المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بانتظار الأمل (رواية لزاهية بنت البحر) الفصل الخامس



زاهية بنت البحر
02/08/2008, 06:27 AM
ربما كانت السَّاعة الواحدة ليلاً عندما استيقظت العجوز فزعة, تتقاذفها الأوهام, هبَّت من فراشها, أشعلت نور المصباح الكهربائي, وخرجت من غرفتها إلى فسحة الدَّار.
أحست برهبة، اقشعر بدنها وهي تسمع صوت الرِّيح كعواء الذِّئاب يزداد حدَّة باشتداد اهتزاز أغصان الأشجار التي تغطي فناء الدَّار.
تفقَّدت عيناها أرجاء المكان, فرأت نوراً ينبعث من حمَّام البيت في الخارج, وسمعت صوت حركة هناك, اقتربت من مصدر النُّور والصَّوت، سمعت أنين سراب، أسرعت بدخول الحمام, وعندما وقفت ببابه، فوجئت بسراب وهي تتقيَّأ في المغسلة, أصابها الخوف, سألتها: مابك ياابنتي؟
نظرت سراب إليها بتعب وقالت: أشعر بالغثيان ودواراً مزعجاً يا امرأة عمِّي.
قالت العجوز :عودي إلى غرفتك, سأستدعي طبيب الجزيرة لمعاينتك.
لا أريد طبيباً, إنَّني (وأشارت إلى بطنها)
شهقت أم عادل شهقة كادت تودي بحياتها، سألتها: هل أنت حامل؟
هزَّت سراب رأسها بالإيجاب: منذ مدة قريبة.
فقالت العجوز بعتاب يمتزج بدمع الفرح: لِمَ لمْ تخبريني ألا أستحق منك هذه الفرحة؟
أجابتها بخجل: بلى والله تستحقّيِنها وزيادة, لكنني كنت أخشى ألا يكون الحمل حقيقيا.
رفعت أم عادل يديها نحو السماء تقدم قربان الشكر دمعاً: الحمد لك يارب.. كم أنت كريم0 سأزغرد.
استوقفتها سراب ممسكة بيدها: لاتفعلي، جعلتك الفرحة تنسين أننا في وقت متأخر من الليل.
فقالت أم عادل: وليكن لم يعد للوقت عندي حساب.
قالت سراب: حسنا فلننتظر حتى تشرق الشمس، أليس الغد لناظره قريبا؟ أجابت العجوزهذه المرة بحكمة وهدوء: بلى فالعمر لحظة.
العمر لحظة، ولكن كم تضم هذه اللحظة من حوادث فرح وحزن ومفاجآتٍ يرسمها القدر بعيداً عن إرادة البشر؟
قضية أم عادل كانت حلماً حاربت من أجله بسلاح المنطق والأخذ بالأسباب، فهي تريد حفيداً يحمل اسم زوجها هاشم، فما انتصرت بمنطقها، وما تحقَّقت قضيَّتها إلا بإرادة الله، فحدثت المعجزة، وتهاوى المنطق البشري أمام القدرة الإلهيَّة.
رائع هذا الصباح أحست درَّة بفتوة تنمو في جسدها المثقل بسنوات التعب، المحني بهموم العيش، المفرغ من بريق الوعد.
العمر لحظة.. قطع قطار زمنها خلالها محطات كثيرة حاولت أن تنسجم معها بمنطق الحكمة، تحَوِّلُ الحزن فيها فرحاً, واليأس أملاً، ولكن بقناعة المعدم.
العمرلحظة خلعت القناع، ضمها الأمل إلى كتائبه الباسمة الزاهية بالألوان،
ألبسها الربيع ثوباً، والشمس إشراقاً، والتفاؤل وشاحاً.
مساحة الأمل لاتحصرها حدود، فسيحة كالأحلام، شاهقة كالمستحيل، بديعة كالولادة. حملتها فرحتها الوليدة إلى عوالم براقة ساحرة.. حنونة.. فوضويَّة الرُّؤى.. سمعت فيها صوت هاشم يناديها.. رأته يلعب معها.. تحضنه .. تطعمه.. تقبِّله، يهرب منها.. أحبت البداية وكرهت النهاية، وهنت ركبتاها.. شهقت.. أسرعت تمسك به لا تريده أن يهرب منها أبداً.. أبداَ.. خافت عليه في الحلم.. نعم، ولكنَّها ستخاف عليه في الحقيقة أكثر.
لا لن تخبر أحداً بحمل سراب خشية الحسد، فالعيون فارغة لا يملؤها إلا حفنة من تراب، وهي لم تصدق أن سراب ستحمل يومًا فلن تتركها صيدا للعيون الفارغة.
الحرص هنا واجب, وسيكون مسلكها، لن تخبرأحداً حتى عادل لن تبعث إليه بالبشرى كي لا يترك السفينة، ويعود، فيخسر المال الذي سيشتري به البيت الجديد، تريد أن تطمئن على سكنه قبل موتها.
تغير المنطق أم هي التي تغيرت؟ فوضى الفرح، فوضى الأحاسيس المتمرِّدة، فوضى اللحظة، ترى من تغير؟ هي تعرف فقط أنَّها يجب أن تكون حريصة في المحافظة على هاشم وليكن مايكون.
وافقت سراب أمَّ عادل الرأي بشأن إخفاء خبر الحمل.
عجوز قدَّرت وشابة تفهَّمت فكان الإتِّفاق.
إتِّفاق سرِّيٌّ أبرم بين الخريف والربيع فأنجز خيراً.
إنجاز مهم لن يعلم به سوى عائلة سراب، وأخت عادل وجيهة، وبذلك يبقى الخبر طيَّ الكتمان.
أسرة سراب لا تحب الثرثرة، وهي أقرب للتَّدين منها إلى المصالحة الدنيوية.
أب صارم حازم لا يجامل أحداً، لكنَّه يحسن التَّدبير, هادئ الأعصاب غالباً, يشكو من ارتفاعٍ في ضغط الدم, لم يرزق ذكوراً.
علية أم سراب سيدة في الخمسين من العمر، عاطفية، من أصل تركي، أنهت دراستها الابتدائية في الجزيرة, تزوَّجت في الرابعة عشرة من عمرها، وأنجبت خمس بنات أصغرهنَّ سراب.
حدَّثت ْعلية زوجها بشأن إخفاء خبر حمل سراب، اتَّهم الجميع بالهذيان, وعقم التفكير, وأعلن براءته مما يعملن.
وبعد كثير من المناقشة والمجادلة، وافقهنَّ على مضض من أجل عادل، وهدفه المادي الذي سافر في البحر من أجله، وليس من أجل الحسد، وقلة عقل النسوان.
قال لزوجته: عجيب أمر النساء والله، كنتنَّ تلهثن وراء الحمل، والآن تلهثن من أجل ستره!
سألته علية: ساعدنا بطريقة تمكننا من ستر الحمل دون قيل وقال؟
فقال متبرمًا: حسبي الله ونعم الوكيل من كيد النساء، ومن أفكارهنَّ الغريبة.
فقالت: هذا الأمر لن نختلف فيه أبداً، ولكن أنقذنا مما نحن فيه من حيرة؟
قال بعد تردُّد: لاحول ولاقوة إلا بالله ، اسمعي جيدا إن كنت تصرين على رأيك في كتم الخبر.
قالت بلهفة: قل يارجل وأرحني أراحك الله من أعدائك؟
قال: في الأشهر الأولى لاتوجد مشكلة لأن الحمل يحتاج لوقت كي يبدو للعيان، وماتبقى من أشهره تجلس سراب في البيت ولا تقابل أحداً حتَّى يقضي الله أمراً كان مفعولا.
سألته: ولكن قد تطول مدة احتجابها عن الناس, فماذا سنقول لهم إن هم سألوا عنها؟
أجاب:لن تعدمن حجَّة, إن كيدكن عظيم.


بقلم
زاهية بنت البحر

فايزة شرف الدين
02/08/2008, 02:18 PM
]الحمد لله .. سراب قد حملت .. ربنا يستر ويكتمل حملها .
صديقتي الزاهية .. سننتظر بشوق الفصل السادس .[/SIZE]


http://www.10neen.com/up/uploads/eda757cece.gif (http://www.10neen.com/up/)

منتدانا الصغير فرسان يمكنك أن تقطفي منه ما تحبينه من صور .. وإليك هذه الصورة من حاسوبي .

ايمان حمد
02/08/2008, 05:18 PM
الأديبة العزيزة الزاهية

اشكرك على اتاحة الفرصة لى لخرج قليلا عن الجو المشحون بالتوتر من خلال قراءة الخمسة فصول لروايتك

حاجة غريبة فعلا قرارهم بالتستر

أقول : ربنا يجيب العواقب سلمية ولا يتهمونها بأشياء غبية من سوء تصرفهم

ما زلت متوجسه من " ان كيدهن عظيم "

التشويق الى الآن فى بداية تطوره وسأنتظر مع اختى فائزة لأرى ما سيحدث هنا

لمن اراد متابعة الخمس حلقات - اضغط هنا

http://files.filefront.com/15761575160615781592157514doc/;11327971;/fileinfo.html


تحية متابعة

زاهية بنت البحر
02/08/2008, 08:16 PM
]الحمد لله .. سراب قد حملت .. ربنا يستر ويكتمل حملها .
صديقتي الزاهية .. سننتظر بشوق الفصل السادس .[/SIZE]


http://www.10neen.com/up/uploads/eda757cece.gif (http://www.10neen.com/up/)

منتدانا الصغير فرسان يمكنك أن تقطفي منه ما تحبينه من صور .. وإليك هذه الصورة من حاسوبي .


أهلا بالغالية على قلبي أختي المكرمة فايزة
يسعدني متابعتك للقصة ، وسوف أذهب إلى منتدانا الصغير
لقطاف بعض الزهور الشذية من فجر فرسانه النبلاء:fl:
دمت بخير
أختك
بنت البحر

زاهية بنت البحر
02/08/2008, 08:23 PM
الأديبة العزيزة الزاهية

اشكرك على اتاحة الفرصة لى لخرج قليلا عن الجو المشحون بالتوتر من خلال قراءة الخمسة فصول لروايتك

حاجة غريبة فعلا قرارهم بالتستر

أقول : ربنا يجيب العواقب سلمية ولا يتهمونها بأشياء غبية من سوء تصرفهم

ما زلت متوجسه من " ان كيدهن عظيم "

التشويق الى الآن فى بداية تطوره وسأنتظر مع اختى فائزة لأرى ما سيحدث هنا

لمن اراد متابعة الخمس حلقات - اضغط هنا

http://files.filefront.com/15761575160615781592157514doc/;11327971;/fileinfo.html


تحية متابعة


أهلا أهلا بالحبيبة إيمان
أشكرك إيمان على مرورك الجميل .
حاولت الدخول إلى الرابط هنا فلم أعرف كيف سأحصل على الحلقات الخمس .
لك شكري وتقديري. :fl:
أختك
بنت البحر

ايمان حمد
02/08/2008, 09:01 PM
اختى الغالية زاهية

اذهبى الى هذا الرابط http://hosted.filefront.com/imanola


وعلى اقصى اليمين اول ملف حجمة 67 KB اضغطى على كلمة download now

تحيتى

فاطمه بنت السراة
02/08/2008, 11:35 PM
:
عبارات جميلة:
* عجوز قدَّرت وشابة تفهَّمت فكان الإتِّفاق.

* إتِّفاق سرِّيٌّ أبرم بين الخريف والربيع فأنجز خيراً.

* عجيب أمر النساء والله، كنتنَّ تلهثن وراء الحمل، والآن تلهثن من أجل ستره!


زاهيتنا الغالية..
كدت أن أتحفك بحكاية شعبية ظريفة عنوانها: (إن كيدهن عظيم حتى وهن ميتات), لكن ربك ستر فسكتت شهرزاد :p



ملاحظة ولا أدري إن كانت صحيحة أم لا:
اتَّهم الجميع بالهزيان.
بعد تصحيحي لكلمة ومق في نص الرجل العقرب بـ رمق, وكانت (ومق) صحيحة وهي الحب الشديد, أخشى أن تكون (هزيان) معنى آخر لا أعرفه.
أم يكون حرف الزاي غلطة مطبعية بدل الذال؟

متابعة إن شاء الله
حفظك ربي ورعاك

زاهية بنت البحر
02/08/2008, 11:45 PM
:
عبارات جميلة:
* عجوز قدَّرت وشابة تفهَّمت فكان الإتِّفاق.

* إتِّفاق سرِّيٌّ أبرم بين الخريف والربيع فأنجز خيراً.

* عجيب أمر النساء والله، كنتنَّ تلهثن وراء الحمل، والآن تلهثن من أجل ستره!


زاهيتنا الغالية..
كدت أن أتحفك بحكاية شعبية ظريفة عنوانها: (إن كيدهن عظيم حتى وهن ميتات), لكن ربك ستر فسكتت شهرزاد :p



ملاحظة ولا أدري إن كانت صحيحة أم لا:
اتَّهم الجميع بالهزيان.
بعد تصحيحي لكلمة ومق في نص الرجل العقرب بـ رمق, وكانت (ومق) صحيحة وهي الحب الشديد, أخشى أن تكون (هزيان) معنى آخر لا أعرفه.
أم يكون حرف الزاي غلطة مطبعية بدل الذال؟

متابعة إن شاء الله
حفظك ربي ورعاك


والله إنني أحبك في الله يافاطمة. كريمة الخلق غنية العلم، وقورة الكَلِم. بارك ربي بك ورعاك. لاأخفيك أنني أيضًا تبسمت حتى دمعت عيناي وأنا أقرأ الهزيان هذا :emo_m6: هو اختراعي كما يبدو فما سمعت بالذال تصبح زالا إلا هنا. جزاك ربي الخير ونفع بك.
أختك
بنت البحر

زاهية بنت البحر
02/08/2008, 11:50 PM
اختى الغالية زاهية

اذهبى الى هذا الرابط http://hosted.filefront.com/imanola


وعلى اقصى اليمين اول ملف حجمة 67 kb اضغطى على كلمة download now

تحيتى


بارك الرحمن بك غاليتي إيمان تم التحميل
لك شكري وتقديري
أختك
بنت البحر

عبد العزيز غوردو
03/08/2008, 12:20 AM
العمر لحظة...

تفجرت هنا بالأمل، والحب، وكل المشاعر النبيلة...

وحتى "كيدهن عظيم" جاءت هنا، في هذا السرد المتألق، خفيفة على النفس...

هي الدنيا: إذا أغلقت في وجهنا بابا.. وجب أن نفتح في ظهرها أبوابا...

" "

بالقراءة لك، أختي الفاضلة زاهية.. أخرج بثلاث أشياء، على الأقل:

المتعة، والفائدة، والتعلم...

أخوك: عبد العزيز

" "

زاهية بنت البحر
03/08/2008, 11:38 AM
د. عبد العزيز أخي المكرم
أجل العمر لحظة لكنها لاتصفو إلا قليلا، وعند صفائها تتفجر براكين سعادة لاتهدأ إلا بخمود الفرح بنفخة حزن صاعقة تطفئ توهج الذات وتقص جناح التحليق. أهلا ومرحبًا بك طائر إبداع أدعو الله أن تظل محلقًا بجناحي الصحة والوعي العميق.
أختك
بنت البحر

هدى علي عبدالله
03/08/2008, 12:09 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قرأت هذا الجزء فشدني كثيرا لقراءة الأجزاء الأخرى

مبدعه أختي زاهية

دام يراعك مدرارا
هدى

زاهية بنت البحر
05/08/2008, 08:32 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قرأت هذا الجزء فشدني كثيرا لقراءة الأجزاء الأخرى

مبدعه أختي زاهية

دام يراعك مدرارا
هدى

هدى بنت علي أختي المكرمة
أهلا ومرحبًا بك في متصفحي الذي يعتز بك وبكل القراء المتابعين للقصة . لك شكري وتقديري
أختك
بنت البحر