المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فَوْضَـى دَجَـــاجِ القَـرْنِ العِــشْــرينْ ... !!!.



محمَّد زين الشفيع أحمد
05/07/2008, 07:39 AM
*
*

سيِّداتي ،

آنساتـي ،

سَـادَتـي ،

أنا هُنا أتحدَّثُ عن بعضِ النَّكِرَاتِ في ذَاتِي .. أُحاولُ يائسًا أنْ أتسلَّقَ إليْكمْ

عَبْرَ آذانِكم .. فاسْمَحُوا لي بأنْ أَطِلَّ عليْكم لابسًا بنطاليَ الأزرقَ الجديدَ

وقميصيَ عديمَ الألوانِ وربطةَ عُنُقيَ الحَمْرَاءَ ذاتَ الاصْفِـرارِ

الدَّاكِـنْ ..

كما لا يفوتُني أنْ أُحيطُكم عِلْمًا بأنَّ هذا المَلْبَسَ قد كَلَّفني

كثيرًا من المالِ وأرهقَ جيْبِيَ جدًّا وجعلني أبْدوَ أمامَكمْ ونَفْسِيَ

بصوْتٍ مبْحُوحٍ مُتَحَشْرِجْ ..

لأُناقشَ معكم بعضًا من القضايا الدَّجاجيَّةِ المَظْهَرْ

.. آمِلًا ألا يُصابَ أحدُكم بالتَّقَيُّؤِ الفكريِّ أو الدَّورانِ

العصبيِّ أو الإنفعالِ اللاشعوري .. أو .. " اللازورْدِي " ..

جميلةٌ هذه الكلمةُ ( اللازورْدِي ) لقد سمعتُها كثيرًا من بعضِ

المثقَّفينَ وكنتُ أندَهِشُ لها قليلًا ثمَّ أصْحُوَ بعدَ أنْ يذْهبَ رحيقُها

عن حلقيَ الصَّغيرْ ...

المُهِمُّ أن يكونَ ذلك التقيؤُ بعيدًا عن شللِ الأطفالِ و الدِّفتريا

والبكتريا ؛ وأمراضِ القولونِ الصاعدِ أوِ الهابطِ قليلًا ...

كانَ رفيقيَ أحدَ الطَّحالبِ الخضراءِ كما صنَّفهُ عندَنا القِرْدُ

الأعْمَشُ وقتَها ؛ ينموَ بكلِّ فخْرٍ وإعْزازٍ على الفَخَّارِ الباردِ

والمُمْتـلئِ ماءً ..

إذْ ليسَ لهُ سِجَالٌ في الحياةِ سِوَى مُعتَركِ المعيشة ،

لكنَّها ضريبةُ الزَّمنِ قد صَـادرتْ منهُ المكانَ الذي يَقْبَعُ فيه ،

فانفجرَ اخضِرارُ صُوَيْحِبي باكيًـا وحينَها فقط غَادرَ المَدارَ والفخَّارَ

دونَ رجعةٍ ؛ ومُذَّاكَ لم تُصافِحْ وَجْهَهُ عينايْ .

عزيزي القارئُ والمستمِعُ والمُشَاهِدْ ..

حاوِلْ أنْ تضعَ إصبعَكَ الإبهامَ بين نَاجِذَيْكَ أو بينَ فكَّيْكَ الأعْلَى

والأسفلِ ثمَّ اشْخَصْ ببصرِك إليَّ ..

فدَجَاجةُ قريتِنا ذاتُ اللِّسانِ الطَّويلِ هي وصُوَيْحِباتها قد اتَّفقْنَ

مع بعضِهِنَّ للقيامِ برحلةٍ صغيرةٍ خارجَ مناخِ بيئتهنَّ التقليديِّ

المِزَاجْ ،

وكانت دَجاجةُ جيرانِنا لئيمةً وذاتَ كَرْشٍ كبيرٍ وممتدٍ جدًا يجعلُك

تراهْ حتَّى وإنْ لمْ تتجْه صوبَهُ مباشرةً ، وكانَ كثيرًا ما يُؤْلِمُها

ذلك الكرشُ ؛ وقد نصحَها أخصائيُّ التغذيةِ مِرارًا بمُمَارَسةِ

التَّمارينِ الرياضيَّةِ وقلةِ الطعامِ الدَّسِمْ ؛ ولكنَّها عَبَثًا لا تفعل !!

، فَبَابُ الشَّهيَّةِ عندَها قد صَدِأَ مِفْتَاحُهُ.

بيْدَ أنَّكَ تجِدُها داهيةً تجيبُ سؤالَك بطريقةٍ تجعلُك تُنْسِيكَ سؤالَك

الأساسيَّ تحْتَ غِطاءِ ما يُسَمَّونَهُ اليَوْمَ بديبلوماسيةِ الرَّدْ.

خرجْنَ لرحلتهنَّ العجيبةِ ومعهنَّ ديكٌ واحدٌ ،

ديكٌ واحدٌ فقطْ !! ، قيلَ إنَّهُ للحِرَاسةِ

الليليَّةِ ، ودائمًا تجدُهُ عاصِبًا رأسَهُ بعِمامةٍ بيضاءَ ،

ساذجُ الفكرِ ، بليدُ المنطِقْ.

وهُنَّ يتنقـَّـلْنَ من حَيٍّ إلى آخَرَ ومن قريةٍ إلى أُخْرى يَعْقِدْنَ

الاجتماعاتِ ويتبعهنَّ ذاكَ الديكُ الأبيضُ والمُهذَّبُ كما كانَ

بَدْءُ الظَّنِّ عندي ..

يُتَمْتِمُ بأشياءَ لمْ أفهمْها جيِّدًا لكنَّني أظُنُّها كانتْ تنمُّ عنْ عدمِ

الرِّضاءِ من شئٍ ما ؛ قد يكونُ مَرَدُّه للبيئةِ من حوْلِهِ ،

ولكنْ يُخالِجُني إحساسٌ بأنَّه ناتجٌ من السُّلوكِ الدَّجاجيِّ غيرِ

الحميدْ ؛ لذلك دائمًا أراهُ يتمَشَّى على الشَّارعِ المُعَبَّدِ

وترتَسِمُ على وجْهِهِ هالةٌ من الغضبِ المُصْفَـرِّ .

طلبتُ مقابلتُه رسميًّـا .. لكنَّهُ رفضَ !!..

مُحتجًّـا بعدمِ إرتدائيَ لبذلةٍ بيضاءَ ، حينَها كنتُ صغيرًا

ووَادِعًـا وأختلفُ عنهمْ ، فَطِرَازيَ نادرٌ ونوْعِيَ فريدٌ

ومِنْقَارِيَ كانَ طويلًا جدًّا ورأسيَ صغيرٌ إذْ لا أُفارقُ

القفصَ إلا نادِرًا وأختلفُ تمامًا عن بقيَّةِ

سِـرْبِ الطُيُورِ الَّتي في حاشيَتِهْ ..

سُمِحَ لي أخيرًا بالدُّخولِ عليهِ وجسميَ النَّحيلُ يَجُوبُ داخلَ

بذلَةٍ بيضاءَ مُستعارةٍ لكنَّها راقيةٌ وجميلةٌ ، جعلتْنِي أبدو

وَسِيمًا !! ،

وقد أتيْتُ لأُمِيطَ لِثَامَ التَّسَاؤلِ عنِ الانقطاعِ

المقصودِ لكهرباءِ قفصيَ الصَّغيرْ ، ولكم كانتْ حسرتي حينَ

وجدتُ سِرْبًا آخرًا على شاكلتي ، كُلُّهمْ قدْ زَجُّوا بِهِمْ في

أقْفَاصِهِمْ ،

وزادَ اندهاشي وتَوَجُّسِي أنَّ مَنْ أتيْتُهُ أنكَرَ هَمِّيَ ومَعْرِفَتي ،

وأَوْكلَ غيرَهُ لِيسألَني معَ أنِّيَ قَدِمْتُ طالبًـا الإجابةَ ،

حينَها فقطْ أدْرَكْتُ أنِّيَ لَسْتُ مِنْهُمْ !!! ،

بعدَها آويْتُ إلى جبلِ الغُرْبةِ عَلَّهُ يَعْصِمُني من طُوفانِ

الدَّجاجِ ووقَفْتُ زَمَنًـا حَدَادًا على

حَـتْـفِ ذاتِـي ..!!!.


*
*
*
*


الرِّياضْ .

اكتَمَلَتْ مَسَاءَ

27/06/2007م.