المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تسريبات اسرائيلية تحتاج الي توضيح



مريم محمود العلي
16/06/2008, 12:33 PM
تتضارب الآراء حول مسيرة المفاوضات الفلسطينية ـ الاسرائيلية، فبينما يحرص الطرف الفلسطيني المفاوض علي التأكيد في جميع المناسبات علي تعثرها، وعدم تحقيق اي تقدم علي صعيد القضايا الرئيسية المطروحة، يخرج علينا الطرف الاسرائيلي بتسريبات صحافية توحي بالعكس تماما، وتتحدث عن التوصل الي اتفاقات حول بعض القضايا.
التصريحات التي ادلي بها امس الجنرال السابق عامي ايالون عضو المجلس الوزاري الاسرائيلي المصغر في حكومة اولمرت ورئيس جهاز الشين بيت السابق، لصحيفة كل العرب الصادرة في الناصرة، وكشف فيها عن اتفاق لتبادل أراض بين السيد احمد قريع (ابو العلاء) رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض وتسيبي ليفني وزيرة الخارجية الاسرائيلية هو التجسيد الحقيقي لهذا التضارب.
ايالون اكد وجود اتفاق، ولكنه رفض اعطاء تفاصيل في هذا الشأن، واعطي بعض المعلومات حول رؤيته للتسوية لقضية القدس، وكأنه يلمح الي الخطوط الرئيسية لاتفاق قريب حولها، عندما قال ان الاحياء اليهودية في المدينة ستبقي تحت السيادة الاسرائيلية، وكذلك حائط البراق (المبكي) بينما تخضع المناطق الاسلامية للسيادة الفلسطينية، باستثناء المسجد الاقصي وقبة الصخرة، حيث سيخضعان لادارة الوقف الاسلامي.
لا نعرف مدي دقة تصريحات ايالون هذه، وما اذا كانت مجرد جزء من عملية التضليل وبالونات الاختبار التي تطلقها الحكومة الاسرائيلية من حين الي آخر، ولكن تأكيد الرئيس الامريكي جورج دبليو بوش مجددا علي امكانية التوصل الي اتفاق قبل نهاية هذا العام يعطي بعض المصداقية لاقوال ايالون، فقبل اسبوع تقريبا جري تسريب انباء عن توصل الطرفين المتفاوضين، الفلسطيني والاسرائيلي، الي اتفاق حول الحدود، اي حدود الدولة الفلسطينية المفترضة، ولم ينف السيد قريع الذي اجتمع مع نظرائه الاسرائيليين عشرات المرات، هذه التسريبات، بل أكدها بصورة غير مباشرة.
المشكلة تكمن في ان هذه المفاوضات تجري في اجواء مغلفة بالسرية المطلقة، بعيدا عن اعين الصحافة والرأي العام في الجانبين، الامر الذي يزيد من غموضها، وزيادة حدة التكهنات بشأن ما يجري خلف الغرف المغلقة.
فاذا كان الوفد الاسرائيلي المفاوض يملك استراتيجية واضحة، ومرجعيات محددة يعود اليها مثل مجلس الوزراء المصغر، فإن الوفد الفلسطيني المفاوض لا يملك اي مرجعية حقيقية شرعية، ومحكوم بمزاج شخصين، هما رئيسه السيد احمد قريع ورئيس السلطة في رام الله السيد محمود عباس.
ان اكثر ما نخشاه ان يفاجئنا الرجلان باتفاق صدمة جديد مع الاسرائيليين يمررانه علي الشعب الفلسطيني من خلال استفتاء مزور، تماما مثلما فاجآنا باتفاق اوسلو قبل خمسة عشر عاما.
فالسلطة في رام الله لا تحتكم الي المؤسسات الشرعية الفلسطينية، بل لا تعترف بوجودها، فالمجلس الوطني الفلسطيني معطل، وحتي لو جري تفعيله فإنه لم يعد يمثل القوي الحقيقية علي الارض، اما المجلس التشريعي فثلث اعضائه في السجون الاسرائيلية ولم يجتمع منذ عام علي الاقل.
الشعب الفلسطيني يجب ان يتحرك، ويفرض ضوابطه علي السلطة ورئيسها، ويصر علي الشفافية المطلقة، لانه المتضرر الاكبر من اي اتفاق ينتقص من الحقوق الشرعية، وينحرف عن الثوابت الاساسية.

"القدس العربي