المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأدب الصهيوني المعاصر بين 1967و1970/ الجزء الأول



عاطف محمد
15/08/2008, 12:56 AM
الأدب الصهيوني المعاصر بين 1967و1970


كثر هم الباحثون على المستوى العالمي الذين اتخذوا من الإنسان العربي و الحضارة العربية عامة مطية لدراسات واسعة و هادفة قصد تحليل الشخصية العربية و تشريحها خاصة في مجال العلاقات الإنسانية في كافة مظاهرها و سنتحدث اللحظة عن ميدان الأدب و بالتحديد صورة الشخصية العربية في كتابات اليهود ، فنجد الكثير من رجالات الأدب خاصة أولئك الذين هم بصدد تحضير شهاداتهم العليا من جامعات أمريكية و بريطانية و فرنسية و ألمانية ... قد تجندوا لدراسة الحضارة العربية و الإسلامية بصورة عامة في مختلف مظاهرها و حقبها .

و أجدني يوما أمام ديوان ابن خاتمة الذي ترجمه الى الإسبانية و كتبت مقدمته الباحثة سوليداد خيرت فينيش و حصلت بذلك على درجة الدكتوراه في الأدب العربي كما قامت باحثة يهودية بدراسة موسعة في سبيل التحصير لشهادة الماجستير كان موضوعها حول المفكر الجزائري المشهور المرحوم مالك بن نبي رحمه الله و ألأمثلة في الموضوع كثيرة .

ان هذه المهمة قد عني بها كذلك العدو الإسرائلي عندما توفر لدى رجالاته الأدوات و المواد اللازمة لدراسة و بحث الواجهة بل العمق العربي في خلفيات النصوص الأدبية بغية تحليل و دراسة الإنسان العربي كيف يفكر و كيف يتأثر ... و كانت المصادر المتاحة لهم و قد شملت خط سير الشخصية العربية بدءا من المعايشة الحية في المجتمع ككل قبل قيام دولة اسرائيل عام 1948 الى ما بعد هذا التاريخ .

و ما يدفعنا اليوم الى كتابة هذه الدراسة هو القيام بمبادرة مماثلة لنرصد شخصية اليهودي النفسية بنظرة فاحصة و مقصودة و كيفية تأثره بمختلف المراحل المهمة في التاريخ بين 1967/الى 1970 بدراسة بعض النماذج لنصوص أدبية رصدت تلك الأحداث بمنضور و طرح معينين.

فإذا سألت أحدهم يوما عن رواد الأدب في العالم لأعطاك قائمة لأسماء لا تكاد تنتهي لكن هل له ان يعطيك و لو أديبا واحد ا من اسرائيل ؟

ان جهلنا بالأدب الصهيوني - بدون الدخول في تحديد المصطلح عبري او صهويني - و بالإنسان اليهودي يجعل صورتنا تتراجع زد على ذلك حزمة الأسئلة التي تطرح نفسها و التي تحتاج الى إجابات عن تلك الحفنة من البشر التي جندت نفسها لتحطيمنا عى مر 60 سنة اننا نفتقد فعلا الى دراسات فاحصة لنفسية الآخر و هذا ما سوف نحاول و لو بالتقريب فعله اليوم و سنتوصل الى مفاجأت لا محال .

اليك مثلا الشاعر [color=blue]حــدفاه هركافي و يصحق بولاق و يعقوب ريمون و رجي الموجي - شمعون بار- يعقوب شافيط- بنيناه عاميت - و غيرهم أدباء شعاء قصاصين عايشوا الحدث بالتحديد زمن الحرب العربية -الإسرائلية و خلقوا لأنفسهم أدب سموه أدب النــكـــبــــــة.

إنها كتة أدبية ضخمة لا تزال في اتساع و نستطيع كذلك ان نطلق على ما كتبوه من نصوص بـأدب الدمـــوع او أد ب النحيب و النواح لأنه التعبير الأدق لمجموعة النصوص الموّشحة بالسوداوية و الشكوى العريضة ضف اليه ما تعتريها من صمت و نحيب و قد رصد ابراهيم البحراوي من مصر دراسة مهمة و قدم فيها مجموعة من النصوص تعبر عن الوضع البشري في اسرائيل ايام الحرب .

ان الأدب الصهيوني المعاصر ، يعتبر بحق مرآة صادقة لصورة المجتمع الإسرائيلي في سوداويته البا ئنة من خلال تخبطه في جلابيب الخوف و الفزع إنها الحــرب اذن اما ان تكون قد قرعت طبولها و اما ان تكون وقعت و بين الحرب و الحرب نفوس تنتحب و تعيش البسيكوز المدمر في انتظار حرب مقبلة فنجد هذا الإنطباع في كل شارع و زقاق في غرف النوم بين اولادهم على لسان الكل من الطباخ الى الإسكافي في النوادي و في الحمامات ...

و رغم النجاحات التي حقق الصهاينة في مجال القتل الا اننا نجدهم على طول الدوام يتسائلون من كان حظه أعظم من الناحية الأدبية نتيجة الحرب نحن ام العرب ؟ من جهتهم لم يكونوا قادرين عى هضم انتصااتهم العسكرية و هو ا‘لإعتراف الوارد على لسان الناقد الإسرائيلي المدعو أهود بن عزر في مقال نشره في ملحق أدبي لصحيفة تسمى عل همسمار اذ يتكلم فيها عن اعترافه المصبوغ بسبلينية ناقصة عن عقم نجاحهم لأن ما جرّته أقلام الأدباء العرب في تلك الفترة ترك العدو الإسرائيلي لا يعرف كيف يهظم انتصاره صحيح من قال ان القلم سلاح .

ان السبب الأخير ترك نفس الناقد يقدم على فحص لا نقل عنه انه شامل لمجموعة الأعمال الأدبية العربية في تلك الحقبة و في نفس الملحق الأدبي لتلك الجريدة المذكورة أعلاه و في مقاله هذا يعلق آهودا على عدد خاص أصدرته مجلة أدبية إسرائلية -ربع سنوية- المعنونة بـ قــيــشــت او القوس تكلمت فيه عن واقع الإنتاج العربي الأدبي بعد سنة 1967 صدر هذا العدد الخاص في شكل ملحق في 198 صفحة محررة بأقلام لأدباء اسرائليين مختصين في دراسة الآداب العربية الى جانب اشتماله على دراسات نقدية و نصوص كاملة من الشعر و القصة لكتاب عرب مثل - نجيب محفوظ- يوسف ادريس- سليمان فياض- أنسي الحاج- عبد الوهاب البياتي- معين بسيسو- نزرا قبانــي- فدوى طوقان- ...و غيرهم و كانت تعليقات الإسرائليين لهذا الخضم الأدبي في شكل مقارنات بين الظواهر التي لمسها عن الأدب العربي و الحياة العربية بعد الحرب و نفس الظواهر في الأدب الإسرائيلي و الحياة الإسرائيلية بعد الحرب أيضا.

و ما تركنا نحدد الفترة الزمنية في دراستنا الحالية بين نهاية الستينات و بداية السبعينات انما يرجع الى الإنتاج الغزير و الكم اهائل من النصوص و الأعمال الأدبية اتي أنتجت في تلك الفترة خصوصا من كلا الجانبين ، اما السبب الثاني فيرجع الى ظرف الحـــرب نفسه و هو عامل مهم لرصد التوترات التي القت بظلالها في شكل دود افعال نفسية لأدباء من خلال كتاباتهم .

انما السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا يولي العدو الإسرائيلي أهمية بالغة لأدبنا؟ و ستفهم لاحقا لماذا وظفت كلمة عــدو و يمكن اعادة طرح السؤال بصيغة أخرى وهو ما نوع النظرة التي يوليها الصهاينة لأدبنا العربي ؟ ان عدد امجلة قيشت يعطي بعض الإجابات عى ذلك لكنها تبقى مجرد انطباعات موضوعية و في الحين بعض النصوص الأدبية و ما جرته بعض الأقلام الصهيونية عن تك الفترة .

في البدء نجد أهــود بن عــزر يشير الى طبيعة القارئ الإسرائيلي المهتم بالمقارنات بل هو يسعى من أجلها في رغبة ملحة لمعرفة ما خلفتّه الحرب في المعسكر العربي و يشير الكاتب الى أزمة المثقفين و قضية أعاقة التفتح الأدبي الحر سواء في مصر او في اسرائيل ثم يجنح الى الإشارة لأستعمال المدلو ل الرمزي في الأدب العربي و يستشهد بقصص نجيب محفوظ لكنه يستطد بالقول ان في مصر يوجد بعض التفتح و يقدم كدليل على كلامه مسرحية ليوسف ادريس ذات منحى نقدي و سياسي كانت عرضت في المسرح المصري في تلك الفترة .
للمقال تتمة ... الجزء الثاني / أدب الحرب ام أدب النكبة .