المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بيان هام للقيادة القومية حول الأوضاع العربية الخطيرة



شادي دودين
20/06/2008, 10:31 PM
بيان القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي 19/06/2008

بسم الله الرحمن الرحيم

حزب البعث العربي الاشتراكي أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة
القيادة القومية
مكتب الثقافة والإعلام

وحدة... حرية... إشتراكية

شبكة البصرة
بيان هام للقيادة القومية

حول الأوضاع العربية الخطيرة

يا جماهير شعبنا العربي

أثارت الاتفاقية التي قررت الولايات المتحدة الأمريكية فرضها على العراق جدلاً واسع النطاق اقترن بحصول تغييرات جوهرية في المواقف السياسية للكتل المنخرطة في العملية السياسية التي (يرعاها) الاحتلال الأمريكي وبردود فعل عربية مهمة تنطوي على دلالات خطيرة. من هنا فإن تسليط الضوء على الجوانب الخطيرة فيما يحدث أصبح ضرورياً جداً لمنع خطة خلط الأوراق في أجواء استمرار تنفيذ المخططات المتلاقية الأمريكية والإيرانية في العراق وبقية الأقطار العربية.



أيها الأحرار أيها المفكرون أيها المناضلون في الأمة

إن أول ما يلفت الانتباه هو الاستقطاب الأمريكي - الإيراني الذي يروج له الإعلام العربي والإيراني، فمن الواضح أن للطرفين الأمريكي والإيراني مصلحة أساسية في تركيز الأنظار على صراع ثانوي حول تقاسم الغنائم ومناطق النفوذ ومرتكزات الصراع الأساسي في العراق والمنطقة، وإضفاء طابع مزيف عليه وهو أنه صراع بين إيران والقوى الامبريالية كما تدعي طهران وتوابعها من العرب، أو أنه صراع بين (الخطر الإيراني) المتسع وبين محاولات أمريكا احتواءه، كما تدعي واشنطن وتوابعها من العرب ويكتمل عنصر التضليل بجعل الصراع الأمريكي- الإيراني وتحشيد كل طرف قواه عراقياً وعربياً وتسخير الإعلام لخدمته، طاغياً على الصراع الأساسي الحقيقي، ومعتماً عليه وهو الصراع بين المقاومة العراقية المسلحة والسلمية الداعمة لها، وبين الاحتلال الأمريكي - الإيراني للعراق.

إن لأمريكا مصلحة مشتركة مع ايران في ضخ الجهود الأساسية، خصوصاً السياسية والإعلامية في اتجاه واحد ألا وهو استهداف المقاومة العراقية وضربها وتصفيتها حتى يتسنى لهم صياغة عراق وفق المصالح المشتركة للاحتلالين الأمريكي والإيراني الغاصبين الدخيلين والعدوين التاريخيين للأمة العربية في الماضي والحاضر والمستقبل.

وتنفيذاً لهذا المخطط شهد العراق مسرحية اعتراض جماعات تابعة لإيران على الاتفاقية، الاسترقاقية، لدرجة أن عزيز الحكيم، وهو عراب الاتفاقية من خلال زيارته لواشنطن ووضعه اللمسات الاخيرة مع الإدارة الأمريكية للاتفاقية، أعلن أنه يعترض عليها لأنها تمس سيادة العراق، وكأن للعراق سيادة بعد أن سلموه إلى أمريكا، أما التيار الصدري فإنه نظم مظاهرات ضد الاتفاقية رغم أنه وافق على خطوطها العامة في العام الماضي حينما عرضت على ما يسمى بـ(مجلس النواب)، إضافة إلى أن وجوده في العملية السياسية يجسد دعماً مباشراً لهذه الخطة.

مقابل ذلك أخذت الكتل الاخرى المناهضة لإيران تعيد تنظيمها واصطفافها في استعداد واضح لدعم الاتفاقية بحجة انها تساعد على اخراج إيران من العراق ومنع تهديداتها المستقبلية! وهكذا أصبحت المسألة الأساسية، من وجهة نظر التكتلات المنخرطة في العملية السياسية هي الاختيار بين "السرطان الأمريكي الخبيث" والطاعون الإيراني، وليس بين تحرير العراق أو استعباده.



إن الاتفاقية الأمريكية ليست عادية ولاتقتصر على العراق، بل هي تتويج طبيعي لاحتلال العراق وخطوة أساسية وخطيرة في تنفيذ الأهداف الأمريكية. ولتوضيح ذلك يجب الانتباه لما يلي :

1- أن الاتفاقية تطبق لزمن مفتوح وتحول العراق إلى أهم القواعد الأمريكية في العالم، حيث تنص الاتفاقية على إقامة أكثر من خمسين قاعدة، كما تنص على جعل فضاء العراق بعمق 28 كم خاضعاً للسيطرة الأمريكية. وتفرض الاتفاقية حق القوات الأمريكية والقوات غير النظامية (المرتزقة من الشركات الأمنية الخاصة التي عُرفت ب "بلاك واتر" وغيرها) في القتل والاعتقال وشن الهجمات داخل العراق وخارجه. لذلك وإذا اكتفينا بهذه النصوص، فإن سيادة العراق واستقلاله لن يستعادا مادامت الإتفاقية مطبقة.



2- إن الاتفاقية الأمنية العسكرية، المشار إليها تقترن باتفاقية النفط والغاز والتي تجرد العراق من الثروة الأساسية، وهي النفط، وتجعله تحت سيطرة أمريكا لمدة نصف قرن تقريباً وقد تكون أطول من ذلك، حيث تعطي الحق للاحتلال الامريكي في الاستيلاء على ثروة العراق الاساسية، كما أعطت لأمريكا حصة من نفط العراق أكثر من 70% من موارده بحيلة شرعية تغطي جريمة النهب المبرمج للثروة والسيطرة على اقتصاد العراق وانتهاك سيادته واستقلاله! الأمر الذي يعني سرقة نفط العراق بمسوغات شرعية والعودة إلى مرحلة ما قبل تأميم النفط ولكن بشكل أسوأ.



3- إن الاتفاقية الأمنية تتضمن بنوداً سرية وعلنية، وأهمها تجزئة موارد العراق التي تستلمها الحكومة، والتي تشكل الموارد النفطية حوالي 20-25% منها، وتوزيعها على (الفيدراليات) ومجالس الحكم المحلية والمدن وفقا للدستور الامريكي المفروض على العراق، كل ذلك لأجل خلق الحوافز المادية لترسيخ شرذمة ليس العراق كأرض فقط بل أيضاً شرذمة طوائفه ومكوناته الاثنية ومدنه ومحافظاته، وتهيئة البيئة لبروز (أمراء حرب) في كل حي ومدينة وتشجيعهم على الانخراط في صراعات حول الموارد!

إن هذه الخطة تتضمن عنصرين : عنصر صوّملة العراق، أي جعله على شاكلة الصومال حيث السيطرة لكل أمير حرب على منطقة صغيرة، وعنصر (خلجنة) الكيانات التي سوف تقوم تحت زعامة أمراء الحرب، أي جعلها كيانات استهلاكية صرفة تستخدم ما تحصل عليه من موارد في شراء كل شيء من أمريكا وربما من غيرها، وهكذا تُحكم أمريكا قبضتها على عراق مجزأ إلى كيانات متصارعة فيما بينها بشكل مسيطر عليه.



4- إن النجاح في صوّملة العراق ثم (خلجنته) لن يكون إلا مقدمة لصوملة و(خلجنة) كافة الأقطار العربية وفي مقدمتها السعودية ومصر، تنفيذاً للمخطط (الصهيوني) التقليدي القائم على تفتيت الأقطار العربية على أسس طائفية وعرقية وغير ذلك من الأسس. وهنا يكمن الخطر على أقطار الأمة كلها من الخليج العربي حتى المحيط الأطلسي.



5- إن الصوّملة سوف تؤدي حتماً إلى إضعاف، وربما زوال، أغلب القوى السياسية إما بتحولها إلى مليشيات محلية توجد في حي واحد أو مدينة واحدة، أو باندثارها بعد بروز أمراء حرب من بين صفوفه.



6- بموجب الاتفاقية فإن القوات الأمريكية سوف تكمل خطة عدم خوض معارك مباشرة وترك ما يسمى (الجيش العراقي) العميل وغيره من القوى العسكرية والأمنية يقوم بالدور القذر في إثارة الفتن وقتل المجاهدين وشن الهجمات وجعل القتال يتم بين ابناء العراق. لذلك فإن القوات الأمريكية سوف تتمركز في مناطق القواعد المنتشرة خارج المدن أو ضواحيها.



7- إن تنفيذ هذه الاتفاقية يتطلب إقامة حكومة تبدو شكلياً (حكومة مصالحة وطنية) وتضم كتلا عديدةً، ومدعومة (بجنرالات) خانوا وطنهم والقوات الوطنية العراقية المسلحة الشرعية، ليقوموا تدريجياً بتصفية المليشيات بعد أن تكمل دورها المرسوم وهو نشر وإثارة الفتن الطائفية والمذهبية والدينية وخلق العداء المستحكم والصراعات الدموية الموتورة ليس فقط على مستوى محافظات العراق ككل وإنما إلى المستوى الذي يطال كل المدن العراقية والحارات، عند ذلك يأتي (الجيش العميل) ليصفي (أمراء الحرب) دون أن يلغي الواقع الذي خلقوه وهو وجود تشرذم مسنود بحوافز مادية. وهكذا يواجه شعبنا في العراق حالة غير طبيعية وهي بروز عراق مقسم ومستنزف تسوده ثقافة الجيتوات المنعزلة عن بعضها والكارهة لبعضها لكنها تخضع لإطار عام مفروض بالقوة، وفي هذا العراق سوف تكون السلطة للأطراف وليس للعاصمة، لأجل تهميشه خارجياً وضمان أمن الكيان الصهيوني الذي سعى ويسعى لتقسيم العراق وتهميشه.



يا جماهير شعبنا المناضلة الصامدة

إن هذه الخطوط العامة للاتفاقية، وما سيقترن بها من اتفاقيات أوملاحق سرية تطرح حقيقة واضحة وهي إن الخطة الأمريكية لن تبقى مخاطرها داخل حدود العراق بل هي سوف تنتشر في كل الأقطار العربية، ولذلك لم تكن صدفة ما تم من أحداث في الساحة الفلسطينية، حيث لاحظ العالم أن القوى الفلسطينية بدل أن تتوحد وتعزز وحدتها تشرذمت واقتتلت مع الاسف الشديد، وبدل التركيز على مقاومة الاحتلال الصهيوني أصبح تقاسم السلطة والنفوذ هو الهدف في وقت يسعى (الكيان الصهيوني) لإقامة كيان ثالث في فلسطين المحتلة إضافة "لكيان غزة" و"كيان الضفة" كما أكد ذلك الناطق الصهيوني باسم خارجية الكيان في الآونة الأخيرة، مستغلا في منطقه هذا عملية الاقتتال الفلسطيني -الفلسطيني! بالرغم من أن المفاوضات السابقة (أوسلو، مدريد، كامب ديفد الثانية،... الخ) قد أقرت قيام دويلة فلسطينية "وجمدت البحث في مصير القدس وحق العودة للاجئين" إلا أنها لم تسقطها من "مفاوضات لاحقة"، غير أن ما يجري في الضفة الغربية وغزة اليوم، وتواطؤ معظم الحكومات العربية، دفع "بحكومة الكيان الصهيوني" بطريق مباشرة أو غير مباشرة إلى رفض حق العودة وبإصرار، وإعلان الكيان عن قرار عدم إعادة القدس الشرقية لتكون عاصمة للدولة الفلسطينية، بل يصر مدعوما من الولايات المتحدة الأمريكية على قدس موحد عاصمة أبدية للكيان الصهيوني في ظل صمت عربي رسمي مخزي!

لذلك لايمكن على الإطلاق فصل خطة الشرذمة في العراق والتي تنفذها أمريكا وأنصارها وإيران وأنصارها عما يجري في فلسطين من شرذمة للقوى الفلسطينية وسعي حثيث لإقامة كيانات محصورة في مدن أو محافظات! ومن الواضح أن الخطة الأمريكية – الصهيونية"- الإيرانية في فلسطين تتجه لبروز أمراء حرب يتقاتلون فيما بينهم لأسباب عديدة من أبرزها ما طرأ من عامل جديد على الساحة الفلسطينية، وهو إدخال الطغمة الحاكمة في إيران، من خلال بعض عناصر فلسطينية، بذور فتنة صراع طائفي في فلسطين، مع أنها كانت خالية منه في كل تاريخها. ويأتي هذا التوجه الخطير ليوسع نطاق الشرذمة في فلسطين مؤكداً لما ذهبنا إليه في مفهوم الشرذمة وقيام كيانات داخل المشروع الأمريكي الصهيوني الإيراني.

وما يحصل في فلسطين يقع ما يشبهه في لبنان، إذ أن الإصرار الأمريكي الإيراني على جعل لبنان أحد أهم ساحات تجاذبات التصفيات قد أدى إلى صنع أزمة مفتعلة، تتواتر فصولها بلا توقف أو حل سريع، وتوجت هذه الأزمة المفتعلة بتحويل الصراع من صراع سياسي إلى صراع مسلح باحتلال بيروت وقتل العشرات وجرح المئات وتخريب المنشآت! وبتأثير هذه الأزمة المفتعلة وتداعياتها وردود فعلها المباشرة وغير المباشرة سار لبنان خطوة أخرى خطيرة على طريق الشرذمة. لقد كان كان الصراع في لبنان قد صمم كي يتخذ شكل صراع بين المسيحيين والمسلمين، فلم ينجح المخطط، وفقاً لما أراده المخططون، مما استدعى القوى المعادية للأمة ووحدة لبنان إلى الدفع في إتجاه الإيغال في التفنن التآمري باللجوء إلى التفتيت الأخطر بعد فشل المخطط الأول، وذلك من خلال إدخال عنصر جديد وهو تقسيم كل ديانة وطائفة واشتعال الاقتتال بين أبناء الطائفة الواحدة أو الديانة الواحدة، كما حصل بين المسيحيين! تأكيداً لسياستهم الرامية إلى تجزئة المجزأ وإدامة الحرائق والتخريب في كل ركن من أركان الأمة العربية.

إن هذه الخطوة إنذار خطير جداً بالترابط المباشر بين ما يجري في لبنان وما يجري في العراق وفلسطين، نتيجة المخطط الأمريكي- الصهيوني- الإيراني في هذه الاقطار الثلاثة (العراق ولبنان وفلسطين) حيث نجد أن من يقف وراء إشعال الفتن وديمومتها هو هذه القوى الثلاثة : أمريكا والكيان الصهيوني وإيران.

وفي الأردن تزداد المؤشرات الخطيرة التي قد ترجح أن الكيان الصهيوني وبدعم أمريكي يريد حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين ومشاكل الضفة الغربية وقطاع غزة على حساب الأردن عن طريق تطبيق خطة مجرم الحرب شارون، المسماة (الوطن البديل)، والتي تعني تحويل الأردن بالذات إلى دولة فلسطينية! وهذا الاحتمال المتزايد قوة يفضي حتماً إلى اشتعال صراعات مسلحة بين الأردنيين والفلسطينيين! كما أن الأردن يواجه مشكلة النشاط المتزايد للطغمه المتسلطة على الشعوب الإيرانية في محاولات لاختراق الساحة الفلسطينية والأردنية وبناء تشكيلات عميله مرتبطة بها!

ومن مظاهر الخطر التشرذمي أيضا محاولة تحويل الصراع الإقليمي من صراع تحرري بين طرفين هما حركة التحرر الوطني العربية بقيادة المقاومة العراقية والفلسطينية، وقوى الاستعمار ممثلة بأمريكا وإيران والكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة، إلى صراع بين معسكر (السنة العرب) بقيادة السعودية، ومعسكر (التشيع الصفوي) وداعميه من العرب بقيادة إيران!

إن هذا الطرح المشبوه والخطير يعزز التوجه الذي أشرنا إليه والذي يريد فرض استقطاب تناحري أمريكي- إيراني، بدلا من فرض استقطاب نضالي مواجها للعدوان والاحتلال الأمريكي وداعميه وحلفائه، مصطفا في خندق المقاومة العراقية بكل أطيافها، اصطفافا يحشد جهود وإمكانيات قوى التحرر العربي وكافة المطالبين بخروج الاحتلال الأمريكي - الإيراني من العراق، وترك شعب العراق يقرر مصيره بإرادته التي تجسدها إرادة المقاومة وتضحيات أبطالها وصمودهم الأسطوري.

إن هذه الصورة للوضع العراقي بشكل خاص والوضع العربي بشكل عام، تؤكد بما لا يقبل الشك بأن هذه الإتفاقية الأمريكية مع الحكومة العميلة في بغداد، ما هي إلا خطوة أساسية نحو نقل الصراع الإقليمي إلى مرحلة جديدة أخطر مما نواجه الآن، لأن قاعدته الأساسية هي شرذمة المشرذم أصلاً، أي القطر الواحد والطائفة الواحدة والمدينة الواحدة والحزب الواحد.

وبالتأكيد أن طرفي المؤامرة الكبرى هما أمريكا والكيان الصهيوني من جهة، وإيران من جهة ثانية، وعليه فإن أولئك الذين يدعون إلى تجميد الخلاف أو الصراع مع إيران والانصراف كلياً للولايات المتحدة الأمريكية ينسون أو يتناسون أو ربما يجهلون أن ما يجري هو تنفيذ لخطة استراتيجية أمريكية صهيونية ومنافِستها الخطة الإيرانية، ومن ثم فإن الاصطفاف مع إيران سوف يرجح كفة إيران وهو تطور إذا وقع سوف يسرع بتقسيم الأقطار العربية وشرذمتها على أسس طائفية ومذهبية وعرقية، ومحو الهوية العربية! من هنا فإن الموقف الصحيح وطنياً وقومياً هو رفض الاستقطاب الأمريكي - الإيراني وإدانته وكشف نوايا طرفيه وخططهما، كما كشفتها الوقائع الميدانية والنضال ضدهما سوية تحت قيادة المقاومة العراقية، والرفض المطلق لاستبدال الاحتلال الأمريكي - الصهيوني باحتلال إيراني.



أيها المناضلون في الأمة

إن كل وطني وقومي عربي وإسلامي مطالب اليوم بالتركيز على إبراز الحقائق الإستراتيجية في الوطن العربي والعالم وهي أن الصراع الأساسي والرئيسي والحاسم هو بين الاحتلال الأمريكي في العراق وبين المقاومة العراقية الباسلة، الوطنية والقومية والإسلامية، وإن كل الصراعات الأخرى في الوطن العربي والمنطقة هي صراعات ثانوية وملحقة بالصراع الأساسي، وإن القدرة على الحسم تكمن في العراق الثائر وليس في أي مكان آخر في هذه المرحلة التاريخية والظروف الداخلية والخارجية المحيطة بالأمة من محيطها إلى خليجها، وإن دحر مخطط الشرذمة المشار إليه يمكن أن يتم بالدرجة الأولى على أرض العراق عمليا وليس في أي أرض أخرى.



يا أبناء أمتنا المجيدة

أيها الأبطال على أرض الرافدين

أيها المرابطون على أرض فلسطين والعراق

لم يعد بخاف على أحد من المطلعين والمتابعين للتاريخ القديم والحديث أن إيران كانت وما تزال طرف أساسي في الصراع ضد الوجود العربي، والهوية العربية تماماً، كالطرفين المتكاملين الأمريكي والصهيوني، لذلك لامجال لاستبعاد إيران من الاستهداف المقاوم مادامت أداة رئيسية في نشر الشرذمة الطائفية وممارسة عمليات الإبادة الجماعية ضد الوطنيين والمجاهدين في العراق، ولا نبالغ إذا قلنا- مستشهدين بما يدور على ارض العراق من جرائم ضد شعب العراق يوميا- أن من يريد باسم محاربة إيران الانضواء تحت المظلة الأمريكية لا يختلف إطلاقاً عمن يريد الانضواء تحت الجُبة الإيرانية، لأن خيارنا هو ليس بين (الشر الأمريكي الأخطر) و (الشر الإيراني الأقل خطراً) بل هو بين التحرر من أي شكل من أشكال الهيمنة الأجنبية، سواء كانت دولية أو إقليمية، وبين قبول العبودية لطرف أجنبي! أي كان مسماه... فالهيمنة الأجنبية هي واحدة ولا تقاس باللون أو التسمية.

وفي ضوء ما تقدم فإن الخيار التاريخي والصائب هو ما أكده حزبنا مراراً، خصوصاً في (البرنامج السياسي والاستراتيجي للبعث والمقاومة)، الصادر عن حزبنا في العراق في أيلول عام 2003، وهو مواصلة المقاومة المسلحة مدعومة بالمقاومة السلمية المنظمة الواعية ورفض المساومة مع الاحتلال حول سيادة وثروات واستقلال العراق والتأكيد على طرد الاحتلال والتحرر الكامل من كافة إفرازاته ومظاهر هيمنته المادية والمعنوية والتخلص من كل شكل من أشكال الوجود الأجنبي والهيمنة الأجنبية داخل العراق أيٍ كانت.

لا خيار وطني صائب غير استمرار البندقية المقاتلة ولا طريق آمن وأمين سوى تسليط الضوء على التلاقي الخطير بين إيران وأمريكا والكيان الصهيوني حول هدف كبير هو إلغاء وجود الأمة العربية ودورها الحضاري وتذويب الهوية العربية، وإقامة كيانات قزمية بلا هوية محددة، على أنقاض الأمة العربية الواحدة الموحدة.



أيها المناضلون العرب

إن هذا الموقف الذي شرحناه يستلزم ما يلي :

1- إن وحدة فصائل المقاومة العراقية كافة هو الشرط الأهم والمسبق لضمان حماية تقدم المقاومة عسكرياً ومنع تراجعها.



2- إن توسيع الجبهة القومية والإسلامية في العراق بضم كافة الأطراف الوطنية والشخصيات الوطنية إليها هو الضمانة الأساسية لقيام عراق حر ديمقراطي إئتلافي لايقع ضحية للصراعات العراقية - العراقية مجدداً.



3- ضرورة قيام الجبهة العربية المقاتلة والتي يجب أن تضم المقاومتين العراقية والفلسطينية ودعوة المقاومة اللبنانية للانضمام إليها بعد أن تفك ارتباطها بإيران.



4- العمل الجاد على الانتقال بالدعوة للجبهة العربية العريضة، والتي تضم كافة القوى والشخصيات والأحزاب العربية، من الكلام إلى العمل، فالأعداء موحدون تجاهنا حتى وهم يتقاتلون على الغنائم، لذلك لايجوز بعد الآن استمرار حالة عدم توحد القوى الحية والجهود الوطنية والقومية في الأمة لمواجهة كافة مؤامرات الشرذمة والفرقة وإنقاذ العراق وفلسطين ولبنان، ورص الصفوف إلى جانب سوريا المستهدفة أرضا وإنسانا والسعي الحثيث والمسئول للتصدي للمخططات التآمرية، التي تستهدف وحدة السودان واليمن أرضا وإنسانا، وبذر بذور الفتنة والتفتيت في السعودية والخليج العربي، وفضح خطوط اللعبة الخبيثة التي تحاول إغراق الجزائر بالقلق والتوتر وتوسيع ساحة الصراع للمزيد من الدم والتخريب المعرقل للبناء والتنمية، ومحاولة جر مصر العروبة والمغرب وبقية أقطار المغرب إلى مستنقع التشرذم والتقوقع، والوقوف الجاد لمجابهة كافة المحاولات التي تستهدف تمييع الهوية العربية وفق مسوغات مصطلحات العولمة و "الفوضى الخلاقة" ومخاض "الشرق الأوسط الكبير" الذي يسوقون له من خلال مشروعهم الصهيوأمريكي، وتتناغم معه الطغمة الحاكمة في قم و طهران كرد حاقد على مفهوم الوحدة العربية والنهضة الحضارية العربية والاسلامية، متناغمة أيضا مع أوتار المصالح المشتركة بأبعادها التاريخية و آفاقها المستقبلية.



أيها المناضلون

أيها الأحرار في كل مكان

يا أبناء الأمة الأماجد

إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي تنطلق من موقع المسؤولية التاريخية ومن خلال قوة المواجهة الميدانية، قوة الجهاد والمقاومة في دعوتها للجميع للتوحد خلف هدف التحرير في فلسطين والعراق، وهدف المحافظة على عروبة كافة الأقطار العربية والسعي الحثيث والجاد في النضال من اجل تحقيق أهداف الأمة في وحدتها وحريتها وعدالتها الاجتماعية.



- عاشت المقاومة العراقية والفلسطينية المسلحة المباركة التي تصنع عصر الحرية والتحرر والوحدة في الوطن العربي الكبير، واحدة موحدة لا هدف لها سوى تحرير فلسطين كل فلسطين من البحر إلى النهر وتحرير العراق الواحد الموحد شعبا وأرضا.

- المجد والخلود لشهداء المقاومة، شهداء الأمة العربية وفي مقدمتهم سيد شهداء العصر القائد صدام حسين الأمين العام لحزبنا.

- لتسقط اتفاقية العار والاستعباد من خلال سواعد أبطال المقاومة وفوهات بنادق التحرير العراقية واصطفاف جماهير شعبنا في خندق المواجهة التاريخية التي يحمل لواءها أبطال المقاومة المباركة.

- لنجعل من تحرير العراق قبراً لمؤامرة الشرذمة.

- تحية اعتزاز وتقدير للرفيق عزة إبراهيم الأمين العام لحزبنا وهو يقود الجهاد والمجاهدين على أرض العراق الثائر الأبي.



القيادة القومية

لحزب البعث العربي الاشتراكي

مكتب الثقافة والإعلام

في 19/6/2008

شادي دودين
20/06/2008, 10:31 PM
بيان القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي 19/06/2008

بسم الله الرحمن الرحيم

حزب البعث العربي الاشتراكي أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة
القيادة القومية
مكتب الثقافة والإعلام

وحدة... حرية... إشتراكية

شبكة البصرة
بيان هام للقيادة القومية

حول الأوضاع العربية الخطيرة

يا جماهير شعبنا العربي

أثارت الاتفاقية التي قررت الولايات المتحدة الأمريكية فرضها على العراق جدلاً واسع النطاق اقترن بحصول تغييرات جوهرية في المواقف السياسية للكتل المنخرطة في العملية السياسية التي (يرعاها) الاحتلال الأمريكي وبردود فعل عربية مهمة تنطوي على دلالات خطيرة. من هنا فإن تسليط الضوء على الجوانب الخطيرة فيما يحدث أصبح ضرورياً جداً لمنع خطة خلط الأوراق في أجواء استمرار تنفيذ المخططات المتلاقية الأمريكية والإيرانية في العراق وبقية الأقطار العربية.



أيها الأحرار أيها المفكرون أيها المناضلون في الأمة

إن أول ما يلفت الانتباه هو الاستقطاب الأمريكي - الإيراني الذي يروج له الإعلام العربي والإيراني، فمن الواضح أن للطرفين الأمريكي والإيراني مصلحة أساسية في تركيز الأنظار على صراع ثانوي حول تقاسم الغنائم ومناطق النفوذ ومرتكزات الصراع الأساسي في العراق والمنطقة، وإضفاء طابع مزيف عليه وهو أنه صراع بين إيران والقوى الامبريالية كما تدعي طهران وتوابعها من العرب، أو أنه صراع بين (الخطر الإيراني) المتسع وبين محاولات أمريكا احتواءه، كما تدعي واشنطن وتوابعها من العرب ويكتمل عنصر التضليل بجعل الصراع الأمريكي- الإيراني وتحشيد كل طرف قواه عراقياً وعربياً وتسخير الإعلام لخدمته، طاغياً على الصراع الأساسي الحقيقي، ومعتماً عليه وهو الصراع بين المقاومة العراقية المسلحة والسلمية الداعمة لها، وبين الاحتلال الأمريكي - الإيراني للعراق.

إن لأمريكا مصلحة مشتركة مع ايران في ضخ الجهود الأساسية، خصوصاً السياسية والإعلامية في اتجاه واحد ألا وهو استهداف المقاومة العراقية وضربها وتصفيتها حتى يتسنى لهم صياغة عراق وفق المصالح المشتركة للاحتلالين الأمريكي والإيراني الغاصبين الدخيلين والعدوين التاريخيين للأمة العربية في الماضي والحاضر والمستقبل.

وتنفيذاً لهذا المخطط شهد العراق مسرحية اعتراض جماعات تابعة لإيران على الاتفاقية، الاسترقاقية، لدرجة أن عزيز الحكيم، وهو عراب الاتفاقية من خلال زيارته لواشنطن ووضعه اللمسات الاخيرة مع الإدارة الأمريكية للاتفاقية، أعلن أنه يعترض عليها لأنها تمس سيادة العراق، وكأن للعراق سيادة بعد أن سلموه إلى أمريكا، أما التيار الصدري فإنه نظم مظاهرات ضد الاتفاقية رغم أنه وافق على خطوطها العامة في العام الماضي حينما عرضت على ما يسمى بـ(مجلس النواب)، إضافة إلى أن وجوده في العملية السياسية يجسد دعماً مباشراً لهذه الخطة.

مقابل ذلك أخذت الكتل الاخرى المناهضة لإيران تعيد تنظيمها واصطفافها في استعداد واضح لدعم الاتفاقية بحجة انها تساعد على اخراج إيران من العراق ومنع تهديداتها المستقبلية! وهكذا أصبحت المسألة الأساسية، من وجهة نظر التكتلات المنخرطة في العملية السياسية هي الاختيار بين "السرطان الأمريكي الخبيث" والطاعون الإيراني، وليس بين تحرير العراق أو استعباده.



إن الاتفاقية الأمريكية ليست عادية ولاتقتصر على العراق، بل هي تتويج طبيعي لاحتلال العراق وخطوة أساسية وخطيرة في تنفيذ الأهداف الأمريكية. ولتوضيح ذلك يجب الانتباه لما يلي :

1- أن الاتفاقية تطبق لزمن مفتوح وتحول العراق إلى أهم القواعد الأمريكية في العالم، حيث تنص الاتفاقية على إقامة أكثر من خمسين قاعدة، كما تنص على جعل فضاء العراق بعمق 28 كم خاضعاً للسيطرة الأمريكية. وتفرض الاتفاقية حق القوات الأمريكية والقوات غير النظامية (المرتزقة من الشركات الأمنية الخاصة التي عُرفت ب "بلاك واتر" وغيرها) في القتل والاعتقال وشن الهجمات داخل العراق وخارجه. لذلك وإذا اكتفينا بهذه النصوص، فإن سيادة العراق واستقلاله لن يستعادا مادامت الإتفاقية مطبقة.



2- إن الاتفاقية الأمنية العسكرية، المشار إليها تقترن باتفاقية النفط والغاز والتي تجرد العراق من الثروة الأساسية، وهي النفط، وتجعله تحت سيطرة أمريكا لمدة نصف قرن تقريباً وقد تكون أطول من ذلك، حيث تعطي الحق للاحتلال الامريكي في الاستيلاء على ثروة العراق الاساسية، كما أعطت لأمريكا حصة من نفط العراق أكثر من 70% من موارده بحيلة شرعية تغطي جريمة النهب المبرمج للثروة والسيطرة على اقتصاد العراق وانتهاك سيادته واستقلاله! الأمر الذي يعني سرقة نفط العراق بمسوغات شرعية والعودة إلى مرحلة ما قبل تأميم النفط ولكن بشكل أسوأ.



3- إن الاتفاقية الأمنية تتضمن بنوداً سرية وعلنية، وأهمها تجزئة موارد العراق التي تستلمها الحكومة، والتي تشكل الموارد النفطية حوالي 20-25% منها، وتوزيعها على (الفيدراليات) ومجالس الحكم المحلية والمدن وفقا للدستور الامريكي المفروض على العراق، كل ذلك لأجل خلق الحوافز المادية لترسيخ شرذمة ليس العراق كأرض فقط بل أيضاً شرذمة طوائفه ومكوناته الاثنية ومدنه ومحافظاته، وتهيئة البيئة لبروز (أمراء حرب) في كل حي ومدينة وتشجيعهم على الانخراط في صراعات حول الموارد!

إن هذه الخطة تتضمن عنصرين : عنصر صوّملة العراق، أي جعله على شاكلة الصومال حيث السيطرة لكل أمير حرب على منطقة صغيرة، وعنصر (خلجنة) الكيانات التي سوف تقوم تحت زعامة أمراء الحرب، أي جعلها كيانات استهلاكية صرفة تستخدم ما تحصل عليه من موارد في شراء كل شيء من أمريكا وربما من غيرها، وهكذا تُحكم أمريكا قبضتها على عراق مجزأ إلى كيانات متصارعة فيما بينها بشكل مسيطر عليه.



4- إن النجاح في صوّملة العراق ثم (خلجنته) لن يكون إلا مقدمة لصوملة و(خلجنة) كافة الأقطار العربية وفي مقدمتها السعودية ومصر، تنفيذاً للمخطط (الصهيوني) التقليدي القائم على تفتيت الأقطار العربية على أسس طائفية وعرقية وغير ذلك من الأسس. وهنا يكمن الخطر على أقطار الأمة كلها من الخليج العربي حتى المحيط الأطلسي.



5- إن الصوّملة سوف تؤدي حتماً إلى إضعاف، وربما زوال، أغلب القوى السياسية إما بتحولها إلى مليشيات محلية توجد في حي واحد أو مدينة واحدة، أو باندثارها بعد بروز أمراء حرب من بين صفوفه.



6- بموجب الاتفاقية فإن القوات الأمريكية سوف تكمل خطة عدم خوض معارك مباشرة وترك ما يسمى (الجيش العراقي) العميل وغيره من القوى العسكرية والأمنية يقوم بالدور القذر في إثارة الفتن وقتل المجاهدين وشن الهجمات وجعل القتال يتم بين ابناء العراق. لذلك فإن القوات الأمريكية سوف تتمركز في مناطق القواعد المنتشرة خارج المدن أو ضواحيها.



7- إن تنفيذ هذه الاتفاقية يتطلب إقامة حكومة تبدو شكلياً (حكومة مصالحة وطنية) وتضم كتلا عديدةً، ومدعومة (بجنرالات) خانوا وطنهم والقوات الوطنية العراقية المسلحة الشرعية، ليقوموا تدريجياً بتصفية المليشيات بعد أن تكمل دورها المرسوم وهو نشر وإثارة الفتن الطائفية والمذهبية والدينية وخلق العداء المستحكم والصراعات الدموية الموتورة ليس فقط على مستوى محافظات العراق ككل وإنما إلى المستوى الذي يطال كل المدن العراقية والحارات، عند ذلك يأتي (الجيش العميل) ليصفي (أمراء الحرب) دون أن يلغي الواقع الذي خلقوه وهو وجود تشرذم مسنود بحوافز مادية. وهكذا يواجه شعبنا في العراق حالة غير طبيعية وهي بروز عراق مقسم ومستنزف تسوده ثقافة الجيتوات المنعزلة عن بعضها والكارهة لبعضها لكنها تخضع لإطار عام مفروض بالقوة، وفي هذا العراق سوف تكون السلطة للأطراف وليس للعاصمة، لأجل تهميشه خارجياً وضمان أمن الكيان الصهيوني الذي سعى ويسعى لتقسيم العراق وتهميشه.



يا جماهير شعبنا المناضلة الصامدة

إن هذه الخطوط العامة للاتفاقية، وما سيقترن بها من اتفاقيات أوملاحق سرية تطرح حقيقة واضحة وهي إن الخطة الأمريكية لن تبقى مخاطرها داخل حدود العراق بل هي سوف تنتشر في كل الأقطار العربية، ولذلك لم تكن صدفة ما تم من أحداث في الساحة الفلسطينية، حيث لاحظ العالم أن القوى الفلسطينية بدل أن تتوحد وتعزز وحدتها تشرذمت واقتتلت مع الاسف الشديد، وبدل التركيز على مقاومة الاحتلال الصهيوني أصبح تقاسم السلطة والنفوذ هو الهدف في وقت يسعى (الكيان الصهيوني) لإقامة كيان ثالث في فلسطين المحتلة إضافة "لكيان غزة" و"كيان الضفة" كما أكد ذلك الناطق الصهيوني باسم خارجية الكيان في الآونة الأخيرة، مستغلا في منطقه هذا عملية الاقتتال الفلسطيني -الفلسطيني! بالرغم من أن المفاوضات السابقة (أوسلو، مدريد، كامب ديفد الثانية،... الخ) قد أقرت قيام دويلة فلسطينية "وجمدت البحث في مصير القدس وحق العودة للاجئين" إلا أنها لم تسقطها من "مفاوضات لاحقة"، غير أن ما يجري في الضفة الغربية وغزة اليوم، وتواطؤ معظم الحكومات العربية، دفع "بحكومة الكيان الصهيوني" بطريق مباشرة أو غير مباشرة إلى رفض حق العودة وبإصرار، وإعلان الكيان عن قرار عدم إعادة القدس الشرقية لتكون عاصمة للدولة الفلسطينية، بل يصر مدعوما من الولايات المتحدة الأمريكية على قدس موحد عاصمة أبدية للكيان الصهيوني في ظل صمت عربي رسمي مخزي!

لذلك لايمكن على الإطلاق فصل خطة الشرذمة في العراق والتي تنفذها أمريكا وأنصارها وإيران وأنصارها عما يجري في فلسطين من شرذمة للقوى الفلسطينية وسعي حثيث لإقامة كيانات محصورة في مدن أو محافظات! ومن الواضح أن الخطة الأمريكية – الصهيونية"- الإيرانية في فلسطين تتجه لبروز أمراء حرب يتقاتلون فيما بينهم لأسباب عديدة من أبرزها ما طرأ من عامل جديد على الساحة الفلسطينية، وهو إدخال الطغمة الحاكمة في إيران، من خلال بعض عناصر فلسطينية، بذور فتنة صراع طائفي في فلسطين، مع أنها كانت خالية منه في كل تاريخها. ويأتي هذا التوجه الخطير ليوسع نطاق الشرذمة في فلسطين مؤكداً لما ذهبنا إليه في مفهوم الشرذمة وقيام كيانات داخل المشروع الأمريكي الصهيوني الإيراني.

وما يحصل في فلسطين يقع ما يشبهه في لبنان، إذ أن الإصرار الأمريكي الإيراني على جعل لبنان أحد أهم ساحات تجاذبات التصفيات قد أدى إلى صنع أزمة مفتعلة، تتواتر فصولها بلا توقف أو حل سريع، وتوجت هذه الأزمة المفتعلة بتحويل الصراع من صراع سياسي إلى صراع مسلح باحتلال بيروت وقتل العشرات وجرح المئات وتخريب المنشآت! وبتأثير هذه الأزمة المفتعلة وتداعياتها وردود فعلها المباشرة وغير المباشرة سار لبنان خطوة أخرى خطيرة على طريق الشرذمة. لقد كان كان الصراع في لبنان قد صمم كي يتخذ شكل صراع بين المسيحيين والمسلمين، فلم ينجح المخطط، وفقاً لما أراده المخططون، مما استدعى القوى المعادية للأمة ووحدة لبنان إلى الدفع في إتجاه الإيغال في التفنن التآمري باللجوء إلى التفتيت الأخطر بعد فشل المخطط الأول، وذلك من خلال إدخال عنصر جديد وهو تقسيم كل ديانة وطائفة واشتعال الاقتتال بين أبناء الطائفة الواحدة أو الديانة الواحدة، كما حصل بين المسيحيين! تأكيداً لسياستهم الرامية إلى تجزئة المجزأ وإدامة الحرائق والتخريب في كل ركن من أركان الأمة العربية.

إن هذه الخطوة إنذار خطير جداً بالترابط المباشر بين ما يجري في لبنان وما يجري في العراق وفلسطين، نتيجة المخطط الأمريكي- الصهيوني- الإيراني في هذه الاقطار الثلاثة (العراق ولبنان وفلسطين) حيث نجد أن من يقف وراء إشعال الفتن وديمومتها هو هذه القوى الثلاثة : أمريكا والكيان الصهيوني وإيران.

وفي الأردن تزداد المؤشرات الخطيرة التي قد ترجح أن الكيان الصهيوني وبدعم أمريكي يريد حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين ومشاكل الضفة الغربية وقطاع غزة على حساب الأردن عن طريق تطبيق خطة مجرم الحرب شارون، المسماة (الوطن البديل)، والتي تعني تحويل الأردن بالذات إلى دولة فلسطينية! وهذا الاحتمال المتزايد قوة يفضي حتماً إلى اشتعال صراعات مسلحة بين الأردنيين والفلسطينيين! كما أن الأردن يواجه مشكلة النشاط المتزايد للطغمه المتسلطة على الشعوب الإيرانية في محاولات لاختراق الساحة الفلسطينية والأردنية وبناء تشكيلات عميله مرتبطة بها!

ومن مظاهر الخطر التشرذمي أيضا محاولة تحويل الصراع الإقليمي من صراع تحرري بين طرفين هما حركة التحرر الوطني العربية بقيادة المقاومة العراقية والفلسطينية، وقوى الاستعمار ممثلة بأمريكا وإيران والكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة، إلى صراع بين معسكر (السنة العرب) بقيادة السعودية، ومعسكر (التشيع الصفوي) وداعميه من العرب بقيادة إيران!

إن هذا الطرح المشبوه والخطير يعزز التوجه الذي أشرنا إليه والذي يريد فرض استقطاب تناحري أمريكي- إيراني، بدلا من فرض استقطاب نضالي مواجها للعدوان والاحتلال الأمريكي وداعميه وحلفائه، مصطفا في خندق المقاومة العراقية بكل أطيافها، اصطفافا يحشد جهود وإمكانيات قوى التحرر العربي وكافة المطالبين بخروج الاحتلال الأمريكي - الإيراني من العراق، وترك شعب العراق يقرر مصيره بإرادته التي تجسدها إرادة المقاومة وتضحيات أبطالها وصمودهم الأسطوري.

إن هذه الصورة للوضع العراقي بشكل خاص والوضع العربي بشكل عام، تؤكد بما لا يقبل الشك بأن هذه الإتفاقية الأمريكية مع الحكومة العميلة في بغداد، ما هي إلا خطوة أساسية نحو نقل الصراع الإقليمي إلى مرحلة جديدة أخطر مما نواجه الآن، لأن قاعدته الأساسية هي شرذمة المشرذم أصلاً، أي القطر الواحد والطائفة الواحدة والمدينة الواحدة والحزب الواحد.

وبالتأكيد أن طرفي المؤامرة الكبرى هما أمريكا والكيان الصهيوني من جهة، وإيران من جهة ثانية، وعليه فإن أولئك الذين يدعون إلى تجميد الخلاف أو الصراع مع إيران والانصراف كلياً للولايات المتحدة الأمريكية ينسون أو يتناسون أو ربما يجهلون أن ما يجري هو تنفيذ لخطة استراتيجية أمريكية صهيونية ومنافِستها الخطة الإيرانية، ومن ثم فإن الاصطفاف مع إيران سوف يرجح كفة إيران وهو تطور إذا وقع سوف يسرع بتقسيم الأقطار العربية وشرذمتها على أسس طائفية ومذهبية وعرقية، ومحو الهوية العربية! من هنا فإن الموقف الصحيح وطنياً وقومياً هو رفض الاستقطاب الأمريكي - الإيراني وإدانته وكشف نوايا طرفيه وخططهما، كما كشفتها الوقائع الميدانية والنضال ضدهما سوية تحت قيادة المقاومة العراقية، والرفض المطلق لاستبدال الاحتلال الأمريكي - الصهيوني باحتلال إيراني.



أيها المناضلون في الأمة

إن كل وطني وقومي عربي وإسلامي مطالب اليوم بالتركيز على إبراز الحقائق الإستراتيجية في الوطن العربي والعالم وهي أن الصراع الأساسي والرئيسي والحاسم هو بين الاحتلال الأمريكي في العراق وبين المقاومة العراقية الباسلة، الوطنية والقومية والإسلامية، وإن كل الصراعات الأخرى في الوطن العربي والمنطقة هي صراعات ثانوية وملحقة بالصراع الأساسي، وإن القدرة على الحسم تكمن في العراق الثائر وليس في أي مكان آخر في هذه المرحلة التاريخية والظروف الداخلية والخارجية المحيطة بالأمة من محيطها إلى خليجها، وإن دحر مخطط الشرذمة المشار إليه يمكن أن يتم بالدرجة الأولى على أرض العراق عمليا وليس في أي أرض أخرى.



يا أبناء أمتنا المجيدة

أيها الأبطال على أرض الرافدين

أيها المرابطون على أرض فلسطين والعراق

لم يعد بخاف على أحد من المطلعين والمتابعين للتاريخ القديم والحديث أن إيران كانت وما تزال طرف أساسي في الصراع ضد الوجود العربي، والهوية العربية تماماً، كالطرفين المتكاملين الأمريكي والصهيوني، لذلك لامجال لاستبعاد إيران من الاستهداف المقاوم مادامت أداة رئيسية في نشر الشرذمة الطائفية وممارسة عمليات الإبادة الجماعية ضد الوطنيين والمجاهدين في العراق، ولا نبالغ إذا قلنا- مستشهدين بما يدور على ارض العراق من جرائم ضد شعب العراق يوميا- أن من يريد باسم محاربة إيران الانضواء تحت المظلة الأمريكية لا يختلف إطلاقاً عمن يريد الانضواء تحت الجُبة الإيرانية، لأن خيارنا هو ليس بين (الشر الأمريكي الأخطر) و (الشر الإيراني الأقل خطراً) بل هو بين التحرر من أي شكل من أشكال الهيمنة الأجنبية، سواء كانت دولية أو إقليمية، وبين قبول العبودية لطرف أجنبي! أي كان مسماه... فالهيمنة الأجنبية هي واحدة ولا تقاس باللون أو التسمية.

وفي ضوء ما تقدم فإن الخيار التاريخي والصائب هو ما أكده حزبنا مراراً، خصوصاً في (البرنامج السياسي والاستراتيجي للبعث والمقاومة)، الصادر عن حزبنا في العراق في أيلول عام 2003، وهو مواصلة المقاومة المسلحة مدعومة بالمقاومة السلمية المنظمة الواعية ورفض المساومة مع الاحتلال حول سيادة وثروات واستقلال العراق والتأكيد على طرد الاحتلال والتحرر الكامل من كافة إفرازاته ومظاهر هيمنته المادية والمعنوية والتخلص من كل شكل من أشكال الوجود الأجنبي والهيمنة الأجنبية داخل العراق أيٍ كانت.

لا خيار وطني صائب غير استمرار البندقية المقاتلة ولا طريق آمن وأمين سوى تسليط الضوء على التلاقي الخطير بين إيران وأمريكا والكيان الصهيوني حول هدف كبير هو إلغاء وجود الأمة العربية ودورها الحضاري وتذويب الهوية العربية، وإقامة كيانات قزمية بلا هوية محددة، على أنقاض الأمة العربية الواحدة الموحدة.



أيها المناضلون العرب

إن هذا الموقف الذي شرحناه يستلزم ما يلي :

1- إن وحدة فصائل المقاومة العراقية كافة هو الشرط الأهم والمسبق لضمان حماية تقدم المقاومة عسكرياً ومنع تراجعها.



2- إن توسيع الجبهة القومية والإسلامية في العراق بضم كافة الأطراف الوطنية والشخصيات الوطنية إليها هو الضمانة الأساسية لقيام عراق حر ديمقراطي إئتلافي لايقع ضحية للصراعات العراقية - العراقية مجدداً.



3- ضرورة قيام الجبهة العربية المقاتلة والتي يجب أن تضم المقاومتين العراقية والفلسطينية ودعوة المقاومة اللبنانية للانضمام إليها بعد أن تفك ارتباطها بإيران.



4- العمل الجاد على الانتقال بالدعوة للجبهة العربية العريضة، والتي تضم كافة القوى والشخصيات والأحزاب العربية، من الكلام إلى العمل، فالأعداء موحدون تجاهنا حتى وهم يتقاتلون على الغنائم، لذلك لايجوز بعد الآن استمرار حالة عدم توحد القوى الحية والجهود الوطنية والقومية في الأمة لمواجهة كافة مؤامرات الشرذمة والفرقة وإنقاذ العراق وفلسطين ولبنان، ورص الصفوف إلى جانب سوريا المستهدفة أرضا وإنسانا والسعي الحثيث والمسئول للتصدي للمخططات التآمرية، التي تستهدف وحدة السودان واليمن أرضا وإنسانا، وبذر بذور الفتنة والتفتيت في السعودية والخليج العربي، وفضح خطوط اللعبة الخبيثة التي تحاول إغراق الجزائر بالقلق والتوتر وتوسيع ساحة الصراع للمزيد من الدم والتخريب المعرقل للبناء والتنمية، ومحاولة جر مصر العروبة والمغرب وبقية أقطار المغرب إلى مستنقع التشرذم والتقوقع، والوقوف الجاد لمجابهة كافة المحاولات التي تستهدف تمييع الهوية العربية وفق مسوغات مصطلحات العولمة و "الفوضى الخلاقة" ومخاض "الشرق الأوسط الكبير" الذي يسوقون له من خلال مشروعهم الصهيوأمريكي، وتتناغم معه الطغمة الحاكمة في قم و طهران كرد حاقد على مفهوم الوحدة العربية والنهضة الحضارية العربية والاسلامية، متناغمة أيضا مع أوتار المصالح المشتركة بأبعادها التاريخية و آفاقها المستقبلية.



أيها المناضلون

أيها الأحرار في كل مكان

يا أبناء الأمة الأماجد

إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي تنطلق من موقع المسؤولية التاريخية ومن خلال قوة المواجهة الميدانية، قوة الجهاد والمقاومة في دعوتها للجميع للتوحد خلف هدف التحرير في فلسطين والعراق، وهدف المحافظة على عروبة كافة الأقطار العربية والسعي الحثيث والجاد في النضال من اجل تحقيق أهداف الأمة في وحدتها وحريتها وعدالتها الاجتماعية.



- عاشت المقاومة العراقية والفلسطينية المسلحة المباركة التي تصنع عصر الحرية والتحرر والوحدة في الوطن العربي الكبير، واحدة موحدة لا هدف لها سوى تحرير فلسطين كل فلسطين من البحر إلى النهر وتحرير العراق الواحد الموحد شعبا وأرضا.

- المجد والخلود لشهداء المقاومة، شهداء الأمة العربية وفي مقدمتهم سيد شهداء العصر القائد صدام حسين الأمين العام لحزبنا.

- لتسقط اتفاقية العار والاستعباد من خلال سواعد أبطال المقاومة وفوهات بنادق التحرير العراقية واصطفاف جماهير شعبنا في خندق المواجهة التاريخية التي يحمل لواءها أبطال المقاومة المباركة.

- لنجعل من تحرير العراق قبراً لمؤامرة الشرذمة.

- تحية اعتزاز وتقدير للرفيق عزة إبراهيم الأمين العام لحزبنا وهو يقود الجهاد والمجاهدين على أرض العراق الثائر الأبي.



القيادة القومية

لحزب البعث العربي الاشتراكي

مكتب الثقافة والإعلام

في 19/6/2008

د. محمد اسحق الريفي
20/06/2008, 11:30 PM
الأخ الكريم شادي دودين،

نسأل الله النصر المؤزر للمقاومة العراقية الباسلة على الأمريكيين وحلفائهم وعملائهم. لا شك أن هزيمة الاحتلال الأنغلوأمريكي في العراق هو انتصار لأمتنا، ولكن القضية العراقية ليست أخطر من القضية الفلسطينية، فالأمريكيون غزوا العراق واحتلوه لإبقاء حالة اختلال التوازن الاستراتيجي في منطقتنا لصالح الاحتلال الصهيوني. على أي حال، نحن مع المقاومة ضد المحتل الغاشم حيثما كان.

تحية مقاوِمة

د. محمد اسحق الريفي
20/06/2008, 11:30 PM
الأخ الكريم شادي دودين،

نسأل الله النصر المؤزر للمقاومة العراقية الباسلة على الأمريكيين وحلفائهم وعملائهم. لا شك أن هزيمة الاحتلال الأنغلوأمريكي في العراق هو انتصار لأمتنا، ولكن القضية العراقية ليست أخطر من القضية الفلسطينية، فالأمريكيون غزوا العراق واحتلوه لإبقاء حالة اختلال التوازن الاستراتيجي في منطقتنا لصالح الاحتلال الصهيوني. على أي حال، نحن مع المقاومة ضد المحتل الغاشم حيثما كان.

تحية مقاوِمة