المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العلامة و التأويل في السرد



باقر جاسم محمد
21/08/2008, 12:31 PM
العلامة و التأويل في السرد الأدبي

قراءة في قصة "طائر من معدن"

باقر جاسم محمد


باحث و أكاديمي

كلية الآداب/ جامعة بابل

يعدُّ اختيار الأسلوب السردي و تنويعاته المختلفة أحد أهم تجليات وعي الكاتب بمشكلات الإنشاء السردي؛ كما أنه يمنح النص السردي وحدته و تماسكه الرؤيوي، و يزوده بالطاقة التأثيرية التي تمكنه من إنجاز الفعل التواصلي و الجمالي أثناء القراءة. و ذلك استنادا ً إلى حقيقة أن النص الأدبي واقعة اتصالية. و قد يرتقي مثل هذا الاختيار إلى مستوى العلامة الدالة على معنى بعينه. إذ من المعلوم أن حرية الاختيار بين الأساليب السردية المختلفة المتاحة أمام الكاتب تحمله مسؤولية إدماج أسلوب السرد، أو التنقل بين أساليب سردية مختلفة، في صلب الوحدة الكلية لتأثير النص، و جعله عنصرا ً من عناصر ضفيرة مكوناته الفنية و الفكرية. و هو مما يسهم في نهاية المطاف في مضاعفة المعاني و تعدد طبقاتها، و بذلك فهو يغري النقد بمهمات صعبة.
فهل حقق لؤي حمزة عباس ذلك في قصته " طائر من معدن"؟
و كيف؟
يمكن تقسيم القصة، من حيث الأسلوب السردي، إلى قسمين: ألأول هو ما تجسد في المقطع الافتتاحي الذي كان أسلوب السرد عبر ضمير المتكلم هو الأساس المعتمد فيه. فنقرأ:
" سألني الرجل إن كنت أحب اصطياد الغزلان، من دون أن يرفع عينيه عن الناظور الموضوع أمامي، قلت أبدا، و دفعته قليلا ً إلى جانب المنضدة و أنا أحس سواده فاضحا ً على بياض السطح الرطب. (1) كأن المطعم ضاجا، كعادته نهارات الجمع، و قد انتظرت جوار الباب حتى فرغت إحدى المناضد قرب المغسلة، أسمع وشيش الماء ينزل متصلا و ألاحظ الناس يحدقون في ذهابهم و إيابهم، كأنهم لا يحدقون، إلى الناظور. (2)عاد الرجل ليضع الصحن المغطى برغيف الخبز على المنضدة، رأيت يده تمس الحديد بحركة لاهية قبل أن ينحني ليهمس شيئا عن أبيه الذي كان يصطاد الغزلان لشيوخ الناصرية.(3)اتكأت على الكرسي و نظرت إلى عينيه و كررت بأنني لا أصطاد أي شيء، أضاف و هو ما زال يبتسم بأن أباه كان يقول ذلك أيضا ً كلما سئل عن الصيد. (4) من أمام المطعم اشتريت جريدة وضعت الناظور في صفحاتها الداخلية ثم طويتها، بقيت حمالته الجلد متدلية خارج الطية، وضعتها على كتفي و سـرت متصورا ً الرجـل، و قد ترك الزبائن، يطل من خلفي.(5)" ( الخطوط تحت الكلمات و العبارات، حيثما وردت، للتوكيد؛ و الأرقام هي لتحديد عدد الجمل. و هي كلها من صنيع الناقد)
و نلاحظ هنا أنه يترتب على اختيار أسلوب السرد الذاتي من داخل الشخصية أمران: الأول أن يكون هنالك تطابق بين الراوي و البطل، و لذلك فإن هذا الأسلوب يمنحنا سلطة أن نعرف ما فكر به الراوي و كما فكر به. و الثاني أن تكون زاوية السرد محصورة بما يشاهده الراوي البطل. و هذا يعني أننا لن نعرف شيئا إلا من خلال ما تراه شخصية الراوي. و لسوف يختلف الأمر كليا ً في بقية مقاطع القصة كما سنرى.
نلاحظ أن هذا المقطع يبدأ بسؤال يوجهه رجل غريب إلى الراوي من دون أن يتدخل الأخير ليشرح لنا، بوصفنا مرويا ً لهم، سبب توجيه هذا السؤال إليه، و إنما يمكن أن نفهم سبب طرح هذا السؤال من خلال تلقائية تدفق السرد الذاتي؛ فنعرف أن الناظور كان هو الحافز الذي دفع الرجل الغريب إلى اقتحام عالم البطل بسؤال من هذا النوع. يرد الراوي على السؤال بالنفي. و لكن الرجل الغريب لا يقتنع بالجواب. و مرة أخرى يكون الراوي ( أعني هنا الكاتب) حصيفا ً بحيف لا يتجاوز صلاحيات السرد الذاتي بتقرير واقعة داخلية تخص عدم اقتناع الرجل الغريب. فالراوي لا يستطيع أن يستبطن ما يفكر به الآخر. و أنما يفعل ذلك عبر معاودة ذلك الرجل الحديث همسا ً عن أبيه الذي كان يصطاد الغزلان لشيوخ الناصرية . و هو يزعم، حين يسأل، خلاف ذلك، ليعبر بذلك عن عدم قناعته بنفي الراوي. ذلك أن " أباه كان يقول ذلك أيضا ً كلما سئل عن الصيد." و هو ما يعني تكذيبا ً ضمنيا ً لكلام الراوي.
من الناحية اللغوية، نقول أن طول الجملة يعد ُّ خيارا ً أسلوبيا ً مهما ً. فهو قد يؤشر رغبة المؤلف الضمنية في أن تؤخذ المعلومات التي تتضمنها الجملة المستطيلة بوصفها وحدة تعبيرية دونما قطع في بنية الجملة. و قد يكون ذلك لجعل النقلة الزمنية في الأزمنة النحوية مسوغة. و نلاحظ أن المؤلف قد صاغ المقطع الافتتاحي بخمس جمل طويلة نسبيا ً متعمدا ً. وقد كان طول الجمل متقاربا ً و على النحو الآتي:
الجملة الأولى 33 كلمة
الجملة الثانية 35 كلمة
الجملة الثالثة 28 كلمة
الجملة الرابعة 29 كلمة
الجملة الخامسة 32 كلمة
و لو حللنا كلا ً من هذه الجمل الخمس لرأينا أنها جميعا ً يمكن أن تجزأ فتصاغ في جملتين أو أكثر. و لو أخذنا الجملة الثانية مثالا ً على ما نزعم، لوجدنا أنها يمكن أن تصاغ في أربع جمل قصيرة على النحو الآتي: " كان المطعم ضاجا ً، كعادته نهارات الجمع. و قد انتظرت جوار الباب حتى فرغت إحدى المناضد قرب المغسلة. أسمع وشيش الماء ينزل متصلا ً. و ألاحظ الناس يحدقون في ذهابهم و إيابهم، كأنهم لا يحدقون، إلى ( كذا في النص) الناظور.". و يمكن أن نظيف أن الجملة الطويلة قد كانت ظاهرة بارزة في بقية مقاطع القصة. فمثلا ً، كان طول الجملة الأولى في المقطع الثاني أربعين كلمة؛ و هي يمكن أن تجزأ إلى جملتين مستقلتين أو أكثر. و في كل الأحوال فإن هذه الجمل الطويلة يمكن أن تجزأ إلى جمل أقصر مكتفية بذاتها. و بعد قراءة متكررة لهذه الظاهرة لم يقع الكاتب على مسوغ فني أو فكري لمثل هذا التطويل المتعمد للجملة. وهو تطويل يخرجها من مستوى الجمل التقليدية إلى شيء من مستوى الخطاب، فضلا ً عن أنه أمر يتعارض مع التكثيف السردي الذي هو سمة بارزة في هذه القصة. و لعل ذلك يعود إلى أن نزعة التقرير و الإخبار قد شملت حتى الجمل الحوارية التي أخبرنا عن مضمونها الراوي بدلا ً من أن يقدمها لنا عبر أسلوب السرد المشهدي.
يقدم المقطع الأول أهم شخصيتين في القصة، و هما الراوي البطل الذي لن نعرف اسمه فلم يناديه أحد به في القصة، و لم يرتكب الكاتب خطأ التصريح به دون حاجة فنية تلزمه بذلك. و الشخصية الثانية المهمة هي الناظور، إذا جاز لنا أن نعد الأشياء شخصيات. ففي الحقيقة أن الناظور هو البطل الشيء في مقابل البطل الإنسان. إنه العلامة الأساسية الفاعلة في النص التي قد يصح أن نقول أن لا وجود للقصة بدونها. لنتذكر هنا بأن شرط فاعليةالعلامة هو أن تكون ضمن نظام يمنحها الدلالات الإضافية. لذلك كان الناظور علامة تؤثر في سلوك الناس و تكشف عن دلالات اجتماعية و سياسية ضمنية ثاوية في أعماق النص الذي يبدو بريئا ً في الظاهر. فهذه العلامة هي التي تجعل الرجل الغريب يقرأها على أنها تدل على ممارسة بعينها. كما أنها تدفعه إلى طرح أسئلة ملحاحة و عدم تصديق أقوال البطل لأن أية علامة إنما هي دال على مدلول في سياق تاريخي و اجتماعي و حضاري بعينه، ولنلاحظ بأن دلالة الناظور قد تغيرت جذريا ً في سياقها السردي. فهي تجعل الناس يحدقون فيها في ذهابهم و إيابهم في المطعم، و هي التي تجعل البطل يشتري صحيفة يومية ليس لكي يقرأها و إنما لكي يلف بها الناظور. و عملية لف الناظور بالجريدة، في رأينا، هي عملية رمزية تشبه لف جسد المتوفى بالكفن. و يكتسب هذا التأويل لعملية تغليف الناظور وجاهته إذا ما أتممنا قراءة القصة في مقطعها الختامي القصير حيث يهوي الناظور من مكان شاهق إذ نقرأ " أستند، منحنيا ً، إلى سياج الشرفة، مد َّ يده و أفلت الناظور، رآه يتهاوى مثل طائر من معدن، تنفتح حمالته و يدور في الهواء قبل أن يسقط دونما صوت على الأرض.". فقوله مدَّ يده و أفلت الناظور تشير إلى قصدية في الفعل. إذن يمكن القول بأن عملية اللف بالجريدة كانت تكفينا ً رمزيا ً للناظور تمهيدا ً لغيابه الفاجع الذي يناظر عملية تغييب جسد الميت. فالناظور، كما تطرحة القصة، رمز يقترن بالسلطة في شتى تجلياتها. فهو يجعل الإنسان قادرا ً على أن يرى أبعد و أدق مما يجعله في وضع فيه شيء من التسلط على الآخرين. فهو يمكن أن يكون وسيلة تجعل البطل، في المقطع السردي الخامس، يدهش لأن بإمكانه " التقاط أحاسيس الناس و هي ترتسم على وجوههم إذ يجلسون أو يعبرون الشط ... ". فهل يصح الافتراض بأن الناظور هنا رمز للقدرة على التجسس على الناس دون أن يكونوا على دراية بأن هناك من يتفحص انفعالاتهم دون علم منهم؟
إن المقطع الاستهلالي يمثل بؤرة القصة الأساسية حتى ليمكن القول بأن بقية المقاطع قد وظفت لنسج أحداث تتوزع لتشكل محيطا ً لهذا المقطع المركزي. و إذا كان السرد الذاتي من داخل الشخصية هو السائد فيه حصرا ً فإن ذلك يمكن أن يؤول على أنه علامة إضافية تؤكد مركزيته في القصة. لذلك يتغير أسلوب السرد في المقاطع التي تليه إلى أسلوب السرد الخارجي الذي يقوم به راو ٍ عليم ٍ. كما يجري تأثيث بقية مقاطع القصة برموز و أفعال تدعم التأويل الاجتماعي و النفسي لها. ففي المقطع الثاني يتولى الراوي العليم تقديم المادة السردية التي تدور حول الأماكن المرتفعة و الأماكن المنخفضة. و حول كيفية رؤية العالم أو الناس من ارتفاع شاهق أو من مكان منخفض دون مستوى الأرض التي يسيرون عليها. فالبطل يحكي، بوصفه ’ هو ‘ لشخصيتين في القصة " كيف أنهم كانوا يميزون الناس، في بيتهم بالبصرة القديمة، من أحذيتهم و أرجل بنطلوناتهم حال مرورهم من أمام نافذة الغرفة الخفيضة، ..." و ذلك بعد أن يوجه ثامر، و هو شخية ثانوية، سؤالا ً إلى البطل الذي لم يعد راويا ً و إنما مروي عنه بالقول " كيف يرى العالم من هذا الارتفاع؟" فيكون جوابه " كما يراه من يعيش في سرداب". فهل يصح الافتراض بأن القصة تتحدث بشكل رمزي عن التفاوت في الرؤية الاجتماعية تبعا ً للتفاوت الطبقي؟ و عن الصراع الاجتماعي الذي يجعل من بعض الناس يصيدون للشيوخ، و ليس لأنفسهم، في الناصرية؛ بينما البعض الآخر يتحسر على ضيق مكانه الذي هو عبارة عن غرفة صغيرة " لم تتسع يوما ً لتصبح غرفة و صالة..."؟ و أجد من الضروري أن أؤكد بأن هذا الكلام هو للتحريض على فهم إشارات النص الداخلية، و ليس إلحاقا ً للظاهرة الأدبية بالسياسة.
إن القصة، أية قصة، بوصفها عملا ًَ سرديا ً، تدور حول الإنسان في شرطه الوجودي، ذلك الشرط الذي تحدده حاجات نفسية و اجتماعية و بيولوجية أساسية. و لعل الحاجة إلى المرأة، بوصفها رفيقا ً حميما ً في التجربة الوجودية، من أهم الحاجات التي بدت، ظاهريا ً في الأقل، غائبة عن قصة " طائر من معدن". و لكن ذلك يشكل معضلة كبرى في القراءة لأنه يتعلق في إظهار المسكوت عنه، أو البياض الموحي في النص الأدبي. وقد و ردت إشارات، و لكن شديدة الخفاء، إلى موضوعة العلاقة بالمرأة. ففي المقطع الثاني، يدور كلام بين الراوي و ثامر، صديق الراوي، و امرأة يعرفها النـص بأنها زوجة ثامر مختزلا ً شخصيتها في كونها(زوجة) لثامر، في إشارة ضمنية إلى وظيفتها الجنسية. و نعرف بأن ثامرا ً و زوجته سيسافران و يتركان شقتهما للراوي. ثم نقرأ " مرت لحظة صمت اعتذر بعدها ثامر و هو يقول بأنه سيبقي غرفة نومهما مغلقة، و ستأتي أخته بين وقت و آخر لتنظيفها، أجاب مداريا شعوره بأن لا داعي لغرفتين...". و هذا الحديث يبدو، ظاهريا ً، كلاما ً فيه مجاملة اجتماعية. غير أنه ينطوي على علامة مهمة هي غرفة نوم الزوجين؛ أي الغرفة التي تحتضن الممارسة الجنسية بينهما. لذلك فهي ستبقى مقفلة دونه. و ذكر هذه العلامة يثير في البطل شعورا ً ً ما دون أن يفصح النص عن طبيعة هذا الشعور الذي نعتقد بأنه يمثل استثارة جنسية. و بعد أن يزول عنه الحرج( لنلاحظ هنا الإشارة إلى الشعور بالحرج)، يقول: " إن الأمر سيبدو كما لو كان يعيش في حكاية قديمة فيها باب مغلق على الدوام، وراءه أناس صامتون على الدوام، أي أناس، سألت زوجة ثامر، فأجاب: أنتما بالتأكيد، ستكونان هنا، بالنسبة لي، مثلما ستكونان هناك..". فالغرفة إذن ستثير مخيلة الراوي و توحي له بالحياة و اللذات السرية خلفها. و يؤكد المقطع اللاحق هذا المنحى في التأويل حين نرى البطل وحيدا ً يتقلب على فراشه. إذن فإن الصحراء الجنسية التي يعيشها البطل ستلتهب بسراب الاستمناء.
و نفرق في القصة، أية قصة، بين ثلاثة أنواع من الأزمنة هي الزمن اللغوي أو النحوي و زمن الحكاية و زمن القصة. الأول يتعلق باستخدام الأزمنة النحوية المعروفة، ماض، و مضارع ... الخ. و الثاني يتعلق بزمن الحكاية الأصلية ، أو الزمن التاريخي في تتابعه المعهود، و الثالث الزمن الذي تعيد فيه القصة تشكيل زمن الحكاية حتى يوافق حاجاتها الفنية و الفكرية. ففي حالة الزمن اللغوي، تثور مشكلة الانتقال بين الأزمنة في هذه القصة. فالنص ينتقل من الزمن الماضي، في قوله " و قد انتظرت..." إلى الزمن المضارع في قوله " أسمع ...". إن هذا الانتقال يمكن أن يفهم على أنه " و قد انتظرت و أنا أسمع...". و نلاحظ أيضا ً أن البنية الزمنية للقصة تتميز بالتشظي. و قد منح الكاتب زمنا ً خاصا ً لكل مقطع من مقاطع القصة الستة مهملا ً البنية الزمنية المنطقية، أي زمن الحكاية، و تسلسلها المألوف، مما يؤدي بالضرورة إلى تشظية الحبكة . و بذلك تخالف بنية ُ زمن القصة بنية َ زمن الحكاية. و تقتضي نوعا ً من إعادة الترتيب حتى يفهم تسلسل الأحداث و العلاقات السببية بينها. و لسـوف نعيد هنا ترتيـب المقاطـع بادئين من الأقـدم و حتى الأحدث زمنا ً، و على النحو الآتي:
1. المقطع الثاني هو بدء زمن الحكاية " لم يكن قد قرر أن يشتري شيئا ً محددا ً..."
2. المقطع الثالث يتمم فكرة بقاء البطل في بيت الصديق ثامر " جاء ثامر، منذ أكثر من شهر..."
3. المقطع الرابع يتحدث عن شراء البطل للناظور" من دون تخطيط فكر أن يذهب إلى سوق الجمعة ..." و يلاحظ هنا أن الجملة الاستهلالية في هذا المقطع تتداخل لغويا ً مع الجملة الاستهلالية في المقطع الثاني مما يشي بتداخل زمنيهما.
4. المقطع الأول يتحدث عما أثاره وجود الناظور من ردود أفعال في المطعم. و الحوار الذي دار بين البطل و الرجل الغريب.
5. المقطع الخامس يتحدث عن مشاعر البطل و هو يستعمل الناظور للنظر إلى الناس من الطابق الثامن " خالجه شعور غريب و هو يرى العالم ..."
6. المقطع السادس القصير الذي يتحدث عن نهاية الناظور. و يمثل نهاية القصة أيضا ً.
إن هذه البنية المتشظية لزمن السرد تضع أمام قارئ هذه القصة فجوات في التأليف تفرض عليه أن يكون قارئا ً فاعلا ً يعيد تشكيل الأحداث حتى يفهم صيرورة الحبكة في القصة. و إذا ما أضفنا إلى ذلك اللعب بأساليب السرد، والاقتصاد الشديد في اللغة و التقشف في إيراد التفاصيل، فضلا ً عن الثراء الدلالي للعلامات في القصة، فإن ذلك يتطلب جهدا ً في الربط و التحليل و الاستنتاج، أعني أنه يتطلب قراءة إيجابية و محكمة و فاعلة. من هنا يجوز لنا أن نقول بأن قصة " طائر من معدن" تقدم إنموذجا ً لقصة القارئ الذكي، أو القارئ المؤلف.
أليس كذلك؟






نشرت قصة " طائر من معدن" في مجلة مسارات. العدد الثاني، السنة الأولى. 2005.

باسين بلعباس
02/10/2008, 12:50 PM
قراءة من باحث أكاديمي..تحيل إلى المنتج الأصل لقراءته..
تغري بذلك..ولا تترك مجالا للتفكير مرتين
ألا تلاحظ ـ أخي الفاضل باقر جاسم محمد ـ أن الجانب الإحصائي ،أخذ متسعا له ..
على حساب الدلالة..والرمز في النص محل الدراسة..؟
كل التقدير والاحترام