المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مدينة الوقت



ماجدة ريا
17/06/2008, 05:52 PM
شارع عريض، أشجّار باسقة تظلّله، ينعكس من اخضرارها ألوان بيضاء وزّعت بشكل متباعد ومتواز، جعلها تتدرّج من اللون الأبيض المبهر، إلى بياض رائق يتسلّل منه الضوء ليترك مكاناً للأخضر الغامض الذي يفصلك عن ضوء مبهر جديد...
أسير في ذلك الشارع وروحي تلاحق تلك الأضواء المتناغمة كما لوحة الحياة، عندما لفتني وجود بوّابة كبيرة تدعو المار من جانبها للولوج في داخلها.
"يا لها من بوابة غريبة كما الإسم الذي نحت في لوحة علّقت فوقها لتعرّف عمّا في داخلها".
ردّدت ذلك مع نفسي وأنا أقرأ تلك اللوحة " مدينة الوقت".
وأخذتني التساؤلات على حين غرّة: "مدينة الوقت؟! أي مدينة هذه؟ هل أجد فيها ما أبحث عنه، وما شغل الناس كثيراً؟... لا بد أن أدخل وأتأكّد بنفسي، ماذا يوجد داخل هذه المدينة الغريبة!".
دنوت من البوابة، وقلبي يخفق بوجل لغرابة ما يرى، وسرعان ما لمحت ذلك الحارس الفارع الطول، القوي البنية، المتناسق الملامح. لكنها ملامح جامدة، لا توحي بأي شيء، كما لو أنها ملامح تمثال لا يبشّرك بحزن أو بفرح، حتى عيناه، جامدتان لا تتحرّكان، وأنا في حيرتي من أمر حارس لا يرى ولا يسمع ولا يتحرّك. انتبهت إلى يده المرفوعة، التي تحمل سيفاً طويلاً مقوّساً ينزل ويرتفع دون توقّف وبسرعة هائلة، على عرض تلك البوّابة.
" هكذا إذاً؟! الأمر في غاية الخطورة!"
وردت إلى ذهني مباشرة عبارة "الوقت كالسيف، إن لم تقطعه قطعك!" تردد صدى هذا المثل في قلبي وعقلي معاً ولكن بوتيرة تتناغم مع حركة سيف مسلّط على الرقبة، ورغبة جامحة في دخول هذه المدينة الغريبة! وأخذني التفكير... والقرار هو أنه لا بد من الدخول، ففي هذه المدينة ما أبحث عنه ولن أضيّع الفرصة!
وجاءني هاتف كما لو أنه صادر عن هذا الجماد الذي لا يتحرّك ليضعني أمام حقيقة لا جدال فيها: "حذار للمرور، الدقيقة لها ثمنها، والثانية أيضاً، بل ربما الجزء من الثانية يكون له كلمة فصل بين حياة أو موت!".
***
"إذن هذا الحارس لا شأن له بأية حسابات، علي أن أحسب حساب الدقيقة والثانية..."
حدّقت بالسيف كي أضمن لنفسي سرعة المرور في اللحظة المناسبة قبل نزوله، راقبته حتى بدأ بالارتفاع إلى أعلى، وما إن وصل إلى أعلى نقطة يصلها، حتى كنت، كسرعة البرق وولوج الريح، من الباب دخلت.
وعندما أصبحت في مأمن من ذلك السيف، أخذت نفساً عميقاً، وسرّحت ناظري في تلك المدينة، قبل أن أشرع في البحث عن طلبي.
صادفت أول ساكن من سكان هذه المدينة، وسألته:
"هنا في مدينة الوقت، ما أهمية الوقت لديك؟"
وقف، أمعن النظر إلى وجهي كأنه يريد أن يتعرّف إلي وقد استغرب سؤالي، ثم ما لبث أن أجاب:
" امنحيني وقتاً لأفكّر." ثم استطرد مبتسماً "هذا هو"
"ماذا؟!"
"أهمية الوقت من أهمية ما نفكّر فيه."
تابعت طريقي، مررت بآخر، كان رجلاً متقدما في السن، ولا زال يعمل بجد، وسألته السؤال ذاته، فكان جوابه:
" الوقت يا ابنتي هو في أهمية ما نقدمه من أعمال".
تابع عمله، فيما أنا تابعت طريقي، التقيت بثالث جالساً في أحد المقاهي يتناول قهوته بهدوء غير عابىء بشيء, فسألته.. وكان الجواب:
" أهمية الوقت في أن أقضيه كما أحب وأرغب!"
تركته ومضيت وأنا أسأل نفسي "أين أجد ضالتي؟ ومن سيعطيني الجواب الشافي؟!"
وبينما أنا في حيرتي، اقتربت مني طفلة صغيرة، وبدلال الأطفال سألتني "هل تبحثين عن شيء سيدتي؟"
ابتسمت لها وأنا أجيبها: "أبحث عن جواب لسؤال يحيرني!"
" ما رأيك لو تأتين معي لتسألي أبي، فهو حكيم هذه المدينة".
"ولمَ لا يا عزيزتي، سآتي معك."
عندما دخلت إلى حيث يجلس ذلك الرجل الذي بدا عليه الوقار، استبشرت خيراً، وازدادت فرحتي عندما سمعت كلماته التي قضت على حيرتي وجعلتني أهز رأسي موافقة:
"أهمية الوقت يا ابنتي هو في أن ندرك أنه مهم".
ماجدة ريا

ناهد يوسف حسن
25/06/2008, 07:16 AM
الأخت ماجدة ريا
هذه أول مرة أدخل قسم الطفل في واتا
قرأت القصص والمقالات
ووصلت لقصتك هذه
لي بعض التعليقات التي آمل أن تناقشيني فيما لا يعجبك
فأنا أكتب للفائدة فقط
قصتك هذه طويلة بالنسبة لي ، فكيف بالنسبة لطفل؟
معنى القصة لطفل صغير تقريباً حتى عمر 8 _ 9 سنوات
لكنها طويلة بالنسبة لهذا العمر
نهاية القصة لم تعطنا فائدة
في قولك
أهمية الوقت أن ندرك أنه مهم
طبعاً هذا مجرد رأي يحتمل الخطأ
تحياتي

ماجدة ريا
26/06/2008, 01:37 PM
الأخت العزيزة ناهد يوسف حسن
أولاً أريد أن أرحب بهذه الطلّة الكريمة وهذا المرور الجميل مع وقفة متأملة فاحصة لا بدّ وأنها ستساعد في إلقاء الضوء على هذا العمل التربوي المتواضع.
بالتأكيد القصة ليست موجّهة لمن هم دون العاشرة، لأن ابن الثامنة بالكاد تعلّم القراءة، وهي موجهة للفئة العمرية الأكبر التي بدأت تُقبل على صياغة شخصيتها ومفاهيمها.
وهنا نأتي إلى الشق الآخر، والذي اعتبر فيه أن كل الآراء هي مجرّد آراء تحتمل الصواب وتحتمل الخطأ، وكلنا قد نصيب وقد نخطىء، حتى المفاهيم هي نسبية ما يراه أحدناً مفيداً قد يراه الآخر أقل فائدة، وقد يراه غيره من دون فائدة أبداً!
أما بالنسبة لي فإنني وفقاً لخبرتي التربوية المتواضعة أرى أن تعليم الطفل والمراهق أهمية الوقت كمفهوم من مفاهيم كثيرة يجب أن نرسّخها في ذهن الطفل ومن خلال طرح لا يثقل عليه، هو أمر من الأمور الأساسية والمهمة جداً.
أكرر شكري لمرورك الذي أنار صفحتي ولك مني أطيب التحيات
ماجدة

ناهد يوسف حسن
26/06/2008, 06:08 PM
أختي ماجدة ريا
شكراً لردك الجميل الواعي
كما قلتِ يجب أن نعلم الطفل مفاهيم وقيم عدة منها المحافظة على الوقت
بتوظيف القصة للوصول لهذه الأهداف السامية
وجزاكِ الله خيراً على ما تكتبين
أنا أعتقد أن أهم كتابة هي الكتابة للطفل
لأن ما نكتبه قد يبقى مزروعاً في عقولهم ويبقى مبدأ لا يحيدون عنه
واستعمال القصة يقرب المفاهيم من عقل الطفل
وفقك الله
**********************
كان لدي عدة ملاحظات لتطوير هذا القسم
لمن أوجهها؟
أنا أكتب للطفل وقريباً سأضع كتاباتي
وأريد منك ومن باقي الزملاء التكرم بإشباعها نقداً وتمحيصاً
بغير هذا لن نتطور
تحية ومودة

ماجدة ريا
28/06/2008, 11:44 PM
أختي العزيزة ناهد يوسف حسن
أرحب بععودتك من جديد وبارك الله بك


كان لدي عدة ملاحظات لتطوير هذا القسم
لمن أوجهها؟

ربما من الأفضل مناقشتها مع مشرفي القسم


أنا أكتب للطفل وقريباً سأضع كتاباتي
وأريد منك ومن باقي الزملاء التكرم بإشباعها نقداً وتمحيصاً
بغير هذا لن نتطور
يسعدني اهتمامك بعالم الطفل فهو عالم جميل جداً
وان شاء الله نتعاون جميعاً في تقديم كل ما هو مفيد
فمناقشة ما نكتب فعلاً يساعد على التطور
أشكرك مجدداً ولك مني أطيب التحيات

ماجدة ريا
28/06/2008, 11:44 PM
أختي العزيزة ناهد يوسف حسن
أرحب بععودتك من جديد وبارك الله بك


كان لدي عدة ملاحظات لتطوير هذا القسم
لمن أوجهها؟

ربما من الأفضل مناقشتها مع مشرفي القسم


أنا أكتب للطفل وقريباً سأضع كتاباتي
وأريد منك ومن باقي الزملاء التكرم بإشباعها نقداً وتمحيصاً
بغير هذا لن نتطور
يسعدني اهتمامك بعالم الطفل فهو عالم جميل جداً
وان شاء الله نتعاون جميعاً في تقديم كل ما هو مفيد
فمناقشة ما نكتب فعلاً يساعد على التطور
أشكرك مجدداً ولك مني أطيب التحيات

حنين حمودة
30/07/2008, 09:31 PM
العزيزة ماجدة،
قرأت قصتك سابقا، لكن تعاسة النت ما ساعدتني لأوصل تعليقي.
أعتقد أن قصتك مناسبة جدا للأطفال الأكبر من العاشرة.
وأعتقد أن مفاجأة الحكيم في تعريفه لأهمية الوقت بديعة، وتعطي عمقا للأهمية في حد ذاتها.
تقديري