المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : 1 ـ ترجمات : إسرائيل تفقد هيبتها بعد الفشل في تحقيق أهداف الحرب



الدكتورمروان الجاسمي الظفيري
12/12/2006, 06:52 AM
1 ـ ترجمات :
إسرائيل تفقد هيبتها بعد الفشل في تحقيق أهداف الحرب
تأليف :رونو جيرار

http://www.albayan.ae/servlet/Satellite?blobcol=urllowres&blobheader=image%2Fjpeg&blobkey=id&blobnocache=false&blobtable=CImage&blobwhere=1164625555553&ssbinary=true

يستمد هذا الكتاب أهميته من أهمية الموضوع الذي يتناوله وهو الحرب الإسرائيلية الأخيرة ضد لبنان بالتحليل والتمحيص من حيث الأخطاء الفادحة التي ارتكبتها إسرائيل فساهمت في تحويل النصر المفترض إلى هزيمة حقيقية.


مؤلف الكتاب رونو جيرار، وهو صحافي فرنسي يعمل لصالح جريدة «لوفيغارو» كمراسل حربي منذ 1984، حيث قام بتغطية العديد من النزاعات في آسيا وإفريقيا والبلقان والقوقاز والشرق الأوسط، وكان هو الصحافي الأجنبي الوحيد من الصحافة المكتوبة الذي رافق الجنود الإسرائيليين طيلة الحرب.


يقدّم جيرار في هذا الكتاب الذي يحمل العنوان الدال حرب إسرائيل الفاشلة ضد حزب الله، صورة عن حالة التشوش والتخبط التي عرفها الإسرائيليون في ظل سياسة انتهجها قادة وجنرالات عسكريون وجدوا أنفسهم مشدوهين أمام المقاومة الواسعة والمنظمة لمقاتلي حزب الله.


«ما بين الثاني عشر من شهر يوليو والرابع عشر من شهر أغسطس 2006 قامت إسرائيل لمدة شهر بعمليات جوية وبرية ضد حزب الله في جنوب لبنان.. ولا شك أن هذا الشهر من العمليات ستتم دراسته في المدارس الحربية الغربية باعتباره النموذج لحرب غير متكافئة فاشلة تشنها دولة ديمقراطية ضد حركة تتبنى حرب العصابات.. حرب سيئة التصميم وسيئة القيادة.. حرب مجهضة.. أما أسباب فشلها فهي سياسية واستراتيجية بمقدار ما هي تكتيكية».


بهذه الكلمات يبدأ المؤلف كتابه عن الحرب الإسرائيلية الأخيرة ضد لبنان.. ورغم اختياره للتعابير التي تتضمن موقفاً سياسياً وأيديولوجيا «متحيزاً»، إلا أنه يبدأ بالاعتراف أيضاً بـ «فشل» تلك الحرب.. وذلك لأنها لم تحقق هدفيها الأساسيين اللذين أعلن عنهما رئيس الوزراء الإسرائيلي «أولمرت» منذ البداية وهما التحرير غير المشروط للجنديين الأسيرين لدى حزب الله نتيجة العملية التي قام بها مقاتلوه يوم 12 يوليو 2006. وتحطيم البنية العسكرية لهذا الحزب.


وهذا ما يعلق عليه مؤلف الكتاب بالقول: «من الصعب اليوم رؤية كيف يمكن إرغام مقاتلي حزب الله على إلقاء أسلحتهم ومنع هذا الحزب من التنسيق مع حركة حماس، التي كان فرعها العسكري قد أسر بتاريخ 25 يونيو العريف الإسرائيلي جلعاد شليت ـ للحصول من إسرائيل على عملية تبادل للسجناء».


ويشير المؤلف إلى أن حزب الله لن يقبل بمبادلة الخمسة عشر سجين لبناني بالجنديين الإسرائيليين الأسيرين لديه، ذلك انه أثناء عملية تبادل الأسرى التي تمت في عام 2004 رضخ رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك ارييل شارون لمطالب حزب الله وقبل إطلاق سراح 430 سجيناً لبنانياً وفلسطينياً مقابل بقايا ثلاثة جنود إسرائيليين كانوا قد قتلوا أثناء اشتباك مع حزب الله عام 2000 بالإضافة إلى إطلاق سراح تاجر المخدرات الإسرائيلي، تنباوم «الذي كان حزب الله قد دفعه للوقوع في «فخ» نصبه له.


وبالتالي ليس هناك ما يدعو للاعتقاد بأن حزب الله قد يقبل بأية «صفقة» لمبادلة السجناء والأسرى لا تشمل سجناء فلسطينيين.وإذا كان مؤلف هذا الكتاب يرفض أن يطلق على ما أنجزته المقاومة اللبنانية «انتصاراً استراتيجياً تاريخياً»، حسب تعبير الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، فإنه لا يتردد بالمقابل في القول «ان عمليات التدمير الكبيرة لا يمكن أن تكون لصالح مصداقية إسرائيل ذلك ان رد الدولة اليهودية على خطف الجنديين الإسرائيليين كان بالوقت نفسه مبالغ به جداً ومشوش جداً»، لكنه يشير في السياق نفسه إلى آراء بعض المراقبين الذين يرون أن:


«القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن الدولي يمثل تقدماً حقيقياً بالنسبة لإسرائيل، وذلك بوجود قوات دولية «معززة»، ولكن التجربة دلت، كما يشير المؤلف نفسه إلى أنه من النادر تطبيق قرارات منظمة الأمم المتحدة وخاصة من قبل إسرائيل..


ثم أن قوات «اليونيفيل» قد جرى تعزيزها عددياً، لكن مهماتها لم تتغير في واقع الأمر، فمثلاً إذا وجد ذوو القبعات الزرقاء» من القوات الدولية أنفسهم أمام مظاهرة لمقاتلي حزب الله وهم يحملون رشاشات الكلاشنكوف، فهل سيتصدون لهم مباشرة ويجردونهم من أسلحتهم؟ يتساءل المؤلف ويجيب مباشرة: «بالطبع كلا».


فقدان المصداقية


بالمقابل إذا كانت إسرائيل قد حققت الوصول إلى إجراءات ترمي إلى منع وصول الأسلحة إلى حزب الله، مثل وجود المراقبين الدوليين على الحدود البرية وقبول البحرية العسكرية الألمانية القيام بدوريات مقابل الشواطئ اللبنانية، فإنها أثارت حفيظة الرأي العام العالمي، باستثناء الأميركي.


كما أنها فقدت نسبة كبيرة من مصداقية قدرتها على الردع عبر بروز نقاط الضعف لدى جيشها. ويشير المؤلف ضمن السياق نفسه إلى أن أغلبية كاتبي الافتتاحيات المستقلين في إسرائيل يصفون حربها الأخيرة بأنها «فاشلة» وكذلك يطلق عليها نفس الصفة 63% من الإسرائيليين كما دل استطلاع للرأي في مطلع شهر سبتمبر 2006.


ويبدو «الفشل» أكبر لاسيما وأن الحكومة الإسرائيلية كانت تحظى بتأييد الرأي العام الإسرائيلي إلى حد كبير اثر الحملة الإعلامية التي قامت بها مباشرة بعد عملية حزب الله يوم 12 يوليو وأسر الجنديين الإسرائيليين وقتل ثمانية جنود إسرائيليين آخرين. يقول المؤلف: «إن الحكومة الإسرائيلية.


وبدلاً من أن تتريث وتحلل بهدوء ما جرى ـ عملية حزب الله ـ فإن مؤسستها السياسية ـ العسكرية أفرطت في بياناتها الداعية للثأر، وكان أول من عبر عن ذلك رئيس الأركان دان حالوتس، الطيار، أصلاً، الذي حدد بعد ساعتين فقط من الإعلان عن العملية بأنه سيعود بلبنان عشرين سنة إلى الوراء. وقد رأى الدبلوماسيون الأجانب المعتمدون في إسرائيل بذلك مصدراً للقلق بالنسبة لبلد يقول انه «ديمقراطي» بينما يقوم عسكري بإطلاق التصريحات فيه قبل السلطات السياسية.


ولم يقاوم رئيس الوزراء إيهود أولمرت «حمى» المزايدة الكلامية إذ «ماذا كان يدعوه إلى الإعلان بأن إسرائيل لن تقوم أبداً بمبادلة السجناء وبأنه سوف يقتل نصر الله وينجح في تفكيك قواته؟ «يتساءل مؤلف هذا الكتاب ثم يضيف: «عند القيام بحرب، بمقدار ما يكون الكلام أقل تكون الحالة أفضل». وحيث ان «الإفراط في الكلام «ساهم في كشف الاستراتيجية للخصوم و«عدو صامت هو دائماً أكثر إثارة للرعب من عدو يعلن نواياه على الملأ، وكتمان النوايا كان دائماً ركيزة من ركائز الردع».


وقد أبدى الإسرائيليون في حربهم الأخيرة «الكثير من الكلام والقليل من التفكير مع الاستعجال في التحرك»، إذ قبل أقل من أربع وعشرين ساعة من أسر الجنديين الإسرائيليين من قبل حزب الله قامت إسرائيل بعمليات قصف مكثفة للأراضي اللبنانية.. وهذا يطرح، برأي مؤلف هذا الكتاب، العديد من الأسئلة مثل: «لماذا استعجل الجيش الإسرائيلي وقام بعملياته بتلك السرعة؟


ولماذا لم ينتظر مثلاً خمسة عشر يوماً قبل ان يتحرك؟» ومثل هذه الأسئلة تطرح لاسيما وانه لم يكن ممكناً الاستفادة من عنصر المفاجأة بالنسبة لمقاتلي حزب الله الذين كانوا يستعدون لتلك المواجهة منذ ست سنوات، أضف إلى ذلك ان التريث ربما كان قد سمح لإسرائيل ان تحضر جيشها استراتيجيا لخوض الحرب ضد مقاتلين يجيدون حرب العصابات وربما أيضا لتحديد أهداف أكثر واقعية. ثم كانت هناك مسألة تحضير الرأي العام العالمي.


لكن إسرائيل لم تأبه لذلك كله وقامت مباشرة بقصف مطار بيروت الدولي ودخلت منذ اليوم الأول في «استراتيجية للعقاب الجماعي»، وبدا ان عمليات القصف الجوي، كما اختارت إسرائيل، لها نتائج سيئة جداً بالنسبة للإسرائيليين. لقد تكشف أولاً عدم فاعليتها عسكرياً ضد مقاتلي حزب الله الذين أظهروا انهم «معلمون بارعون» في فن التمويه والتخفي..


وأدت أيضاً إلى سخط الرأي العام في أوروبا بسبب الخسائر الفادحة التي لحقت بالسكان المدنيين اللبنانيين. وهذا ما يدفع بمؤلف هذا الكتاب إلى القول: «على عكس الفكرة السائدة جداً في إسرائيل والقائلة ان هذه لا تستطيع الاكتفاء بتحالفها العسكري الواقعي مع أميركا، فإن الدولة العبرية هي بحاجة حيوية لعلاقات جيدة مع أوروبا، شريكها التجاري الأول».


ويؤكد المؤلف بقوله: «من الوهم الاعتقاد انه بمقدار ما يتم صب الحمم على بلد من دون أي تمييز في الأهداف وبمقدار ما يتم تدميره أكثر فإنه يتم أيضا إخضاع مختلف مكونات سكانه»®. ولكن دروس التاريخ أثبتت ان مثل هذه المقولة لم تثبت صحتها في فيتنام ضد ثوار الفيايتكونغ، وليس هناك ما يدعو بالاعتقاد بأنها قد تنجح في لبنان، وكان الهدف الرئيسي المنشود من عمليات القصف هو إبعاد اللبنانيين عن حزب الله.


«لكن النتيجة جاءت معكوسة تماماً إذ ان اللبنانيين كلهم أظهروا تضامنهم مع حزب الله. بل والأسوأ من هذا، إذ تغيرت مكانة هذا الحزب على المستوى الوطني إذ بعد ان كان مسموحاً به في الحياة السياسية اللبنانية أصبح اليوم قوة فاعلة رئيسية»، كما يقول المؤلف ثم يستشهد باستطلاع للرأي نشرته صحيفة «لوريان لوجور» اللبنانية باللغة الفرنسية يوم 3 سبتمبر 2006 وأظهر ان 49% من اللبنانيين يعارضون نزع سلاح حزب الله.


وجاءت بعد ذلك عملية الهجوم البري الذي قام به الجيش الإسرائيلي باتجاه قرى جنوب لبنان.. وهذا ما كان ينتظره تحديداً مقاتلو حزب الله الذين يجيدون تماماً فن نصب الكمائن، وحيث كان قد جرى تزويدهم بأحدث الأسلحة المضادة للدروع.. وأصبح قتل كل جندي إسرائيلي، من أصل الـ 116، حسب الرقم الذي يقدمه مؤلف هذا الكتاب لعدد القتلى من الجنود الإسرائيليين خلال الحرب، بمثابة انتصار استراتيجي لحسن نصرالله الذي حيته الجماهير، المكبوتة سياسياً في العالم العربي ـ الإسلامي.


أمل فاشلة


يرى المؤلف انه خلال الثماني والأربعين ساعة الأخيرة من الحرب حيث كانت الحكومة الإسرائيلية قد أدركت بأنها ستقبل وقف إطلاق النار الذي فرضته الأمم المتحدة، قام الجيش الإسرائيلي بمحاولة الاقتراب والوصول إلى نهر الليطاني بدافع الأمل «الطفولي بإنقاذ سمعته الداخلية والخارجية. فعلى الصعيد الداخلي أراد أن يبرر واقع انه يستهلك 60% من ميزانية الدولة اليهودية، وخارجياً سعى إلى ترميم صورته باعتباره وسيلة الردع التي تمتلكها إسرائيل في المنطقة «وكانت تلك العملية باهظة التكلفة بمقدار ما كانت غير مفيدة».


وما يتم التأكيد عليه هو أن إسرائيل لم تمتلك أبداً التحليل الصحيح طيلة الحرب حول نقاط قوة الخصم. كما كانت قد أظهرت تردداً مهماً إسرائيلياً، تحت وقع فكرة ان عليها ان تحتل من جديد بعض الأراضي اللبنانية وأيضاً بسبب منظور تكبدها خسائر بشرية كبيرة بين قوات جيشها «إذ كيف يمكن تبرير مقتل العشرات بل وربما المئات من أجل محاولة إطلاق سراح أسيرين؟!».


راهنت إسرائيل أولاً على عمليات القصف الجوي. وعندما لم تأت هذه بالنتائج المطلوبة لجأت إلى القيام بعمليات تغلغل بري محدودة أولا ثم أضافت قبل وقف إطلاق النار اجتياحها الشامل وما يؤكده مؤلف هذا الكتاب هو أن الجيش الإسرائيلي كان يملك في «علب كرتون» مخططا لعملية برية تكمن في الوصول سريعا إلى نهر الليطاني، ثم العودة نحو الحدود الإسرائيلية وتمشيط المنطقة من جيوب حزب الله، وكان من المفترض أن يلعب سلاح الجو دور مساندة القوات الأرضية، لكن الحكومة الإسرائيلية توهمت أنها تستطيع التقدم بنفس الوقت على الصعيد العسكري كما على الصعيد الدبلوماسي.


وهذا هو السبب، برأي المؤلف الذي دعا الضباط والجنود الاحتياطيين إلى شن نقد عنيف، فور دخول قرار وقف إطلاق النار حيز التطبيق. ضد الحكومة وقيادة الجيش على أساس أنهما كانتا وراء دفعهم دون أي تحضير في مغامرة باهظة الثمن ولم تنته بالنصر.


وتتم الإشارة في هذا السياق إلى أن الجيش الإسرائيلي قد فقد الكثير من تصميمه وخبرته القتالية منذ عشرين عاما عندما جرى استخدامه في عمليات القمع البوليسي ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة. وبحيث انه أصبح على «جنود النخبة الإسرائيليين» في وحدات «غولاني» و «جيفعاتي» و «ووحدات المظليين»®. الخ «تعلم القتال من جديد ضد عدو جيد التسليح والتصميم» ثم ان الدبابات الثقيلة جداً والكبيرة جداً والصاخبة جداً ـ ينبغي وضعها جانبا واللجوء إلى وحدات صغيرة متحركة مثل مجموعات «كوماندوز» مؤلفة من حوالي عشرة أشخاص.


ارتجال الحكومة


«لقد رصدنا منذ فترة طويلة محوراً جديداً للشر في الشرق الأوسط ويتكون من حماس وحزب الله وسوريا وإيران.. هذا المحور، المعادي للغرب عامة أيضا، يجد لحمته بواسطة طموح مشترك هو إزالة إسرائيل من الخارطة وإفشال الجهود الغربية الرامية إلى إيجاد حل يقول بوجود دولتين تعيشان بسلام بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن».


هذا ما قاله شيمون بيريز، نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي صبيحة يوم 13يوليو 2006 لمؤلف هذا الكتاب في تل أبيب ثم أضاف: «لقد أصبح حزب لله هو عنصر التحريض الأساسي في المنطقة، كما تدخل لمنع الوصول إلى أي حل محتمل للأزمة التي أثارتها حماس..


وخطأ حزب الله ـ الذي كان أيضا هو خطأ حماس ـ يتمثل في مراهنته على ضعف الحكومة الإسرائيلية ـ هكذا أصبح هدفنا حاليا هو التخلص من تهديد حزب الله المسلط على حدودنا الشمالية والذي تزايد تدريجيا منذ عام 2000 ـ أي منذ الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان ـ ثم اننا لم نعد نستطيع قبول منطق حكومة بيروت في القول لنا انها لا تسيطر على حزب الله وتطلب بنفس الوقت عدم شن هجوم عليه».


وبعد ظهر نفس ذلك اليوم 13 يوليو 2006 وجه مؤلف هذا الكتاب سؤالا لوزيرة خارجية إسرائيل تسيبي ليفني عما إذا كانت إسرائيل ستدفع قواتها البرية مع ذلك إلى جنوب لبنان؟ فأجابت: «كلا. وليست لدينا أية نية لفتح جبهة برية ثانية... ثم ليس هناك نزاع بيننا وبين لبنان وإنما بيننا وبين حزب الله» وأضافت:


أن طيراننا يقصف أهدافا خاضعة تحديداً لسيطرة حزب الله وخاصة المواقع التي خزن فيها صواريخه التي يطلقها على مدننا وقرانا وقد أخلى حزب الله المواقع على الحدود اللبنانية اثر قصفنا لها. ونأمل أن تنتهز الحكومة اللبنانية هذه الفرصة وترسل جيشها إليها، وهذا يمثل بالنسبة لها فرصة فريدة لتنفيذ القرار 1559 الصادر عن مجلس الأمن الدولي».


ويشير المؤلف في هذا السياق إلى أن وزيرة الخارجية الإسرائيلية التي كان ارييل شارون قد اختارها كي تكون خليفته السياسية قبل أن يصاب بالنزيف الدماغي في شهر يناير 2006، قد اعتبرت أن حزب الله يسعى لتحقيق هدفين خارجين تماماً عن إطار المصالح اللبنانية.


وقالت انه «يتدخل أولاً باعتباره الذراع المسلح لإيران على الحدود اللبنانية. والرئيس الإيراني أحمدي نجاد يريد إشعال المنطقة من أجل صرف أنظار المجموعة الدولية التي تركز اهتمامها حتى الآن على البرنامج النووي العسكري الإيراني. ويبحث حزب الله، ثانياً، عن أن يصبح القطب الأساسي في النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني.


وكان أمين عام الحزب حسن نصر الله قد قام قبل عدة أيام بزيارة إلى دمشق ترمي فقط إلى التأكد من أن خالد مشعل لن يعطي الأوامر للإفراج عن الجندي الإسرائيلي شليت. وأنني أقول لك بكل وضوح ان إسرائيل لا تنوي أبدا أن تعطي لحزب الله حق النقض ـ الفيتو ـ فيما يخص النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني.


كذلك يشير المؤلف إلى أن وزيرة الخارجية الإسرائيلية ظلت على صلات مستمرة مع وزراء خارجية الولايات المتحدة وانجلترا وفرنسا من أجل زيادة الضغط على لبنان كي يقوم بتفكيك قوات حزب الله وينقل عنها قولها:


«من المأساة أننا في كل مرة ننسحب فيها من أراضٍ محتلة وراء الحدود الدولية المعترف بها، تقوم منظمات إرهابية بهجومات ضد السكان المدنيين، فبالأمس سقطت صواريخ القسام التي أطلقتها حماس على أشكللون (عسقلان) واليوم سقطت قذائف الكاتيوشا على نهاريا. اننا قمنا بالانسحاب من لبنان منذ ست سنوات. فماذا فعلت المجموعة الدولية من أجل تفكيك القوة العسكرية لحزب الله؟».


أما في وزارة الدفاع الإسرائيلية، فقد تم التركيز على اعتبار الدولة اللبنانية مسؤولة عن الهجمات التي تنطلق من أراضيها .. ولكن تم بنفس الوقت التقليل من المدى السياسي لعملية قصف مدرجات مطار بيروت الدولي، وينقل المؤلف عن الجنرال الإسرائيلي واسر ـ كوبير قوله له مساء 13 يوليو 2006:


«هدفنا هو منع ترحيل الجنديين الإسرائيليين ـ الأسيرين ـ إلى إيران ومنع تزويد طهران لحزب الله بالأسلحة. والحصار البحري يرمي إلى نفس الهدف. وقصف الجسور في جنوب لبنان غايته منع وصول صواريخ جديدة إلى حزب الله انطلاقاً من ضاحية بيروت الجنوبية».


كان الرأي العام الإسرائيلي مؤيداً بأغلبيته الساحقة للعملية العسكرية التي شرعت بها الحكومة الإسرائيلية، ولم تكن هناك أية أصوات احتجاجية إلا بضع عشرات من أعضاء حركة «السلام الآن» الذين تظاهروا أمام مبنى وزارة الدفاع الإسرائيلية، لكنهم لم يكونوا في واقع الأمر سوى «قطرة ماء صغيرة في بحر».


حيفا .. مدينة أشباح


كانت مدينة حيفا في ذلك الأحد الموافق 16 يوليو 2006 تشبه كثيراً مدينة للأشباح. فالمتاجر كلها كانت مغلقة وشاطئ المدينة وأرصفتها خالية من الناس والنشاط غائب تماماً عن المرفأ.. فقط كانت هناك بضع سيارات قليلة تعبر أحيانا هذا الشارع أو ذاك.. وكان ذلك كله تنفيذاً لأوامر وتعليمات بثتها الشرطة الإسرائيلية عبر الإذاعة بعد الساعة التاسعة بقليل وطلبت فيها من السكان العودة إلى منازلهم واللجوء إلى المخابئ.


كانت المدينة قد تعرضت في الواقع لأول عملية قصف من نوعها في تاريخها إذ استهدفها حزب الله بثلاثين صاروخاً يزيد مداها عن 40 كيلومتراً.. وبما أن هذه الصواريخ «الإيرانية الصنع» لا تمتلك أجهزة توجيه فإنها سقطت في أماكن متفرقة، بل وسقطت سبعة منها في البحر.


لكن عند الساعة التاسعة أصاب واحد منها ورشة إصلاح العربات التابعة للشركة الإسرائيلية للخطوط الحديدية، الواقعة في قلب المنطقة الصناعية، وكان يوجد في تلك الورشة ثلاثون عاملاً مما أدى إلى مقتل ثمانية منهم على الفور.. وتوفي تاسع بعد ساعتين متأثراً بجراحه، وأصيب ستة آخرون بجروح بالغة.


وفي حيفا كما هو الحال في كل مرة يحدث فيها انفجار في اسرائيل، قام رجال الشرطة بضرب طوق على موقع الانفجار ليصل الخبراء بالمتفجرات مباشرة بعد الفريق الطبي.. لكن في هذه المرّة حرصت السلطات الإسرائيلية على أن ترسل إلى المكان أحد الناطقين باسم الحكومة وكان يجيد اللغة الانجليزية، إدراكاً منها لأهمية «الرهان الإعلامي»، لاسيما وان العديد من ممثلي رسائل الإعلام العالمية كانوا قد تدفقوا إلى هناك لتغطية الحدث.


ولقد اكتفى الناطق باسم الشرطة المفتش «ميكي روز نفلد» بإعطاء بعض الأرقام بلهجة «حيادية» جداً مشيراً إلى أن مناطق شمال إسرائيل كانت قد تلقت منذ بداية الحرب وحتى يومها الخامس 400 من صواريخ حزب الله. مشيراً إلى أن ما يفوق نصف مليون من السكان أصبحوا عرضة لتهديد حزب الله»، وأضاف: «لقد أصدرنا الأوامر بإلغاء جميع التظاهرات الثقافية والرياضية، وبالطبع ألفى مهرجان شاطئ حيفا الجاري».


وينقل المؤلف عن «مريام ايزن»، الناطقة الرسمية باسم مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، قولها له: «ليس لدينا أية أوهام، إننا نخوض حرباً وسوف تكون طويلة».


إننا نعتبر لبنان مسؤولاً عن الهجمات التي تنطلق من أراضيه.ونطالب أن يتولى الجيش اللبناني المسؤولية على الحدود وليس حزب الله، كما ينص القرار 1559 الصادر عن منظمة الأمم المتحدة. لقد قررنا أن نتخلص مرّة واحدة وإلى الأبد من تهديد حزب الله لحدودنا الشمالية».


وكان مثل هذا الخطاب يجد صداه في النشرات الإخبارية التي تبثها قنوات التلفزة في الولايات المتحدة وبريطانيا أفضل حليفين لإسرائيل في مجلس الأمن.


وينقل مؤلف هذا الكتاب ضمن هذا السياق، ما قالته له سيدة إسرائيلية عمرها 48 سنة وتعمل مهندسة معمارية وهي تخرج من ملجأ منزلها، وجاء فيه: «إن ملجأنا، المعرّض من جهة الشمال، سييء التصميم.. وهذا يعود إلى أن بنايتنا قد شيدت عام 1986، أي في فترة كان من المستحيل فيها تصور أن تتعرض حيفا للقصف ذات يوم».

كانت تلك السيدة، المدعوة حنّة، قد اقترعت في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة لصالح حزب «كاديما» الذي يتزعمه ايهود اولمرت رئيس الوزراء وكانت تدعم بحماس العملية العسكرية التي قررتها الحكومة.
(عرض ومناقشة: محمد مخلوف)

وحيد فرج
12/12/2006, 07:59 AM
تحية مباركة د. مروان
لاشك أن ماقام به حزب الله يعد إنجازا على صعيد مجموعة من المقاتلين لا يتجاوز عددهم تقريبا 30000 مقاتل , ولكن أرى وبنظرة موضوعية أن ماتم في هذه الحرب الخاطفة شابه الكثير من التهويلات والمبالغات , ليس المقصود بالطبع ترديد عبارات الإحباط عن جيش لا يهزم لا سمح الله ، ولكنه إقرار للمنطق والواقع وبعيدا عن نغمة ( العلوج إياها ).الحرب سيدي تحسم نتائجها حسابات المكسب والخسارة فتعالى معي نحلل النتائج ونطرح المقارنات:
1. كم عدد الخسائر البشرية في الطرفين بين قتلى وجرحى؟
2. ماحجم التدمير الذي لحق بمدن وقرى الطرفين ؟
3. ماهي المكاسب على أرض الواقع التي حققها كل طرف ؟ هل حرر حزب الله المزيد من الأراضي اللبنانية المحتلة !!؟ أم أن إسرائيل أصبحت أكثر أمنا وإستقرارا من ناحية الجنوب!؟
4. وماهي آثار الحرب وابعادها على الصعيد السياسي والإجتماعي اللبناني الداخلي؟

وأخيرا ألست معي أن عمليات الفلسطنيين في الأرض المغتصبة تفوق في نتائجها وتخطيطها وتنفيذها مثيلاتها ممن قام به حزب الله والمثال على ذلك تلك العملية التي سبقت مباشرة عملية حزب الله مع العلم أنها لم تأخذ حقها الطبيعي من التحليل المحايد والتعليقات التي صاحبت عملية حزب الله ؟ ترى ماسبب ذلك ؟ ؟ .
علينا أن نفصح عن أخطائنا ونعلن عنها كما يفعل أعداؤنا ليس من باب جلد الذات ولكن من باب أمانة المسئولية وصدق النوايا.
تحية غير متحزبة