المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مفاوضات الوقت الضائع : دكتور لطفي زغلول



لطفي زغلول
08/07/2008, 09:15 AM
مفاوضات الوقت الضائع



د / لطفي زغلول – نابلس



تصريحات الإدارة الأميركية الأخيرة حول الوضع في الشرق الأوسط ، مفاوضات الحل النهائي ، رؤية الدولتين ، وكل ما يتعلق بإفرازات القضية الفلسطينية ، وهي تحزم حقائبها للرحيل عن البيت الأبيض ، هذه التصريحات تحمل ما تحمله من التناقضات التي لا تخفى على كل ذي بصر وبصيرة .
فهي لم تكن في يوم من الأيام لا مناصرة ، ولا مؤازرة ، ولا مساندة للقضية الفلسطينية ، ولا للفلسطينيين . ومع ذلك فهي تدعي أنها راعية متوازنة مع الطرفين في علاقاتها . إلا أن واقع الأمر شيء ، وما يفترض أن يكون على أرض الواقع شيء آخر . وثمة حقائق على جانب كبير من الأهمية ، وإن أبدت الإدارة الأميركية استهانة بها ، فيما يخص الإستيطان الذي يفترس الأرض الفلسطينية ، والذي هو في معناه الحقيقي اغتصاب مخطط لها ، ويعمل على تآكلها .
الحقيقة الأولى تتمثل فيما تدعيه الإدارة الأميركية أنه لن يؤثر على مفاوضات الحل النهائي مع الفلسطينيين . وحسب هذا الإدعاء فهو مجرد عقبة ما ، أو أنه إعاقة ليس أكثر . ويلاحظ هنا أن هذه الإدارة قد تحاشت أن تضعه في خانة مسماه الحقيقية ، وهي أنه غير قانوني نصا وروحا ، وهي الصفة المفترض أن يوصف بها . وبناء عليه فهو من منظور فلسطيني شرعي باطل مهما تقادم الزمن عليه .
والحقيقة الثانية وتتمثل في أن الإدارة الأميركية ، قد أعلنت مسبقا أنها سوف تعارض أي تحرك عربي ضد مشاريع الإستيطان الإسرائيلي في مجلس الأمن . والسؤال الذي يطرح نفسه هنا : ما دام الإستيطان مجرد عقبة ما ، أو أنه إعاقة ليس أكثر ، فلماذا سوف تتصدى له الولايات المتحدة في مجلس الأمن ؟ .
واستكمالا فنحن على يقين تام من أن مجلس الأمن هذا ليس هو المنبر المناسب الذي يفترض بالأنظمة العربية السياسية أن تخوض معركة الإستيطان بين أروقته . إن مجلس الأمن هذا هو مجلس الأقوياء . إنه مجلس الهيمنة الأميركية . إنه مجلس الإنحياز الأميركي المطلق لإسرائيل ، والكيل لها بمكيال ذهبي . إنه والحق يقال خط أحمر لم يفلح أحد من العرب في اجتيازه .
إن العلاقة مع مجلس الأمن ومن تسيره ، كان يمكن لها أن تتخذ مسارا غير الذي تتخبط فيه ولا تجني سوى المواجهة والصد والفشل والإحباط وزوال هيبتها وتأثيرها أمام جماهيرها . إن الأنظمة العربية تعلم علم اليقين أن التعامل مع مجلس الأمن بوضعه الحالي ، وبوضعها هي الحالي هو بمثابة " لجوء الأيتام إلى موائد اللئام " . وهو العبث ومضيعة الجهود والإلتفاف على ما يفترض وما يفرضه الواجب القومي تجاه كل قضية عربية وبخاصة القضية الفلسطينية والقدس والمقدسات الإسلامية .
الحقيقة الثالثة وتتمثل في عدم جدية الإدارة الأميركية في فرض ما يفترض أن تقوم به من ضغوطات على الطرف الإسرائيلي الذي تجاوز حدوده فيما يخص الإستيطان . وها هي إسرائيل تعلن صراحة أنها طرحت عطاءات أربعين ألف " 40 " وحدة سكنية في القدس على مدى العقد القادم . وقد اكتفت الولايات المتحدة بمجرد انتقاد لا يسمن ولا يغني من جوع لسياسات الإستمرار في المشاريع الإستيطانية التي لا تعرف أن تتوقف عند حد .
والحقيقة الرابعة ، يتساءل الإنسان الفلسطيني ، وهو يعاني ما يعانيه : أين رؤية الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش حول الدولة الفلسطينية ؟ . أما تزال سابحة في رحم الغيب السياسي ؟ . أين خارطة الطريق ؟ . أين لقاء أنابوليس ؟ . وقبل هذا وذاك أين العيون الأميركية ، ألا ترى ماذا تفعل الجرافات الإسرائيلية ؟ . أين الآذان الأميركية ، ألا تسمع هدير هذه الجرافات وهي تهدم الوجود الفلسطيني ، وتقيم على أنقاضه وجودا دخيلا ؟ . وكيف يصدق أنها لا تعيق مفاوضات الحل النهائي ؟ . أو ليست كل القضية تتعلق بالأرض التي يصادرها الإحتلال الإسرائيلي ؟ .
وأما الحقيقة الخامسة ، فهي تخص القدس تحديدا . إن إسرائيل تعتبر هذه المدينة ، بموافقة من الإدارة الأميركية والكونغرس ، عاصمتها الأبدية ، وأنها خارج نطاق أية تسوية سلمية . والسؤال الذي يطرح نفسه هنا : وماذا تبقى للعرب والمسلمين ليفاوضوا عليه ، وإسرائيل لا تعترف بحق العودة ، ولا بحدود الرابع من حزيران / يونيو 1967 ، ولا بالتخلي عن المستوطنات ؟ .
والحقيقة الأخيرة تخص الأنظمة العربية السياسية . والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هنا : ماذا فعلت هذه الأنظمة إزاء هذه التحديات الخطيرة التي يمارسها الإحتلال الإسرائيلي ، هذا إذا ما كانت تقيم لها وزنا ، غير الصمت المريب ، وعدم الإكتراث ، والسكوت عن الحق المشروع . وكأن الأمر لا يعنيها لا من قريب أو بعيد .
ان السياسة الأميركية مرسومة أولا وأخيرا لتحقيق المصالح الأميركية وتطويرها والدفاع عنها وحمايتها في وجه كافة التحديات التي يمكن أن تواجهها . وليس جديدا القول في أن مصالح الولايات المتحدة كانت ولا زالت مع إسرائيل ، ذلك أن لدى هذه الأخيرة وسائل ضغط مالية وإعلامية وسياسية تحسن تفعيلها وبخاصة داخل الولايات المتحدة إلى الحد الذي يمكن معه أن تتحكم في سير الإنتخابات التشريعية والرئاسية ، الأمر الذي يجعل الكثير من الساسة وصناع القرار الأميركيين رهائن رضا اللوبيات الإسرائيلية ذات النفوذ الواسع . والأخطر من ذلك كله أن ليس لهذه اللوبيات أي منافس أو منازع عربي لا داخل الولايات المتحدة ولا خارجها وتحديدا في العالم العربي .
إن السياسة الأميركية والحال هذه ، هي في المحصلة قسط من أقساط سداد فاتورة تقدمها الولايات المتحدة مقابل ما تقدمه اللوبيات الإسرائيلية . وفي المقابل فإن الأنظمة العربية لم تقدم مثل هذه الفاتورة لقاء ما تقدمه للولايات المتحدة ، وهو أكثر بكثير مما تقدمه إسرائيل ولوبياتها . وهذا الكثير تقوم عليه أساسيات منظومة الحضارة الأميركية بكل جوانبها ورفاهية المواطن الأميركي . وهذا هو الإختلاف في الغرس ، والفرق الشاسع في الحصاد .
لقد سلكت الأنظمة العربية ومعها الإسلامية مسار العجز والضعف والفرقة والإستجداء والإستعطاف ، وهي تملك كل وسائل القوة والعزة والمنعة التي لم تقم بتفعيلها ، أو أنها ترفض ذلك ، أو حتى ترفض الإشارة لها في معرض علاقاتها مع الدول صاحبة القرار . وخلافا لذلك آثرت ، ولحاجة في نفوس أصحابها ، أن تسلك هذا المسار الذي لا يسمن ولا يغني من جوع . وهو ذات المسار الذي ما زال يجر العالم العربي القهقرى ، فبات في حال يرثى لها ، وقد أصبح في حالة انعدام الوزن السياسي ، لا حول له ولا قوة .
إن كون أنظمة العالم العربي السياسية مفككة ، مختلفة الرأي وفي أحيان متعادية تخشى بعضها البعض ولا يجمعها أي إطار وحدوي أيا كان شكله ومستواه ، إن كل هذا وغيره مدعاة للآخرين الذين في أيديهم صنع القرارات الدولية وتوظيفها على أرض الواقع لكي يستهينوا بهذه الأنظمة وبكل ما يصدر عنها ، ولا يحسبوا لها أي حساب ، كونها فاقدة لأي وزن سياسي أو اقتصادي .
وبلا أدنى شك فإن الأنظمة السياسية العربية تدرك هذه الحقائق المرة . إلا أنها مع ذلك تصر على انتهاج نفس الأسلوب كونها – والحال هذه – لا تملك بديلا سواه من ناحية ، ولكي لا تكون محرجة أمام جماهيرها التي تفرض عليها هذه السيناريوهات المعادة مرارا وتكرارا بحجة التزام الأنظمة العربية بالتمسك بالشرعية الدولية ، واستراتيجية خيار السلام ، واحترامها للمعاهدات التي تبرمها .
كلمة أخيرة . وتبقى حقيقة الحقائق التي لا لبس فيها . إن الإدارة الأميركية الحالية قد حزمت حقائبها ، وها هي تستعد لمغادرة البيت الأبيض . إن هذه الإدارة على مدى سنوات ولايتيها الأولى والثانية ، تمكنت ظاهريا من خداع الشعب الفلسطيني . إلا أن خداعها هذا كان مكشوفا ، وفي كثير من المرات لم ينطل على الكثيرين . وبرغم هذا ستبقى القضية الفلسطينية إلى أن يهيىء الله جلت قدرته لها من يقوم مسارها . وإن غدا لناظره قريب .

لطفي زغلول
08/07/2008, 09:15 AM
مفاوضات الوقت الضائع



د / لطفي زغلول – نابلس



تصريحات الإدارة الأميركية الأخيرة حول الوضع في الشرق الأوسط ، مفاوضات الحل النهائي ، رؤية الدولتين ، وكل ما يتعلق بإفرازات القضية الفلسطينية ، وهي تحزم حقائبها للرحيل عن البيت الأبيض ، هذه التصريحات تحمل ما تحمله من التناقضات التي لا تخفى على كل ذي بصر وبصيرة .
فهي لم تكن في يوم من الأيام لا مناصرة ، ولا مؤازرة ، ولا مساندة للقضية الفلسطينية ، ولا للفلسطينيين . ومع ذلك فهي تدعي أنها راعية متوازنة مع الطرفين في علاقاتها . إلا أن واقع الأمر شيء ، وما يفترض أن يكون على أرض الواقع شيء آخر . وثمة حقائق على جانب كبير من الأهمية ، وإن أبدت الإدارة الأميركية استهانة بها ، فيما يخص الإستيطان الذي يفترس الأرض الفلسطينية ، والذي هو في معناه الحقيقي اغتصاب مخطط لها ، ويعمل على تآكلها .
الحقيقة الأولى تتمثل فيما تدعيه الإدارة الأميركية أنه لن يؤثر على مفاوضات الحل النهائي مع الفلسطينيين . وحسب هذا الإدعاء فهو مجرد عقبة ما ، أو أنه إعاقة ليس أكثر . ويلاحظ هنا أن هذه الإدارة قد تحاشت أن تضعه في خانة مسماه الحقيقية ، وهي أنه غير قانوني نصا وروحا ، وهي الصفة المفترض أن يوصف بها . وبناء عليه فهو من منظور فلسطيني شرعي باطل مهما تقادم الزمن عليه .
والحقيقة الثانية وتتمثل في أن الإدارة الأميركية ، قد أعلنت مسبقا أنها سوف تعارض أي تحرك عربي ضد مشاريع الإستيطان الإسرائيلي في مجلس الأمن . والسؤال الذي يطرح نفسه هنا : ما دام الإستيطان مجرد عقبة ما ، أو أنه إعاقة ليس أكثر ، فلماذا سوف تتصدى له الولايات المتحدة في مجلس الأمن ؟ .
واستكمالا فنحن على يقين تام من أن مجلس الأمن هذا ليس هو المنبر المناسب الذي يفترض بالأنظمة العربية السياسية أن تخوض معركة الإستيطان بين أروقته . إن مجلس الأمن هذا هو مجلس الأقوياء . إنه مجلس الهيمنة الأميركية . إنه مجلس الإنحياز الأميركي المطلق لإسرائيل ، والكيل لها بمكيال ذهبي . إنه والحق يقال خط أحمر لم يفلح أحد من العرب في اجتيازه .
إن العلاقة مع مجلس الأمن ومن تسيره ، كان يمكن لها أن تتخذ مسارا غير الذي تتخبط فيه ولا تجني سوى المواجهة والصد والفشل والإحباط وزوال هيبتها وتأثيرها أمام جماهيرها . إن الأنظمة العربية تعلم علم اليقين أن التعامل مع مجلس الأمن بوضعه الحالي ، وبوضعها هي الحالي هو بمثابة " لجوء الأيتام إلى موائد اللئام " . وهو العبث ومضيعة الجهود والإلتفاف على ما يفترض وما يفرضه الواجب القومي تجاه كل قضية عربية وبخاصة القضية الفلسطينية والقدس والمقدسات الإسلامية .
الحقيقة الثالثة وتتمثل في عدم جدية الإدارة الأميركية في فرض ما يفترض أن تقوم به من ضغوطات على الطرف الإسرائيلي الذي تجاوز حدوده فيما يخص الإستيطان . وها هي إسرائيل تعلن صراحة أنها طرحت عطاءات أربعين ألف " 40 " وحدة سكنية في القدس على مدى العقد القادم . وقد اكتفت الولايات المتحدة بمجرد انتقاد لا يسمن ولا يغني من جوع لسياسات الإستمرار في المشاريع الإستيطانية التي لا تعرف أن تتوقف عند حد .
والحقيقة الرابعة ، يتساءل الإنسان الفلسطيني ، وهو يعاني ما يعانيه : أين رؤية الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش حول الدولة الفلسطينية ؟ . أما تزال سابحة في رحم الغيب السياسي ؟ . أين خارطة الطريق ؟ . أين لقاء أنابوليس ؟ . وقبل هذا وذاك أين العيون الأميركية ، ألا ترى ماذا تفعل الجرافات الإسرائيلية ؟ . أين الآذان الأميركية ، ألا تسمع هدير هذه الجرافات وهي تهدم الوجود الفلسطيني ، وتقيم على أنقاضه وجودا دخيلا ؟ . وكيف يصدق أنها لا تعيق مفاوضات الحل النهائي ؟ . أو ليست كل القضية تتعلق بالأرض التي يصادرها الإحتلال الإسرائيلي ؟ .
وأما الحقيقة الخامسة ، فهي تخص القدس تحديدا . إن إسرائيل تعتبر هذه المدينة ، بموافقة من الإدارة الأميركية والكونغرس ، عاصمتها الأبدية ، وأنها خارج نطاق أية تسوية سلمية . والسؤال الذي يطرح نفسه هنا : وماذا تبقى للعرب والمسلمين ليفاوضوا عليه ، وإسرائيل لا تعترف بحق العودة ، ولا بحدود الرابع من حزيران / يونيو 1967 ، ولا بالتخلي عن المستوطنات ؟ .
والحقيقة الأخيرة تخص الأنظمة العربية السياسية . والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هنا : ماذا فعلت هذه الأنظمة إزاء هذه التحديات الخطيرة التي يمارسها الإحتلال الإسرائيلي ، هذا إذا ما كانت تقيم لها وزنا ، غير الصمت المريب ، وعدم الإكتراث ، والسكوت عن الحق المشروع . وكأن الأمر لا يعنيها لا من قريب أو بعيد .
ان السياسة الأميركية مرسومة أولا وأخيرا لتحقيق المصالح الأميركية وتطويرها والدفاع عنها وحمايتها في وجه كافة التحديات التي يمكن أن تواجهها . وليس جديدا القول في أن مصالح الولايات المتحدة كانت ولا زالت مع إسرائيل ، ذلك أن لدى هذه الأخيرة وسائل ضغط مالية وإعلامية وسياسية تحسن تفعيلها وبخاصة داخل الولايات المتحدة إلى الحد الذي يمكن معه أن تتحكم في سير الإنتخابات التشريعية والرئاسية ، الأمر الذي يجعل الكثير من الساسة وصناع القرار الأميركيين رهائن رضا اللوبيات الإسرائيلية ذات النفوذ الواسع . والأخطر من ذلك كله أن ليس لهذه اللوبيات أي منافس أو منازع عربي لا داخل الولايات المتحدة ولا خارجها وتحديدا في العالم العربي .
إن السياسة الأميركية والحال هذه ، هي في المحصلة قسط من أقساط سداد فاتورة تقدمها الولايات المتحدة مقابل ما تقدمه اللوبيات الإسرائيلية . وفي المقابل فإن الأنظمة العربية لم تقدم مثل هذه الفاتورة لقاء ما تقدمه للولايات المتحدة ، وهو أكثر بكثير مما تقدمه إسرائيل ولوبياتها . وهذا الكثير تقوم عليه أساسيات منظومة الحضارة الأميركية بكل جوانبها ورفاهية المواطن الأميركي . وهذا هو الإختلاف في الغرس ، والفرق الشاسع في الحصاد .
لقد سلكت الأنظمة العربية ومعها الإسلامية مسار العجز والضعف والفرقة والإستجداء والإستعطاف ، وهي تملك كل وسائل القوة والعزة والمنعة التي لم تقم بتفعيلها ، أو أنها ترفض ذلك ، أو حتى ترفض الإشارة لها في معرض علاقاتها مع الدول صاحبة القرار . وخلافا لذلك آثرت ، ولحاجة في نفوس أصحابها ، أن تسلك هذا المسار الذي لا يسمن ولا يغني من جوع . وهو ذات المسار الذي ما زال يجر العالم العربي القهقرى ، فبات في حال يرثى لها ، وقد أصبح في حالة انعدام الوزن السياسي ، لا حول له ولا قوة .
إن كون أنظمة العالم العربي السياسية مفككة ، مختلفة الرأي وفي أحيان متعادية تخشى بعضها البعض ولا يجمعها أي إطار وحدوي أيا كان شكله ومستواه ، إن كل هذا وغيره مدعاة للآخرين الذين في أيديهم صنع القرارات الدولية وتوظيفها على أرض الواقع لكي يستهينوا بهذه الأنظمة وبكل ما يصدر عنها ، ولا يحسبوا لها أي حساب ، كونها فاقدة لأي وزن سياسي أو اقتصادي .
وبلا أدنى شك فإن الأنظمة السياسية العربية تدرك هذه الحقائق المرة . إلا أنها مع ذلك تصر على انتهاج نفس الأسلوب كونها – والحال هذه – لا تملك بديلا سواه من ناحية ، ولكي لا تكون محرجة أمام جماهيرها التي تفرض عليها هذه السيناريوهات المعادة مرارا وتكرارا بحجة التزام الأنظمة العربية بالتمسك بالشرعية الدولية ، واستراتيجية خيار السلام ، واحترامها للمعاهدات التي تبرمها .
كلمة أخيرة . وتبقى حقيقة الحقائق التي لا لبس فيها . إن الإدارة الأميركية الحالية قد حزمت حقائبها ، وها هي تستعد لمغادرة البيت الأبيض . إن هذه الإدارة على مدى سنوات ولايتيها الأولى والثانية ، تمكنت ظاهريا من خداع الشعب الفلسطيني . إلا أن خداعها هذا كان مكشوفا ، وفي كثير من المرات لم ينطل على الكثيرين . وبرغم هذا ستبقى القضية الفلسطينية إلى أن يهيىء الله جلت قدرته لها من يقوم مسارها . وإن غدا لناظره قريب .