المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (بلازا) وأخواتها



عبدالله بن سليم الرشيد
26/06/2008, 06:29 PM
المشهد اللغوي عندنا- معشر العرب- خليط متدابر، ومزيج متناقض.
ضاق عندنا حيز الابتكار في كل أمر؛ وغلبنا شح التفكير، فصرنا نقلد في كل شيء، حتى في أسماء محالنا ومؤسساتنا.
يريد أحدنا شعارا لمؤسسته فلا يجد غالبا إلا الحرف اللاتيني يتمسح به ويلوذ بظلاله المستعرة.
ويريد آخرون اختصار الاسم فلا يجدون إلا (co) فتكاثرت الأسماء(هادكو/ سابتكو/ ساكو............) وهلم شرا
ولكن لا تعجب فالعرب يريدون هذا: عجزوا عن الثقة بأنفسهم والانتماء إلى لغتهم فاختلطت ألفاظهم.
وفساد اللغة فساد للتفكير وفساد للرؤية.
ومن العجب أن تقرأ (بعيجان هاوس) و (محماس بلازا) و( مشعان مول)! و(سوبر ماركت صنيتان) و(فليحان سنتر) وما شابه ذلك من ألفاظ غير متجانسة؛ لأن كل لفظ ينتمي إلى بيئة تختلف عن بيئة الآخر، ونظام لغوي مباين لنظام اللفظ الآخر.
وليست القضية قلة بدائل لغوية، ذاك أنه يمكن في النماذج المذكورة اتخاذ ألفاظ مثل: (نـُزل) و (سوق) و(مركز تجاري) و (تموينات) ونحو ذلك، بل القضية هي ما قدمت: ضعف التفكير وهشاشة الرؤية.
ومن العجيب أن يكون للدولة ولكل الدول العربية قانون يحمي العربية ويسندها ولكنه في الغالب يظل حبرا مرقوما، ولا يستمد هذا القانون قوته إلا حينما يرزق موظفين ذوي حماسة فينفذونه ويتابعونه، ولكن جهدهم على أهميته يظل محدود الأثر
إننا نعاني خللا في التفكير، واضطرابا في التصور، وإلا فما الذي يدعونا إلى اتخاذ الكلمات الأجنبية شعارا؟ وكيف استشرت التسمية بهذه الألفاظ الأجنبية في خلال هذه العقود الأخيرة دون أن نجد في الجهات الرسمية من بلديات وغيرها- إلا القليل- ما يوقف هذا السيل؟
وأين المؤسسات التي تدعي خدمة العربية؟ وأين أقسام اللغة العربية وكلياتها ؟ أم أنها قد غلبتها مادية الوظيفة فلم يعد يعنيها من الأمر إلا ما يملأ الجيب؟
إن أكثر تلك المؤسسات هي بحاجة- قبل غيرها- إلى إعادة البناء والترتيب، قبل أن ينهار سائر نتاجها وتتهالك آثارها.
نقلت جريدة الوطن ( العدد 844 الصادر في 18/11/1423هـ) ما يلي: "قررت العاصمة الهولندية أمستردام تطبيق دورات إجبارية للعرب والأجانب المقيمين بهولندا لتعلم اللغة الهولندية، حتى يستخدموها مع أطفالهم في المنازل بدلا من اللغة العربية أو اللغات الأخرى، وأكد مجلس المدينة في قراره أن الأهالي الذين يرفضون الالتحاق بالدورات التدريبية سوف يحرمون من تعويضات بدل البطالة... كما ستغلق أمامهم فرص العمل لضرورة اشتراط إتقان اللغة" انتهى بتصرف يسير.
وحق لمن يقرأ هذا أن يتملكه العجب من دولة تفرض لغتها التي لا يتكلم بها إلا بضعة ملايين، ومن دول عربية فيها ملايين مضاعفة، ولغتها عالمية معترف بها على أنها إحدى اللغات الرسمية في الأمم المتحدة وغيرها، ثم لا تفزع لتطبيق ما يشبه ذلك أو نصفه.
ما أعجب هؤلاء العرب الذين يزاحمون لغتهم بلغات أخرى ويتباهون بأنهم يدرجون الأجنبية في مقرراتهم بل يزيد بعضهم الطين بلة فيدرس بعض العلوم بغير العربية؟!
إن تعلم اللغة الأجنبية ضرورة، ولكن ليس بهذه الطرق السقيمة التي ميعت ثقافتنا وأذابت شخصياتنا.
أسلوبنا في الحياة بحاجة إلى إعادة نظر.
لم أقل كل ما في نفسي.

نوار القحطاني
07/10/2010, 06:53 PM
لامست الجرح , شكراً من الأعماق .