المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وراء السراب ... قليلا / رواية لابراهيم درغوثي / الفصل الثالث



ابراهيم درغوثي
01/07/2008, 10:16 PM
وراء السراب قليلا
رواية
ابراهيم درغوثي / تونس



الباب الثالث


و فيه حكاية الرجال دوي القرون و ما جرى لهم من غرائب.
و أخبار عن الزنوج الذي حررهم " الباي " من العبودية ب " فرمان " أميري . و كيف رد العبيد إلى " باي " تونس حرية لا يعرفون ماذا يصنعون بها.
و ملح و غرائب و طرائف أخرى.



( 1 )


فجرا ، قام " عزيز " من سريره و كأنه لم ينم دقيقة واحدة . سمع المؤذن ينادي لصلاة الصبح فتوضأ و قصد المسجد . وصل و الإمام لم ينته بعد من قراءة الفاتحة فالتحق بالصفوف الخلفية للمصلين و كبر ثم أنصت للقراءة المرتلة :
قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مدادا* قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمكن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا و لا يشرك بعبادة ربه أحدا.
و خرج من المسجد وهو يحث الخطى . قصد بيته لعله ينعم ببعض الراحة قبل طلوع الشمس . استمع إلى وقع خطى وراءه فظل يمشي.و ظلت الخطوات تلاحقه إلى أن وقف أمام بيته فبادره صوت بالسؤال :
- سيدي ، هل هذا بيت " سلطان " سيد " عتيقة " السابق؟
- نعم ، و لكن ماذا تريد من قصر " سلطان "؟
و التفت يستجلي الأمر.
رأى رجلا أسود يقف أمامه. رجل يلبس بدلة أنيقة و يضع ربطة عنق.
اقترب منه الرجل و مد يده مسلما.
- صباح الخير سيدي . اسمي سعد بن مسعود الشوشان.
وضغط الرجل على يد " عزيز " بود وهو يتفرس في وجهه.
- هذا هو أنت . " عزيز " السلطاني كما عهدتك أيام الصبا.
و أمعن " عزيز " النظر في وجه الرجل وهو يردد:
- سعد . أنت سعد بن العم مسعود . يا الله . كم هي غريبة هذه الدنيا .
واحتضنه بود بين يديه ، مسلما عليه ، سائلا عن أحواله . فأعلمه الرجل بأنه وصل منذ أيام من فرنسا و أنه جاء إلى " عتيقة " يبحث عن عبق الذكرى و عن مفتاح قبور الأهل الذين تركهم وراءه في الصحراء أيام المتاهة.
و استقبل " عزيز " صديقه القديم في القصر السلطاني ، و أكرم وفادته فذبح له تيسا أسود ، و فتح في وجهه أبواب البيوت المنغلقة منذ هجرة أجداده . طافا بالحجرات بيتا بيتا و هما يبسملان و ينفضان الغبار عن الحكايات القديمة :
- أتذكر يا " عزيز " يوم تسابقنا في هذه الساحة للفةز بهدايا عيد "فرعون " فغلبتني فدفعتك فوقعت على الأرض فجرحت في ركبتك جرحا بليغا فبكيت ولم تقدر على الوقوف فتفلت أمي بين أصابعها و مسحت على جرحك فقمت واقفا و كأن الضر لم يمسسك منذ حين.
فعاد " عزيز " إلى جرحه يكشف عنه و يبتسم .
نعم يا " سعد " ها هو ذا الجرح . لقد تحول إلى ضفيرة بالية تؤلمني كلما تذكرت تلك الأيام.
و دخلا إلى دار عراف العبيد ، فوجدا طبلا يتوسط الدار.
الطبل كبير . تشد جلده حبال غليظة شدا محكما .
اقترب الرجلان من الطبل . رأى "سعد" عصا ملقاة قرب الركن فأمسك بها و بدأ في قرع الطبل. دق على الطبل برفق دقات عديدة و كأنه يختبر الجلد الهرم فأجابه الجلد أن اضرب بعصاك الطبل و لا تخف فدقه بعنف وهو على الأرض ، ثم علق حبل الطبل في عنقه و خرج إلى ساحة المنزل . رقص رقصات مجنونة فتحلق حوله الزنوج بصفقون . جاؤوا من كل مكان . خرجوا من تحت الأرض ومن بين شقوق الجدران . حضروا الحفل ثم ذابوا مع أصوات الدق على الطبل التي خفتت شيئا فشيئا إلى أن تلاشت في الأثير

(2)

و نادي عمي الأكبر العبيد الذين ورثهم عن جدي و قال لهم :
- دقوا طبول الحزن هذا اليوم ففي الغد لن يكون لي سلطان عليكم.
و لم يفهم العبيد مغزى كلامه و لكنهم أخرجوا الطبول الكبيرة و أشعلوا نارا لتسخين جلودها ثم حملوها على رؤوسهم و بدأوا في قرعها بعصي غليظة . و نز العرق من الأجساد اللماعة كحبات الزيتون فتفنن الرجال في استخراج ألحان حزينة من تحت الجلود المشدودة شدا عنيفا بحبال المسد.
و دار العبيد حول تمثال الجدة سبع دورات . رقصوا رقصا محموما كأنهم مردة من جان ثم خرجوا إلى الساحة . داروا فيها حتى التهبت الشمس في السماء فذهبوا يجوبون أزقة القرية . خرجت النساء لاستقبالهم نادبات ، نائحات ، لاطمات وجوههن و صدورهن.
قال لهم شيخ العبيد :
- هذا طبل " سلطان " سيدنا ، نقرعة اليوم للذكرى
وواصل الطواف حول أسوار القرية.
و قال لقارعي الطبول :
- هذا باب النصر ، سلام عليه، ادخلوا منه آمنين. و هذا باب هزيمتنا، لا حياه الله ، سنخرج منه قريبا.
و تجمع الرجال و الأطفال و النساء و الشيوخ حول جوقة العبيد ، فرفع عرافهم رأسه و أشار إلى : " لا غالب إلا الله " المنقولة من ديار الأندلس و المنقوشة بخط كوفي أنيق أعلى أبواب السور . و لم يفهم الرجال معنى الإشارة لكنهم رفعوا طبولهم فوق رؤوسهم و قرعوها عنيفا تحية لتلك النمنمة ، ثم هجعوا و ناموا تحت السور.
حين أفاقوا ، أخرج كبيرهم من طيات ثيابه سكينا تلمع و بقر بطون الطبول . كان شرسا وهو يبعج بالسكين أصداء الفجيعة و الهوان . ثم ذهب إلى الجبانة ، دفن السكين في قبر مهمل و عاد إلى الدار و قد نبت في رأسه قرنان كقرني الثور.

كان خائفا و مهزوزا وهو يجتاز العتبة . لكن خوفه زال حين رأى القرون نابتة فوق رؤوس كل رجال القرية . قرون اختلفت حسب الوجاهة و المكانة السامية . فمنهم من كان أقرن كالكبش الذي أنزله الرب على سيدنا إبراهيم الخليل فداء لجدنا إسماعيل . و منهم من كان له قرنان صغيران كقرني الحمل . و بين هذا وذاك عامة الرجال الذين حملوا قرونا كقرون الخرفان و الجديان و التيوس . رآهم يتحسسون القرون و هم بين مصدق و مكذب . ثم حاولوا قلعها . حركوها يمنة و يسرة . ضربوها بأيديهم . نطحوا بها الحيطان ، و لكن بدون طائل . و حين أعيتهم الحيلة ، صاروا يتبارون في إخفاء القرون تحت العمامات الكبيرة . و سكن قلوبهم الهلع ، فجروا إلى الدور يحكمون إغلاق أبوابها و يرقبون طلوع النهار لعلهم يخرجون سالمين من من هذا الكابوس.


( 3 )

ظل العبيد في دورهم إلى أن جمعهم عمي في السقيفة ، تفقدهم بنظرة واحدة و عدهم . لم يبق سوى عشرة رجال أشداء و عشر نساء فارعات الطول و عدد لا يحصى من الأولاد و البنات و بضعة شيوخ و ثلاث عجائز.
قال : " أين البقية ؟ "
فرد عليه شيخهم: : " بنى برؤوسهم قائد الوجق الدكة التي حاكم فوقها سيد هذا القصر ." و صمت.
و ظل العبيد واقفين يترقبون الأوامر ، لكن عمي لم يكلمهم . كان ساهما يخطط بعود على تراب السقيفة ، ثم فجأة طلب أن يصرف الأطفال الذين ملوا الوقوف و الصمت . أشار إليهم الجد فخرجوا ضاجين بالضحك . و عاد العم يخطط على التراب أشكالا هندسية و كلمات بلا معنى ثم طلب من العم " مسعود " أن يقترب منه . قال له :أنت يا شيخ حكيم هذه الأمة – أمة السودان – و صاحب الرأي و التدبير فهل لك في الاستماع إلى كلامي لعلك تحسن تبليغه لقومك . و طلب منه أن يجلس. لكن الرجل رفض الجلوس بين يديه . و ألح العم في طلبه ، فجلس العبد قريبا من قدميه على أطراف الفرش.
قال عمي : ناديتك يا شبخ العبيد لأعلمك بفرمان الباي الذي يطلب فيه من الأسياد تحرير عبيدهم و يمنع فيه – تحت طائلة الحبس – الرق و تمليك النفس البشرية لغير الله . و قال عمي كلاما كثيرا حول المساواة بين بني البشر و أنه لا فرق بين أبيض و أسود إلا بما كسبت النفس الأمارة بالسوء . و قال إن بلالا الحبشي سيؤذن في الجنة و سيداعى لصوته الشجي كل المؤمنين من عرب و أعاجم : فرس و روم و فرنسيس وطليان و صقلب و طليان و بلغار وزنج و من بني الأحمر و الأصفر و غيرهم من أمم الأرض قاطبة . كلهم سيستجيبون لنداء بلال الأسود الذي سيقيم الصلاة وراء النبي الأمي و سيرفع نداء " الله أكبر " في أرجاء الجنة .
و لم يفهم شيخ العبيد حديث العم فظل صامتا بينما العم يحكي عن فرق الخيالة التي طول الإيالة و عرضها لتتثبت من تطبيق هذه القوانين العلية و الأوامر السنية.
و لم يدر الرجل بماذا يجيب ، فالتفت إلى بنيه و أحفاده يستشيرهم في الرد على هذا الكلام . فنكس الجماعة رؤوسهم و قال قائلهم :
- هذه بلية حلت بنا و إنا لصابرون.
و قال العم :
- الباي يهبكم الحرية يا عبيدي ، فاضربوا في الأرض آمنين.
قال الجد :
- إنا لن نغادر دارك إلا إلى القبر يا سيدنا فاردد على باي تونس حريته.
لكن عمي الخائف من أن تنصب له دكة جديدة في الساحة العامة رفض رد شيخ العبيد و أمهله و قومه ليلة يجمعون فيها أدباشهم و يودعون أحبابهم ليذهبوا بعد ذلك إلى الحرية خفافا كغزلان الصحراء.
و انفلتت عجوز من ركن قصي من أركان السقيفة ، جرت عنيفة و ارتمت في حجر عمي وراحت تقبل يديه و تبكي ثم أخرجت من صدرها ثديها و قالت :
- أحلفك بالحليب الذي رضعته من هذا الثدي ألا تمي بنا إلى الحرية التي لا نعرف ماذا نفعل بها .
فرد عمي :
- هي يا أمي أوامر الياي و إني لا أقدر على عصيانه .
و لعن العبيد الباي و خرجوا من السقيفة و قد تداعوا إلى اجتماع عام في دار العراف.

( 4 )

و كبرت المناحة . ارتفع العويل و البكاء في كل البوت القريبة . فكلما اقترب موعد مغادرة عبيدنا للقصر حط الحزن أكثر في كل مكان . الحرائر يتبادلن مع الزنجيات تمائم السعد و عقود الخرز الملون و الودع اللماع . و الشيوخ يهبون للشابات عود القماري و قطعا من جلد التمساح و قشورا من بيض النعام و عاجا من أنياب الفيل و ماء من بحيرات إفريقيا. و أطفال الزنوج يهربون من مكان تجميعهم و يلجؤون إلى السطوح و المخابئ التي وفرناها لهم في أقبية القصر . كنا ندس في جيوبهم كل ما يصادف طريقنا ، التمر المجفف و حبات اللوز المقشر و الزبيب و أقلام القصب و مصاحف القرآن و حكايات العفاريت و النكت الماجنة و الذكريات ...وكانوا يبكون و يضحكون ، يهمسون و يصرخون ، يقتربون و يبتعدون ، إلى أن وقف شيخ العبيد في الساحة العامة و نفخ في بوقه فتنادى السودان من كل مكان ، من دار جدي و من دور الموسرين الذين ملكوا العبيد ذات يوم . تجكعوا في الساحة و خرجوا في مظاهرة احتجاج كبيرة . طافوا في الشوارع كامل الصباح ثم قصدوا دار " الوالي " الجديد و هم يقرعون طبولهم و ينفخون في مزاميرهم و يحرقون البخور و يرقصون رقصات مجنونة . ظلوا في هذا الصخب إلى أن خرج لهم " الوالي" . وقف في شرفة قصره محاطا بجنود مدججين بالبواريد التركية و الانضباط . رأى الرجال ظل ابتسامة ساخرة عالقة بين شفتيه حين حمد الله و صلى على رسوله ثم مجد سيدنا و مولانا " باي " تونس و دعا له بالعز والرفعة و طول العمر و السؤدد ثم طلب من العبيد أن يتفرقوا . قال لهم إن لنا في رسول الله أسوة حسنة ، اذهبوا فأنتم الطلقاء. لكن العبيد لم يبرحوا المكان . وعادوا إلى اللغط و الهياج . و صاح شيخهم:
- قل لسيدنا لا حاجة لنا بحريته ، و اطلب منه أن يسمح لنا بالعودة إلى أسيادنا.
و أسقط في يدي الوالي . لم يدر بماذا يجيب هؤلاء الرجال الذين يرفضون حرية وهبها لهم سيدهم . ارتبك في وقفته ثم استل من جنبيته بارودة قصيرة وصار يطلق في الهواء طلقات طائشة و هو يعوي كالذئب المجروح ، فخرج جنوده من كل الأمكنة ، فكأن الأرض انشقت و دفعت بهم دفعا إلى ظهرها . و انهال خيالة الوالي و مشاته على الرافضين لنعمة مولانا " الباي " ففروا هاربين في كل الاتجاهات. تدافعوا و تصايحوا و سقط الشيوخ على الأرض فتناوشتهم الأقدام و الهراوات و لذيء الكلام . و غابت شمس اليوم كاسفة وراء هامات النخيل.
ووجد العبيد أنفسهم في العراء ، فباتوا ليلتهم الأولى تحت الأسوار يشعلون النيران لعلها تصنع لهم دفئا ، و يرددون نبوءات العراف :
" اليوم سنولد من جديد و سنبدأ حياة أخرى ."




( 5 )

و مرت الأيام بطيئة على العبيد الذين حررهم " فرمان " الباي فلا هم قادرون على العودة إلى القرية و لا بمستطاعهم بداية مشوار الحياة الجديدة التي وعدهم بها العراف.
حاولوا مرات عديدة الاقتراب من الأبواب فمنعهم الحراس من تخطيها . ضربوهم بالهراوات و رشوهم بالزيت الحامي . حرق الزيت جلودهم ففروا إلى البساتين القريبة من الأسوار و بدأوا في قطع الطرق على الأسياد . نظم الشبان كمائن لخيالة الوالي و أغاروا على الفلاحين العاملين في الواحة . و بلغ خبر ثورة العبيد فرسان الباي فتداعوا من كل مكان . حاصروا الواحة مدة أسبوع و ألقوا القبض على مثيري الفتنة . صلبوا ثلاثة منهم على جذوع النخيل ثم جمعوا البقية في قافلة و رحلوهم إلى قلب الصحراء.
قال لهم قائد الفرسان:
- ستصنعون سعادتكم في واحة جديدة تزرعون في سرابها المخل و التين و الزيتون و الرمان و الورد وخد بوقرعون .
و ساق الجمال المحملة بمتاع العبيد . سارت القافلة نحو جنوب الجنوب مخفورة بفرسان الباي إلى أن بلغت نبع ماء شحيح فقال القائد لأمة السودان :
- هنا لن يستعبدكم أحد بعد الآن .
و ابتلعه و جنده السراب. و ضاع الغبار الذي أثارته الخيول في الأفق الرحيب. و لف المكان صمت كصمت المقابر المهجورة . و انحدرت الشمس ببطء من السماء ثم هوت في فم الصحراء الواسع كجب بلا قرار.
اتجه العراف نحو النبع ووقف على كثيب الرمل المشرف على الماء و أخرج من قميصه الداخلي عود حطب أملس ووترا . شد الوتر و أقعى يجمع قبضة من الحشائش اليابسة . ثم حرك الوتر جيئة و ذهابا على العود حتى اشتعلت النار فوضع على الشرارة الأعشاب اليابسة و حمل النيران الملتهبة فوق كف يده اليمنى و مشى فوق ماء النبع حتى قطعه و قصد الجهة الأخرى من الكثيب . ثم أخرج قوسه و شد إليها سهما وشد القوس بعنف ثم سدد نحو قلب النبع فنفر الماء و علا حتى كاد يبلغ عنان السماء.
وارتفع هتاف العبيد و صياحهم و صخبهم و أخرجوا طبولهم و انهمكوا في قرعها بعنف المحرومين من السعادة حتى أنهكهم التعب فارتموا على الرمل ينخرون و يشخرون.
و أخرج الأطفال من جيوبهم الحلوى و اللوز المقشر و الزبيب و اللحم المقدد فشووا اللحم على كف العراف و أطعموا القبيلة حتى شبعت ثم شربوا من ماء زمزم و ناموا على حافة السراب.



( 6 )


نبع الماء قريب من طريق قديمة تمر منها القوافل الذاهبة من بلاد نفزاوة * إلى غدامس** . و القوافل تريح جمالها هناك عند النبع ، فنبت على جنباته نخل هو الآن قد استطال و مد أعناقه إلى السماء.
كانت نخلات النبع حين أفاق أطفال أمة السودان شبيهات بعجائز قد هزلن ورققن حتى صرن كالعيدان اليابسة . و علتهن رؤوس صغيرة جرباء منتوفة الجريد . جرى الأطفال ناحية النخل . التقطوا بعض التمرات اليابسة التي أكل الطير و الجراد أكثرها فنفضوها مما علق بها من رمل ثم التهموها و هم يهمهمون و يبكون ، ثم كرعوا من ماء النبع و عادوا إلى قيروانهم . و جد الأطفال الرجال ينصبون الخيام فمدوا أيديهم الصغيرة للمساعدة . دقوا الأوتاد و ربطوا الحبال و كدسوا جلود الماعز و الخرفان و الخرق القديمة فوق أسقف الأكواخ ثم تكوموا قريبا من بقع الظل الشحيحة و أخرجوا من صدورهم الحكايات التي طالما سمعوها من الجدات في ليالي الشتاء في القصر الكبير .
و هاجت الرمال عنيفة و غطت عين الشمس . و نفخت الريح حارة كأنها خرجت لتوها من أفواه الجحيم ، فتذكر الأطفال مياه القرب الياردة . و لعن الكبار فرمان باي تونس.

زاهية بنت البحر
04/07/2008, 10:53 PM
أتابع بشغف، وأنا أتذكر قصص بردليان والزير سالم وسيف بن ذي يزن وعنترة. لم أقرأ روايات من زمن . لك شكري أخي المكرم إبراهيم.
أختك
بنت البحر

ابراهيم درغوثي
07/07/2008, 10:16 PM
أختنا زاهية

أتمنى لك الامتاع مع هذا النص
الذي يأخذ أحداثه من الماضي و الحاضر

ابراهيم درغوثي
07/07/2008, 10:16 PM
أختنا زاهية

أتمنى لك الامتاع مع هذا النص
الذي يأخذ أحداثه من الماضي و الحاضر

فايزة شرف الدين
18/07/2008, 05:26 PM
مع خيالك الرحب نحلق في عالمك الغريب العجيب .. وما زالت الدهشة تأخذني مع مفرادتك اللغوية الرصينة ، والتي تسـتأهل الدراسة والتعمق فيها .. فأجدني أعيد قراء العبارة أكثر من مرة .
وإلي الفصل الرابع إن شاء الله .

http://www.10neen.com/up/uploads/301f67fc65.jpg (http://www.10neen.com/up/)

ابراهيم درغوثي
20/07/2008, 12:52 AM
أختنا فائزة شرف الدين

ما أسعدني بهذه المتابعة

لك مودتي و تقديري

ابراهيم درغوثي
20/07/2008, 12:52 AM
أختنا فائزة شرف الدين

ما أسعدني بهذه المتابعة

لك مودتي و تقديري