المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : غيرة



ابراهيم درغوثي
09/12/2006, 08:49 PM
غيرة
قصة قصيرة جدا
ابراهيم درغوثي / تونس

هو يعشق الحمام كثيرا ويطرب لهديله حد الجنون ، ولكنه يكره أن يراه مسجونا في قفص ، وان كان أوسع من الدنيا . فقد كبر وهو يعايش بيوت الحمام المبنية فوق السطوح ، وتربى على خفقات أجنحة الفراخ وسقسقتها في الأعشاش حين منه أمهاتها لتزقها نسغ الحياة . وكان يتوله عندما يرى الذكور تغازل الإناث ذاك الغزل الرقيق الذي يعجز عن مثله العشاق من بني البشر .
ولكن ماذا يفعل ، وقد سكن المدينة ، واكترى شقة في عمارة . شقة أكبر بقليل من قفص .

البارحة حدث زوجته عن إمكانية تربية زوج حمام في البيت . شهقت ، وقالت : زوج حمام . ولم تزد .
وعاد إلى البيت محملا بقفص .
قالت : هذا قفص عصافير . هل سنربي كنالو عوضا عن الحمام ؟
قال : لا ، لقد أوصيت بائع طيور عن زوج حمام .
في المساء ، عاد إلى المنزل جذلا . وضع زوج الحمام في القفص ، وجثا أمامهما .
نظر إلى الجسم الرشيق الملفوف في ريش ناعم في لون البنفسج وقال : أكيد ، هذا هو الذكر .
وتفحص العينين السوداوين ، والمنقار الأنيق ، والذيل الراقص ، وقال : وهذه الأنثى . لا بد أن تكون مغناجا أكثر من اللزوم .
كانت زوجته تراقب المنظر عن قرب . وكانت تردد لنفسها : زوج حمام وفي هذه الشقة الصغيرة ...
ولم ينم إلا بعدما سمع الهديل .

هي : تزوجته منذ أكثر من سبعة أعوام . لم تكن تحبه . قالت لنفسها أكثر من مرة ، سيأتي الحب مع العشرة والألفة .
ولم يصل الحب . كان القلب هائما في مكان آخر ، ورفض دعوتها . ترك قفص القلب فارغا ، فعاشت بلا قلب .
البارحة ، طلقها النوم . كان زوجها يشخر .وكانت تستمع في سكون الليل ووحشته الى هديل الحمام الحزين . رأت على ضوء القمر الشاحب منقار الذكر وسط منقار أنثاه ، وسمعت أناته المخنوقة . رأت الضراعة في عينيه ، وراقبت دورانه حول الأنثى وهي تغنج وتطلب المزيد .
قالت : أنا لا أطيق غزل الحمام . هذا أكثر مما أحتمل .
وقامت تفتح باب القفص ...





dargouthibahi@yahoo.fr
www.arab-ewriters.com/darghothi/

الشربيني المهندس
09/12/2006, 11:10 PM
عنوان واضح ودال
ولغة سهلة
وسرد بسيط
نصبح امام قصة جميلة
لكنها ليست قصيرة حتي داخل قفص الغيرة ودلالة الحمام رمز الوفاء

ابراهيم درغوثي
10/12/2006, 03:05 PM
شكرا سيدي على اطلالتك البهية على نصي
وأملي أن لا تثي هذه الاطلالة غيرة الحاسدين
مع المودة الدائمة

د. جمال مرسي
19/12/2006, 08:52 AM
الأستاذ القاص ابراهيم درغوثي
أسعد الله صباحك
قصة محكمة الحبكة ذات دلالة واضحة
كثير منهن أتعبهم الهديل و لكنهم ما فتحوا باب القفص
فقد رضين بالعيشة داخله لأجل أفراخهن
سعدت بالقراءة لك هذا الصباح

عبدالودود العمراني
19/12/2006, 10:35 AM
صباح الخير سي برهوم،

حرام عليك يا أخي. رأيت القصة على المنتديات فنقرت وتابعت إلى أن وصلت إليها... قرأت وأنا أبتسم كعادتي إلى أن وصلت إلى "..وتربى على خفقات أجنحة الفراخ وسقسقتها في الأعشاش.." فتذكرت دروس القراءة في الابتدائية والمعلم يكرر: زقزقة العصافير... وكنا نكرر بصوت واحد مزقزقين: زقزقة العصافير...
فما باله سي برهوم أصبح يسقسق خارج السرب، وقد علمنا معلمنا أن نزقزق، وسكت عن أي سقسقة (مباحة كانت أم ممنوعة). لعله خطأ مطبعي، لكن ذلك الداهية سي برهوم الذي "يجنكل*" بالكلمات وحتى بالمعاني لا بد وأنه راجع نصه مرات قبل النشر، فقلت لنفسي ما يقوله "الفرنسيس**" عندما ينتابهم الشك:
Il y a anguille sous roche***
فرحت أبحث تحت الصخور، إلى أن وجدت في معاجم صخر (المحيط):)
زَقزَقَ يُزَقْزِقُ زَقْزَقَةً وزَقْزَاقاً :- الطائرُ: صوّت؛ وقف العصفور عند شبَّاكنا وأخذ يزقزق.- الشخصُ: ضحك ضحكاً خفيفاً؛ زقزق لسماع المُلَح والطرائف.- الطائرُ فرخَه: زقّه؛ يظل الطائر يزقزق فراخه حتى تكبر وتطير.- الولدَ: رقّصه؛ زقْزقت الأمُّ ابنتَها.
سَقْسَقَ يُسَقْسِقُ سَقْسَقَةً :- الطّائِرُ: صوّتَ بصوتٍ ضعيفٍ .- الطّائرُ: ذَرَقَ.

تحية صباحية واتاوية (كما يقول الزملاء هنا);)
عبدالودود

* جنكل يجنكل: فعل من العامية التونسية مقتبس من الفعل الفرنسي (jongler) أي لعب بمهارة ودقة.
** الفرنسيون
*** مقولة فرنسية ترجمتها الحرفية: هناك سمكة تحت الصخرة، ويمكن ترجمتها إلى: "لا بد أن هناك سر مخفى"

ابراهيم درغوثي
19/12/2006, 06:21 PM
عزيزي جمال
أسعدتني اطلالتك
وأسعدتني تعليقك الطريف على هذه القصة
نعم يا أخي كثير وكثيرات رضين بالعيش وراء قضبان القفص
أما أنا فقد أردت أن أفتحه لعل وعسى ...
مودتي وشكري

ابراهيم درغوثي
19/12/2006, 06:28 PM
عزيزي عبد الودود
ما يدفئ القلب في هذا الشتاء طرافة ردودة على نصوصي .
رائعة يا عزيزي هذه الردود لأنها لا تكتفي بالعادي بل تذهب
الى آفاق أرحب في القراءة الجادة وحتى في البحث داخل القواميس .
دمت مزقزقا في هذا هذا المنتدى الذي يشرفني حضورك فيه