المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإبداع والهوية فوق الحداثة والتراث



بنده يوسف
13/06/2008, 08:37 PM
: :fl: :fl: :fl: :fl: :fl: :fl: :fl: :fl: :fl: :fl: :fl: :fl: :fl: :fl: :fl: :fl: :fl: :fl:


بسم الله الرحمن الرحيم
وإن من شئ إلا يسبح بحمده

أصدقائى وأساتذتى الكرام لكم من ريحان الكلام

بينما كنت أتحدث مع أخوتى فى ايران ، أثار بعضهم معى قضية الكفر والإيمان فى كتاباتنا . وفى مصر ، أحد الزملاء أثار معى نقطة هل الأدب الاسلامى سيتواصل مع الحداثة وأدوات العصر .
وكأن الكل مشغول بالتصنيف ووضع الحواجز والقيود .
فى حين فى أيي الخاص ، وأرجو مسامحتى فى هذا الرأى ، ان القضية : قضية إبداع ، ومايميز هذا الإبداع ، سواء هو يعبر عن مخيلة شعرية ذاتية أو جماعية ، الهوية التى تعلنها هذه المخيلة ، أهو ابداع ذات ، ابداع لنسيج حضارى ينتعش وينتفض ، ام تقليد وضخ دم ، فى جسد ميت ، ومهما تأولنا واستوردنا هذا الدم من الخارج ، فإنه يضاف لصالح جسد الخارج وليس جسدنا الذى تطئه الأقدام تحت كثير من المسميات التى هو لايدركها ويراها نوع من التعاويذ والترنيمات .
حتى من ينادى باسم التجربة العالمية ، سقط قوله وهو أمام انكشاف الستار عن مسرح من يحرك هذا الستار .
وبعد كل هذه التساؤلات ، وجدت ضالتى فى كتاب هشت جلد لسهراب سبهرى الشاعر الإيرانى المأنوس بسحر وعبير الشرق .
وجدت له مجموعة شعرية باسم نحن لاشئ ، نحن نظرة : وجدتها خير رابط للحديث بالقديم ، فصدى العرفان وفناء مولانا الرومى يسرح بشدة فى هذه المجموعة ، فالمتأمل فى القطعة الشعرية ( سورة الرؤية ) سيجد قضايا العرفان الكشف والشهود والفناء ، ترفع رايتها لتعلن عنوجودها.
وكما برع سهراب بكونه فنان تشكيلى فى رسم الكائنات فى لوحات رسمه ، برع أيضا فى أن يخلق من الكلمات كائنات ، حتى أنه يجعل اللسان ينعقد من الدهشة والحيرة من هذا الابداع ، ولماذا لا وسهراب يعبر عن هوية حضارة وتراث يتغذى وينتعش يوم بعد يوم .
ومن يغوص فى قاع القطعة الشعرية ( سورة الرؤيا ) يجد سهراب تشابه أيضا فى فكرة بناء القصيدة مع بعض رجال العرفان ، فـــ( سورة الرؤيا ) التى نجده فيها قد تشابها مع مشايخ الصوفية الشعراء ، فلشدة ارتباطهم بالقرآن نسجوا شعرا يتشابه مع مقدمات سور القرآن ومع نهايات آياته المجيدة ، كالشيخ البرهانى وهوأحد مؤسسى الطرق الصوفية فى العالم الاسلامى ، فالشيخ البرهانى نسج قصيدة تتشابه مع سورة مريم، فعندما نسمعها تأخذنا الى آيات القرآن الكريم . كذلك فعل سهراب مع فرق المعالجة ، فقد بدأ قصيدته بالقسم كما يفعل القرآن ، وذكر الناس بالجحود والانكار تجاه الانبياء ، وبالتبشير والتحذير والتهويل .
ولكن براعة سهراب فى أنه جعل دلالة الكلمة تتساوى مع الكائنات ، فالمعنى والمحسوس شئ واحد .
فلك الخيرة أن ترى كلمة مكان بيضة فى قفص ، أو العكس .
ويبرع سهراب فى أن يعيد للكلمة وزنها حيث هى البشارة ، وهى رسول أهم مخلوق وهو العقل أو القلم ، لكن الذكاء فى نجاح سهراب فى صنع علاقات توحد بين جميع الكائنات ، فى لاتعرف الغرابة وما ينتج عنها من وحدة .
فلدى سهراب سبهري توحدا لطيفا بجميع الكائنات وميلا كبير لاحياء كل ما حوله من أشياء وكائنات .
وأختم الكلام بأن سهراب سبهرى امتداد مباشر وادامة حية لتراث حضارى مازال يتنفس حتى اليوم رغم التصنيف والتنظير . ورغم اختلاف المعالجة بين أهل الحداثة والتراث .
.........................
بنده يوسف

سورة الرؤية

أقسم بالرؤية
وببدء الكلام
وبتحليق الحمام من الذهن
توجد مفردة (بيضة) فى القفص
كانت كلماتى مضيئة ، مثل قطعة عشب
فأنا قلت لأولائك :
أن على شرفة عتباتكم شمسا
ان لو فتحتم الباب
ستسطع وتنير (على) أفعالكم
وقلت لأولائك :
ليس الصخر لزينة الجبال
وكذلك المعدن ،لم يكن لتزيين جسد الفأس .
وفى كف يد الأرض جوهرة خفية.
دهش الرسل جميعا من بريقها
لتكونوا فى درب (أبحثوا عن) الجوهرة
وخذوا اللحظات إلى مرتع(مرج) الرسالة.
..................................................
وانا قد بشرت أولائك ،بصدى أقدام رسالة بشارة
وباقتراب النهار ، وازدياد الالوان
وبطنين الورد الأحمر ،خلف لف ودوران الكلام الغير المستقيم.
.................................................
وقلت لأولائك :
من يرى فى ذاكرة الخشب روضة
سيبقى وجهه فى هبوب رياح غابة الفتنة الأبدية.
وكل من صاحب طير الهواء.
سيكون منامه أكثر منامات الدنيا راحة.
ومن يقطفون النور من رؤوس اصابع الزمن
ستفك عقد النوافذ بالآهات.
................................................
كنا تحت صفصافة
فقطفت ورقة من غصن كان فوق رأسي
فقلت :
أفتحوا أعينكم ، أتريدون آية افضل من هذه ؟
فسمعتهم يتهامسون معا:
أنه يعرف السحر ، سحر!
...............................................
هم شاهدوا فوق كل قمة جبل رسولا.
لكنهم حملوا (جاءوا بـ ) غيوم الجحود.
أنا ارسلنا الريح كى ترفع القبعات عن رؤوسهم.
وكانت عيونهم مليئة بالجحود
(فأغلقنا عيونهم) فختمنا على أبصارهم.
ولم نوصل ايديهم إلى أغصان الفطنة والذكاء
ملأنا جيوبهم بالتعويد
وشوشنا عليهم النوم
بصوت سفر المرايا.

سعيد نويضي
13/06/2008, 10:13 PM
بسم الله الرحمن الرحيم...

الأخ يوسف سلام الله عليك و رحمته و بركاته...

كثيرا ما يتم الخلط بين الحداثة و التجديد و بين الثراث و ما هو قديم...لأن عامل الزمن هو العامل المشترك بين هذه المفاهيم...و يأتي الإنسان ككائن عاقل فاعل في الحياة بين هذا الزمن أو ذاك متشبث بهذا أو ذاك مدافع عن هذا أو ذاك...فالإنسان العادي الذي لا يتفاعل مع محيطه لا القديم و لا الجديد لا يشكل بالنسبة له الإبداع كممارسة هم أو قلق أو بحث أو ما شابه ذلك...و من تم يكون دوره مستهلك اكثر من منتج...بقدر الحاجة...فهو حداثي إن استعمل الحاسوب على سبيل المثال...و هو متشبث بالثراث إذا مارس عادة من العادات التي وجد عليها آباءه و أجداده...

أما دور المثقف فهو مبدع بشكل أو بآخر...و ممارسته للإبداع تتشكل من قناعاته التي يؤمن بها و يعمل على بثها و تلقينها و تبليغها للآخر...فكل مثقف له نصيب من العلم و المعرفة...قد تكبر دائرة معارفه و تتقلص دائرة جهله و قد يحدث العكس...فالعلم و الجهل هما الحد الفاصل في تكوين رؤية الإنسان لدوره في الوجود...

و لذلك تشكل الحداثة بالنسبة للمثقف مرحلة من مراحل تطور الفكر الإنساني في علاقته بما هو قديم أو بالثراث على سبيل المثال...و ليس المراد في هذه الكلمة هو الحديث عن الحداثة بقدر ما هي تعليق عن نص المقال الذي يضع الإبداع و الهوية فوق الحداثة و الثراث...فكوني أتبع ملة إبراهيم عليه السلام و سنة نبيه محمد عليه أفضل الصلاة و أزكى التسليم...و أعتز بفضل من الله جل و علا و بمنته أنني من المسلمين...لا يضرني تصنيف هذا و لا ذاك...

فالأدب الإسلامي يأخذ بكل ما يمكن تعزيز مكانته في عصر يستند لكل شيء يستطيع به أن يقتحم عوالم الآخر ليبث فيه "رسالته"...فكل عمل إبداعي يتضمن رسالة إما واضحة جلية أو خفية مستترة...لأن الكلمة و هي الجسر الذي تعبر منه المعنى من العالم الخارجي إلى العالم الداخلي للإنسان تكون بمتابة صورة أو فكرة أو شعور يحمل في مقوماته ما يؤثر بشكل أو بآخر في سلوك المتلقي...فيترك "أثرا" إما بالإيجابي أو بالسلبي في شخصية المتلقي...بمعنى آخر تستطيع الكلمة أن تغير من سلوك الفرد في اتجاه معين إما لإعلاء قيم و فضائل الإسلام و إما لإعلاء قيم و فضائل قد تتقطاع مع قيم الإسلام و تشترك معها كما قد تختلف معها كلية...

و من تم فالأدب الإسلامي هو من جملة الوسائل التي تساعد المثقف و المبدع الذي يدين دين الحق أن يبلغ للآخر مضمون و محتوى آخر الرسالات التي ربطت بين الأرض و السماء لتحقيق الحق و إبطال الباطل...عن طرق تفعيل القيم التي قد تكون غير تامة أو غير ناضجة أو غير راشدة بالنسبة للغير، أو في حالة سكون و ركود و غفلة و إعراض لمن يحملون نفس الانتماء و ينسبون لنفس الملة و العقيدة و كانوا من "خير أمة أخرجت للناس..."

أما بالنسبة للقصيدة الجميلة "سورة الرؤيا" فللحديث بقية إن كان في العمر بقية...

دمت في رعاية الله حل و علا...

بنده يوسف
14/06/2008, 01:34 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
وإن من شئ إلا يسبح بحمده
السلام عليكم أستاذى الكريم سعيد نويضي ، طابت أيامك وأزاد الله حلاوة لسانك العفيف ، فقد أشرفتنى بكلماتك

أشكرك على كلماتك الغالية

وبصراحة ; كلماتك ، أضائت ما قصدت ، نحن فى عالم الشرق فعلا نرتفع عن جميع موازين الغرب ، هم قسمونا إلى تراثيين ومحدثيين ، ونحن أرقى من ذلك .
فكما أفضتم لو أن الاديب الاسلامى نفسه ، اتشح بلباس اسلامى ، فهذا لايعنى أنه فوق النقد والمسائلة ، فهو أديب مسئول

ولديه دور حضارى كبير يجب أن يقوم به ، ولايكون مجرد مستهلك لآليات القدماء .
وكذلك الحال مع من يتشح بلباس حداثى غربي فهو يفيض لنتاج حضارة مستوردة وليس لهويته وحضارته هو ، ومهما ازاد من رصيد فكل هذا لايحسب فى حساباته ، بل لحساب الغير .
فالاديب يعبر عن شخص مثقف ، والمثقف ، يمثل مرحلة من الوعى ، ولو ظهر اديب بهذا الصورة المستهلكة ، فهو لايعبر لا عن ادب اسلامى ، ولاحتى حداثى غربي ، أنه مجرد ألة مشحونة ، مسلوبة الهوية .
....................................
دامت كلاماتك وتشرفت بقلمك سيدى
بنده يوسف

بنده يوسف
14/06/2008, 01:34 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
وإن من شئ إلا يسبح بحمده
السلام عليكم أستاذى الكريم سعيد نويضي ، طابت أيامك وأزاد الله حلاوة لسانك العفيف ، فقد أشرفتنى بكلماتك

أشكرك على كلماتك الغالية

وبصراحة ; كلماتك ، أضائت ما قصدت ، نحن فى عالم الشرق فعلا نرتفع عن جميع موازين الغرب ، هم قسمونا إلى تراثيين ومحدثيين ، ونحن أرقى من ذلك .
فكما أفضتم لو أن الاديب الاسلامى نفسه ، اتشح بلباس اسلامى ، فهذا لايعنى أنه فوق النقد والمسائلة ، فهو أديب مسئول

ولديه دور حضارى كبير يجب أن يقوم به ، ولايكون مجرد مستهلك لآليات القدماء .
وكذلك الحال مع من يتشح بلباس حداثى غربي فهو يفيض لنتاج حضارة مستوردة وليس لهويته وحضارته هو ، ومهما ازاد من رصيد فكل هذا لايحسب فى حساباته ، بل لحساب الغير .
فالاديب يعبر عن شخص مثقف ، والمثقف ، يمثل مرحلة من الوعى ، ولو ظهر اديب بهذا الصورة المستهلكة ، فهو لايعبر لا عن ادب اسلامى ، ولاحتى حداثى غربي ، أنه مجرد ألة مشحونة ، مسلوبة الهوية .
....................................
دامت كلاماتك وتشرفت بقلمك سيدى
بنده يوسف