المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لك الله .. يا نابلس : دكتور لطفي زغلول



لطفي زغلول
21/07/2008, 05:43 PM
لك الله .. يا نابلس
د / لطفي زغلول – نابلس


نابلس عروس الشمال الفلسطيني ، وتاجها على الجباه الشامخات للعلى . هذه المدينة الصامدة منذ ما ينوف عن واحد وأربعين عاما في وجه الإحتلال الإسرائيلي البغيض ، ما زالت تحلم بنهارات الحرية . لكن هذه النهارات مقدر لها أن تكون شموسها قاتمة داكنة ، يشوبها كل صباح ما ينغص عليها أيامها ولياليها .
نابلس التاريخ والتراث والأصالة والعراقة والمنتمى ، تحمل من الجراحات أثقالا وأحمالا . كل حجر من حجارتها ، كل شجرة من أشجارها ، كل زهرة من أزاهيرها ، كل طير من أطيارها ، وكل نسمة من أنسامها ، تحكي أنها اعتدي في ليلة من لياليها الليلاء . وأن قدما غريبة قد داست ترابها الطهور . لكنها لم تترجل عن صهوة الإباء والكبرياء .
ما أصعب أن يطأ الغزاة المغتصبون مساجدها ، مآذنها ، معاهدها ، مشافيها ، عياداتها ، أسواقها التجرية ، بيوتاتها الآمنة بيتا بيتا ، وأن ينالوا منها منالا . ما أقسى أن يعيثوا بها خرابا وتدميرا . حزينة هي خلف القضبان والحواجز الأمنية . لكنها لا تعلاف الإنكسار ، ولا طأطأة الرأس .
أيام طوال بنهاراتها ولياليها ، عشتها والأسى يعتصر قلبي ، والأحزان تصول وتجول في مشاعري وأحاسيسي . والأسى والأحزان ليست جديدة على أي فلسطيني ، يرى وطنه المحتل ، وقد زج به قسرا في جحيم التدمير والتخريب والتفريغ ، وتغيير معالم خارطته الحضارية والتراثية .
لم يبق شكل من أشكال الحرب ، إلا وشنتها آلة الحرب التدميرية الإسرائيلية على الوطن الفلسطيني والفلسطينيين . كان آخرها هذا النمط من الحرب الشرسة غير المسبوقة واللامحدودة على بناه التحتية ، ومرافقه الحضارية والثقافية ، وتحديدا التراثية منها ، تلك التي يتربع التاريخ بأمجاده في أحضانها . وكثيرة كثيرة هي ملحقات البنى التحتية ، والمعالم الحضارية والثقافية ، وتلك التي تنتمي إلى التاريخ والتراث التي دمرتها آلة الحرب الإسرائيلية غير آبهة ، ولا مبالية بما لها من قيم حضارية إنسانية ، أو بما تمثله بالنسبة لأهلها الذين عايشوها أطفالا وشبانا ورجالا وكهولا ، ردحا من الزمن ، فأصبحت جزءا لا يتجزأ من مركبات ذاكرتـهم الوطنية والتاريخية .
وأنا باعتباري مواطنا فلسطينيا من سكان مدينة نابلـس جبل النار ، وبما لي من العمر ، فتحت عيني ّ على مدينة عريقة ، ضاربة جذورها في أعماق التاريخ والأصالة ، تفوح من قصباتها رائحة هذا التاريخ العطرة ، أنّى سار الإنسان وتجول في حواريـها وأزقتها ، وأسواقها القديمة ، مارا بمساجدها وزواياها ، وقصورها ودواوينها ، ومصابنها وحماماتها ، ووكالاتها ودكاكينها ، وعيون مائها وسبلها ، وساحاتها الداخلية وبواباتها ، والكثير الكثير .
إنها نابلس جبل النار ، هذه المدينة التي تعتز بفلسطينيتها وعروبتها وإسلاميتها وإنسانيتها ، انطلاقا من اعتزازها بتراثها وتقاليدها . إنها تتباهى بكنوزها التراثية التي منحتها مكانة قل نظيرها بين المدن الأخرى ، فتوجت عاصمة للتراث .
الاجتياح العسكري الاسرائيلي للمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية بعامة ، ولنابلس بخاصة ، أصبح مسلسلا على أرض الواقع . إلا أن هناك فارقا شاسعا بين مشاهدة هنيهات منه على شاشات التلفزة وبين معايشته دقيقة بدقيقة ، وساعة بساعة ، ويوما بيوم ، وشهرا بشهر ، وهو يصول ويجول في الميادين والشوارع والأحياء السكنية بدروعه وآلياته الحربية يتفيأ ظلال مروحياته وطائراته الهجومية يعزف على أوتار حديد يقدح نارا ، ويصلي الأرض جحيما .
وحقيقة الامر ليس ثمة فرق بين اجتياح وآخر . فهو لم يخرج عن خطه في التربص للإنسان الفلسطينيي مع موروثه من الأهداف التحررية والسيادية والأحقية في استرجاع مكانته على خارطة الوجود الإنساني في إطار المشروعية النضالية لتحقيق هذه الأهداف . وإذا ما أضيفت إلى هذا التربص منظومة التاريخ والتراث والأصالة والتفرد التي حلقت نابلس على جناحيها ، وكللتها كاحدى عرائسها ، تصبح الخسارة أفدح والمصيبة أعظم . فها هي معاول الدمار مرة ثانية وثالثة ورابعة وخامسة تحاول أن تطال بكل شراسة ذلك التاريخ المستعصي بعراقته وأصالته وتفاني المنتمين اليه .
إن مشاهدة عينات أولقطات مختارة ومنتقاة من سيناريو الإجتياح عبر وسائل الإعلام بعامة ، والعربية بخاصة لا يستغرق عرضها دقائق معدودة ، هي على الأغلب صامتة لا تصور الحدث أثناء وقوعه وفي زحمة حدوثه ووطأة معايشته ورهبة الإنفعال به .
إن معايشة الحدث على أرض الواقع سيناريو آخر ، تلتقي فيه كل الفصول والمشاهد والأدوار وتستغرق من الوقت مساحة لا يعلم مداها إلا الله ، وتثير من المشاعر والعواطف والأحاسيس الإنسانية ما يخرجها عن طورها ومنوالها ووتيرتها . إن التاريخ حزين على ثكله كل صرح من صروحه ، ورحبة من رحابه بين أحضان " شكيم الكنعانية " التي هي نابلس الرومانية البيزنطية العربية الإسلامية المملوكية العثمانية الفلسطينية .
وأحدق اليوم في عيني هذا التاريخ لأراها تذرف دمعات ساخنة حرى على ما حل بالوكالة الغربية من تدمير كلي . وهذه الوكالة هي إحدى أشهر معالم هذه المدينة الأثرية . فمنذ عهد المماليك بنيت وظلت خانا للقوافل التجارية عبر العهود التاريخية تأتيها من كل حدب وصوب محملة بما كانت تجود به تلك الأيام من بضائع ومنتجات ومصنوعات تلقي برحالها في باحاته الرحبة طالبة الراحة استعدادا لشد رحالها مرة اخرى الى بلاد الله الواسعة تصل القريب بالبعيد وتجمع ما بين الطريف والتليد .
إن نابلس حزينة على كل قطرة دم فلسطينية ، وعلى من ثكلتهم من أبنائها وبناتها الشهداء الأبرار أطفالا ونساء رجالا وشيوخا ، وفي قلبها جرح وحسرة على أسراها وفي ذاكرتها صدمة على ما فقدت من تراثها المعماري التاريخي ، وعلى هذا التشويه المتعمد لوجهها التراثي الأصيل . ولكنها وبرغم الجراح والأحزان لم تطأطىء هامتها للإعصار ، ولم تهن في وجه التحديات رغم قساوتها وشراستها . وهي أولا وأخيرا لم ترفع الشكوى إلا لربها في علاه ، ولها من تاريخها المحفور على صخرات جبل النار حكاية مجد وفخار وتحد وإصرار على إكمال مشوار التحرر والسيادة .
نابلس جبل النار وشقيقاتها الفلسطينيات وهي تكافح وتنافح لرد هذا الوحش الإجتياحي لترجو من الله ما لا ترجوه من أحد في هذه الدنيا ، وتطلب منه العون والسند وشد الأزر ، وتسأله أن يغفر لها وأن يسامحها على أنها راهنت ذات يوم على من كانت تظن أنهم الأهل النشامى ، أو أنهم الصديق عند الضيق ، وتتساءل بحسرة وسخرية عن الشارع العربي والعمق الاستراتيجي ، وقبل أن تتساءل عن " الضمير العالمي " تتساءل بألم عن " الضمير العربي" .
نابلس ، وها هو معول الهدم ، والإغلاق والحصار يداهمها من كل حدب وصوب ، يفرض عليها أن تنام على جراحاتها ، وأن تستيقظ عليها . وهذه المرة تسأل وتتساءل لماذا هذا السوق التجارية الكبيرة ؟ . وأين يذهب أصحاب محالها ؟ . لمن يرفعون شكواهم ؟ . وقبل هذه السوق ، كانت هناك أسواق ، وبنايات ، وعمارات سكنية ، ومحال تجارية . كانت هناك مداهمات واقتحامات واجتياحات . كان هناك الكثير الكثير من الإعتقالات والإغتيالات ،
ما زالت نابلس تتصدى لكل من يجرؤ أن يتطاول على أنفتها وكبريائها ، لكل من يحاول أن يغتال تلك الروح التي تعيش على أنسامها .
نابلس وشقيقاتها ترفع أيديها إلى السماء بكل شموخ وكبرياء ورثتهما عن جبليها جرزيم وعيبال وكل ذرة تراب فلسطينية ، وفي القلب جراح ولوعة ، وفي الروح إصرار على المسير حتى آخر المشوار . وسلام على كل أرض فلسطينية . سلام على نابلس جبل النار . ولك الله يا مدينة الصمود ، يا مدينة الكبرياء والإباء .

لطفي زغلول
21/07/2008, 05:43 PM
لك الله .. يا نابلس
د / لطفي زغلول – نابلس


نابلس عروس الشمال الفلسطيني ، وتاجها على الجباه الشامخات للعلى . هذه المدينة الصامدة منذ ما ينوف عن واحد وأربعين عاما في وجه الإحتلال الإسرائيلي البغيض ، ما زالت تحلم بنهارات الحرية . لكن هذه النهارات مقدر لها أن تكون شموسها قاتمة داكنة ، يشوبها كل صباح ما ينغص عليها أيامها ولياليها .
نابلس التاريخ والتراث والأصالة والعراقة والمنتمى ، تحمل من الجراحات أثقالا وأحمالا . كل حجر من حجارتها ، كل شجرة من أشجارها ، كل زهرة من أزاهيرها ، كل طير من أطيارها ، وكل نسمة من أنسامها ، تحكي أنها اعتدي في ليلة من لياليها الليلاء . وأن قدما غريبة قد داست ترابها الطهور . لكنها لم تترجل عن صهوة الإباء والكبرياء .
ما أصعب أن يطأ الغزاة المغتصبون مساجدها ، مآذنها ، معاهدها ، مشافيها ، عياداتها ، أسواقها التجرية ، بيوتاتها الآمنة بيتا بيتا ، وأن ينالوا منها منالا . ما أقسى أن يعيثوا بها خرابا وتدميرا . حزينة هي خلف القضبان والحواجز الأمنية . لكنها لا تعلاف الإنكسار ، ولا طأطأة الرأس .
أيام طوال بنهاراتها ولياليها ، عشتها والأسى يعتصر قلبي ، والأحزان تصول وتجول في مشاعري وأحاسيسي . والأسى والأحزان ليست جديدة على أي فلسطيني ، يرى وطنه المحتل ، وقد زج به قسرا في جحيم التدمير والتخريب والتفريغ ، وتغيير معالم خارطته الحضارية والتراثية .
لم يبق شكل من أشكال الحرب ، إلا وشنتها آلة الحرب التدميرية الإسرائيلية على الوطن الفلسطيني والفلسطينيين . كان آخرها هذا النمط من الحرب الشرسة غير المسبوقة واللامحدودة على بناه التحتية ، ومرافقه الحضارية والثقافية ، وتحديدا التراثية منها ، تلك التي يتربع التاريخ بأمجاده في أحضانها . وكثيرة كثيرة هي ملحقات البنى التحتية ، والمعالم الحضارية والثقافية ، وتلك التي تنتمي إلى التاريخ والتراث التي دمرتها آلة الحرب الإسرائيلية غير آبهة ، ولا مبالية بما لها من قيم حضارية إنسانية ، أو بما تمثله بالنسبة لأهلها الذين عايشوها أطفالا وشبانا ورجالا وكهولا ، ردحا من الزمن ، فأصبحت جزءا لا يتجزأ من مركبات ذاكرتـهم الوطنية والتاريخية .
وأنا باعتباري مواطنا فلسطينيا من سكان مدينة نابلـس جبل النار ، وبما لي من العمر ، فتحت عيني ّ على مدينة عريقة ، ضاربة جذورها في أعماق التاريخ والأصالة ، تفوح من قصباتها رائحة هذا التاريخ العطرة ، أنّى سار الإنسان وتجول في حواريـها وأزقتها ، وأسواقها القديمة ، مارا بمساجدها وزواياها ، وقصورها ودواوينها ، ومصابنها وحماماتها ، ووكالاتها ودكاكينها ، وعيون مائها وسبلها ، وساحاتها الداخلية وبواباتها ، والكثير الكثير .
إنها نابلس جبل النار ، هذه المدينة التي تعتز بفلسطينيتها وعروبتها وإسلاميتها وإنسانيتها ، انطلاقا من اعتزازها بتراثها وتقاليدها . إنها تتباهى بكنوزها التراثية التي منحتها مكانة قل نظيرها بين المدن الأخرى ، فتوجت عاصمة للتراث .
الاجتياح العسكري الاسرائيلي للمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية بعامة ، ولنابلس بخاصة ، أصبح مسلسلا على أرض الواقع . إلا أن هناك فارقا شاسعا بين مشاهدة هنيهات منه على شاشات التلفزة وبين معايشته دقيقة بدقيقة ، وساعة بساعة ، ويوما بيوم ، وشهرا بشهر ، وهو يصول ويجول في الميادين والشوارع والأحياء السكنية بدروعه وآلياته الحربية يتفيأ ظلال مروحياته وطائراته الهجومية يعزف على أوتار حديد يقدح نارا ، ويصلي الأرض جحيما .
وحقيقة الامر ليس ثمة فرق بين اجتياح وآخر . فهو لم يخرج عن خطه في التربص للإنسان الفلسطينيي مع موروثه من الأهداف التحررية والسيادية والأحقية في استرجاع مكانته على خارطة الوجود الإنساني في إطار المشروعية النضالية لتحقيق هذه الأهداف . وإذا ما أضيفت إلى هذا التربص منظومة التاريخ والتراث والأصالة والتفرد التي حلقت نابلس على جناحيها ، وكللتها كاحدى عرائسها ، تصبح الخسارة أفدح والمصيبة أعظم . فها هي معاول الدمار مرة ثانية وثالثة ورابعة وخامسة تحاول أن تطال بكل شراسة ذلك التاريخ المستعصي بعراقته وأصالته وتفاني المنتمين اليه .
إن مشاهدة عينات أولقطات مختارة ومنتقاة من سيناريو الإجتياح عبر وسائل الإعلام بعامة ، والعربية بخاصة لا يستغرق عرضها دقائق معدودة ، هي على الأغلب صامتة لا تصور الحدث أثناء وقوعه وفي زحمة حدوثه ووطأة معايشته ورهبة الإنفعال به .
إن معايشة الحدث على أرض الواقع سيناريو آخر ، تلتقي فيه كل الفصول والمشاهد والأدوار وتستغرق من الوقت مساحة لا يعلم مداها إلا الله ، وتثير من المشاعر والعواطف والأحاسيس الإنسانية ما يخرجها عن طورها ومنوالها ووتيرتها . إن التاريخ حزين على ثكله كل صرح من صروحه ، ورحبة من رحابه بين أحضان " شكيم الكنعانية " التي هي نابلس الرومانية البيزنطية العربية الإسلامية المملوكية العثمانية الفلسطينية .
وأحدق اليوم في عيني هذا التاريخ لأراها تذرف دمعات ساخنة حرى على ما حل بالوكالة الغربية من تدمير كلي . وهذه الوكالة هي إحدى أشهر معالم هذه المدينة الأثرية . فمنذ عهد المماليك بنيت وظلت خانا للقوافل التجارية عبر العهود التاريخية تأتيها من كل حدب وصوب محملة بما كانت تجود به تلك الأيام من بضائع ومنتجات ومصنوعات تلقي برحالها في باحاته الرحبة طالبة الراحة استعدادا لشد رحالها مرة اخرى الى بلاد الله الواسعة تصل القريب بالبعيد وتجمع ما بين الطريف والتليد .
إن نابلس حزينة على كل قطرة دم فلسطينية ، وعلى من ثكلتهم من أبنائها وبناتها الشهداء الأبرار أطفالا ونساء رجالا وشيوخا ، وفي قلبها جرح وحسرة على أسراها وفي ذاكرتها صدمة على ما فقدت من تراثها المعماري التاريخي ، وعلى هذا التشويه المتعمد لوجهها التراثي الأصيل . ولكنها وبرغم الجراح والأحزان لم تطأطىء هامتها للإعصار ، ولم تهن في وجه التحديات رغم قساوتها وشراستها . وهي أولا وأخيرا لم ترفع الشكوى إلا لربها في علاه ، ولها من تاريخها المحفور على صخرات جبل النار حكاية مجد وفخار وتحد وإصرار على إكمال مشوار التحرر والسيادة .
نابلس جبل النار وشقيقاتها الفلسطينيات وهي تكافح وتنافح لرد هذا الوحش الإجتياحي لترجو من الله ما لا ترجوه من أحد في هذه الدنيا ، وتطلب منه العون والسند وشد الأزر ، وتسأله أن يغفر لها وأن يسامحها على أنها راهنت ذات يوم على من كانت تظن أنهم الأهل النشامى ، أو أنهم الصديق عند الضيق ، وتتساءل بحسرة وسخرية عن الشارع العربي والعمق الاستراتيجي ، وقبل أن تتساءل عن " الضمير العالمي " تتساءل بألم عن " الضمير العربي" .
نابلس ، وها هو معول الهدم ، والإغلاق والحصار يداهمها من كل حدب وصوب ، يفرض عليها أن تنام على جراحاتها ، وأن تستيقظ عليها . وهذه المرة تسأل وتتساءل لماذا هذا السوق التجارية الكبيرة ؟ . وأين يذهب أصحاب محالها ؟ . لمن يرفعون شكواهم ؟ . وقبل هذه السوق ، كانت هناك أسواق ، وبنايات ، وعمارات سكنية ، ومحال تجارية . كانت هناك مداهمات واقتحامات واجتياحات . كان هناك الكثير الكثير من الإعتقالات والإغتيالات ،
ما زالت نابلس تتصدى لكل من يجرؤ أن يتطاول على أنفتها وكبريائها ، لكل من يحاول أن يغتال تلك الروح التي تعيش على أنسامها .
نابلس وشقيقاتها ترفع أيديها إلى السماء بكل شموخ وكبرياء ورثتهما عن جبليها جرزيم وعيبال وكل ذرة تراب فلسطينية ، وفي القلب جراح ولوعة ، وفي الروح إصرار على المسير حتى آخر المشوار . وسلام على كل أرض فلسطينية . سلام على نابلس جبل النار . ولك الله يا مدينة الصمود ، يا مدينة الكبرياء والإباء .

Dr. Schaker S. Schubaer
21/07/2008, 07:16 PM
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسوله الأمين

لوحة رقم (01): نقول لفخامة رئيس السلطة ميرزا: ماذا بعد .. هل نابلس تطلق صواريخ؟!
كان رئيس السلطة الفلسطينية محمود رضا عباس ميرزا يقول لنا إن سبب مشاكل القطاع هو الصواريخ العبثية! ولو توقف إطلاق الصواريخ لانتهت مشكلة القطاع! فهل هناك صواريخ يتم إطلاقها من نابلس؟!
أين دبلوماسية فخامة الرئيس؟! لماذا لا يستخدم عبقريته السياسية لوقف شلال الدم في الضفة الغربية؟!
هل تسللت القاعدة إلى نابلس بعد قطاع غزة؟!!
أيعقل أن تواصل إسرائيل مسلسل المذابح ضد الشعب الفلسطيني، وفخامته يقوم بدور العراب للتطبيع بين إسرائيل والدول العربية؟!

أعتقد أن على الشعب الفلسطيني من الآن فصاعداً، ودون أي إعاقة، إعتبار محمود رضا عباس ميرزا والزمرة من الوجوه الكالحة التي حوله (أحمد قريع ونبيل عمرو وياسر عبد ربه والطيب عبدالرحيم وسلام فياض)، أعداءً للشعب الفلسطيني.

وبالله التوفيق،،،

Dr. Schaker S. Schubaer
21/07/2008, 07:16 PM
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسوله الأمين

لوحة رقم (01): نقول لفخامة رئيس السلطة ميرزا: ماذا بعد .. هل نابلس تطلق صواريخ؟!
كان رئيس السلطة الفلسطينية محمود رضا عباس ميرزا يقول لنا إن سبب مشاكل القطاع هو الصواريخ العبثية! ولو توقف إطلاق الصواريخ لانتهت مشكلة القطاع! فهل هناك صواريخ يتم إطلاقها من نابلس؟!
أين دبلوماسية فخامة الرئيس؟! لماذا لا يستخدم عبقريته السياسية لوقف شلال الدم في الضفة الغربية؟!
هل تسللت القاعدة إلى نابلس بعد قطاع غزة؟!!
أيعقل أن تواصل إسرائيل مسلسل المذابح ضد الشعب الفلسطيني، وفخامته يقوم بدور العراب للتطبيع بين إسرائيل والدول العربية؟!

أعتقد أن على الشعب الفلسطيني من الآن فصاعداً، ودون أي إعاقة، إعتبار محمود رضا عباس ميرزا والزمرة من الوجوه الكالحة التي حوله (أحمد قريع ونبيل عمرو وياسر عبد ربه والطيب عبدالرحيم وسلام فياض)، أعداءً للشعب الفلسطيني.

وبالله التوفيق،،،

لطفي زغلول
29/07/2008, 05:27 PM
بريطانيا .. الدور الذي لا ينتهي


د / لطفي زغلول – نابلس



الزيارة التي قام بها غوردن براون رئيس الوزراء البريطاني ، ومن قبلها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ، ومن قبلها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ، ومن قبلها رئيس الولايات المتحدة الأميركية جورج دبليو بوش ، لا يمكن توصيفها إلا على أنها جاءت لدعم الكيان الإسرائيلي ، وتثبيت دعائمه ، في وجه ما يسمى الإرهاب الفلسطيني ، وإشاعة الأمن والأمان والطمأنينة فيما يخص المشروعات النووية الأسرائيلية .
في هذه الزيارات الأربع ، أفرغ كل زائر ما في جعبته من التزامات وتطمينات تجاه الكيان الإسرائيلي . وهو في نفس الوقت لم ينس تكرار كلمات أصبحت مفرغة من معناها ، أو أنها في الأصل مفرغة تجاه القضية الفلسطينية . " مصطلح القضية الفلسطينية غير وارد لدى مخاطبة الكنيست ، ويستبدل بمصطلح الشرق الأوسط " .
كلمات تداعب خيالات الفلسطينيين ، لا تلبث أن تتطاير قبل أن يطير الزائر راجعا إلى عاصمة ملكه السعيد . دولة فلسطينية متصلة الأراضي قابلة للحياة . القدس عاصمة لدولتين . توقف في " التوسع " فيما يخص المستوطنات الإسرائيلية في القدس الشرقية ، والضفة الغربية . حلول عادلة ومقبولة من كلا الطرفين فيما يتعلق باللاجئين الفلسطينيين ، والترتيبات الأمنية التي يفترض اتخاذها من قبل الفلسطينيين .
جوردن براون هذا لم يأت بجديد . فقد كرر ما قاله من قبل رؤساء كل من الولايات المتحدة الأميركية ، والمستشارة الألمانية ، والرئيس الفرنسي . غير أنه أضاف بأنه لا يتوقع أن يعمل أحد أطراف الصراع ضد مصالحه الخاصة . وهو يدرك حق الحكومة الإسرائيلية وواجبها تجاه أمن مواطنيها . وهو يقر بالجهد الذي يبذله الفلسطينيون في الضفة الغربية لتحسين سجلهم الأمني ، والنجاحات التي قد حققوها .
إنه رئيس الحكومة البريطانية . وهو خليفة الرئيس السابق لها طوني بلير . وكلاهما ينتميان إلى نفس الحزب الذي أصدر في حينه وعد اللورد بلفور في تشرين الثاني من العام 1917 . يومها منح هذا الوعد الشعب اليهودي الحق في إقامة دولة له على الأراضي الفلسطينية . كان ذلك في أواخر العهد العثماني ، فما أن حل العام 1918 حتى استولت بريطانيا على بقية فلسطين ، وبسطت انتدابها عليها " 1918-1948 " .
إبان انتدابها على الأراضي الفلسطينية ، وهو انتداب مؤقت يهدف إلى تمكين الشعب اليهودي من تأسيس كل المؤسسات المفترض بها أن تشكل دولته ، " السياسية ، الإقتصادية ، الأمنية ، النقابية ، وغيرها " . فما إن جاء العام 1948 حتى كانت كل مؤسساتها قد أصبحت جاهزة ، وأصبح لها جيش مكون من عدة فرق .
وبداية فبريطانيا أدرى من غيرها بتاريخ القضية الفلسطينية ، ذلك أنها ساهمت مساهمة عريضة بل ربما تكون أحادية المساهمة فيما يخص هذه القضية التي رسمت قراراتها آنذاك خطوط كل السيناريوهات السياسية على اتجاهاتها المتعاكسة ، والتي ما زالت قائمة حتى اللحظة . والأبرز فيها هذا السيناريو المأساوي على الجانب الفلسطيني ، والآخذ في الإتساع والتعمق من كل الإتجاهات والأبعاد .
والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هنا : أية فائدة يمكن أن ترجى من هذا الرجل الذي انحاز قلبا وقالبا للسياستين الأميركية والإسرائلية ، وغض نظره عن المآسي الكارثية التي سببها الإحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية ؟ . أم أنه يفكر انه سيرضي الفلسطينيين بهذه الزيارة التي لا تسمن ولا تغني من جوع ، والتي أعلن رسميا أنها جاءت بغية " الإستماع وتبادل الأفكار ، وتحقيق تقدم في إطار حل الدولتين " .
لقد سمع الفلسطيينيون الكثير الكثير من مثل هذه التصريحات التي تفتقر إلى أبسط بسائط المصداقية والجدية ، والتي تجتر بين الآونة والأخرى لمجرد الإستهلاك . وتذكيرا ، فقد سبقه الرئيس الأميركي بوش الإبن قبل ما ينوف عن خمس سنوات " بوعده " عن الدولة الفلسطينية التي ما زالت نطفة في رحم الغيب السياسي ، وبخارطة الطريق ، ولقاء أنابوليس وغيرها . وها هو يعيد هذا الإجترار لغايات في نفس السياسة البريطانية في الوقت الضائع من عمر حكومتها الحالية ، موهما أن بريطانيا ما زال لها دور تلعبه في السياسة الدولية .
بالنسبة لنا نحن الفلسطينيين ، هناك دَين تاريخي ضخم في ذمة السياسات البريطانية ، لايمكن تصفيته أو نسيانه أو المسامحة به ، وإن تقادم عليه الزمن . وبطبيعة الحال ، فإن زيارة أو اثنتين ، أو حتى ألف زيارة يقوم بها أي مسؤول بريطاني أيا كانت رتبته السياسية ، لا ولن تسدد ذرة من هذا الحساب ، طالما ظل الشعب لفلسطيني رازحا تحت الإحتلال ، ومشردا في المنافي .
باختصار ، إن مجمل المآسي الكارثية الفلسطينية هي جراء السياسات الإستعمارية البريطانية في القرن العشرين المنصرم . إن بريطانيا هي صانعة النكبة الفلسطينية . إنها هي المسؤولة ماضيا وحاضرا ومستقبلا عن عذابات الفلسطينيين ، ورحلة آلامهم التاريخية عبر تسعة عقود من الزمن ، منذ وعد بلفور عام 1917 .
وتذكيرا ليس إلا ، فعلى مدى ثلاثين عاما من انتدابها ، وظفت حكومة بريطانيا العظمى وعدها على أرض الواقع ، وترجمته لى حقيقة . فما إن أطل يوم الخامس عشر من أيار 1948 ، حتى كانت الدولة اليهودية قد أعلنت علىالجزء الأكبر من أرض فلسطين التاريخية .
وفي المقابل تم اقتلاع مئات الآلاف من الفلسطينيين من وطنهم التاريخي وتدمير المساحة العظمى من تجمعاتهم السكانية ، لتقام على آثارها البلدات والمستوطنات اليهودية ، وليصبح جل هؤلاء الفلسطينيين شعبا مهجرا منفيا خارج حدود وطنه التاريخي . وهكذا أفرزت هذه القضية إحدى أخطر إفرازاتها متمثلة بالنكبة الفلسطينية التي ما زالت قائمة حتى الآن .
وبرغم أن الزمن قد تقادم على هذه القضية ، إلا أن مسؤولية بريطانيا عما حدث للشعب الفلسطيني من ويلات وكوارث ومآس ، لا يختلف عليها اثنان ، ولا يلغي هذه المسؤولية وما يفترض أن يترتب عليها . إن أخطر ما ارتكبته بريطانيا أنها غضت الطرف عما فعلته ، أو أنها بصحيح العبارة نفضت يدها من أية مسؤولية تجاه الشعب الذي شردته وتسببت في معاناته طوال عقود القرن العشرين المنصرم ولا تزال .
وفي هذه الأيام بالذات ، وفي غمرة موجة الإجتياحات الإحتلالية التدميرية التي تقوم بها قوات الإحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة سواء في القطاع أو الضفة ، على مرأى ومسمع مما يسمى المجتمع الدولي ، أو بصحيح العبارة تحت ظلال هذا الصمت المريب ، وبريطانيا واحدة من هذا المجتمع الدولي ، يشد طوني بلير الذي أوكات له مهام المنسق الرحال لزيارة الأراضي الفلسطينية العديد العديد من المرات . وحقيقة الآمر أن الشعب الفلسطيني برمته يعتقد أن هذه الزيارات ما هي إلا حرث في البحر .
وكلمة أخيرة إن الفلسطينيين ، وقد حرموا طوال عقود طوال من الزمن ، وما زالوا من أبسط حقوقهم الإنسانية والوطنية والسياسية جراء نكبتهم التي كان للسياسة البريطانية يد طولى في إيجادها ، فإنهم لا يتوقعون من بريطانيا إلا أن تعيد قراءة القضية الفلسطينية قراءة تسودها روح العدالة والإنصاف والحق والإلتزام الأخلاقي . وهذا أقل ما يمكن أن تفعله .
إن عليها تفعل شيئا حقيقيا لتكفر عن بعض خطيئتها وخطأها أثناء الإنتداب البريطاني على فلسطين ، وهذا غيض من فيض ما يفترض أن تفعله بريطانيا تجاه الشعب الفلسطيني . وماعدا ذلك يكون إصرارا على تكريس النكبة وهروبا مقـصودا من المسؤولية ، وها هو رئيس وزرائها العمالي قد حل في الأراضي الفلسطينية ، وجها لوجه مع الحقيقة المأساوية التي أفرزتها سياسات إمبراطورية أجداده الإستعمارية بعامة ، والعمالية بخاصة ، فهل من عبرة وتكفير عن خطيئة ورثها ، وأمعن هو في تكريسها ؟ .
والفلسطينيون لا يطلبون المستحيل ، فهم لم يغيروا أهدافهم منذ أول يوم من أيام نكبتهم . فكما أوجد آباء البريطانيين الحاليين وأجدادهم دولة إسرائيل على جزء من أرض فلسطين جراء وعد بلفور وزير خارجيتهم آنذاك في العام 1917 ، والذي بدوره أفرز النكبة الفلسطينية بكل تداعياتها وأبعادها المأساوية الكارثية .
إن هذه الخطيئة التاريخية بحق الشعب الفلسطيني لا " يمحوها " أو يخفف من وقعها إلا " وعد بريطاني " جديد بقيام دولة فلسطينية على أرض فلسطين يجسد لهذا الشعب قدرا معقولا من تطلعاته ، ويساعده في تحقيق أهدافه الأخرى التي كفلتها له الشرعية الدولية . وبريطانيا تعلم علم اليقين ماهية هذه الأهداف من ألفها الى يائها ، وتعرف مدى مصداقيتها وشرعيتها ومشروعيتها .
وخلاصة القول إن المطلوب من بريطانيا " وعد " بإقامة دولة فلسطينية مواز للوعد الذي قطعته باقامة دولة يهودية في فلسطين ونفذته آنذاك بحذافيره . والفلسطينيون يدركون أن تصريح رئيس وزراء بريطانيا بخصوص الدولة الفلسطينية يظل مجرد تصريح تكتنفه الضبابية والغموض ، ما لم يتعمد إلى ربطه بالقرارات الصادرة عن الشرعية الدولية والمؤيدة قيام هذه الدولة وعودة الحق لأصحابه ، وما لم يتحرك بسرعة وبخاصة أن الشعب الفلسطيني يمر هذه الأيام بالذات بمحنة قد تضيف إلى مأساته أبعادا مأساوية جديدة . فإذا ما صدقت النوايا فإن رئيس وزراء بريطانيا يعرف حق المعرفة ما عليه فعله .