المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اضواء على الموقف السوري على ضوء تصريحات المعلم"للشرق الاوسط"



سميح خلف
20/06/2008, 12:24 AM
اضواء على الموقف السوري على ضوء تصريحات المعلم"للشرق الاوسط"


المعلم مهندس الدبلوماسية السورية للشرق الأوسط ، أوضح المعلم للشرق الأوسط بأن المفاوضات بين سوريا وإسرائيل بوساطة تركية ،واتفاق الدوحة الخاص بالوضع الداخلي اللبناني ،و الهدنة بين حماس والكيان الاسرائيلي ، والمصالحة الفلسطينية الفلسطينية كلها في سلة واحدة .

تحدث بحذر مهندس الدبلوماسية السورية ووزير خارجيتها عن التقدم والنجاح في المفاوضات الغير مباشرة التي تجرى منذ أكثر من شهر بين سوريا والكيان الصهيوني في حين علق الرئيس الأسد أي مصافحة بينه وبين شمعون بيرتس في مؤتمرباريس الشهر القادم، بأن أي مصافحة بينه وبين المذكور تعتمد على مقدار التقدم الذي يمكن أن يتحقق في المفاوضات الجارية في حين أن الجانب الاسرائيلي قد أعلن عن تقدم ما في تلك المفاوضات وصرح أولمرت بأن الجولان ستعود لسوريا .

وإذا ما رجعنا للخف لتصريحات موفاز والمتطرفين الاسرائيليين لم تخلوا تصريحاتهم من التخوف من استغلال الجولان لتواجد ايراني استراتيجي .

ومن جانب آخر تحرك فرنسي سوري أتى على خلفية اتفاق الدوحة في تقارب سريع الخطوات بين ادارة سركوزي والرئيس الأسد ،حيث تأمل فرنسا بالتحاق سوريا بالمبادرة الفرنسية لدول حول البحر الابيض المتوسط واطلاق مشروع الشرق الأوسط ، لا نريد هنا أن ندخل في تفاصيل هذا المشروع الذي يسعى إلى تذويب الهوية الجغرافية والثقافية للخارطة العربية بقدر ما إننا نريد أن نسلط الأضواء على تصريحات مهندس الدبلوماسية السورية وليد المعلم .

لم يكن بالإمكان الوصول إلى أي اتفاق في الساحة اللبنانية التي بقيت عقود تراوح مكانها في خلافات توصف بالمذهبية أحيانا ً وأحياناً أخرى بأنها صراع بين برنامجين ، برنامج الصمود واجندته الخاصة ، وبرنامج التطويع وأجندته التطويع لشرق أوسط تكون إسرائيل فيه هي القوة الإقليمية بأبعادها الثلاث العسكرية والاقتصادية والأمنية وهذا أقرب لتفسير الواقع في الساحة اللبنانية إلا أن التوافق بين البرنامجين لم يأتي عبثا ً أو براعة فردية خارقة بل إذا كانت هناك براعة فهي ألمت بجميع المتغيرات المستحدثة والجديدة في المنطقة .

المفاوضات السورية الاسرائيلية أتت على قناعة من كلا الأطراف بأن الحرب الكلاسيكية أصبحت مستبعدة للتغيير والتجديد التكنولوجي الذي أعطى عدة فرضيات عسكرية استراتيجية وتكتيكية في المنطقة ، إذا اشتعال أي حرب بين سوريا وإسرائيل ستبقى حرب يخسر فيها الجميع وبشكل واسع وخاصة إسرائيل ويمكن أن نستدل بالخيوط الابتدائية لهذا الصراع أو لهذه المواجهة بالمعطيات والنتائج التي تركتها المواجهة بين إسرائيل وقوى المقاومة في الجنوب اللبناني ، ولذلك أصبحت إسرائيل على قناعة بأن المفاوضات وعودة الجولان حتمية كنتيجة للصراع مع سوريا وإسرائيل تتطلع إلى موقع أبعد من الجولان كموقع وكأرض فإسرائيل تتطلع إلى حيثيات أساسية أولها الأمن والثاني القدس وتهويد القدس ودولة فلسطينية كما تحدث الرئيس عباس ديمقراطية وليست إسلامية ولكن بخصوص هذه الدولة مازال المشوار طويل لتعقيدات الساحة الفلسطينية وما بها من ألوان وبرامج متناقضة لا نعلق كثيرا على المباحثات والمفاوضات التي يجريها الوفد الفلسطيني في رام الله ، أما المشروع التي تتطلع إليه إسرائيل بشكل استراتيجي أن تصل إسرائيل إلى سلام أكثر تقدما من كامب ديفيد في أواخر السبعينات فلقد طرحت إسرائيل على مصر بأن ترفدها بقناة من النيل إلى أراضي النقب ولم يلقى هذا الطلب النجاح لظروف متعددة والآن إسرائيل تفكر وبالتنسيق مع تركيا بدلا من أن تستورد المياه عبر السفن من تركيا تفكر في انشاء قناة مائية عبر الاراضي السورية تنتطلق من تركيا ونهايتها النقب وشبكة مائية لإسرائيل أعتقد أن هذه الدوافع هي التي حركت أولمرت والعازر في اتجاه دعم موضوع المفاوضات مع سوريا .

وبالمفهوم الاقليمي للصراع في منطقة الشرق الأوسط ، أتى لأمريكا ما أهملته سياستها وخبرائها فعند ضربها للعراق واحتلاله كانت تحلم أمريكا بشرق أوسط ومنظومة عولمة تهيمن فيها على منطقة الشرق الأوسط بتعيين مدير عام وهي إسرائيل إلا أن الظروف التي لاقتها قوات الغزو الأمريكي في العراق من قاعدة بنائية لها تجربة وخبرة وهي القوات المسلحة العراقية والتي شكلت كيانات قتالية مختلفة أجهظت التوجهات الأمريكية التي طلبت أكثر من مرة المساعدة من دول الجوار وهذا كان مكمن قوة لسوريا ولإيران ، لقد استغلت ايران الوضع المنهك أمريكياً في تنمية قدراتها النووية والتكنولوجية في حين أن حلفاء أمريكا في المنطقة وبرغم امتلاكهم لبلايين براميل البترول لم يستطيعوا افادة أمريكا في موقفها الحرج في العراق .

بدأت المعادلة تتغير من مفاتيح الموقف في العراق لتمتد إلى سوريا ولبنان وفلسطين .

وكما ذكرنا سابقا ً من أسباب تحول دون أي مواجهة كلاسيكية بين سوريا وإسرائيل فهذا ينطبق أيضا على الموقف بين ايران وأمريكا ، فأي حرب يمكن أن تكون خيارا ً فستكون مدمرة وستخسر فيها أمريكا حتما ً وستكون تلك المواحهة تبويب جديد للمنطقة لا يخضع لحسابات أمريكا في المنطقة .

ولذلك تتجه السياسة الأمريكية إلى مبدأ تقاسم النفوذ والذي يبدأ من العراق وينتهي بفلسطين ، ومبدأ التعايش مع ايران ضمن معادلة تستفيد منها في العراق على المستوى الاقليمي وتستفيد أيضا ً منها سوريا ولبنان وفلسطين ولكن الوضع في العراق ورغم تحركات المالكي إلى إيران لاقناعهم بوجود قواعد أجنبية أمريكية خارج المدن ومخولة بعمليات عسكرية حرة في داخل المدن فتعتبر ايران الشرطية يمكن أن تجير لصالح القوى المضادة للنهج الايراني في داخل العراق ومازالت معادلة تقاسم النفوذ بين أخذ وعطاء بين حكومة المالكي والقوى العراقية الأخرى مع أمريكا وبالضرورة ايران على الخط .

ونأمل هنا أن يكون للمقاومة العراقية شأن ودور عربي في المحافظة على قومية العراق وعمقها التاريخي للأمة العربية ، أما ما حدث للدوحة فهو تنازل للحلف المقاوم الذي تناغم مع البرنامج الايراني والطموح الايراني ، فلقد تنازلت أمريكا في لبنان لقوى المعارضة وكبتت الاغلبية في نقاط على أمل أن أمريكا تريد أن تحصد النتائج بشكل شمولي وليس مجزء ، فالوصول لسلام مع سوريا بالتأكيد سيكون له ظواهر أيديولوجية سياسية وميدانية على البعد المقاوم في لبنان وفي فلسطين وتسعى سوريا من خلال تعدد المسارات التي فرضتها أمريكا على ماهية التحركات السياسية في المنطقة أن تجمع كل الخيوط من اتفاق الدوحة إلى الهدنة مع إسرائيل إلى المصالحة الفلسطينية الفلسطينية ولكن هل تستطيع سوريا كما أخذت وعد بالإنسحاب من الجولان بأن تحد أو توقف الاستيطان في القدس وهل تستيطع سوريا من خلال لملمة المسارات المختلفة المتعلقة بالقضية الفلسطينية تستيطع أن تفرض تنازلا ً من إسرائيل وأمريكا على انسحاب كامل من الاراضي الفلسطينية المحتلة ما قبل الرابع من حزيران .

بالتأكيد أن هناك خيوط سيناريو جديد بين أمريكا وايران وحلفائهم على مبدأ المعايشة ويمكن أن يكون تشخيص لقضية الارهاب في ذلك .

وللمتتبع لحيثيات الصراع بين حماس وإسرائيل وحماس ونهج أوسلو نستطيع القول أن حماس في مواجهتها مع تيار أوسلو كانت تريد أن تكرس الذات وأن تثبت وجودها وبرنامجها وقد استطاعت ذلك في أحداث غزة شهر ستة العام الماضي وكل ما أوتيَ نهج أوسلو من مساعدات تهاوى تحت أقدام نظرية اثبات الوجود لحماس والفصائل الأخرى ولذلك ستشهد الايام القادمة والشهور القادمة تراجعات سياسية لتيار أوسلو حيث فقد كثير من أوراق اللعبة وليس بغريب أن يقر المجلس الثوري لحركة فتح بإعادة العلاقات والاتصالات والتنسيق احيانا ً مع إيران وسوريا وأن يخرج الرئيس الفلسطيني عباس لطلب المصالحة مع حماس فالسياسية لا تعرف الجمود في ظل فشل نهج وفشل برنامج وفشل الرهان على القوى الأخرى كأمريكا وانتقلت شروط حكومة رام الله الحادة إلى نغمة التعايش التي هي صفة الخيار الاقليمي والدولي في المنطقة ، فحكومة رام الله لا تمتلك من الأوراق شيئا ً وعليها المضي في مبدأ التعايش المفروض إقليميا ً .

دخلت التهدئة يومها الأول بين حماس وإسرائيل وبرغم أن التهدئة منقوصة في ظل هجمة استيطانية وعدوانية في الضفة إلا أن التهدئة محدودة لــ6شهور وعلى ما أعتقد منظورها ومددتها تمتد إلى المفاوضات الجارية بين سوريا وإسرائــيل وبين حزمة المقبلات الأوروبية وإيران والبرنامج النووي .

السيناريو الجديد وكما أوضح وليد المعلم وزير خارجية سوريا حزمة مترابطة لا تنفصل ونأمل من هذا السيناريو أن يحقق مكاسب في الوضع الفلسطيني بعد أن ذهب به تيار أوسلو إلى الحضيض وما على حكومة رام الله إلا أن تقبل مبدأ التعايش وبدلا ً من أن يخرج مستشاريها في الفضائيات إلى وضع الشروط والمعوقات في مشهد لا يسمى إلا (حلاوة الروح ) أن ينسوا حلاوة الروح ويدرسوا بموضوعية المتغيرات التي حدثت في المنطقة وأن ينزلوا من أبراجهم الاوسلوية ليروا الواقع الذي يحمل معه الجديد في أوراق اللعبة .

بقلم /م.سميح خلف