المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دراسة أمريكية حول التعايش في إسرائيل



الدكتور أسعد الدندشلي
16/06/2008, 04:51 PM
[font=Times New Roman]دراسة أمريكية حول التعايش في إسرائيل

دراسة أمريكية حول التعايش في إسرائيل

تشغل إشكالية التعايش بين المواطنين اليهود والعرب جل اهتمام الأوساط الرسمية والأكاديمية والبحثية ليس فقط في إسرائيل، وإنما أيضاً في الولايات المتحدة الأمريكية. وينبع هذا الانشغال من الانعكاسات السلبية التي يمكن أن تنعكس على الدولة والمجتمع الإسرائيلي؛ نتيجة عدم قدرة مكوناته السكانية (اليهود والعرب) على التعايش فيما بينهم، حيث تُؤثر نوعية العلاقات بين هذه المجموعات العرقية والدينية مباشرة على حالة وحيوية البلاد، وسمعتها العالمية. وتبدو خطورة هذه الإشكالية في ضوء المعطيات السكانية القائمة. فطبقاً لإحصاء سكان إسرائيل عام 2007 هناك أغلبية يهودية تُقدر تقريباً بـ 80 % من السكان وأقلية عربية تقدر بـ20 % تقريباً (بما في ذلك العرب في القدس الشرقية).
انطلاقاً من ذلك أصدر مركز القيادة العامة Center for Public Leadership في كلية كينيدي بجامعة هارفارد Harvard Kennedy School في 15 مايو 2008 دراسة بعنوان"التعايش في إسرائيل: دراسة قومية" Coexistence in Israel: A National Study"". نُشرت على الموقع الإلكتروني للمركز.
فكرة الاستطلاع
أشرف على الدراسة تود إل. بيتنسكي Todd L. Pittinsky الأستاذ المشارك في كلية هارفارد كينيدي (الباحث الرئيس في الدراسة) ، وجينيفر إل. رادكليف Jennifer L. Radcliff a زميل ما بعد دكتوراه post-doctoral fellow بمركز القيادة العامة، و لورا أيه. ماروسكين aura A. Maruskin الباحثة المساعدة بمركز القيادة العامة. وساعد باحثو جامعة حيفا University of Haifa في جمع المادة. وقد شارك في دعم الدراسة مؤسسة آلان بي. سليفكا Alan B. Slifka Foundation إلى جانب مركز القيادة العامة.
استهدفت الدراسة تقديم مشهد لطبيعة العلاقات الحالية بين المواطنين اليهود والعرب في إسرائيل، بينما تحتفل الأخيرة بذكراها الستين؛ وذلك بغرض توفير رؤية وتوجهاً ليس فقط لصانعي السياسة الساعين إلى فهم وجهات نظر الرأي العام الإسرائيلي حول التعايش اليهودي - العربي في إسرائيل، ولكن أيضاً للجمهور الإسرائيلي. بل أن الباحث الرئيسي في الدراسة بيتنسكي Pittinsky عبر عن إمكانية أن يؤدي التعايش بين يهود وعرب إسرائيل إلى تسوية الصراع العربي الإسرائيلي.
وأجريت الدراسة، حسبما جاء في مقدمتها، كجهد مباشر لفحص العلاقات بين مواطني إسرائيل اليهود والعرب. واستهدف فريق البحث فهم مشاعر واتجاهات المواطنين اليهود والعرب في إسرائيل تجاه السمات الرئيسية للتعايش، مثل: تأييد الفرص، والسياسة اللغوية، والتكامل الداخلي، والمسؤولية، والضرورات الملحة.
وقد اعتمدت الدراسة في تجميع البيانات على إجراء استطلاع رأي لعدد من المواطنين العرب واليهود في إسرائيل. وتم تجميع بيانات الاستطلاع من خلال مقابلات هاتفية مع 1000 مواطن يهودي بالغ، بالإضافة إلى مقابلات وجهاً لوجه مع 721 مواطن عربي بالغ. وأجري الاستطلاع مع المواطنين اليهود في الفترة من وسط نوفمبر حتى نهاية ديسمبر2007. بينما أجري الاستطلاع مع المواطنين العرب في الفترة من منتصف أكتوبر حتى نهاية ديسمبر2007.
توجهات المبحوثين للتعايش
أظهرت نتائج استطلاع الرأي أن أغلبية مهمة من المواطنين اليهود والعرب يؤيدون التعايش، إذ عبرت الغالبية العظمى من المواطنين اليهود (73 %) والمواطنين العرب (94 %) عن رغبتهم في أن تكون إسرائيل مجتمعاً يقوم على الاحترام المتبادل بين المواطنين العرب واليهود وعلى تكافؤ فرص.
اتجهت الدراسة إلى قياس اتجاهات المواطنين اليهود والعرب إزاء بعض السمات الضرورية لتحقيق التعايش، ومن تلك تعليم العربية في المدارس اليهودية، ومدي تفضيل العرب للعيش في إسرائيل. وقد أيد 68 % من المواطنين اليهود تعليم العربية في المدارس اليهودية للمساعدة على جلب المواطنين العرب واليهود سوياً، والذي من شأنه المساعدة في تحقيق التعايش. في حين رفض 32%. وفي المقابل أكد 77 % من المواطنين العرب على تفضيلهم العيش في إسرائيل عن أي بلاد أخرى في العالم، مما يعكس توجهاً أصيلاً لدي هذه الفئة بالرغبة في البقاء في إسرائيل وفق نظام حكمها.

هذا ما يُظهر توافر رغبة عالية تعكسها إجابات المواطنين اليهود والعرب لتحقيق التعايش في إسرائيل، فكلا الطرفين أكدا على رغبته في أن تكون إسرائيل مجتمعاً يعيش فيه اليهود والعرب في إطار من الاحترام المتبادل وتكافؤ الفرص للجميع.
فوائد التعايش
حرصت الدراسة على معرفة الأسباب التي تقف وراء إجابات المواطنين اليهود والعرب فوجهت سؤالاً مفاده : إلى أي مدى تعتقدون أن التعايش سيحقق فائدة للاقتصاد والثقافة والأمن إسرائيل؟، وقد كشفت الإجابات عن إدراك المواطنين اليهود والعرب كلاهما للفائدة الكبيرة من التعايش، التي ستعود بشكل أكبر على الاقتصاد، ثم على الثقافة، وبعد ذلك على الأمن.
وتظهر نتائج الاستطلاع موافقة 48.1% من اليهود على أن الفائدة الأكبر للتعايش ستنعكس على الثقافة والاقتصاد الإسرائيلي ، بينما وافق 43.9% على أن الفائدة الأكبر ستعود على الثقافة، في حين وافق 23.5% أن الفائدة الأكبر ستعود على أمن إسرائيل. وبالنسبة للمواطنين العرب، فقد عبر 90.8% عن أن الفائدة الأكبر من تحقيق التعايش ستعود على اقتصاد إسرائيل، بينما وافق 88.7% على أن الفائدة الأكبر ستعود على الثقافة، في حين وافق 70.7% على أن الفائدة الأكبر ستعود على أمن إسرائيل.
وتعكس هذه الإجابات أن المنفعة الاقتصادية لدي المواطنين اليهود والعرب تتفوق على ما عداها، فهناك إدراك مشترك بأن تحقيق التعايش في إسرائيل من شأنه أن يوفر بيئة سليمة لاقتصاد إسرائيلي قوي. ويأتي بعد الاقتصاد الثقافة ثم الأمن. وقد يعود مجيء الثقافة في المرتبة الثانية إلى قناعة الطرفين اليهودي والإسرائيلي بأن هناك اختلافات حقيقة في ثقافتهما، ومن ثم فإن تحقيق التعايش قد لا يؤدي بصورة سريعة إلى تقارب ثقافي، وإنما يتطلب الأمر بعض الوقت.
مسؤولية تحقيق التعايش
كشفت الدراسة عن أن أغلبية مهمة من المواطنين اليهود والعرب تُشعر بأن مسؤولية تحقيق التعايش تقع على المواطنين بالدرجة الأولي. فقد عبر أكثر من ثلثي المواطنين اليهود (69 %) عن اعتقادهم بأن المساهمة في تحقيق التعايش يُعد مسؤولية شخصية؛ بينما بلغت النسبة عند المواطنين العرب نحو 91.5%.
غير أن ذلك لا يعني أن الحكومة ليس لديها أي مسؤولية في تحقيق التعايش وهو ما عبر عنه المواطنون اليهود والعرب معاً، إذ عبرت أغلبية مهمة منهما عن رغبتهما في أن تتقدم الحكومة في تحقيق التعايش من خلال العمل الحكومي. وبلغت النسبة عند المواطنين اليهود 58.2%، بينما ارتفعت عند المواطنين العرب إلى 90.6%.
وبالنظر إلى البيانات السابقة يتضح أنه بالرغم من الاتفاق المشترك بين اليهود والعرب في العديد من التوجهات، فإن معدلات المواطنين العرب كانت دائماً أكبر من نظيراتها عند المواطنين اليهود. فقد أيد 94% من العرب تحقيق التعايش في مقابل 73% من اليهود، وارتفعت نسبة العرب الذين يفضلون العيش في إسرائيل عن أي مكان آخر إلى 77%. ووافق 90.8 من العرب على أن الفائدة الأكبر من التعايش ستعود على الاقتصاد في مقابل 48.1%. وفي مقابل 69% من اليهود يعتقون أن تحقيق التعايش يقع على مواطني إسرائيل أنفسهم ارتفعت النسبة عند العرب إلى 91.5%، كما أن 90.6% من العرب يحضون الحكومة على أن تتقدم بإجراءات حكومية لتحقيق التعايش في مقابل 58.2% من اليهود. وكل ذلك يعكس ارتفاع الرغبة في التعايش لدي العرب أكثر منه لدي اليهود.
معوقات التعايش
خلصت الدراسة إلى وجود عائقين رئيسيين أمام تحقيق التعايش وهما كالتالي:-
1- وجود التحيز والإجحاف: حيث تتطلب جهود ترقية التعايش في أغلب الأحيان تخفيض الإجحاف والتحيز.
2- الاعتقاد ببعد ميل كل مجموعة إلى الأخرى: فقد وجدت الدراسة أن المبحوثين من اليهود والعرب يقللون بشكل ملحوظ من تقدير درجة ميل مجموعاتهم للمجموعات الأخرى. وبشكل محدد، يعتقد أكثر المواطنين اليهود والعرب أن أكثر أعضاء مجموعاتهم لا تحب المجموعةَ الأخرى.
ففي معرض الإجابة على سؤال وجه للمواطنين اليهود مفاده: كم عدد المواطنين اليهود الذين تعتقد أن لديهم اتجاهات ايجابية تجاه المواطنين العرب؟. أجاب 11% فقط بأن "أغلب" "Most" لديهم اتجاهات ايجابية تجاه العرب، بينما أجاب 1.4% بـ "العديد" " Many" ، في حين أجاب 28.1% بـ "عدد صغير" " Small number "، وأخيراً أجاب 59.5% بـ "قليل" "Few". بذلك فإن النسبة الأكبر من المبحوثين اليهود قد عبروا عن اعتقادهم بأن النسبة الأكبر من المواطنين اليهود داخل إسرائيل ليس لديها مشاعر ايجابية تجاه المواطنين العرب.
وبالنسبة للمبحوثين العرب، ولدي سؤالهم عن عدد المواطنين العرب الذين لديهم اتجاهات ايجابية تجاه المواطنين اليهود، أجاب 27.1% بـ "أغلب" " Most" العرب داخل إسرائيل لديهم مشاعر ايجابية تجاه اليهود، بينما أجاب 6.1% بـ"العديد" " Many"، في حين أجاب 44.4% بـ"عدد صغير" "Small number"، وأخيراً أجاب 22.4% بـ"قليل" "Few". وبذلك فإن العدد الأكبر من المواطنين العرب ليس لديهم مشاعر إيجابية تجاه المواطنين اليهود. غير أن الملاحظ أنه قد حدث تباين واضح بين إدراك المبحوثين لتوجهاتهم الخاصة تجاه اليهود والعرب وبين إدراكهم لتلك التوجهات لدي المجتمع. فعند توجيه بند للمبحوثين اليهود مفاده: " أنا لدي اتجاهات ايجابية تجاه المواطنين العرب"، وافق 64% منهم على ذلك. ولم يختلف الحال لدي المبحوثين العرب، فعند توجيه بند للمبحوثين العرب مفاده: "أنا لدي اتجاهات ايجابية تجاه المواطنين اليهود"، وافق 68% منهم على ذلك.
ضرورات التعايش
كشفت نتائج الدراسة عن أن أغلبية مهمة من كلا المواطنين اليهود والعرب تعتقد أن الحاجة إلى تحسن التعايش عاجلة وملحة. فقد وجه البند التالي إلى المبحوثين وطلب منهم التعبير عن رأيهم: "تحسين علاقات المواطنين العرب واليهود لا يمكنه الانتظار حتى نهاية الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين". وقد وافق 65.6% من المبحوثين اليهود على هذا البند، وارتفع هذا الرقم إلى 84% عند المبحوثين العرب. وبذلك عبرت الأغلبية عن أن العمل السريع لتحقيق التعايش في إسرائيل مطلوب ومن ثم فإن إجراءات الحكومة الإسرائيلية يجب أن تبدأ الآن، ولا تنتظر حتى نهاية الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
نتائج الدراسة الختامية
في ختام الدراسة علق الباحث الرئيسي فيها Todd L. Pittinsky على نتائجها مشيراً إلى ما يلي:-
1- أن بيانات ونتائج الدراسة تدعم ما وجده في بحث allophilia حول الدليل العالمي للمصلحة، والراحة، والمودة بين البعض، حتى في المجتمعات التي تخوض صراعاً. حيث يوضح جزء متنامي من البحث أنه من الممكن لأعضاء مجموعات مختلفين تماماً عن بعضهم ليس فقط أن يتسامحوا لكن أيضاً أن يشعروا بالإيجابية تجاه بعضهم البعض بالرغم من خلافاتهم حتى في إسرائيل.
2- لاحظ بيتنسكي Pittinsky أن الكثير من التغطية الإعلامية تركز على الانقسامات بين المواطنين اليهود والعرب في إسرائيل، وليس بشكل كافي على الجهود المخلصة المشتركة لتحقيق التعايش بسلام.
3- قال بيتنسكي Pittinsky أن "كل يوم، تمضي التجارب الإبداعية في التعايش إلى الأمام" ويضيف أن"الناس على الأرض في إسرائيل يديرون مراكز اجتماعية تُمكّن التبادل الثقافي؛ ففي المدارس ثنائية اللغة، وفي ظل تعاون شبكة أطفال المدارس الصغار يصبح اليهود والعرب ملمين ببعضهم البعض من الناحية الثقافية. ويستحق هذا الأمر نفس قدر الانتباه للصواريخ وحواجز الطرق.
وفي النهاية فإن الجهود الأكثر نجاحاً يجب أن تُطلق على نطاق أوسع.

وطبقاً لآلان سليفكا Alan Slifka الذي مول العديد من مشروعات التعايش في إسرائيل، والذي مولت مؤسسته هذه الدراسة: "يدعم هذا التقرير أن الوحدة بين يهود وعرب إسرائيل التي طالما تشككنا فيها ليست فقط سهلة المنال ولكن أيضاً هناك تأييد عام كبير لها. إن الخطوة القادمة الحرجة لصناع السياسة الإسرائيليين هي جلب تغييرات هيكلية تجعل الجماهير اليهودية والعربية تؤيد إعادة تشكيل التقسيمات التعليمية، والسكنية، والدخول المالية، والتقسيمات الأخرى التي تقوض الوحدة الوطنية."
4- لاحظ بيتنسكي Pittinsky أن " التغير في العلاقات اليهودية - العربية داخل إسرائيل يمكن أن يساعد على تشكيل أرضية قاعدية لدعم التحول من الصراع الإقليمي إلى التعاون الإقليميِ بين العرب واليهود. وربما يساعد تحسين المساواة والارتباط البناء بين مواطني إسرائيل اليهود والعرب على خلق موجة من التأثير الذي سينتشر، ففصل العلاقات لن يكون بين اليهود والعرب في إسرائيل، لكنه سينتشر في منطقة الشرق الأوسط بشكل واسع."
المصادر: تقرير واشنطن - خالد عبد الحميد

منى حسن محمد الحاج
24/06/2008, 03:10 PM
نشكرك أستاذ اسعد على نقل هذه الدراسة التنويرية..
إن نقل مواضيع كهذه يُثري ثقافتنا وللأسف الشديد لم أكن أجد الوقت الكافي لقرائتها واستمتعت اليوم بهذه القراءة لهذا الموضوع الحساس ولهذا التعايش الذي يفرضه الواقع وكذلك نتائج الدراسات..
سأحاول المتابعه ما استطعت فلا يجب أن تفوتنا هكذا مواضيع.
إن وجودك بيننا يُشرفنا يا أستاذ أسعد..
حياك الله ولك كل الود والتقدير..

الدكتور أسعد الدندشلي
24/06/2008, 09:21 PM
نشكرك أستاذ اسعد على نقل هذه الدراسة التنويرية..
إن نقل مواضيع كهذه يُثري ثقافتنا وللأسف الشديد لم أكن أجد الوقت الكافي لقرائتها واستمتعت اليوم بهذه القراءة لهذا الموضوع الحساس ولهذا التعايش الذي يفرضه الواقع وكذلك نتائج الدراسات..
سأحاول المتابعه ما استطعت فلا يجب أن تفوتنا هكذا مواضيع.
إن وجودك بيننا يُشرفنا يا أستاذ أسعد..
حياك الله ولك كل الود والتقدير..

الزميلة والأخت الغالية منى حسن محمد الحاج المحترمة
تحية طيبة لك وشكرا على قراءتك الموضوع واهتمامك الذي تلمسته في تعليقك المثمر والمفيد، وأنا حقا كما جاء في ردك أحرص أن أضع بين النواحي التي تجري في المجتمع الأمريكي والتي أرى من الضروري أن نقف عليها لتكون معينا ثقافيا ومعرفيا لنا كمثقفين ومهتمين إزاء ما هو قائم في ذاك المجتمع وليس بالضرورة أن يكون نشر وكتابة مثل هذه المواضيع أنني أتوافق معها بالرأي بل المهم أن ننقل بأمانة حقيقة ما هو قائم لنلم به ومن ثم نعمل على ما يجب عمله ...
أكرري شكري وتقديري لإهتمامك ومع ودي ومحبتي واحترامي