْ
- لينابيعِ القصيدهْ –
تحت ظلِّ المـقْـصَلهْ

أيُّها البحرُ!
أما زلتَ حزيناً؟
نحن ما زلنا كما الموجِ
ندقُّ، الآنَ، أسوارَ المدينهْ
نسأل الشاعرَ لو يُلقي التّحيهْ
لوَداعِ الأصدقاءْ
ووداعِ البحر والأصدافِ
يعطينـا البقـيّهْ
من رؤى كان رآها
في شِباكِ العارفينْ
كي نواسي الياسمينْ
وهو يحكي للبنفسجْ
قصّةَ الشاعرِ والتَّرحالِ
في بحر المعاني
ليظلَّ الشّعرُ من نورٍ مُصفّى
وملاذَ الهائمينْ

أيها الشاعر " عِمرانُ " وداعاً
وعلى الرَّائي السلامْ
وتأهبْ – يا صديقي! –
للكُشوفاتِ الجديدهْ
آنَ يدعوكَ المقامْ!
================
د.شاكر مطلق
حمص-سورية 18 /12 /1996 .

*) ألقيت في حفل تأبين الصديق الشاعر المرحوم الشاعر "محمد عمران" في المركز العربي الثقافي في طرطوس – سورية بتاريخ 22 /12 /1996 ونشرت ضمن مجموعة قصائد التأبين في كتاب خاص صدر عام 1997 ،تحت عنوان آخر للقصيدة هو : من " ملحمة كلكامش " .
**) الأزرق والأحمر والبنفسج ... من مجموعات المرحوم الشعرية ، وكان قد زرع كُليةً في الهند .






نَواقيسُ الغياب

(إلى الصديق الشاعر المرتحل د.عبدو مسّوح )



د.شاكر مطـلق




نَواقيسُ الغياب ( * )
د.شاكر مطلق
( إلى الشاعر المرتحل د . عبدو مسّوح )

دَقّتْ نواقيسُ القصيدةِ
عندما حَلّ المَغيبُ
وآنَ وقتٌ لارتحالٍ
في الفضاءاتِ البعيدةِ
خلْفَ قَنطَرةِ العبورِ
ولا مكانٌ ، لا زمانْ
يَـتبدّى ... فيكونْ
بلْ حياةٌ في السّكونْ
لا عتيقةُ ، لا جديدةُ
مثْلَ شلاّل الضّياءِ
تَسيلُ في عمْق الفضاءِ
من النّقاءِ إلى النّقاءْ
من دون آثام التّرابِ
ودون آلام الصّليبْ
لتُعلّمَ الطّينَ الطّريَّ
تّجلّياً بعْدَ الغِيابِ
تَجاوُزاً كلَّ الحدودْ
مِنْ دون شكْـلٍ أو وجودْ
وتُعلّمَ الشّعراءَ آدابََ الحُضورِ
على البساطِِ بلا قيودْ
ليصيرَ روحُ الرّوحِ نوراً
غامراً عتْمَ المَجرّةِ
بالمَحبّةِ والمَسرّةِ
لا تُوافيه المَنايا
بَعْدَ قَنْطرةِ العُبورِ
وخَوْضِ مَطْهَرةِ النُّشورْ
في ظلّ أشجار الخلودْ ...
*** *** ***
رحَلَ المغنّي في المَغيبِ
مُكفـَّناً بالأُرْجُوانِ
وفي يدَيْهِ الصَّوْلَجانُ
مِنَ المُحبّ إلى الحبيبْ
ليَشُدَّ في الرّوح الوَترْ
فيكونَ مِن هذا الرِّثاءْ
كأسُ المَحبّةِ والإخاءْ
يُعطي لنا خبزَ العَزاءْ
ومتى تَوارى في القمرْ
سيظلُّ عطْرُ اليَاسَمينْ
مِن بَوْحه الدّافي الحزينْ
يغفو كأطيار المساءْ
بين القصائدِ في الكتابْ
في كفِّ خِلاّنِ الوفاءْ...
*** *** ***
رحَلَ النِّـطـاسـِيُّ الحَكيمُ
مع القوافي في السّحابِ
فمَنْ يُواسي اليَائسينَ ؟
ومَنْ يُداوي في العذابِ ؟
وقدْ أقامَ له الَمزََارَ
على قلوبِ البَائسينَ
وكان يَشفي بالقليلِ
مِنَ الدّواءِ وبالعَزاءْ
والآنَ مِنْ فَلَـكٍ بعيدٍ
مِثلَ نجْم الماسِ يَهدي
المُتعَبينَ العاشقينَ
إلى ينابـيعِ المَحبّةِ
خلْفَ أقواس القُـزَحْ
ليُعيد َللرّوح الفرَحْ
ويُعيدَ أسئلةَ الحضورِ
من الغِيابِ إلى التّرابْ
ليقومَ مِن أرضِ الخَرابْ
شجَرُ الرّبيع المُنـتَظَرْ
ويُظلَّ أرواحَ البَشرْ
ويباركَ الأشعارَ في فصْـل اليَبابْ
إبّان يَكتَملُ القمرْ
فيعودَ للمرْجِ المغـنـّي
في عيد سيّدة المراعي
عازفاً لحْنَ الوَداعِ
مِنَ القوافي سارحاتٍ
مثْلَ غيمٍ في المطرْ
وإذا تَجلّى قَدْ نراهُ
وقَدْ يرانا لا نراهُ
سوى رياحٍ في سفَرْ
هزّتْ نخيلَ الذّكرياتِ
فسالَ دمعٌ في الحجَرْ
يَحكي عن الزّمنِ القديمْ
ليظلَّ نجْمُ الماس يَهدي
مثـْلَ عطْرِ اليَاسَمينْ
لمزارهِ الشّعريِّ فينا
والحُضورِ السّرْمَديِّ
على بساتين الحنينْ ...
=======================
حمص – سورية 2 – 2 - 2006
E-Mail: mutlak@scs-net.org

*) ألقُيت في حفل تأبين الفقيد ، الذي أقامه فرع اتحاد الكتاب العرب بحمص بمشاركة فرع نقابة الأطباء ، في يوم الخميس تاريخ 9/3/2006 في نادي " الرابطة الأخوية " - بستان الديوان .



وداعـــاً طــفــل النّور
" إلى الصديق المرتحل الشاعر سعيد السطـلي في حفل تأبينه " .
د. شاكر مطلـق

هلْ وقـفـنـا الآنَ
نـبـكـي مـن جـديـدٍ
رِحـلـةَ الـطـيـن الـغـريـبـهْ
أمْ تـَرى نـبـكـي الـمُريــدْ ؟ !

كلُّ شيْ كـان وهـمــاً
و ســرابـاً مـن رؤانــا
أم مــرايـا مـن حـديـدْ ؟ !

كـلَّـمــا هِـمـنـا سُـكـارى
و كُـتِـبـنــا و كَتَـبـنـا
بـعـضَ حــالاتِ هــوانــا
فــوق ألــواح القـلــقْ
فــي صــحارى مـن جـلــيدْ
كـان شــيءٌ يـقـتـفـيـنــا
بـاعـثــاً فـيـنـا الأرقْ .

كـان ظــلُّ الـعَـدمـيـَّـهْ
قـائـمــاً فـيـنـا و يـقـتـاد خـطـانــا
فــوقَ أشـــواكِ الـطــريــقْ
- دون أن ، نــــدري لــمــاذا ؟ _
نــحــو وجــه لا يـــرانـــا
أو نـــرى فــيــه الـبــريــقْ .

لــمْ نـجـد فـي الــطّــورِ إلاَّ
لـحـدَنــا الــفـارغَ يـعـلوه الـحـريــقْ
و طـــيـــورُ الــــــروحِ
فـي بـسـتـانـهـا الــذاوي تـنــوحْ
و تــــنــــاجـــي
زمــن الـحـلْـــمِ الـعـتـيـــــقْ
كــيــفَ وافــاهُ الـذُّبــــولْ
و أتــاه الــمــوجُ مــن كـلِّ الـجـهــاتْ
و هــو عــريــانٌ غـــريــقْ .
* * * *
مـنــذ قــامَ الــفــكــرَ فـيـنــا
مـن سُــبـاتٍ أزلــــــــيًّ
مـعـلــناً بـــدْءَ الـخَـلـيـقــهْ
فـي دخــــول الأبـجـديـــــهْ
و انــتــهــاءَ الـمـعـجــزاتْ
رافــعــاً فــوقَ ربـانــا
كـلَّ رايــاتِ الــعــبــورْ
لانــتــشــارٍ فــي الجــهــاتْ
و اخـتـراقٍ لـلـحــضــورْ
لا نــرى ظـلاً ســـــوانــا
آنَ يـرمـيـنــــا السّــــؤا لْ
فــي كــهــوف الشــّك حـيـنـــاً
ثُــمّ حـيـنـاً للــمُـحــالْ
لـنــرى كـيـف الـحـقـيـقـهْ
تـتـلـــوى مـثـلَ أفــعــى
تــحـــت قـوس الـجُـلـجـُلـهْ ...
* * *
أيّـهـا الــمـقــبــور فــيـنـا
لَــمْ تــجـيءْ هـذا الـمـســـاءْ
لــتـُريـنـــا
وردةَ الـشِّــعـر البــَهــيـّـهْ
فـي جـبـيـن الـشـّــعــراءْ
و لـقـــــاءِ الأوفـيـاءْ
مــا الــذي قـــــادَ رؤاكْ
- مـثـلـمـا " النـوق الـعِـطـاش " –
للـمـتــاهـاتِ الـبـعـيــدهْ
خـلْـــف كُـثـبـان الــرمـــــالْ ؟
لـتــرى مـا لا نــراهْ
و تــرى " الـعـاصـي " نـبـيــــاً
قـد يُـنـاديـكَ لـتُـــروى
و يـواسـيـكَ لـتَـقـوى
فـي ارتـحـالِ الـقــلـبِ
مـنـهُـوكــاً يـنــادي
ربـــَّةَ الـشـــعـرِ لـتـأتــــي
بـخــلاص الـعـاشـقـيـنْ
أو يَــرشَّ الـعــطــرَ
فــي مـنـديـلـكَ الـدّامــي
لـتـعـطـي عـاشـــقَ الــنّــخـلِ
قـلـيــلاً مـن دمــوع اليـاســمــيــنْ
و هـو فـي " الـوَعــرِ " يـنـادي
"ديـكَــه " الـتّـائـهــهَ فـي الـقـَفـرِ
لـعـلَّ الـقـَفـر يـحـنــو
و يـعـيـــدْ
طـفـلَ نـورٍ صـارَ طـيـراً
فـي الـبـوادي و الـشَّــتـاتْ
نـحـو أمـواه " الـفــراتْ "
و إلى " حـمـصَ الـعَـديّـــهْ "
فـيـرى الأحـبـابُ و الأصـحـابُ
فـي الـعـيـن الـنَّـديـــهْ
قـصـةَ الإنـسـان فـي رُقُـمٍ طـريـَّهْ
سـوفَ تـشـوى – ذات يـومٍ –
بـحـنـيـنٍ أو بـنــارٍ
فـي اللـيـالـي الـقــمَــريــهْ
عـنـدمـا الأشـعـارُ تَـعــلــو
مــثــل سِـــرب الـقُـبــّراتْ
ثــم نـنـهـــار جـمـيـعــاً
فــي نـشــيــدٍ أو دعـــاءْ
عـنـدمـا الـطـلـقــاتُ تــدنــو
و الــرّؤى تـمـســي ســـرابــاً
أو حـــروفــا فـي كـتــــابْ ...
* * *
غـيـر أن الـحـلْـم نــادى
و نـداءُ الــوهــم لـلـرمــل رمــاكْ
مــثــلَ عـصـفــورٍ ضــريــرٍ
عــنــدَ أبــواب الـمـديـنــهْ
لــتــرى الــنــورَ هــنــاكْ
يَــهـَـبُ الـبُــشـــرى إلــيــكْ
ثـم يـعـطـيــك الـيـقـيـــنْ
مـوقـظــاً فـيــكَ الـحـنـيـنْ
لانـتـشــار فــي الـسَّــديــمْ
و طــقــوسٍ أزلــيــهْ
بــعــد أن صــرتَ ســـويـّـا
و اســـتـوتْ فـيـكَ الـقـضـيــهْ
و تــأهّـبـت لـتـدنــو
مـن تـخــوم الأبــديــهْ
دون أن تـحـمـل للــنــورِ
سـِـــــواكْ …

عــاريــاً يـمـشــي طـريـقـهْ
فـي حُـبـورٍ و ثـبــاتْ
خـالـيأً مـن كـلّ شــيءٍ
خـالـعــــاً ثــوب الـشَّــتـاتْ
و خـطـايــا الـكـائـنــاتْ
لــتــرى الأزهــارَ تـنـمــو
دون مــاءٍ أو هـــواءْ
لـتــرى كـيــفَ الـضّـيــاءْ
يـغـسـل الــرّوحَ فـتـغـدو
فـي خــلايـاه الـطـّـريـــهْ
بــذرةً ، فـي الـكــون ، تـعـلـــو
بـنـشـيـد الـصّـمـتِ
و الـصّـمـتُ بـلـيــغٌ
فـي ضـجـيـج الـكـلـمــاتْ
فـتـرى الـبـرزخَ وهــماً
و الـتـقــاءُ الـبـحـر بالـبـحـر ســرابـا
و تــرانـي فـيـكَ أحـيــا
و تـرانــا فــي رؤا كْ
حُـلْــمَ صـيـفٍ و قـصـيـد هْ
و أضـاحــي و طــريــد هْ
و ســؤالاً ســـرْمــديــاً
راعــه عــمــق الـجــوابْ
فـاطــرق الـبــابَ " ســعـيـداً"
و لـتـكـن حــراً ولــيــداَ
فــوقَ أعـشــابٍ نــديـــهْ
في بساتين الضّياءْ
أنــتَ طـفــل الـنّــورِ
لا يـغـفــو بـأرضٍ
و لـتـكـن " حـمـصَ" الـعَـديَّــهْ
قــبــركَ الــرّوحـيُّ فـيـنـــا
و لـيـكــنْ فــيــه الـســـلامْ ...
===========
د. شاكر مطلق
حمص -سورية6 / 5 / 1999

*) عمل الصديق الشاعر ، كمدير للمركز الثقافي العربي في حمص و" نواكشوط – موريتانيا " ، وتوفي في الحجّ إبان رمي الجمرات .


وداعاً ... أيها الفَخَّار
( إلى الصديق المرتحل الشاعر نصوح فاخوري )
د. شاكر مطلق

فَلتُغلَقِ الشُّرُفاتُ _ بعدَ الآنَ _
قَـدْ رحَلَ المغنِّي
من دونِ زادٍ أو مَتاعٍ
و" مسافراً في العاصفـهْْ "
كي يغلِقَ السَّفَرَ الطَّويلَ
بما يَليقُ من المعاني
إبَّانَ يدعونا الوفاءُ
إلى فضاءِِ الفاجعهْ
وإلى أقانيمِ الوَداعْ
يعطي لنا بعضَ العَزاءْ
فالطَّير فرَّتْ راجعهْ
تبغي بروجَ الذِّكرياتْ
والرّوحُ رهنُ الفاجعهْ
ترثي رفاقاً لمْ يكونوا
رهْنَ آلهةِ الظَّلامِ
وما تواروا في الشَّتاتْ
رغمَ الجراحِ النَّازفهْ ...

عمْرٌ من التَّجوالِ
في بطنِ الحياةْ
من أجلِ أنْ يَصِلَ الرَّغيفُ
إلى بطونِ الجائعينْ
ويعُمَّ في الأرضِ السَّلامْ
ما كانَ هذا بالكلامِ
ولا بحُلْمٍ خلَّبيٍّ
في بروجٍ أو رصيفْ
بلْ كانَ وعياً في سفَرْ
نحو الأماني العالياتْ
بالرُّغمِ مِن عبثِ اللَّيالي
بالقصيدةِ والمعاني
ظَلَّ المغنِّي يَنتظرْ
صوتَ الجموع الزَّاحفهْ ...

يا أيها الفَخَّارُ فَـخِّرْ
جرَّةً من طينَ ( حمصَ )
لنسكُبَ ( العاصي ) العليلَ
على قلوب العاشقينَ
الرَّاحلينَ إلى مداهْ
كي يَدخُلوا سفَراً طويلْ
يُنْبي بقُربِ العاصفهْ
ليُفجِّرَ الأحزانَ فينا
في قصائدَ مُطفَّاتٍ
مِن نبيذٍ أو قمرْ
العُمْرُ يمضي في خَدَرْ
فَنخالُ مِن سودِ الحجارةِ
سوفَ يُبنى قبرُنا
في ( تل نصرٍ ) لا يبـيـنْ
الشَّكُّ فاتحةُ اليقينِ
وبَدْءُ هَجْماتِ ( المغولِ )
على ثغورٍ فارغاتٍ
فوقها الغِربان ترنو
للخرابِ المُنتَظرْ
وإلى خيولٍ مِنْ حديدٍ
في صحارى تُـحتَضَرْ
مَن يُسعفُ الروحَ الحزينَ
وقد تماهى في حجَرْ
مِن بعدِ أن خَبِرَ الكلامَ
وكلَّ حالاتِ المطرْ
لمْ يَجْنِ مِن ثَمرِ العَطاءِ
ومِن وفاءِ العارفينْ
بأريجِ شِعرٍ مُبتكرْ
يَنزاحُ مِن قلب المغنِّي
مِن قلبِ شيخٍ يُحتَضرْ
إلاَّ قليلاً مِن دموعٍ
أو وفاءٍ أو رثاءْ
والشَّيخُ يذوي في السِّنينْ
لَمْ يَبْغِ مِن أحدٍ سوى
حبٍّ كزهرِ الياسمينْ
يكفيهِ في زمنٍ عقيمْ
وَشْمُ الكرامةِ في الجبينْ
وبرغمِ آلامِ الرَّحيلْ
فالرّوحُ ليستْ خائفهْ ...

يا ناصِحاً جيلاً مضى
اِنصحْ لنا ألاَّ نكونْ
إلاَّ رجالاً صادقينْ
إبَّانَ تدعونا القصيدةُ
كي نكونَ الصَّامدينْ
في هَوْجَةِ الإعصارِ
كي نبني الحياةْ
مِن أجلِ أبناء الحياةِ القادمينْ
ونكونَ جسراً للعبورِ
إلى الخلاصِ المُنتظرْ
ونرى خيولاً آزفهْ ...
==============
حمص _ تل الشّور 8/12/2002
د. شاكر مطلـق

*) من أعماله الشعرية مجموعة " مسافرٌ في العاصفه " .


وَداعُ النَّخيلِ
إلى الصديق الشاعر المُرتَحِل " ياسين فرجاني " (*)
د. شاكر مطلق

طيورٌ على النّخلِ تَرنو بعيداً
تُسائلُ في الصُّبحِ : أينَ الحبيبْ ؟
وتَدْمـرُ - في الحزنِ - تومي إليها :
جَفانا وغابَ ، وما مِنْ مُجيبْ
تَـرحَّلَ عنّا ، وكنّا صِحاباً
وما عادَ يأتي ، ولا يَستَجيبْ
وما عادَ يَكتبُ عنّـا سطوراً
من الشّمسِ جاءتْ تُنيرُ المَغيبْ
فيا طيرُ بَلِّغْ رُعاةَ البَوادي
وبلِّغْ ملوكَ المكانِ العجيبْ
وأخْبـِرْ مَـليكةَ تَدمرَ أنَّـا
غدَوْنا ظلالاً بقَـفرٍ رهيبْ
لقدْ كانَ منـّا ، وكنَّـا نَدامى
وإنْ غابَ عنّا ، سيبقى قريبْ
أناشيدَ حبٌّ حفِظـْنا ، ستَحيا
تُـعشِّـشُ في الرّوحِ حتّى نَغيبْ
سلاماً سلاماً لنَسْرِ البوادي
تَخونُ الرّياحُ الجناحَ الأريبْ
فيَهوي وقاراً إلى جِذْعِ نَخلٍ
ويَطوي جناحيهِ عند المَغيبْ
نشيدٌ حزينٌ يجولُ البراري
يُذَكِّرُ دوماً بصَبٍّ لبيبْ
ويُوقِظُ " أفْـقا " فيَجري دموعاً
ويسقي النَّخيلَ كؤوسَ الحبيبْ
وفي حِضنِ " عاصي الخَرابِ " السَّواقي
تَئنُّ وتَشكوا زماناً عَـجيبْ...
======================
حمص – سورية د. شاكر مطلـق
E-Mail:mutlak@scs-net.org

(*) ألقيت في حفل تأبين الشاعر المرتحل ياسين فرجاني في المركز الثقافي في حمص بتاريخ 2/7/2007 ’وكان المرحوم – المولود في " عروس الصّحراء تدمر " - من كبار ضباط الوحدة مع مصر ، وعمل محافظاً في مدينة حماة ، وكان جاراً وصديقاً للمرحوم الوالد منذ ستة عقود ينشدان الشعر معاً .
--------------------------

الدكتور شاكر مطلق
08/06/2008, 10:03 PM
" هو الذي رأى كلَّ شيء " د.شاكر مطـلق
( إلى الصديق المرتحل الشاعر محمد عمران )

الكشفُ الأولُ:
تتكسَّرُ الأمواجُ – في غضبٍ-
على الصّخر الطّريِّ
تَدقُّ أبوابَ المدينـةِ
تسـأل الشّطآنَ – في عَجبٍ-
لمـاذا
شـاعرُ الأنـواءِ والـرُّؤيا
عن الأصـدافِ
في عجَلٍ ذهَبْ
من دون أن يطوي الشِّراعَ
ويطفئَ المصباحَ في أعلى السَّفينهْ
وكأنَّـهُ – فـوراً- يعودْ ؟!

هلْ أزعجِته الرِّيحُ
- آنَ المَـدُّ جـاءَ –
وكان يحكي للنَّوارسِ
عن حـواري الماء
أسـفاراً غـريبـهْ ؟
يحكي لنَحْلاتِ البنفسجِ
عن أساطيرِ الجُدودِ
ويقرأ الأيَّامَ في فصْل الخَرابِ
وطالَعَ الشِّعر العجيبْ؟
فيرى القوافي قادماتٍ
تسْتَحقُ الأحلامَ في بحر الَّتجلِّي
والمواني مُقـفلاتٍ
والمناراتِ انطفاءْ
ويرى – على الأمواج – وجهاً
آنَ يّشتَدُّ الضّبابُ
ولا يُداني كي نراهْ
إبانَ تنفـلتُ الحَواسُ
من القيود الأربعهْ
وتخطُّ – من نورٍ- مُصفّى
وردةَ الكشْفِ البَهيِّ
على المياه الدَّاكناتِ
بدونِ شكْلٍ أو مكانْ
من غير أن يَلقى على الألواحِ
بَـدْءَ الدَّائـرهْ
إلاَّ ظلالاً حائرهْ
ترنو بصمتٍ
بَـلْ تعانـي
والشَّيخُ شيخُ البحرِ
يدنو بالمعاني
من طيور الرُّوحِ في دَغْل القصَبْ!
هَلْ كان كالعَرَّافِ
في الطُّور المقدَّسِ
يُشعل النّيرانَ في الكَلماتِ
يُهـدي التَّائهيـنْ
لصَبوح كشفٍ أو قصيدهْ؟
وكأنّه السـاقي ولا يدري
بكأسٍ قد تدَنـَّسَ
في أكُفِّ الجاهلينْ
فيَهيمُ – مَكْسورَ الجناحِ-
على مياه الحلْم للجُزر البعيدةِ
في ثَباتِ العارفينْ؟!

** ** **



الكَشْفُ الثَّاني:

آخرُ النَّجوى غناءٌ في الرَّمَـلْ
فليكنْ منه الغناءْ
وعتابُ الأصدقاءْ!
أيّها الرَّائـي الذي عنّا نأى
قلْ لنا ماذا رأيتْ ؟
عندما غلَّقتَ – من دون ضجيجٍ-
حانة العشقِِ وما كنتَ ارتويتْ؟!
ما الذي أبقاكَ في " شُعب بُوانٍ"
في " جدارٍ من جليدٍ " – هائماً-
حتى انتَشـيتْ؟!
كنتَ في الرُّؤيا ؟
أمْ الرُّؤيا سرابٌ
لا تُري الشَّاعرَ إلاَّ
ظِلَّ أسرار الحياةْ
وعذابَ الكائناتْ
عندما الطينُ على " بَّوابةِ الهند " ينادي
لخلاصٍ مُرتَقَبْ
كيْ يظلَّ الشّعرُ مِصباحاً
ينيـرُ الـدَّائـرهْ
ويواسي المُتعبيـنْ
في كهوفِ الذَّاكرهْ؟!

كنتَ في الحُمَّى تُصلَّي
لخلاصِ الرّوح من فَصل الوباءْ
أمْ تَرى كنتَ تغنّي
لغزالِ الرّوحِ كي يَدنو إلينا
سيّدُ العشقِ بطَوْقِ الياسمينْ؟
يُبعدُ الأشبـاحَ عنـّا والمُدى
كيْ يظلَّ الحبُّ فينا
صافيـاً مثلَ النَّـدى
فنرى في " الأزرقِ "
" الأحمرَ "
يمتـدُّ شـراعـاً
لفضاءٍ لا يرانا فنراهْ
بين شَـكٍّ ويقينْ
بعد أن صارتْ طيورُ الشّعرِ
نهباً كالطّريدهْ
وانتهى دربُ الوعولْ
- لينابيعِ القصيدهْ –
تحت ظلِّ المـقْـصَلهْ

أيُّها البحرُ!
أما زلتَ حزيناً؟
نحن ما زلنا كما الموجِ
ندقُّ، الآنَ، أسوارَ المدينهْ
نسأل الشاعرَ لو يُلقي التّحيهْ
لوَداعِ الأصدقاءْ
ووداعِ البحر والأصدافِ
يعطينـا البقـيّهْ
من رؤى كان رآها
في شِباكِ العارفينْ
كي نواسي الياسمينْ
وهو يحكي للبنفسجْ
قصّةَ الشاعرِ والتَّرحالِ
في بحر المعاني
ليظلَّ الشّعرُ من نورٍ مُصفّى
وملاذَ الهائمينْ

أيها الشاعر " عِمرانُ " وداعاً
وعلى الرَّائي السلامْ
وتأهبْ – يا صديقي! –
للكُشوفاتِ الجديدهْ
آنَ يدعوكَ المقامْ!
================
د.شاكر مطلق
حمص-سورية 18 /12 /1996 .

*) ألقيت في حفل تأبين الصديق الشاعر المرحوم الشاعر "محمد عمران" في المركز العربي الثقافي في طرطوس – سورية بتاريخ 22 /12 /1996 ونشرت ضمن مجموعة قصائد التأبين في كتاب خاص صدر عام 1997 ،تحت عنوان آخر للقصيدة هو : من " ملحمة كلكامش " .
**) الأزرق والأحمر والبنفسج ... من مجموعات المرحوم الشعرية ، وكان قد زرع كُليةً في الهند .






نَواقيسُ الغياب

(إلى الصديق الشاعر المرتحل د.عبدو مسّوح )



د.شاكر مطـلق




نَواقيسُ الغياب ( * )
د.شاكر مطلق
( إلى الشاعر المرتحل د . عبدو مسّوح )

دَقّتْ نواقيسُ القصيدةِ
عندما حَلّ المَغيبُ
وآنَ وقتٌ لارتحالٍ
في الفضاءاتِ البعيدةِ
خلْفَ قَنطَرةِ العبورِ
ولا مكانٌ ، لا زمانْ
يَـتبدّى ... فيكونْ
بلْ حياةٌ في السّكونْ
لا عتيقةُ ، لا جديدةُ
مثْلَ شلاّل الضّياءِ
تَسيلُ في عمْق الفضاءِ
من النّقاءِ إلى النّقاءْ
من دون آثام التّرابِ
ودون آلام الصّليبْ
لتُعلّمَ الطّينَ الطّريَّ
تّجلّياً بعْدَ الغِيابِ
تَجاوُزاً كلَّ الحدودْ
مِنْ دون شكْـلٍ أو وجودْ
وتُعلّمَ الشّعراءَ آدابََ الحُضورِ
على البساطِِ بلا قيودْ
ليصيرَ روحُ الرّوحِ نوراً
غامراً عتْمَ المَجرّةِ
بالمَحبّةِ والمَسرّةِ
لا تُوافيه المَنايا
بَعْدَ قَنْطرةِ العُبورِ
وخَوْضِ مَطْهَرةِ النُّشورْ
في ظلّ أشجار الخلودْ ...
*** *** ***
رحَلَ المغنّي في المَغيبِ
مُكفـَّناً بالأُرْجُوانِ
وفي يدَيْهِ الصَّوْلَجانُ
مِنَ المُحبّ إلى الحبيبْ
ليَشُدَّ في الرّوح الوَترْ
فيكونَ مِن هذا الرِّثاءْ
كأسُ المَحبّةِ والإخاءْ
يُعطي لنا خبزَ العَزاءْ
ومتى تَوارى في القمرْ
سيظلُّ عطْرُ اليَاسَمينْ
مِن بَوْحه الدّافي الحزينْ
يغفو كأطيار المساءْ
بين القصائدِ في الكتابْ
في كفِّ خِلاّنِ الوفاءْ...
*** *** ***
رحَلَ النِّـطـاسـِيُّ الحَكيمُ
مع القوافي في السّحابِ
فمَنْ يُواسي اليَائسينَ ؟
ومَنْ يُداوي في العذابِ ؟
وقدْ أقامَ له الَمزََارَ
على قلوبِ البَائسينَ
وكان يَشفي بالقليلِ
مِنَ الدّواءِ وبالعَزاءْ
والآنَ مِنْ فَلَـكٍ بعيدٍ
مِثلَ نجْم الماسِ يَهدي
المُتعَبينَ العاشقينَ
إلى ينابـيعِ المَحبّةِ
خلْفَ أقواس القُـزَحْ
ليُعيد َللرّوح الفرَحْ
ويُعيدَ أسئلةَ الحضورِ
من الغِيابِ إلى التّرابْ
ليقومَ مِن أرضِ الخَرابْ
شجَرُ الرّبيع المُنـتَظَرْ
ويُظلَّ أرواحَ البَشرْ
ويباركَ الأشعارَ في فصْـل اليَبابْ
إبّان يَكتَملُ القمرْ
فيعودَ للمرْجِ المغـنـّي
في عيد سيّدة المراعي
عازفاً لحْنَ الوَداعِ
مِنَ القوافي سارحاتٍ
مثْلَ غيمٍ في المطرْ
وإذا تَجلّى قَدْ نراهُ
وقَدْ يرانا لا نراهُ
سوى رياحٍ في سفَرْ
هزّتْ نخيلَ الذّكرياتِ
فسالَ دمعٌ في الحجَرْ
يَحكي عن الزّمنِ القديمْ
ليظلَّ نجْمُ الماس يَهدي
مثـْلَ عطْرِ اليَاسَمينْ
لمزارهِ الشّعريِّ فينا
والحُضورِ السّرْمَديِّ
على بساتين الحنينْ ...
=======================
حمص – سورية 2 – 2 - 2006
E-Mail: mutlak@scs-net.org

*) ألقُيت في حفل تأبين الفقيد ، الذي أقامه فرع اتحاد الكتاب العرب بحمص بمشاركة فرع نقابة الأطباء ، في يوم الخميس تاريخ 9/3/2006 في نادي " الرابطة الأخوية " - بستان الديوان .



وداعـــاً طــفــل النّور
" إلى الصديق المرتحل الشاعر سعيد السطـلي في حفل تأبينه " .
د. شاكر مطلـق

هلْ وقـفـنـا الآنَ
نـبـكـي مـن جـديـدٍ
رِحـلـةَ الـطـيـن الـغـريـبـهْ
أمْ تـَرى نـبـكـي الـمُريــدْ ؟ !

كلُّ شيْ كـان وهـمــاً
و ســرابـاً مـن رؤانــا
أم مــرايـا مـن حـديـدْ ؟ !

كـلَّـمــا هِـمـنـا سُـكـارى
و كُـتِـبـنــا و كَتَـبـنـا
بـعـضَ حــالاتِ هــوانــا
فــوق ألــواح القـلــقْ
فــي صــحارى مـن جـلــيدْ
كـان شــيءٌ يـقـتـفـيـنــا
بـاعـثــاً فـيـنـا الأرقْ .

كـان ظــلُّ الـعَـدمـيـَّـهْ
قـائـمــاً فـيـنـا و يـقـتـاد خـطـانــا
فــوقَ أشـــواكِ الـطــريــقْ
- دون أن ، نــــدري لــمــاذا ؟ _
نــحــو وجــه لا يـــرانـــا
أو نـــرى فــيــه الـبــريــقْ .

لــمْ نـجـد فـي الــطّــورِ إلاَّ
لـحـدَنــا الــفـارغَ يـعـلوه الـحـريــقْ
و طـــيـــورُ الــــــروحِ
فـي بـسـتـانـهـا الــذاوي تـنــوحْ
و تــــنــــاجـــي
زمــن الـحـلْـــمِ الـعـتـيـــــقْ
كــيــفَ وافــاهُ الـذُّبــــولْ
و أتــاه الــمــوجُ مــن كـلِّ الـجـهــاتْ
و هــو عــريــانٌ غـــريــقْ .
* * * *
مـنــذ قــامَ الــفــكــرَ فـيـنــا
مـن سُــبـاتٍ أزلــــــــيًّ
مـعـلــناً بـــدْءَ الـخَـلـيـقــهْ
فـي دخــــول الأبـجـديـــــهْ
و انــتــهــاءَ الـمـعـجــزاتْ
رافــعــاً فــوقَ ربـانــا
كـلَّ رايــاتِ الــعــبــورْ
لانــتــشــارٍ فــي الجــهــاتْ
و اخـتـراقٍ لـلـحــضــورْ
لا نــرى ظـلاً ســـــوانــا
آنَ يـرمـيـنــــا السّــــؤا لْ
فــي كــهــوف الشــّك حـيـنـــاً
ثُــمّ حـيـنـاً للــمُـحــالْ
لـنــرى كـيـف الـحـقـيـقـهْ
تـتـلـــوى مـثـلَ أفــعــى
تــحـــت قـوس الـجُـلـجـُلـهْ ...
* * *
أيّـهـا الــمـقــبــور فــيـنـا
لَــمْ تــجـيءْ هـذا الـمـســـاءْ
لــتـُريـنـــا
وردةَ الـشِّــعـر البــَهــيـّـهْ
فـي جـبـيـن الـشـّــعــراءْ
و لـقـــــاءِ الأوفـيـاءْ
مــا الــذي قـــــادَ رؤاكْ
- مـثـلـمـا " النـوق الـعِـطـاش " –
للـمـتــاهـاتِ الـبـعـيــدهْ
خـلْـــف كُـثـبـان الــرمـــــالْ ؟
لـتــرى مـا لا نــراهْ
و تــرى " الـعـاصـي " نـبـيــــاً
قـد يُـنـاديـكَ لـتُـــروى
و يـواسـيـكَ لـتَـقـوى
فـي ارتـحـالِ الـقــلـبِ
مـنـهُـوكــاً يـنــادي
ربـــَّةَ الـشـــعـرِ لـتـأتــــي
بـخــلاص الـعـاشـقـيـنْ
أو يَــرشَّ الـعــطــرَ
فــي مـنـديـلـكَ الـدّامــي
لـتـعـطـي عـاشـــقَ الــنّــخـلِ
قـلـيــلاً مـن دمــوع اليـاســمــيــنْ
و هـو فـي " الـوَعــرِ " يـنـادي
"ديـكَــه " الـتّـائـهــهَ فـي الـقـَفـرِ
لـعـلَّ الـقـَفـر يـحـنــو
و يـعـيـــدْ
طـفـلَ نـورٍ صـارَ طـيـراً
فـي الـبـوادي و الـشَّــتـاتْ
نـحـو أمـواه " الـفــراتْ "
و إلى " حـمـصَ الـعَـديّـــهْ "
فـيـرى الأحـبـابُ و الأصـحـابُ
فـي الـعـيـن الـنَّـديـــهْ
قـصـةَ الإنـسـان فـي رُقُـمٍ طـريـَّهْ
سـوفَ تـشـوى – ذات يـومٍ –
بـحـنـيـنٍ أو بـنــارٍ
فـي اللـيـالـي الـقــمَــريــهْ
عـنـدمـا الأشـعـارُ تَـعــلــو
مــثــل سِـــرب الـقُـبــّراتْ
ثــم نـنـهـــار جـمـيـعــاً
فــي نـشــيــدٍ أو دعـــاءْ
عـنـدمـا الـطـلـقــاتُ تــدنــو
و الــرّؤى تـمـســي ســـرابــاً
أو حـــروفــا فـي كـتــــابْ ...
* * *
غـيـر أن الـحـلْـم نــادى
و نـداءُ الــوهــم لـلـرمــل رمــاكْ
مــثــلَ عـصـفــورٍ ضــريــرٍ
عــنــدَ أبــواب الـمـديـنــهْ
لــتــرى الــنــورَ هــنــاكْ
يَــهـَـبُ الـبُــشـــرى إلــيــكْ
ثـم يـعـطـيــك الـيـقـيـــنْ
مـوقـظــاً فـيــكَ الـحـنـيـنْ
لانـتـشــار فــي الـسَّــديــمْ
و طــقــوسٍ أزلــيــهْ
بــعــد أن صــرتَ ســـويـّـا
و اســـتـوتْ فـيـكَ الـقـضـيــهْ
و تــأهّـبـت لـتـدنــو
مـن تـخــوم الأبــديــهْ
دون أن تـحـمـل للــنــورِ
سـِـــــواكْ …

عــاريــاً يـمـشــي طـريـقـهْ
فـي حُـبـورٍ و ثـبــاتْ
خـالـيأً مـن كـلّ شــيءٍ
خـالـعــــاً ثــوب الـشَّــتـاتْ
و خـطـايــا الـكـائـنــاتْ
لــتــرى الأزهــارَ تـنـمــو
دون مــاءٍ أو هـــواءْ
لـتــرى كـيــفَ الـضّـيــاءْ
يـغـسـل الــرّوحَ فـتـغـدو
فـي خــلايـاه الـطـّـريـــهْ
بــذرةً ، فـي الـكــون ، تـعـلـــو
بـنـشـيـد الـصّـمـتِ
و الـصّـمـتُ بـلـيــغٌ
فـي ضـجـيـج الـكـلـمــاتْ
فـتـرى الـبـرزخَ وهــماً
و الـتـقــاءُ الـبـحـر بالـبـحـر ســرابـا
و تــرانـي فـيـكَ أحـيــا
و تـرانــا فــي رؤا كْ
حُـلْــمَ صـيـفٍ و قـصـيـد هْ
و أضـاحــي و طــريــد هْ
و ســؤالاً ســـرْمــديــاً
راعــه عــمــق الـجــوابْ
فـاطــرق الـبــابَ " ســعـيـداً"
و لـتـكـن حــراً ولــيــداَ
فــوقَ أعـشــابٍ نــديـــهْ
في بساتين الضّياءْ
أنــتَ طـفــل الـنّــورِ
لا يـغـفــو بـأرضٍ
و لـتـكـن " حـمـصَ" الـعَـديَّــهْ
قــبــركَ الــرّوحـيُّ فـيـنـــا
و لـيـكــنْ فــيــه الـســـلامْ ...
===========
د. شاكر مطلق
حمص -سورية6 / 5 / 1999

*) عمل الصديق الشاعر ، كمدير للمركز الثقافي العربي في حمص و" نواكشوط – موريتانيا " ، وتوفي في الحجّ إبان رمي الجمرات .


وداعاً ... أيها الفَخَّار
( إلى الصديق المرتحل الشاعر نصوح فاخوري )
د. شاكر مطلق

فَلتُغلَقِ الشُّرُفاتُ _ بعدَ الآنَ _
قَـدْ رحَلَ المغنِّي
من دونِ زادٍ أو مَتاعٍ
و" مسافراً في العاصفـهْْ "
كي يغلِقَ السَّفَرَ الطَّويلَ
بما يَليقُ من المعاني
إبَّانَ يدعونا الوفاءُ
إلى فضاءِِ الفاجعهْ
وإلى أقانيمِ الوَداعْ
يعطي لنا بعضَ العَزاءْ
فالطَّير فرَّتْ راجعهْ
تبغي بروجَ الذِّكرياتْ
والرّوحُ رهنُ الفاجعهْ
ترثي رفاقاً لمْ يكونوا
رهْنَ آلهةِ الظَّلامِ
وما تواروا في الشَّتاتْ
رغمَ الجراحِ النَّازفهْ ...

عمْرٌ من التَّجوالِ
في بطنِ الحياةْ
من أجلِ أنْ يَصِلَ الرَّغيفُ
إلى بطونِ الجائعينْ
ويعُمَّ في الأرضِ السَّلامْ
ما كانَ هذا بالكلامِ
ولا بحُلْمٍ خلَّبيٍّ
في بروجٍ أو رصيفْ
بلْ كانَ وعياً في سفَرْ
نحو الأماني العالياتْ
بالرُّغمِ مِن عبثِ اللَّيالي
بالقصيدةِ والمعاني
ظَلَّ المغنِّي يَنتظرْ
صوتَ الجموع الزَّاحفهْ ...

يا أيها الفَخَّارُ فَـخِّرْ
جرَّةً من طينَ ( حمصَ )
لنسكُبَ ( العاصي ) العليلَ
على قلوب العاشقينَ
الرَّاحلينَ إلى مداهْ
كي يَدخُلوا سفَراً طويلْ
يُنْبي بقُربِ العاصفهْ
ليُفجِّرَ الأحزانَ فينا
في قصائدَ مُطفَّاتٍ
مِن نبيذٍ أو قمرْ
العُمْرُ يمضي في خَدَرْ
فَنخالُ مِن سودِ الحجارةِ
سوفَ يُبنى قبرُنا
في ( تل نصرٍ ) لا يبـيـنْ
الشَّكُّ فاتحةُ اليقينِ
وبَدْءُ هَجْماتِ ( المغولِ )
على ثغورٍ فارغاتٍ
فوقها الغِربان ترنو
للخرابِ المُنتَظرْ
وإلى خيولٍ مِنْ حديدٍ
في صحارى تُـحتَضَرْ
مَن يُسعفُ الروحَ الحزينَ
وقد تماهى في حجَرْ
مِن بعدِ أن خَبِرَ الكلامَ
وكلَّ حالاتِ المطرْ
لمْ يَجْنِ مِن ثَمرِ العَطاءِ
ومِن وفاءِ العارفينْ
بأريجِ شِعرٍ مُبتكرْ
يَنزاحُ مِن قلب المغنِّي
مِن قلبِ شيخٍ يُحتَضرْ
إلاَّ قليلاً مِن دموعٍ
أو وفاءٍ أو رثاءْ
والشَّيخُ يذوي في السِّنينْ
لَمْ يَبْغِ مِن أحدٍ سوى
حبٍّ كزهرِ الياسمينْ
يكفيهِ في زمنٍ عقيمْ
وَشْمُ الكرامةِ في الجبينْ
وبرغمِ آلامِ الرَّحيلْ
فالرّوحُ ليستْ خائفهْ ...

يا ناصِحاً جيلاً مضى
اِنصحْ لنا ألاَّ نكونْ
إلاَّ رجالاً صادقينْ
إبَّانَ تدعونا القصيدةُ
كي نكونَ الصَّامدينْ
في هَوْجَةِ الإعصارِ
كي نبني الحياةْ
مِن أجلِ أبناء الحياةِ القادمينْ
ونكونَ جسراً للعبورِ
إلى الخلاصِ المُنتظرْ
ونرى خيولاً آزفهْ ...
==============
حمص _ تل الشّور 8/12/2002
د. شاكر مطلـق

*) من أعماله الشعرية مجموعة " مسافرٌ في العاصفه " .


وَداعُ النَّخيلِ
إلى الصديق الشاعر المُرتَحِل " ياسين فرجاني " (*)
د. شاكر مطلق

طيورٌ على النّخلِ تَرنو بعيداً
تُسائلُ في الصُّبحِ : أينَ الحبيبْ ؟
وتَدْمـرُ - في الحزنِ - تومي إليها :
جَفانا وغابَ ، وما مِنْ مُجيبْ
تَـرحَّلَ عنّا ، وكنّا صِحاباً
وما عادَ يأتي ، ولا يَستَجيبْ
وما عادَ يَكتبُ عنّـا سطوراً
من الشّمسِ جاءتْ تُنيرُ المَغيبْ
فيا طيرُ بَلِّغْ رُعاةَ البَوادي
وبلِّغْ ملوكَ المكانِ العجيبْ
وأخْبـِرْ مَـليكةَ تَدمرَ أنَّـا
غدَوْنا ظلالاً بقَـفرٍ رهيبْ
لقدْ كانَ منـّا ، وكنَّـا نَدامى
وإنْ غابَ عنّا ، سيبقى قريبْ
أناشيدَ حبٌّ حفِظـْنا ، ستَحيا
تُـعشِّـشُ في الرّوحِ حتّى نَغيبْ
سلاماً سلاماً لنَسْرِ البوادي
تَخونُ الرّياحُ الجناحَ الأريبْ
فيَهوي وقاراً إلى جِذْعِ نَخلٍ
ويَطوي جناحيهِ عند المَغيبْ
نشيدٌ حزينٌ يجولُ البراري
يُذَكِّرُ دوماً بصَبٍّ لبيبْ
ويُوقِظُ " أفْـقا " فيَجري دموعاً
ويسقي النَّخيلَ كؤوسَ الحبيبْ
وفي حِضنِ " عاصي الخَرابِ " السَّواقي
تَئنُّ وتَشكوا زماناً عَـجيبْ...
======================
حمص – سورية د. شاكر مطلـق
E-Mail:mutlak@scs-net.org

(*) ألقيت في حفل تأبين الشاعر المرتحل ياسين فرجاني في المركز الثقافي في حمص بتاريخ 2/7/2007 ’وكان المرحوم – المولود في " عروس الصّحراء تدمر " - من كبار ضباط الوحدة مع مصر ، وعمل محافظاً في مدينة حماة ، وكان جاراً وصديقاً للمرحوم الوالد منذ ستة عقود ينشدان الشعر معاً .
--------------------------

محمد حسين بزي
09/06/2008, 12:51 AM
الأستاذ النبيل الدكتور شاكر المطلق
بعد التحية والاحترام

لا أدري من أين أبدأ بوصف رحلة المشاعر التي احتلتني من بدائع شعرك ؟!
ولا من أين أبدأ برصف الجمل التي تتضاءل أمام سحر بيانك وكِبره؟!

لكن ما أعرفه أني أمام مدرسة شعرية شامخة المبنى وسامقة المعنى.

تفضل بقبول خالص محبتي ووافر احترامي

محمد حسين بزي
09/06/2008, 12:51 AM
الأستاذ النبيل الدكتور شاكر المطلق
بعد التحية والاحترام

لا أدري من أين أبدأ بوصف رحلة المشاعر التي احتلتني من بدائع شعرك ؟!
ولا من أين أبدأ برصف الجمل التي تتضاءل أمام سحر بيانك وكِبره؟!

لكن ما أعرفه أني أمام مدرسة شعرية شامخة المبنى وسامقة المعنى.

تفضل بقبول خالص محبتي ووافر احترامي

محمد حسين بزي
09/06/2008, 12:51 AM
الأستاذ النبيل الدكتور شاكر المطلق
بعد التحية والاحترام

لا أدري من أين أبدأ بوصف رحلة المشاعر التي احتلتني من بدائع شعرك ؟!
ولا من أين أبدأ برصف الجمل التي تتضاءل أمام سحر بيانك وكِبره؟!

لكن ما أعرفه أني أمام مدرسة شعرية شامخة المبنى وسامقة المعنى.

تفضل بقبول خالص محبتي ووافر احترامي

أشرف دسوقي علي
10/06/2008, 05:18 PM
أدب المراثي , لم نستمع فترة طويلة الي هذه المسميات , وصار الشعر كالماء النقي _لكن من حيث المواصفات فقط_لالون , ولا طعم ولا رائحة , حتي بعض الاغراض الشعرية , كالرثاء اما تكتب علي غرار القدماء فتأتي مسخا باهتا , واما يحاول البعض التجديد فلا , نجد شيئا يمكن قراءته , ولا استطيع أن أقدم قراءة نقدية في هذه العجالة , ولكن أقول رأيي كمتلقي هنا , في هذه المراثي البسيطة السهلة الحقيقية , وأعني بالحقيقية أي التي استطاع صاحبها أن يجعلنا نشاركه فكره ووجدانه في كثير مما قال , علاوة علي شئ شديد الاهمية , أن الشاعر لم يكتب شطرا يستجدي فيه مشاعرنا , ولم يصرخ أو يندب" المرتحل" كما أسماه , وان كنت اخذ عليه قوله في هذه الشطره ___ أيها المقبور فينا ___ والتي اعتقد أنه لم يكن موفقا فيها , لاكثر من سبب, الاول التناص مع الشطرة التاريخية " أيها المبعوث فينا " مع اختلاف المقام والتجربة , الثاني , لا يليق أن أنادي عزيزا لدي بالمقبور , _فعلي حد علمي أن للفظ دلاله سيئة خليجيا وعربيا , علاوة علي الدلاله السيئة للفظ علي مستوي الطرح اللغوي ذاته .....الا انني قد صدقت المراثي في مجملها وتعاطفت مع " المرتحلين", وكأني أعرفهم شخصيا من قبل ..........تحياتي

الدكتور شاكر مطلق
16/06/2008, 12:47 PM
أطيب تحياتي وشكري على تعليقكم .
كنت أخال أن عبارة " أيها المقبور فينا " ستثير ذاكرة القارئ بما لها من دلالات فكرية وفلسفية ونفسية أيضاً ، ولكن على ما يبدو أنني أخفقت في إيصالها حتى إلى زميل مختص في علم النفس .
القصور يقع إذن على عاتقي وشكراً على أية حال .
مع تحياتي د. شاكر مطلق