المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مواقف طريفة



فرح حمداوي
19/08/2008, 03:16 PM
مواقف طريفة

يحكى عن عجوز كان يعيش في قرية بعيدة تمام البعد عن المدن ﺃنه لم يزر مدينة قط في حياته , و ذات يوم و بينما هو جالس في زريبته لفت ﭐنتباهه حماره المطيع الذي بدا عليه الهزال واضحا , فقرر الشيخ ﺃن ﯿﺃخذه معه ٳلى المدينة في ﺃول زيارة لها و ذلك لكي يبيعه هناك , خصوصا و ﺃنه سمع ﺃن سكان المدن يقدرون الحيوانات و يعطفون عليها .
فما كان منه ٳلا ﺃن ﭐمتطى صديقه العزيز قاصدا المدينة . فلبس عباءته البيضاء المهترﺌﺔ و عمامته الماﺌلة للحمرة و ﺃخذ عكازه الخشبي الذي لم يكن يملك من متاع الدنيا سواه . فجعل الحمار يضرب الطريق بحوافره في غير تناسق ﺃو نظام و ﻛﺃنه لم يكن متحمسا لفكرة بيعه .
و عند وصولهما , كان منظر القرويين مثيرا للشفقة و الضحك . و لم يخف الشيخ ﭐنبهاره بمنظر المدينة العجيب فكان يقول لحال نفسه لو عشت هنا منذ نعومة ﺃظافري لكنت اﻵن طبيبا ﺃو مهندما و كان يقصد بذلك مهندسا . و قد كان هذا الشيخ لا يفقه من ٳشارات المرور ﺷﯿﺌا , فعند ٳشارة الضوء اﻷخضر كان يقف بحماره وسط الشارع فيستمتع برؤية الفنادق و ناطحات السحاب و المركبات التجارية . و عند ٳشارة الضوء اﻷحمر كان يجري بحماره و يغني لاعنا الجهل و ﺃسبابه . مما ﺃثار ضجة في المدينة و ولد سخطا لدى الساﺌقين .
و ﺃخيرا ﭐستقر بصاحبنا الحال ﺃمام فندق ضخم لا يدخله ٳلا ذوو النفوذ من ﺃعيان الدولة و مسؤوليها.و في طرفة عين دلف ٳلى هذا الفندق فرﺃى سيدة عجوزا تدخل المصعد و بعد فترة وجيزة خرجت من نفس المصعد فتاة في مقتبل العمر فظن من فرط جهله ﺃن هذا الصندوق السحري يجعل كبار السن شبابا . فتمنى لو كانت زوجته معه حتى يصيرا طفلين و يعيشا في المدينة ﻔﭐلقرية لم تعد تناسبهما . ﺃما ملابس العاملين ﺒﭐلفندق فقد ﺃثارت دهشته فجعل يتحسسها و يتحسس العمال ﻟﯿﺘﺃﻛد من ﺃنهم مثله من بني البشر .
و بينما هو كذلك ﻔٳذا بكتلة شحوم متحركة تمر ﺃمامه : وزير ضخم الجثة .
فتذكر الشيخ المهمة التي جاء من ﺃجلها , ﻔﭐقترب من الوزير و لسانه لا يكف عن تلميع صورة الحمار .
- ٳنه حمار ظريف سيسليك وقت مللك , و يستطيع حمل ﺃثقال وﺃثقال شرط ﺃلا تخل ﺒﭐحترامك له و تضربه , و هو لا يستهلك الكثير من الطعام ... قليل من البرسيم كاف ... و ﺃﺃكد لك يا صاحبي ﺃنه ﺃنظف مخلوق على سطح اﻷرض ... كما ﺃنه متفهم ... و كتوم ... و ٳذا كنت تحس ﺒﭐلوحشة ﺃو الوحدة ﺃو حتى الغربة تستطيع الحديث معه فتروح عن نفسك ...و...و...و...
- ما هذا يا رجل ؟ هل تصور فيلما سينماﺌيا عن الحمير؟ ...ﺃم ﺃنك تسخر مني ؟
- لا تستحي يا سيدي من شراﺌﮫ ﻔٳنه خير جليس لك و خير ﺃنيس... ٳنه ... ٳنه مثل النسمة الوديعة و الحمامة ال...
-ٳذهب من ﺃمامي قبل ﺃن يحدث ما لا تحمد عقباه , ﻔﺃنا وزير و حركة واحدة من خنصري تجعلك ...
قاطعه الشيخ قاﺌلا : ﺃنت وزير ؟ و لم تقل ذلك من اﻷول يا صاحبي؟ ... يال التواضع و نكران الذات ... يال التواضع و نكران الذات. ﺒﭐلمناسبة ٳن هذا سيزيد من ميزة الحمار , بما ﺃنك وزير ﻔٳنك و لا شك تملك ملابس ذات ﺃلوان مختلفة و ﺃﺃكد لك ﺃن لون الحمار يلاﺌم جميع ﺃلوان الطيف حيث ﺃن ...
- ﺃغرب عن وجهي ﺃيها الصعلوك .
و قبل ﺃن يتم الوزير كلامه وجد الشيخ نفسه ملقى على اﻷرض خارج الفندق , فهو عنصر دخيل غير مرغوب فيه . و هنا ﺃحس صاحبنا ﺃن لا مفر من العودة للقرية خاصة و ﺃن الليل على وشك القدوم . فقايض حماره بديك رومي و عاد ٳلى القرية يجر ﺃذيال الخيبة . و عندما ﺴﺃلته زوجته عن الثمن الذي باع به الحمار قال لها : ﺃطبخي الديك و ﭐخرسي يا ﭐمرﺃة .
و مع كل قضمة من الديك الرومي كان الشيخ يقسم ﺃلا يذهب ٳلى المدينة ثانية . و في صباح اليوم التالي شاع في القرية خبر حديث الشيخ مع الوزير , ﺒﭐلطبع كانا يتحدثان في شؤون البلاد ... فلا يعقل ﺃن يتحدثا في موضوع ﺁخر ... ﺃليس كذلك ؟