المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بانتظار الأمل (رواية لزاهية بنت البحر) الفصل السادس



زاهية بنت البحر
03/08/2008, 02:27 AM
في ليلة مقمرة من ليالي أيلول، جلس عادل وزميله أحمد على حافة مؤخرة السفينة يتسامران بين سماءٍ وماء، يؤنس وحدتهما القمرُ بدرًا، وخياله يتراقص تحت سطح البحر بجمالٍ أخاذ على أنغام صوت أم كلثوم من الجانب الآخر للسفينة، كأنه في حفل بين الأحياء البحرية، فتلهب المعاني بالصوت الرخيم والآهاتُ الحارقةُ أشواقـَهما لمن تركوهم في الجزيرة بانتظار عودتهما سالمين على أحر من الجمر، وما استطاعت النسمات العليلة المحملة بأنفاس البحر الباردة أن تخفف من لهيب الحنين في صدريهما، فبدت الحيرة بتهدج صوتيهما بحزن عميق، وهما يبثان شكوى الفراق وهموم الحياة، والنجوم الساهرة تسترق السمع إليهما عن كثب، وتسعد باستنشاق الشذى من حريق القلوب، ونورها يتمايل مع رفات الجفون.
تحدثا طويلا، وأنصتا للست كثيرًا، وطال الليل بهما متأرجحين بين حلم ويقظة، حقيقة وخيال، تلمع في عيونهما بعض دموع يحجرانها رجولة ً بتماسكٍ مؤلم، ماتلبث أن تختطفها النجمات طمعًا بالمزيد من دمع العيون.
هما يعلمان أن الحياة صعبة، متعبة ، مؤرقة، وأن الراحة فيها لاتكون إلا قليلا، ويعلمان أيضًا أنَّ العمل واجب مقدس مهما كان صعبًا ماداما قد اختاراه طواعية فيما قدِّر لهما من حياة أوجدهما الله فيها بظروف بيئية معينة، تفرض عليهما مثل هذا العمل فوق ظهر بحر لايعرف الرحمة في ساعات الغضب الرهيبة، قبلا به لتحسين ظروف الحياة في جزيرة نائية تعيش قلقة بين فصولٍ أربعة أشدها قسوة عليها الخريف والشتاء، تذكرا من سافر ولم يعد إليها، من مات حرقًا أوغرقا، ومن أحضر في تابوت، ومن لم يُحَْضَر منه سوى حقيبة تبكي فقيدها، تذكرا لوعة الأهل على فلذات أكبادهم وهم يشاهدون جنون البحر الأهوج أيام الشتاء، وكيف ينسون أنفسهم باحتلال الخوف قلوبهم، واهتياج مشاعرهم كلما سمعوا عواء الريح يملأ أجواء الجزيرة رعبا، وينشب أنيابه في أفكارهم بأسوء الاحتمالات، تذكرا من قضى نحبه بانتظار رجوع الربيع، فانتقلت الروح إلى ربها والغائب لم يعد والربيع أطال الغياب.
مضى النصف الأول من الليل، وقبل مضي ساعة من النصف الثاني منه، استدعى الربان البحارة ومساعديه على عجلٍ لأمر هام. انشغل الجميع بتحضير نقل المازوت للسفينة الأجنبية التي استنجدت بالربان، كي يزودها بالوقود الذي نفذ منها إثر ثقب حلَّ بخزان الوقود، فلم يعد لديها مايكفي لمتابعة الرحلة في عرض البحر. تمت العملية بنجاح، وقبض الربان ثمن المازوت بأضعاف ثمنه الحقيقي، وعندما ابتعدت سفينته عن السفينة الأخرى، راح يضحك بصوت عال ووزع على البحارة الحلوى مما جعلهم يستغربون أمره هذا، لم تطل مدة الاستغراب كثيرًا بالنسبة لعادل بعد أن أعلمه أحمد بأن الربان قد باع المازوت مغشوشًا بالماء، وقبض سعره غاليًا، وكان أيضًا قد استغفل مالك السفينة التي يعملان فيها، فسرق منه ثمن كميات وهمية من المازوت قبل الإبحار من الجزيرة، وهاهو الآن يفخر بسرقة السرقة.
أحس عادل بانقباضٍ في صدره مما سمع، استغفر الله كثيرًا، خاف أن ينتقم الله من القبطان فيغرق السفينة بمن فيها، ولكن إيمانه جعله يتماسك بعد وقت قليل ، مقررا بينه وبين نفسه أن يترك العمل مع هذ الربان عندما يصل إلى أول ميناء قرب اليابسة، سخر أحمد من سذاجة عادل فقال له: الربان الأمين في هذا الزمن عملة نادرة جدا، ليس هنا فقط ، وإن كانت أكثر ظهورًا عندنا عمن سوانا، إنهم يسرقون بطريقة أو بأخرى سرًا وعلانية، يسرقون ثمن المازوت، وثمن الطعام وحتى أجرة البحارة.

بقلم
زاهية بنت البحر

ايمان حمد
03/08/2008, 11:51 PM
أهلا بالفصل السادس ومرحبا


نعم صدقوا - يسرقون حتى الكحل من العين !

أين لنا بأرباب أمناء !

متابعون ..

فايزة شرف الدين
04/08/2008, 01:53 AM
لقد بدأ القلق الآن يساورنا على عادل .. تعايشنا معه ألم الاغتراب والحنين إلى الأهل .. فلنذهب إلى الفصل السابع


http://www.10neen.com/up/uploads/f945db5410.gif (http://www.10neen.com/up/) http://www.10neen.com/up/uploads/f945db5410.gif (http://www.10neen.com/up/) http://www.10neen.com/up/uploads/f945db5410.gif (http://www.10neen.com/up/)

http://www.10neen.com/up/uploads/f945db5410.gif (http://www.10neen.com/up/) http://www.10neen.com/up/uploads/f945db5410.gif (http://www.10neen.com/up/)

http://www.10neen.com/up/uploads/f945db5410.gif (http://www.10neen.com/up/)

زاهية بنت البحر
04/08/2008, 05:44 AM
أهلا بالفصل السادس ومرحبا


نعم صدقوا - يسرقون حتى الكحل من العين !

أين لنا بأرباب أمناء !

متابعون ..

ولكن الا يكتفون وبالتخمة يشعرون فغيرهم من الجوع يتضورون، وبالمصائب يُنكبون، وبالأمراض يصابون، والرغيف الساخن يشتهون، وهم مازالوا بالبحار- على متن السفن دون خوف من ريح هوجاء أو موجة شمطاء- يبحرون.

فاطمه بنت السراة
05/08/2008, 08:36 AM
:
كنت مع عادل وأحمد في سمرتهما تحت نور القمر وفوق الماء, وارتحال قلبيهما الى اليابسة .. عشت هذا الجو مرات كثيرة (في نقيضه), في البر .. قبل مرض أبي الطويل رحمه الله .. كل ربيع تقريبا كنا نخيّم أسبوعين هناك .. في الليل نجتمع إخوتي وبنات العمات والأعمام تحت ضوء القمر .. النار بيننا للتدفئة والقلوب الله أعلم بحالها .. كانت لمعة أعين بعضنا وارتحال الفكر, تثير الفضول فنعزيها الى شدة البرد, أو لفحات النار القريبة منا.

عذراً زاهيتنا هيج أشجاني النصف الأول من الفصل, وأعادني نصفها الآخر الى الواقع .. واقعنا, وأثار التساؤلات:
لماذا لا نتعامل بالأمانة في كل شيء؟ لماذا لا نضع الله نصب أعيننا في تعاملنا مع الآخرين وقبلها أنفسنا؟
يحزنني جداً هذا الأمر خاصة أنك ذكرت أن السفينة (أجنبية).

عذراً ثانية لابنة البحر المبدعة التي أخذتني بعيداً الى عالم سحري, ثم صلبتني بشدة على أرض الواقع.

متابعة إن شاء الله

زاهية بنت البحر
05/08/2008, 10:57 PM
ذكرتني أختي الغالية فاطمة بالسمر في البادية تحت ضوء القمر، حقيقة هي أوقات رائعة أتمنى أن تعاد، ولكن هناك من أبطالها من غاب عن الحياة فلهم الدعاء بالرحمة. لقد سهرنا ليلة في البادية عند رعيان أغنامنا، ليلة لاأنساها والبدر أنيسنا، والنجوم تسامر ليلنا والرعيان والراعيات يقدمن لنا واجبات الضيافة، ولكنني كنت وأولادي الصغار خائفين من نباح الكلاب التي كانت تحرس الخيام والأغنام، وأكثر من مرة استنجدت بالراعية الأم لإسكاتها. حقيقة ليس هناك أجمل من الطبيعة التي خلقها الله وسخرها لنا فسبحانه وتعالى عما يصفون.
أما الأمانة ياغالية فإنها رمز قلَّ من يصدق فيها، مرض العصر استشرى في النفوس فاختلط الحابل بالنابل، كم من شخصية تقابلينها في الحياة أو تقرئين لها، تكبرينها احترامًا وتقديرًا، وبعد مدة قصيرة جدا تفجعين بها خلقًا( لافجعك الله بعزيز)، فتحزنين على نفسك التي خدعت بجمال المنطق ورقة الإحساس والظهور بمظهر لايأنف منه الكرام. تبدلت النظرة اليوم إلى القيم، فأصبحت تطفو من خلال مخزون الجيوب، وليس من مكارم الأخلاق ونقاء القلوب.:fl:
دمت بخير
أختك
بنت البحر

فاطمه بنت السراة
07/08/2008, 09:28 AM
ذكرتني أختي الغالية فاطمة بالسمر في البادية تحت ضوء القمر، حقيقة هي أوقات رائعة أتمنى أن تعاد، ولكن هناك من أبطالها من غاب عن الحياة فلهم الدعاء بالرحمة. لقد سهرنا ليلة في البادية عند رعيان أغنامنا، ليلة لاأنساها والبدر أنيسنا، والنجوم تسامر ليلنا والرعيان والراعيات يقدمن لنا واجبات الضيافة، ولكنني كنت وأولادي الصغار خائفين من نباح الكلاب التي كانت تحرس الخيام والأغنام، وأكثر من مرة استنجدت بالراعية الأم لإسكاتها. حقيقة ليس هناك أجمل من الطبيعة التي خلقها الله وسخرها لنا فسبحانه وتعالى عما يصفون.
أما الأمانة ياغالية فإنها رمز قلَّ من يصدق فيها، مرض العصر استشرى في النفوس فاختلط الحابل بالنابل، كم من شخصية تقابلينها في الحياة أو تقرئين لها، تكبرينها احترامًا وتقديرًا، وبعد مدة قصيرة جدا تفجعين بها خلقًا( لافجعك الله بعزيز)، فتحزنين على نفسك التي خدعت بجمال المنطق ورقة الإحساس والظهور بمظهر لايأنف منه الكرام. تبدلت النظرة اليوم إلى القيم، فأصبحت تطفو من خلال مخزون الجيوب، وليس من مكارم الأخلاق ونقاء القلوب.:fl:
دمت بخير
أختك
بنت البحر
:

لروحك الجميلة .. زاهية


http://www.10neen.com/up/uploads/75305c317f.gif (http://www.10neen.com/up/)

حسين نور الدين
03/09/2008, 11:09 PM
الأستاذة الأديبة زاهية بنت البحر
تحياتنا لك

زاهية بنت البحر
11/11/2008, 07:36 AM
:

لروحك الجميلة .. زاهية


http://www.arabswata.org/forums/imgcache/1217.imgcache.gif (http://www.10neen.com/up/)


بارك الله بك قلبًا شفيفًا وفكرًا راقيا

http://www.arabswata.org/forums/imgcache/1218.imgcache.gif