المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دراسة: معارك نهر البارد خلفت آثارا نفسية "مقلقة " على الأطفال الفلسطينيين



محسن الإفرنجي
01/07/2008, 01:54 PM
مطالبة بالإسراع في إعادة إعمار المخيم لتخفيف حدتها
دراسة: معارك نهر البارد خلفت آثارا نفسية "مقلقة " على الأطفال الفلسطينيين

غزة – محسن الإفرنجي:
في هذا المكان، الذي كان اسمه نهر البارد، يعاني الأطفال الفلسطينيين حربين، واحدة بدأت في معركة أيّار العام الماضي ولم ينته نزوحها حتى الآن، وثانية تشتعل في ذواتهم ضمن معركة نفسية لن يجدوا مفراً من عيشها سنوات إضافيّة.
هذه النتيجة خلصت إليها دراسة حديثة أجرتها «جمعية عمل تنموي بلا حدود ـ نبع» تناولت «الآثار النفسية للحرب على الأطفال الفلسطينيين في مخيم نهر البارد" حيث كشفت نتائجها عن أن حياة الأطفال أصبحت تغزوها في أكثر اللحظات هدوءاً "ومضات الخوف والكآبة والإحباط والعنف والعدائية، لتحول ما تبقى في ذاكرة الأطفال إلى أشلاء صراع جديد مع الذات وكل ما يساعدها على تحمل النزوح من مكان إقامتها في الشتات".
وأجريت الدراسة التي بدأت منتصف آب واستمرت إلى تشرين الأول من العام الماضي، بطريقة عشوائية على 293 طفلاً، موزعين من الفئات العمرية 9 - 18 سنة.
صورة مقلقة وشخصية متوترة..!
وحول الصورة المتكونة عن الأطفال الخاضعين للدراسة تبين أنها "صورة لا تبدو زاهية بأية حال، يسيطر عليها الصمت والوجوم والتجهم، ورغبة جامحة بالرجوع إلى المخيم والعيش داخل خيمة فوق ركامه» فيما أظهرت النتائج أن الأطفال يعانون اضطرابات نفسية ونفس-جسدية وسلوكية، إضافة إلى معاناة الحرب مؤكدة أن شخصية الأطفال النازحين تبدو "عصبية على الدوام، لا تستقر على حال، دائمة الشعور بالخوف والعدوانية في علاقتها مع ذاتها ومع الآخرين أيضاً".
غير أن معدي الدراسة اكتشفوا أن تفاصيل شخصية الأطفال لم يكن وليد الحرب فقط، ولكن ما كان جديداً أن قوة الصدمة جردتها، لتظهر جلية في سلوك الأطفال وطباعهم.
وقالت الدراسة:" تميزت في هذا الإطار الشخصية بخمسة أنماط من المشاعر: الخوف والقلق، و السلوك النكوصي (التعلق المفرط بالأهل)، و التعبيرات الذهنية والجسدية عن الألم النفسي، إضافة إلى السلوك العنفي اللاإجتماعي".
مشاعر مختلطة
وحسب دراسة جمعية "نبع" يعيش الأطفال مشاعر الخوف من الحرب بنسبة (83.6%)، ومن المرض (78.8%)، وكلا هذين الطرفين ينتجهما الخوف المستمر (63.4%) الذي اعتادوه في حياتهم المشتتة كما تنتج هذه المشاعر، سلسلة إضافيّة تتجلى بالخوف من الآخرين بنسبة (58%)، مما يضطرهم إلى طلب الحماية من الأهل والحاجة إلى مرافقة الكبار بنسبة (68.3%).
و برز التوتر المفرط بين الأطفال عينة الدراسة بنسبة (77.8%)، فيما أبدى نصف الأطفال قلقهم الدائم من دون أن يكون لهذا القلق موضوع محدد فيما يعبر هذا القلق عن نفسه بأشكال عدة قد تكون الأرق الدائم (27%) أو الكوابيس (25.5%)، أو الإفراط الحركي (86%) والإطناب والإسهاب الكلامي (72.7%).
وفي تفسيرها لتك النتائج قالت الدراسة:"هذه العوارض التي أنتجتها الحرب، أفقدت الأطفال القدرة على الضبط الذاتي والتحكم بردود أفعالهم، وأعادت إليهم التثبت الطفولي اللاواعي على مراحل سابقة من النمو، حيث كانت تجارب العيش أقل مرارة، بما ولد حاجة ملّة لأهاليهم وعدم الافتراق عنهم (89.7%).
ولم تتوقف حدود نتائج الدراسة عند هذا الحد فقد بدأت ملامح الشخصية الجديدة بالتبلور أكثر، تحددها سوداوية المزاج توزعت ما بين الحزن والاكتئاب (42.3%)، وما يرافقهما من عدم القدرة على الضبط العاطفي، فيبكي الأطفال من دون سبب محدد (36.7%) ويفقدون المتعة بكل شيء (46.8%) ويعيشون التشاؤم بنسبة (37.1%) وخصوصاً لدى الذكور.
أمام حل واحد..!
وأمام هذا الواقع الذي عكسته الحرب على أوضاعهم النفسية، توضح الدراسة أن الأطفال يجدون أنفسهم في مواجهة حل واحد: ترك ما يجري حولهم والتقوقع على الذات لافتة إلى أن ذلك يدفع الأطفال إلى إعادة ترميم الأنا والحفاظ على تماسكها عبر اللجوء إلى العنف الذي يتجلى في أشكال عدة، منها السخرية (30%) والشتيمة (45.1%) والعراك (57%).
وأوصى معدو الدراسة الجهات المعنية بضرورة الإسراع في إعادة إعمار المخيم لتخفيف حدة الآثار النفسية، وعودة الأطفال النازحين إليه، وإنشاء مراكز متخصصة في تقديم المساعدة النفسية للأطفال الذين يعانون اضطرابات.
وطالبوا بتوفير الخدمات في أحياء المخيمات ومضاعفة الجهود من الدولة اللبنانية ووكالة الغوث الدولية (الأونروا) والمجتمع الدولي، من أجل دعم الجهات العاملة مع الأطفال الفلسطينيين.

********************************