المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدكتور أسعد الدندشلي يحاور في أمريكا اللاجىء السياسي الأستاذ محمد الوصابي



الدكتور أسعد الدندشلي
07/07/2008, 07:35 AM
الأمين العام للحزب الناصري والمستشار الإقتصادي السابق لمجلس النواب اليمني محمد الوصابي:

مفهوم السلطة والقوى الحزبية الحاكمة في الوطن العربي صارت زعامة مؤبدة

محمد الوصابي سياسي لبق، لم تمنعه اللباقة واللياقة من أن يقول رأيه بصراحة فيما يحسّه ويطرح أمامه من مسائل وقضايا ولاسيما الوطنية والقومية منها، يعرف أين تنتهي حدوده لتبدأ حدود الآخرين،
نادرا ما يتحدث عن أمور شخصية، يولي العمل الإجتماعي أهميته،لكنه يلتزم موجبات وحقوقه ضمن جاليته اليمنية تحديدا والعربية عموما، ويلتقي مع الجميع ويحترم الجميع وإن كان يختلف معهم في قضايا فكرية وسياسية كثيرة، فهو يؤمن بميزة التنوع وحرية الرأي الآخر، وبديمقراطية صحيحة في ممارساته وقناعاته الشخصية، ترى اليمن في كل تطلعاته وتحس بحرارة الوطن الأم في زفراته ونظراته البعيدة، تدرك من خلال كلماته المقتضبة القليلة، بمعاناة ما، بطموحات وآمال...لا يسعك إلا أن تدعو له الله أن يوفقها ويحقق له ما يريد...
في حوار هادىء جرى هذا اللقاء على النحو التالي:

كيف يقدم الأستاذ محمد الوصابي نفسه:
محمد الوصابي من مواليد اليمن العام 1957 ناشط سياسي، وأنا حاليا لاجىء سياسي في الولايات المتحدة الأمريكية منذ االعام 1995 وأنا خبير اقتصادي،تحصيلي العلمي: بكالوريوس في الإقتصاد والعلوم السياسية، ودبلوم في الصحافة، وما جستير في التجارة الدولية...

ما أسباب الهجرة واللجوء السياسي؟
الحرب الأهلية التي اندلعت في اليمن في العام 1994 تسببت في إحراق كثير من أوراق العمل الوطني، وكان من نتيجة تلك الحرب أن انتصرت مع الأسف القوى القبلية الضاربة في التخلف، والتشدد والذي أسفر في النهاية على هيمنة تلك القوى على مقررات الحياة ومجرياتها ومختلف أنشطتها، وأخذت تمارس دور الإقصاء والإبعاد والإغتيالات والزج في السجون، وأمام ذلك كان لابد للعناصر المناوئة لتلك العقلية، أن ترحل للنفاذ بجلدها سالمة من تلك الممارسات القمعية، وأنا كنت واحدا من هؤلاء الذين نفذوا بجلدهم...

هل قدمت مع عائلتك أو مع ممن يجاريك الفكر السياسي؟
جئت لوحدي! تركت عائلتي وتركت أسرتي زوجتي وأولادي، عندما فارقت وطني، تركت وطنا وأصدقاء وأقارب، وما زلت حتى اللحظة أدفع ثمن مواقفي السياسية...

ألم تجرِ محاولات لتسوية وضعك بعد ثلاثة عشر عاما من منفاك؟ أو لم تتغير بعض الموانع خلال كل تلك الفترة في اليمن؟
جرت اتصالات في محاولة لعودتي زارني أصدقاء في الحكومة وحملوا لي رسائل تدعوني إلى العودة، ولكن لم أعد حتى الآن ...

ما السبب في عدم عودتك إذا؟
الحقيقة سقطت الكثير من الموانع، إذ تغيرت طبيعة تلك القوى التي تسبّبت في انهيار البنيان الإجتماعي وهدر إمكانيات اليمن، ومصادرة الحقوق والحريات، وقد تراجعت تلك القوى كثيرا، وهذا مما يشجع الآن... ولكن مشكلات أخرى ظهرت، فقد نشأت قوى أخرى ليست أقل سوء من تلك، وإن اختلفت من حيث التوجه...

ما الفكر السياسي الذي كنت تمثله وهل كان وضعك السياسي في اليمن شرعيا؟
أنا قومي ناصري، وعندما قدمت إلى الولايات المتحدة، كنت الأمين العام للحزب الناصري الديمقراطي، والمستشار الإقتصادي لمجلس النواب اليمني، وبالنسبة لما سألتني إن كان معترفا به كحزب سياسي، أقول : أن الحزب كان شرعيا ونشأ وتكوّن بالأساليب الديمقراطية وكانت عمليات الإنتخاب فيه تجري من القاعدة إلى القمة، لكنّ علي عبد الله صالح ركّز رجل واحد ليحمل هذا المسمى أي مسمى الحزب الناصري الديمقراطي ظلما وبهتانا... وهاهي النهاية انتهى وضعي لاجئا سياسيا بعيد عن كل شيء لا أتدخل في السياسة ...

تجربتك في العمل السياسي تحثني لأن اسألك عن رأيك بالعمل السياسي في المنطقة العربية ككل؟
الحقيقة العمل السياسي في المنطقة العربية بشكل عام واليمن بشكل خاص، أعتبره كمن يعمل بالمحرقة وبكل بساطة هو محرقة للعاملين فيه لأن الناشطين في الميدان السياسي إمّا أن يكونوا شرفاء وهذا يعني أن مصيرهم معلوم، وإمّا أن يركبوا الموجة وفي هذا الحال يكون مصير الأمة الخراب، بمعنى إما أن يخرب بيت الفرد نفسه إن كان شريفا، وإمّا أن تخرب الأمة نفسها إن كان غير شريف، وفي كلا الأمرين يكون الأمر محرقة...

برأيك ما أسباب تردي أوضاع السياسة العربية هل لخلل في السياسية وقوانينها، أم في طبيعة العاملين فيها؟
الأسباب كثيرة: أولا قضية الفهم الديمقراطي، هذه مسألة محدودة للغاية، فلو نظرت إلى مفهوم السلطة أو حتى إلى القوى الحزبية نفسها في الوطن العربي لوجدت أنها زعامة مؤبدة ربما تستمر على امتداد العمر ، نحن نعاني من مفهوم محدود للديقطراطية...
ثانيا: الجانب الفكري: وأقصد هنا بإيجاز أن الرياح التي هبّت جميعها على المنطقة كانت مستوردة، سواء من تجارب إنسانية أخرى سبقتنا في تحضّرها أو تجاربها، أضف إلى ذلك أن الموروث الثقافي العربي هو موروث مملوء بالشوائب المتناقضة فيما بينها تناقضا صارخا، وإذا ما توقفنا بهذا كله مع عامل الفقر، سواء فقر البيئة أي الموارد، أو فقر المجتمع نفسه بشكل عام بمعنى ندرة التراكمات المعنوية أو الفكرية على تنوّعها، ندرك الحالة التي نحن عليها...

نسجل للتيار الإسلامي حسنة وميزة...

الحالة السياسية العربية متردية ولكن ما رأيك هل الجالية العربية الأمريكية تنقل معها أمراضها المزمن أيضا إلى الأرض الأمريكية، وأنها تحافظ على ماهي عليه من قطرية وتفكك وتشرذم وانقسام؟
إن الفترة التي تلت المدّ القومي قد وجهت إلى ذاك المدّ ضربات متلاحقة، وشجعت قوى إقليمية تحت ارتباطات معينة على تمتين المنطق القطري، ونحن نعرف أنها أقطار وفقا للمفهوم السياسي للوزن الدولي، وغاب عن هذه الأقطار مفهوم التكامل والتعاون فيما بينها، والواقع اليوم يؤكد على الحالة القطرية القائمة ... بالنسبة للجالية أقول أن الواقع العربي قد انعكس بالطبع على مؤسسات الجالية هنا وآلية عملها، وكان لذلك عامل سلبي مؤثر في قدرة الجالية على أن يكون لها موقعا هاما وفاعلا أكبر في الحياة السياسية هنا، أشير إلى نقطة هي في منتهى الأهمية: نلاحظ بأن المؤسسات الإسلامية في أمريكا ترتبط فيما بينها ارتباطا عضويا كما نظن، بينما المؤسسات أو الفعاليات السياسية العربية وإن على اختلاف مشاربها الفكرية ليس لديها أي خطة تعاون أو تنسيق فعال فيما بينها، وهذا يسجل للتيار الإسلامي حسنة وميزة نحسدهم عليها، ونقدرها لهم رغم اختلافنا معهم...
إن من أهم الطموحات أن نعمل جميعا على توحيد جهود الجالية وحشد وتوظيف كل امكاناتها نحو غايات وأهداف حقيقية تخدم الجالية اليمنية والجالية العربية بوجه عام، وأن نخدم الأوطان الأم أيضا، لكن هناك الكثير من الفعاليات العربية مع الأسف، تنفق الكثير على المباني وعلى الإحتفالات حتى أنه يمكنني القول أن كلفة ما يدفعونه من فواتير الكهرباء عن مبنى أو أثنين وغيره من الخدمات الأخرى بإمكانها أن تغطي الكثير من الخدمات الضرورية المطلوبة لتأمين برامج أساسية لأبناء الجالية، هذا على سبيل المثال، والأهم من كل هذا أن العمل الجماعي لا يتأتى من صيغة 1+1=2 ولكن بوصفها حسابات قوى 1+1 لا يساوي اثنين! ياليت بالإمكان توحيد اليمنيين في ما نقول فما بالك لو استطعنا توحيد العرب، على كل هناك بعض التنسيق ولكنه برأي يبقى تنسيق ظاهري بدليل أنه كل فترة تلد فعاليات جديدة...!
ولكن حتى الآن ليس هناك من بديل، عما هو قائم، نحن نعرف أن طموحاتنا هي أكبر من امكانياتنا، ولا أنكر أن هناك ومضات متصاعدة، تبشّر إلى حد ما، ونأمل ونتوقع ونتمنى عملا أكثر من ذلك إن شاء الله...

هل من نشاط لك الآن وسط الجالية اليمنية والعربية في أمريكا؟
كان علي أن أكون بين أبناء وطني وأمتي وهذا أمر طبيعي، وقد كان لدي علاقات سابقة مع مغتربين يمنيين كان وضعهم متقدما كثيرا، نتيجة البيئة التي يعيشون فيها في عالمهم الجديد، حيث قدّمت هذه البيئة لهم الكثير من المفاهيم التي وسعت مداركهم، ومن خلال ما اعتقدته عنهم نشطتُ في المجال الإجتماعي والنشاطات الإجتماعية، ولكن بعد مرور الوقت اتضح أن توقعاتي هي غير صائبة، وأنها ليست في محلها، حيث اتضح لي أن المغترب اليمني هو نفسه المواطن اليمني العادي المقيم، لم تؤثر البيئة في تغييرهم، ولو توقفنا أمام هذه المسألة حتى لا نظلمهم، لوجدنا أن هؤلاء جاؤوا أصلا كقوى عاملة غير مؤهلة وغير مدربة، واتضح في المقابل أن الذين يقبعون على دكاكين الجالية مع الأسف، على الرغم مما نكنّ لهم من تقدير واحترام، إلاّ أنهم على المستوى الثقافي بعيدين جدا عن المستوى المؤمل لإنطلاقة عمل الجالية والإرتقاء بها...

والكلمة الأخيرة ماذا تقول فيها؟
أنا أدعو الجالية اليمنية والعربية للإنخراط في مجمل الحياة السياسية الأمريكية كمواطنين أمريكيين، وممارسة حقهم في الإنتخابات والترشيح وغيرها من المسائل الأساسية التي تدلل على حجمهم وقوتهم الإنتخابية، فممثلوا الدوائر هم المشرعون وهم الذين يشرعون مطالب وتطلعات المواطنين ومن هنا أهمية أن نكون في العملية وليس خارجها...
وعلى صعيد الجالية العربية الأمريكية في ميشيغن أتمنى من كل فعالياتها، التواصل والتلاقي وتعميق التفاهم حول القضايا المصيرية والهموم المشتركة التي يعيشونها كجالية، والإستفادة من التجارب والإمكانات القائمة، وهي كثيرة إن أردنا أن نعمل ذلك حقا...

الدكتور أسعد الدندشلي
07/07/2008, 07:35 AM
الأمين العام للحزب الناصري والمستشار الإقتصادي السابق لمجلس النواب اليمني محمد الوصابي:

مفهوم السلطة والقوى الحزبية الحاكمة في الوطن العربي صارت زعامة مؤبدة

محمد الوصابي سياسي لبق، لم تمنعه اللباقة واللياقة من أن يقول رأيه بصراحة فيما يحسّه ويطرح أمامه من مسائل وقضايا ولاسيما الوطنية والقومية منها، يعرف أين تنتهي حدوده لتبدأ حدود الآخرين،
نادرا ما يتحدث عن أمور شخصية، يولي العمل الإجتماعي أهميته،لكنه يلتزم موجبات وحقوقه ضمن جاليته اليمنية تحديدا والعربية عموما، ويلتقي مع الجميع ويحترم الجميع وإن كان يختلف معهم في قضايا فكرية وسياسية كثيرة، فهو يؤمن بميزة التنوع وحرية الرأي الآخر، وبديمقراطية صحيحة في ممارساته وقناعاته الشخصية، ترى اليمن في كل تطلعاته وتحس بحرارة الوطن الأم في زفراته ونظراته البعيدة، تدرك من خلال كلماته المقتضبة القليلة، بمعاناة ما، بطموحات وآمال...لا يسعك إلا أن تدعو له الله أن يوفقها ويحقق له ما يريد...
في حوار هادىء جرى هذا اللقاء على النحو التالي:

كيف يقدم الأستاذ محمد الوصابي نفسه:
محمد الوصابي من مواليد اليمن العام 1957 ناشط سياسي، وأنا حاليا لاجىء سياسي في الولايات المتحدة الأمريكية منذ االعام 1995 وأنا خبير اقتصادي،تحصيلي العلمي: بكالوريوس في الإقتصاد والعلوم السياسية، ودبلوم في الصحافة، وما جستير في التجارة الدولية...

ما أسباب الهجرة واللجوء السياسي؟
الحرب الأهلية التي اندلعت في اليمن في العام 1994 تسببت في إحراق كثير من أوراق العمل الوطني، وكان من نتيجة تلك الحرب أن انتصرت مع الأسف القوى القبلية الضاربة في التخلف، والتشدد والذي أسفر في النهاية على هيمنة تلك القوى على مقررات الحياة ومجرياتها ومختلف أنشطتها، وأخذت تمارس دور الإقصاء والإبعاد والإغتيالات والزج في السجون، وأمام ذلك كان لابد للعناصر المناوئة لتلك العقلية، أن ترحل للنفاذ بجلدها سالمة من تلك الممارسات القمعية، وأنا كنت واحدا من هؤلاء الذين نفذوا بجلدهم...

هل قدمت مع عائلتك أو مع ممن يجاريك الفكر السياسي؟
جئت لوحدي! تركت عائلتي وتركت أسرتي زوجتي وأولادي، عندما فارقت وطني، تركت وطنا وأصدقاء وأقارب، وما زلت حتى اللحظة أدفع ثمن مواقفي السياسية...

ألم تجرِ محاولات لتسوية وضعك بعد ثلاثة عشر عاما من منفاك؟ أو لم تتغير بعض الموانع خلال كل تلك الفترة في اليمن؟
جرت اتصالات في محاولة لعودتي زارني أصدقاء في الحكومة وحملوا لي رسائل تدعوني إلى العودة، ولكن لم أعد حتى الآن ...

ما السبب في عدم عودتك إذا؟
الحقيقة سقطت الكثير من الموانع، إذ تغيرت طبيعة تلك القوى التي تسبّبت في انهيار البنيان الإجتماعي وهدر إمكانيات اليمن، ومصادرة الحقوق والحريات، وقد تراجعت تلك القوى كثيرا، وهذا مما يشجع الآن... ولكن مشكلات أخرى ظهرت، فقد نشأت قوى أخرى ليست أقل سوء من تلك، وإن اختلفت من حيث التوجه...

ما الفكر السياسي الذي كنت تمثله وهل كان وضعك السياسي في اليمن شرعيا؟
أنا قومي ناصري، وعندما قدمت إلى الولايات المتحدة، كنت الأمين العام للحزب الناصري الديمقراطي، والمستشار الإقتصادي لمجلس النواب اليمني، وبالنسبة لما سألتني إن كان معترفا به كحزب سياسي، أقول : أن الحزب كان شرعيا ونشأ وتكوّن بالأساليب الديمقراطية وكانت عمليات الإنتخاب فيه تجري من القاعدة إلى القمة، لكنّ علي عبد الله صالح ركّز رجل واحد ليحمل هذا المسمى أي مسمى الحزب الناصري الديمقراطي ظلما وبهتانا... وهاهي النهاية انتهى وضعي لاجئا سياسيا بعيد عن كل شيء لا أتدخل في السياسة ...

تجربتك في العمل السياسي تحثني لأن اسألك عن رأيك بالعمل السياسي في المنطقة العربية ككل؟
الحقيقة العمل السياسي في المنطقة العربية بشكل عام واليمن بشكل خاص، أعتبره كمن يعمل بالمحرقة وبكل بساطة هو محرقة للعاملين فيه لأن الناشطين في الميدان السياسي إمّا أن يكونوا شرفاء وهذا يعني أن مصيرهم معلوم، وإمّا أن يركبوا الموجة وفي هذا الحال يكون مصير الأمة الخراب، بمعنى إما أن يخرب بيت الفرد نفسه إن كان شريفا، وإمّا أن تخرب الأمة نفسها إن كان غير شريف، وفي كلا الأمرين يكون الأمر محرقة...

برأيك ما أسباب تردي أوضاع السياسة العربية هل لخلل في السياسية وقوانينها، أم في طبيعة العاملين فيها؟
الأسباب كثيرة: أولا قضية الفهم الديمقراطي، هذه مسألة محدودة للغاية، فلو نظرت إلى مفهوم السلطة أو حتى إلى القوى الحزبية نفسها في الوطن العربي لوجدت أنها زعامة مؤبدة ربما تستمر على امتداد العمر ، نحن نعاني من مفهوم محدود للديقطراطية...
ثانيا: الجانب الفكري: وأقصد هنا بإيجاز أن الرياح التي هبّت جميعها على المنطقة كانت مستوردة، سواء من تجارب إنسانية أخرى سبقتنا في تحضّرها أو تجاربها، أضف إلى ذلك أن الموروث الثقافي العربي هو موروث مملوء بالشوائب المتناقضة فيما بينها تناقضا صارخا، وإذا ما توقفنا بهذا كله مع عامل الفقر، سواء فقر البيئة أي الموارد، أو فقر المجتمع نفسه بشكل عام بمعنى ندرة التراكمات المعنوية أو الفكرية على تنوّعها، ندرك الحالة التي نحن عليها...

نسجل للتيار الإسلامي حسنة وميزة...

الحالة السياسية العربية متردية ولكن ما رأيك هل الجالية العربية الأمريكية تنقل معها أمراضها المزمن أيضا إلى الأرض الأمريكية، وأنها تحافظ على ماهي عليه من قطرية وتفكك وتشرذم وانقسام؟
إن الفترة التي تلت المدّ القومي قد وجهت إلى ذاك المدّ ضربات متلاحقة، وشجعت قوى إقليمية تحت ارتباطات معينة على تمتين المنطق القطري، ونحن نعرف أنها أقطار وفقا للمفهوم السياسي للوزن الدولي، وغاب عن هذه الأقطار مفهوم التكامل والتعاون فيما بينها، والواقع اليوم يؤكد على الحالة القطرية القائمة ... بالنسبة للجالية أقول أن الواقع العربي قد انعكس بالطبع على مؤسسات الجالية هنا وآلية عملها، وكان لذلك عامل سلبي مؤثر في قدرة الجالية على أن يكون لها موقعا هاما وفاعلا أكبر في الحياة السياسية هنا، أشير إلى نقطة هي في منتهى الأهمية: نلاحظ بأن المؤسسات الإسلامية في أمريكا ترتبط فيما بينها ارتباطا عضويا كما نظن، بينما المؤسسات أو الفعاليات السياسية العربية وإن على اختلاف مشاربها الفكرية ليس لديها أي خطة تعاون أو تنسيق فعال فيما بينها، وهذا يسجل للتيار الإسلامي حسنة وميزة نحسدهم عليها، ونقدرها لهم رغم اختلافنا معهم...
إن من أهم الطموحات أن نعمل جميعا على توحيد جهود الجالية وحشد وتوظيف كل امكاناتها نحو غايات وأهداف حقيقية تخدم الجالية اليمنية والجالية العربية بوجه عام، وأن نخدم الأوطان الأم أيضا، لكن هناك الكثير من الفعاليات العربية مع الأسف، تنفق الكثير على المباني وعلى الإحتفالات حتى أنه يمكنني القول أن كلفة ما يدفعونه من فواتير الكهرباء عن مبنى أو أثنين وغيره من الخدمات الأخرى بإمكانها أن تغطي الكثير من الخدمات الضرورية المطلوبة لتأمين برامج أساسية لأبناء الجالية، هذا على سبيل المثال، والأهم من كل هذا أن العمل الجماعي لا يتأتى من صيغة 1+1=2 ولكن بوصفها حسابات قوى 1+1 لا يساوي اثنين! ياليت بالإمكان توحيد اليمنيين في ما نقول فما بالك لو استطعنا توحيد العرب، على كل هناك بعض التنسيق ولكنه برأي يبقى تنسيق ظاهري بدليل أنه كل فترة تلد فعاليات جديدة...!
ولكن حتى الآن ليس هناك من بديل، عما هو قائم، نحن نعرف أن طموحاتنا هي أكبر من امكانياتنا، ولا أنكر أن هناك ومضات متصاعدة، تبشّر إلى حد ما، ونأمل ونتوقع ونتمنى عملا أكثر من ذلك إن شاء الله...

هل من نشاط لك الآن وسط الجالية اليمنية والعربية في أمريكا؟
كان علي أن أكون بين أبناء وطني وأمتي وهذا أمر طبيعي، وقد كان لدي علاقات سابقة مع مغتربين يمنيين كان وضعهم متقدما كثيرا، نتيجة البيئة التي يعيشون فيها في عالمهم الجديد، حيث قدّمت هذه البيئة لهم الكثير من المفاهيم التي وسعت مداركهم، ومن خلال ما اعتقدته عنهم نشطتُ في المجال الإجتماعي والنشاطات الإجتماعية، ولكن بعد مرور الوقت اتضح أن توقعاتي هي غير صائبة، وأنها ليست في محلها، حيث اتضح لي أن المغترب اليمني هو نفسه المواطن اليمني العادي المقيم، لم تؤثر البيئة في تغييرهم، ولو توقفنا أمام هذه المسألة حتى لا نظلمهم، لوجدنا أن هؤلاء جاؤوا أصلا كقوى عاملة غير مؤهلة وغير مدربة، واتضح في المقابل أن الذين يقبعون على دكاكين الجالية مع الأسف، على الرغم مما نكنّ لهم من تقدير واحترام، إلاّ أنهم على المستوى الثقافي بعيدين جدا عن المستوى المؤمل لإنطلاقة عمل الجالية والإرتقاء بها...

والكلمة الأخيرة ماذا تقول فيها؟
أنا أدعو الجالية اليمنية والعربية للإنخراط في مجمل الحياة السياسية الأمريكية كمواطنين أمريكيين، وممارسة حقهم في الإنتخابات والترشيح وغيرها من المسائل الأساسية التي تدلل على حجمهم وقوتهم الإنتخابية، فممثلوا الدوائر هم المشرعون وهم الذين يشرعون مطالب وتطلعات المواطنين ومن هنا أهمية أن نكون في العملية وليس خارجها...
وعلى صعيد الجالية العربية الأمريكية في ميشيغن أتمنى من كل فعالياتها، التواصل والتلاقي وتعميق التفاهم حول القضايا المصيرية والهموم المشتركة التي يعيشونها كجالية، والإستفادة من التجارب والإمكانات القائمة، وهي كثيرة إن أردنا أن نعمل ذلك حقا...