المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المدارس على شبكة الانترنت: فوائد كبيرة وآفاق مفتوحة



ماجدة ريا
17/06/2008, 11:35 PM
هل من الضروري تواجد المدارس على شبكة النت؟ وما مدى أهمية مثل هذا الأمر؟
هل المدرسة تمثّل فقط المكان الذي يذهب إليه الطالب لتلقّي علومه ونيل شهاداته؟ أم أن هنالك دوراً آخر أهم وأكبر يكون منوطاً بها ؟ وما الدور الذي يمكن أن تلعبه شبكة الإنترنت في خدمة المدارس؟
المدرسة هي المكان الذي تحتضن الإنسان طفلاً، ليتخرّج منه بعد ذلك شاباً، ويلتحق إما بالجامعة لمتابعة دراسته، وإما ليزاول مهنة يريدها، المهم أنه يقضي الوقت الأكبر من أيام طفولته وترعرعه في أحضان المدرسة، لذلك فإنها تشغل من نفسه حيّزا كبيراً، ويتأثّر بتنشئتها وتربيتها، إضافة إلى أنه يحمل الشهادة التي يرتبط اسمه بها.
من هنا يمكن القول إن المدرسة تلعب دوراً كبيراُ في حياة المرء، وفي التأثير عليه، ولذا تقع على عاتقها مسؤوليات جسام أمام تزايد تحدّيات التطور العلمي والتكنولوجي الحاصل في العالم، ولا يمكن غض الطرف عنه، لأنه بدأ يدخل إلى كل مكان، ويفرض نفسه كجزء من حياة البشر. ومن المفترض أن تلعب المدرسة الدور الأكبر في تهيئة وتجهيز الناشئة للإنخراط في عملية التفاعل مع هذا التطور الموجود.
اليوم سنتحدّث فقط عن أهمية تواجد المدارس التربوية على الشبكة، من خلال انشاء موقع خاص بكل مدرسة، يتضمّن شرحاً وافياً عن عملها كمؤوسسة تربوية.
لا يبدو الموضوع جديداً في الطرح، إذ بالفعل هناك عدد من المدارس اليي استحدثت مثل هذه المواقع، وبدأت برفدها بما ترغب من معلومات عن المدرسة ونشاطها، تاريخها وطلابها ومعلميها وإدارييها...
لكن هذا النموذج من المدارس ما زال نادراً إذا ما قورن بنسبة المدارس الموجودة فعلياً، بينما المطلوب أن يعمّم هذا النموذج على كل المدارس، خاصة وأن كلفة إنشاء موقع على الأنترنت لا تشكّل عقبة أمام المصاريف التي تنفقها المدرسة على أمور أخرى، كما أن هذه الكلفة لا تذكر أمام الفوائد الجمّة التي ستحقّقها المدرسة من خلال إنشائها لمثل هذا الموقع الخاص بها خاصة إذا أجادت إدارته.
سنتحدّث قليلاً عن الفوائد التي يمكن أن تجنيها المدرسة من إنشائها موقعاً خاصاً بها على شبكة الإنترنت، وهي تشمل نوعين من الفوائد هما فائدة دعائية، وفائدة تربوية.
ـ الفائدة الدعائية: لا يخفى على أحد أن وجود موقع لأي مدرسة على شبكة الأنترنت يمثّل دعاية كبيرة لها أمام كل الذين يفدون إلى هذا العالم الرحب، ليس في مكان تواجدها وحسب وإنما في جميع أقطار العالم، وما أكثر الذين يتوجّهون إليه لأنه بات يشكل عصباً مهماً من الحياة لا يمكن تجاهله أو التغاضي عن أهميته.
هذا العالم الذي يدخله الصغار والكبار، المتخصصون والباحثون، العاديون والهاوون.. كل أصناف البشر، كل يمكن أن يجد له استراحة ومكان ما يقصده في هذا العالم، ولا بد للصروح التربوية أن تكون موجودة فيه بشكل فاعل، تُمكّن الباحث عنها من ارضاء فضوله.

الفائدة التربوية: بالتأكيد الفائدة التربوية هي أكبر وأعم، وتزداد أهميتها مع تمكّن المدرسة من القدرة على التعاطى بشكل جيد مع الموقع من أجل تفعيله ليؤدّي الدور المطلوب منه، وهذا ليس بالأمر السهل باعتبار أن مجتمعنا ما زال يجهل وبشرائح كبيرة منه أهمية الدور الفاعل لشبكة الأنترنت، من الناحية التربوية ومن ناحية التسهيلات التي يمكن أن تقدّمها للأهل والطالب معاً. إلاّ أن هذه الصعوبة يمكن تذليلها إذا ما اعتمدت سياسات ناجعة لتخطّيها.
فمثلاً: تدريب طلاب المدرسة على آلية استخدام الكمبيوتر وهذا أصبح متاحاً ضمن منهجية التعليم الحديثة، يتبعها تدريبه على استخدام الشبكة عندما يصبح بعمر يسمح له بذلك.
أن تتحدّث المدرسة من خلال القائمين عليها بشكل مستمر من أجل إيجاد الوعي الكافي لهذا الأمر لدى الطلاب الذين يمكن أن ينقلوه بدورهم إلى الأهل ليتفاعلوا معهم من هذه الناحية، لأن الطالب لا يستطيع أن يفعل شيئاً بمفرده و يحتاج إلى دعم أهله إن من أجل إيجاد بدل الإشتراك الشهري للإتصال بشبكة الأنترنت، أو لإعطائه مصاريف الإتصال بها عندما يكون مضطراً لذلك، كما يمكن للمدرسة أن تقيم برامج توعية للأهل، سواء باستدعائهم إلى اجتماعات توعية تقيمها، أو أوراق ترسلها لهم تتحدّث فيها عن أهمية هذا الأمر.

عندما تدرج المدارس المعلومات الكافية عنها، فإنها تسهّل الكثير من الأمور، فالحديث عن تاريخها وإنجازاتها يعطي المرء فكرة واضحة عنها، تمكّنه من اختيار الصرح التربوي الذي يريد أن يسجّل أبناءه فيه.
يمكن للمدرسة أن تدرج تعريفات بمعلّميها وكفاءاتهم، وهنا سيشعر الطالب بأنه يعرف معلمه أو معلمته بشكل أكبر وأكثر إيجابية، وسيسود جو من الإلفة بين الطلاب ومعلّميهم، بين الطلاب والمدرسة ككل، لأن الطالب سيشعر بأنه يعرف كل شيء عن مدرسته، فيحبّها أكثر، وينكسر بذلك حاجز الرهبة الموجود بينه وبينها.
كما يمكن أن يتضمّن الموقع نهج المدرسة وسياساتها وبرامجها التربوية، والإرشادات التي تريدها، ووضع أي شيء تربوي يمكن أن يساهم في دفع العملية التربوية إلى الأمام.
لا بل يمكن أن تضع المدرسة وبشكل يومي على موقعها على الانترنت خريطة البرامج والدروس وحتى الواجبات المفروضة على الطلاب، بما يسهّل على أولياء الأمور متابعة اولادهم والتعرف على المراحل التي وصلوا إليها في الدراسة.
كما يمكن إعطاء كل طالب مساحة خاصة يمكن الدخول إليها من قبل الأهل عبر اسم وكلمة سر غير معروفة إلا من قبلهم، وفي هذه المساحة السريّة يمكن للأهل الاطلاع على كل المعلومات الخاصة بأبنائهم وتقدمهم في الدراسة والمشاكل التي تعترضهم في الصفوف ومع المعلمين.
وأهم ما يجب أن تضعه المدرسة في موقعها هو بريدها الإلكتروني الذي يمكّن الطلاب أولاً والآخرين ثانياً سواء من الأهل أو غيرهم من التواصل مع إدارة المدرسة كلما احتاجوا إلى ذلك دونما انتظار أو تضييع للوقت، ويمكن أن تحل الكثير من الأمور العالقة من خلال مثل هذا التواصل.
ومن المفيد أن يكون للمعلمّين ايضاً بريدهم الخاص بكل واحد منهم يمكن الطلاّب من التعاطي معهم بإيجابية ومن دون خوف.
إن مثل هذه الأمور ستقرّب المسافات بين الجميع.
هنالك ناحية مهمة لا بد من الإشارة إليها ايضاً وهي أن وجود بريد المدرسة الألكتروني ضمن الموقع سيمكّن أي جهة كان من الإتصال مع هذه المدرسة دون صعوبة تذكر، فمثلاً هنالك مسابقات تقام حالياً عبر الإنترنت يكون نطاقها أكبر من الوطن الصغير وتمتد لتشمل الوطن العربي الكبير، إن وجود عنوان المدرسة على النت سيمكّن منظّمي هذه الجهات من التواصل مع المدارس من اجل إعطاء طلابها فرصة المشاركة في مثل هذه المسابقات.
ربما أيضاً يكون هنالك ندوات فكرية أو تربوية تنظّم من جهات دولية عبر حوارات على النت، وكي تتمكن المدارس من المشاركة بشكل فاعل لا بد وأن يكون لها وجودها على شبكة الأنترنت.
وربما تقوم المدرسة هي ذاتها بإنشاء مثل هذه الحوارات التربوية والدعوة إليها من خلال اتصالها بشبكة الانترنت.
لقد تحوّل العالم كله إلى قرية صغيرة، يمكن من خلالها أن يتواصل الكل مع الكل، لكن حتى يتم ذلك لا بدّ لكل شخص أو مؤسسة أو مجموعة من أن يجد له مكاناً داخل هذه القرية الكونية التي تقدّم التسهيلات الكثيرة وتختصر الكثير من الوقت لكل من يريد أن يعبر عن رأيه أو يتواصل مع الآخر أو يقدّم فكراً للآخر.
نعم، لا زالت العملية في بداياتها، البعض بدأ، ولكنه ما زال يخطو خطواته الأولى، ولكن كثر لم يبدأوا بعد، رغم كل هذه الأهمية، ما يزالون يعيشون ضمن المسار التقليدي الذي يؤخرهم عن اللحاق بركب التطور الذي يتسابق مع الزمن.
هي دعوة للإلتحاق بهذا الركب، فيستفيد من ذلك المدرسة والطالب والمجتمع ككل.
ماجدة ريا