المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المسرحية القصيرة (( من منا السجين ؟ ))



هانى عادل
10/12/2006, 08:10 PM
المسرحية القصيرة
من منا السجين ؟ الشخصيات :-
الحائر
الكائن



المنظر : عند سفح جبل شامخ سكنت قمته عنان السماء و التي انتشر فيها عدد
قليل من النجوم تتلألأ في ظلمتها وسوادها الحالك .

الحائر : كيف أتيت إلى هنا ؟ إنني لا أتذكر .. نعم لا أتذكر .. ربما .. ربما فقدت
ذاكرتي .. أجل لابد أن هذا هو السبب .. ولكن الذاكرة .. ماذا تعني هذه
الكلمة .. أهي الماضي الذي حييته أم ذلك الحاضر الذي لا أستطيع
الفرار منه .

(يدخل في حالة صراع نفسي تتقاتل الأسئلة والصور .. والأصوات
في عقلة..
.. رأسه تكاد تنفجر ..يمسك بها ضاغطا بقوة .. عينة يعتصرها الألم
.. يقع على ركبته .. يدفن رأسه بين الصخور الصغيرة المتناثرة ..
.. هنا وهناك ..
.. لحظات ويسكن كل شئ .. إلا رأسه التي تتمايل .. كأنه في خضم
.. بحر لجي ..)

: وحدي .. أقف عند هذا السفح أنظر حولي فلا أجد سوى امتداد مظلم لا
صوت ولا حياة فيه . سأهرب .. أجل سأهرب .. ولكن .. إلى أين ..
إنني في اللامكان .. لا مفر .. أجل .. لا مفر من الصعود إلى قمة
الجبل .. إنه الحقيقة الوحيدة التي أراها أمامي .. أجل الحقيقة الوحيدة

(وتتحرك قدماة تشق طريقها متثاقلة )

: أشعر أني في طريقي إلى النهاية .. ولكن أية نهاية .. وهل كان هناك
بداية .. ربما .. أكيد .. ولكنى لا أذكرها .
.. هل كنت سيئا إلى هذه الدرجة حتى يتركني من يعرفونني أرحل
دون وداع أو كلمه أسى أو دعوات طيبه تبارك طريقي ..

الكائن : (يدخل) ربما كنت .

(يتردد صوت بجواره .. فينظر نحو صاحبة بدهشة )

الحائر : انك .. أنك ! انك أنا ..
الكائن : ( ينظر إليه في سخرية واستهزاء) .
الحائر : ( تأخذه المفاجأة ويتراجع قليلا يكاد يقع ويختل توازنه بسبب الصخور
المتناثرة )
الكائن : ( يمسك به بقوة ) إلى أين يا هذا ؟
الحائر : ( ينظر الى أسفل في هلع )
يا لها من هوة سحيقة .. انني .. انني لم أتحرك لأعلى سوى بضعة
خطوات .
( يختل ويكاد يقع)
الكائن : إلى أين يا هذا ؟
الحائر : ( فزعا)
الكائن : ( ناظرا نحوه في تقزز) ألا تعرفني أيها الأحمق ؟
الحائر : انك أنا..إنك توأمي..ولكنى .. ولكنى لا أذكرك .
الكائن : ( يتحرك خطوات سريعة نحو القمة ثم يتوقف فجأة )
سنوات طويلة وأنا معك.
( يتحرك لأعلى ويكمل دون أن ينظر له )
سنوات طوال من الألم عانيتها معك أيها الكائن الأحمق .. سنوات من
الأسى والأحزان خلقت حول عنقي أغلالا من حديد كالجمر.

الحائر : ولكنى لم أحيا حياة حزن وألم .. لقد كان الماضي سعيدا .. أو هكذا
أظن .. لا أذكر.. ألم يكن ؟
الكائن : ( بعيون نارية ينظر له ) هل عادت ذاكرتك ؟
حياة سعيدة ..ها .
وهؤلاء .. أين هم في عقلك الواهن ؟

( ينظر لأسفل ليجد وجوها مشوهه وأيادي تحمل أظافر من نحاس تمتد
تجاهه )
الحائر : ( فزعا ممسكا بالكائن) من هم ؟.. لماذا يريدون الفتك بي ؟
الكائن : إنهم حياتك السعيدة .. إنهم أحجار الألم الذي بنيت منه هرم سعادتك
ومجدك .
( يتحرك الى أعلى بينما الأيادي كزرع شيطاني ينبت في تربه
ظالمة حالكة تمتد نحوة وتقترب في بطئ .يمسك بيد الحائر ويجذبة
لأعلى )
هيا بنا يا رجل .
الحائر : ولكن أخبرني من هؤلاء ؟
الكائن : من هؤلاء.. من هؤلاء .. استمع لأناتهم وستعرفهم ..أم تراك مازلت
أصم .. أنظر إلى دموعهم التي ذرفوها ليل نهار .. أم تراك ما زلت
أعمى .. تحرك يا رجل لننهي الطريق الذي بدأناه ..تحرك .

الحائر : ( يتحرك معه ويد الكائن ممسكه به ككلابتين )
هل كنت سيئ إلى هذه الدرجة .. هل كنت إنسانا متوحشا سفاك دماء .
الكائن : ستسأل نفسك ألف مرة ولن تجد إجابة ..هيا اصعد .
الحائر : لن أكمل هذا الطريق معك .. سأعود .
الكائن : (يضحك بشده) ت..ت..تعود..يا لك من مثير للشفقة.
الحائر : (في غيظ) نعم أعود .. كما أتيت أعود .. هيا دلني على طريق العودة
بعيدا عن تلك الأيادي ؟
الكائن : مازلت كما أنت .. ضاع كل شئ وبقيت هي .
الحائر : هي .. ما هي ؟
الكائن : حماقتك .. .. .. .. .. .. .. إذا لم تأت الآن فسأتركك لهم.
( يشير إلى الأظافر التي تقترب بسرعة .. ويجذبه من ذراعة .. وبعد
سير طويل يصلا الى القمة .. حيث لا شيء حولهم . فقط السماء فوق
رأسهم تماما .. ثم بعيون تحمل غل دفين)
هل تريد شيئا قبل أن أرحل ؟
الحائر : ترحل .. هل ستتركني هنا .. ولماذا أحضرتني معك من البداية ؟
الكائن : كان يجب أن تأتي إلى هنا.. حتى أتمكن أنا من الرحيل .
الحائر : من أنت بحق ال .. ال .. ؟

( تفتح في السماء فجوة وكأنها دوامة )
الكائن : ( ينظر نحو الحائر والسعادة تكاد تنفجر من وجهه .. يقفز في الدوامة).
الحائر : ( تخور قواه .. ويقع على الأرض يتلوى .. ويتألم .. دقات قلبة تتسارع
.. أنفاسة مخنوقه .. لم يعد يستطيع الحركة .. ولم يعد يشعر بشئ
سوى بحبل رفيع للغاية يخرج منه .. مربوطة نهايته بالكائن ..
يسحبة ..
ويسحبة ..
ويسحبة ..
و فجأة !! .. دون ارادته وهو مغمض العينين متألما .. تقبض يده على
هذا الحبل .. و .. .. ..
يفقد وعية .

ظــــلام تام ..
فقط صوت من عالم بعيييييييييد ..
صوت الحائر : لقد عدت .. أجل عدت .. كي أقف خلف ذلك السياج ذو القضبان
الحديدية ناظرا إلى الأفق البعيد حيث تقف تلك التي طالما أرهقتني
.. متسائلا في حيرة الأطفال .. من أنتِ ؟
صوت الكائن : وتكون الإجابة دائما..لا تعرف .. ولكن ما تعرفه وتحيا واثق
منه .. هو أن ذلك السياج ذو القضبان الحديدية دائما.. دائما ما
يكون بيننا .. ولكن ؟!
صوت الحائر : يا ترى ؟
صوت الكائن : يا ترى ؟
صوت الحائر : من .. منا .. السجين ؟!!!!!!!!!!!

صوت رجل : لقد عاد . اتركوه وحده .

Prof. Ahmed Shafik Elkhatib
10/12/2006, 09:44 PM
الأخ الكريم الأستاذ هاني عادل
ملأت فراغا كانت المنتديات -ومازالت- تعاني منه.
ربما أحببت وأحب الأعضاء الكرام الاطلاع على ترجمتي لمسرحية من فصل واحد للكاتب المسرحي البريطاني ألان أيكبورن، وهي على هذا الرابط:

http://www.arabswata.org/forums/showthread.php?t=1599&highlight=%CD%CF%ED%CB+%DD%ED+%C7%E1%E3%CA%E4%D2%E 5

وأيضا على ترجمتي لمسرحية من فصل واحد للكاتب المسرحي الأمريكي تينيسي ويليامز، على هذا الرابط

http://www.arabswata.org/forums/showthread.php?t=1596&highlight=%CE%D8%C7%C8+%E1%E6%D1%CF

مسرحيتكم "الفلسفية" رائعة، وفي انتظار المزيد.
تحياتي.

هانى عادل
11/12/2006, 05:53 PM
استاذنا الفاضل ,,,,
تحية اعزاز وتقدير
شكرا على مروركم الكريم على عملي المتواضع ,,,
واتمنى دوام التواصل ,,,
ملحوظة :-
هذا العمل تحت التنفيذ بالاسكندرية ... للترشيح لمهرجان نوادي المسرح المصري,,
تحياتي

بلال بلحسين
29/04/2008, 09:11 PM
تحية لك أستاذي البارع
قد لا أكون مبالغا إن قلت أنك أتحفتنا وأخذتنا إلى عالم جميل فيه الكثير من التيه ...
سأحاول بعون الله إعادة قراءة هذا النص بشكل متأني من أجل تصو رأية إخراجية تليق بالنص ومؤلفه من جهة وكذا بمكانة فرقتنا المسرحية من جهة أخرى
وفي انتظا ذلك أنتظر موافقتك أستاذي كي أنطلق في عالمك التائه والسجين
لأحاول الإجابة عن سؤال تركته معلقا ، من منا السجين ؟