المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الآداب الأخلاقية للنصيحة



محمد حسن يوسف
12/12/2006, 04:58 PM
الآداب الأخلاقية للنصيحة

بقلم: محمد حسن يوسف


كان من بين الأمور التي أجمع عليها الأخوة والأخوات المشاركين في اجتماع القاهرة: ضرورة التزام المشاركين بالآداب الأخلاقية للنصيحة فيما بينهم. لذا فقد رأيت من واجبي أن أدلي بدلوي في هذا الموضوع:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة، رواه مسلم في صحيحه. وهذا يعني أن الدين بمراتبه الثلاث: الإسلام والإيمان والإحسان، داخل في نطاق النصيحة أو معادل لها. ولذا جاءت أقوال الأئمة الكبار في تعظيم قدر هذا الحديث ، فوصفه الإمام ابن حجر العسقلاني بأنه أحد أرباع الدين، بل عده الإمام النووي بأن مدار الدين على هذا الحديث وحده. وإذا كان الأمر كذلك، فهذا يعني بلوغ النصيحة في دين الإسلام مرتبة عالية سامقة، لا يدانيها عمل آخر.
ولقد كانت النصيحة منهجا سلكه صفوة خلق الله، وهم الأنبياء والرسل صلوات الله عليهم، مع أقوامهم لتبليغ شرع الله. ثم كان هذا المنهج هو الذي أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم أمته بإتباعه، فحمل لوائه الصحابة رضوان الله عليهم، ثم التابعين من بعدهم، ثم سارت عليه الأمة جيلا بعد جيل.
وتتنوع أمور النصيحة ومجالاتها بين المسلمين وتتعدد. ولكني أود هنا الإشارة إلى نوع من النصح بدأ يشيع في زماننا هذا، ألا وهو توجيه النصح لبعضنا البعض على منتديات الانترنت.
وبداية أود توجيه تحية تقدير وتشجيع لكل من يلزم نفسه بتوجيه النصح لأصدقائه على صفحات المنتديات. ولكن، وللأسف، يأخذ هذا النصح في بعض الأحيان صورا منفرة تصيب المنصوح بالإحراج والغضب، مما قد يؤثر على الهدف الأصلي من توجيه النصح، وهو تصحيح الخطأ الذي وقع فيه هذا المنصوح. بل قد يتطور الأمر في بعض الأحيان، فتأخذ المنصوح العزة بالإثم – من جراء شدة الناصح وغلظته في توجيه النصيحة – فيقسم على عدم القيام بتعديل الخطأ الذي وقع فيه، بل والاستمرار عليه.
لذا أردت توجيه كلمة موجزة لأخواني الناصحين، ألفت أنظارهم إلى ضرورة التحلي بعدة آداب عند توجيه النصح لمن أرادوا، إذا كانوا يرجون أن تؤتي نصائحهم أكلها، فيعمل بها المنصوحين بدون تردد أو أدنى تفكير.
فنعلم جميعا – هدانا الله إلى الخير – أن أهم ضابط أخلاقي للنصيحة هو إخلاص النية لله رب العالمين. والإخلاص في الحقيقة هو من أهم الضوابط التي يجب أن يتحلى بها المسلم عند قيامه بأي عمل. فلو داخل نفسه أدنى رياء أثناء القيام بالعمل، لضاع هذا العمل هباء. والإخلاص في توجيه النصيحة يعني أني بعملي هذا لا أريد سمعة ولا وجاهة، ولا أريد أن يرى الناس مدى علمي أو مكانتي، ولا أريد أن أظهر للمنصوح جهله وسفهه.
كما يلزم الناصح أن يتحلى بالرفق عند تقديم النصيحة. والرفق هو اللطف ولين الجانب، وهو نقيض العنف. وقد روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه. ولنعلم جميعا أن العنف لا يكون سبيلا إلى الدعوة إلى الله أو إلى المناصحة لله، بل غالبا ما يدفع العنف إلى التحاقد والشحناء والبغضاء.
ومن تأمل سيرة النبي الكريم صلوات ربي وسلامه عليه، يجد أنه لم يحد عن انتهاج الرفق سبيلا للنصح والتوجيه. ولقد كان الرفق في معظم الأحيان سببا في هداية المنصوحين وإسلامهم.
وثالث الضوابط التي يجب على الناصح أن يتحلى بها هو الحلم بعد النصيحة. والحلم هو العقل والأناة، وهو مضاد السفه. ذلك أن النفس جُبلت على النفور من الناصح. لذا يتوقع من المنصوح القيام بعمل قد يكون فيه إساءة لشخص الناصح. وهنا يكون على الناصح التحلي بالحلم، وعدم الانزلاق وراء إساءة المنصوح، فيتحول موضوع النصيحة إلى مشادة شخصية، ويضيع الحق بينهما.
وبعد فهذه عدة نصائح أقدمها لنفسي أولا، ولإخواني الذين يقومون – مشكورين – بتوجيه النصح لزملائهم عبر المنتديات، بسبب وقوع هفوات أو أخطاء سواء لغوية أو علمية أو إملائية ... الخ. اسأل الله أن ينفعنا جميعا بها.

د.حمزة ثلجة
12/12/2006, 06:17 PM
أستاذنا القدير الفاضل
الله
سلمت وأدامك الله صوتا للحق والكلمة الطيبة
وأود أن أقول شيئا للزملاء لقد تعلمنا الكثير من أستاذنا القدير الفاضل أثناء دورة الترجمة السابقة وللحق كان لنا أبا وأخا وصديقا وقد تعلمنا الكثير ليس من علمه الوافر فحسب وإنما من نبله و تواضعه وحكمته أيضا
جزاك الله خيرا لهذا المقال الذي يفيض حكمة ورأفة

حفظكم الله
مع كل المحبة والتقدير
تلميذكم المحب

محمد بن أحمد باسيدي
12/12/2006, 06:40 PM
أخي النبيل محمد حسن يوسف
أحييك تحية من عند الله مباركة طيبة, وأبارك لك زواج ابن أختك. بارك الله لهما وبارك عليهما وجمع بينهما في خير.
أشكرك على طرح هذا الموضوع القيّم الذي نحتاج لمعرفة آدابه وضوابطه كي يؤتي التناصح بيننا ثمرته المرجوة, وكيلا ينقلب وبالا على الناصح والمنصوح. فما أحوجنا إلى إحياء هذا الركن الركين من حياتنا الاجتماعية, وبذل الجهد لنكون مخلصين فيما ننصح إليه ورفيقين بمن ننصح وذوي حلم وأناة بعد النصح.
نسأل الله عزّ وجلّ أن يجعلنا من الإخوة المتحابين المتناصحين.
_____
تحية ناصحة
محمد بن أحمد باسيدي

ايمان حمد
12/12/2006, 07:46 PM
الدكتور محمد حسن يوسف

شكرا لك على النصح والكلمة الطيبة
ادعو الله ان يردنا الى اخلاق ديننا ردا جميلا
وادعو الهداية منه لنفسى اولا ولأخوتى ثانيا بتقبل النصح بصدر رحب ونية مخلصة من الجميع

تقديرى استاذى

بنت الشهباء
12/12/2006, 08:58 PM
أستاذنا الكريم
محمد حسن يوسف

وأنا أقرأ ما جاد به لسان قلمك , وما أضاءت لنا صفاء ونقاء طويتكَ

حضرتني الآية الكريمة

{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء }إبراهيم24
فالكلمة الطيبة النصوحة لا يمكن لها إلا أن تؤتي ثمارها ولو بعد حين ...
ونرجو من الله , وندعوه أن نكون ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه
إنه سميع مجبب

باركَ الله بكَ , وجعل ما نثرته لنا من عبر ومواعظ في موازين حسناتكَ

عبد الله علي
12/12/2006, 10:53 PM
فتح الله عليك أستاذي الكريم، وزادك بسطة في العلم. :)

حسام الدين مصطفى
15/12/2006, 05:55 PM
أستاذنا المبجل: محمد حسن يوسف
جزاك الله كل خير عن نصيحتك القيمة ... وأعتذر عن عدم انتباهي لها إلا اليوم ... وقد تم إدراج رابطها ضمن أهم روابط لقاء القاهرة
لك تحيتي وتقديري

عبدالودود العمراني
15/12/2006, 07:20 PM
أخي محمد حسن يوسف،
بارك الله فيك (كما نقول في تونس).
لقد فتحت بكل بساطة باباً من أجمل وأرقى أبواب الجهاد: جهاد النفس...
أخوك عبدالودود

د- صلاح الدين محمد ابوالرب
15/12/2006, 08:34 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله بك
تحية

رابحة
29/01/2008, 10:56 PM
السلام عليكم

و أنا أقرأ مقالك أستادنا الفاضل تذكر بيتا شعريا لأحمد شوقي يقول فيه :

وَإِذَا أُصِيـبَ القَـوْمُ فِـي أَخْـلاقِهِمْ

فَأَقِـمْ عَلَيْهِـمْ مَـأْتَمـاً وَعَـوِيـلاَ
السلام عليكم

رابحة
29/01/2008, 10:57 PM
السلام عليكم

و أنا أقرأ مقالك أستادنا الفاضل تذكرت بيتا شعريا لأحمد شوقي يقول فيه :

وَإِذَا أُصِيـبَ القَـوْمُ فِـي أَخْـلاقِهِمْ

فَأَقِـمْ عَلَيْهِـمْ مَـأْتَمـاً وَعَـوِيـلاَ
السلام عليكم