المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدكتور أسعد الدندشلي يكتب حول زيارة رئيس أساقفة القدس المطران العربي عطا الله حنا إلى أمريكا



الدكتور أسعد الدندشلي
09/07/2008, 08:08 AM
الدكتور أسعد الدندشلي يكتب حول زيارة رئيس أساقفة القدس المطران العربي الدكتور عطا الله حنا إلى أمريكا:
من أقوال المطران حنا في أمريكا:

لايمكن أن يكون المرء مسيحيا وصهيونيا في نفس الوقت

لايمكن لكنائسنا أن تبقى متفرجة على معاناة الشعب الفلسطيني

المسيحية الحقة تدافع عن حقوق الإنسان وتطالب بإنهاء الإحتلال والعنصرية

آلام الشعب الفلسطيني بمسلميه ومسيحيه واحدة

السلام الحقيقي هو الذي يحرّر لنا قدسنا

بدعوة من اتحاد أبناء رام الله في الولايات المتحدة الأمريكية قام رئيس أساقفة القدس للروم الأرثوذكس المطران العربي الكبير الدكتور عطا الله حنا بزيارة سريعة إلى ولاية ميشيغن حيث حل ضيفا عزيزا على أبناء الجالية العربية من مختلف طوائفها وشرائحها المسيحية والإسلامية واستقبل بحفاوة منقطعة النظير، في كل الأماكن التي استضافته في مدن الولاية بدءا بـ "ليفونيا" وانتهاء بـ "ديربورن" وإلى جانب لقاءات التكريم التي رافقته أينما حلّ شارك في افتتاح المؤتمر السنوي الخمسين لا تحاد أبناء مدينة رام الله في فلسطين... فمن كنيسة القديسة مريم وراعي أبرشيتها الأب جورج شلهوب في ليفونيا إلى المركز الإسلامي في أمريكا على فورد في ديربورن كانت فعاليات الجالية تتقاطر لتستمع إلى المطران العربي وهو يردد بثبات المبادىء المسيحية النقيه الخالصة، مبادىء السلام والمحبة التي جاء من أجلها المسيح في رفع الظلم والإحتلال والفقر عن البشر، رافضا أن تتلاقى المسيحية والصهيونية عند أولئك الذين يزعمون أنهم مسيحيون صهيونيون فالمسيحية سلام وعدالة والصهيونية عنصرية واحتلال وظلم، مشدد على ثوابت التعايش الوطني الإسلامي المسيحي العربي، وعلى عروبة فلسطين ووحدة شعبها بمسلميه ومسيحييه، باعتبارهم شعبا واحد بل وأسرة واحدة، مكرسا درب المسيح ابن فلسطين... لم يحد عن درب الحقيقة والنضال المشرف رغم الإعتقال من قبل السلطات الصهيونية ورغم احتجاز جواز سفره، بقي صوته يجلجل القدس عربية وستبقى عربية وعاصمة للدولة الفلسطينية...
المرحبون المحتفون كثر يتقدمهم: نيافة المتروبوليت نيقولاوس نيكولا مطران الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية راعي أبرشية الروم الأرثوذكس لكنيسة سانت ماري، اتحاد أبناء رام الله ، المركز الثقافي لكنيسة سانت ماري للروم الأرثوذكس، مكتب فلسطين، المكتب العربي الأمريكي والكلداني، أصدقاء جمعية السبيل، اللجنة الأمريكية العربية لمكافحة التمييز المركز العربي للخدمات الإقتصادية والإجتماعية أكسس، كل هؤلاء إلى جانب وجوه وفعاليات رسمية يتقدمهم مايور مدينة ليفونيا الذي كرم المطران بتقديم مفتاح المدينة لغبطته، السيدة جانيت نيقولا ميخائيل رئيسة بلدية رام الله، رئيس المركز الأمريكي العربي للحقوق المدنية وحقوق الإنسان المدير الإقليمي للجنة الأمريكية العربية لمكافحة التمييز الـ أي دي سي عماد حمد، رئيس اتحاد أبناء رام الله السيد يعقوب زايد، الناشط السيد جورج خوري من جمعية أصدقاء السبيل، زيادة شامية رئيس الإتحاد السابق، إلى جانب دروع تكريم أخرى من الأب شلهوب وفعاليات وهيئات ومؤسسات غصت بهم قاعة كنيسة سانت ماري...وقد رحب في مستهل اللقاء التكريمي على شرف المطران الدكتور حنا الأب شلهوب ثم تتالى عدد من المتحدثين والشعراء الذين نوهوا بمناقبية وعطاءات ونضالات وسيرة الضيف الكبير المحتفى به...
المطران حنا ألقى كلمة شاملة استهلها شاكرا ومؤكدا على الثوابت والأخلاق المسيحية والضوابط الوطنية والتعايش الأخوي الإسلامي المسيحي ثم قال غبطته:
أرضنا هي الأرض التي انطلقت منها المسيحية إلى مشارق الأرض ومغاربها، نحن اليوم في مشرقنا العربي نستورد الاليكترونيات والأشياء المتطورة والعصرية من أمريكا ومن أوروبا، ولكن قبل ألفي عام نحن الذين صدرنا الإنجيل إلى العالم، نحن الذي بشرنا بالمسيحية، نحن الذين كنا أبناء الكنيسة الأولى والتي ما زالت باقية حتى الآن، نحن نرفع هامتنا عالياً، عندما نتحدث عن القدس وعندما نتحدث عن بيت لحم، وعندما نتحدث عن الناصرة، لأن المسيح الناصري هو ابن فلسطين، هو ابن أرض مقدسة مباركة من حيث مولده ونشأته، وهو فلسطيني لكن رسالته رسالة أوسع من أي حدود وأي نطاق وهي إلى كل إنسان في هذا العالم، عندما كانت الفتوحات الإسلامية وأتى الخليفة عمر بن الخطاب إلى مدينة القدس، أتذكرون من الذي استقبله: الذي استقبله هو البطريرك الدمشقي سفرونيوس. كان ذلك اللقاء هو اللقاء المسيحي الإسلامي الأول: جالا معاً في أزقة القدس ودخلا معاً إلى كنيسة القيامة وكانت العهدة العمرية وكان بدء العلاقة، ملؤها المحبة والثقة بين الشعب الواحد، الأمة الواحدة، الأسرة الواحدة، ولذلك أيها الأحبة أنا لم آتِ من فلسطين لكي أتحدث باسم طائفة أنا أرفض الطائفية، وكنيستنا ليست طائفية، المسيح لم يأتِ لكي يؤسس طائفية وانما أتى كي يبشر بالعدل والسلام بين الناس، أنا لم آتِ إلى هنا لكي أتحدث لطائفة أو لفئة معينة من أبناء شعبنا، أنا أتحدث معكم باسم الشعب الفلسطيني كل الشعب الفلسطيني بمسلميه ومسيحييه آلامنا واحدة، جراحنا واحدة، عذاباتنا واحدة، عندما سلمني قبل قليل محافظ (مايور) المدينة هذا المفتاح (مفتاح مدينة ليفونيا) تذكرنا اللاجئين الفلسطينيين الذين ما يزالون يحتفظون بمفاتيحهم مفاتيح منازلهم وبيوتهم التي طردوا منها عام 1948، فيا محافظ المدينة أنا أشكرك على هذا المفتاح وإن شاء اله سنقدم لك مفتاح القدس عندما تتحرر، وعندما تعود إلى وضعها الطبيعي مدينة عربية فلسطينية عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة. نحن نعشق السلام ونصلي من أجل السلام، ففي المسيحية عندما نقرأ الانجيل المقدس كلمة السلام مذكورة في الإنجيل عدة مرات، عندما ولد المسيح سمع صوت في رحاب بيت لحم يقول: المجد لله في العلا، وعلى الأرض السلام وفي الناس المسّرة، وفي الإسلام: كلمة السلام هي من أسماء الله الحسنى، كلمة جميلة رائعة جداً، ولكن أيها الأحبة: السلام الذي نتحدث عنه في الكتب المقدسة، السلام الذي تحدثنا عنه نصوصنا المقدسة هو سلام مبني على العدل، هو سلام مبني على إعادة الحقوق، لمن أخذت منه الحقوق، سلام مبني على رفع الظلم عن المظلومين، سلام يعيد الكرامة الإنسانية لكل إنسان في هذا العالم ولذلك أيها الأحبة، نحن العرب ونحن الفلسطينيين عندما نتحدث عن السلام إنما نقصد بذلك السلام الذي يحرّر أرضنا، السلام الذي يحرّر لنا قدسنا، السلام الذي يعيد اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، السلام الذي يحفظ الكرامة لأمتنا ولشعبنا وبدون هذا لن يكون هنالك سلام وإن كان قد تحدث البعض عن السلام ولم يعملوا من أجل إنصاف الشعب الفلسطيني، لن يتمكنوا من تحقيق السلام، لأنه لا يمكن للسلام أن يكون دون العدالة، دون الإنصاف، دون رفع الظلم عن المظلومين، كانت الذكرى الستين للنكبة، والذكرى الأربعين للنكسة، ذكريات أليمة تذكرنا بمعاناة شعبنا الفلسطيني، بجراح شعبنا الفلسطيني بالظلم الذي لحق بشعبنا الفلسطيني ولذلك أيها الأحبة، يليق بنا ونحن نجتمع بهذه الكنيسة المقدسة، نحن في القاعة والقاعة في رحاب كنيسة طاهرة، يليق بنا أن نقول بأن المسيحية المشرقية سواء أكانت أرثوذكسية أم كاثوليكية أم انجيلية كنائسنا في الأرض المقدسة لا يمكنها أن تكون متفرجة على معاناة الشعب الفلسطيني لا يمكنها أن ترى شعباً يظلم في كل يوم وفي كل ساعة وأن تكون معاينة لهذا الظلم دون أن ترفع صوتها عالياً مطالبة بإنهاء هذا الظلم وإنصاف هذا الشعب.
من يقرأ الإنجيل المقدس، عندما كان المسيح ينتقل في فلسطين من مكان إلى مكان من بلد إلى بلد أين كان يذهب!؟ كان يذهب إلى المظلومين، كان يذهب إلى الفقراء، وإلى المرضى وإلى الحزانى والثكالى، أنا لم أسمع ولم أقرأ أن المسيح ذهب إلى بلد وتوجه فيه إلى الجبابرة، كان دائماً المسيح نصير المظلومين والمضطهدين في هذا العالم، ونحن إذا ما أردنا في المسيحية أن نطبق رسالة المسيح في حياتنا، علينا أن نكون إلى جانب المظلومين والمطرودين والمعذبين في هذا العالم.
المسيحية الحقة هي تلك التي تدافع عن حقوق الإنسان، وتطالب بإنهاء مظاهر الإحتلال والعنصرية، تطالب بأن يتمتع الإنسان بالحرية التي هداها الله له، للأسف في أمريكا وفي غير أمريكا، هناك جماعات تدّعي بأنها مسيحية وتقول أنها مسيحية ولكنها تصف نفسها على أنها مسيحية صهيونية وما إلى ذلك... لا يمكن أن يكون المرء مسيحياً وصهيونياً في نفس الوقت، إما أن تكون مسيحياً وإما أن تكون صهيونياً فالمسيحية هي العدل والمصالحة والسلام والمحبة، أما الصهيونية فهي حركة عنصرية إرهابية قاتلة، هدفها اقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه إن من يتسمون بالمسيحيين الصهاينة في أمريكا، ليسوا مسيحيين على الإطلاق...
وأضاف قائلا: وما ينادي به هؤلاء من مواقف، هي أبعد ما تكون عن الثقافة المسيحية، وأبعد ما تكون عن الأخلاق والممارسات المسيحية التي بشرّ بها المسيح...المسيح يقول لنا: لا تكونوا مع الظالم على حساب المظلوم، أو أن تكون مع القاتل على حساب المقتول، المسيح لا يدعونا أن نكون مع الظالمين، مع القتلة، مع المجرمين، المسيح يدعونا أن نكون مع كل إنسان معذب ومظلوم في هذه الدنيا، فكم بالحري عندما يكون هذا المظلوم شعبنا العربي الفلسطيني في فلسطين السليبة المحتلة، أيها الأحبة: نحن نؤمن بلغة الحوار، ولا نتبنى العنف منهجاً أو فكراً أو ثقافة، نؤمن بقيم السلام والعدل، هذا ما يعلمنا إياه إيماننا وانجيلنا الطاهر، ولذلك أيها الأحبة أدعو لكم من الأعماق بأن يوفقكم الرب الإله، أنتم أتيتم إلى هنا كجالية، وأنتم تحملون معكم آلام الوطن، جراح الوطن، نزيف الوطن.
وختم متوجها ومخاطبا مكرمية بالقول: أبونا جورج شلهوب، أنا أشكرك، على كل ما قدّمته من أجل إنجاح هذا اللقاء، إنك تحمل رسالة ارثوذكسية عربية وطنية وأنت ابن الشام دمشقية وفلسطينية أيضاً، انك تمثل كنيسة عريقة، فسيادة المتروبوليت فيليب صليبا راعي هذه الأبرشية سمعناه دائماً وأبداً يطالب بالعدل والسلام وإنهاء الإحتلال، ونصرة الشعب الفلسطيني أنا أطلب يا أبونا أن تنقل إلى سيادة المطران فيليب محبتي وتقديري لا بل ومحبة كل الحاضرين وكل أبناء الجالية... ومن أبناء رام الله نحن الذين نقدر لسيادة المطران صليبا وطنيته ورسالته التي تؤكد على أنه ابن بار لهذه الكنيسة ولهذا الشعب. وكذلك أوّد أن أشكر رئيس وأعضاء اتحاد رام الله في الولايات المتحدة الأخ يعقوب رئيس الإتحاد فلولا الأخ يعقوب لما كنت معكم اليوم فهو الذي اتصل وبادر واهتم بأن أكون معكم ودعانا وأشكركم وأهنيء اتحاد رام الله على مرور خمسين سنة على تأسيس هذا الإتحاد، أحيي كل أعضاء الإتحاد المقيمين في الولايات المتحدة وفي غير الولايات المتحدة، أود أيضاً أن أحيي اخوتنا المسلمين، أنتم اخوتنا بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معاني، الدين لا يفرّف إنما يوحد الناس مع بعضهم البعض، وإذا ما كانت القدس هي أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين لدى الأخوة المسلمين فهي عندنا نحن المسيحيين هي القبلة الأولى والوحيدة، كما وأشكر أخي وصديقي أبو الياس الذي تفضل بما تفضل من كلام محبة كبير وأنا لا أستحق هذا الكلام الطيب فشكراً على انسانيتك ووطنيتك ولكل ما تقدم، أشكر أيضاً المجلس العربي - الكلداني، أشكر القنصل الأردني الفخري، أشكر سيادة المطران نيقولا على تواجده، أشكر المركز الإقتصادي والإجتماعي، أشكر اللجنة الأمريكية العربية لمكافحة التمييز العنصري الـ (أي دي سي) وهل هناك عنصرية أكثر من الصهيونية، إذا أردتم أن تعالجوا العنصرية أيها الأخوة عليكم أن تعالجوا الصهيونية، وأشكر مركز القديس اندراوس،و أشكر مركز فلسطين، أشكر مايور مدينة ليفونيا على كلمته وهديته، واشكر شكراً خاصاً رئيسة بلدية رام الله هذه البلدة التي تحتفل بمرور مائة عام على تأسيسها، ونحن نهنئي رئيس البلدية وأهل رام الله بهذه المناسبة، وأشكر الشاعر عيسى مصبح على قصيدته في المناسبة، وفي الختام اعذروني إن نسيت أحد فلكل واحد مكانته واحترامه وتقديره، مع حفظ الألقاب أشكركم جميعاً وأحييكم جميعاً وإن شاء الله نلتقي في فلسطين المحرّرة في القدس المحرّرة.
ثم وجه التحية قائلا: وصلنا ضيف عزيز: وهو نيافة المتروبوليت نيقولاوس نيكولا مطران الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية الذي نرحب به ونعرب عن سعادتنا لقدومه ليكون معنا في هذا الحفل ومسيرتنا مستمرة إن شاء الله
من جهة أخرى زار المطران عطا الله حنا المركز الإسلامي في أمريكا على فورد حيث التقى بمرشد المركز الإمام السيد حسن قزويني وبفعاليات وممثلي الجالية العربية والإسلامية في ديربورن يتقدمهم السيد ابراهيم صالح ... نحن المسيحيين والمسلمين نعبد إلها واحدا وإن اختلفت طرائق ومناهج عبادتنا فالذي يجمعنا يبقى أكثر بكثير مما يفرقنا...
خاطب السيد القزويني قائلا: يسعدني أن أقدم لك شيئا من القدس وأن محب للقدس أقدم لك صورة القدس منحوتة على هذه اللوحة وإن شاء الله يأتي اليوم الذي تزورون فيه القدس بعد تحريرها وبعد أن ترفع الراية العربية فوق كل مقدساتها...
وألقى السيد صالح كلمة مؤثرة عميقة أكدت على الإشادة بالمواقف المسيحية الوطنية التي يجسدها مطران القدس وتناول في كلمته معاناة الشعب الفلسطيني ونكبة فلسطين وما جرته على المنطقة العربية من ويلات وانكسارات وهزائم متتالية، ونوه باحتضان جبل عامل للاجئين المشردين الفلسطينيين من ديارهم من جراء الإحتلال الصهيوني، مستعيدا بقول الإمام المغيب موسى الصدر: تأبى القدس أن تتحرر إلا على أيدي المؤمنين...
يذكر أن المطران حنا شارك في افتتاح أعمال المؤتمر الوطني السنوي الخمسين لإتحاد أبناء رام الله في الولايات المتحدة والذي يستمر لعدة أيام في فندق حياة ريجنسي في مدينة ديربورن...

الدكتور أسعد الدندشلي
09/07/2008, 08:12 AM
من أقوال المطران حنا في أمريكا أثناء لقاءاته بالجالية العربية الأمريكية:

لايمكن أن يكون المرء مسيحيا وصهيونيا في نفس الوقت

لايمكن لكنائسنا أن تبقى متفرجة على معاناة الشعب الفلسطيني

المسيحية الحقة تدافع عن حقوق الإنسان وتطالب بإنهاء الإحتلال والعنصرية

آلام الشعب الفلسطيني بمسلميه ومسيحيه واحدة

السلام الحقيقي هو الذي يحرّر لنا قدسنا

بدعوة من اتحاد أبناء رام الله في الولايات المتحدة الأمريكية قام رئيس أساقفة القدس للروم الأرثوذكس المطران العربي الكبير الدكتور عطا الله حنا بزيارة سريعة إلى ولاية ميشيغن حيث حل ضيفا عزيزا على أبناء الجالية العربية من مختلف طوائفها وشرائحها المسيحية والإسلامية واستقبل بحفاوة منقطعة النظير، في كل الأماكن التي استضافته في مدن الولاية بدءا بـ "ليفونيا" وانتهاء بـ "ديربورن" وإلى جانب لقاءات التكريم التي رافقته أينما حلّ شارك في افتتاح المؤتمر السنوي الخمسين لا تحاد أبناء مدينة رام الله في فلسطين... فمن كنيسة القديسة مريم وراعي أبرشيتها الأب جورج شلهوب في ليفونيا إلى المركز الإسلامي في أمريكا على فورد في ديربورن كانت فعاليات الجالية تتقاطر لتستمع إلى المطران العربي وهو يردد بثبات المبادىء المسيحية النقيه الخالصة، مبادىء السلام والمحبة التي جاء من أجلها المسيح في رفع الظلم والإحتلال والفقر عن البشر، رافضا أن تتلاقى المسيحية والصهيونية عند أولئك الذين يزعمون أنهم مسيحيون صهيونيون فالمسيحية سلام وعدالة والصهيونية عنصرية واحتلال وظلم، مشدد على ثوابت التعايش الوطني الإسلامي المسيحي العربي، وعلى عروبة فلسطين ووحدة شعبها بمسلميه ومسيحييه، باعتبارهم شعبا واحد بل وأسرة واحدة، مكرسا درب المسيح ابن فلسطين... لم يحد عن درب الحقيقة والنضال المشرف رغم الإعتقال من قبل السلطات الصهيونية ورغم احتجاز جواز سفره، بقي صوته يجلجل القدس عربية وستبقى عربية وعاصمة للدولة الفلسطينية...
المرحبون المحتفون كثر يتقدمهم: نيافة المتروبوليت نيقولاوس نيكولا مطران الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية راعي أبرشية الروم الأرثوذكس لكنيسة سانت ماري، اتحاد أبناء رام الله ، المركز الثقافي لكنيسة سانت ماري للروم الأرثوذكس، مكتب فلسطين، المكتب العربي الأمريكي والكلداني، أصدقاء جمعية السبيل، اللجنة الأمريكية العربية لمكافحة التمييز المركز العربي للخدمات الإقتصادية والإجتماعية أكسس، كل هؤلاء إلى جانب وجوه وفعاليات رسمية يتقدمهم مايور مدينة ليفونيا الذي كرم المطران بتقديم مفتاح المدينة لغبطته، السيدة جانيت نيقولا ميخائيل رئيسة بلدية رام الله، رئيس المركز الأمريكي العربي للحقوق المدنية وحقوق الإنسان المدير الإقليمي للجنة الأمريكية العربية لمكافحة التمييز الـ أي دي سي عماد حمد، رئيس اتحاد أبناء رام الله السيد يعقوب زايد، الناشط السيد جورج خوري من جمعية أصدقاء السبيل، زيادة شامية رئيس الإتحاد السابق، إلى جانب دروع تكريم أخرى من الأب شلهوب وفعاليات وهيئات ومؤسسات غصت بهم قاعة كنيسة سانت ماري...وقد رحب في مستهل اللقاء التكريمي على شرف المطران الدكتور حنا الأب شلهوب ثم تتالى عدد من المتحدثين والشعراء الذين نوهوا بمناقبية وعطاءات ونضالات وسيرة الضيف الكبير المحتفى به...
المطران حنا ألقى كلمة شاملة استهلها شاكرا ومؤكدا على الثوابت والأخلاق المسيحية والضوابط الوطنية والتعايش الأخوي الإسلامي المسيحي ثم قال غبطته:
أرضنا هي الأرض التي انطلقت منها المسيحية إلى مشارق الأرض ومغاربها، نحن اليوم في مشرقنا العربي نستورد الاليكترونيات والأشياء المتطورة والعصرية من أمريكا ومن أوروبا، ولكن قبل ألفي عام نحن الذين صدرنا الإنجيل إلى العالم، نحن الذي بشرنا بالمسيحية، نحن الذين كنا أبناء الكنيسة الأولى والتي ما زالت باقية حتى الآن، نحن نرفع هامتنا عالياً، عندما نتحدث عن القدس وعندما نتحدث عن بيت لحم، وعندما نتحدث عن الناصرة، لأن المسيح الناصري هو ابن فلسطين، هو ابن أرض مقدسة مباركة من حيث مولده ونشأته، وهو فلسطيني لكن رسالته رسالة أوسع من أي حدود وأي نطاق وهي إلى كل إنسان في هذا العالم، عندما كانت الفتوحات الإسلامية وأتى الخليفة عمر بن الخطاب إلى مدينة القدس، أتذكرون من الذي استقبله: الذي استقبله هو البطريرك الدمشقي سفرونيوس. كان ذلك اللقاء هو اللقاء المسيحي الإسلامي الأول: جالا معاً في أزقة القدس ودخلا معاً إلى كنيسة القيامة وكانت العهدة العمرية وكان بدء العلاقة، ملؤها المحبة والثقة بين الشعب الواحد، الأمة الواحدة، الأسرة الواحدة، ولذلك أيها الأحبة أنا لم آتِ من فلسطين لكي أتحدث باسم طائفة أنا أرفض الطائفية، وكنيستنا ليست طائفية، المسيح لم يأتِ لكي يؤسس طائفية وانما أتى كي يبشر بالعدل والسلام بين الناس، أنا لم آتِ إلى هنا لكي أتحدث لطائفة أو لفئة معينة من أبناء شعبنا، أنا أتحدث معكم باسم الشعب الفلسطيني كل الشعب الفلسطيني بمسلميه ومسيحييه آلامنا واحدة، جراحنا واحدة، عذاباتنا واحدة، عندما سلمني قبل قليل محافظ (مايور) المدينة هذا المفتاح (مفتاح مدينة ليفونيا) تذكرنا اللاجئين الفلسطينيين الذين ما يزالون يحتفظون بمفاتيحهم مفاتيح منازلهم وبيوتهم التي طردوا منها عام 1948، فيا محافظ المدينة أنا أشكرك على هذا المفتاح وإن شاء اله سنقدم لك مفتاح القدس عندما تتحرر، وعندما تعود إلى وضعها الطبيعي مدينة عربية فلسطينية عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة. نحن نعشق السلام ونصلي من أجل السلام، ففي المسيحية عندما نقرأ الانجيل المقدس كلمة السلام مذكورة في الإنجيل عدة مرات، عندما ولد المسيح سمع صوت في رحاب بيت لحم يقول: المجد لله في العلا، وعلى الأرض السلام وفي الناس المسّرة، وفي الإسلام: كلمة السلام هي من أسماء الله الحسنى، كلمة جميلة رائعة جداً، ولكن أيها الأحبة: السلام الذي نتحدث عنه في الكتب المقدسة، السلام الذي تحدثنا عنه نصوصنا المقدسة هو سلام مبني على العدل، هو سلام مبني على إعادة الحقوق، لمن أخذت منه الحقوق، سلام مبني على رفع الظلم عن المظلومين، سلام يعيد الكرامة الإنسانية لكل إنسان في هذا العالم ولذلك أيها الأحبة، نحن العرب ونحن الفلسطينيين عندما نتحدث عن السلام إنما نقصد بذلك السلام الذي يحرّر أرضنا، السلام الذي يحرّر لنا قدسنا، السلام الذي يعيد اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، السلام الذي يحفظ الكرامة لأمتنا ولشعبنا وبدون هذا لن يكون هنالك سلام وإن كان قد تحدث البعض عن السلام ولم يعملوا من أجل إنصاف الشعب الفلسطيني، لن يتمكنوا من تحقيق السلام، لأنه لا يمكن للسلام أن يكون دون العدالة، دون الإنصاف، دون رفع الظلم عن المظلومين، كانت الذكرى الستين للنكبة، والذكرى الأربعين للنكسة، ذكريات أليمة تذكرنا بمعاناة شعبنا الفلسطيني، بجراح شعبنا الفلسطيني بالظلم الذي لحق بشعبنا الفلسطيني ولذلك أيها الأحبة، يليق بنا ونحن نجتمع بهذه الكنيسة المقدسة، نحن في القاعة والقاعة في رحاب كنيسة طاهرة، يليق بنا أن نقول بأن المسيحية المشرقية سواء أكانت أرثوذكسية أم كاثوليكية أم انجيلية كنائسنا في الأرض المقدسة لا يمكنها أن تكون متفرجة على معاناة الشعب الفلسطيني لا يمكنها أن ترى شعباً يظلم في كل يوم وفي كل ساعة وأن تكون معاينة لهذا الظلم دون أن ترفع صوتها عالياً مطالبة بإنهاء هذا الظلم وإنصاف هذا الشعب.
من يقرأ الإنجيل المقدس، عندما كان المسيح ينتقل في فلسطين من مكان إلى مكان من بلد إلى بلد أين كان يذهب!؟ كان يذهب إلى المظلومين، كان يذهب إلى الفقراء، وإلى المرضى وإلى الحزانى والثكالى، أنا لم أسمع ولم أقرأ أن المسيح ذهب إلى بلد وتوجه فيه إلى الجبابرة، كان دائماً المسيح نصير المظلومين والمضطهدين في هذا العالم، ونحن إذا ما أردنا في المسيحية أن نطبق رسالة المسيح في حياتنا، علينا أن نكون إلى جانب المظلومين والمطرودين والمعذبين في هذا العالم.
المسيحية الحقة هي تلك التي تدافع عن حقوق الإنسان، وتطالب بإنهاء مظاهر الإحتلال والعنصرية، تطالب بأن يتمتع الإنسان بالحرية التي هداها الله له، للأسف في أمريكا وفي غير أمريكا، هناك جماعات تدّعي بأنها مسيحية وتقول أنها مسيحية ولكنها تصف نفسها على أنها مسيحية صهيونية وما إلى ذلك... لا يمكن أن يكون المرء مسيحياً وصهيونياً في نفس الوقت، إما أن تكون مسيحياً وإما أن تكون صهيونياً فالمسيحية هي العدل والمصالحة والسلام والمحبة، أما الصهيونية فهي حركة عنصرية إرهابية قاتلة، هدفها اقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه، إن من يتسمون بالمسيحيين الصهاينة في أمريكا، ليسوا مسيحيين على الإطلاق...
وأضاف قائلا: وما ينادي به هؤلاء من مواقف، هي أبعد ما تكون عن الثقافة المسيحية، وأبعد ما تكون عن الأخلاق والممارسات المسيحية التي بشرّ بها المسيح...المسيح يقول لنا: لا تكونوا مع الظالم على حساب المظلوم، أو أن تكون مع القاتل على حساب المقتول، المسيح لا يدعونا أن نكون مع الظالمين، مع القتلة، مع المجرمين، المسيح يدعونا أن نكون مع كل إنسان معذب ومظلوم في هذه الدنيا، فكم بالحري عندما يكون هذا المظلوم شعبنا العربي الفلسطيني في فلسطين السليبة المحتلة، أيها الأحبة: نحن نؤمن بلغة الحوار، ولا نتبنى العنف منهجاً أو فكراً أو ثقافة، نؤمن بقيم السلام والعدل، هذا ما يعلمنا إياه إيماننا وانجيلنا الطاهر، ولذلك أيها الأحبة أدعو لكم من الأعماق بأن يوفقكم الرب الإله، أنتم أتيتم إلى هنا كجالية، وأنتم تحملون معكم آلام الوطن، جراح الوطن، نزيف الوطن.
وختم متوجها ومخاطبا مكرمية بالقول: أبونا جورج شلهوب، أنا أشكرك، على كل ما قدّمته من أجل إنجاح هذا اللقاء، إنك تحمل رسالة ارثوذكسية عربية وطنية وأنت ابن الشام دمشقية وفلسطينية أيضاً، انك تمثل كنيسة عريقة، فسيادة المتروبوليت فيليب صليبا راعي هذه الأبرشية سمعناه دائماً وأبداً يطالب بالعدل والسلام وإنهاء الإحتلال، ونصرة الشعب الفلسطيني أنا أطلب يا أبونا أن تنقل إلى سيادة المطران فيليب محبتي وتقديري لا بل ومحبة كل الحاضرين وكل أبناء الجالية... ومن أبناء رام الله نحن الذين نقدر لسيادة المطران صليبا وطنيته ورسالته التي تؤكد على أنه ابن بار لهذه الكنيسة ولهذا الشعب. وكذلك أوّد أن أشكر رئيس وأعضاء اتحاد رام الله في الولايات المتحدة الأخ يعقوب رئيس الإتحاد فلولا الأخ يعقوب لما كنت معكم اليوم فهو الذي اتصل وبادر واهتم بأن أكون معكم ودعانا وأشكركم وأهنيء اتحاد رام الله على مرور خمسين سنة على تأسيس هذا الإتحاد، أحيي كل أعضاء الإتحاد المقيمين في الولايات المتحدة وفي غير الولايات المتحدة، أود أيضاً أن أحيي اخوتنا المسلمين، أنتم اخوتنا بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معاني، الدين لا يفرّف إنما يوحد الناس مع بعضهم البعض، وإذا ما كانت القدس هي أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين لدى الأخوة المسلمين فهي عندنا نحن المسيحيين هي القبلة الأولى والوحيدة، كما وأشكر أخي وصديقي أبو الياس الذي تفضل بما تفضل من كلام محبة كبير وأنا لا أستحق هذا الكلام الطيب فشكراً على انسانيتك ووطنيتك ولكل ما تقدم، أشكر أيضاً المجلس العربي - الكلداني، أشكر القنصل الأردني الفخري، أشكر سيادة المطران نيقولا على تواجده، أشكر المركز الإقتصادي والإجتماعي، أشكر اللجنة الأمريكية العربية لمكافحة التمييز العنصري الـ (أي دي سي) وهل هناك عنصرية أكثر من الصهيونية، إذا أردتم أن تعالجوا العنصرية أيها الأخوة عليكم أن تعالجوا الصهيونية، وأشكر مركز القديس اندراوس،و أشكر مركز فلسطين، أشكر مايور مدينة ليفونيا على كلمته وهديته، واشكر شكراً خاصاً رئيسة بلدية رام الله هذه البلدة التي تحتفل بمرور مائة عام على تأسيسها، ونحن نهنئي رئيس البلدية وأهل رام الله بهذه المناسبة، وأشكر الشاعر عيسى مصبح على قصيدته في المناسبة، وفي الختام اعذروني إن نسيت أحد فلكل واحد مكانته واحترامه وتقديره، مع حفظ الألقاب أشكركم جميعاً وأحييكم جميعاً وإن شاء الله نلتقي في فلسطين المحرّرة في القدس المحرّرة.
ثم وجه التحية قائلا: وصلنا ضيف عزيز: وهو نيافة المتروبوليت نيقولاوس نيكولا مطران الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية الذي نرحب به ونعرب عن سعادتنا لقدومه ليكون معنا في هذا الحفل ومسيرتنا مستمرة إن شاء الله
من جهة أخرى زار المطران عطا الله حنا المركز الإسلامي في أمريكا على فورد حيث التقى بمرشد المركز الإمام السيد حسن قزويني وبفعاليات وممثلي الجالية العربية والإسلامية في ديربورن يتقدمهم السيد ابراهيم صالح ... نحن المسيحيين والمسلمين نعبد إلها واحدا وإن اختلفت طرائق ومناهج عبادتنا فالذي يجمعنا يبقى أكثر بكثير مما يفرقنا...
خاطب السيد القزويني قائلا: يسعدني أن أقدم لك شيئا من القدس وأن محب للقدس أقدم لك صورة القدس منحوتة على هذه اللوحة وإن شاء الله يأتي اليوم الذي تزورون فيه القدس بعد تحريرها وبعد أن ترفع الراية العربية فوق كل مقدساتها...
وألقى السيد صالح كلمة مؤثرة عميقة أكدت على الإشادة بالمواقف المسيحية الوطنية التي يجسدها مطران القدس وتناول في كلمته معاناة الشعب الفلسطيني ونكبة فلسطين وما جرته على المنطقة العربية من ويلات وانكسارات وهزائم متتالية، ونوه باحتضان جبل عامل للاجئين المشردين الفلسطينيين من ديارهم من جراء الإحتلال الصهيوني، مستعيدا بقول الإمام المغيب موسى الصدر: تأبى القدس أن تتحرر إلا على أيدي المؤمنين...
يذكر أن المطران حنا شارك في افتتاح أعمال المؤتمر الوطني السنوي الخمسين لإتحاد أبناء رام الله في الولايات المتحدة والذي يستمر لعدة أيام في فندق حياة ريجنسي في مدينة ديربورن...