بسام نزال
12/12/2006, 11:26 AM
أهلــي أولئــك ... من في مثل روعتهم؟!
شعر: هلال الفارع
http://www.alwatanvoice.com/images/ko0tab/1326782041.jpg
من أينَ أبدَأُ ؟ عَـــزَّ الأهـــلُ والطَّــلَلُ=واستَفرَدَتني القَوافي بَعدَمـــا رَحَلُــوا
كُلُّ الجروح على بابي تُـــزاحِــمُـــهُ=والحَرْفُ يُشــعِلُ أعصابي ويَشْـتَعِـــلُ
والنفْسُ تَأكُلُ مِنْ أوصـــالِ غايَتِـــــها=مُـذْ هَـدَّها الخوفُ والإعيـاءُ والفَشَــلُ
مِن أين أبدأ والمأســــاةُ دائِـــــرةٌ ؟=وفي مَـداهـا تَرامى خَـطبُنــا الجَـــلَلُ
حتّى كأنّ المـدى مِنْ هَــوْْلِ نَكبَتِنـــا=قدْ أُرخِيَـتْ فيه من نَسْج الدُّجى حُـلَـلُ
أُجاذِبُ الشمـسَ أَطراف الشُروقِ فمـا=تَـفْتَـرُّ عن ثّغْـرِهـا نـارٌ ولا شُـــعَـلُ
وأَســـتَـفِـزُّ على الآفــاقِ بـارِقــــةً=فَيَسْــتَميتُ على إطْـفائهـا الكَسَـــلُ
كلُّ الطُـغاة أفــــاقوا مِن سُـبــاتِهُمو=ولا يَــزالُ بـِــنـا يَــطَّـوَّفُ الخَـبَــلُ
أُســائل النـفْـسَ والآلامُ تَـعــصِـرهــا=أهــذِهِ أُمَّــةٌ ، آبــاؤهــا الأُوَلُ ؟!
حِـبْـرٌ على وَرَقٍ بـاتَــتْ مـَـآثِـــرُهــا=لا يَـخْـلُـدُ الـغـَـيْـمُ إنْ لَـمْ يَرْوِهِ البَـلَلُ
أهـــذِه أُمَّـــــةٌ دانَـتْ لــهـا أُمـَــمٌ=واسْتَعْذَبَتْ وِرْدَها حتّى ارْتَوَتْ مِـلَلُ؟
أرْثي لَـكُم أمّـــــةً في الدّرْبِ حـائـرَةً =أجَــلُّ خَـطْـوٍ لـها مـا خَـطَّـهُ الــزلَلُ
كـــفٌّ تُـصارعُ كــــفّـاً ثُـمّ بَـيْنَـهُما=أبدى تَــحَـفُّــزَهُ الإعيــاءُ والشّــلَلُ
وتَــسْتَــثـير إلى لَـهْـوٍ قَــواطِــعَــها=ولَـيْـسَ لِلــجِــدِّ في أسْـيافِها حِـوَلُ
شَـتّـانَ بَـيْـنَ فُـنونِ البِـيضِ في عَبَثٍ=وبَـيْـنَـهُنَّ إذا مــا أطْـبَـــقَ الأجَـــلُ
يا أمّــةً نَـطَـقَـتْ عَـنْـها حِـجـارَتُــها=لَـمّـا دَهـاهـا على عِـلاتِـها العَـطَـــلُ
لا تَــسْـألَـنَّ عن الإعيــاءِ في جَــسَـدٍ=في الرأس يَكْمُنُ، لا في الجُثّةِ الخَـلَلُ
مِنْ أيْنَ أبْــدأُ .. لا أدري، فَــإنّ لَـــنـا=كُلَّ الضَـحايـا، ومِنّــا اللصُّ والبَــــطَلُ
* * *
يا ســائلي كيْفَ يَـغْدُو الشعرُ مُعـجِزةً=الشِّعرُ كالروح، تَـهــوي عِـندَهُ الــعِـلَلُ
ما بيـنَ روحي وبيـن الـيـأس قـافِـيَــةٌ=تَــحبُو وتَــدْرُجُ في روحي وتَـعـتَمِــــلُ
أكادُ مِنْ نَـهَم الحَمْـقى إلى جَــسَدي=إلى مَـرافِئِ قَـلْبي بالأسـى أصِــــــلُ
يا سارِقَ الروحِ، ما في الروحِ مِن رَمَقٍ=وكَيْفَ يُـبْـقي على ما دَقَّ مُـرتَـحِـــلُ
جَـوّابُ أمْـكِـنــةٍ ، عَـبّــارُ أزْمِـنَــــةٍ،=شَــيّـالُ أنْـظِـمَـةٍ ، يَسْـتـافُني الـكَلَلُ
ضَـجّتْ مَسـالِكُ هذا الكَوْن مِنْ قَدَمي=فَبَـدّلَتْ ضَجَـراً عُـنْـوانَـها السُّــبُـــــــلُ
كلُّ الــدُّروبِ إلى عَـيْـنََـيـْـكِ هـادِئــــةٌ=لكِنّ خَـطْـوي إلى عَـيْـنََـيـْـكِ مُـنْـفَـعِلُ
كَـمْ مَـرّةً هَـمَّ عَـزْمي أنْ يُـــصَـيِّـرَني=إلى ثَــراكِ ، فَـحـالَـتْ دُونَــــهُ الـمِــللُ
حَاوَلْتُ جَمْعَ جُروحي عنْ خناجِرِهِمْ=فاسْتَعذَرَ الجمْعُ، إنَّ الجرحَ مُتَّصِلُ
فهل أتاكَ حديثُ الذَّبحِ إذْ فُجِعَتْ=قلوبُ صبرا وشاتيلا بما فعلوا؟!
وهل أتاكَ حديثُ الفصلِ في مِقَةٍ=كأنَّما كنتَ منهم عندما فَصَلُوا؟!
أَطَعْنَةٌ وجروحي بعدُ راعِفَةٌ؟!=ورُبَّ نَصْلٍ جرى في حَدِّهِ غَزَلُ
لَمَّا سَرَيْتُمْ إلى العَلْيا غَطارِفَةً=سَرَتْ إليكم أَكُفٌّ دينُها الدَّجَلُ
أمَا أضَلُّوا أخَا غُبْنٍ ومَضْيَعَةٍ=في يومِ بأْسٍ، فأعمَى قلبَهُ الْخَتَلُ
وحاوَلُوا سَفَهًا أنْ يخلُقُوا بَدَلاً=وكلما حاولوا، أعياهُمُ البَدَلُ؟!
وهل يُعَطَّلُ فَجْرٌ عندَ مَوْلِدِهِ=أو تَحْجُبُ الشمسَ كفٌّ لو همو عَقَلُوا؟!
يا لَلْعواصمِ ما أقْسَى أَسِنَّتَهَا=يَشْرَبْنَ مِنْ قلبِ مَنْ في حُبِّها قُتِلوا
جَزَّارُ صَبْرَا أثيرٌ في مخادِعِها=وبابُها دونَ هذا الصَّبِّ يَنْقَفِلُ
والنفسُ للصبرِ يا صبرا مُسَخَّرَةٌ=ما حَمَّلَتْهَا الرَّزَايا فهي تَحْتَمِلُ
يـا قـائمـينَ على الـتّـاريــخِ هَـلْ خَـبَـرٌ=عَمَّنْ نَسَـوْا ذِمَمَ الـتّـاريـخِ أوْ جَـهِـلوا؟!
بـاللّــهِ إنْ عَـرَضَـتْ لِلْـحَقِّ صَـفْحَـتُكُمْ=أنْ تَـكْـتُبُوا: عَـرَبٌ خَـانُـــوا ،،، ولا خَجَــلُ!
* * *
دَعْ ذا إلى بَــــلَـدٍ طـابَتْ نَـسـائِـمُــهُ=إلى فِـلَسْـطـينَ بالأحْـجـارِ تَـغْـتَـسِـــلُ
إلى الـثُرَيّـا على وَجْـهِ الـثّرى خَـطَرَتْ=سَـفـيـرَةً بِـجَــلالِ اللّــــــه تَـنْـسَــدِلُ
أمـا رَأيْــتَ جُـيُـــوبَ الأرضِ بــاذِرَةً=كُـنُـــوزَهـا ، وتُـرابُ الـقُـدسِ يَـخْـتَـزِلُ؟!
أفْــديــكَ يـا وطَنَ الإسْـراءِ مِنْ وَطَــنٍ=يـا رَوضَـــةً في بَـهاها الشِّـعْرُ يُـرْتَـجَــلُ
فَـفيــكَ مِنْ كلِّ حُـسْنٍ بـارعٍ طَـــرَفٌ=وفـيــكَ مِنْ كلِّ حَـــدٍّ قـاطِـعٍ مَـثَـــــلُ
لَـمّـا كَـتَـبْتَ بِحِبْــرِ اللـيـلِ فَجْـرَ غَـــدٍ=لا " لِيْكُدٌ " قَرَا الـفُصْـحَى ولا " عَمَــلُ"
ولا اسْـتَجابَتْ عُروشٌ عِنْـدَ دَعْـوَتِــهـا=حَـتّى كَتَـبْتَ بِـحَـدِّ الصّخْـرِ ، فامْـتَـثَـــلُوا
حِـجـارَةٌ وَسَـرى في مَـتْـنِـها الأجـَــلُ=كُوفِـيّــــةٌ وَجَــرى في خَـيْــطِـها الأزَلُ
فَلْيُرْسِـلُوا الرّيـحَ ما شَـاءوا وما قَـدَرُوا=هَيْـهاتَ يَهْـتَـزُّ – مهما حاوَلوا – جَـبَــــلُ
إذا الحِجارةُ أضْحَـتْ بَـيْـنَـكُمْ خَـدَمـــاً=فَكَـيْـفَ يَرْجِـعُ فيـكُمْ سَـيِّـــداً هُـبَـلُ ؟!
لَوْ أنّ في الـحَجِّ رُكْنـاً يَسْـتَهِـلُّ بِــهِ=حَجِيـجُ مَكّـــةَ ، أوْ تُـحْيـا بِـــهِ النُّــــفَـلُ
لاصْطَفَّ سادَتُنا في السّاحِ واسْتَلَموا=أكُـفّـكُمْ ...ثُمّ طـافُـوا السّبْـعَ، وابْـتَـهَلُـوا
* * *
دَعْ ذا إلى بَــــلَـدٍ لانَتْ على يَــــــدِهِ=مَـقـالِـعُ الصّخْرِ، واسْـتَشْـفى بِــهِ الزّجَـلُ
أفْـدي الوُجُـوهَ على الأعنـاق يَحْضِنُها=تُـرابُـنـا البِـكْـرُ ، والـرّايـاتُ ، والمُـقَـــــلُ
يـا لَوْ رَأيْـتَ سَـنـاها في مَـهـابَتِــهـا=كأنّـهـا البَـــدْرُ فَــوْقَ الـهـامِ يَـعْـتَــدِلُ
مَنْ هــؤلاءِ على أكـفـانِـهِـمْ كَـتَـبُـوا=نَـمُـوتُ نَـحْنُ ، لِيَـحْـيى بَـعْـدَنـا الأمَـــلُ؟
مَنْ هــؤلاءِ غَـدَوْا للمَــجْــدِ ألْـوِيَـــةً=حتّى إذا رَفَـلُـوا في مَـجْـدِهِمْ ، قَـفَــلُـوا؟
مَنْ هــؤلاءِ غَزَتْ فيـنــا كَـتـائِـبُــهُمْ=مَـكامِنَ الخَــوْفِ والخِذلانِ ، فانْـخَــذَلُــوا؟
مَنْ هــؤلاءِ تَـجَـلّتْ عَنْ حِـجـارَتِـهِمْ=فَيـالِـقُ الـثّــأرِ ، والأسْيــافُ والأسَــــلُ؟
مَنْ هــؤلاءِ بِـحَـدِّ الصّخْرِ قَــدْ نَظَمُــوا=قَصـائــدَ النّـــورِ، واسْتُصْـفُـوا فَهُمْ رُسُلُ؟
أهْـــلي أولئكَ مَنْ في مِثْـلِ رَوْعَتِـهِمْ=إذا تَـبَـدَّوْا على الآفــــاقِ واشْـتَـعَـلُـــــوا
أهْـــلي أولئكَ والرّايــــاتُ تَـعْـرِفُــهُمْ=فَـدِيـنُـهُـمْ رايَـــةُ الحَـقِّ التي حَـمَـلُـوا
أهْـــلي أولئكَ كَمْ دارَ الـزّمـانُ بِــهِـمْ=واليَــوْمَ دارُوا على الأزْمـــانِ واتَّـصَلُــوا
أهْــلي أولئكَ طارُوا في السّما شُهُباً=لَمّـا رأوْا هـامَــــةَ الأعـرابِ تُـنْـتَـعَـــــــلُ
أهْــــلي، ويَفْتَرُّ ثَـغْرُ الـدّهْـرِ مُنْتَشِيــاً=إذا تَـجَـرّدَ مَنْ مِنْ كاسِــــهِ ثَـمِـلُــــوا
أمـا لَـوَوْا عُنـقَ الـتّـاريـخِ واخْـتَـصَـروا=فُـصُـــولَـهُ، فـإذا تـاريخُنـا جُـمَـــلُ؟!
تَـرْوي حِـكايَــةَ مِـقْـلاعٍ تُــلَـوِّحُــهُ=سَـواعِــدُ العَــوْدةِ الكُــبْرى ، وتَـحْـتَـفِـلُ
يـا لَلـزَّمــانِ وقَـدْ أوْهَــتْ جَـرائـــرُهُ=قُـلُـوبَنـا ، وجَـثـا في زِنْـدِنـا الــوَجَـلُ
بالأمْــس كُـنّــا لَـهُ أســرى نُكابِـدُهُ=واليـوْمَ في أسْــرِنـا يَـهْـنـا ويَـكْـتَـحِـــلُ
بالأمْــس كانَـتْ لنـا مِنْ بُؤسِـهِ خِـلَـعٌ=واليـوْمَ تَـكْسُــوهُ مِنْ شِـرْيـانِنـــا حُـــللُ
مـا أنْـجَبَ الـدّهـرُ قَـبْـلَ اليَــوْمِ مأثَـرَةً=إلا وكانَـتْ بِـهذا اليَـــوْمِ تَـتَّــــــصِـلُ
* * *
وَقِيــــلَ: في بَـلَـدِ الأقْـصى مُظـاهَرَةٌ=فَقُلْـــتُ: بَـلْ ثَــوْرَةٌ تَـنْـمُو وتَـكْـتَـمِـلُ
وَقِيــلَ: طِفْلٌ رَمى في وَجْهِهِم حَجَراً=فَقُلْـــــتُ: بَـلْ قَـدَرٌ ألْـقى بِـــهِ رَجُــــــلُ
وَقِيـــلَ: كُوفِيّـةٌ أخْـفَـتْ مَـلامِـحَــهُ=فَقُلْــــتُ: بَـلْ أسَــرَتْ خِـيطانَـها القُـبَـلُ
وَقِيـــلَ: مـا حَجَـرٌ يُـلْقَى على جَبَلٍ؟!=فَقُلْـــــتُ: إنْ مَـرَّ في سِجِّيـلِنـا ...أجَــلُ
وَقِيـــلَ: مَحْـضُ سِـياسـاتٍ مُـدَبّـــرَةٍ!=فَقُلْــــتُ: كَيْــفَ إذنْ داخَــتْ لَــها دُولُ؟!
قُـــولُـوا كَما سَوّلَـتْ بالبَغْيِ أنْفُسُكُمْ=قَـــدْ أوْلَـمَ الثّـأرُ ، ماذا تَنْــفَعُ الحِـيَـــلُ؟!
* * *
دَعْ ذا إلى بَـلَــدٍ قـامَتْ قِيــامَـتُـــــهُ=تُـرابُــهُ بِــدَمِ الشِّــريـانِ يَـنْـجَـبِــلُ
إلى فِلَسْــطينَ إذْ جَـزَّتْ ضَفِـيرَتَـهـا=لِـبـائـعِ الخُــبْزِ ، لَمّـا أهْـلُــها بَخِــــلُوا
لَـمّـا تَـراخَـتْ نُسُـورٌ دُونَ نُـصْـرَتِـها=صـالَ الحَـمامُ بِـهـا ، واسْـتـأسَـدَ الحَجَلُ
مِنْ أيْـنَ أبْـــدأُ، إنّي قَــدْ بَـدَأتُ فَـهَلْ=أمـوتُ دُونَــكِ ، أوْ نَزْفي سَـيَـحْـتَـمِـــــلُ
سِيّـانَ يـا قُـدْسُ إنْ جِئنـاكِ في كَفَنٍ=أو انْتَـضَيْـنـا جُــرُوحــاً مـا بِـهـا مَــــــلَلُ
فـالمَـوْتُ أعْـظَمُــهُ مـا كان في كَـرَمٍ=والجُــرْحُ أعْـذَبُـــهُ مـا لَيْـسَ يَـنْـدَمِـــلُ
شعر: هلال الفارع
http://www.alwatanvoice.com/images/ko0tab/1326782041.jpg
من أينَ أبدَأُ ؟ عَـــزَّ الأهـــلُ والطَّــلَلُ=واستَفرَدَتني القَوافي بَعدَمـــا رَحَلُــوا
كُلُّ الجروح على بابي تُـــزاحِــمُـــهُ=والحَرْفُ يُشــعِلُ أعصابي ويَشْـتَعِـــلُ
والنفْسُ تَأكُلُ مِنْ أوصـــالِ غايَتِـــــها=مُـذْ هَـدَّها الخوفُ والإعيـاءُ والفَشَــلُ
مِن أين أبدأ والمأســــاةُ دائِـــــرةٌ ؟=وفي مَـداهـا تَرامى خَـطبُنــا الجَـــلَلُ
حتّى كأنّ المـدى مِنْ هَــوْْلِ نَكبَتِنـــا=قدْ أُرخِيَـتْ فيه من نَسْج الدُّجى حُـلَـلُ
أُجاذِبُ الشمـسَ أَطراف الشُروقِ فمـا=تَـفْتَـرُّ عن ثّغْـرِهـا نـارٌ ولا شُـــعَـلُ
وأَســـتَـفِـزُّ على الآفــاقِ بـارِقــــةً=فَيَسْــتَميتُ على إطْـفائهـا الكَسَـــلُ
كلُّ الطُـغاة أفــــاقوا مِن سُـبــاتِهُمو=ولا يَــزالُ بـِــنـا يَــطَّـوَّفُ الخَـبَــلُ
أُســائل النـفْـسَ والآلامُ تَـعــصِـرهــا=أهــذِهِ أُمَّــةٌ ، آبــاؤهــا الأُوَلُ ؟!
حِـبْـرٌ على وَرَقٍ بـاتَــتْ مـَـآثِـــرُهــا=لا يَـخْـلُـدُ الـغـَـيْـمُ إنْ لَـمْ يَرْوِهِ البَـلَلُ
أهـــذِه أُمَّـــــةٌ دانَـتْ لــهـا أُمـَــمٌ=واسْتَعْذَبَتْ وِرْدَها حتّى ارْتَوَتْ مِـلَلُ؟
أرْثي لَـكُم أمّـــــةً في الدّرْبِ حـائـرَةً =أجَــلُّ خَـطْـوٍ لـها مـا خَـطَّـهُ الــزلَلُ
كـــفٌّ تُـصارعُ كــــفّـاً ثُـمّ بَـيْنَـهُما=أبدى تَــحَـفُّــزَهُ الإعيــاءُ والشّــلَلُ
وتَــسْتَــثـير إلى لَـهْـوٍ قَــواطِــعَــها=ولَـيْـسَ لِلــجِــدِّ في أسْـيافِها حِـوَلُ
شَـتّـانَ بَـيْـنَ فُـنونِ البِـيضِ في عَبَثٍ=وبَـيْـنَـهُنَّ إذا مــا أطْـبَـــقَ الأجَـــلُ
يا أمّــةً نَـطَـقَـتْ عَـنْـها حِـجـارَتُــها=لَـمّـا دَهـاهـا على عِـلاتِـها العَـطَـــلُ
لا تَــسْـألَـنَّ عن الإعيــاءِ في جَــسَـدٍ=في الرأس يَكْمُنُ، لا في الجُثّةِ الخَـلَلُ
مِنْ أيْنَ أبْــدأُ .. لا أدري، فَــإنّ لَـــنـا=كُلَّ الضَـحايـا، ومِنّــا اللصُّ والبَــــطَلُ
* * *
يا ســائلي كيْفَ يَـغْدُو الشعرُ مُعـجِزةً=الشِّعرُ كالروح، تَـهــوي عِـندَهُ الــعِـلَلُ
ما بيـنَ روحي وبيـن الـيـأس قـافِـيَــةٌ=تَــحبُو وتَــدْرُجُ في روحي وتَـعـتَمِــــلُ
أكادُ مِنْ نَـهَم الحَمْـقى إلى جَــسَدي=إلى مَـرافِئِ قَـلْبي بالأسـى أصِــــــلُ
يا سارِقَ الروحِ، ما في الروحِ مِن رَمَقٍ=وكَيْفَ يُـبْـقي على ما دَقَّ مُـرتَـحِـــلُ
جَـوّابُ أمْـكِـنــةٍ ، عَـبّــارُ أزْمِـنَــــةٍ،=شَــيّـالُ أنْـظِـمَـةٍ ، يَسْـتـافُني الـكَلَلُ
ضَـجّتْ مَسـالِكُ هذا الكَوْن مِنْ قَدَمي=فَبَـدّلَتْ ضَجَـراً عُـنْـوانَـها السُّــبُـــــــلُ
كلُّ الــدُّروبِ إلى عَـيْـنََـيـْـكِ هـادِئــــةٌ=لكِنّ خَـطْـوي إلى عَـيْـنََـيـْـكِ مُـنْـفَـعِلُ
كَـمْ مَـرّةً هَـمَّ عَـزْمي أنْ يُـــصَـيِّـرَني=إلى ثَــراكِ ، فَـحـالَـتْ دُونَــــهُ الـمِــللُ
حَاوَلْتُ جَمْعَ جُروحي عنْ خناجِرِهِمْ=فاسْتَعذَرَ الجمْعُ، إنَّ الجرحَ مُتَّصِلُ
فهل أتاكَ حديثُ الذَّبحِ إذْ فُجِعَتْ=قلوبُ صبرا وشاتيلا بما فعلوا؟!
وهل أتاكَ حديثُ الفصلِ في مِقَةٍ=كأنَّما كنتَ منهم عندما فَصَلُوا؟!
أَطَعْنَةٌ وجروحي بعدُ راعِفَةٌ؟!=ورُبَّ نَصْلٍ جرى في حَدِّهِ غَزَلُ
لَمَّا سَرَيْتُمْ إلى العَلْيا غَطارِفَةً=سَرَتْ إليكم أَكُفٌّ دينُها الدَّجَلُ
أمَا أضَلُّوا أخَا غُبْنٍ ومَضْيَعَةٍ=في يومِ بأْسٍ، فأعمَى قلبَهُ الْخَتَلُ
وحاوَلُوا سَفَهًا أنْ يخلُقُوا بَدَلاً=وكلما حاولوا، أعياهُمُ البَدَلُ؟!
وهل يُعَطَّلُ فَجْرٌ عندَ مَوْلِدِهِ=أو تَحْجُبُ الشمسَ كفٌّ لو همو عَقَلُوا؟!
يا لَلْعواصمِ ما أقْسَى أَسِنَّتَهَا=يَشْرَبْنَ مِنْ قلبِ مَنْ في حُبِّها قُتِلوا
جَزَّارُ صَبْرَا أثيرٌ في مخادِعِها=وبابُها دونَ هذا الصَّبِّ يَنْقَفِلُ
والنفسُ للصبرِ يا صبرا مُسَخَّرَةٌ=ما حَمَّلَتْهَا الرَّزَايا فهي تَحْتَمِلُ
يـا قـائمـينَ على الـتّـاريــخِ هَـلْ خَـبَـرٌ=عَمَّنْ نَسَـوْا ذِمَمَ الـتّـاريـخِ أوْ جَـهِـلوا؟!
بـاللّــهِ إنْ عَـرَضَـتْ لِلْـحَقِّ صَـفْحَـتُكُمْ=أنْ تَـكْـتُبُوا: عَـرَبٌ خَـانُـــوا ،،، ولا خَجَــلُ!
* * *
دَعْ ذا إلى بَــــلَـدٍ طـابَتْ نَـسـائِـمُــهُ=إلى فِـلَسْـطـينَ بالأحْـجـارِ تَـغْـتَـسِـــلُ
إلى الـثُرَيّـا على وَجْـهِ الـثّرى خَـطَرَتْ=سَـفـيـرَةً بِـجَــلالِ اللّــــــه تَـنْـسَــدِلُ
أمـا رَأيْــتَ جُـيُـــوبَ الأرضِ بــاذِرَةً=كُـنُـــوزَهـا ، وتُـرابُ الـقُـدسِ يَـخْـتَـزِلُ؟!
أفْــديــكَ يـا وطَنَ الإسْـراءِ مِنْ وَطَــنٍ=يـا رَوضَـــةً في بَـهاها الشِّـعْرُ يُـرْتَـجَــلُ
فَـفيــكَ مِنْ كلِّ حُـسْنٍ بـارعٍ طَـــرَفٌ=وفـيــكَ مِنْ كلِّ حَـــدٍّ قـاطِـعٍ مَـثَـــــلُ
لَـمّـا كَـتَـبْتَ بِحِبْــرِ اللـيـلِ فَجْـرَ غَـــدٍ=لا " لِيْكُدٌ " قَرَا الـفُصْـحَى ولا " عَمَــلُ"
ولا اسْـتَجابَتْ عُروشٌ عِنْـدَ دَعْـوَتِــهـا=حَـتّى كَتَـبْتَ بِـحَـدِّ الصّخْـرِ ، فامْـتَـثَـــلُوا
حِـجـارَةٌ وَسَـرى في مَـتْـنِـها الأجـَــلُ=كُوفِـيّــــةٌ وَجَــرى في خَـيْــطِـها الأزَلُ
فَلْيُرْسِـلُوا الرّيـحَ ما شَـاءوا وما قَـدَرُوا=هَيْـهاتَ يَهْـتَـزُّ – مهما حاوَلوا – جَـبَــــلُ
إذا الحِجارةُ أضْحَـتْ بَـيْـنَـكُمْ خَـدَمـــاً=فَكَـيْـفَ يَرْجِـعُ فيـكُمْ سَـيِّـــداً هُـبَـلُ ؟!
لَوْ أنّ في الـحَجِّ رُكْنـاً يَسْـتَهِـلُّ بِــهِ=حَجِيـجُ مَكّـــةَ ، أوْ تُـحْيـا بِـــهِ النُّــــفَـلُ
لاصْطَفَّ سادَتُنا في السّاحِ واسْتَلَموا=أكُـفّـكُمْ ...ثُمّ طـافُـوا السّبْـعَ، وابْـتَـهَلُـوا
* * *
دَعْ ذا إلى بَــــلَـدٍ لانَتْ على يَــــــدِهِ=مَـقـالِـعُ الصّخْرِ، واسْـتَشْـفى بِــهِ الزّجَـلُ
أفْـدي الوُجُـوهَ على الأعنـاق يَحْضِنُها=تُـرابُـنـا البِـكْـرُ ، والـرّايـاتُ ، والمُـقَـــــلُ
يـا لَوْ رَأيْـتَ سَـنـاها في مَـهـابَتِــهـا=كأنّـهـا البَـــدْرُ فَــوْقَ الـهـامِ يَـعْـتَــدِلُ
مَنْ هــؤلاءِ على أكـفـانِـهِـمْ كَـتَـبُـوا=نَـمُـوتُ نَـحْنُ ، لِيَـحْـيى بَـعْـدَنـا الأمَـــلُ؟
مَنْ هــؤلاءِ غَـدَوْا للمَــجْــدِ ألْـوِيَـــةً=حتّى إذا رَفَـلُـوا في مَـجْـدِهِمْ ، قَـفَــلُـوا؟
مَنْ هــؤلاءِ غَزَتْ فيـنــا كَـتـائِـبُــهُمْ=مَـكامِنَ الخَــوْفِ والخِذلانِ ، فانْـخَــذَلُــوا؟
مَنْ هــؤلاءِ تَـجَـلّتْ عَنْ حِـجـارَتِـهِمْ=فَيـالِـقُ الـثّــأرِ ، والأسْيــافُ والأسَــــلُ؟
مَنْ هــؤلاءِ بِـحَـدِّ الصّخْرِ قَــدْ نَظَمُــوا=قَصـائــدَ النّـــورِ، واسْتُصْـفُـوا فَهُمْ رُسُلُ؟
أهْـــلي أولئكَ مَنْ في مِثْـلِ رَوْعَتِـهِمْ=إذا تَـبَـدَّوْا على الآفــــاقِ واشْـتَـعَـلُـــــوا
أهْـــلي أولئكَ والرّايــــاتُ تَـعْـرِفُــهُمْ=فَـدِيـنُـهُـمْ رايَـــةُ الحَـقِّ التي حَـمَـلُـوا
أهْـــلي أولئكَ كَمْ دارَ الـزّمـانُ بِــهِـمْ=واليَــوْمَ دارُوا على الأزْمـــانِ واتَّـصَلُــوا
أهْــلي أولئكَ طارُوا في السّما شُهُباً=لَمّـا رأوْا هـامَــــةَ الأعـرابِ تُـنْـتَـعَـــــــلُ
أهْــــلي، ويَفْتَرُّ ثَـغْرُ الـدّهْـرِ مُنْتَشِيــاً=إذا تَـجَـرّدَ مَنْ مِنْ كاسِــــهِ ثَـمِـلُــــوا
أمـا لَـوَوْا عُنـقَ الـتّـاريـخِ واخْـتَـصَـروا=فُـصُـــولَـهُ، فـإذا تـاريخُنـا جُـمَـــلُ؟!
تَـرْوي حِـكايَــةَ مِـقْـلاعٍ تُــلَـوِّحُــهُ=سَـواعِــدُ العَــوْدةِ الكُــبْرى ، وتَـحْـتَـفِـلُ
يـا لَلـزَّمــانِ وقَـدْ أوْهَــتْ جَـرائـــرُهُ=قُـلُـوبَنـا ، وجَـثـا في زِنْـدِنـا الــوَجَـلُ
بالأمْــس كُـنّــا لَـهُ أســرى نُكابِـدُهُ=واليـوْمَ في أسْــرِنـا يَـهْـنـا ويَـكْـتَـحِـــلُ
بالأمْــس كانَـتْ لنـا مِنْ بُؤسِـهِ خِـلَـعٌ=واليـوْمَ تَـكْسُــوهُ مِنْ شِـرْيـانِنـــا حُـــللُ
مـا أنْـجَبَ الـدّهـرُ قَـبْـلَ اليَــوْمِ مأثَـرَةً=إلا وكانَـتْ بِـهذا اليَـــوْمِ تَـتَّــــــصِـلُ
* * *
وَقِيــــلَ: في بَـلَـدِ الأقْـصى مُظـاهَرَةٌ=فَقُلْـــتُ: بَـلْ ثَــوْرَةٌ تَـنْـمُو وتَـكْـتَـمِـلُ
وَقِيــلَ: طِفْلٌ رَمى في وَجْهِهِم حَجَراً=فَقُلْـــــتُ: بَـلْ قَـدَرٌ ألْـقى بِـــهِ رَجُــــــلُ
وَقِيـــلَ: كُوفِيّـةٌ أخْـفَـتْ مَـلامِـحَــهُ=فَقُلْــــتُ: بَـلْ أسَــرَتْ خِـيطانَـها القُـبَـلُ
وَقِيـــلَ: مـا حَجَـرٌ يُـلْقَى على جَبَلٍ؟!=فَقُلْـــــتُ: إنْ مَـرَّ في سِجِّيـلِنـا ...أجَــلُ
وَقِيـــلَ: مَحْـضُ سِـياسـاتٍ مُـدَبّـــرَةٍ!=فَقُلْــــتُ: كَيْــفَ إذنْ داخَــتْ لَــها دُولُ؟!
قُـــولُـوا كَما سَوّلَـتْ بالبَغْيِ أنْفُسُكُمْ=قَـــدْ أوْلَـمَ الثّـأرُ ، ماذا تَنْــفَعُ الحِـيَـــلُ؟!
* * *
دَعْ ذا إلى بَـلَــدٍ قـامَتْ قِيــامَـتُـــــهُ=تُـرابُــهُ بِــدَمِ الشِّــريـانِ يَـنْـجَـبِــلُ
إلى فِلَسْــطينَ إذْ جَـزَّتْ ضَفِـيرَتَـهـا=لِـبـائـعِ الخُــبْزِ ، لَمّـا أهْـلُــها بَخِــــلُوا
لَـمّـا تَـراخَـتْ نُسُـورٌ دُونَ نُـصْـرَتِـها=صـالَ الحَـمامُ بِـهـا ، واسْـتـأسَـدَ الحَجَلُ
مِنْ أيْـنَ أبْـــدأُ، إنّي قَــدْ بَـدَأتُ فَـهَلْ=أمـوتُ دُونَــكِ ، أوْ نَزْفي سَـيَـحْـتَـمِـــــلُ
سِيّـانَ يـا قُـدْسُ إنْ جِئنـاكِ في كَفَنٍ=أو انْتَـضَيْـنـا جُــرُوحــاً مـا بِـهـا مَــــــلَلُ
فـالمَـوْتُ أعْـظَمُــهُ مـا كان في كَـرَمٍ=والجُــرْحُ أعْـذَبُـــهُ مـا لَيْـسَ يَـنْـدَمِـــلُ