المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تناقضات نزار قباني في سيرته الذاتية



عبدالكريم يحيى الزيباري
09/06/2008, 12:52 PM
[align=right]تناقضات نزار قباني في سيرته الذاتية
عبد الكريم يحيى الزيباري
نحن بحاجة ماسة وضرورية الى فتح حوار ونقاش حول السيرة الذاتية لبعض الشخصيات التي يعتبرها البعض فوق الحقيقة
كتب نزار قباني(1923-1998) سيرته الشعرية في(قصتي مع الشعر/1974)لكنَّها لم تكن بالتأكيد سيرة شعرية، ويقول في بداية مقدمته التي سمَّاها إضاءة(قبل أن يقصَّني النقاد ويفصلوني على هواهم، قبل أن يخترعوني من جديد. ثلاثة أرباع الشعراء من فيرجيل إلى شكسير إلى دانته، إلى المتنبي، من اختراع النقاد، أو من شغلهم وتطريزهم على الأقل).

ماذا يعني باختراع النقاد؟ بأحسن الاحتمالات: أنَّ النقاد أولوهم اهتماماً أكثر مما يستحقون، ولولا النقاد لما سمعنا بهم، أو أنَّ النقاد استنتجوا سِيَرَهَمْ التي لم تكن سِيَرَهَمْ، أما أسوأها، فإنَّ هؤلاء لم يكونوا شعراء، ولكنَّ النقاد صنعوا منهم شعراء، وهو ما نستبعده، لكن ما يهمنا الأنا المتعالية جداً جداً، بحيث كان بكل سهولة قد وضع نفسه فوق كل الشعراء، ولولا هؤلاء الذين ذكرهم من اختراع النقاد، ما كان قباني سيقرأ الشعر؟ ولو أنَّ قباني لم يقرأ شعراً في حياته فكيف كان سيكتب شعراً؟ وفي هذا الكتيب أوردَ قباني مئات التعاريف للشعر، بعضها يناقض بعضها الآخر(الشعر نباتٌ داخلي من نوع النباتات المتسلقة التي تتكاثف وتتوالد في العتمة. إنَّه غابة من القَصَبْ لا يعرف خريطتها إلاّ من راقبها وهي تكبر في داخله، شجرة، شجرة-قصتي مع الشعر-ص10)
(الشعر حصانٌ جميلُ الصهيل-ص21)
(الشعر وحشٌ خرافيّ لم يره الناس- ص23)
(الشعر سائل شديد التبخر والتمدد، وإفراز إنساني لا يطيقُ سكنى الأوعية والقوارير- ص24)
وينقض كل هذا فيقول: (إنَّ المعرفة بما نفعله يعطّل الفعل. تماماً كما يرتبك الراقص حين يتأمل حركة قدميه- قصتي مع الشعر-ص19)
وبهذا التعريف فلا أحد يعرف خريطة الشعر، والنباتات التي تنمو في العتمة تختلف بالتأكيد عن غابات القَصَبْ، وإن قيل هو مجاز، فقباني هنا يتكلم كناقد، كناثر لحَبِّهِ، لا كشاعر كيما يقال هو لا يعني ما يقول ظاهراً، ثمَّ يقول: (الكتابة هي إحداث خلخلة في نظام الأشياء وترتيبها. هي كسر قشرة الكون وتفتيتها. ولأنَّ الشيءَ المكسور يدافع دائماً عن نفسه بالصراخ والضوضاء-قصتي مع الشعر-ص14).
ثمَّ يُجَنِّسُ نصه(هذا الكتاب سيكون نوعاً من السيرة الذاتية. والسيرة الذاتية تكاد تكون مجهولة في تاريخ أدبنا..حديث النفس للنفس في بلادنا مكروه، نحن لا نفهم المونولوج الداخلي، ونعتبره نوعاً من الغرور والنرجسيّة-ص15)
(كيف يمكنني أن أكون موضوعياً حين أكون أنا الموضوع؟-ص25)
نعم صحيح لأنَّه من الصعب أن يتحدث الإنسان عن ذاته ولا يخطأ، وإذا قلنا للمغرور أخطأت، أجاب: أنت لا تفهم، أو يسب ويشتم.
(الشعر هو الرقص، والكلام عنه هو علم مراقبة الخطوات...الشعر رقصٌ باللغة..رقصٌ بكل أجزاء النفس-ص19).
فالنقد عند قباني هو مراقبة كيفية قيام الشاعر بكتابة الشعر، يا لها من نظرية نقدية عظيمة، لا تقلُّ أهميةً عن اكتشافات الشكلانيين الروس.
(إنني أكتب الشعر ولا أدري كيف..كما لا تدري السمكة كيف تسبح، والعصفور كيف يطير- ص20)
ثم يتكلم عن مولده بفخامة لا مثيل لها، ولد في الربيع(الأرض وأمي حملتا في وقت واحد...ووضعتا في وقت واحد- ص26)
(ولدت في بيت من بيوت دمشق القديمة، وكان حي الشاغور حيث كنا نسكن، معقلاً من معاقل المقاومة(ضد الانتداب الفرنسي)..إلى الزعماء السياسيين يقفون في إيوان منزلنا ويخطبون في ألوف الناس، مطالبين بمقاومة الإحتلال الفرنسي..وفي بيتنا في حي مئذنة الشحم كانت تعقد الاجتماعات السياسية ضمن أبواب مغلقة وتوضع خطط الإضرابات والمظاهرات ووسائل المقاومة-ص27)
كتب الاحتلال خطأ إملائي حيث وضع الهمزة تحت الألف، وهي تكتب بدون همزة، وكيف لباحة منزل أن تأوي ألوف الناس؟ ولو أنَّ آخر من حي الشاغور كتب سيرته لقال أن منزله كان معقلاً من معاقل المقاومة، أو كان قباني في حيٍّ آخر لقال عنه معقل المقاومة، ومن أين جاء بألوف الناس في عام 1930، ليجمعهم في بيت من بيوتات دمشق القديمة؟ وكيف يكون بيته في حيين في آن واحد(حي الشاغور وحي مئذنة الشحم)هل للحيين اسمٌ واحد؟ فما مغزى عدم إفصاحه عن تعدد أسماء حَيِّهِ؟ هل للحيِّ اسمٌ حركي؟ هل للحي اسمٌ شعري وآخر نقدي وثالث تاريخي ورابع قديم وخامس حداثوي؟
وها هو بيت المقاومة يتحول إلى شيء آخر: (هل تعرفون معنى أن يسكن الإنسان في قارورة عطر؟ بيتنا كان تلك القارورة-ص31).
(هذا البيت الدمشقي الجميل استحوذ على كلّ مشاعري وافقدني شهيَّة الخروج إلى الزقاق..ومن هنا نشأ عندي هذا الحس البيتوتي-ص33)
(أسرتنا من الأسر الدمشقية المتوسطة الحال، لم يكن أبي غنيا، ولم يجمع ثروة وكل مدخول معمل الحلويات الذي كان يملكه، كان ينفق على إعاشتنا وتعليمنا وتمويل حركة المقاومة الشعبية ضدَّ الفرنسيين-ص29)
كيف لعائلة متوسطة الحال أن تدعم المقاومة؟!

ثم يقول قباني (أنا من أسرة تمتهن العشق..في الحادية عشرة من عمرنا نصبح عاشقين، وفي الثانية عشرة نسأم..وفي الثالثة عشرة نعشق من جديد، وفي الرابعة عشر نسأم من جديد..جدي كان هكذا وابي كان هكذا..وإخوتي كلهم يسقطون في أول عينين كبيرتين يرونهما، يسقطون بسهولة، ويخرجون من الماء بسهولة..وفي تاريخ الأسرة حادثة استشهاد مثيرة سببها العشق، الشهيدة هي أختي الكبرى وصال، قتلت نفسها بكل بساطة، وبشاعرية منقطعة النظير، لأنّها لم تستطع أن تتزوج حبيبها-ص71)
انتحرت عام 1938، في حياتي لمْ أسمع أحداً يطلق لقب الشهيد على المنتحر، الذي يفرُّ من عارٍ يلاحقه، أو عجزٍ يصيبه، أو هزيمة أو ما شابه، أما الشجعان فيقفون في وجه العاصفة، وسرعان ما يقفون بعد كلِّ كبوة، ولو صحَّ إطلاق لقب الشهيد على المنتحر، لكان تشجيعاً على الانتحار، وبالتأكيد أنَّ عدد اللاتي فُزْنَ بزواج الحبيب أقل بكثير من اللاتي لم يحالفهنَّ الحظ أو خدعهنَّ الحبيب.
ولم يذكر لنا قباني في مذكراته عدد اللاتي أحبهنَّ قباني ولم يتزوجهنَّ، وكم عدد(المنتحرات/ الشهيدات) منهنَّ؟ وفي فصلٍ خاص من سيرته الذاتية عنونه قباني(حبيباتي)يقول:(لا أريد في هذا الفصل أن أستعرض مواهبي الدونجوانية، ولا أنْ أجعل منه دليلاً كدليل التلفون، ترون فيه أسماء حبيباتي مرتبة حسب الحروف الأبجدية، ليس في نيتي أن أرتكب مثل هذه الحماقة...فمنهن من تزوج، ومنهن من أنجب، ومنهن من لاقى جه حبيبٍ جديد..ومنهن من ينتظر-ص136).
لو ذكر اسماءهنَّ لأقفل الباب في وجه الكثيرات اللاتي يدعين بأنَّهنَّ على راس قائمة الحبيبات. لماذا لم ينتحرن ويستشهدن كوصال؟ أليست حماقة منهنَّ أن لا يستشهدن وهنَّ لم يتزوجن الشاعر الحبيب؟ ورغم العدد الكبير من الحبيبات لكن(فإنني نادراً ما وقعتُ في الحب، خمس مرات ربما..في مدى ثلاثين عاما-ص141).
ثم يستدرك(إنَّ الدونجوانية صفةٌ لا تنطبق عليَّ أبداً، فالدونجوان، شخص عابث ومتحلل وهوائي المزاج، والحب عنده سفر طويل على أجساد كل النساء..إنه مسافر لا مرافئ له، ولا محطات، أما أنا فمسافرٌ من نوعٍ آخر، مسافرٌ لا يرفض كل المرافئ..كنت أشعر أمام المومس بوجعٍ إنساني لا نهاية له-ص147).
ليس دونجوناً برغم(إن شعر الحبّ الذي كتبته يغطي مساحة ثلاثين عاماً، رستْ فيها مراكبي على ألوف الموانئ، واصطدمت بألوف النساء- ص151) .
ويستشهد هو بقصيدة الرسم بالكلمات (فصَّلت من جلد النساء عباءة/ و بنيت اهراما من الحلمات/ لم يبق نهدٌ أبيضٌ أو أسود/ إلا زرعتُ بأرضه راياتي/ لم تبق زاوية بجسم جميلة/ إلا ومرَّتْ فوقها عرباتي- ص153).
لا أدري لماذا اكتفى بهذه البيات القليلة من قصيدة الرسم بالكلمات، بينما كان قد خصص أكثر من 10 صفحات لصوره وصور عائلته، وأعتقد أنَّه كان يجب عليه أنْ يكمل القصيدة إلى قوله(مارست ألف عبادةٍ وعبادة/ فوجدت أفضلها عبادة ذاتي).
ولقباني مشكلةٌ كبيرة مع الأرقام، فهو يتعامل معها بشاعرية، فلايعقل أنَّه يعني آلاف النساء فعلاً، ربما عشرات، كإيوان منزله الذي يستقبل آلاف الناس، إيوان كسرى في بيوتات دمشق القديمة؟ ويقول عن أمِّهَ(ظلّت ترضعني حتى سن السابعة، وتطعمني بيدها حتى الثالثة عشرة-ص73).
ولهذا السبب يرجع بعض النقاد إسراف قباني في استخدام كلمة نهد، حتى سمى مجموعته الشعرية الثانية(طفولة نهد/1948) وقال الدكتور جابر عصفور(أشبه بالحديث عن(المرحلة المصيّة)التي تشيع في شعر نزار قباني مثلاً وتتجلّى على نحوِ ما تصور المرحوم فؤاد دوارة ذات مرة في إلحاح الإشارة إلى النهود والحَلَمَات والأعضاء الجنسية للمرأة) . ثمَّ يقول قباني عن أبيه:(وإذا كانت حساسيات بعض الناس منشؤها الألوان أو الروائح أو الغبار فحساسية العائلة ملؤها القلب..كان أبي إذا مرَّ به قوام امرأة فارعة، ينتفض كالعصفور، وينكسر كلوحٍ من الزجاج..كانت قراءة رسالة أو ضحكة امرأة تدمره تدميراً كاملاً، كان جباراً أمام الأحداث الجسام، ولكنَّه أمام وجه حسن التكوين، يتحول إلى كوم رماد-ص73)
وهناك الكثير من الناس يعتقدون بأنَّ لديهم هذه الحساسية، كالجدّ بن قيس الذي قال ولا تبتلني برؤية نساء بني الأصفر وبناتِهم، فإنّي بالنساء مغرمٌ، فأخرج وآثَمُ بذلك، فنزل فيه قوله تعالى(وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي)التوبة-49. ومصداق تشبيهي يقول قباني(لم يكنْ أبي متديّناً..كان يصوم خوفاً من أمّي، ويصلّي الجمعة في مسجد الحيّ في بعض المناسبات خوفاً على سمعته الشعبية-ص75).
ثم يقول قباني باختراعه لغةً ثالثة، منطقةٌ وسطى بين العامية والفصحى، تحت عنوان اللغة الثالثة، وبعد أربع صفحات من العنوان يقول قباني(لن يصل بي الغرور إلى الحدِّ الذي أزعم به أنني اخترعتُ لغة...ولكنني أسمح لنفسي بأن أقول أنني طرحتُ في التداول لغةً موجودةً على شفاه الناس، ولكنَّهم كانوا يخافون التعامل بها-ص121).
هل هذه نرجسية مُتَخفية أم هذا هو التكبر بثوب التواضع؟ طالما حيَّرني، حيث كان لي صديق شاعر، محترفٌ بهذا الأسلوب، وربما كان تواضعاً حقيقياً قوله: لم اخترعها لكنني أول من طرحها للتداول، وإذا كان قباني قد كتب سيرته(قصتي مع الشعر)باللغة العربية التي أعرفها، فقد أخطأ عند قوله (بأن أقول أنني)لأنَّ بعد فعل القول لا يجوز استخدام أنَّ، إذا قصد نفسه، بل يجب استخدام إنَّ، ولننظر في هذه العبارة: قال اني أُحبّ الشِّعر. إذا كسرتَ همزة (إنّي)، فالمعنى أن هذا هو نَصُّ كلامه، أي هو المتكلم يُحب الشِّعر. وإذا فتحتها: (أنّي)، كان معنى كلامك أنه قصد أنك أنت تحب الشعر. وبالتأكيد كان قباني يقصد ذاته التي طرحت اللغة الثالثة، ولكن إذا كان قباني كتب سيرته باللغة الثالثة التي اخترعها فأنا لا أعرف إن كان قوله صواباً أم لا. وفي تقديمه لكتابه(مائة رسالة حب/1971)يقول(هذه الرسائل المائة التي أنشرها، هي كل ما تبقى من غبار حبي، وغبار حبيباتي..فأنا شاعر كان له ككل الرجال تراث من الصدق لا يخجل منه، ومجموعة من الرسائل لم يجد الشجاعة الكافية لإلقائها في النار..تراجعتُ عن عملية الحرق، والتقطت من بين أكداس الرسائل مائة رسالة، أو مقاطع من رسائل وجدتُ فيها إيقاعاً شعرياً وإنسانياً يتجاوز إطار الخصوصيات إلى إطار العموميات)
لماذا لم يجد الشجاعة؟ هل لأنَّ الرسائل دليل انتصاراته؟ وماذا يعني بأكداس؟ هذا يعني أنَّ اشعاره كلها كانت ربما رسائل غرامية قبل أن يحبسها في دواوين شعرية؟ قرأت الكثير من السير الذاتية، فلم أجد واحداً يصل إلى ما وصلَ إليه قباني والبياتي من تطرف في حب كلَّ امرأةٍ مرت به أو ابتسمت له، فالروائي أرسكين كالدويل لم أقرأ له علاقة واحدة، وما كان همه سوى الكتابة والنشر، والبعض الآخر ربما أحبَّ امرأة واحدة أو اثنتين، لا المئات والآلاف وهو ما لم يفعله حتى كازانوفا ولا دون جوان. يقول قباني بعد ذلك(ومرةً أودُّ أن أقول: إنني لا أبتغي من نشر هذه الرسائل إحراج أي امرأة أو كشف أوراقها، فالتشهير ليس من هواياتي والتشخيص لا يهمني أبداً، لأنَّ النساء يأتينَ ويذهبن، كما يأتي الربيع ويذهب، وكذلك الحب فهو مسافرٌ قصير الإقامة)
هناك مثل شعبي متداول عندنا يقول(انَّ النقود وسخ الدنيا تأتي وتذهب)ولكن الإنسان رجلاً كان أو امرأة ليس بوسخ دنيا، بل هو الغاية التي من أجلها خلق الله الدنيا وسخر له الأرض، باطنها وظاهرها وبحرها وجوها وبأنعامها، يتبوأ منها حيث يشاء، والذي لا يفهم قيمة الإنسان في هذا الوجود، بالتأكيد لا يستطيع أن يحقِّق لذاته قيمة، قال تعالى:(وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُم فِي البَرِّ وَالبَحْرِ وَرَزَقْناهُم مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُم عَلَى كَثِير مِمَّن خَلَقْنا تَفْضِيلاً )الإسراء-70، ويستطيع أن يفهم إنسانيته عندما يتحسس آلام الآخرين كأنَّها آلامه، ويشاركهم محِنَهم، ويستشعر إنسانيته حينما يوفق بين العدالة الحرية، أمَّا عندما يحقق سعادته ومتعته من خلال آلام الآخرين، كصانعي أسلحة الدمار الشامل، وصانعي عقائد الدمار الشامل والعنصرية، وظلم الإنسان لأخيه الإنسان، فيفقد إنسانيّته فيتحوّل في مفهوم القرآن إلى حيوان، لايستحقّ إسم الانسان(أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إلاّ كالأنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ).(الفرقان/44) والحب مسافرٌ طويل الإقامة، إذا لم نقل أبدي الإقامة، أما مايتحدث عنه قباني فهو لا يعدو أن يكون إعجاباً، أو نزوة أو شهوة أو قضاء حاجة لا تختلف كثيراً عن حاجة الإنسان لطرح فضلاته الصلبة أو السائلة، والمرأة إنسانٌ ضعيف، نعاملها بلطف وحنان، كالتعامل مع القوارير خوفاً عليها من الكسر، وهي أمنا أو أختنا أو ابنتنا، فمن يرضى لابنته أو شقيقته أنْ تكون نزوةً لرجلٍ شبق، يعتبرها رقماً من آلاف الأرقام؟ ولو أنَّ النساء اللاتي أحبهنَّ انتحرنَ كشقيقته الكبرى وِصال، كيما يَفُزْنَ بالشهادة، لصارَ لدينا عددٌ كبيرٌ إذن.

عبدالكريم يحيى الزيباري
09/06/2008, 12:52 PM
[align=right]تناقضات نزار قباني في سيرته الذاتية
عبد الكريم يحيى الزيباري
نحن بحاجة ماسة وضرورية الى فتح حوار ونقاش حول السيرة الذاتية لبعض الشخصيات التي يعتبرها البعض فوق الحقيقة
كتب نزار قباني(1923-1998) سيرته الشعرية في(قصتي مع الشعر/1974)لكنَّها لم تكن بالتأكيد سيرة شعرية، ويقول في بداية مقدمته التي سمَّاها إضاءة(قبل أن يقصَّني النقاد ويفصلوني على هواهم، قبل أن يخترعوني من جديد. ثلاثة أرباع الشعراء من فيرجيل إلى شكسير إلى دانته، إلى المتنبي، من اختراع النقاد، أو من شغلهم وتطريزهم على الأقل).

ماذا يعني باختراع النقاد؟ بأحسن الاحتمالات: أنَّ النقاد أولوهم اهتماماً أكثر مما يستحقون، ولولا النقاد لما سمعنا بهم، أو أنَّ النقاد استنتجوا سِيَرَهَمْ التي لم تكن سِيَرَهَمْ، أما أسوأها، فإنَّ هؤلاء لم يكونوا شعراء، ولكنَّ النقاد صنعوا منهم شعراء، وهو ما نستبعده، لكن ما يهمنا الأنا المتعالية جداً جداً، بحيث كان بكل سهولة قد وضع نفسه فوق كل الشعراء، ولولا هؤلاء الذين ذكرهم من اختراع النقاد، ما كان قباني سيقرأ الشعر؟ ولو أنَّ قباني لم يقرأ شعراً في حياته فكيف كان سيكتب شعراً؟ وفي هذا الكتيب أوردَ قباني مئات التعاريف للشعر، بعضها يناقض بعضها الآخر(الشعر نباتٌ داخلي من نوع النباتات المتسلقة التي تتكاثف وتتوالد في العتمة. إنَّه غابة من القَصَبْ لا يعرف خريطتها إلاّ من راقبها وهي تكبر في داخله، شجرة، شجرة-قصتي مع الشعر-ص10)
(الشعر حصانٌ جميلُ الصهيل-ص21)
(الشعر وحشٌ خرافيّ لم يره الناس- ص23)
(الشعر سائل شديد التبخر والتمدد، وإفراز إنساني لا يطيقُ سكنى الأوعية والقوارير- ص24)
وينقض كل هذا فيقول: (إنَّ المعرفة بما نفعله يعطّل الفعل. تماماً كما يرتبك الراقص حين يتأمل حركة قدميه- قصتي مع الشعر-ص19)
وبهذا التعريف فلا أحد يعرف خريطة الشعر، والنباتات التي تنمو في العتمة تختلف بالتأكيد عن غابات القَصَبْ، وإن قيل هو مجاز، فقباني هنا يتكلم كناقد، كناثر لحَبِّهِ، لا كشاعر كيما يقال هو لا يعني ما يقول ظاهراً، ثمَّ يقول: (الكتابة هي إحداث خلخلة في نظام الأشياء وترتيبها. هي كسر قشرة الكون وتفتيتها. ولأنَّ الشيءَ المكسور يدافع دائماً عن نفسه بالصراخ والضوضاء-قصتي مع الشعر-ص14).
ثمَّ يُجَنِّسُ نصه(هذا الكتاب سيكون نوعاً من السيرة الذاتية. والسيرة الذاتية تكاد تكون مجهولة في تاريخ أدبنا..حديث النفس للنفس في بلادنا مكروه، نحن لا نفهم المونولوج الداخلي، ونعتبره نوعاً من الغرور والنرجسيّة-ص15)
(كيف يمكنني أن أكون موضوعياً حين أكون أنا الموضوع؟-ص25)
نعم صحيح لأنَّه من الصعب أن يتحدث الإنسان عن ذاته ولا يخطأ، وإذا قلنا للمغرور أخطأت، أجاب: أنت لا تفهم، أو يسب ويشتم.
(الشعر هو الرقص، والكلام عنه هو علم مراقبة الخطوات...الشعر رقصٌ باللغة..رقصٌ بكل أجزاء النفس-ص19).
فالنقد عند قباني هو مراقبة كيفية قيام الشاعر بكتابة الشعر، يا لها من نظرية نقدية عظيمة، لا تقلُّ أهميةً عن اكتشافات الشكلانيين الروس.
(إنني أكتب الشعر ولا أدري كيف..كما لا تدري السمكة كيف تسبح، والعصفور كيف يطير- ص20)
ثم يتكلم عن مولده بفخامة لا مثيل لها، ولد في الربيع(الأرض وأمي حملتا في وقت واحد...ووضعتا في وقت واحد- ص26)
(ولدت في بيت من بيوت دمشق القديمة، وكان حي الشاغور حيث كنا نسكن، معقلاً من معاقل المقاومة(ضد الانتداب الفرنسي)..إلى الزعماء السياسيين يقفون في إيوان منزلنا ويخطبون في ألوف الناس، مطالبين بمقاومة الإحتلال الفرنسي..وفي بيتنا في حي مئذنة الشحم كانت تعقد الاجتماعات السياسية ضمن أبواب مغلقة وتوضع خطط الإضرابات والمظاهرات ووسائل المقاومة-ص27)
كتب الاحتلال خطأ إملائي حيث وضع الهمزة تحت الألف، وهي تكتب بدون همزة، وكيف لباحة منزل أن تأوي ألوف الناس؟ ولو أنَّ آخر من حي الشاغور كتب سيرته لقال أن منزله كان معقلاً من معاقل المقاومة، أو كان قباني في حيٍّ آخر لقال عنه معقل المقاومة، ومن أين جاء بألوف الناس في عام 1930، ليجمعهم في بيت من بيوتات دمشق القديمة؟ وكيف يكون بيته في حيين في آن واحد(حي الشاغور وحي مئذنة الشحم)هل للحيين اسمٌ واحد؟ فما مغزى عدم إفصاحه عن تعدد أسماء حَيِّهِ؟ هل للحيِّ اسمٌ حركي؟ هل للحي اسمٌ شعري وآخر نقدي وثالث تاريخي ورابع قديم وخامس حداثوي؟
وها هو بيت المقاومة يتحول إلى شيء آخر: (هل تعرفون معنى أن يسكن الإنسان في قارورة عطر؟ بيتنا كان تلك القارورة-ص31).
(هذا البيت الدمشقي الجميل استحوذ على كلّ مشاعري وافقدني شهيَّة الخروج إلى الزقاق..ومن هنا نشأ عندي هذا الحس البيتوتي-ص33)
(أسرتنا من الأسر الدمشقية المتوسطة الحال، لم يكن أبي غنيا، ولم يجمع ثروة وكل مدخول معمل الحلويات الذي كان يملكه، كان ينفق على إعاشتنا وتعليمنا وتمويل حركة المقاومة الشعبية ضدَّ الفرنسيين-ص29)
كيف لعائلة متوسطة الحال أن تدعم المقاومة؟!

ثم يقول قباني (أنا من أسرة تمتهن العشق..في الحادية عشرة من عمرنا نصبح عاشقين، وفي الثانية عشرة نسأم..وفي الثالثة عشرة نعشق من جديد، وفي الرابعة عشر نسأم من جديد..جدي كان هكذا وابي كان هكذا..وإخوتي كلهم يسقطون في أول عينين كبيرتين يرونهما، يسقطون بسهولة، ويخرجون من الماء بسهولة..وفي تاريخ الأسرة حادثة استشهاد مثيرة سببها العشق، الشهيدة هي أختي الكبرى وصال، قتلت نفسها بكل بساطة، وبشاعرية منقطعة النظير، لأنّها لم تستطع أن تتزوج حبيبها-ص71)
انتحرت عام 1938، في حياتي لمْ أسمع أحداً يطلق لقب الشهيد على المنتحر، الذي يفرُّ من عارٍ يلاحقه، أو عجزٍ يصيبه، أو هزيمة أو ما شابه، أما الشجعان فيقفون في وجه العاصفة، وسرعان ما يقفون بعد كلِّ كبوة، ولو صحَّ إطلاق لقب الشهيد على المنتحر، لكان تشجيعاً على الانتحار، وبالتأكيد أنَّ عدد اللاتي فُزْنَ بزواج الحبيب أقل بكثير من اللاتي لم يحالفهنَّ الحظ أو خدعهنَّ الحبيب.
ولم يذكر لنا قباني في مذكراته عدد اللاتي أحبهنَّ قباني ولم يتزوجهنَّ، وكم عدد(المنتحرات/ الشهيدات) منهنَّ؟ وفي فصلٍ خاص من سيرته الذاتية عنونه قباني(حبيباتي)يقول:(لا أريد في هذا الفصل أن أستعرض مواهبي الدونجوانية، ولا أنْ أجعل منه دليلاً كدليل التلفون، ترون فيه أسماء حبيباتي مرتبة حسب الحروف الأبجدية، ليس في نيتي أن أرتكب مثل هذه الحماقة...فمنهن من تزوج، ومنهن من أنجب، ومنهن من لاقى جه حبيبٍ جديد..ومنهن من ينتظر-ص136).
لو ذكر اسماءهنَّ لأقفل الباب في وجه الكثيرات اللاتي يدعين بأنَّهنَّ على راس قائمة الحبيبات. لماذا لم ينتحرن ويستشهدن كوصال؟ أليست حماقة منهنَّ أن لا يستشهدن وهنَّ لم يتزوجن الشاعر الحبيب؟ ورغم العدد الكبير من الحبيبات لكن(فإنني نادراً ما وقعتُ في الحب، خمس مرات ربما..في مدى ثلاثين عاما-ص141).
ثم يستدرك(إنَّ الدونجوانية صفةٌ لا تنطبق عليَّ أبداً، فالدونجوان، شخص عابث ومتحلل وهوائي المزاج، والحب عنده سفر طويل على أجساد كل النساء..إنه مسافر لا مرافئ له، ولا محطات، أما أنا فمسافرٌ من نوعٍ آخر، مسافرٌ لا يرفض كل المرافئ..كنت أشعر أمام المومس بوجعٍ إنساني لا نهاية له-ص147).
ليس دونجوناً برغم(إن شعر الحبّ الذي كتبته يغطي مساحة ثلاثين عاماً، رستْ فيها مراكبي على ألوف الموانئ، واصطدمت بألوف النساء- ص151) .
ويستشهد هو بقصيدة الرسم بالكلمات (فصَّلت من جلد النساء عباءة/ و بنيت اهراما من الحلمات/ لم يبق نهدٌ أبيضٌ أو أسود/ إلا زرعتُ بأرضه راياتي/ لم تبق زاوية بجسم جميلة/ إلا ومرَّتْ فوقها عرباتي- ص153).
لا أدري لماذا اكتفى بهذه البيات القليلة من قصيدة الرسم بالكلمات، بينما كان قد خصص أكثر من 10 صفحات لصوره وصور عائلته، وأعتقد أنَّه كان يجب عليه أنْ يكمل القصيدة إلى قوله(مارست ألف عبادةٍ وعبادة/ فوجدت أفضلها عبادة ذاتي).
ولقباني مشكلةٌ كبيرة مع الأرقام، فهو يتعامل معها بشاعرية، فلايعقل أنَّه يعني آلاف النساء فعلاً، ربما عشرات، كإيوان منزله الذي يستقبل آلاف الناس، إيوان كسرى في بيوتات دمشق القديمة؟ ويقول عن أمِّهَ(ظلّت ترضعني حتى سن السابعة، وتطعمني بيدها حتى الثالثة عشرة-ص73).
ولهذا السبب يرجع بعض النقاد إسراف قباني في استخدام كلمة نهد، حتى سمى مجموعته الشعرية الثانية(طفولة نهد/1948) وقال الدكتور جابر عصفور(أشبه بالحديث عن(المرحلة المصيّة)التي تشيع في شعر نزار قباني مثلاً وتتجلّى على نحوِ ما تصور المرحوم فؤاد دوارة ذات مرة في إلحاح الإشارة إلى النهود والحَلَمَات والأعضاء الجنسية للمرأة) . ثمَّ يقول قباني عن أبيه:(وإذا كانت حساسيات بعض الناس منشؤها الألوان أو الروائح أو الغبار فحساسية العائلة ملؤها القلب..كان أبي إذا مرَّ به قوام امرأة فارعة، ينتفض كالعصفور، وينكسر كلوحٍ من الزجاج..كانت قراءة رسالة أو ضحكة امرأة تدمره تدميراً كاملاً، كان جباراً أمام الأحداث الجسام، ولكنَّه أمام وجه حسن التكوين، يتحول إلى كوم رماد-ص73)
وهناك الكثير من الناس يعتقدون بأنَّ لديهم هذه الحساسية، كالجدّ بن قيس الذي قال ولا تبتلني برؤية نساء بني الأصفر وبناتِهم، فإنّي بالنساء مغرمٌ، فأخرج وآثَمُ بذلك، فنزل فيه قوله تعالى(وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي)التوبة-49. ومصداق تشبيهي يقول قباني(لم يكنْ أبي متديّناً..كان يصوم خوفاً من أمّي، ويصلّي الجمعة في مسجد الحيّ في بعض المناسبات خوفاً على سمعته الشعبية-ص75).
ثم يقول قباني باختراعه لغةً ثالثة، منطقةٌ وسطى بين العامية والفصحى، تحت عنوان اللغة الثالثة، وبعد أربع صفحات من العنوان يقول قباني(لن يصل بي الغرور إلى الحدِّ الذي أزعم به أنني اخترعتُ لغة...ولكنني أسمح لنفسي بأن أقول أنني طرحتُ في التداول لغةً موجودةً على شفاه الناس، ولكنَّهم كانوا يخافون التعامل بها-ص121).
هل هذه نرجسية مُتَخفية أم هذا هو التكبر بثوب التواضع؟ طالما حيَّرني، حيث كان لي صديق شاعر، محترفٌ بهذا الأسلوب، وربما كان تواضعاً حقيقياً قوله: لم اخترعها لكنني أول من طرحها للتداول، وإذا كان قباني قد كتب سيرته(قصتي مع الشعر)باللغة العربية التي أعرفها، فقد أخطأ عند قوله (بأن أقول أنني)لأنَّ بعد فعل القول لا يجوز استخدام أنَّ، إذا قصد نفسه، بل يجب استخدام إنَّ، ولننظر في هذه العبارة: قال اني أُحبّ الشِّعر. إذا كسرتَ همزة (إنّي)، فالمعنى أن هذا هو نَصُّ كلامه، أي هو المتكلم يُحب الشِّعر. وإذا فتحتها: (أنّي)، كان معنى كلامك أنه قصد أنك أنت تحب الشعر. وبالتأكيد كان قباني يقصد ذاته التي طرحت اللغة الثالثة، ولكن إذا كان قباني كتب سيرته باللغة الثالثة التي اخترعها فأنا لا أعرف إن كان قوله صواباً أم لا. وفي تقديمه لكتابه(مائة رسالة حب/1971)يقول(هذه الرسائل المائة التي أنشرها، هي كل ما تبقى من غبار حبي، وغبار حبيباتي..فأنا شاعر كان له ككل الرجال تراث من الصدق لا يخجل منه، ومجموعة من الرسائل لم يجد الشجاعة الكافية لإلقائها في النار..تراجعتُ عن عملية الحرق، والتقطت من بين أكداس الرسائل مائة رسالة، أو مقاطع من رسائل وجدتُ فيها إيقاعاً شعرياً وإنسانياً يتجاوز إطار الخصوصيات إلى إطار العموميات)
لماذا لم يجد الشجاعة؟ هل لأنَّ الرسائل دليل انتصاراته؟ وماذا يعني بأكداس؟ هذا يعني أنَّ اشعاره كلها كانت ربما رسائل غرامية قبل أن يحبسها في دواوين شعرية؟ قرأت الكثير من السير الذاتية، فلم أجد واحداً يصل إلى ما وصلَ إليه قباني والبياتي من تطرف في حب كلَّ امرأةٍ مرت به أو ابتسمت له، فالروائي أرسكين كالدويل لم أقرأ له علاقة واحدة، وما كان همه سوى الكتابة والنشر، والبعض الآخر ربما أحبَّ امرأة واحدة أو اثنتين، لا المئات والآلاف وهو ما لم يفعله حتى كازانوفا ولا دون جوان. يقول قباني بعد ذلك(ومرةً أودُّ أن أقول: إنني لا أبتغي من نشر هذه الرسائل إحراج أي امرأة أو كشف أوراقها، فالتشهير ليس من هواياتي والتشخيص لا يهمني أبداً، لأنَّ النساء يأتينَ ويذهبن، كما يأتي الربيع ويذهب، وكذلك الحب فهو مسافرٌ قصير الإقامة)
هناك مثل شعبي متداول عندنا يقول(انَّ النقود وسخ الدنيا تأتي وتذهب)ولكن الإنسان رجلاً كان أو امرأة ليس بوسخ دنيا، بل هو الغاية التي من أجلها خلق الله الدنيا وسخر له الأرض، باطنها وظاهرها وبحرها وجوها وبأنعامها، يتبوأ منها حيث يشاء، والذي لا يفهم قيمة الإنسان في هذا الوجود، بالتأكيد لا يستطيع أن يحقِّق لذاته قيمة، قال تعالى:(وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُم فِي البَرِّ وَالبَحْرِ وَرَزَقْناهُم مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُم عَلَى كَثِير مِمَّن خَلَقْنا تَفْضِيلاً )الإسراء-70، ويستطيع أن يفهم إنسانيته عندما يتحسس آلام الآخرين كأنَّها آلامه، ويشاركهم محِنَهم، ويستشعر إنسانيته حينما يوفق بين العدالة الحرية، أمَّا عندما يحقق سعادته ومتعته من خلال آلام الآخرين، كصانعي أسلحة الدمار الشامل، وصانعي عقائد الدمار الشامل والعنصرية، وظلم الإنسان لأخيه الإنسان، فيفقد إنسانيّته فيتحوّل في مفهوم القرآن إلى حيوان، لايستحقّ إسم الانسان(أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إلاّ كالأنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ).(الفرقان/44) والحب مسافرٌ طويل الإقامة، إذا لم نقل أبدي الإقامة، أما مايتحدث عنه قباني فهو لا يعدو أن يكون إعجاباً، أو نزوة أو شهوة أو قضاء حاجة لا تختلف كثيراً عن حاجة الإنسان لطرح فضلاته الصلبة أو السائلة، والمرأة إنسانٌ ضعيف، نعاملها بلطف وحنان، كالتعامل مع القوارير خوفاً عليها من الكسر، وهي أمنا أو أختنا أو ابنتنا، فمن يرضى لابنته أو شقيقته أنْ تكون نزوةً لرجلٍ شبق، يعتبرها رقماً من آلاف الأرقام؟ ولو أنَّ النساء اللاتي أحبهنَّ انتحرنَ كشقيقته الكبرى وِصال، كيما يَفُزْنَ بالشهادة، لصارَ لدينا عددٌ كبيرٌ إذن.

عبدالكريم يحيى الزيباري
09/06/2008, 12:52 PM
[align=right]تناقضات نزار قباني في سيرته الذاتية
عبد الكريم يحيى الزيباري
نحن بحاجة ماسة وضرورية الى فتح حوار ونقاش حول السيرة الذاتية لبعض الشخصيات التي يعتبرها البعض فوق الحقيقة
كتب نزار قباني(1923-1998) سيرته الشعرية في(قصتي مع الشعر/1974)لكنَّها لم تكن بالتأكيد سيرة شعرية، ويقول في بداية مقدمته التي سمَّاها إضاءة(قبل أن يقصَّني النقاد ويفصلوني على هواهم، قبل أن يخترعوني من جديد. ثلاثة أرباع الشعراء من فيرجيل إلى شكسير إلى دانته، إلى المتنبي، من اختراع النقاد، أو من شغلهم وتطريزهم على الأقل).

ماذا يعني باختراع النقاد؟ بأحسن الاحتمالات: أنَّ النقاد أولوهم اهتماماً أكثر مما يستحقون، ولولا النقاد لما سمعنا بهم، أو أنَّ النقاد استنتجوا سِيَرَهَمْ التي لم تكن سِيَرَهَمْ، أما أسوأها، فإنَّ هؤلاء لم يكونوا شعراء، ولكنَّ النقاد صنعوا منهم شعراء، وهو ما نستبعده، لكن ما يهمنا الأنا المتعالية جداً جداً، بحيث كان بكل سهولة قد وضع نفسه فوق كل الشعراء، ولولا هؤلاء الذين ذكرهم من اختراع النقاد، ما كان قباني سيقرأ الشعر؟ ولو أنَّ قباني لم يقرأ شعراً في حياته فكيف كان سيكتب شعراً؟ وفي هذا الكتيب أوردَ قباني مئات التعاريف للشعر، بعضها يناقض بعضها الآخر(الشعر نباتٌ داخلي من نوع النباتات المتسلقة التي تتكاثف وتتوالد في العتمة. إنَّه غابة من القَصَبْ لا يعرف خريطتها إلاّ من راقبها وهي تكبر في داخله، شجرة، شجرة-قصتي مع الشعر-ص10)
(الشعر حصانٌ جميلُ الصهيل-ص21)
(الشعر وحشٌ خرافيّ لم يره الناس- ص23)
(الشعر سائل شديد التبخر والتمدد، وإفراز إنساني لا يطيقُ سكنى الأوعية والقوارير- ص24)
وينقض كل هذا فيقول: (إنَّ المعرفة بما نفعله يعطّل الفعل. تماماً كما يرتبك الراقص حين يتأمل حركة قدميه- قصتي مع الشعر-ص19)
وبهذا التعريف فلا أحد يعرف خريطة الشعر، والنباتات التي تنمو في العتمة تختلف بالتأكيد عن غابات القَصَبْ، وإن قيل هو مجاز، فقباني هنا يتكلم كناقد، كناثر لحَبِّهِ، لا كشاعر كيما يقال هو لا يعني ما يقول ظاهراً، ثمَّ يقول: (الكتابة هي إحداث خلخلة في نظام الأشياء وترتيبها. هي كسر قشرة الكون وتفتيتها. ولأنَّ الشيءَ المكسور يدافع دائماً عن نفسه بالصراخ والضوضاء-قصتي مع الشعر-ص14).
ثمَّ يُجَنِّسُ نصه(هذا الكتاب سيكون نوعاً من السيرة الذاتية. والسيرة الذاتية تكاد تكون مجهولة في تاريخ أدبنا..حديث النفس للنفس في بلادنا مكروه، نحن لا نفهم المونولوج الداخلي، ونعتبره نوعاً من الغرور والنرجسيّة-ص15)
(كيف يمكنني أن أكون موضوعياً حين أكون أنا الموضوع؟-ص25)
نعم صحيح لأنَّه من الصعب أن يتحدث الإنسان عن ذاته ولا يخطأ، وإذا قلنا للمغرور أخطأت، أجاب: أنت لا تفهم، أو يسب ويشتم.
(الشعر هو الرقص، والكلام عنه هو علم مراقبة الخطوات...الشعر رقصٌ باللغة..رقصٌ بكل أجزاء النفس-ص19).
فالنقد عند قباني هو مراقبة كيفية قيام الشاعر بكتابة الشعر، يا لها من نظرية نقدية عظيمة، لا تقلُّ أهميةً عن اكتشافات الشكلانيين الروس.
(إنني أكتب الشعر ولا أدري كيف..كما لا تدري السمكة كيف تسبح، والعصفور كيف يطير- ص20)
ثم يتكلم عن مولده بفخامة لا مثيل لها، ولد في الربيع(الأرض وأمي حملتا في وقت واحد...ووضعتا في وقت واحد- ص26)
(ولدت في بيت من بيوت دمشق القديمة، وكان حي الشاغور حيث كنا نسكن، معقلاً من معاقل المقاومة(ضد الانتداب الفرنسي)..إلى الزعماء السياسيين يقفون في إيوان منزلنا ويخطبون في ألوف الناس، مطالبين بمقاومة الإحتلال الفرنسي..وفي بيتنا في حي مئذنة الشحم كانت تعقد الاجتماعات السياسية ضمن أبواب مغلقة وتوضع خطط الإضرابات والمظاهرات ووسائل المقاومة-ص27)
كتب الاحتلال خطأ إملائي حيث وضع الهمزة تحت الألف، وهي تكتب بدون همزة، وكيف لباحة منزل أن تأوي ألوف الناس؟ ولو أنَّ آخر من حي الشاغور كتب سيرته لقال أن منزله كان معقلاً من معاقل المقاومة، أو كان قباني في حيٍّ آخر لقال عنه معقل المقاومة، ومن أين جاء بألوف الناس في عام 1930، ليجمعهم في بيت من بيوتات دمشق القديمة؟ وكيف يكون بيته في حيين في آن واحد(حي الشاغور وحي مئذنة الشحم)هل للحيين اسمٌ واحد؟ فما مغزى عدم إفصاحه عن تعدد أسماء حَيِّهِ؟ هل للحيِّ اسمٌ حركي؟ هل للحي اسمٌ شعري وآخر نقدي وثالث تاريخي ورابع قديم وخامس حداثوي؟
وها هو بيت المقاومة يتحول إلى شيء آخر: (هل تعرفون معنى أن يسكن الإنسان في قارورة عطر؟ بيتنا كان تلك القارورة-ص31).
(هذا البيت الدمشقي الجميل استحوذ على كلّ مشاعري وافقدني شهيَّة الخروج إلى الزقاق..ومن هنا نشأ عندي هذا الحس البيتوتي-ص33)
(أسرتنا من الأسر الدمشقية المتوسطة الحال، لم يكن أبي غنيا، ولم يجمع ثروة وكل مدخول معمل الحلويات الذي كان يملكه، كان ينفق على إعاشتنا وتعليمنا وتمويل حركة المقاومة الشعبية ضدَّ الفرنسيين-ص29)
كيف لعائلة متوسطة الحال أن تدعم المقاومة؟!

ثم يقول قباني (أنا من أسرة تمتهن العشق..في الحادية عشرة من عمرنا نصبح عاشقين، وفي الثانية عشرة نسأم..وفي الثالثة عشرة نعشق من جديد، وفي الرابعة عشر نسأم من جديد..جدي كان هكذا وابي كان هكذا..وإخوتي كلهم يسقطون في أول عينين كبيرتين يرونهما، يسقطون بسهولة، ويخرجون من الماء بسهولة..وفي تاريخ الأسرة حادثة استشهاد مثيرة سببها العشق، الشهيدة هي أختي الكبرى وصال، قتلت نفسها بكل بساطة، وبشاعرية منقطعة النظير، لأنّها لم تستطع أن تتزوج حبيبها-ص71)
انتحرت عام 1938، في حياتي لمْ أسمع أحداً يطلق لقب الشهيد على المنتحر، الذي يفرُّ من عارٍ يلاحقه، أو عجزٍ يصيبه، أو هزيمة أو ما شابه، أما الشجعان فيقفون في وجه العاصفة، وسرعان ما يقفون بعد كلِّ كبوة، ولو صحَّ إطلاق لقب الشهيد على المنتحر، لكان تشجيعاً على الانتحار، وبالتأكيد أنَّ عدد اللاتي فُزْنَ بزواج الحبيب أقل بكثير من اللاتي لم يحالفهنَّ الحظ أو خدعهنَّ الحبيب.
ولم يذكر لنا قباني في مذكراته عدد اللاتي أحبهنَّ قباني ولم يتزوجهنَّ، وكم عدد(المنتحرات/ الشهيدات) منهنَّ؟ وفي فصلٍ خاص من سيرته الذاتية عنونه قباني(حبيباتي)يقول:(لا أريد في هذا الفصل أن أستعرض مواهبي الدونجوانية، ولا أنْ أجعل منه دليلاً كدليل التلفون، ترون فيه أسماء حبيباتي مرتبة حسب الحروف الأبجدية، ليس في نيتي أن أرتكب مثل هذه الحماقة...فمنهن من تزوج، ومنهن من أنجب، ومنهن من لاقى جه حبيبٍ جديد..ومنهن من ينتظر-ص136).
لو ذكر اسماءهنَّ لأقفل الباب في وجه الكثيرات اللاتي يدعين بأنَّهنَّ على راس قائمة الحبيبات. لماذا لم ينتحرن ويستشهدن كوصال؟ أليست حماقة منهنَّ أن لا يستشهدن وهنَّ لم يتزوجن الشاعر الحبيب؟ ورغم العدد الكبير من الحبيبات لكن(فإنني نادراً ما وقعتُ في الحب، خمس مرات ربما..في مدى ثلاثين عاما-ص141).
ثم يستدرك(إنَّ الدونجوانية صفةٌ لا تنطبق عليَّ أبداً، فالدونجوان، شخص عابث ومتحلل وهوائي المزاج، والحب عنده سفر طويل على أجساد كل النساء..إنه مسافر لا مرافئ له، ولا محطات، أما أنا فمسافرٌ من نوعٍ آخر، مسافرٌ لا يرفض كل المرافئ..كنت أشعر أمام المومس بوجعٍ إنساني لا نهاية له-ص147).
ليس دونجوناً برغم(إن شعر الحبّ الذي كتبته يغطي مساحة ثلاثين عاماً، رستْ فيها مراكبي على ألوف الموانئ، واصطدمت بألوف النساء- ص151) .
ويستشهد هو بقصيدة الرسم بالكلمات (فصَّلت من جلد النساء عباءة/ و بنيت اهراما من الحلمات/ لم يبق نهدٌ أبيضٌ أو أسود/ إلا زرعتُ بأرضه راياتي/ لم تبق زاوية بجسم جميلة/ إلا ومرَّتْ فوقها عرباتي- ص153).
لا أدري لماذا اكتفى بهذه البيات القليلة من قصيدة الرسم بالكلمات، بينما كان قد خصص أكثر من 10 صفحات لصوره وصور عائلته، وأعتقد أنَّه كان يجب عليه أنْ يكمل القصيدة إلى قوله(مارست ألف عبادةٍ وعبادة/ فوجدت أفضلها عبادة ذاتي).
ولقباني مشكلةٌ كبيرة مع الأرقام، فهو يتعامل معها بشاعرية، فلايعقل أنَّه يعني آلاف النساء فعلاً، ربما عشرات، كإيوان منزله الذي يستقبل آلاف الناس، إيوان كسرى في بيوتات دمشق القديمة؟ ويقول عن أمِّهَ(ظلّت ترضعني حتى سن السابعة، وتطعمني بيدها حتى الثالثة عشرة-ص73).
ولهذا السبب يرجع بعض النقاد إسراف قباني في استخدام كلمة نهد، حتى سمى مجموعته الشعرية الثانية(طفولة نهد/1948) وقال الدكتور جابر عصفور(أشبه بالحديث عن(المرحلة المصيّة)التي تشيع في شعر نزار قباني مثلاً وتتجلّى على نحوِ ما تصور المرحوم فؤاد دوارة ذات مرة في إلحاح الإشارة إلى النهود والحَلَمَات والأعضاء الجنسية للمرأة) . ثمَّ يقول قباني عن أبيه:(وإذا كانت حساسيات بعض الناس منشؤها الألوان أو الروائح أو الغبار فحساسية العائلة ملؤها القلب..كان أبي إذا مرَّ به قوام امرأة فارعة، ينتفض كالعصفور، وينكسر كلوحٍ من الزجاج..كانت قراءة رسالة أو ضحكة امرأة تدمره تدميراً كاملاً، كان جباراً أمام الأحداث الجسام، ولكنَّه أمام وجه حسن التكوين، يتحول إلى كوم رماد-ص73)
وهناك الكثير من الناس يعتقدون بأنَّ لديهم هذه الحساسية، كالجدّ بن قيس الذي قال ولا تبتلني برؤية نساء بني الأصفر وبناتِهم، فإنّي بالنساء مغرمٌ، فأخرج وآثَمُ بذلك، فنزل فيه قوله تعالى(وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي)التوبة-49. ومصداق تشبيهي يقول قباني(لم يكنْ أبي متديّناً..كان يصوم خوفاً من أمّي، ويصلّي الجمعة في مسجد الحيّ في بعض المناسبات خوفاً على سمعته الشعبية-ص75).
ثم يقول قباني باختراعه لغةً ثالثة، منطقةٌ وسطى بين العامية والفصحى، تحت عنوان اللغة الثالثة، وبعد أربع صفحات من العنوان يقول قباني(لن يصل بي الغرور إلى الحدِّ الذي أزعم به أنني اخترعتُ لغة...ولكنني أسمح لنفسي بأن أقول أنني طرحتُ في التداول لغةً موجودةً على شفاه الناس، ولكنَّهم كانوا يخافون التعامل بها-ص121).
هل هذه نرجسية مُتَخفية أم هذا هو التكبر بثوب التواضع؟ طالما حيَّرني، حيث كان لي صديق شاعر، محترفٌ بهذا الأسلوب، وربما كان تواضعاً حقيقياً قوله: لم اخترعها لكنني أول من طرحها للتداول، وإذا كان قباني قد كتب سيرته(قصتي مع الشعر)باللغة العربية التي أعرفها، فقد أخطأ عند قوله (بأن أقول أنني)لأنَّ بعد فعل القول لا يجوز استخدام أنَّ، إذا قصد نفسه، بل يجب استخدام إنَّ، ولننظر في هذه العبارة: قال اني أُحبّ الشِّعر. إذا كسرتَ همزة (إنّي)، فالمعنى أن هذا هو نَصُّ كلامه، أي هو المتكلم يُحب الشِّعر. وإذا فتحتها: (أنّي)، كان معنى كلامك أنه قصد أنك أنت تحب الشعر. وبالتأكيد كان قباني يقصد ذاته التي طرحت اللغة الثالثة، ولكن إذا كان قباني كتب سيرته باللغة الثالثة التي اخترعها فأنا لا أعرف إن كان قوله صواباً أم لا. وفي تقديمه لكتابه(مائة رسالة حب/1971)يقول(هذه الرسائل المائة التي أنشرها، هي كل ما تبقى من غبار حبي، وغبار حبيباتي..فأنا شاعر كان له ككل الرجال تراث من الصدق لا يخجل منه، ومجموعة من الرسائل لم يجد الشجاعة الكافية لإلقائها في النار..تراجعتُ عن عملية الحرق، والتقطت من بين أكداس الرسائل مائة رسالة، أو مقاطع من رسائل وجدتُ فيها إيقاعاً شعرياً وإنسانياً يتجاوز إطار الخصوصيات إلى إطار العموميات)
لماذا لم يجد الشجاعة؟ هل لأنَّ الرسائل دليل انتصاراته؟ وماذا يعني بأكداس؟ هذا يعني أنَّ اشعاره كلها كانت ربما رسائل غرامية قبل أن يحبسها في دواوين شعرية؟ قرأت الكثير من السير الذاتية، فلم أجد واحداً يصل إلى ما وصلَ إليه قباني والبياتي من تطرف في حب كلَّ امرأةٍ مرت به أو ابتسمت له، فالروائي أرسكين كالدويل لم أقرأ له علاقة واحدة، وما كان همه سوى الكتابة والنشر، والبعض الآخر ربما أحبَّ امرأة واحدة أو اثنتين، لا المئات والآلاف وهو ما لم يفعله حتى كازانوفا ولا دون جوان. يقول قباني بعد ذلك(ومرةً أودُّ أن أقول: إنني لا أبتغي من نشر هذه الرسائل إحراج أي امرأة أو كشف أوراقها، فالتشهير ليس من هواياتي والتشخيص لا يهمني أبداً، لأنَّ النساء يأتينَ ويذهبن، كما يأتي الربيع ويذهب، وكذلك الحب فهو مسافرٌ قصير الإقامة)
هناك مثل شعبي متداول عندنا يقول(انَّ النقود وسخ الدنيا تأتي وتذهب)ولكن الإنسان رجلاً كان أو امرأة ليس بوسخ دنيا، بل هو الغاية التي من أجلها خلق الله الدنيا وسخر له الأرض، باطنها وظاهرها وبحرها وجوها وبأنعامها، يتبوأ منها حيث يشاء، والذي لا يفهم قيمة الإنسان في هذا الوجود، بالتأكيد لا يستطيع أن يحقِّق لذاته قيمة، قال تعالى:(وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُم فِي البَرِّ وَالبَحْرِ وَرَزَقْناهُم مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُم عَلَى كَثِير مِمَّن خَلَقْنا تَفْضِيلاً )الإسراء-70، ويستطيع أن يفهم إنسانيته عندما يتحسس آلام الآخرين كأنَّها آلامه، ويشاركهم محِنَهم، ويستشعر إنسانيته حينما يوفق بين العدالة الحرية، أمَّا عندما يحقق سعادته ومتعته من خلال آلام الآخرين، كصانعي أسلحة الدمار الشامل، وصانعي عقائد الدمار الشامل والعنصرية، وظلم الإنسان لأخيه الإنسان، فيفقد إنسانيّته فيتحوّل في مفهوم القرآن إلى حيوان، لايستحقّ إسم الانسان(أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إلاّ كالأنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ).(الفرقان/44) والحب مسافرٌ طويل الإقامة، إذا لم نقل أبدي الإقامة، أما مايتحدث عنه قباني فهو لا يعدو أن يكون إعجاباً، أو نزوة أو شهوة أو قضاء حاجة لا تختلف كثيراً عن حاجة الإنسان لطرح فضلاته الصلبة أو السائلة، والمرأة إنسانٌ ضعيف، نعاملها بلطف وحنان، كالتعامل مع القوارير خوفاً عليها من الكسر، وهي أمنا أو أختنا أو ابنتنا، فمن يرضى لابنته أو شقيقته أنْ تكون نزوةً لرجلٍ شبق، يعتبرها رقماً من آلاف الأرقام؟ ولو أنَّ النساء اللاتي أحبهنَّ انتحرنَ كشقيقته الكبرى وِصال، كيما يَفُزْنَ بالشهادة، لصارَ لدينا عددٌ كبيرٌ إذن.

لطفي منصور
09/06/2008, 07:11 PM
أخي الناقد عبد الكريم الزيباري ................... تحيّة
أشكر لك هذه الإضاءة النقدية النافذة في سيرة نزار...
هذه المقابلات وما فيها من مغالطات خيالية فرضهاالتباهي الآني لحظة الكتابة ....
فقد فصّل كلا منها بمعزل عن أختها لتعطي ألقا لذاته منفردا ..
شكرا لهذا التناول النقدي الموضوعي لشاعر ملأ شعره الافاق ..

تحياتي لك أخي

لطفي منصور

لطفي منصور
09/06/2008, 07:11 PM
أخي الناقد عبد الكريم الزيباري ................... تحيّة
أشكر لك هذه الإضاءة النقدية النافذة في سيرة نزار...
هذه المقابلات وما فيها من مغالطات خيالية فرضهاالتباهي الآني لحظة الكتابة ....
فقد فصّل كلا منها بمعزل عن أختها لتعطي ألقا لذاته منفردا ..
شكرا لهذا التناول النقدي الموضوعي لشاعر ملأ شعره الافاق ..

تحياتي لك أخي

لطفي منصور

لطفي منصور
09/06/2008, 07:11 PM
أخي الناقد عبد الكريم الزيباري ................... تحيّة
أشكر لك هذه الإضاءة النقدية النافذة في سيرة نزار...
هذه المقابلات وما فيها من مغالطات خيالية فرضهاالتباهي الآني لحظة الكتابة ....
فقد فصّل كلا منها بمعزل عن أختها لتعطي ألقا لذاته منفردا ..
شكرا لهذا التناول النقدي الموضوعي لشاعر ملأ شعره الافاق ..

تحياتي لك أخي

لطفي منصور

منى حسن محمد الحاج
12/06/2008, 08:25 PM
دعني أولًا أرحب بك في بيتك واتا وأقول لك: شكرً لك يا أخي على هذا الطرح الشيق..
لقد سلطت الأضواء على تناقضات سيرة يتحدث عنها الجميع..
أحيي قلمك المُبدع وفي انتظار جديده..
لك كل الود والتقدير

عبدالكريم يحيى الزيباري
14/06/2008, 02:07 PM
شكرا للأخ لطفي منصور
شكرا للأخت منى حسن محمد الحاج
ويسرني أنكم قرأتم النص ولكنني لم أفهم تعليق الأخت منى طلباً لا أمراً ولكن ظننتها تقصد التنوين التنوين يكتب فوق الحرف الأخير الألف إذا قبله ألف جزاءً ولكن إذا لم يكن هناك ألف فتضاف ألف ليقف فوقها التنوين مثل حرباً وطلباً وأمراً وهكذا والله أعلم ولك مني وافر الشكر وأعتذر لأني أعاني بعض الأمية فلا أعرف كيف استخدم توجيه رسالة خاصة

عبدالكريم يحيى الزيباري
14/06/2008, 02:07 PM
شكرا للأخ لطفي منصور
شكرا للأخت منى حسن محمد الحاج
ويسرني أنكم قرأتم النص ولكنني لم أفهم تعليق الأخت منى طلباً لا أمراً ولكن ظننتها تقصد التنوين التنوين يكتب فوق الحرف الأخير الألف إذا قبله ألف جزاءً ولكن إذا لم يكن هناك ألف فتضاف ألف ليقف فوقها التنوين مثل حرباً وطلباً وأمراً وهكذا والله أعلم ولك مني وافر الشكر وأعتذر لأني أعاني بعض الأمية فلا أعرف كيف استخدم توجيه رسالة خاصة

منى حسن محمد الحاج
14/06/2008, 02:15 PM
شكرا للأخ لطفي منصور
شكرا للأخت منى حسن محمد الحاج
ويسرني أنكم قرأتم النص ولكنني لم أفهم تعليق الأخت منى طلباً لا أمراً ولكن ظننتها تقصد التنوين التنوين يكتب فوق الحرف الأخير الألف إذا قبله ألف جزاءً ولكن إذا لم يكن هناك ألف فتضاف ألف ليقف فوقها التنوين مثل حرباً وطلباً وأمراً وهكذا والله أعلم ولك مني وافر الشكر وأعتذر لأني أعاني بعض الأمية فلا أعرف كيف استخدم توجيه رسالة خاصة

طلبي يا أستاذي هو تنسيق النص بخط أكبر وأوضح حتى يستطيع نُسهل على القارئ.
وساقوم بذلك أسفل هذا التوضيح يا أستاذي.
لك كل الشكر على ردك وسعة صدرك
تقبل التحية

منى حسن محمد الحاج
14/06/2008, 02:15 PM
شكرا للأخ لطفي منصور
شكرا للأخت منى حسن محمد الحاج
ويسرني أنكم قرأتم النص ولكنني لم أفهم تعليق الأخت منى طلباً لا أمراً ولكن ظننتها تقصد التنوين التنوين يكتب فوق الحرف الأخير الألف إذا قبله ألف جزاءً ولكن إذا لم يكن هناك ألف فتضاف ألف ليقف فوقها التنوين مثل حرباً وطلباً وأمراً وهكذا والله أعلم ولك مني وافر الشكر وأعتذر لأني أعاني بعض الأمية فلا أعرف كيف استخدم توجيه رسالة خاصة

طلبي يا أستاذي هو تنسيق النص بخط أكبر وأوضح حتى يستطيع نُسهل على القارئ.
وساقوم بذلك أسفل هذا التوضيح يا أستاذي.
لك كل الشكر على ردك وسعة صدرك
تقبل التحية

زاهية بنت البحر
14/06/2008, 06:20 PM
أهلا بك أخي المكرم مهما قيل عن الشاعر الكبير نزار قباتي من كلام فسيظل شاغل الناس معارضين له ومؤيدين رحمه الله وأحسن إليه فقد كان شاعرا كبيرا وسيظل حتى بعد رحيله.
بارك الله بك ورعاك

زاهية بنت البحر
14/06/2008, 06:20 PM
أهلا بك أخي المكرم مهما قيل عن الشاعر الكبير نزار قباتي من كلام فسيظل شاغل الناس معارضين له ومؤيدين رحمه الله وأحسن إليه فقد كان شاعرا كبيرا وسيظل حتى بعد رحيله.
بارك الله بك ورعاك