المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أنا ..وأوباما ...و"القرد".. افهموها بأة؟!



محمد هجرس
28/06/2008, 01:34 PM
بقلم: محمد هجرس**
بدأ معبد هندوسي بارز في نيودلهي إقامة صلوات لتمثال القرد المقدس "هانومان" الذي من المقرر أن يقدم لمرشح الرئاسة الأمريكية باراك أوباما لجلب الحظ ونجاحه في الانتخابات المقررة في نوفمبر المقبل. وقررت مجموعة من الكهنة والمتدينين بمعبد سانكات موتشان تقديم تمثال نحاسي مطلي بالذهب بعدما قرأوا تقارير بأن السيناتور أوباما يحمل تمثال "القرد الساحر" لجلب الحظ.
وحسب وكالة أنباء ترست برس الهندية، فإن إخواننا "أصحاب القرود" سيقدمون التمثال لممثلة الحزب الديمقراطي كارولين سوفاج-مار في احتفال يقام بالمعبد بمنطقة تشاندني تشوك في المدينة. حيث يعتقد الكهنة أن العلاقات بين الهند والولايات المتحدة ستصبح أقوى إذا تولى أوباما الرئاسة وقالوا إنه جرى تنظيم صلوات للدعاء من أجل نجاح أوباما في الانتخابات الرئاسية المقررة في وقت لاحق العام الجاري.. وقال الكاهن بريج موهان باهما: "باراك أوباما من المؤمنين بشدة بالإله هانومان.. وسيكون فوزه في صالح الهند" . وأضاف أنهم سيناشدون الهنود في الولايات المتحدة دعم أوباما.
إلى هنا ينتهي خبر وكالة ترست برس، لكن من هنا بدأ التساؤل في نفسي، عما يمكن أن يفعله مجرد تمثال لقرد في مستقبل أخينا أوباما وهل يمكن أن يكون حظه في الرئاسة أوفر من حظ "رأس" القرد التي يحسده الجميع على لونها الأحمر، أم سيجلب عليه الضحك كما حدث لأخينا الوزير الأردني الذي انسحب من جلسة البرلمان لـ"تلبية" نداء الطبيعة، فثار عليه النواب!

أخونا أوباما الذي يتفاءل بالقرد المقدس، لم يتعلم مني أنا العبد الفقير إلى الله تعالى، والذي جرب يوماً ـ وهو طالب ـ أن يشغل بعض وقت فراغه بأن "يسرح" مع قرد "بجد وحقيقي وراسه حمرا" أمام السياح أسفل أهرامات الجيزة، وأخاطب هؤلاء القادمين من بلاد "الفرنجة" بإنجليزية طليقة وبفرنسية نص كم، وبكلمات خليط من الألمانية والإيطالية والإسبانية تلبية لكل اللغات، سعياً وراء رزق فرضه علي صاحب القرد، يأخذ هو معظمها (خاصة إذا كانت من الدولارات) ويترك لي جنيها أو بضعة قروش على الأكثر، فيما كان صديقي الطالب بكلية الآثار "يسرح" معي بشراب العرقسوس، والذي حار في ترجمته ليعرف السياح به، فاهتدى أخيراً لأن يطلق عليه بلهجة قروية "إيجيبشيان ويسكي"..
كنت أنا الواد "اللبلب" في مخاطبة السياح واستعراض فنون "القردنة" من "نوم العازب" حيث يتمدد القرد ويتقلب على ظهره وبطنه شاكيا وحدته وحتى سلام الشجعان، حيث كان السلام مجرد مصافحة باليد، ولم يكن وصل إلى مرحلة ما بعد أوسلو من قبلات وأحضان.. وبالتالي كان نصيبي كبيراً.
كنا كل ليلة، وبعد انتهاء اليوم، نذهب ثلاثتنا أنا وصديقي والقرد، إلى صاحب العمل الذي كان يسكن في غرفة فوق السطوح بإحدى عمارات حي عابدين، ونورد له المعلوم، وبعد أن يعاين بضاعته "القرد" يعطينا اللي فيه النصيب..
صديقي بائع الـ"إيجيبشيان ويسكي" كان يشرب معظمه فالجو كان حاراً، وقطع الثلج المبردة كانت بالكاد كافية للاحتفاظ به دون فساد، وكان يشكو من ثقل "القربة" التي يحملها على ظهره، وتعرض لتوبيخ شديد من "المعلم" لأنه اقترح أن يملأ المشروب في زجاجات تليق بالإيجيبشيان ويسكي، أما أنا فجلست أفكر في هذا الرجل الذي يتحصل على ما يزيد عن 30 دولاراً يومياً نظير ساعتين أو ثلاثة، عدا الجنيهات "الفكة" ويبخل علي بدولارين أو ثلاثة من عملات الفرنجة قبل أن "نكفرهم".. رغم أني كنت أصرف على القرد لإطعامه وشرابه من جيبي الخاص!
جاء يوم، وقال لي شيطاني: لماذا ترضى بهذه المهانة؟
وذات مساء، نام القرد "نوم العازب" كثيراً، واستلطفتني بنات الفرنجة كما لم أتوقع من قبل، وانهالت علي جميع العملات من دولارات وفرنكات وأشكال لم أرها ، راقصني عم شوشو "اللي هو شيطاني" وقال لي مالك أنت والقرد، أليس من العيب أن تتمرن صحفياً بالنهار وتعمل "قرداتي" بالليل..؟
كبر السؤال في رأسي.. وقررت أن أنهي اللعبة.
وكان معي كيس صغير من القماش لجمع الفلوس، جمعت فيه العملة المصرية (الجنيهات وتوابعها) وعلقتها في رقبة القرد (لأنها غير ذات قيمة) فيما أخذت أنا الدولارات وأشباهها.. حلفت على القرد "إن الفلوس دي أمانة في رقبته يوصلها للمعلم الكبير..
أرخيت له السلسلة التي كنت أمسكه بها.. ثم صرخت بأعلى صوتي وسي أبو الهول يرمقني بنصف عين: انطلق يا ميمون تصحبك السلامة!
جرى ميمون بعيداً ثم يعود لي ".. ابن حلال وموش عايز يفرط في صداقة غير متكافئة".
يخرب بيتك.. روح ابعد عني.. ما تخلينيش أضعف أمام إغراء رأسك الحمراء.. هكذا قلت لنفسي قبل أن أعدو متوارياً خلف الهرم الأكبر..
جلست على أول حجر وقعدت أعد الدولارات..
لم أهنأ..
فقد وجدت القرد يضربني القفا وهو يضحك، وكيس القماش لا يزال "يتأرجح" في رقبته.. مددت يدي للكيس وأخذت ما به.. وأنا أتمتم:
ـ اللهم اخزيك يا شوشو..
ـ اللهم اخزيك يا شيطان..
الظاهر المعلم مالوش نصيب فيك!
ركبت أول أوتوبيس إلى محطة الأريزونا بشارع الهرم، حيث كنت أسكن خلف الملهى الشهير
دخلت الشقة.. وأغلقت الباب والشبابيك
بصراحة خفت أن أجد القرد أمامي..
لم أكن أشك لحظة في أنه بعد 25 سنة قد يذهب يوماً إلى الهند..
ويصبح إلها يتبرك به أخونا أوباما وجماعة القرود المقدسة
هييييييييييييييييه..
دنيا...
أوباما فين وأنا فين؟
أنا سرحت بالقرد من أجل حفنة دولارات..
وأخونا أوباما يعلق تميمته على صدره ابتغاء مقعد الرئاسة الأمريكية
هو ممكن يكون رئيس أمريكا..
وأنا لسه حتة واحد جورنالجي على قد حاله..
وحياة النبي ما تحسدوا القرد..
موش عارفين حاجة
وحياة أمي دي راسه موش حمرا
جاتكو نيلة
.. افهموها بأة!
ــــــــــــــ
** كاتب صحافي مصري
mediasoso@yahoo.com