المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تمتمات.



مجذوب العيد المشراوي
08/08/2008, 07:38 PM
لون ٌ ... وأنت َ هناك َ تَبْدَأ ُ ماطِرَا = زهْر ٌ ... رحيقُكَ قَامَ يَنْسُجُ ساحِرَا
فلْتَحْتَرفْ لغَةَ الوَلِيد ِِ .. بَهِيَّة ٌ = فَشَذَا التَّمَائِمِ لا يُحِبُّك َ فاتِرَا
أدْرَكْت ُ كيْفَ الماء يَسْمَعُ بعضهُ=عندَ المسِيرِ وكيفَ يَنْزل ُ ذاكِرَا
ما تَرْسُم ُ الألوان َ غيرُ طلاقَة ٍ = تَنْتَابُنِي مثل َ اليَمَام ِ مُسافِرَا
أمْتَصّ ُ أبْخِرَة َ الحُروفِ مُحَاوِلا ً = أن ْ أسْتَعِيد َ إلى المَشَاعِر ِ شاعِرَا
لنْ أَسْتَريحَ بليْل ِ أي ِّ قصيدَة ٍ = ملْعُونَة ٍ تَرْضَى جَبِينِي فاجِرَا
أَتَرَصَّدُ الوَجَعَ الرَّزين َ ، أُعِينُهُ =حتى أُضِيف َ إلى الجَمَال ِ جَواهِرَا
جُمَلِي مَشَت ْ تَبِعَت ْ خُطَاي َ أَظنُّنِي =أَمْشِي إليَّ ، أُقِيم ُ حوْلِي ساتِرَا
جهْدِي أُحَاوِل ُ أن ْ أخِيط َ بلاغَة ً = بِحَريرِ خَفْقٍ يَبْتَغِينِي فَاخرَا
صَيَّرْت ُ كل َّ بلاهَة ٍ عَبَثَتْ بهِ = بَوْحِي خَريفًا ظل َّ إِثْرِي نَاثِرَا
عِنْدِي نِهَايَات الحَنِين ، تَقُودُنِي = نَحْوَ السَّرَابِ فَهَلْ أُجَنِّدُ حاضِرَا
كَيَّفْت ُ عُمْقَ نَقَاوَتِي فَلِمَ الهَوَى =يَجْتَازُ بَحْرِي مَسْتَبِدًّا زاجِرَا
مَرَّنْت ُ أسْئِلة َ الهُيَام ِ جَميعَهَا = فَبَدَا عبيرُ العِشْقِ فَوْقِي زاخِرَ ا
سَتَعُود ُ قَوْسِي مِنْ جَدِيد ٍ حرَّة ً = فَسِهَام ُ هذا الشِّعْر ِ تُرْبِك ُ سَاخِرَا

لطفي منصور
09/08/2008, 03:57 PM
أخي الشاعر مجذوب ................... تحيّة
ما أروع هذه التمتمات ...
وما أسعدني بقراءتها ..
هي درر يزدان الشعر بها ..
دمت يا أخي متألقا

لطفي منصـــور

مجذوب العيد المشراوي
10/08/2008, 08:15 PM
أخي الشاعر مجذوب ................... تحيّة
ما أروع هذه التمتمات ...
وما أسعدني بقراءتها ..
هي درر يزدان الشعر بها ..
دمت يا أخي متألقا

لطفي منصـــور

لطفي أيها المتميز لك خالص الود وشكرا

حسن سباق
23/02/2009, 12:54 AM
لغة التمتمات ملك صاحبها
أخي مجذوب العيد المشراوي
قاموس فريد وريشة بارعة وديوان شعر بهيج
تحياتي

خميس لطفي
23/02/2009, 12:41 PM
ما زلت تثبت في كل مرة ، أنك تعيش عصرك الذهبي ، يا مجذوب ، فاعصره عصراً ، ولا تنسني من دعائك !

أحمد نمر الخطيب
23/02/2009, 02:09 PM
أخي مجذوب العيد
لقد أضفت إلى الجمال جواهرا، بحداثة اللغة التي تطرّز بها ثوب البحر القديم، هكذا هي تربة القديم أيها الشاعر ينبتُ فيها الجمال جمالا، دمت متألقاً دائماً

حسن العابدي
23/02/2009, 10:27 PM
شاعري الغِرّيــــــد -مجذوب العيد المشـراوي
- تمتمات بليغة في مـعناها وفصيحة في معناها.فما أروع التمتمة إذن!

محمد نجيب بلحاج حسين
23/02/2009, 11:25 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

المبدع الفاضل مجذوب العيد المشراوي

تمتمات بديعة

تهمس لنا بها

وتفضي لنا فيها عن خوالجك الرائعة

حياك الله وزادك ألقا ونورا وعشقا

مجذوب العيد المشراوي
11/04/2009, 01:46 AM
لغة التمتمات ملك صاحبها
أخي مجذوب العيد المشراوي
قاموس فريد وريشة بارعة وديوان شعر بهيج
تحياتي

أيها الحسن السباق إلى الصدق والإيمان ألف شكر لقلبك َ .

ينابيع السبيعي
11/04/2009, 02:43 AM
أمْتَصّ ُ أبْخِرَة َ الحُروفِ مُحَـاوِلا ً=أن ْ أسْتَعِيد َ إلى المَشَاعِر ِ شاعِرَا
لنْ أَسْتَريحَ بليْـل ِ أي ِّ قصيـدَة ٍ=ملْعُونَة ٍ تَرْضَـى جَبِينِـي فاجِـرَا
أَتَرَصَّدُ الوَجَعَ الرَّزين َ ، أ ُعِينُـهُ=حتّى أ ُضِيف َ إلى الجَمَال ِ جَواهِرَا

أخي الكريم مجذوب العيد المشراوي
بارك الله فيك حروف نسجت لوحة ذات ألوان عذبة
قصيدة نسجت من خيوط الذهب
أنت رائع هكذا قرأتك
لك عميق تحيتي وفائق تقديري
أختك
ينابيع السبيعي

الطيب كرفاح
11/04/2009, 06:20 PM
شاعرنا المبجل مجدوب..
إذا كانت تمتماتك بهذا الجمال الفني ..
فترع كؤوسنا منها..
وأمسك عليك إفصاحك..
جميل..أيها الجميل..
كل المــودة..

باسل محمد البزراوي
11/04/2009, 09:17 PM
لون ٌ .. وأنت َ هناك َ تَبْدَأ ُ ماطِرَا = زهْر ٌ .. رحيقُكَ قامَ يَنْسُجُ ساحِرَا
فلْتَحْتَرفْ لغَةَ الوَلِيد ِِ .. بَهِيَّة ٌ = فَشَذَا التَّمَائِمِ لا يُحِبُّك َ فاتِرَا
أدْرَكْت ُ كيْفَ الماء يَسْمَعُ بعضهُ= عندَ المسِيرِ وكيفَ يَنْزل ُ ذاكِرَا
ما تَرْسُم ُ الألوان َ غيرُ طلاقَة ٍ = تَنْتَابُنِي مثل َ اليَمَام ِ مُسافِرَا
أمْتَصّ ُ أبْخِرَة َ الحُروفِ مُحَاوِلا ً = أن ْ أسْتَعِيد َ إلى المَشَاعِر ِ شاعِرَا
لنْ أَسْتَريحَ بليْل ِ أي ِّ قصيدَة ٍ = ملْعُونَة ٍ تَرْضَى جَبِينِي فاجِرَا
أَتَرَصَّدُ الوَجَعَ الرَّزين َ ، أ ُعِينُهُ = حتّى أ ُضِيف َ إلى الجَمَال ِ جَواهِرَا
جُمَلِي مَشَت ْ تَبِعَت ْ خُطَاي َ أَظنُّنِي = أَمْشِي إليَّ ، أ ُقِيم ُ حوْلِي ساتِرَا
جهْدِي أ ُحَاوِل ُ أن ْ أخِيط َ بلاغَة ً = بِحَريرِ خَفْقٍ يَبْتَغِينِي فَاخرَا
صَيَّرْت ُ كل َّ بلاهَة ٍ عَبَثَتْ بهِ = بَوْحِي خَريفًا ظل َّ إِثْرِي نَاثِرَا
عِنْدِي نِهَايَات الحَنِين ، تَقُودُنِي = نَحْوَ السَّرَابِ فَهَلْ أ ُجَنِّدُ حاضِرَا
كَيَّفْت ُ عُمْقَ نَقَاوَتِي فَلِمَ الهَوَى = يَجْتَازُ بَحْرِي مَسْتَبِدًّا زاجِرَا
مَرَّنْت ُ أسْئِلة َ الهُيَام ِ جَميعَهَا = فَبَدَا عبيرُ العِشْقِ فَوْقِي زاخِرَ ا
سَتَعُود ُ قَوْسِي مِنْ جَدِيد ٍ حُرَّة ً = فَسِهَام ُ هذا الشِّعْر ِ تُرْبِك ُ سَاخِرَا

أخي مجذوب العيد المشراوي

تحياتي

تمتماتٌ زاخرة بالمعاني والصور التي تدلّ على شاعريّة فذّة,,


دمتَ بخير

د.محمد فتحي الحريري
23/09/2009, 04:40 PM
اخي الشاعر مجذوب
احييكم بحرارة ابياتكم الثرة
انها تمتمات معربات ، ومن عادة التمتمة ان تكون مبهمة !!!
لك ودي وتقديري .

يحيى سليمان
23/09/2009, 05:04 PM
رائعة هذه القصيدة
قرأتها من قبل
وأعدت الآن فإذا جمالها متجدد
شكرا أيها القدير

منى حسن محمد الحاج
23/09/2009, 06:15 PM
الله الله يا شاعري.. الله
هذه للتثبيت ولي إليها عودة أكيدة..
أستغرب كيف فاتنا التوقيع على هكذا جمال..
والله إني محبوسة هنا منذ ساعة وزيادة وأنا أتأمل!
لاشُلت يمينك...
وحتى أعود.. تقبل فائض مودتي وتقديري

مجذوب العيد المشراوي
23/09/2009, 08:43 PM
ما زلت تثبت في كل مرة ، أنك تعيش عصرك الذهبي ، يا مجذوب ، فاعصره عصراً ، ولا تنسني من دعائك !
...


خميس أيها البهي ّ مرورك دوما بنزين الإستمرارية .. أحييك أيها النبيل

مجذوب العيد المشراوي
23/09/2009, 08:45 PM
أخي مجذوب العيد
لقد أضفت إلى الجمال جواهرا، بحداثة اللغة التي تطرّز بها ثوب البحر القديم، هكذا هي تربة القديم أيها الشاعر ينبتُ فيها الجمال جمالا، دمت متألقاً دائماً
.............

أحمد نمر مرور بكل زهره جميل ألف شكر أيها الأنيق

مجذوب العيد المشراوي
23/09/2009, 08:46 PM
شاعري الغِرّيــــــد -مجذوب العيد المشـراوي
- تمتمات بليغة في مـعناها وفصيحة في معناها.فما أروع التمتمة إذن!

حسن عابدي جد متأسف لكل هذا التأخّر وقد عبت عنا ... عسى أن نراك قريبا ألف شكر

مجذوب العيد المشراوي
23/09/2009, 08:46 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المبدع الفاضل مجذوب العيد المشراوي
تمتمات بديعة
تهمس لنا بها
وتفضي لنا فيها عن خوالجك الرائعة
حياك الله وزادك ألقا ونورا وعشقا

محمد نجيب بلحاج حسين مرور من جمال ألف شكر

مجذوب العيد المشراوي
23/09/2009, 08:47 PM
أمْتَصّ ُ أبْخِرَة َ الحُروفِ مُحَـاوِلا ً=أن ْ أسْتَعِيد َ إلى المَشَاعِر ِ شاعِرَا
لنْ أَسْتَريحَ بليْـل ِ أي ِّ قصيـدَة ٍ=ملْعُونَة ٍ تَرْضَـى جَبِينِـي فاجِـرَا
أَتَرَصَّدُ الوَجَعَ الرَّزين َ ، أ ُعِينُـهُ=حتّى أ ُضِيف َ إلى الجَمَال ِ جَواهِرَا
أخي الكريم مجذوب العيد المشراوي
بارك الله فيك حروف نسجت لوحة ذات ألوان عذبة
قصيدة نسجت من خيوط الذهب
أنت رائع هكذا قرأتك
لك عميق تحيتي وفائق تقديري
أختك
ينابيع السبيعي
ينابيغ مرور من جمال وحب ّ ألف ألف شكر وبالغ تقديري

مجذوب العيد المشراوي
23/09/2009, 08:48 PM
شاعرنا المبجل مجدوب..
إذا كانت تمتماتك بهذا الجمال الفني ..
فترع كؤوسنا منها..
وأمسك عليك إفصاحك..
جميل..أيها الجميل..
كل المــودة..
الطيب كرفاح ... أهلا وسهلا بك متابعا ومرشدا لعمك مجذوب ألف شكر حبيبي

مجذوب العيد المشراوي
23/09/2009, 08:49 PM
أخي مجذوب العيد المشراوي
تحياتي
تمتماتٌ زاخرة بالمعاني والصور التي تدلّ على شاعريّة فذّة,,
دمتَ بخير

باسل أيها الباسل ... فقط أقول ... قلل ْ من التدخين يا رجل .. ههههههههه

مجذوب العيد المشراوي
23/09/2009, 08:51 PM
اخي الشاعر مجذوب
احييكم بحرارة ابياتكم الثرة
انها تمتمات معربات ، ومن عادة التمتمة ان تكون مبهمة !!!
لك ودي وتقديري .
د. محمد فتحي أيها البهي ّ ..


التمتمة هي ما لا يفهم من خفت الصوت فقط ... لذا كنت هكذا ... ربما ... ولا أدري ..فأنا ما قلت كثيرا بين السطور وكأنكم ما سمعتموه .... هههههه ودّي

مجذوب العيد المشراوي
23/09/2009, 08:53 PM
رائعة هذه القصيدة
قرأتها من قبل
وأعدت الآن فإذا جمالها متجدد
شكرا أيها القدير





ولسليمان الريح ..

أما أنت فمما أحب ّ ..


ترى هل ذهب عنك ما وجدت هههه

بس ْ

مختار عوض
23/09/2009, 10:28 PM
لون ٌ ... وأنت َ هناك َ تَبْدَأ ُ ماطِرَا = زهْر ٌ ... رحيقُكَ قَامَ يَنْسُجُ ساحِرَا
فلْتَحْتَرفْ لغَةَ الوَلِيد ِِ .. بَهِيَّة ٌ = فَشَذَا التَّمَائِمِ لا يُحِبُّك َ فاتِرَا
أدْرَكْت ُ كيْفَ الماء يَسْمَعُ بعضهُ=عندَ المسِيرِ وكيفَ يَنْزل ُ ذاكِرَا
ما تَرْسُم ُ الألوان َ غيرُ طلاقَة ٍ = تَنْتَابُنِي مثل َ اليَمَام ِ مُسافِرَا
أمْتَصّ ُ أبْخِرَة َ الحُروفِ مُحَاوِلا ً = أن ْ أسْتَعِيد َ إلى المَشَاعِر ِ شاعِرَا
لنْ أَسْتَريحَ بليْل ِ أي ِّ قصيدَة ٍ = ملْعُونَة ٍ تَرْضَى جَبِينِي فاجِرَا
أَتَرَصَّدُ الوَجَعَ الرَّزين َ ، أُعِينُهُ =حتى أُضِيف َ إلى الجَمَال ِ جَواهِرَا
جُمَلِي مَشَت ْ تَبِعَت ْ خُطَاي َ أَظنُّنِي =أَمْشِي إليَّ ، أُقِيم ُ حوْلِي ساتِرَا
جهْدِي أُحَاوِل ُ أن ْ أخِيط َ بلاغَة ً = بِحَريرِ خَفْقٍ يَبْتَغِينِي فَاخرَا
صَيَّرْت ُ كل َّ بلاهَة ٍ عَبَثَتْ بهِ = بَوْحِي خَريفًا ظل َّ إِثْرِي نَاثِرَا
عِنْدِي نِهَايَات الحَنِين ، تَقُودُنِي = نَحْوَ السَّرَابِ فَهَلْ أُجَنِّدُ حاضِرَا
كَيَّفْت ُ عُمْقَ نَقَاوَتِي فَلِمَ الهَوَى =يَجْتَازُ بَحْرِي مَسْتَبِدًّا زاجِرَا
مَرَّنْت ُ أسْئِلة َ الهُيَام ِ جَميعَهَا = فَبَدَا عبيرُ العِشْقِ فَوْقِي زاخِرَ ا
سَتَعُود ُ قَوْسِي مِنْ جَدِيد ٍ حرَّة ً = فَسِهَام ُ هذا الشِّعْر ِ تُرْبِك ُ سَاخِرَا


أين كانت هذه الفريدة أستاذتا الفاضل ؟!
أحيي بساطة عمقك ، وعمق بساطتك أيها الجميل الجميل ..
هذه مشكلتي مع شعرك دائما ..
أراه بسيطا في عمق ، ثم أراه عميقا في بساطة ..
دمت متفردا ...
تحيتي ومودتي ....

محمد حسن محمد الحاج
24/09/2009, 01:40 PM
عيدٌ ... وأقرأ شاعرا أم ساحرا = حرفٌ ... بكل الأبجدية ساخرا
أسعدتني وتركت قلبي هائماً = في ما كتبت وذي عيوني حائرة
ياأيها المجذوب شعرك روعة = وحقيقةٌ هي تمتماتٌ آسرة

....

كل عام وأنت بخير والشعر بخير

صغير خالد
24/09/2009, 03:43 PM
قصيدة جميلة آسرة
و فيها أخيلة كثيرة
تحيتي لك أستاذ مجذوب

محمد الأمين سعيدي
25/09/2009, 05:42 PM
إنّ أوّل طريق إلى النص الأدبيّ عامة ، والنص الشعريّ على وجه الخصوص هو عنوانه،الذي يُعتبر الناطق باسمه، والواجهة التي تظهره وتدلّ عليه،وأول ما تعانقه عين القارئ حين تشرع في قراءة نص معيّن.
ولهذا لم يكن العنوان" مجرّد حلية تزيينية يرصّع بها أعلى النص، بل هو أفق من التعبير واكتناه الدلالة وتساوق تكويني مع النص ومنجزه القيمي والجمالي."(1)
ومعنى هذا الكلام :أن العنوان يُمثل انسجاما فنيا وإبداعيا بينه وبين مضمون النص الدلاليّ وقيمته الجمالية،ومن ثمّ نستطيع الحكم على مدى انسجام النص مع بنيتة الدلالية .
وقصيدة "تمتمات" للمجذوب العيد المشراوي تغري قارئها بأكثر من مدخل ،وتستميله من أكثر من ناحية، ولذلك ستكون قرائتي لها قراءة أسلوبية مع الانفتاح على مداخل أخرى نفسية واجتماعية وسياقية.
وهذا "ما يبعد القراءة الأسلوبية الشعرية عن سجن النص،ويسير بها نحو تناغم الأصوات المعرفية،لإعادة إنتاج النص والإتسام بتنوّعه وتحوّلاته"(2)
فكلمة "تمتمات"التي اختارها الشاعر لتكون عنوانا لقصيدته ، والتي اشتقت من الفعل تمتم يتمتم،بمعنى تكلم بصوت يكاد يكون غير مسموع،توحي لنا أنّ النص ما هو إلا مجرّد إفضاءات واعترافات،كما لا يجب إغفال ما يحمله العنوان كذلك من نزعة صوفية طالما رأيناها لذا الشعراء عبر العصور المختلفة قديما وحديثا،فهي ـ أي التمتة ـ تحمل صفة الأذكار التي غالبا ما لا يجهر بها صاحبها بل تكون بينه وبين خالقة،لكن من يكون بالقرب منه يسمع هسيسها.
غير أنّ هذه التمتمات الخافتة تأخذ بعدا معاكسا لدلالتها داخل النص،فكأن هناك انحرافا معنويا بين دلالة العنوان وما يُعبر عنه عالم القصيدة.
إذ يبدأ الشاعر خافتا متمتما، لكنه سرعان ما ينطلق لسانه في محاججة طويلة ،واعترافات كثيرة تحمل كمّا هائلا من التمرّد و السخط وإن كانا يظهران بمظهر رقيق هادئ،مما يُشير إلى التضاد الموجود بين صخب المعنى وهدوء العبارة،وهذا أسلوب ليس من السهل بلوغه، فهو يدلّ على مدى قدرة الشاعر على اللغة،وتمكنه من ناصيتها، ووعيه التام بأدوات الكتابة التي يمتلكها،فهو يُسخرها تسخيرا كاملا لخدمة ما يريد هو أن يقوله لا ما تسوقه إليه اللغة و الموسيقى.
إن كل هذه الإفضاءات ، التي لا تتعدّى أن تكون تصفية لحساب الذات مع ذاتها،تحيلنا إلى أحد مفهومات الشعر، التي ترى أنه ـ أي الشعر ـ وليد صاحبه ومرآة عاكسة لأفكاره ونفسيته،ومن ذلك رأى أدونيس أن كل شعر هو امتداد لصاحبه،فكما قال:"ذلك هو وجوده وقد صيغ شعرا".(3)
وعليه نحن لا نريد أن نشرع في تحليل نفسية الكاتب،ولكنّ عملنا هذا وإن كان اهتمامه بالجانب الجمالي الصرف في النص،إلا أننا أثناء هذه العملية ستتضح لنا جليّا نفس الشاعر على الأقل في حالته هذه التي كان فيها وقت كتابة القصيدة.
يبدأ الشاعر قصيدته بمخاطبة ضمير مخاطَب مذكّر، يصفه بالمطر والعبق ،فهو في منظوره كالسحابة "ماطرا"لكنه بعيد عنه أو هذا ما يريد الشاعر أن يوهمنا به وذلك باستعماله كلمة "هناك"الدالة على بعد المكان،ثم إنّ كلمة "لون" التي تصدّرت النص ليست من قبيل الحشو اللغوي الذي يفرضه العروض،بل هي صانعة للوحة فنية رائعة داخل النص،تركها الشاعر لخيال القارئ لكي يركب بين عناصرها،فانعكاس أشعة الشمس عبر زخّات المطر يولّد لنا كوكبة من ألوان الطيف ، أو ما يُسمى بـ"قوس قزح"،ثم إنّ هذا المخاطب فوّاح بعبق رحيقه الذي قام ينسج ساحرا، ،وهنا تتركب الإستعارة بطريقة عجيبة وجميلة، تُظهـِر لنا العلاقة الجوهرية بين المطر و الرحيق فكأن هذا المخاطَب سقى زهره بمطره وزيّن سماءه بألوانه.
يقول الشاعر:
لون..وأنت هناك تبدأ ماطـرا=زهر..رحيقك قام ينسج ساحرا
ثمّ يُباغتنا الشاعر بفعل الأمر في البيت الثاني،بعدما افتتح القصيدة باسمين(لون/زهر)وبفعليْ مضارعة(تبدأ/ينسج)،طالبا من المخاطب أن يحترف لغة الوليد البهية،ثمّ ماهذه اللغة التي يريدها الشاعر؟لا ريب أنها اللغة البريئة التي لم تتلطّخ بالتنظيرات الكثيرة والمفاهيم المتعدّدة، إنها اللغة الأصيلة البهيّة ،التي تتجمّع في قلب الشعر قبل أن تنسكب في قلب الشاعر،ثمّ يذكرُ الشاعر "شذى التمائم" وهذا ما يرجعنا إلى عجز البيت الأول"قام ينسج ساحرا"فعلاقة الشذى بالتممائم هي هي علاقة الرحيق بالسحر ، غير أنّ إيرادها هنا ليس من باب التكرار العقيم، بل من باب التأكيد و التذكير، وكأن الشاعر يُحضرنا لمفاجأة كبيرة.وهي الإنقلاب الأسلوبيّ أو الإنحراف الذي لمس العبارة والمعنى،فقد انتقل الشاعر من مخاطبته لضمير المخاطب،إلى تحدثه بلسان الحاضر ،وهنا تبرز صورة الأنا صاخبة مدوية،مبتدءة ثورتها بفعل ماض"أدركت" وهنا يتضح لنا أنّ المخاطب في البيت الأوّل ما هو إلاّ الشاعر نفسه.
ثم لا نلبث أن تعاودنا صورة الالوان و المطر على لسان الشاعر في البيت الثالث،وهذا ما يؤكّد لنا أنه هو المخاطب الحاضر الذي عرفناه في بداية النص،إذ يقول الشاعر:
أدركتُ كيف الماء يسمع بعضه=عند المسير وكيف ينزل ذاكرا
ما ترسم الألوان غير طلاقـة=تنتابني مثل اليمـام مسافـرا
وهنا تظهر جلية صورة البيت الأوّل"لون..وأنت هناك تبدأ ماطرا" لكن هذه المرّة يُعطي الشاعر صفة اخرى للمطر وللألوان،فهو أي المطر" ينزل ذاكرا"و"الماء يسمع بعضه"ويُعطي صفة جديدة للالوان فهي ترسم طلاقة تنتاب الشاعر مسافرا مثل اليمام ..
من هنا نفهم أنّ عناصر:الماء/ المطر / الألوان /العبق،ما هي إلا ماء الشعر ونظارته وأريجه،وما يُؤكّد هذا هو قول الشاعر في البيت الرابع:
أمتص أبخرة الحروف محاولا=أن استعيد إلى المشاعر شاعرا
فكأن كل هذه العناصر السابقة :الذكر /الفهم/اللون/ السفر/التمائم/الشذى/المطر،ماهي إلا وسائل يُحاول الشاعر من خلالها أن يستعيد شاعرا إلى المشاعر،أو بتعبير أدق أن يعيد نفسه إلى مشاعره.
ثمّ لا نلبث كثيرا حتى نرى توجّه الشاعر يبدو لنا جليا واضحا، وذلك من خلال خلفيته الفكرية التي تأبى أن تركن إلى أيّ قصيدة ترضى الإفساد و الفجور،ومن هنا يبدو أن الشاعر قد اختار طريقه الشعريّ الذي ينأى عن البغي ويبتعد عن الضلال.
يقول الشاعر:
لن أستريح بليل أيّ قصيدة=ملعونة ترضى جبيني فاجرا
ثمّ ينطلق الشاعر متغنيا بالنهج السليم الذي سلكه ،وهو نهج الجمال الطاهر العفيف،الذي يسعى إلى البناء و التعمير ،لا إلى التخريب و التدمير،يقول الشاعر:
أترصّد الوجـع الرزين،أعينُـهُ=حتى أضيف إلى الجمال جواهرا
جملي مشت تبعت خطايَ أظنني=أمشي إليّ أقيم حولـي ساتـرا
جهدي أحاول أن أخيط بلاغـة=بحرير خفق يبتغينـي فاخـرا
وانطلاقا من هذه الأبيات يرفع الشاعر تحديّا في وجه كل من يُشكّك في شعريته أو في قدرته على صناعة الجواهر،فهو يؤكّد اتصاله الوثيق بشعره وذوابانه فيه،فجمله التي تبعت خطاه لا يلبث أن يقلبها بانحراف أسلوبيّ بديع إلى ذاته ،ومن ثم يُصبح كذلك يتبع خطاه،فكأنه هنا يُجسّد نظرية الحلول المعروفة عند بعض المتصوفة ، لكن بينه و بين شعره ، بينه و بين بلاغته التي يخيطها بخيوط قلبه الذي يريده دائما "فاخرا" ممتازا.
فهو يُراهن على قدرة أحاسيسه ومشاعره التي استطاعت أن تصيّر كل بلاهة أو بالأحرى كل أبله يعبث ببوح الشاعر إلى "خريف" ينثر أوراقه المتساقطة خلف الشاعر الذي يتجاوزه غير آبه به، يقول الشاعر:
صيّرت كلّ بلاهة عبثت به=بوحي خريفا ظل إثري ناثرا
وهنا يجب أن لا نغفل الإنحراف اللتركيبيّ في "عبثت به بوحي" فتقدير الجملة :عبثت ببوحي، لكنّ شاعرنا لا يسمح بمثل هذا الأمر ففصل بين العبث و بوحه بالضمير المتصل بالباء والذي يدلّ على غياب البوح حين العبث على الرغم من وجوده في عجز البيت وهذا من الإيحاءات الجميلة في هذه القصيدة.
ثمّ بعد هذا ينتقل الشاعر إلى عملية تصفية لأفكاره و أفعاله، متوّجا إيّاها بتساؤلات دقيقة متعلقة بمصير الشاعر مثل:"هل أجنّد حاضرا ؟"و"لم الهوى يجتاز بحري مستبدّا زاجرا ؟"ثمّ يُحاول أن يخرج من هذه الشكوك التي تكاد تخنقه ،وذلك من خلال البيتين الأخيرين، إذا يؤكّد على جدوى الشعر في ردّ سخرية الساخرين و حسد الحسّاد ، فهو التميمة الواقية من كلّ الأوجاع ، يقول الشاعر:
مرّنت أسئلة الهيـام جميعهـا=فبدا عبير العشق فوقي زاخرا
ستعود قوسي من جديد حـرّةً=فسهام هذا الشعر تربك ساخرا
خاتمة:أخيرا توصلنا القصيدة إلى أنّ هناك سمات أسلوبية لدى الشاعر ، تمكنه من صياغة أفكاره،وبناء منظوراته ، بسلاسة ، بعيدة عن الصناعة المكروهة ، والعفوية المترهّلة،فهو يمتلك "لغة الوليد" البهيّة البعيدة كل البعد عن التصنّع الذي يُؤدّي في أحايين كثيرة إلى خنق القصيدة تضييق أنفاسها.
كما أنه استطاع أن يثبت أنّ القصيدة العمودية قادرة على تمثل روح العصر واقتراح الجديد من خلال أساليب مبتكرة ، وصور خلاقة جميلة،ومن خلال قدرتها على بناء النص لبنة لبنة، مما يُحقق الوحدة العضوية و المعنوية ويُعزّز من حصانه النص من الإنفلات.
ثمّ إن اللغة الشعرية عند المجذوب العيد المشراوي في هذا النص ، متجددة و غير متكررة وهذا ما يجعل من النص جوهرة فريدة تضاف إلى رصيد هذا الشاعر الجميل.
الهوامش:
(1)د.علي حدّاد،عشبة آزال ـ قراءات في الشعر اليمني المعاصرـ،منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق 2002،ص112.
(2)د. بشرى موسى صالح،نظرية التلقي أصول وتطبيقات،المركز الثقافي العربي،الطبعة الأولى 2001،ص141.
(3)د.فاتح علاّق، مفهوم الشعر عن روّاد الشعر الحر،منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق2005 ،ص94.

حكمت نوايسة
26/09/2009, 12:31 AM
الله الله
سَتَعُود ُ قَوْسِي مِنْ جَدِيـد ٍ حـرَّة ًفَسِهَام ُ هذا الشِّعْر ِ تُرْبِك ُ سَاخِرَا
وهل ذهبت سهامه يا صديقي؟؟؟
أظنّها مريشةً لم تفارق جعبتك
دم بكل هذا الألق والشباب والشعر
مودّتي الدائمة

محمد ابراهيم الخطيب
26/09/2009, 02:40 AM
لقد نسج الرحيق ساحراً فأبدع هذه التمتمات الساحرة
تحيتي وإعجابي

فتحي عوض
26/09/2009, 03:57 AM
اخي مجذوب المشراوي..
والله يا اخي العزيز..انا تعجبت..إذا كانت هذه ( تمتماتنا )..
فما بالنا لا نستطيع ولا حتى الدفاع عن حق من حقوقنا ؟؟؟!!!
افتح لهم مدرسة وعلمهم ( التمتمة ) يا رجل ..تكسب أجرا..
على سعادة لي بالطبع ان يكون لنا تمتمات كهذه..
وتحية ومودة أخيك..
فتحي عوض..

عيسى عدوي
26/09/2009, 10:14 AM
همس القلب وتمتم ...فاستمع له الفكر فترجم ...و تلقفه اللسان فتكلم .....فيا لها من قوس في يدي باريها
ونحن في انتظار المزيد من هذا الإبداع الجميل
مودتي لك ايها الشاعر الجميل

محمَّد زين الشفيع أحمد
26/09/2009, 11:51 AM
جَميلٌ نَبْضُكَ أيُّها الْفِطَحلُ ، وأيُّها الْمجذوبُ .
فلعلَّكَ قدْ ذكَّرتني بأهليَ الْمجاذيبِ هناك في دَامرِهِمُ تلكَ الْجميلة ، سيَّما وأنَّهم مِثْلُكَ أهلُ لغةٍ وقُرآنٍ وأدَب.
شكرًا لكَ ، فحرفُكَ أراهُ كاسمِكَ ينجَذِبُ نحوَ الْجمالِ وسِحْرِهْ .
تقديري .

أخوك / محمَّد زين .

مجذوب العيد المشراوي
26/09/2009, 01:36 PM
الله الله يا شاعري.. الله
هذه للتثبيت ولي إليها عودة أكيدة..
أستغرب كيف فاتنا التوقيع على هكذا جمال..
والله إني محبوسة هنا منذ ساعة وزيادة وأنا أتأمل!
لاشُلت يمينك...
وحتى أعود.. تقبل فائض مودتي وتقديري
..



منى مرور بكل بهائه كان هنا ألف شكر بنيّتي الكريمة

مجذوب العيد المشراوي
26/09/2009, 01:39 PM
أين كانت هذه الفريدة أستاذتا الفاضل ؟!
أحيي بساطة عمقك ، وعمق بساطتك أيها الجميل الجميل ..
هذه مشكلتي مع شعرك دائما ..
أراه بسيطا في عمق ، ثم أراه عميقا في بساطة ..
دمت متفردا ...
تحيتي ومودتي ....
......


مختار أيها الأنيق مرور مضيىء هنا ألف شكر حبيبي

مجذوب العيد المشراوي
26/09/2009, 01:42 PM
عيدٌ ... وأقرأ شاعرا أم ساحرا = حرفٌ ... بكل الأبجدية ساخرا
أسعدتني وتركت قلبي هائماً = في ما كتبت وذي عيوني حائرة
ياأيها المجذوب شعرك روعة = وحقيقةٌ هي تمتماتٌ آسرة
....
كل عام وأنت بخير والشعر بخير
........


محمد حسن أيها الجميل مرورك دوما إضافة للنص حبيبي ألف شكر

مجذوب العيد المشراوي
26/09/2009, 01:44 PM
قصيدة جميلة آسرة
و فيها أخيلة كثيرة
تحيتي لك أستاذ مجذوب

صغي ايها الجميل مرور بهي هنا الف شكر حبيبي

مجذوب العيد المشراوي
26/09/2009, 01:47 PM
إنّ أوّل طريق إلى النص الأدبيّ عامة ، والنص الشعريّ على وجه الخصوص هو عنوانه،الذي يُعتبر الناطق باسمه، والواجهة التي تظهره وتدلّ عليه،وأول ما تعانقه عين القارئ حين تشرع في قراءة نص معيّن.
ولهذا لم يكن العنوان" مجرّد حلية تزيينية يرصّع بها أعلى النص، بل هو أفق من التعبير واكتناه الدلالة وتساوق تكويني مع النص ومنجزه القيمي والجمالي."(1)
ومعنى هذا الكلام :أن العنوان يُمثل انسجاما فنيا وإبداعيا بينه وبين مضمون النص الدلاليّ وقيمته الجمالية،ومن ثمّ نستطيع الحكم على مدى انسجام النص مع بنيتة الدلالية .
وقصيدة "تمتمات" للمجذوب العيد المشراوي تغري قارئها بأكثر من مدخل ،وتستميله من أكثر من ناحية، ولذلك ستكون قرائتي لها قراءة أسلوبية مع الانفتاح على مداخل أخرى نفسية واجتماعية وسياقية.
وهذا "ما يبعد القراءة الأسلوبية الشعرية عن سجن النص،ويسير بها نحو تناغم الأصوات المعرفية،لإعادة إنتاج النص والإتسام بتنوّعه وتحوّلاته"(2)
فكلمة "تمتمات"التي اختارها الشاعر لتكون عنوانا لقصيدته ، والتي اشتقت من الفعل تمتم يتمتم،بمعنى تكلم بصوت يكاد يكون غير مسموع،توحي لنا أنّ النص ما هو إلا مجرّد إفضاءات واعترافات،كما لا يجب إغفال ما يحمله العنوان كذلك من نزعة صوفية طالما رأيناها لذا الشعراء عبر العصور المختلفة قديما وحديثا،فهي ـ أي التمتة ـ تحمل صفة الأذكار التي غالبا ما لا يجهر بها صاحبها بل تكون بينه وبين خالقة،لكن من يكون بالقرب منه يسمع هسيسها.
غير أنّ هذه التمتمات الخافتة تأخذ بعدا معاكسا لدلالتها داخل النص،فكأن هناك انحرافا معنويا بين دلالة العنوان وما يُعبر عنه عالم القصيدة.
إذ يبدأ الشاعر خافتا متمتما، لكنه سرعان ما ينطلق لسانه في محاججة طويلة ،واعترافات كثيرة تحمل كمّا هائلا من التمرّد و السخط وإن كانا يظهران بمظهر رقيق هادئ،مما يُشير إلى التضاد الموجود بين صخب المعنى وهدوء العبارة،وهذا أسلوب ليس من السهل بلوغه، فهو يدلّ على مدى قدرة الشاعر على اللغة،وتمكنه من ناصيتها، ووعيه التام بأدوات الكتابة التي يمتلكها،فهو يُسخرها تسخيرا كاملا لخدمة ما يريد هو أن يقوله لا ما تسوقه إليه اللغة و الموسيقى.
إن كل هذه الإفضاءات ، التي لا تتعدّى أن تكون تصفية لحساب الذات مع ذاتها،تحيلنا إلى أحد مفهومات الشعر، التي ترى أنه ـ أي الشعر ـ وليد صاحبه ومرآة عاكسة لأفكاره ونفسيته،ومن ذلك رأى أدونيس أن كل شعر هو امتداد لصاحبه،فكما قال:"ذلك هو وجوده وقد صيغ شعرا".(3)
وعليه نحن لا نريد أن نشرع في تحليل نفسية الكاتب،ولكنّ عملنا هذا وإن كان اهتمامه بالجانب الجمالي الصرف في النص،إلا أننا أثناء هذه العملية ستتضح لنا جليّا نفس الشاعر على الأقل في حالته هذه التي كان فيها وقت كتابة القصيدة.
يبدأ الشاعر قصيدته بمخاطبة ضمير مخاطَب مذكّر، يصفه بالمطر والعبق ،فهو في منظوره كالسحابة "ماطرا"لكنه بعيد عنه أو هذا ما يريد الشاعر أن يوهمنا به وذلك باستعماله كلمة "هناك"الدالة على بعد المكان،ثم إنّ كلمة "لون" التي تصدّرت النص ليست من قبيل الحشو اللغوي الذي يفرضه العروض،بل هي صانعة للوحة فنية رائعة داخل النص،تركها الشاعر لخيال القارئ لكي يركب بين عناصرها،فانعكاس أشعة الشمس عبر زخّات المطر يولّد لنا كوكبة من ألوان الطيف ، أو ما يُسمى بـ"قوس قزح"،ثم إنّ هذا المخاطب فوّاح بعبق رحيقه الذي قام ينسج ساحرا، ،وهنا تتركب الإستعارة بطريقة عجيبة وجميلة، تُظهـِر لنا العلاقة الجوهرية بين المطر و الرحيق فكأن هذا المخاطَب سقى زهره بمطره وزيّن سماءه بألوانه.
يقول الشاعر:
لون..وأنت هناك تبدأ ماطـرا=زهر..رحيقك قام ينسج ساحرا
ثمّ يُباغتنا الشاعر بفعل الأمر في البيت الثاني،بعدما افتتح القصيدة باسمين(لون/زهر)وبفعليْ مضارعة(تبدأ/ينسج)،طالبا من المخاطب أن يحترف لغة الوليد البهية،ثمّ ماهذه اللغة التي يريدها الشاعر؟لا ريب أنها اللغة البريئة التي لم تتلطّخ بالتنظيرات الكثيرة والمفاهيم المتعدّدة، إنها اللغة الأصيلة البهيّة ،التي تتجمّع في قلب الشعر قبل أن تنسكب في قلب الشاعر،ثمّ يذكرُ الشاعر "شذى التمائم" وهذا ما يرجعنا إلى عجز البيت الأول"قام ينسج ساحرا"فعلاقة الشذى بالتممائم هي هي علاقة الرحيق بالسحر ، غير أنّ إيرادها هنا ليس من باب التكرار العقيم، بل من باب التأكيد و التذكير، وكأن الشاعر يُحضرنا لمفاجأة كبيرة.وهي الإنقلاب الأسلوبيّ أو الإنحراف الذي لمس العبارة والمعنى،فقد انتقل الشاعر من مخاطبته لضمير المخاطب،إلى تحدثه بلسان الحاضر ،وهنا تبرز صورة الأنا صاخبة مدوية،مبتدءة ثورتها بفعل ماض"أدركت" وهنا يتضح لنا أنّ المخاطب في البيت الأوّل ما هو إلاّ الشاعر نفسه.
ثم لا نلبث أن تعاودنا صورة الالوان و المطر على لسان الشاعر في البيت الثالث،وهذا ما يؤكّد لنا أنه هو المخاطب الحاضر الذي عرفناه في بداية النص،إذ يقول الشاعر:
أدركتُ كيف الماء يسمع بعضه=عند المسير وكيف ينزل ذاكرا
ما ترسم الألوان غير طلاقـة=تنتابني مثل اليمـام مسافـرا
وهنا تظهر جلية صورة البيت الأوّل"لون..وأنت هناك تبدأ ماطرا" لكن هذه المرّة يُعطي الشاعر صفة اخرى للمطر وللألوان،فهو أي المطر" ينزل ذاكرا"و"الماء يسمع بعضه"ويُعطي صفة جديدة للالوان فهي ترسم طلاقة تنتاب الشاعر مسافرا مثل اليمام ..
من هنا نفهم أنّ عناصر:الماء/ المطر / الألوان /العبق،ما هي إلا ماء الشعر ونظارته وأريجه،وما يُؤكّد هذا هو قول الشاعر في البيت الرابع:
أمتص أبخرة الحروف محاولا=أن استعيد إلى المشاعر شاعرا
فكأن كل هذه العناصر السابقة :الذكر /الفهم/اللون/ السفر/التمائم/الشذى/المطر،ماهي إلا وسائل يُحاول الشاعر من خلالها أن يستعيد شاعرا إلى المشاعر،أو بتعبير أدق أن يعيد نفسه إلى مشاعره.
ثمّ لا نلبث كثيرا حتى نرى توجّه الشاعر يبدو لنا جليا واضحا، وذلك من خلال خلفيته الفكرية التي تأبى أن تركن إلى أيّ قصيدة ترضى الإفساد و الفجور،ومن هنا يبدو أن الشاعر قد اختار طريقه الشعريّ الذي ينأى عن البغي ويبتعد عن الضلال.
يقول الشاعر:
لن أستريح بليل أيّ قصيدة=ملعونة ترضى جبيني فاجرا
ثمّ ينطلق الشاعر متغنيا بالنهج السليم الذي سلكه ،وهو نهج الجمال الطاهر العفيف،الذي يسعى إلى البناء و التعمير ،لا إلى التخريب و التدمير،يقول الشاعر:
أترصّد الوجـع الرزين،أعينُـهُ=حتى أضيف إلى الجمال جواهرا
جملي مشت تبعت خطايَ أظنني=أمشي إليّ أقيم حولـي ساتـرا
جهدي أحاول أن أخيط بلاغـة=بحرير خفق يبتغينـي فاخـرا
وانطلاقا من هذه الأبيات يرفع الشاعر تحديّا في وجه كل من يُشكّك في شعريته أو في قدرته على صناعة الجواهر،فهو يؤكّد اتصاله الوثيق بشعره وذوابانه فيه،فجمله التي تبعت خطاه لا يلبث أن يقلبها بانحراف أسلوبيّ بديع إلى ذاته ،ومن ثم يُصبح كذلك يتبع خطاه،فكأنه هنا يُجسّد نظرية الحلول المعروفة عند بعض المتصوفة ، لكن بينه و بين شعره ، بينه و بين بلاغته التي يخيطها بخيوط قلبه الذي يريده دائما "فاخرا" ممتازا.
فهو يُراهن على قدرة أحاسيسه ومشاعره التي استطاعت أن تصيّر كل بلاهة أو بالأحرى كل أبله يعبث ببوح الشاعر إلى "خريف" ينثر أوراقه المتساقطة خلف الشاعر الذي يتجاوزه غير آبه به، يقول الشاعر:
صيّرت كلّ بلاهة عبثت به=بوحي خريفا ظل إثري ناثرا
وهنا يجب أن لا نغفل الإنحراف اللتركيبيّ في "عبثت به بوحي" فتقدير الجملة :عبثت ببوحي، لكنّ شاعرنا لا يسمح بمثل هذا الأمر ففصل بين العبث و بوحه بالضمير المتصل بالباء والذي يدلّ على غياب البوح حين العبث على الرغم من وجوده في عجز البيت وهذا من الإيحاءات الجميلة في هذه القصيدة.
ثمّ بعد هذا ينتقل الشاعر إلى عملية تصفية لأفكاره و أفعاله، متوّجا إيّاها بتساؤلات دقيقة متعلقة بمصير الشاعر مثل:"هل أجنّد حاضرا ؟"و"لم الهوى يجتاز بحري مستبدّا زاجرا ؟"ثمّ يُحاول أن يخرج من هذه الشكوك التي تكاد تخنقه ،وذلك من خلال البيتين الأخيرين، إذا يؤكّد على جدوى الشعر في ردّ سخرية الساخرين و حسد الحسّاد ، فهو التميمة الواقية من كلّ الأوجاع ، يقول الشاعر:
مرّنت أسئلة الهيـام جميعهـا=فبدا عبير العشق فوقي زاخرا
ستعود قوسي من جديد حـرّةً=فسهام هذا الشعر تربك ساخرا
خاتمة:أخيرا توصلنا القصيدة إلى أنّ هناك سمات أسلوبية لدى الشاعر ، تمكنه من صياغة أفكاره،وبناء منظوراته ، بسلاسة ، بعيدة عن الصناعة المكروهة ، والعفوية المترهّلة،فهو يمتلك "لغة الوليد" البهيّة البعيدة كل البعد عن التصنّع الذي يُؤدّي في أحايين كثيرة إلى خنق القصيدة تضييق أنفاسها.
كما أنه استطاع أن يثبت أنّ القصيدة العمودية قادرة على تمثل روح العصر واقتراح الجديد من خلال أساليب مبتكرة ، وصور خلاقة جميلة،ومن خلال قدرتها على بناء النص لبنة لبنة، مما يُحقق الوحدة العضوية و المعنوية ويُعزّز من حصانه النص من الإنفلات.
ثمّ إن اللغة الشعرية عند المجذوب العيد المشراوي في هذا النص ، متجددة و غير متكررة وهذا ما يجعل من النص جوهرة فريدة تضاف إلى رصيد هذا الشاعر الجميل.
الهوامش:
(1)د.علي حدّاد،عشبة آزال ـ قراءات في الشعر اليمني المعاصرـ،منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق 2002،ص112.
(2)د. بشرى موسى صالح،نظرية التلقي أصول وتطبيقات،المركز الثقافي العربي،الطبعة الأولى 2001،ص141.
(3)د.فاتح علاّق، مفهوم الشعر عن روّاد الشعر الحر،منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق2005 ،ص94.
.......


محمد النقد البناء دوما هو إضافة خلاقة للنص الأصلي وقد رأيت هذا مما هو كذلك ..

الشعراء يكتشوف أبعادهم الدلالية من النظرة الثاقبة للنقد المنهجي والمحايد جدا
أحييك