إبراهيم محمد إبراهيم
20/08/2008, 07:48 AM
الجزء الأول من الباب الثالث عشر
سلطان عجيب
وصلني خطاب من أحد القراء يقول فيه : إنك لم تلق الضوء في مقالاتك " البحث " هذه (1) عن التناقض بين العلم والدين .
العلم والدين :
والحقيقـة أن هنـاك خطـأ في الفهم فيما يتعلق بالعلم ، فنحن نعتقد أن ما نطلق عليه " SCIENCE " هو العلم ، وهذا تجاوز في الفهم منا ، فهذا الذي نطلق عليه " SCIENCE " ليس علماً ، إنما هو طريقة لمعرفة وفهم حقيقة ما ، لكننا ربما عن حسن نية لم نستوعب هذا الأمر جيداً .
والحقيقة أن الله تعالى وضع حكمته في الكائنات من حولنا وفرقها فيها ، وقد قسمنا نحن هذه الحكمة إلى أقسام ودرجات كنوع من التسهيل على أنفسنا في الفهم والاستيعاب . على سبيل المثال حكم " بكسر الحاء وفتح الكاف " الله في النباتات ، حكم الله في الأسماك ، حكم الله في الطقس والأفلاك . لنفترض أننا نجمع حكم الله المتعلقة بالنباتات بطريقة علمية ، عندئذ سيكون هذا علم يختص بالنبات ، وهو ما نطلق عليه " BOTANY : علم النبات " ، ونحن نطلق على هذه الطريقة بهذا الشكل مسمى " علم " في لغتنا الدارجة ، وهو خطأ ، فهذا المسمى ليس علماً ، وإنما هو طريقة خاصة بالبحث في النباتات تم استنباطها بأسلوب علمي . افترض أنك تريد أن تصنع " البسبوسة " (2) ، فإنك أولاً ستقوم بتحمير " الدقيق " في " السمن " ، ثم تضع عليه بعد ذلك " الشربات " الذي أعددته سابقاً لهذا الغرض ، وهكذا تكـون قد صنعت " البسبوسة " ، فـ " البسبوسة " في ذاتها شيء ، والطريقة التي أعددتها بها شيء آخر ، وهكذا الأمـر بالنسبـة للفيزيـاء ، فهي ليست " علماً " ، وبالتـالي فإن مـا نطلـق عليـه " SCIENCE " ليس علماً ، ولا نهاية له أيضاً ، إنما هو طريقة للعمل تطبقها حيث تريد .
أسير الحواس الخمسة :
سادتي ، إن حواسنا محدودة ، وهي التي نفهم من خلالها ما يحيط بنا،فحاسة " السمع " لدينا مثلاً محدودة ، ونحن لا نستطيع أن نسمع الأصوات الخافتة جداً ، كما أننا لا نستطيع أن نسمع الأصوات ذات الترددات المرتفعة جداً ، ونفس الأمر بالنسبة لحاسة " البصر " ، فنحن نستطيع أن نرى بعض الأشياء ،ولا نستطيع رؤية البعض الآخر،وقد قال القرآن الكريم " وجعلنا من الماء كل شيء حي " (3) ، وتعجب الناس ، كيف يكون هذا !. إنه سائل يشـرب ، فكيـف يمكـن خلـق المخلـوقـات من هـذا السائل . وبعد قرون تم اكتشاف " الميكروسكوب " ، ولما رأينا الماء من خلاله وجدناه مليئاً بالكائنات الحية .
العلاج بالمثل " الهوميوباتيك " (4) :
ومن البديهـي أن لا تستـوعب طـرق العلـم كل شيء ، خـذ طب العلاج بالمثل " الهوميوباتيك " كمثال ، فقد كان هناك رجل هو إلى الدراويش والزهاد أقرب ، ويدعى " هانيمان " ، وقد واتته فكرة هذا الطب بلا سابق إنذار ، وهذا أيضاً أمر عجيب ، إذ أن العلم متى أتى كان مجيئه عن طريق الإلهام . على سبيل المثال تتوهج في ذهن أحد حقيقة ما ، فيركز هذ الشخص اهتمامه بهذه الحقيقة ، ويفكر فيها ويتأملها ويبحثها إلى أن يفهم هذه الحقيقة بوضوح . وهذا بالضبط هو ما حدث مع " هانيمان " ، إذ توهجت في ذهنه حقيقة ما ، وهي أن الدواء الخالص يكون أثره قليلاً ، ولكن إذا خلط هذا الدواء الخالص بالماء وخفف به فإن فاعليته تزيد . وأخذ " هانيمان " يتأمل هذه الحقيقة ويجري عليها التجارب ، ثم بدأ يعطي مرضاه الأدوية المخففة بدلاً من الأدوية المركزة ، فحقق ذلك نتائج مبهرة .
وبدت هذه الطريقة في نظر المعالجين بالطب التقليدي مثيرة للضحك والسخرية ، ولهذا قالوا للباحثين : عليكم أن تفحصوا هذا الأمر في مختبراتكم لتروا هل الدواء المخفف أكثر تأثيراً بالفعل من الدواء المركز أم لا ؟!. وتم تقديم الأدوية المخففة إلى العلماء في المختبرات ، وفحصوها بأدواتهم ، وتم تخفيف أدوية " الهوميوباتيك " إلى درجة لم تعد معها المعدات المعملية قادرة على إثبات وجود الدواء في الماء ، ولهذا أعلنوا أن المحلول الموجود أمامهم هو ماء خالص ، ويخلو من أية عناصر دوائية .
أمر مضحك :
والطريقة العلمية تكون في بعض الأحيان مضحكة ، إذ لا تستطيع على سبيل المثال رؤية النتائج ، وقد أعطى " هانيمان " هذا الدواء المخفـف إلى عدد من المرضى وشفوا مما هم فيه تماماً ، والطريقة العلمية لا تنظر إلى النتائج التي حققها الدواء ، وهل فيه قوة شفاء أم لا ، وإنما تنظر فقط فيما إذا كان هذا يتفق مع الطريقة العلمية أم لا . وكانت النتيجة أن أعلن المعالجون بالطب التقليدي أن " الهوميو باتيك " ليس طريقة علمية للعلاج ، ومع ذلك ظل طب الهوميو باتيك " العلاج بالمثل " مستخدماً ، ويلقى رواجاً يوماً بعد يوم ، ولا يزال أصحاب الطب التقليدي يصفونه بأنه علاج غير علمي .
ثم حدث أمر عجيب ، إذ أرسلت شركة من شركات الأدوية دواءاً إلى عدة معامل في وقت واحد ليفحصوا أثره على جسم الإنسان . وأخذ أساتذة التحاليل يراقبون أثر هذا الدواء يوماً بعد يوم ، ولم تختلف النتيجة . وذات يوم فحصت إحدى المتخصصات في التحاليل الدواء فأصابتها دهشة عظيمة ، إذ زاد أثر الدواء إلى أكثر من الضعف ، ولم تصدق ما حدث ، ففحصت الدواء ثانية وثالثة ، وكانت النتيجة في كل مرة أن الفعالية تضاعفت ، فتحدثت إلى زملائها ، ودهشوا جميعاً ، وقالوا ربما خلط أحد هذا الدواء بشيء آخر . ولما فحصوا مقدار الدواء وجدوه حقيقة قد زاد . وبعد البحث تبين أن أحداً ما خلط الدواء بالماء ، وبناءاً عليه ظهر سؤال جديد هو هل تزداد فاعلية الدواء إذا خلط بالماء ؟!. وللإجابة على هذا السؤال زادوا نسبة الماء في الدواء ، ثم فحصوه ، فوجدوا أن فاعلية الدواء تزداد بالفعل إذا ما خفف بالماء ، وكرروا التجربة والفحص مرات عديدة . وحين تأكدوا من هذه الحقيقة نشروها تفصيلاً في مجلة علمية متخصصة .
ولما رأى تجار الدواء التقليدي ذلك أصابهم القلق ، إذ لو تم الاعتراف بطب الهوميو باتيك كطريقة علمية للعلاج فإن ذلك سيصيبهم بخسارة فادحة .
خادمة أصحاب المصالح :
على أية حال اتضحت حقيقة أن الطرق العلمية ليست كاملة ولا حتمية ، ولقد جعلنا مما نطلق عليه " SCIENCE " خادمة ، أو وسيلة لفهم حكمة الله تعالى واستيعابها ، وجاء الغربيون فأعطوا إهتماماً كبيراً لهذا الـ " SCIENCE " ، وإلا فإن مكانة الـ " SCIENCE " الآن ليست مثلما كانت عليه من قبل ، إذ كانت مهمته في السابق هي البحث في أسرار الكائنات ، يعني " حكمة الله " ، ومحاولة الوصول إلى الأشياء البناءة . أما اليوم فقد أجبر على البحث عن الأشياء المخربة تحقيقاً لمصالح الحكومات والتجار ومن هم على شاكلتهم ، ولم يعد العالم " بكسر اللام " يقوم بعمله طبقاً لرغبته ، إذ تشتريه الحكومات ، وإن رفض أن يشتريه أحد اعتقلوه واحتجزوه . وبالإضافة إلى الحكومات فإن التجار أيضاً يوظفون العلماء لتحقيق مصالحهم المشروعة وغير المشروعة .
هذا وقد ساعدت الحضارة الغربية على تأجج نيران المصالح الشخصية باتخاذها من الاقتصاد معياراً للحياة وهدفاً لها . على سبيل المثال عندما ظهر " التنويم المغناطيسي " وبدأ في الانتشار تعرفنا معه على طاقة جديدة في الحقل الإنساني ، وهي أن الإنسان يستطيع أن ينقل أفكاره إلى عقل إنسان آخر ، وأجريت تجارب كثيرة على هذا الأمر . مثلاً أجلسوا صديقين على مسافة بعيدة بينهما ، ووضعوا أمام كل منهما أوراق " كوتشينة " ، فتناول أحدهما ورقة " البنت " ، ثم حاول بطريقة شعورية واعية أن يأخذ صديقه الذي يجلس على بعد أميال منه ورقة " البنت " أيضاً ، بمعنى نقل فكرة فرد إلى عقل وذهن فرد آخر ، ويمكن تطوير هذه الطاقة في أشكال بناءة متعددة ، لكن لا قيمة للعلم أو الأخلاق أو الروحانيات في ظل جو المصالح الشخصية هذا الذي خلقه الغرب ، ولهذا لم يلتفت أحد بعد ذلك إلى هذه الطاقة ، طاقة التواصل عن بعد .
سلاح " فارمانجرز " :
وفي النهاية فكر أحد الروس في الأمر ، فرأى أنه يمكن توظيف هذا التواصل عن بعد في الأعمال العسكرية ، وذلك حين تنقطع وسائل الاتصال بين وحدتين عسكريتين مثلاً ، ولا توجد صورة أخرى لإعادة الاتصال ثانية .
وقد سمعنا أن الروس يواصلون أبحاثهم في العلوم الروحانية والنفسية ، ولكن ليس بهدف تحصيل علم ، وإنما بهدف استخدامها كقوة عسكرية . ومن الواضح أن التطور العلمي طبقاً للنظام الغربي لا يؤدي إلى رفاهية الإنسان ، وإنما يخلق بداخله تشتتاً فكرياً وقلقاً وحسرة ، ويتضح من أقوال الذين أسلموا حديثاً أن هذا التشتت الفكري يزداد في الغرب .
الحاجة إلى الدين :
لقد ملّ أهل الغـرب من دوامة العمل والتفريح هذه ، وأصبحوا يشعرون بحاجة إلى الدين ، فالحياة بغير الدين بمثابة صخب بلا معنى ، مجرد صخب وضجيج ، والأديان السائدة في الغرب أشبه ما تكون بالحكايات الأسطورية .
في الماضي البعيد لم يكن العقل والفكر قد ارتقيا بالصورة التي هما عليها الآن ، وكان الناس يصدقون القصص والحكايات الخرافية . أما الآن فقد اختلف الواقع ، ولم تعد حكايات اليهودية والمسيحية مقبولة لدى الناس في العصر الحديث ، لأن هذه الأديان تنفي العقل . وبالإضافة إلى هذا فإن المكانة التي يتربع عليها القساوسة والرهبان تتنافى مع مبادئ الديموقراطية ، ولهذا فإن الغربيين لا يقبلون هذين الدينين الرائجين في بلادهم ، وهذا يعني أنهم لا يجدون طريقاً للخروج من دوامة العمل واللهو والعبث وعبادة المصالح الشخصية ، والقليل جداً منهم يتيسر له الحصول على معلومات عن الإسلام بمحض الصدفة ، لكنهم لا يثقون في هذه المعلومات ، وتكون النتيجة أنهم يبدأون في التحقق منها ، وعندما يتبينون الحقيقة تصيبهم الدهشة .
محمد صلى الله عليه وسلم :
على سبيل المثال يقول أحد الغربيين الذين أسلموا حديثاً : رغم أنني لم أكن مستريحاً لهذه الحياة التي لا هدف لها ولا غاية ، إلا أنه لم تكن هناك طريقة للتخلص منها ، ولهذا كنت أعيش كبقية الناس ، وكانت طبيعة عملي تقتضي أن أطالع سير العظماء ، ولم أكد ابدأ في مطالعة سيرة محمد صلى الله عليه وسلم حتى قرأت جملة جعلتني أنتبه وأتحفز ، لقد قرأت آية تقول أن يا أيها النبي قل لهم إنني إنسان مثلكم (5) .هذه الجملة أصابتني بالدهشة ؛ ما هذا الذي يقوله الله . وهل يقوله للمسلمين ، ويقوله لمحمد صلى الله عليه وسلم الذي فضله على سائر بني الإنسان !. لقد وخزتني هذه الآية في أعماق قلبي ، فكيف يقول الله للشخص الذي جعله سيداً للعالمين أن قل إنني إنسان مثلكم !. إن كل من بعث من قبل الله في الأديان الأخرى إما قديس أو ابن الله ! . دعك من هؤلاء ، بل إن الذين يقومون بأمر الدعاء في الكنيسة عندنا ويسمون بالقساوسة تفوق مكانتهم مكانة عامة الناس . ولهذا أيها السادة وقفت هذه الآية في حلقي ، وودت من قلبي لو استطعت أن أعرف أكثر عن هذا الرجل صلى الله عليه وسلم ، فقرأت عدة كتب عن حياة محمد صلى الله عليه وسلم ، وكلما تقدمت في مطالعاتي وزدت فيها كلما أغرقتني الحيرة وغمرتني الدهشة .
سلطان عجيب :
· إنني لست شخصاً فوق البشر .
· ليس عندي مفاتيح خزائن السماوات .
· أنا إنسان مثلكم (6) .
هذه الجمل حيرتني وأدهشتني ، فلم أسمع مثلها أبداً من مصلح ديني . قلت لنفسي : يا ألله ، ما هذا الدين الذي يتـوافق تماماً مع العقل الإنساني !. ثم طالعت سيرة محمد صلى الله عليه وسلم بعمق . لقد كان الحاكم الآمر الناهي بين العرب ، وكان زعيم المسلمين ، وأكثر الناس في منطقته احتراماً ومكانة ، ومع ذلك لم يكن في بيته خادم . كان يقوم بعمله بيده ؛ يرقع ثيابه بنفسه ، ويصلح حذاءه بنفسه ، ويعلف الحيوانات بنفسه ، ويعيش حياته كرجل عادي .
لقد شعرت أن شخصيته صلى الله عليه وسلم امتزجت بها قيم المساواة والديموقراطية والرحمة امتزاجاً مثلما يمتزج عبق الورد به . لقد تأثرت بشخصيته صلى الله عليه وسلم إلى درجة أنني دخلت في الإسلام دون أن أعرفه ، ودون أن أقرأ القرآن . لقد شعرت أن مثل هذا الشخص لا يمكن أن يكذب أبداً ، لا يمكن أن تخدعه نفسه أبداً ، ولهذا فإن الدين الذي ينادي به دين صادق بالضرورة .
شخصية النبي صلى الله عليه وسلم وسلوكه :
· ليس المسلمون فقط هم الذين تأثروا بشخصية النبي صلى الله عليه وسلم وسلوكه ، وإنما تأثر به غير المسلمين أيضاً .
· كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائماً هاشاً باشاً .
· لم يغضب ( لنفسه ) أبداً ، ولم يقهقه أبداً .
· كان صاحب وقار عظيم .
· كان يبدأ الآخرين بالسلام ، ولا ينتظر منهم أن يبادءوه به .
· كان يبادر بالسلام على الصغار .
· كان يعامل الخدم والعبيد والموالي بلين وتحمل .
· يمد إليه زائره يده لمصافحته فيمسك بها ويحادثه ، ولا يترك يده حتى يفعل الزائر ذلك بنفسه .
· كان يلبي نداء من يناديه بكل عطف ، أياً كانت مكانته وحيثيته .
· كان يقابل من يغلظ له القول بابتسامة ولا يرد عليه ، وإنما يصبر ، فقد كان حياؤه نموذجاً يحتذى .
· كان قوياً في ميدان الجهاد ، ثابتاً فيه بقدر ما كان ليناً في مجالسه وأحاديثه .
· كان قوياً صلباً في مبادئه .
· كان ينادي بالعدل والإنصاف ، ومع ذلك فإنه كان يعتقد بأفضلية الرحمة كلما أتيحت الفرصة لها .
· دخل مكة حين دخلها كفاتح ، وارتعدت فرائص سادة قريش . كانوا يعرفون ما أوقعوه من ظلم به ، وكانوا خائفين ، لكنه صلى الله عليه وسلم قال لهم إنه لن ينتقم منهم ، ودعا الله أن يعفو عنهم ويغفر لهم .
· كان صلى الله عليه وسلم أول قائد في التاريخ الإنساني ، وأول مشرع خلّص المرأة من استبداد الرجل ، وأعطاها حقوقاً مساوية للرجال .
لقد أعطى النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة حق الإرث قبل أربعة عشر قرناً من الزمان ، بينما المرأة في الغرب لا تزال محرومة من هذا الحق ، وأكدت تعاليمه صلى الله عليه وسلم على حقوق النساء لدرجة أنه صلى الله عليه وسلم قال إن الجنة تحت أقدام الأمهات .
آراء غير المسلمين :
وبالرغم من التعصبات التي نشرها أعداء الإسلام عن الإسلام بين الكتّاب الغربيين ، إلا أن هناك بعض الكتّاب المنصفين الذين لم تؤثر فيهم مثل هذه التعصبات . على سبيل المثال الكاتب المعروف " كار لايل " ، والذي تحدث عن محمد صلى الله عليه وسلم في كتابه " البطل وعبادة البطل " ، وفيما يلي اقتباس صغير منه . يقول :
" هذا الرجل الذي يسكن البادية ، ذو العيون السوداء ، والجبين المنير ، والهمة العالية ، والنفس الكريمة ، والمحب للناس المخلص لهم ، كان تفكيره بعيداً كل البعد عن مسألة الجاه والسلطة حتى قبل أن يعطى منصب النبوة ، وكان الآخرون يتبعون الخرافات وما لا حقيقة له ، ويرضون بذلك أنفسهم ، لكن نفس محمد صلى الله عليه وسلم لم تكن لترضى بمثل هذه الأمور . كان يقف وحيداً تماماً في هذا العالم ، وتموج في فكره وعقله أسئلة لا حصر لها من قبيل : من أنا ، وما هذه الدنيا ، وما الحياة ، وما الغاية منها ، وما هو الموت ، بماذا أؤمن ، وماذا أفعل . وظل يصحب تساءلاته هذه حائراً وحيداً بين صخور جبل " حراء " الصلدة ورمال الصحراء الممتدة . وفي النهاية وجد الإجابة ، واختارته العناية الإلهية لقيادة بني الإنسان " .
مريم جميلة :
السيدة مريم جميلة سيدة أسلمت حديثاً ، وكانت قبل إسلامها من عائلة يهودية ، ثم جاءت إلى باكستان بعد إسلامها ، وهي اليوم تقيم في منطقة " سنت نكر " بمدينة " لاهور " ، وتزوجت من رجل مسلم يدعى " محمد يوسف خان " ، وتعيش معه كربة بيت حياة إسلامية ، وهذه السيدة تكتب كثيراً عن الإسلام . تقول في كتابها " الإسلام والمجتمع الغربي " إن نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم لم يكن وحده الذي يعيش حياة بسيطة ، وإنما كان أهل بيته أيضاً يعيشون معه هذه الحياة . تقول " ذات يوم قال سيدنا علي رضي الله عنه لأحد تلاميذه : تعال أقص عليك قصة السيدة فاطمة البنت الحبيبة لمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم . كانت فاطمة تطحن الغلال بنفسها كل يوم ، وتدير الرحى حتى امتلأت يداها بثوراً بسببها ، وتحضر الماء كل يوم من البئر في قربتها حتى تلبي احتياجات بيتها ، وتنظف بيتها بنفسها كذلك كل يوم . وذات مرة حدث أن كان هناك بعض أسرى الحرب في المدينة المنورة ، فقلت لفاطمة : اذهبي إلى أبيك والتمسي منه أن يعطيك امرأة من أسرى الحرب تساعدك في أعمال البيت . وبناءاً على قولي هذا ذهبت إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لكنها وجدته محاطاً بالسائلين والمحتاجين من كل جانب ، وكانت فاطمة خجولة بطبعها ، لهذا لم تستطع أن تقول شيئاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعادت إلى البيت . وفي اليوم التالي جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيتنا وقال : يا فاطمة ، ما الذي جاء بك إلي بالأمس ؟!. ولم تجب فاطمة على سؤاله صلى الله عليه وسلم ، وإنما أحنت رأسها خجلاً . عندئذ تكلمت أنا مع رسـول الله صلى الله عليه وسلم . قلت : يا رسول الله ، إن فاطمة تطحن الغلال بالرحى كل يوم من أجل الخبز حتى امتلأت يداها بالبثور ، وتحضر الماء كل يوم من البئر بقربتها حتى ظهرت الحبوب على جسدها ، وتظل طيلة اليوم منهكة في أعمال البيت ، وقد أشرت عليها أن تذهب إليك وتلتمس منك أن تعطيها امرأة من أسرى الحرب تساعدها في أعمال البيت . ولما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الكلام صمت لبرهة ثم قال لفاطمة : اتق الله يا فاطمة ، واقرئي عند نومك سبحان الله ثلاثاً وثلاثين ، والحمد لله ثلاثاً وثلاثين ، والله أكبر ثلاثاً وثلاثين ، وسوف تساعدك التقوى أكثر من الخادمة .
سادتي ، إن لدينا بالإضافة إلى القرآن الكريم محمداً صلى الله عليه وسلم ، وكما أن القرآن كتاب لا مثيل له فإن محمداً صلى الله عليه وسلم أيضاً إنسان لا مثيل له ، والقرآن بمثابة أحكام الله في صورة ألفاظ وكلمات ، ومحمد صلى الله عليه وسلم بمثابة أحكام الله في صورة عمل وتطبيق .
سادتي ، ما أسعد أولئك الذين يعشقون العقل ، ويتخذون منه مرشداً لحياتهم ، إنهم أناس مباركون . أدعو الله أن لا يضع أحداً في مشكلة روحانية أو غيبية ، وإلا انتهى الاعتماد على العقل ، وفقدنا في الوقت ذاته الروحانيات أيضاً ، إذ يصدق عليه قول الشاعر :
· دعك من الدير والحرم ، فأنا لم أعثر حتى على الطريق إلى البيت .
فطري ، وفوق الفطرة :
ذات يوم قلت لـ " قدرت الله شهاب " : يا سيدي ، لقد فقدت نفسي منذ أن دخلت في هذه التجربة الروحية ، فقد كنت غاية في العقل قبلها ، أعتمد على العقل ، وأحب الحقائق ، وأعيش في اطمئنان وسكينة . قال " شهاب " : إن تلك التقسيمات التي قمنا بها من قبيل " فطري " و " غير الفطرة " كلها بسبب قصور أفهامنا ، فالأمور التي يفهمها العقل أطلقنا عليها " أمور فطرية طبيعية " . وما لم يستطع عقلنا الإحاطة به اعتقدنا أنه " فوق الفطرة " و " غيبي " ، والذنب كله ذنب عقولنا ، وإلا فلا وجود لما هو فوق الفطرة أو ما وراء الطبيعة ، فكل شيء فطري وطبيعي ، وسيأتي يوم تنكشف فيه كل الأسرار لعقولنا ، ويبدو كل شيء " فطرياً " و " طبيعياً " .
العلم والإيمان :
سألته : أتعني بفوق الفطرة " الروحانيات " ؟!. قال : الروحانيات ليست أموراً منفصلة مستقلة بذاتها ، فالدنيا والروحانيات وجهان لعملة واحدة ، ونحن الذين فصلنا بينهما بلا سبب أو داع .
لا أذكر من هو ذلك المفكر الذي قال إن " الإيمان أعمى " . لقد صـدق في قوله هذا ، وإيماني أنا أيضاً أعمى ، فأنا أؤمن بكل ما يقول القرآن من أعماق قلبي رغم أن في القرآن الكريم أشياء كثيرة لا أستوعبها . وكان الشيخ " نور " يقول : لا بد للإيمان من العلم . على سبيل المثال أنا لا أستوعب موضوع الثواب والعقاب ، فنحن نعتقد أن العدل مبني على مبادئ وأسس ، مبادئ وأسس لا تتغير ، وتطبق على كل شخص دون استثناء ، حتى ولو كان في مرتبة متقدمة من مراتب الرقي ، وهذا سوء فهم منا .
منذ فترة طويلة حين كنت أدرس في الكلية ، اصطحبنا أستاذنا ذات مرة إلى مستشفى الأمراض العقلية حتى نرى أحوال المرضى فيه ونفهمها ، وقابلنا المشرف على المستشفى وطاقم العاملين به بترحاب شديد ، وشرحوا لنا أن المريض العقلي عادة لا يميل إلى العنف والتشدد ، ويقابل زواره بلطف . ولهذا لا داعي للقلق ، المهم أن نحرص على أن لا تصدر منا حركة تخيفه ، لأنه إن خاف صار عنيفاً . كما شرح لنا طاقم العاملين بالمستشفى أشياء أخرى هامة . وبعدها خرجنا في جولة بالمستشفى . وكان أول رجل التقينا به في حديقة المستشفى . كان يسير حاملاً دلواً مليئاً إلى منتصفه باللبن .
هوامش
1 - هذا الكتاب الذي بين أيدينا هو في الحقيقـة مجموعة من المقالات نشرت في الصحف الباكستانية على حلقات ، ثم جمعت بعد ذلك في كتاب .
2 - في الأصل " حلوه " وهي نوع من الحلويات يصنع من دقيق أقرب ما يكون إلى دقيق " البسبوسة " ، ولذلك أطلقت عليه في الترجمة " بسبوسة " حتى لايحدث لبس لدى القارئ إذا ما أبقيت على مسماها الأردي " حلوه " ، فقد يظن القارئ أنها " الحلوى " على العموم وليس نوعاً خاصاً من " الحلوى " .
3 - الأنبياء – آية رقم 30 .
4 - الهوميو باتيك : العلاج بالمثل ، ومؤسسه هو الدكتور هانيمان الألماني . ولد هانيمان في مقاطعة سكسونيا بألمانيا عام 1755م ، واسمه بالكامل هو " صمويل كرسشن فريدريك هانيمان " :Samuel Christain Friedrick Hanemann ، كان يجيد ثماني لغات ، ودرس الطب في النمسا ، وأكمل دراسته عام 1779م . وقد اخترع هانيمان هذا طريقة العلاج هذه بعد أن أصبح طبيباً بإحدى عشرة سنة ، وأخذ يجرب طريقة العلاج هذه على نفسه وأقاربه لمدة ست سنوات متصلة ، وبدأ ينشر أبحاثه وفلسفته في هذا المجال لأول مرة عام 1796م ، ونشر أول كتاب له في هذا الميدان عام 1810م ، وكان بعنوان : Organon of Rational Medicine ، وله مؤلفات أخرى هامة ، وتوفي عام 1843م بفرنسا . وقد سبقت الإشارة إلى مفهوم العلاج بالمثل . الشكر الجزيل للسيد الدكتور / عامر منهاس الباكستاني المتخصص في هذا الطب على إمدادنا بهذه المعلومات القيمة .
5 - الإشارة إلى قوله تعالى " قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليّ أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ريه أحداً " – سورة الكهف – آية رقم 110 .
6 - هذه المعاني كلها نجدها في قوله تعالى " قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إليّ قل هل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكرون " – الأنعام – آية رقم 05 .
سلطان عجيب
وصلني خطاب من أحد القراء يقول فيه : إنك لم تلق الضوء في مقالاتك " البحث " هذه (1) عن التناقض بين العلم والدين .
العلم والدين :
والحقيقـة أن هنـاك خطـأ في الفهم فيما يتعلق بالعلم ، فنحن نعتقد أن ما نطلق عليه " SCIENCE " هو العلم ، وهذا تجاوز في الفهم منا ، فهذا الذي نطلق عليه " SCIENCE " ليس علماً ، إنما هو طريقة لمعرفة وفهم حقيقة ما ، لكننا ربما عن حسن نية لم نستوعب هذا الأمر جيداً .
والحقيقة أن الله تعالى وضع حكمته في الكائنات من حولنا وفرقها فيها ، وقد قسمنا نحن هذه الحكمة إلى أقسام ودرجات كنوع من التسهيل على أنفسنا في الفهم والاستيعاب . على سبيل المثال حكم " بكسر الحاء وفتح الكاف " الله في النباتات ، حكم الله في الأسماك ، حكم الله في الطقس والأفلاك . لنفترض أننا نجمع حكم الله المتعلقة بالنباتات بطريقة علمية ، عندئذ سيكون هذا علم يختص بالنبات ، وهو ما نطلق عليه " BOTANY : علم النبات " ، ونحن نطلق على هذه الطريقة بهذا الشكل مسمى " علم " في لغتنا الدارجة ، وهو خطأ ، فهذا المسمى ليس علماً ، وإنما هو طريقة خاصة بالبحث في النباتات تم استنباطها بأسلوب علمي . افترض أنك تريد أن تصنع " البسبوسة " (2) ، فإنك أولاً ستقوم بتحمير " الدقيق " في " السمن " ، ثم تضع عليه بعد ذلك " الشربات " الذي أعددته سابقاً لهذا الغرض ، وهكذا تكـون قد صنعت " البسبوسة " ، فـ " البسبوسة " في ذاتها شيء ، والطريقة التي أعددتها بها شيء آخر ، وهكذا الأمـر بالنسبـة للفيزيـاء ، فهي ليست " علماً " ، وبالتـالي فإن مـا نطلـق عليـه " SCIENCE " ليس علماً ، ولا نهاية له أيضاً ، إنما هو طريقة للعمل تطبقها حيث تريد .
أسير الحواس الخمسة :
سادتي ، إن حواسنا محدودة ، وهي التي نفهم من خلالها ما يحيط بنا،فحاسة " السمع " لدينا مثلاً محدودة ، ونحن لا نستطيع أن نسمع الأصوات الخافتة جداً ، كما أننا لا نستطيع أن نسمع الأصوات ذات الترددات المرتفعة جداً ، ونفس الأمر بالنسبة لحاسة " البصر " ، فنحن نستطيع أن نرى بعض الأشياء ،ولا نستطيع رؤية البعض الآخر،وقد قال القرآن الكريم " وجعلنا من الماء كل شيء حي " (3) ، وتعجب الناس ، كيف يكون هذا !. إنه سائل يشـرب ، فكيـف يمكـن خلـق المخلـوقـات من هـذا السائل . وبعد قرون تم اكتشاف " الميكروسكوب " ، ولما رأينا الماء من خلاله وجدناه مليئاً بالكائنات الحية .
العلاج بالمثل " الهوميوباتيك " (4) :
ومن البديهـي أن لا تستـوعب طـرق العلـم كل شيء ، خـذ طب العلاج بالمثل " الهوميوباتيك " كمثال ، فقد كان هناك رجل هو إلى الدراويش والزهاد أقرب ، ويدعى " هانيمان " ، وقد واتته فكرة هذا الطب بلا سابق إنذار ، وهذا أيضاً أمر عجيب ، إذ أن العلم متى أتى كان مجيئه عن طريق الإلهام . على سبيل المثال تتوهج في ذهن أحد حقيقة ما ، فيركز هذ الشخص اهتمامه بهذه الحقيقة ، ويفكر فيها ويتأملها ويبحثها إلى أن يفهم هذه الحقيقة بوضوح . وهذا بالضبط هو ما حدث مع " هانيمان " ، إذ توهجت في ذهنه حقيقة ما ، وهي أن الدواء الخالص يكون أثره قليلاً ، ولكن إذا خلط هذا الدواء الخالص بالماء وخفف به فإن فاعليته تزيد . وأخذ " هانيمان " يتأمل هذه الحقيقة ويجري عليها التجارب ، ثم بدأ يعطي مرضاه الأدوية المخففة بدلاً من الأدوية المركزة ، فحقق ذلك نتائج مبهرة .
وبدت هذه الطريقة في نظر المعالجين بالطب التقليدي مثيرة للضحك والسخرية ، ولهذا قالوا للباحثين : عليكم أن تفحصوا هذا الأمر في مختبراتكم لتروا هل الدواء المخفف أكثر تأثيراً بالفعل من الدواء المركز أم لا ؟!. وتم تقديم الأدوية المخففة إلى العلماء في المختبرات ، وفحصوها بأدواتهم ، وتم تخفيف أدوية " الهوميوباتيك " إلى درجة لم تعد معها المعدات المعملية قادرة على إثبات وجود الدواء في الماء ، ولهذا أعلنوا أن المحلول الموجود أمامهم هو ماء خالص ، ويخلو من أية عناصر دوائية .
أمر مضحك :
والطريقة العلمية تكون في بعض الأحيان مضحكة ، إذ لا تستطيع على سبيل المثال رؤية النتائج ، وقد أعطى " هانيمان " هذا الدواء المخفـف إلى عدد من المرضى وشفوا مما هم فيه تماماً ، والطريقة العلمية لا تنظر إلى النتائج التي حققها الدواء ، وهل فيه قوة شفاء أم لا ، وإنما تنظر فقط فيما إذا كان هذا يتفق مع الطريقة العلمية أم لا . وكانت النتيجة أن أعلن المعالجون بالطب التقليدي أن " الهوميو باتيك " ليس طريقة علمية للعلاج ، ومع ذلك ظل طب الهوميو باتيك " العلاج بالمثل " مستخدماً ، ويلقى رواجاً يوماً بعد يوم ، ولا يزال أصحاب الطب التقليدي يصفونه بأنه علاج غير علمي .
ثم حدث أمر عجيب ، إذ أرسلت شركة من شركات الأدوية دواءاً إلى عدة معامل في وقت واحد ليفحصوا أثره على جسم الإنسان . وأخذ أساتذة التحاليل يراقبون أثر هذا الدواء يوماً بعد يوم ، ولم تختلف النتيجة . وذات يوم فحصت إحدى المتخصصات في التحاليل الدواء فأصابتها دهشة عظيمة ، إذ زاد أثر الدواء إلى أكثر من الضعف ، ولم تصدق ما حدث ، ففحصت الدواء ثانية وثالثة ، وكانت النتيجة في كل مرة أن الفعالية تضاعفت ، فتحدثت إلى زملائها ، ودهشوا جميعاً ، وقالوا ربما خلط أحد هذا الدواء بشيء آخر . ولما فحصوا مقدار الدواء وجدوه حقيقة قد زاد . وبعد البحث تبين أن أحداً ما خلط الدواء بالماء ، وبناءاً عليه ظهر سؤال جديد هو هل تزداد فاعلية الدواء إذا خلط بالماء ؟!. وللإجابة على هذا السؤال زادوا نسبة الماء في الدواء ، ثم فحصوه ، فوجدوا أن فاعلية الدواء تزداد بالفعل إذا ما خفف بالماء ، وكرروا التجربة والفحص مرات عديدة . وحين تأكدوا من هذه الحقيقة نشروها تفصيلاً في مجلة علمية متخصصة .
ولما رأى تجار الدواء التقليدي ذلك أصابهم القلق ، إذ لو تم الاعتراف بطب الهوميو باتيك كطريقة علمية للعلاج فإن ذلك سيصيبهم بخسارة فادحة .
خادمة أصحاب المصالح :
على أية حال اتضحت حقيقة أن الطرق العلمية ليست كاملة ولا حتمية ، ولقد جعلنا مما نطلق عليه " SCIENCE " خادمة ، أو وسيلة لفهم حكمة الله تعالى واستيعابها ، وجاء الغربيون فأعطوا إهتماماً كبيراً لهذا الـ " SCIENCE " ، وإلا فإن مكانة الـ " SCIENCE " الآن ليست مثلما كانت عليه من قبل ، إذ كانت مهمته في السابق هي البحث في أسرار الكائنات ، يعني " حكمة الله " ، ومحاولة الوصول إلى الأشياء البناءة . أما اليوم فقد أجبر على البحث عن الأشياء المخربة تحقيقاً لمصالح الحكومات والتجار ومن هم على شاكلتهم ، ولم يعد العالم " بكسر اللام " يقوم بعمله طبقاً لرغبته ، إذ تشتريه الحكومات ، وإن رفض أن يشتريه أحد اعتقلوه واحتجزوه . وبالإضافة إلى الحكومات فإن التجار أيضاً يوظفون العلماء لتحقيق مصالحهم المشروعة وغير المشروعة .
هذا وقد ساعدت الحضارة الغربية على تأجج نيران المصالح الشخصية باتخاذها من الاقتصاد معياراً للحياة وهدفاً لها . على سبيل المثال عندما ظهر " التنويم المغناطيسي " وبدأ في الانتشار تعرفنا معه على طاقة جديدة في الحقل الإنساني ، وهي أن الإنسان يستطيع أن ينقل أفكاره إلى عقل إنسان آخر ، وأجريت تجارب كثيرة على هذا الأمر . مثلاً أجلسوا صديقين على مسافة بعيدة بينهما ، ووضعوا أمام كل منهما أوراق " كوتشينة " ، فتناول أحدهما ورقة " البنت " ، ثم حاول بطريقة شعورية واعية أن يأخذ صديقه الذي يجلس على بعد أميال منه ورقة " البنت " أيضاً ، بمعنى نقل فكرة فرد إلى عقل وذهن فرد آخر ، ويمكن تطوير هذه الطاقة في أشكال بناءة متعددة ، لكن لا قيمة للعلم أو الأخلاق أو الروحانيات في ظل جو المصالح الشخصية هذا الذي خلقه الغرب ، ولهذا لم يلتفت أحد بعد ذلك إلى هذه الطاقة ، طاقة التواصل عن بعد .
سلاح " فارمانجرز " :
وفي النهاية فكر أحد الروس في الأمر ، فرأى أنه يمكن توظيف هذا التواصل عن بعد في الأعمال العسكرية ، وذلك حين تنقطع وسائل الاتصال بين وحدتين عسكريتين مثلاً ، ولا توجد صورة أخرى لإعادة الاتصال ثانية .
وقد سمعنا أن الروس يواصلون أبحاثهم في العلوم الروحانية والنفسية ، ولكن ليس بهدف تحصيل علم ، وإنما بهدف استخدامها كقوة عسكرية . ومن الواضح أن التطور العلمي طبقاً للنظام الغربي لا يؤدي إلى رفاهية الإنسان ، وإنما يخلق بداخله تشتتاً فكرياً وقلقاً وحسرة ، ويتضح من أقوال الذين أسلموا حديثاً أن هذا التشتت الفكري يزداد في الغرب .
الحاجة إلى الدين :
لقد ملّ أهل الغـرب من دوامة العمل والتفريح هذه ، وأصبحوا يشعرون بحاجة إلى الدين ، فالحياة بغير الدين بمثابة صخب بلا معنى ، مجرد صخب وضجيج ، والأديان السائدة في الغرب أشبه ما تكون بالحكايات الأسطورية .
في الماضي البعيد لم يكن العقل والفكر قد ارتقيا بالصورة التي هما عليها الآن ، وكان الناس يصدقون القصص والحكايات الخرافية . أما الآن فقد اختلف الواقع ، ولم تعد حكايات اليهودية والمسيحية مقبولة لدى الناس في العصر الحديث ، لأن هذه الأديان تنفي العقل . وبالإضافة إلى هذا فإن المكانة التي يتربع عليها القساوسة والرهبان تتنافى مع مبادئ الديموقراطية ، ولهذا فإن الغربيين لا يقبلون هذين الدينين الرائجين في بلادهم ، وهذا يعني أنهم لا يجدون طريقاً للخروج من دوامة العمل واللهو والعبث وعبادة المصالح الشخصية ، والقليل جداً منهم يتيسر له الحصول على معلومات عن الإسلام بمحض الصدفة ، لكنهم لا يثقون في هذه المعلومات ، وتكون النتيجة أنهم يبدأون في التحقق منها ، وعندما يتبينون الحقيقة تصيبهم الدهشة .
محمد صلى الله عليه وسلم :
على سبيل المثال يقول أحد الغربيين الذين أسلموا حديثاً : رغم أنني لم أكن مستريحاً لهذه الحياة التي لا هدف لها ولا غاية ، إلا أنه لم تكن هناك طريقة للتخلص منها ، ولهذا كنت أعيش كبقية الناس ، وكانت طبيعة عملي تقتضي أن أطالع سير العظماء ، ولم أكد ابدأ في مطالعة سيرة محمد صلى الله عليه وسلم حتى قرأت جملة جعلتني أنتبه وأتحفز ، لقد قرأت آية تقول أن يا أيها النبي قل لهم إنني إنسان مثلكم (5) .هذه الجملة أصابتني بالدهشة ؛ ما هذا الذي يقوله الله . وهل يقوله للمسلمين ، ويقوله لمحمد صلى الله عليه وسلم الذي فضله على سائر بني الإنسان !. لقد وخزتني هذه الآية في أعماق قلبي ، فكيف يقول الله للشخص الذي جعله سيداً للعالمين أن قل إنني إنسان مثلكم !. إن كل من بعث من قبل الله في الأديان الأخرى إما قديس أو ابن الله ! . دعك من هؤلاء ، بل إن الذين يقومون بأمر الدعاء في الكنيسة عندنا ويسمون بالقساوسة تفوق مكانتهم مكانة عامة الناس . ولهذا أيها السادة وقفت هذه الآية في حلقي ، وودت من قلبي لو استطعت أن أعرف أكثر عن هذا الرجل صلى الله عليه وسلم ، فقرأت عدة كتب عن حياة محمد صلى الله عليه وسلم ، وكلما تقدمت في مطالعاتي وزدت فيها كلما أغرقتني الحيرة وغمرتني الدهشة .
سلطان عجيب :
· إنني لست شخصاً فوق البشر .
· ليس عندي مفاتيح خزائن السماوات .
· أنا إنسان مثلكم (6) .
هذه الجمل حيرتني وأدهشتني ، فلم أسمع مثلها أبداً من مصلح ديني . قلت لنفسي : يا ألله ، ما هذا الدين الذي يتـوافق تماماً مع العقل الإنساني !. ثم طالعت سيرة محمد صلى الله عليه وسلم بعمق . لقد كان الحاكم الآمر الناهي بين العرب ، وكان زعيم المسلمين ، وأكثر الناس في منطقته احتراماً ومكانة ، ومع ذلك لم يكن في بيته خادم . كان يقوم بعمله بيده ؛ يرقع ثيابه بنفسه ، ويصلح حذاءه بنفسه ، ويعلف الحيوانات بنفسه ، ويعيش حياته كرجل عادي .
لقد شعرت أن شخصيته صلى الله عليه وسلم امتزجت بها قيم المساواة والديموقراطية والرحمة امتزاجاً مثلما يمتزج عبق الورد به . لقد تأثرت بشخصيته صلى الله عليه وسلم إلى درجة أنني دخلت في الإسلام دون أن أعرفه ، ودون أن أقرأ القرآن . لقد شعرت أن مثل هذا الشخص لا يمكن أن يكذب أبداً ، لا يمكن أن تخدعه نفسه أبداً ، ولهذا فإن الدين الذي ينادي به دين صادق بالضرورة .
شخصية النبي صلى الله عليه وسلم وسلوكه :
· ليس المسلمون فقط هم الذين تأثروا بشخصية النبي صلى الله عليه وسلم وسلوكه ، وإنما تأثر به غير المسلمين أيضاً .
· كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائماً هاشاً باشاً .
· لم يغضب ( لنفسه ) أبداً ، ولم يقهقه أبداً .
· كان صاحب وقار عظيم .
· كان يبدأ الآخرين بالسلام ، ولا ينتظر منهم أن يبادءوه به .
· كان يبادر بالسلام على الصغار .
· كان يعامل الخدم والعبيد والموالي بلين وتحمل .
· يمد إليه زائره يده لمصافحته فيمسك بها ويحادثه ، ولا يترك يده حتى يفعل الزائر ذلك بنفسه .
· كان يلبي نداء من يناديه بكل عطف ، أياً كانت مكانته وحيثيته .
· كان يقابل من يغلظ له القول بابتسامة ولا يرد عليه ، وإنما يصبر ، فقد كان حياؤه نموذجاً يحتذى .
· كان قوياً في ميدان الجهاد ، ثابتاً فيه بقدر ما كان ليناً في مجالسه وأحاديثه .
· كان قوياً صلباً في مبادئه .
· كان ينادي بالعدل والإنصاف ، ومع ذلك فإنه كان يعتقد بأفضلية الرحمة كلما أتيحت الفرصة لها .
· دخل مكة حين دخلها كفاتح ، وارتعدت فرائص سادة قريش . كانوا يعرفون ما أوقعوه من ظلم به ، وكانوا خائفين ، لكنه صلى الله عليه وسلم قال لهم إنه لن ينتقم منهم ، ودعا الله أن يعفو عنهم ويغفر لهم .
· كان صلى الله عليه وسلم أول قائد في التاريخ الإنساني ، وأول مشرع خلّص المرأة من استبداد الرجل ، وأعطاها حقوقاً مساوية للرجال .
لقد أعطى النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة حق الإرث قبل أربعة عشر قرناً من الزمان ، بينما المرأة في الغرب لا تزال محرومة من هذا الحق ، وأكدت تعاليمه صلى الله عليه وسلم على حقوق النساء لدرجة أنه صلى الله عليه وسلم قال إن الجنة تحت أقدام الأمهات .
آراء غير المسلمين :
وبالرغم من التعصبات التي نشرها أعداء الإسلام عن الإسلام بين الكتّاب الغربيين ، إلا أن هناك بعض الكتّاب المنصفين الذين لم تؤثر فيهم مثل هذه التعصبات . على سبيل المثال الكاتب المعروف " كار لايل " ، والذي تحدث عن محمد صلى الله عليه وسلم في كتابه " البطل وعبادة البطل " ، وفيما يلي اقتباس صغير منه . يقول :
" هذا الرجل الذي يسكن البادية ، ذو العيون السوداء ، والجبين المنير ، والهمة العالية ، والنفس الكريمة ، والمحب للناس المخلص لهم ، كان تفكيره بعيداً كل البعد عن مسألة الجاه والسلطة حتى قبل أن يعطى منصب النبوة ، وكان الآخرون يتبعون الخرافات وما لا حقيقة له ، ويرضون بذلك أنفسهم ، لكن نفس محمد صلى الله عليه وسلم لم تكن لترضى بمثل هذه الأمور . كان يقف وحيداً تماماً في هذا العالم ، وتموج في فكره وعقله أسئلة لا حصر لها من قبيل : من أنا ، وما هذه الدنيا ، وما الحياة ، وما الغاية منها ، وما هو الموت ، بماذا أؤمن ، وماذا أفعل . وظل يصحب تساءلاته هذه حائراً وحيداً بين صخور جبل " حراء " الصلدة ورمال الصحراء الممتدة . وفي النهاية وجد الإجابة ، واختارته العناية الإلهية لقيادة بني الإنسان " .
مريم جميلة :
السيدة مريم جميلة سيدة أسلمت حديثاً ، وكانت قبل إسلامها من عائلة يهودية ، ثم جاءت إلى باكستان بعد إسلامها ، وهي اليوم تقيم في منطقة " سنت نكر " بمدينة " لاهور " ، وتزوجت من رجل مسلم يدعى " محمد يوسف خان " ، وتعيش معه كربة بيت حياة إسلامية ، وهذه السيدة تكتب كثيراً عن الإسلام . تقول في كتابها " الإسلام والمجتمع الغربي " إن نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم لم يكن وحده الذي يعيش حياة بسيطة ، وإنما كان أهل بيته أيضاً يعيشون معه هذه الحياة . تقول " ذات يوم قال سيدنا علي رضي الله عنه لأحد تلاميذه : تعال أقص عليك قصة السيدة فاطمة البنت الحبيبة لمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم . كانت فاطمة تطحن الغلال بنفسها كل يوم ، وتدير الرحى حتى امتلأت يداها بثوراً بسببها ، وتحضر الماء كل يوم من البئر في قربتها حتى تلبي احتياجات بيتها ، وتنظف بيتها بنفسها كذلك كل يوم . وذات مرة حدث أن كان هناك بعض أسرى الحرب في المدينة المنورة ، فقلت لفاطمة : اذهبي إلى أبيك والتمسي منه أن يعطيك امرأة من أسرى الحرب تساعدك في أعمال البيت . وبناءاً على قولي هذا ذهبت إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لكنها وجدته محاطاً بالسائلين والمحتاجين من كل جانب ، وكانت فاطمة خجولة بطبعها ، لهذا لم تستطع أن تقول شيئاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعادت إلى البيت . وفي اليوم التالي جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيتنا وقال : يا فاطمة ، ما الذي جاء بك إلي بالأمس ؟!. ولم تجب فاطمة على سؤاله صلى الله عليه وسلم ، وإنما أحنت رأسها خجلاً . عندئذ تكلمت أنا مع رسـول الله صلى الله عليه وسلم . قلت : يا رسول الله ، إن فاطمة تطحن الغلال بالرحى كل يوم من أجل الخبز حتى امتلأت يداها بالبثور ، وتحضر الماء كل يوم من البئر بقربتها حتى ظهرت الحبوب على جسدها ، وتظل طيلة اليوم منهكة في أعمال البيت ، وقد أشرت عليها أن تذهب إليك وتلتمس منك أن تعطيها امرأة من أسرى الحرب تساعدها في أعمال البيت . ولما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الكلام صمت لبرهة ثم قال لفاطمة : اتق الله يا فاطمة ، واقرئي عند نومك سبحان الله ثلاثاً وثلاثين ، والحمد لله ثلاثاً وثلاثين ، والله أكبر ثلاثاً وثلاثين ، وسوف تساعدك التقوى أكثر من الخادمة .
سادتي ، إن لدينا بالإضافة إلى القرآن الكريم محمداً صلى الله عليه وسلم ، وكما أن القرآن كتاب لا مثيل له فإن محمداً صلى الله عليه وسلم أيضاً إنسان لا مثيل له ، والقرآن بمثابة أحكام الله في صورة ألفاظ وكلمات ، ومحمد صلى الله عليه وسلم بمثابة أحكام الله في صورة عمل وتطبيق .
سادتي ، ما أسعد أولئك الذين يعشقون العقل ، ويتخذون منه مرشداً لحياتهم ، إنهم أناس مباركون . أدعو الله أن لا يضع أحداً في مشكلة روحانية أو غيبية ، وإلا انتهى الاعتماد على العقل ، وفقدنا في الوقت ذاته الروحانيات أيضاً ، إذ يصدق عليه قول الشاعر :
· دعك من الدير والحرم ، فأنا لم أعثر حتى على الطريق إلى البيت .
فطري ، وفوق الفطرة :
ذات يوم قلت لـ " قدرت الله شهاب " : يا سيدي ، لقد فقدت نفسي منذ أن دخلت في هذه التجربة الروحية ، فقد كنت غاية في العقل قبلها ، أعتمد على العقل ، وأحب الحقائق ، وأعيش في اطمئنان وسكينة . قال " شهاب " : إن تلك التقسيمات التي قمنا بها من قبيل " فطري " و " غير الفطرة " كلها بسبب قصور أفهامنا ، فالأمور التي يفهمها العقل أطلقنا عليها " أمور فطرية طبيعية " . وما لم يستطع عقلنا الإحاطة به اعتقدنا أنه " فوق الفطرة " و " غيبي " ، والذنب كله ذنب عقولنا ، وإلا فلا وجود لما هو فوق الفطرة أو ما وراء الطبيعة ، فكل شيء فطري وطبيعي ، وسيأتي يوم تنكشف فيه كل الأسرار لعقولنا ، ويبدو كل شيء " فطرياً " و " طبيعياً " .
العلم والإيمان :
سألته : أتعني بفوق الفطرة " الروحانيات " ؟!. قال : الروحانيات ليست أموراً منفصلة مستقلة بذاتها ، فالدنيا والروحانيات وجهان لعملة واحدة ، ونحن الذين فصلنا بينهما بلا سبب أو داع .
لا أذكر من هو ذلك المفكر الذي قال إن " الإيمان أعمى " . لقد صـدق في قوله هذا ، وإيماني أنا أيضاً أعمى ، فأنا أؤمن بكل ما يقول القرآن من أعماق قلبي رغم أن في القرآن الكريم أشياء كثيرة لا أستوعبها . وكان الشيخ " نور " يقول : لا بد للإيمان من العلم . على سبيل المثال أنا لا أستوعب موضوع الثواب والعقاب ، فنحن نعتقد أن العدل مبني على مبادئ وأسس ، مبادئ وأسس لا تتغير ، وتطبق على كل شخص دون استثناء ، حتى ولو كان في مرتبة متقدمة من مراتب الرقي ، وهذا سوء فهم منا .
منذ فترة طويلة حين كنت أدرس في الكلية ، اصطحبنا أستاذنا ذات مرة إلى مستشفى الأمراض العقلية حتى نرى أحوال المرضى فيه ونفهمها ، وقابلنا المشرف على المستشفى وطاقم العاملين به بترحاب شديد ، وشرحوا لنا أن المريض العقلي عادة لا يميل إلى العنف والتشدد ، ويقابل زواره بلطف . ولهذا لا داعي للقلق ، المهم أن نحرص على أن لا تصدر منا حركة تخيفه ، لأنه إن خاف صار عنيفاً . كما شرح لنا طاقم العاملين بالمستشفى أشياء أخرى هامة . وبعدها خرجنا في جولة بالمستشفى . وكان أول رجل التقينا به في حديقة المستشفى . كان يسير حاملاً دلواً مليئاً إلى منتصفه باللبن .
هوامش
1 - هذا الكتاب الذي بين أيدينا هو في الحقيقـة مجموعة من المقالات نشرت في الصحف الباكستانية على حلقات ، ثم جمعت بعد ذلك في كتاب .
2 - في الأصل " حلوه " وهي نوع من الحلويات يصنع من دقيق أقرب ما يكون إلى دقيق " البسبوسة " ، ولذلك أطلقت عليه في الترجمة " بسبوسة " حتى لايحدث لبس لدى القارئ إذا ما أبقيت على مسماها الأردي " حلوه " ، فقد يظن القارئ أنها " الحلوى " على العموم وليس نوعاً خاصاً من " الحلوى " .
3 - الأنبياء – آية رقم 30 .
4 - الهوميو باتيك : العلاج بالمثل ، ومؤسسه هو الدكتور هانيمان الألماني . ولد هانيمان في مقاطعة سكسونيا بألمانيا عام 1755م ، واسمه بالكامل هو " صمويل كرسشن فريدريك هانيمان " :Samuel Christain Friedrick Hanemann ، كان يجيد ثماني لغات ، ودرس الطب في النمسا ، وأكمل دراسته عام 1779م . وقد اخترع هانيمان هذا طريقة العلاج هذه بعد أن أصبح طبيباً بإحدى عشرة سنة ، وأخذ يجرب طريقة العلاج هذه على نفسه وأقاربه لمدة ست سنوات متصلة ، وبدأ ينشر أبحاثه وفلسفته في هذا المجال لأول مرة عام 1796م ، ونشر أول كتاب له في هذا الميدان عام 1810م ، وكان بعنوان : Organon of Rational Medicine ، وله مؤلفات أخرى هامة ، وتوفي عام 1843م بفرنسا . وقد سبقت الإشارة إلى مفهوم العلاج بالمثل . الشكر الجزيل للسيد الدكتور / عامر منهاس الباكستاني المتخصص في هذا الطب على إمدادنا بهذه المعلومات القيمة .
5 - الإشارة إلى قوله تعالى " قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليّ أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ريه أحداً " – سورة الكهف – آية رقم 110 .
6 - هذه المعاني كلها نجدها في قوله تعالى " قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إليّ قل هل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكرون " – الأنعام – آية رقم 05 .