المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فلسطين في عيون الشعراء



غالب ياسين
13/06/2008, 08:35 AM
لمع اسم فلسطين في سماء الشعر الحديث ،وقد تغنى به الشعراء ..بين راث وباك على طلل وبين متغزل بطبيعة ساحرة تأخذ العيون ... ومن عاشق لتراب أرض بكاها الورد والحنون .. وبين مادح لصمود الأرض وثبات شعب لا يلين .. وبين ثائر يخط أحرفه براكينا تحرق القوم اللئام
ومن أولئك الشعراء نزرا قباني ... فنراه قائلا

أريد بندقية !


خاتمُ أمّي بعتهُ



من أجلِ بندقيه



محفظتي رهنتُها



من أجلِ بندقيه..



اللغةُ التي بها درسنا



الكتبُ التي بها قرأنا..



قصائدُ الشعرِ التي حفظنا



ليست تساوي درهماً..



أمامَ بندقيه..





أصبحَ عندي الآنَ بندقيه..



إلى فلسطينَ خذوني معكم



إلى ربىً حزينةٍ كوجهِ مجدليّه



إلى القبابِ الخضرِ.. والحجارةِ النبيّه



عشرونَ عاماً.. وأنا



أبحثُ عن أرضٍ وعن هويّه



أبحثُ عن بيتي الذي هناك



عن وطني المحاطِ بالأسلاك



أبحثُ عن طفولتي..



وعن رفاقِ حارتي..



عن كتبي.. عن صوري..



عن كلِّ ركنٍ دافئٍ.. وكلِّ مزهريّه..





أصبحَ عندي الآنَ بندقيّه



إلى فلسطينَ خذوني معكم



يا أيّها الرجال..



أريدُ أن أعيشَ أو أموتَ كالرجال



أريدُ.. أن أنبتَ في ترابها



زيتونةً، أو حقلَ برتقال..



أو زهرةً شذيّه



قولوا.. لمن يسألُ عن قضيّتي



بارودتي.. صارت هي القضيّه..





أصبحَ عندي الآنَ بندقيّه..



أصبحتُ في قائمةِ الثوّار



أفترشُ الأشواكَ والغبار



وألبسُ المنيّه..








يا أيّها الثوار...



في القدسِ، في الخليلِ،



في بيسانَ، في الأغوار..



في بيتِ لحمٍ، حيثُ كنتم أيّها الأحرار



تقدموا..



تقدموا..



فقصةُ السلام مسرحيّه..



والعدلُ مسرحيّه..



إلى فلسطينَ طريقٌ واحدٌ



يمرُّ من فوهةِ بندقيّه..

غالب ياسين
13/06/2008, 08:36 AM
ويقول الدكتور العشماوي

لا تقولوا: دَمُ أقصانا جَمَدْ
لا تقولوا:
ذهنُه من شدَّة الهول شرَدْ
لا تقولوا:
نهرنا الجاري رَكَدْ
ساخنُ العزم بَرَدْ
لا تقولوا:
إن جيشَ الكفر في الأرض احتشَدْ
وعلى الحوض وَرَدْ
وعلى أحلامنا في ساحةِ الأقصى قَعَدْ
لا تقولوا:
نفث الساحرُ سحراً في العُقَدْ
هبَّت الرِّيح بما لا يشتهي البحَّارُ...
واشتدَّ مع الموج الزَّبَدْ
زمجرَ الباغي ولم يأتِ المَدَدْ
لا تقولوا:
نزلتْ أمَّتُنا أقسى نزولٍ..
وعدوُّ اللهِ في الأرض صَعَدْ
لا تقولوا:
أسرف المجرم في القتلِ وفي الظلم تمادَى
وإلى قَصْعَتِنا جيش الأباطيل تنادى
أَبْدَأَ الغاصبُ فينا وأعادا
لا تقولوا:
صرخ الطفل ونادى... ثم نادى.. ثم نادى
ثم فاضتْ روحُه في عَتْمَةِ اللَّيل وفي القلب كَمَدْ
أقسم الصوتُ الذي أَطْلَقَه...
أنَّ الصَّدَى كان ينادي: لا أَحَدْ
لا تقولوا:
عَقِمَتْ أمَّتُنا، واستنسرَتْ فيها بُغاثُ الطيرِ...
والعَزْمُ خَمَدْ
لا تقولوا:
إنَّ شارونَ، ومَنْ شارونُ؟، باغٍ يتبختَرْ
ظالمٌ في جيشِ إِبليسَ مسخَّرْ
مدمنٌ يشرب خمراً من دمِ الطِّفْلِ المقطَّرْ
مغرمٌ بالعنف يشتاق إلى رؤيةِ مقتولٍ معفَّرْ
أنا لا أَشتُمُه...
فالشَّتْمُ من عرضِ الذي لا يعرفُ الرحمةَ، أَكبَرْ
وهو من أَحْقَرِ شَتْمٍ صاغه الإنسانُ أحقَرْ
لا تقولوا:
إنَّ شارون على الغرب اعتمدْ
ومضى يحرق أَحلامَ العصافيرِ..
ويستنزفُ خَيْراتِ البَلَدْ
لا تقولوا:
زرع الزارعُ والباغي حَصَدْ
ذهب الأقصى وضاعت قدسُنا منّا وحيفانا ويافا وصَفَدْ
لا تقولوا: حارس الثَّغْر رَقَدْ
أنا لا أُنكر أنَّ البَغْيَ في الدُّنيا ظَهَرْ
والضَّميرَ الحيَّ في دوَّامة العصر انْصَهَرْ
أنا لا أُنكر أنَّ الوهمَ في عالمنا المسكون بالوهم انتشرْ
غيرَ أنَّي لم أزلْ أحلف بالله الأحَدْ
أنَّ نَصْرَ اللَّهِ آتٍ ، وعدوَّ اللهِ لن يلقى من الله سَنَدْ
لن ينال المعتدي ما يبتغي في القدسِ....
ما دام لنا فيها وَلَدْ

غالب ياسين
13/06/2008, 08:36 AM
ويقول نزار هاجيا واقع أمة استطابت الدنية

أنعي لكم، يا أصدقائي، اللغة القديمة
والكتب القديمة
أنعي لكم
كلامنا المثقوب كالأحذية القديمة
ومفردات الذم، والهجاء، والشتيمة..
أنعي لكم..
أنعي لكم..
نهاية الفكر الذي قاد إلى الهزيمة.
2)
مالحة في فمنا القصائد
مالحة ضفائر النساء
والليل، والأستار، والمقاعد
مالحة أمامنا الأشياء..
3)
يا وطني الحزين
حوَّلتني بلحظةٍ
من شاعر يكتب شعر الحب والحنين
لشاعر يكتب بالسكين ..
4)
لأن ما نُحسه
أكبر من أوراقنا ..
لا بد أن نخجل من أشعارنا
5)
إذا خسرنا الحرب، لا غرابة
لأننا ندخلها
بكل ما يملكه الشرقي من مواهب الخطابة
بالعنتريات التي ما قتلت ذُبابة
لأننا ندخلها
بمنطق الطبلة والربابة..
6)
السر في مأساتنا
صراخنا أضخم من أصواتنا
وسيفنا..
أطول من قاماتنا..
7)
خلاصة القضية
توجز في عبارة
لقد لبسنا قشرة الحضارة
والروح جاهلية..
8)
بالناي والمزمار
لا يحدث انتصار..
9)
كلَّفَنا ارتجالُنا
خسمين ألف خيمةٍ جديدة..
10)
لا تلعنوا السماء
إذا تخلَّت عنكم
لا تلعنوا الظروف
فالله يُؤتي النصر من يشاء
وليس حدَّادًا لديكم..
يصنع السيوف..
11)
يُوجعني أن أسمع الأنباء في الصباح
يُوجعني..
أن أسمع النُّباح..
12)
ما دخل اليهود من حدودنا
وإنما..
تسربوا كالنَّمل من عُيوبنا..
13)
خمسة آلاف سنة..
ونحن في السرداب
ذقوننا طويلة
نقودنا مجهولة
عيوننا مرافئ الذباب..
يا أصدقائي
جرِّبوا أن تكسروا الأبواب
أن تغسلوا أفكاركم
وتغسلوا الأثواب
يا أصدقائي
جرِّبوا أن تقرؤوا كتاب..
أن تكتبوا كتاب..
أن تزرعوا الحروف..
والرمان..
والأعناب..
أن تبحروا إلى بلاد الثلج والضباب
فالناس يجهلونكم..
في خارج السرداب
الناس يحسبونكم
نوعًا من الذئاب..
14)
جلودنا ميِّتة الإحساس
أرواحنا تشكو من الإفلاس
أيامنا تدور بين الزار..
والشطرنج..
والنعاس..
هل نحن خير أمة قد أخرجت للناس؟
15)
كان بوسع نفطنا الدافق في الصحاري
أن يستحيل خنجرًا ..
من لهبٍ ونارِ
لكنه..
واخجلة الأشراف من قريش
وخجلة الأحرار من أوس ومن نزارِ
يُراق تحت أرجل الجواري..
16)
نركض في الشوارع
نحمل تحت إبطنا الحبالا
نمارس السحل بلا تبصر
نُحطم الزجاج والأقفالا
نمدح كالضفادع
نشتم كالضفادع
نجعل من أقزامنا أبطالا
نجعل من أشرافنا أنذالا
نرتجل البطولة ارتجالا
نقعد في الجوامع
تنابلاً ، كُسالى
نُشطر الأبيات، أو نؤلِّف الأمثالا
ونشحذ النصر على عدونا
من عنده تعالى..
17)
لو أحد يمنحني الأمان
لو كنت أستطيع أن أقابل السلطان
قلت له:
يا سيدي السلطان
كلابك المفترسات مزقت ردائي
ومخبروك دائمًا ورائي..
عيونهم ورائي..
أنوفهم ورائي ..
أقدامهم ورائي..
يستجوبون زوجتي..
ويكتبون عندهم أسماء أصدقائي..
يا حضرة السلطان
لأنني اقتربت من أسوارك الصماء..
لأنني حاولت أن أكشف عن حزني وعن بلائي
ضربت بالحذاء..
أرغمني جندك أن آكل من حذائي..
يا سيدي.. يا سيدي السلطان
لقد خسرت الحرب مرتين
لأن نصف شعبنا ليس له لسان
ما قيمة الشعب الذي ليس له لسان؟!
لأن نصف شعبنا محاصر كالنمل والجرذان
في داخل الجدران..
***
لو أحد يمنحني الأمان
من عسكر السلطان
قلت له: يا حضرة السلطان
لقد خسرت الحرب مرتين
لأنك انفصلت عن قضية الإنسان
18)
لو أننا لم ندفن الوحدة في التراب
لو لم نمزق جسمها الطري بالحراب
لو بقيت في داخل العيون والأهداب
لما استباحت لحمنا الكلاب..
19)
نريد جيلاً غاضبًا
نريد جيلاً يفلح الآفاق
وينكش التاريخ من جذوره
وينكش الفكر من الأعماق
نريد جيلاً قادمًا مختلف الملامح
لا يغفر الأخطاء.. لا يسامح
لا ينحني.. لا يعرف النفاق..
نريد جيلاً، رائدًا، عملاق..
20)
يا أيها الأطفال:
من المحيط للخليج، أنتم سنابل الآمال
وأنتم الجيل الذي سيكسر الأغلال
ويقتل الأفيون في رؤوسنا
ويقتل الخيال..
يا أيها الأطفال:
أنتم ـ بعد ـ طيبون
وطاهرون، كالندى والثلج، طاهرون
لا تقرؤوا عن جيلنا المهزوم، يا أطفال
فنحن خائبون
ونحن، مثل قشرة البطيخ، تافهون
ونحن منخورون..
منخورون .
منخورون كالنعال..
لا تقرؤوا أخبارنا
لا تقبلوا أفكارنا
لا تقتفوا آثارنا
فنحن جيل القيء.... والسعال..
ونحن جيل الدجل، والرقص على الحبال
يا أيها الأطفال:
يا مطر الربيع، يا سنابل الآمال
أنتم بذور الخصب في حياتنا العقيمة
وأنتم الجيل الذي سيهزم الهزيمة..

غالب ياسين
13/06/2008, 08:37 AM
هذه القصيدة للشاعر "أبو الفضل الوليد "





ما لليهـودِ وللإفرنـجِ قـد وثبـوا
على فلسطينَ حيثُ القـدسُ تلقـاك
وحُرمةِ المسجدِ الأقصى لقد بطلـت
دعوى الخليطِ وصحّت فيهِ دعـواك
ما أختُ مكة إِلا القـدسُ فاحترمـي
شـرعَ النبـيِّ وصونيهـا لقربـاك
كم زحفـةٍ لعلـوجِ الـرومِ أوقفَهـا
سـلاحُ جيشِـكِ أو أشـلاء قَتـلاك
وكم عليها دماءُ المسلميـن جَـرَت
وكم تساقـطَ فيهـا مـن سرايـاك
لأجلِهـا أهرقـوا أزكـى دمٍ فلهـم
تبقى علـى رغـمِ طمّـاعٍ وأفّـاك
يا قدسُ مكـةُ قـد آستـكِ باكيـةً
لمـا أتاهـا بنعـي الديـنِ مَنعـاك
وافاكِ فـي ليلـةِ المعـراجِ سيِّدُنـا
محـمـدٌ وكـتـابُ اللهِ سـمّــاك
فبالعروبـةِ والإسـلامِ أنـتِ لـنـا
واللهُ يسمـعُ شكوانـا وشـكـواك
هـل تستقـرُّ جماهيـرُ اليهـودِ إذا
دعوتِ يومـاً أبـا حفـصٍ فلبّـاك
وذو الوشاح لهُ في الغمدِ صَلصَلـةٌ
وفي الرقِّابِ صليـلٌ منـه سلـواك
إذا بـدا ظلُّـهُ أو ظــلُّ ناقـتـهِ
ولو برؤيا تهـولُ الخصـمَ رؤيـاك
إن السيوفَ علـى الأغمـادِ حاقـدةٌ
لأنهـا لـم تجـرَّد فـي رزايــاك
مـا كـانَ أجمـل إبسـالاً وتفديـةً
والشهـمُ يقصـد إنجـاء بإهـلاك
بالله أيتُهـا الأمُّ العـروبُ خــذي
بالثارِ شعباً لنصـرِ البطـل عـاداك
وطهَّري القدسَ من رجسٍ ومن دَنسٍ
وأصلتـي سيـفَ سفّـاكٍ لسفّـاك
ماذا تُرجّينَ مِن قـومٍ بـلا شـرفٍ
ولا عهـودٍ ومنهـم كـلُّ فـتّـاك
إن الرزيئـة كبـرى لا عـزاءَ لهـا
حتـى اليهـوديُّ أخزانـا وأخـزاك
على بنيكِ غدا فـي أرضِهـم أسـداً
ولم يكن في حماهـم غيـرَ هتّـاك
فحرّضيهم علـى تقطيـعِ سلسلـةٍ
هم راسفون بها مـا بيـن أشـراك
وجمّعيهـم كمـا جمّعتِهـم قـدمـاً
فـي دولـةٍ نظـمَ حبّـاتٍ بأسـلاك
النطـقُ والديـنُ والآدابُ تجمعهـم
ولا تـزالُ سجايـاهـم سجـايـاك
الأرضُ أرضُـكِ لا مطـلٌ ولا جـدلٌ
ولا خـداعٌ فصكـي وَجـهَ بشـاك





أبو الفضل الوليد
1303 - 1360 هـ / 1886 - 1941 م
إلياس بن عبد الله بن إلياس بن فرج بن طعمة.
شاعر من أدباء لبنان في المهجر الأميركي، امتاز بروح عربية نقية.
ولد بقرنة الحمراء في المتن بلبنان، وتخرج بمدرسة الحكمة ببيروت، وهاجر إلى أميركا الجنوبية 1908 فأصدر جريدة الحمراء في ريو دي جانيرو بالبرازيل، واتخذ لنفسه اسم أبو الفضل الوليد سنة 1916.
عاد إلى وطنه سنة 1922، وقام برحلات في الأقطار العربية وغيرها.
له: كتاب القضيتين في السياستين الشرقية والغربية، ونفخات الصور، وأحاديث المجد والوجد، والسباعيات مقاطيع شعرية، وقصائد ابن طعمة.

غالب ياسين
13/06/2008, 08:40 AM
يقول محمد العيد(شاعر جزائري) في قصيدته " فلسطين العـزيزة "التي نظـمها سنة 1367 ﻫ :







فَلَسْطينُ العزيزةُ لاَ تُراعِـي
فَعَينُ اللهِ رَاصـدِةٌ تُراعِـي
وحَوْلَكِ مِنْ بَنِي عَدْنانَ جُنْدٌ
كَثِيرُ الْعَـدِّ يَـزْأرُ كَالسِّبـاعِ
إذا اسْتَصْرَخْتِهِ لِلْحَرْبِ لَبَّـى
وخَفَّ إلَيْكِ مِنْ كُـلِّ الْبِقـاعِ
يَجودُ بِكُلِّ مُرْتَخَصٍ وغَالـي
لِيَدْفَعَ عَنْكَ غَاراتِ الضّبـاعِ
بُليتِ بِهِمْ صَهايَنَـةً جياعًـا
فَسُحْقًا للصَّهايِنَـةِ الْجِيـاعِ
سَتَكْشِفُ عَنْهُمُ الهَيْجاءُ سِتْرًا
وتَرمِيهِمُ بِكُلِّ فَتَّـى شُجـاعِ

غالب ياسين
13/06/2008, 08:41 AM
ثم يدخل في وصف أخلاق اليهود, وطباعهم التي عرفوا بِها, فيقول :








وكَيْـفَ يُصـادِفُ العِبْـريُّ نُجْحًـا
وَمَــا أَخْـلاَقُــهُ غَـيْــرَ الْـخِــدَاعِ
قـد اشْتَهَـر اليَـهُـودُ بِـكُـلِّ قُـطْـرٍ
بِــأَنَّ طِبَاعَـهُـم شَـــرُّ الـطّـبَـاعِ
قَـدِ اغْتَـرَّ الْيَهُـودُ بِمَـا أَصَـابُـوا
بِأَرْضِ الْقُدْسِ مِنْ بَعْضِ الْقِلاَعِ
مَتَى كَـانَ الْيَهُـودُ جنُـودَ حَـربٍ
وَكُفُـؤًا لِلأعـارِبِ فـي الـصّـراعِ







ويختم القصيدة بِهذا الصوت المتحمس الذي يأتي من الشاعر الثائر مُتوجها إلى فلسطين العزيزة :







فَلَسْطـيـنُ الْعَـزِيـزَةُ لا تَخَـافِـي
فَــإنَّ الـعُـرْبَ هَـبُّــوا لِـلـدِّفَـاعِ
بِجَيْـشٍ مُظِـلـمٍ كَاللَّـيْـلِ غَـطَّـى
حِيـالَـكِ كُــلَّ سَـهْـلٍ أوْ يَـفَــاعِ
ومــــا أسْـيَــافُــهُ إلاَّ نُــجـــومٌ
رُجــومٌ لِلْيَـهـوُدِ بِـــلا iنِـــزَاعِ
يُرابِـطُ فــي ثُـغُـورِكِ مُسْتَـعِـدًّا
عَلَـى الأهْبـاتِ لِلأمْـرِ المُـطـاعِ
سَيَهْجُـمُ مِـنْ مَـراكِـزِهِ عَلَيْـهـمْ
هُجومَ الآكِلينَ عَلى القصاعـي
ونَحْنُ بَنِي العُروبَـةِ قـد خُلِقْنـا
نُلَـبّـي لِلْمَـعـارِكِ كُـــلَّ دَاعِـــي
لَنَـا فـي الحَـرْبِ غـاراتٌ كِبـارٌ
وأيَّــــامٌ مُـخـلَّــدَةُ الْـمَـسَـاعِـي
وكَيْفَ نَذِلُّ أوْ نَرْضَى انْخِفَاضًا
ونَجْـمُ جُـدُودِنَـا نَـجْـمُ ارْتِـفَـاعِ

غالب ياسين
13/06/2008, 08:42 AM
قصيدة لمدينة القدس للشاعر الفلسطيني تميم البرغوثي




مَرَرْنا عَلــى دارِ الحبيب فرَدَّنا

عَنِ الدارِ قانونُ الأعادي وسورُها

فَقُلْتُ لنفســي رُبما هِيَ نِعْمَةٌ

فماذا تَرَى في القدسِ حينَ تَزُورُها

تَرَى كُلَّ ما لا تستطيعُ احتِمالَهُ

إذا ما بَدَتْ من جَانِبِ الدَّرْبِ دورُها

وما كلُّ نفسٍ حينَ تَلْقَى حَبِيبَها تُـسَرُّ

ولا كُلُّ الغـِيابِ يُضِيرُها

فإن سـرَّها قبلَ الفِراقِ لِقاؤُه

فليسَ بمأمـونٍ عليها سـرُورُها

متى تُبْصِرِ القدسَ العتيقةَ مَرَّةً

فسوفَ تراها العَيْنُ حَيْثُ تُدِيرُها

في القدسِ، بائعُ خضرةٍ من جورجيا برمٌ بزوجته

يفكرُ في قضاءِ إجازةٍ أو في طلاءِ البيتْ

في القدس، توراةٌ وكهلٌ جاءَ من مَنْهاتِنَ العُليا

يُفَقَّهُ فتيةَ البُولُونِ في أحكامها

في القدسِ شرطيٌ من الأحباشِ يُغْلِقُ شَارِعاً في السوقِ..

رشَّاشٌ على مستوطنٍ لم يبلغِ العشرينَ،

قُبَّعة تُحَيِّي حائطَ المبكَى

وسياحٌ من الإفرنجِ شُقْرٌ لا يَرَوْنَ القدسَ إطلاقاً

تَراهُم يأخذونَ لبعضهم صُوَرَاً مَعَ امْرَأَةٍ

تبيعُ الفِجْلَ في الساحاتِ طُولَ اليَومْ

في القدسِ دَبَّ الجندُ مُنْتَعِلِينَ فوقَ الغَيمْ

في القدسِ صَلَّينا على الأَسْفَلْتْ

في القدسِ مَن في القدسِ إلا أنْتْ!

***

وَتَلَفَّتَ التاريخُ لي مُتَبَسِّماً

أَظَنَنْتَ حقاً أنَّ عينَك سوفَ تخطئهم،! وتبصرُ غيرَهم

ها هُم أمامَكَ، مَتْنُ نصٍّ أنتَ حاشيةٌ عليهِ وَهَامشٌ

أَحَسبتَ أنَّ زيارةً سَتُزيحُ عن وجهِ المدينةِ، يا بُنَيَّ، حجابَ واقِعِها السميكَ

لكي ترى فيها هَواكْ

في القدسِ كلًّ فتى سواكْ

وهي الغزالةُ في المدى، حَكَمَ الزمانُ بِبَيْنِها

ما زِلتَ تَرْكُضُ إثْرَهَا مُذْ وَدَّعَتْكَ بِعَيْنِها

رفقاً بِنَفسكَ ساعةً إني أراكَ وَهَنْتْ

في القدسِ من في القدسِ إلا أَنْتْ!


***

يا كاتبَ التاريخِ مَهْلاً، فالمدينةُ دهرُها دهرانِ

دهر أجنبي مطمئنٌ لا يغيرُ خطوَه وكأنَّه يمشي خلالَ النومْ

وهناك دهرٌ، كامنٌ متلثمٌ يمشي بلا صوتٍ حِذار القومْ

والقدس تعرف نفسها..

إسأل هناك الخلق يدْلُلْكَ الجميعُ

فكلُّ شيء في المدينة

ذو لسانٍ، حين تَسأَلُهُ، يُبينْ

في القدس يزدادُ الهلالُ تقوساً مثلَ الجنينْ

حَدْباً على أشباهه فوقَ القبابِ

تَطَوَّرَتْ ما بَيْنَهم عَبْرَ السنينَ عِلاقةُ الأَبِ بالبَنينْ

في القدس أبنيةٌ حجارتُها اقتباساتٌ من الإنجيلِ والقرآنْ

في القدس تعريفُ الجمالِ مُثَمَّنُ الأضلاعِ أزرقُ،

فَوْقَهُ، يا دامَ عِزُّكَ، قُبَّةٌ ذَهَبِيَّةٌ،

تبدو برأيي، مثل مرآة محدبة ترى وجه السماء مُلَخَّصَاً فيها

تُدَلِّلُها وَتُدْنِيها

تُوَزِّعُها كَأَكْياسِ المعُونَةِ في الحِصَارِ لمستَحِقِّيها

إذا ما أُمَّةٌ من بعدِ خُطْبَةِ جُمْعَةٍ مَدَّتْ بِأَيْدِيها


***


وفي القدس السماءُ تَفَرَّقَتْ في الناسِ تحمينا ونحميها

ونحملُها على أكتافِنا حَمْلاً إذا جَارَت على أقمارِها الأزمانْ

في القدس أعمدةُ الرُّخامِ الداكناتُ

كأنَّ تعريقَ الرُّخامِ دخانْ

ونوافذٌ تعلو المساجدَ والكنائس،

أَمْسَكَتْ بيدِ الصُّباحِ تُرِيهِ كيفَ النقشُ بالألوانِ،

وَهْوَ يقول: "لا بل هكذا"،

فَتَقُولُ: "لا بل هكذا"،

حتى إذا طال الخلافُ تقاسما

فالصبحُ حُرٌّ خارجَ العَتَبَاتِ لَكِنْ

إن أرادَ دخولَها

فَعَلَيهِ أن يَرْضَى بحُكْمِ نوافذِ الرَّحمنْ


***

في القدس مدرسةٌ لمملوكٍ أتى مما وراءَ النهرِ،

باعوهُ بسوقِ نِخَاسَةٍ في أصفهانَ لتاجرٍ من أهلِ بغدادٍ

أتى حلباً فخافَ أميرُها من زُرْقَةٍ في عَيْنِهِ اليُسْرَى،

فأعطاهُ لقافلةٍ أتت مصراً

فأصبحَ بعدَ بضعِ سنينَ غَلاَّبَ المغولِ وصاحبَ السلطانْ

في القدس رائحةٌ تُلَخِّصُ بابلاً والهندَ في دكانِ عطارٍ بخانِ الزيتْ

واللهِ رائحةٌ لها لغةٌ سَتَفْهَمُها إذا أصْغَيتْ

وتقولُ لي إذ يطلقونَ قنابل الغاز المسيِّلِ للدموعِ عَلَيَّ: "لا تحفل بهم"

وتفوحُ من بعدِ انحسارِ الغازِ، وَهْيَ تقولُ لي: "أرأيتْ!"

في القدس يرتاحُ التناقضُ، والعجائبُ ليسَ ينكرُها العِبادُ،

كأنها قِطَعُ القِمَاشِ يُقَلِّبُونَ قَدِيمها وَجَدِيدَها،

والمعجزاتُ هناكَ تُلْمَسُ باليَدَيْنْ

في القدس لو صافحتَ شيخاً أو لمستَ بنايةً

لَوَجَدْتَ منقوشاً على كَفَّيكَ نَصَّ قصيدَةٍ

يا بْنَ الكرامِ أو اثْنَتَيْنْ

في القدس، رغمَ تتابعِ النَّكَباتِ، ريحُ براءةٍ في الجوِّ، ريحُ طُفُولَةٍ،

فَتَرى الحمامَ يَطِيرُ يُعلِنُ دَوْلَةً في الريحِ بَيْنَ رَصَاصَتَيْنْ


***

في القدس تنتظمُ القبورُ، كأنهنَّ سطورُ تاريخِ المدينةِ والكتابُ ترابُها

الكل مرُّوا من هُنا

فالقدسُ تقبلُ من أتاها كافراً أو مؤمنا

أُمرر بها واقرأ شواهدَها بكلِّ لغاتِ أهلِ الأرضِ

فيها الزنجُ والإفرنجُ والقِفْجَاقُ والصِّقْلابُ والبُشْنَاقُ

والتتارُ والأتراكُ، أهلُ الله والهلاك، والفقراءُ والملاك، والفجارُ والنساكُ،

فيها كلُّ من وطئَ الثَّرى

كانوا الهوامشَ في الكتابِ فأصبحوا نَصَّ المدينةِ قبلنا

يا كاتب التاريخِ ماذا جَدَّ فاستثنيتنا

يا شيخُ فلتُعِدِ الكتابةَ والقراءةَ مرةً أخرى، أراك لَحَنْتْ

العين تُغْمِضُ، ثمَّ تنظُرُ، سائقُ السيارةِ الصفراءِ، مالَ بنا شَمالاً نائياً عن بابها

والقدس صارت خلفنا

والعينُ تبصرُها بمرآةِ اليمينِ،

تَغَيَّرَتْ ألوانُها في الشمسِ، مِنْ قبلِ الغيابْ

إذ فاجَأَتْني بسمةٌ لم أدْرِ كيفَ تَسَلَّلَتْ للوَجْهِ

قالت لي وقد أَمْعَنْتُ ما أَمْعنْتْ

يا أيها الباكي وراءَ السورِ، أحمقُ أَنْتْ؟

أَجُنِنْتْ؟

لا تبكِ عينُكَ أيها المنسيُّ من متنِ الكتابْ

لا تبكِ عينُكَ أيها العَرَبِيُّ واعلمْ أنَّهُ

في القدسِ من في القدسِ لكنْ

لا أَرَى في القدسِ إلا أَنْت!!!.

غالب ياسين
13/06/2008, 08:43 AM
وقد عاشت فلسطيننا الحبيبة في عيني الشاعر العراقي محمد الجواهري .. فنراه يقول





بـ" يافا " يومَ حُطَّ بها الرِكابُ
تَمَطَّرَ عارِضٌ ودجـا سَحـابُ
ولفَّ الغـادةَ الحسنـاءَ ليـلٌ
مُريبُ الخطوِ ليسَ بـه شِهـاب
وأوسعَها الـرَذاذُ السَـحُّ لَثْمـاً
فَفيها مِـنْ تحرُّشِـهِ اضطِـراب
و " يافا " والغُيومُ تَطوفُ فيهـا
كحالِمـةٍ يُجلِّلُهـا اكتئـاب
وعاريـةُ المحاسـن مُغـريـاتٍ
بكفِّ الغَيمِ خِيـطَ لهـا ثيـاب
كأنَّ الجوَّ بين الشمـسِ تُزْهَـى
وبينَ الشمسِ غطَّاهـا نِقـاب
فؤادٌ عامِـرُ الإيمـانِ هاجَـتْ
وسوِسُـه فخامَـرَهُ ارتـيـاب
وقفتُ مُوزَّعَ النَّظَـراتِ فيهـا
لِطَرفي فـي مغَانيهـا انْسيـاب
وموجُ البحرِ يَغسِلُ أخْمَصَيْهـا
وبالأنـواءِ تغتسـلُ القِـبـاب
وبيّاراتُهـا ضَربَـتْ نِطـاقـاً
يُخطِّطُها . كما رُسمَ الكتـاب
فقلتُ وقد أُخذتُ بسِحر " يافا "
واتـرابٍ ليافـا تُستـطـاب
" فلسطينٌ " ونعمَ الأمُ ، هـذي
بَناتُكِ كلُهـا خـوْدٌ كَعـاب
أقَّلتنـي مـن الـزوراءِ رِيـحٌ
إلى " يافا " وحلَّقَ بـي عُقـاب
فيالَكَ " طائـراً مَرِحـاً عليـه
طيورُ الجوِّ من حَنَـقٍ غِضـاب
كأنَّ الشـوقَ يَدفَعُـهُ فيذكـي
جوانِحَهِ مـن النجـم اقتـراب
ركبِنـاهُ لِيُبلِغَـنـا سحـابـاً
فجـاوزَه ، لِيبلُغَنـا السّحـاب
أرانا كيف يَهفو النجـمُ حُبَّـاً
وكيفَ يُغازِلُ الشمسَ الَّضَبـاب
وكيفَ الجـوُّ يُرقِصُـهُ سَناهـا
إذا خَطرتْ ويُسكِـره اللُعـاب
فما هيَ غيرُ خاطـرةٍ وأُخـرى
وإلاّ وَثْبـةٌ ثُــمَّ انصِـبـاب
وإلاّ غفـوةٌ مسَّـتْ جُفـونـاً
بأجوازِ السمـاءِ لهـا انجِـذاب
وإلاّ صحـوةٌ حتّـى تمـطَّـتْ
قوادِمُها ، كما انتفَضَ الغُـراب
ولمّـا طبَّـقَ الأرَجُ الثنـايـا
وفُتِّح مِنْ جِنانِ الخُلـدِ بـاب
ولاحَ " اللُّدُّ " مُنبسِطـاً عليـهِ
مِن الزَهَراتِ يانِعـةً خِضـاب
نظْرتُ بمُقلـةٍ غطَّـى عليهـا
مِن الدمعِ الضليلِ بها حِجـاب
وقلتُ وما أُحيرُ سـوى عِتـابٍ
ولستُ بعارفٍ لِمَـنِ العتـاب
أحقَّاً بينَنـا اختلَفَـتْ حُـدودٌ
وما اختَلفَ الطريقُ ولا التـراب
ولا افترقَتْ وجوهٌ عـن وجـوهٍ
ولا الضّادُ الفصيحُ ولا الكِتـاب
فيـا داري إذا ضاقَـت ديـارٌ
ويا صَحبيْ إذا قـلَّ الصِحـاب
ويا مُتسابقِيـنَ إلـى احتِضانـي
شَفيعـي عِندَهـم أدبٌ لُبـاب
ويا غُرَّ السجايـا لـم يَمُنُـوا
بما لَطُفوا علـيَّ ولـم يُحابـوا
ثِقـوا أنّـا تُوَحَّدُنـا هـمـومٌ
مُشارِكـةٌ ويجمعُنـا مُصـاب
تَشِعُّ كريمةً فـي كـل طَـرفٍ
عراقـيٍّ طيوفُكُـم الـعِـذاب
وسائلةٌ دَماً فـي كـلِّ قلـبٍ
عراقـيٍّ جُروحُكـم الرِغـاب
يُزَكينـا مـن الماضـي تُـراثٌ
وفي مُستَقْبَـلٍ جَـذِلٍ نِصـاب
قَوافِـيَّ التـي ذوَّبـتُ قامَـتْ
بِعُذري . إنّهـا قلـبٌ مُـذاب
وما ضاقَ القريضُ به ستمحـو
عواثِـرَهُ صُدورُكـم الرّحـاب
لئنْ حُمَّ الوَداعُ فضِقتُ ذَرعـاً
به ، واشتفَّ مُهجتيَ الذَّهـاب
فمِنْ أهلي إلى أهلـي رجـوعٌ
وعنْ وطَني إلى وطنـي إيـاب