المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رسالة الى شباب الأمة



محمد بن سعيد الفطيسي
18/08/2008, 03:07 PM
الشباب روح الأمة , ودماء الحياة التي تجري في شرايينها , وعليه فان تلك الدماء لابد أن تظل دائمة الصفاء والنقاء والطهارة , وخاليه من كل ما قد يمثل أي خطر او تهديد على الجسم , وإلا فان النتيجة ستكون إصابته بالتلوث والمرض , وبالتالي فان من الضرورة الاهتمام بسلامتها وحمايتها من الملوثات بجميع أشكالها وأنواعها , وكما أن لجذور الأشجار الدور الأكبر في حياتها وبقاءها , حيث لا حياة لها بدونها , إذ تساوي المجموعة الجذرية في أهميتها للنبات المجموعة الخضرية , بل تفوقها ، فلابد إذاً من تأمين متطلباتها من المواد الغذائية الضرورية لدعمها وتقوية نموها وانتشارها , فكذلك الشباب بالنسبة لكيان كل امة , إذ لابد من الاهتمام بمتطلباتهم الفكرية والجسمية والروحية , وحمايتهم من كل ما قد يمثل أي تهديد او خطر عليهم , وذلك بهدف ضمان المحافظة على تلك الجذور من التفسخ والانحلال والضعف , ولتكون الروح التي تستمد منها شجرة الأمة اخضرارها وحياتها , طيبة نقية وطاهرة , وبالطبع فان ذلك لن يكون سوى بتوفير البيئة السليمة والصحيحة لنموها وسلامتها وانتشارها 0
ولله الحمد - , فقد عرفت هذه الأمة العظيمة ولا زالت وستظل عبر تاريخها المشرق الكثير من الشباب الوفي المخلص لها , الشباب الذي يستحق أن نطلق عليه تسمية " خير خلف لخير سلف " , فناصروا قضاياها ودافعوا عن عقيدتها وقيمها وأهدافها ومبادئها بشرف وأمانه , وضحوا بالغالي والنفيس فداء لها , فكانوا شمعة تحترق لتضئ طريقها , ودماء تستنزف وتفنى لتحيي هي حياة الخلود , فلم يهنوا للضعف والبلاء , او يستكينوا للظلم والقهر , او يستسلموا لشراسة ضربات الفساد والانحلال والتفسخ , لأنهم فهموا أن لكل شي ضريبة وثمن , وان العدل لابد له من رجال تنصره , وان الحق لابد له من معين يستمد منه قوته , فكانوا هم المعين الذي لا ينضب لها , والضريبة التي لابد أن تدفع , والثمن الذي لابد أن يؤدى , وانه لثمن قليل لسلعة غالية جدا , ( فالعالم لا يمكن أن يصل الى السعادة الى على قنطرة الجهاد ومتاعب يقدمها الشباب المسلم , فالأرض بحاجة الى سماد , وسماد ارض البشرية الذي تصلح به , وتنبت زرع الإسلام الكريم , هي الشهوات والمطامع الفردية التي يضحي بها الشباب العربي في سبيل علو الإسلام وبسط الأمن والسلام على العالم ) 0
ولكن , ماذا إذا فسدت تلك الجذور او أصابها التعفن والانحلال ؟ , حينها تبدأ الشجرة بالضعف والترهل والانكسار , لتموت بعدها بشكل بطئ وتختفي من الحياة الى الأبد , حيث يبدأ الضعف والوهن بالدبيب في سيقانها وفروعها , فتذبل أوراقها الخضراء اليانعة , وكذلك الأمم بفساد شبابها وتفسخ أخلاقهم , وانحدارهم الى أوحال الجاهلية ومفاسدها , ومما يحكى في هذا الشأن , بان الصليبيين قبل سقوط الفردوس المفقود " الأندلس " كانوا يرسلون كتائب من جواسيس الاستطلاع , وذلك بهدف معرفة أحوال الشباب فيها , فكانوا في بداية الأمر يجدوهم وهم يتنافسون على حفظ القران الكريم والأحاديث النبوية وقراءة كتب الأدب والثقافة وغيرها من العلوم , فكانوا يحذرون قومهم من مهاجمة امة هكذا حال شبابها , ( وقيل أن احد العيون وجد غلاما في الثامنة يصوب على عصفورين في ضربة واحدة , فأصاب وحدا منهم ... فحزن لذلك ... فسأله الجاسوس ما أحزنك وقد أصبت واحدا ؟ فقال: هب أن اثنين من الفرنجة هجموا علي ولم يكن معي غير سهم واحد , فأصبت واحدا واخطات الآخر , فانه سيقتلني وأكون قد أخفقت في حفظ ثغر من ثغور المسلمين , ثم عادوا مرارا وتكرارا حتى وجدوا شابا يبكي ... فقيل له ما يبكيك ؟ فقال :- واعدت حبيبتي في مكان كذا ساعة كذا , فلم توافني فيه فبكيت على فراقها وحزنت حزنا شديدا , فقالوا هذا هو الوقت المناسب للهجوم على المسلمين والنيل منهم ) 0
وللأسف الشديد – فان وضع شباب الأمة اليوم اقرب الى الحال التي وصلت إليه الأندلس قبل سقوطها , وهذا لا يحتاج الى دليل او برهان لإثباته , ( فالعالم لا يسعد وخيرة الشباب في العواصم العربية عاكفون على شهواتهم , وتدور حياتهم حول المادة والمعدة , لا يفكرون في غيرها , ولا يترفعون عن الجهاد في سبيلها , ولقد كان شباب بعض الأمم الجاهلية الذين ضحوا بمستقبلهم في سبيل المبادئ التي اعتنقوها اكبر منهم نفسا , وأوسع منهم فكرا ) , وهي إشارة واضحة على النجاح الذي حققه أعداء هذه الأمة , بهدف تغريب شبابها , وإبعادهم عن الدين الإسلامي وقيمه الفاضلة , وتدمير أخلاقهم وشخصيتهم , وقوة عقيدتهم0
نعم , لقد خسرنا الكثير والكثير نتيجة الحال الذي وصل إليه شباب هذه الأمة , ومن المؤكد بأننا سنخسر الأكثر في حال استمرار الوضع المزري على ما هو عليه اليوم , وفي هذا السياق يقول المبشر النصراني جب :- ( لقد فقد الإسلام سيطرته على حياة المسلمين الاجتماعية , وأخذت دائرة نفوذه تضيق شيئا فشيئا , حتى انحصرت في طقوس محددة , وقد تم معظم هذا التطور تدريجيا عن غير وعي وانتباه , وقد مضى هذا التطور الآن الى مدى بعيد , ولم يعد من الممكن الرجوع فيه , لكن نجاح هذا التطور يتوقف الى حد بعيد على القادة والزعماء في العالم الإسلامي , وعلى الشباب منهم خاصة ) , ونقول :- بان الأشجار التي تفسد جذورها في ارض طيبة , فتتحلل فيها روح الحياة وتموت , لا يمكن أن تتحمل تلك الأرض مسؤولية ذلك الفساد , وكذلك الأمم الفاضلة التي يتهاوى شبابها أمام مواكب الانحطاط والانحلال والتفسخ , لا يمكن أن نحمل نصوصها وقيمها ومبادئها الفاضلة , مسؤولية ذلك الانحدار بأعز ثمارها الى هاوية الردى , تحت شبهة أن تلك النصوص والقيم والمبادئ الفاضلة , لا تصلح للحياة والحضارة في هذا العالم الحر , او أنها فقدت القدرة والسيطرة على حماية أبناءها او رعايتهم وهدايتهم , فما أشبه الأرض الطيبة بالكلمة الطيبة , وما أشبه الكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة , وكذلك الجذور الفاسدة , بالكلمة الخبيثة , وما أشبه الكلمة الخبيثة بالشجرة الخبيثة , يقول الحق سبحانه وتعالى :- { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيبَةً كَشَجَرةٍ طَيبَةٍ , أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي ٱلسَّمَآءِ * تُؤْتِيۤ أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبهَا , وَيَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ , ٱجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ ٱلأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ } , صدق الله العظيم 0
فيا شباب الأمة , وحماة عرينها وعقيدتها ولواءها , يا دماء الطهر والصفاء التي تجري في عروقها , فتستمد منها قوتها وطاقتها , يا رئتها التي تتنفس من خلالها هواء الحياة النقي , يا جذورها الطيبة التي لا يمكن لها الحياة بدونها , آما آن الأوان ليقظة لا غفلة بعدها , ونهضة لا انحطاط فيها ولا فساد , وبزوغ شمس لا يقهرها ظلام الجهل والانحطاط والتفسخ , ( فالمسلمين يمكنهم أن ينشروا حضارتهم في العالم الآن بنفس السرعة التي نشروها سابقا , بشرط أن يرجعوا الى الأخلاق التي كانوا عليها حين قاموا بدورهم الأول , لان هذا العالم الخاوي لا يستطيع الصمود أمام روح حضارتهم ) كما يؤكد ذلك المستشرق مرماديوك باكتول , وبالطبع فان ذلك لا يمكن أن يتحقق إلا على أكتاف أبناء هذه الأمة وخصوصا بتضحية من شبابها 0
نعم , فنحن مطالبون بالتضحية والإيثار من اجل رفعة هذه الأمة الغالية , ومطالبون بالتنازل عن الكثير من الرغبات الفردية والشخصية والشهوات الأنانية الدنيوية من اجل هدف اسمي واغلي وأكرم , - ونقصد – إعلاء كلمة الحق الممثلة بالإسلام وتعاليمه الخالدة الفاضلة الطيبة , وإعادته الى سالف عهده الذي كانت الأمم جميعها تسير خلف قيادته مطمئنة آمنة سالمة , ( فحقا على العالم الإسلامي أن يمني نفسه بهذا المنصب الخطير – أي – منصب قيادة الأمم بعد انسلاله منه , ويطمح إليه , وان حقا على كل بلد إسلامي وشعب إسلامي أن يشد حيازيمه لذلك , وان حقا على كل مسلم أن يجاهد في سبيله ويبذل ما في وسعه , فهذه المهمة الشريفة التي نيطت بالأمة الإسلامية , يوم برزت الى عالم الوجود , ويوم ظهرت نواتها في جزيرة العرب ) , وبالطبع فان ذلك لن يتحقق بالتذمر من صعوبة الحياة وقسوتها , او بالخوف من الظلم والجبروت والقهر , او برفع مستوى الأنا ومتطلباتها فوق المسؤولية تجاه الجماعة والأمة والدين 0
فيا أصحاب الأقلام من الشباب , اعدوا أقلامكم لتكون سيوفا في مواجهة الباطل , ويا أصحاب الكراسي والمناصب , أما آن أن توجهوا قوتها لخدمة الأمة والعقيدة والدين , فقد ملت جلوسكم العقيم عليها , ويا أثرياء الأمة ومليونيراتها , أما آن أن تستغل تلك الأموال المخزنة لرفع مكانة هذه الأمة العظيمة وتوجه لخدمتها , ويا حملة الشهادات العليا , أما آن لتلك الشهادات أن تنتفض من الغبار الذي تراكم عليها جراء طول بقاءها ميتته في براويزها المزخرفة , فانتم وقود نهضتها , وقنطرة رفعتها , وجذور حياتها , ودماء بقاءها , وهواء رئتها , ( شبابي إن كنت لا استطيع , أحقق فيه منى أمتي , فلا كان هذا الشباب العقيم , ولا كان زهوي ولا قوتي ) 0

أبو ياسر عبد الصمد
14/11/2009, 05:55 PM
بسم الله الرحمن الريحم و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين،
أستاذي الفاضل جعلك الله ذخرا لأمة الاسلام و بارك في عمرك على هذا المقال الرائع المفعم بالعاطفة و الصدق في بذل النصيحة لشباب أحاطت به الفتن من كل جانب فغدا بلاءا على نفسه قبل بلاء المقامرين عليه. و ما هذه الحداث التي سببتها كرة مرتقبة بين الإخوة الأشقاء إلا دليلا على استسلام هذا الشباب لتلك الفتن و الإحن.

محمد بن سعيد الفطيسي
16/11/2009, 05:41 PM
بسم الله الرحمن الريحم و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين،
أستاذي الفاضل جعلك الله ذخرا لأمة الاسلام و بارك في عمرك على هذا المقال الرائع المفعم بالعاطفة و الصدق في بذل النصيحة لشباب أحاطت به الفتن من كل جانب فغدا بلاءا على نفسه قبل بلاء المقامرين عليه. و ما هذه الحداث التي سببتها كرة مرتقبة بين الإخوة الأشقاء إلا دليلا على استسلام هذا الشباب لتلك الفتن و الإحن.

كل التقدير والامتنان استاذي على شرف تواصلكم معنا
فبارك الله لنا بكم , وشكرا على كلماتكم الرقيقة

أ. زيناء ليلى
16/11/2009, 08:40 PM
السلام عليكم
يؤسفنا حال شبابنااليوم ولكن العظام لا يلدوا اقزام فإن وجدت في الشباب همة فعد الى الاصل القوي وان وحدت خمولا فابحث في الجذور الاعمق وماذا في النفوس من ضعف ايماني وتربوي وأنا لاالوم شبابنا بقدر ماألوم كبارنا وشيوخنا فمنهم نستمد القوة والعزيمة فهم مخططون للنجاح والشاب منفذ طامح
شيوخنا اليوم تراهم همهم المنصب او تجديد الشباب أو زيادة الأموال ومعظمهم في السطحية عابثون وبين الارائك يتأمرون فهؤلاء عبثا يتكاثرون
تريد همة عظيمة فابعث الهمة في شيوخ الامة لتكون قدوة الشباب ودافع للعمل يدا بيد الشاب للعمل والشيخ للتخطيط والمتابرة والدعم المادي والتصحيح
يد واحدة لا تصفق فهم شبابنا اليوم همهم الاكبر تحصين النفس والامر حق وحق الحق فلن يحقق المجد طالب مال أو جاه أو غرام ولن يطول العلم من كان قلبه مشغول باعتلاء المناصب او الاستمتاع بكؤوس الهيام
بورك كل شاب يجاهد في دنياه جهاده الاكبر