حسين نور الدين
02/09/2008, 11:02 AM
http://www.zakariya.net/images/besmele-small.gif
في ذكرى رحيل الرئيس حافظ الأسد (http://hussein72.maktoobblog.com/1092295/%D9%81%D9%8A_%D8%B0%D9%83%D8%B1%D9%89_%D8%B1%D8%AD %D9%8A%D9%84_%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3_ %D8%AD%D8%A7%D9%81%D8%B8_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3% D8%AF)
http://tbn0.google.com/images?q=tbn:pFixLF35vwf2iM:http://talhodan.jeeran.com/02.jpg (http://hussein72.maktoobblog.com/)
الأخوة الكرام إدارة و أعضاء منتديات واتا
لعله أننا نحن المغتربين و جراء ظروف الاغتراب فدوماً يكون الوطن في ذاكرتنا
هذه المقالة كتبتها سابقاً و أنشرها حالياً في منتداكم الكريم
و تحيات من أبناء الوطن المغتربين للوطن الغالي سوريا خاصة و عموم بلادنا العربية .
أولاً و بادئ ذي بدء أقول أنني عندما أردت تناول الحديث عن الرئيس الراحل حافظ الأسد فليس ذلك إلا من باب الموضوعية الصرفة و المهنية الحيادية بعيداً عن أي دافع أساسه و لاءٌ أو تعصّبٌ أو استعراضات وطنية وشعارات .
في يوم 10 / حزيران / 2000 رحل الرئيس حافظ الأسد عن الدّنيا و مرت الذكرى الثامنة لرحيله منذ أيام و كان من المفروض أن يصدر مقالي هذا في يوم الذكرى و لكن أن نكتب متأخرين خير من أن لا نكتب ابداً و نظراً لمشاكل النت الدائمة التي يعانيها حاسوبي فقد تأخر مقالي أياماً عدّة .
في إحدى زيارات أحد المسئولين العرب إلى دمشق ولقائه بالرئيس حافظ الأسد قال ذلك المسئول العربي ( الخليجي ) للرئيس الأسد : ( بصراحة ياسيادة الرئيس فقد طلب منّا الأمريكان زيارتك و الاطلاع على صحتك و وضعك الصحي ) .
و في زيارة الرئيس حافظ الأسد إلى الأردن لتشييع العاهل الأردني الملك حسين صدر تقرير إخباري بأنّ المخابرات الإسرائيلية تمكّنت من الحصول على عيّنة من بول الرئيس حافظ الأسد خلال زيارته للأردن و تمّ تحليل العيّنة و تبيّن بنتائج التحليل أنّ الرئيس الأسد لن يعمّر طويلاً .
كان هناك اهتمام كبيرٌ من قبل قوى الهيمنة الدولية و الكيان الصهيوني بالوضع الصحي للرئيس الراحل حافظ الأسد و كانوا يبنون جزءاً من تخطيطهم على سرعة رحيل الرئيس الأسد .
ماذا فعل الرئيس الأسد و ماهي مواقفه وسياسياته عربياً و إقليمياً و دولياً ؟
و بكلّ موضوعية بعيداً عن أيّ ولاءٍ أعمى و تعاطف أخرق أقول : لعلّني ومن بعد أن تبلورت في فكري صورة الوضع السياسي و الأمني أستطيع تقدير كثير من الأمور و المعطيات و التي كان تقديرها الصحيح بعيداً ـ نوعا ما و إلى حدّ ما ـ عني سابقاً و بهذه الموضوعية وقلمها الحرّ أستطيع أيضاً تقييم موقف الرئيس الراحل الأسد مقارنة بمواقف غيره و خاصة على الصعيد العربي .
ربّما أنّ كثيراً ممّن ينظرون و يصدروا تقييمهم لا يروا من سوريا و رئيسها الراحل إلّا نظاماً شمولياً يحكمه الحزب الواحد و يكفي ذلك دافعاً للكثيرين لنقد و انتقاد سريع و سلبي للواقع السياسي و الواقع العام لهذه الدولة .
لكن لنستقرئ الواقع جيّدا و لنحاول النّظر و التحليل بناءاً على نظرةٍ إلى النصف الملآن من كأس الواقع السياسي و الأمني و العسكري و كل متعلّقاته و لاسيّما الثقافي منها و الاجتماعي محاولين من حيث المبدأ إشاحة النظر عن سلبيات لابدّ أن تكون موجودة سواءً خطأً أو كأمر واقع تفرضه جوانب حالٍ أخرى .
و لنستقرئ الواقع الإقليمي عامّةً و بعض أهمّ معطيات هذا الواقع الذي يحمل في طياته سلبيات مقيتة و شرور خطيرة و بناءً على هذا الاستقراء يمكن أن نقيّم موقف و دور و مكانة هذه الدولة أوتلك .
الكيان الصهيوني موجودٌ في قلب وطننا العربي و له امتداداته الأمنية و العسكرية و السياسية و حتّى الثقافية أيضاً ـ بنسبة ما و بشكل ما ـ إلى كثير إن لم يكن معظم و عموم دولنا العربية .
هذا الكيان الصهيوني السّرطاني تحيطه دولٌ عربية سُمٍّيت بدول الطّوق و هي أكثر الدّول التي شغلت و تشغل اهتمام الكيان الصّهيوني نظراً لقربها الجيوسياسي من ( إسرائيل ) .
الكيان الصهيوني لم يشح أنظاره الشّريرة عن سوريا و دولتها و لذلك فسوريا و على امتداد عهد الرئيس الرّاحل الأسد لم تَخلص أو تتخلّص من الضّغوط الكبرى عسكرياً و سياسياً و أمنياً و اقتصادياً و لطالما كان الكيان الصّهيوني يهدّد و يتوعّد و يعمل محاولاً تنفيذ تهديداته عبر سياسات عديدة و خطوات متعدّدة مستعيناً بنفوذه الكاسح و تحالفاته الكبرى مع دول الغرب أو الشّرق و ضغوط على الجميع لأجل إنجاح سياساته .
الرئيس الراحل الأسد و سوريا التي يقودها أدركا حقيقة المخطّطات الصّهيوينة و ما ترمي إليه ( إسرائيل الكيان الصّهيوني ) و ما تريده حقيقةً .
لذلك فالرئيس الراحل الأسد وضع أسس و منطلقات الصّمود في وجه تلك المخطّطات و التّصدّي و ببراعةٍ سياسية قلّ نظيرها ـ بكلّ معنى الكلمة ـ على الصّعيد العربي على أقلّ تقدير .
بنى الرئيس الأسد الراحل تحالفاته الإقليمة لتدعيم موقف سوريا في وجه الضّغوط و التهديدات الإسرائيلية و من يواليها .
لقد تبنّى الراحل حافظ الأسد و سوريا التي يقودها موقف التحالف المصيري مع قوى المقاومة الوطنية العربية المواجهة لـ ( إسرائيل ) و موقف دعمها رغم كلّ الخطورة التي يكتنفها هذا الموقف ، و هذه الخطورة نابعة من كون أن المواجهة لن تكون مع (الكيان الصهيوني الإسرائيلي ) فقط و إنّما المواجهة ستتعمّق و تكون مع جبهة الإمبريالية الدولية المتحالفة مع ( إسرائيل ) و جميع الدول المؤيدة سرّاً و علناً لـ ( إسرائيل ) .
لم تتخلّى سوريا عن موقفها هذا بل و دعّمته بكل سبل الدعم و التقوية على قاعدة أنه خيار مصيري في وجه مخطّطات صهيوينة لا تقبل التّراجع و المهادنة .
حاول الرئيس الأسد الرّاحل بناء علاقات متينة مع الدّول العربية لتدعيم جبهة الصّمود ضد مشاريع صهيوينة و للتصدّي لهذه المشاريع التدميرية المعروفة .
و عندما ندرك واقع الحال و مدى نفوذ الأجهزة الإسرائيلية و بخاصّة الأمنية منها في دول العالم و في دولنا العربية أيضاً فحينها نستطيع أن نقيّم التّقييم الإيجابي الصحيح لمدى نجاح سوريا و رئيسها الرّاحل في قطع اليد الإسرائيلية الأمنية عن الوصول إلى قلب الدولة السورية و بين ظهراني المجتمع السوري و في ذلك ما تؤكّده التّجربة و الدّلائل .
ثمّ لنسأل أنفسنا و لنسأل قوى المقاومة الوطنية العربية سواءً في داخل فلسطين أو خارجها عن مدى الدّعم السوري اللامحدود لها و حقيقة الدّور الذي لعبته سوريا في دعم هذه القوى دعماّ لوجستياً و تبنيّاً سياسياً كخيار وحيد و أساسي لمواجهة الكيان الصّهيوني .
و للعلم فالرئيس الراحل الأسد كان بشخصه كرئيس للدولة السورية تربطه علاقة وثيقة جداً مع قادة حركات المقاومة الوطنية ضدّ ( إسرائيل ) و ما زال هذا الموقف مستمرّاً ، فأن يكون قائد الدولة هو الشخص و المسئول الأكثر قرباً من قادة المقاومة الوطنية سواءً الفلسطينية منها أو غير الفلسطينية لهو موقف بحدّ ذاته يعتبر مميّزاً بجدارة .
و لا بدّ أن نستذكر أنّ سوريا الدولة التي تنتهج في سياستها الداخلية نظاماً عَلمانياً كما يعلن هي نفسها سوريا التي أعلنت قولاً و فعلاً عن موقفها المؤيّد و الدّاعم لحركات المقاومة ضد ( إسرائيل الكيان الصهيوني ) و خاصّةً حركات المقاومة الإسلامية .
و دمشق العاصمة السورية تحتضن قادة أهمّ فصائل المقاومة الإسلامية ضد الكيان الصهيوني في وقتٍ عزّ على العرب و دولهم أن يقفوا مساندين و لو مالياً لتلك الفصائل المقاومة و خاصةً ذات الصبغة الإسلامية منها.
سوريا و لمن لا يعرف و اجهت حرباً ضروساً ضد ( إسرائيل ) في قلب لبنان و خسرت جنوداً بالآلاف في حربها تلك في وقت العدوان الإسرائيلي على لبنان في الثمانينيات من القرن الماضي و تصدّى الجيش السوري في حينها للعدوان الإسرائيلي الذي كان متوجّهاً باتجاه الشرق مقترباً من الحدود السورية و كان الجيش السوري في حينها و بأوامر مباشرة من الرئيس الراحل الأسد قد استخدم صواريخ سام المضادة للطائرات ضدّ الطيران الإسرائيلي و هذا ما ألّب القوى الغربية المؤيدة و الداعمة لـ ( إسرائيل ) و المتحالفة معها .
و لولا خشية الأطالة لتناولنا بالتفصيل أحداث التهديد الإسرائيلي لسوريا و تصريحات قادة العدو الصهيوني ضد سورياعلى مدى عقودٍ من السنين .
على أقلّ تقدير و لو استخدمنا قاعدة المثل المقارن للحكم و لإصدار الحكم لاستنتجنا الإيجابية التي ميّزت الموقف السوري و سياساته و نتائجه على خلاف من يضع تقييمه بناءاً على صورة مثالية لنظام دولة يحلم بها و بناءاً على هذا النموذج المثالي الذي يتصوّره يصدر حكمه السلبي على دولة تخالف تصوّره المثالي لشكل و نظام الدولة .
كلّ دولة لابدّ أن يكون فيها و خلال مسيرتها أخطاء و ربّما خطايا أيضاً و لكن لماذا لا نحاول النظر إلى النصف الملآن من الكأس بدلاً من التركيز الدائم على النصف الآخر و إصدار التقييم و الموقف بناءاً على النّظرة الى ذلك النصف السلبي الفارغ ، أليس أنه من الأفضل النّظر إلى النصف الملآن الإيجابي و لنعزّزه و لنزكّيه و لنشجّعه خيرٌ و أجدى من أن يكون موقفنا نابعاً و مبنياً على ما تراه أعيننا في تركيزها الدائم على النّصف الفارغ لأنّه و قبالة الكيان الصهيوني المتربّص دوماً و الذي لا يهدأ عن عمل كل ما من شأنه تحقيق خططه و سياساته ، قبالة هذا الكيان العدواني و العدو اليهودي اللدود لابدّ أن نستبشر ـ على أقلّ تقدير ـ بأيّ موقفٍ عربيٍّ حقيقيٍّ و صادقٍ يقف في وجه الصهيوينة و دولتها السّرطانية و مخطّطاتها العدوانية التي تستهدفنا جميعاً .
و سوريا و على مدى حياة الرئيس الرّاحل حافظ الأسد وقفت بكلّ معنى الكلمة مؤيدةً لموقف شعوبنا قبالة الكيان الصهيوني المعادي ، و ما زالت سوريا تنتهج هذا الموقف و هذه السّياسة .
أكتب مقالتي هذه ناظراً دوماً لنصفٍ ملآنٍ من كأسٍ ليس لنا إن كنّا نتحلّى بالموضوعيّة و الوطنيّة أيضاً ليس لنا إلّا أن ننظر إليه .
رحم الله الرئيس الراحل حافظ الأسد برحمته الواسعة في ذكرى رحيله الثامنة و إنّا لله و إنّا إليه راجعون .
في ذكرى رحيل الرئيس حافظ الأسد (http://hussein72.maktoobblog.com/1092295/%D9%81%D9%8A_%D8%B0%D9%83%D8%B1%D9%89_%D8%B1%D8%AD %D9%8A%D9%84_%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3_ %D8%AD%D8%A7%D9%81%D8%B8_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3% D8%AF)
http://tbn0.google.com/images?q=tbn:pFixLF35vwf2iM:http://talhodan.jeeran.com/02.jpg (http://hussein72.maktoobblog.com/)
الأخوة الكرام إدارة و أعضاء منتديات واتا
لعله أننا نحن المغتربين و جراء ظروف الاغتراب فدوماً يكون الوطن في ذاكرتنا
هذه المقالة كتبتها سابقاً و أنشرها حالياً في منتداكم الكريم
و تحيات من أبناء الوطن المغتربين للوطن الغالي سوريا خاصة و عموم بلادنا العربية .
أولاً و بادئ ذي بدء أقول أنني عندما أردت تناول الحديث عن الرئيس الراحل حافظ الأسد فليس ذلك إلا من باب الموضوعية الصرفة و المهنية الحيادية بعيداً عن أي دافع أساسه و لاءٌ أو تعصّبٌ أو استعراضات وطنية وشعارات .
في يوم 10 / حزيران / 2000 رحل الرئيس حافظ الأسد عن الدّنيا و مرت الذكرى الثامنة لرحيله منذ أيام و كان من المفروض أن يصدر مقالي هذا في يوم الذكرى و لكن أن نكتب متأخرين خير من أن لا نكتب ابداً و نظراً لمشاكل النت الدائمة التي يعانيها حاسوبي فقد تأخر مقالي أياماً عدّة .
في إحدى زيارات أحد المسئولين العرب إلى دمشق ولقائه بالرئيس حافظ الأسد قال ذلك المسئول العربي ( الخليجي ) للرئيس الأسد : ( بصراحة ياسيادة الرئيس فقد طلب منّا الأمريكان زيارتك و الاطلاع على صحتك و وضعك الصحي ) .
و في زيارة الرئيس حافظ الأسد إلى الأردن لتشييع العاهل الأردني الملك حسين صدر تقرير إخباري بأنّ المخابرات الإسرائيلية تمكّنت من الحصول على عيّنة من بول الرئيس حافظ الأسد خلال زيارته للأردن و تمّ تحليل العيّنة و تبيّن بنتائج التحليل أنّ الرئيس الأسد لن يعمّر طويلاً .
كان هناك اهتمام كبيرٌ من قبل قوى الهيمنة الدولية و الكيان الصهيوني بالوضع الصحي للرئيس الراحل حافظ الأسد و كانوا يبنون جزءاً من تخطيطهم على سرعة رحيل الرئيس الأسد .
ماذا فعل الرئيس الأسد و ماهي مواقفه وسياسياته عربياً و إقليمياً و دولياً ؟
و بكلّ موضوعية بعيداً عن أيّ ولاءٍ أعمى و تعاطف أخرق أقول : لعلّني ومن بعد أن تبلورت في فكري صورة الوضع السياسي و الأمني أستطيع تقدير كثير من الأمور و المعطيات و التي كان تقديرها الصحيح بعيداً ـ نوعا ما و إلى حدّ ما ـ عني سابقاً و بهذه الموضوعية وقلمها الحرّ أستطيع أيضاً تقييم موقف الرئيس الراحل الأسد مقارنة بمواقف غيره و خاصة على الصعيد العربي .
ربّما أنّ كثيراً ممّن ينظرون و يصدروا تقييمهم لا يروا من سوريا و رئيسها الراحل إلّا نظاماً شمولياً يحكمه الحزب الواحد و يكفي ذلك دافعاً للكثيرين لنقد و انتقاد سريع و سلبي للواقع السياسي و الواقع العام لهذه الدولة .
لكن لنستقرئ الواقع جيّدا و لنحاول النّظر و التحليل بناءاً على نظرةٍ إلى النصف الملآن من كأس الواقع السياسي و الأمني و العسكري و كل متعلّقاته و لاسيّما الثقافي منها و الاجتماعي محاولين من حيث المبدأ إشاحة النظر عن سلبيات لابدّ أن تكون موجودة سواءً خطأً أو كأمر واقع تفرضه جوانب حالٍ أخرى .
و لنستقرئ الواقع الإقليمي عامّةً و بعض أهمّ معطيات هذا الواقع الذي يحمل في طياته سلبيات مقيتة و شرور خطيرة و بناءً على هذا الاستقراء يمكن أن نقيّم موقف و دور و مكانة هذه الدولة أوتلك .
الكيان الصهيوني موجودٌ في قلب وطننا العربي و له امتداداته الأمنية و العسكرية و السياسية و حتّى الثقافية أيضاً ـ بنسبة ما و بشكل ما ـ إلى كثير إن لم يكن معظم و عموم دولنا العربية .
هذا الكيان الصهيوني السّرطاني تحيطه دولٌ عربية سُمٍّيت بدول الطّوق و هي أكثر الدّول التي شغلت و تشغل اهتمام الكيان الصّهيوني نظراً لقربها الجيوسياسي من ( إسرائيل ) .
الكيان الصهيوني لم يشح أنظاره الشّريرة عن سوريا و دولتها و لذلك فسوريا و على امتداد عهد الرئيس الرّاحل الأسد لم تَخلص أو تتخلّص من الضّغوط الكبرى عسكرياً و سياسياً و أمنياً و اقتصادياً و لطالما كان الكيان الصّهيوني يهدّد و يتوعّد و يعمل محاولاً تنفيذ تهديداته عبر سياسات عديدة و خطوات متعدّدة مستعيناً بنفوذه الكاسح و تحالفاته الكبرى مع دول الغرب أو الشّرق و ضغوط على الجميع لأجل إنجاح سياساته .
الرئيس الراحل الأسد و سوريا التي يقودها أدركا حقيقة المخطّطات الصّهيوينة و ما ترمي إليه ( إسرائيل الكيان الصّهيوني ) و ما تريده حقيقةً .
لذلك فالرئيس الراحل الأسد وضع أسس و منطلقات الصّمود في وجه تلك المخطّطات و التّصدّي و ببراعةٍ سياسية قلّ نظيرها ـ بكلّ معنى الكلمة ـ على الصّعيد العربي على أقلّ تقدير .
بنى الرئيس الأسد الراحل تحالفاته الإقليمة لتدعيم موقف سوريا في وجه الضّغوط و التهديدات الإسرائيلية و من يواليها .
لقد تبنّى الراحل حافظ الأسد و سوريا التي يقودها موقف التحالف المصيري مع قوى المقاومة الوطنية العربية المواجهة لـ ( إسرائيل ) و موقف دعمها رغم كلّ الخطورة التي يكتنفها هذا الموقف ، و هذه الخطورة نابعة من كون أن المواجهة لن تكون مع (الكيان الصهيوني الإسرائيلي ) فقط و إنّما المواجهة ستتعمّق و تكون مع جبهة الإمبريالية الدولية المتحالفة مع ( إسرائيل ) و جميع الدول المؤيدة سرّاً و علناً لـ ( إسرائيل ) .
لم تتخلّى سوريا عن موقفها هذا بل و دعّمته بكل سبل الدعم و التقوية على قاعدة أنه خيار مصيري في وجه مخطّطات صهيوينة لا تقبل التّراجع و المهادنة .
حاول الرئيس الأسد الرّاحل بناء علاقات متينة مع الدّول العربية لتدعيم جبهة الصّمود ضد مشاريع صهيوينة و للتصدّي لهذه المشاريع التدميرية المعروفة .
و عندما ندرك واقع الحال و مدى نفوذ الأجهزة الإسرائيلية و بخاصّة الأمنية منها في دول العالم و في دولنا العربية أيضاً فحينها نستطيع أن نقيّم التّقييم الإيجابي الصحيح لمدى نجاح سوريا و رئيسها الرّاحل في قطع اليد الإسرائيلية الأمنية عن الوصول إلى قلب الدولة السورية و بين ظهراني المجتمع السوري و في ذلك ما تؤكّده التّجربة و الدّلائل .
ثمّ لنسأل أنفسنا و لنسأل قوى المقاومة الوطنية العربية سواءً في داخل فلسطين أو خارجها عن مدى الدّعم السوري اللامحدود لها و حقيقة الدّور الذي لعبته سوريا في دعم هذه القوى دعماّ لوجستياً و تبنيّاً سياسياً كخيار وحيد و أساسي لمواجهة الكيان الصّهيوني .
و للعلم فالرئيس الراحل الأسد كان بشخصه كرئيس للدولة السورية تربطه علاقة وثيقة جداً مع قادة حركات المقاومة الوطنية ضدّ ( إسرائيل ) و ما زال هذا الموقف مستمرّاً ، فأن يكون قائد الدولة هو الشخص و المسئول الأكثر قرباً من قادة المقاومة الوطنية سواءً الفلسطينية منها أو غير الفلسطينية لهو موقف بحدّ ذاته يعتبر مميّزاً بجدارة .
و لا بدّ أن نستذكر أنّ سوريا الدولة التي تنتهج في سياستها الداخلية نظاماً عَلمانياً كما يعلن هي نفسها سوريا التي أعلنت قولاً و فعلاً عن موقفها المؤيّد و الدّاعم لحركات المقاومة ضد ( إسرائيل الكيان الصهيوني ) و خاصّةً حركات المقاومة الإسلامية .
و دمشق العاصمة السورية تحتضن قادة أهمّ فصائل المقاومة الإسلامية ضد الكيان الصهيوني في وقتٍ عزّ على العرب و دولهم أن يقفوا مساندين و لو مالياً لتلك الفصائل المقاومة و خاصةً ذات الصبغة الإسلامية منها.
سوريا و لمن لا يعرف و اجهت حرباً ضروساً ضد ( إسرائيل ) في قلب لبنان و خسرت جنوداً بالآلاف في حربها تلك في وقت العدوان الإسرائيلي على لبنان في الثمانينيات من القرن الماضي و تصدّى الجيش السوري في حينها للعدوان الإسرائيلي الذي كان متوجّهاً باتجاه الشرق مقترباً من الحدود السورية و كان الجيش السوري في حينها و بأوامر مباشرة من الرئيس الراحل الأسد قد استخدم صواريخ سام المضادة للطائرات ضدّ الطيران الإسرائيلي و هذا ما ألّب القوى الغربية المؤيدة و الداعمة لـ ( إسرائيل ) و المتحالفة معها .
و لولا خشية الأطالة لتناولنا بالتفصيل أحداث التهديد الإسرائيلي لسوريا و تصريحات قادة العدو الصهيوني ضد سورياعلى مدى عقودٍ من السنين .
على أقلّ تقدير و لو استخدمنا قاعدة المثل المقارن للحكم و لإصدار الحكم لاستنتجنا الإيجابية التي ميّزت الموقف السوري و سياساته و نتائجه على خلاف من يضع تقييمه بناءاً على صورة مثالية لنظام دولة يحلم بها و بناءاً على هذا النموذج المثالي الذي يتصوّره يصدر حكمه السلبي على دولة تخالف تصوّره المثالي لشكل و نظام الدولة .
كلّ دولة لابدّ أن يكون فيها و خلال مسيرتها أخطاء و ربّما خطايا أيضاً و لكن لماذا لا نحاول النظر إلى النصف الملآن من الكأس بدلاً من التركيز الدائم على النصف الآخر و إصدار التقييم و الموقف بناءاً على النّظرة الى ذلك النصف السلبي الفارغ ، أليس أنه من الأفضل النّظر إلى النصف الملآن الإيجابي و لنعزّزه و لنزكّيه و لنشجّعه خيرٌ و أجدى من أن يكون موقفنا نابعاً و مبنياً على ما تراه أعيننا في تركيزها الدائم على النّصف الفارغ لأنّه و قبالة الكيان الصهيوني المتربّص دوماً و الذي لا يهدأ عن عمل كل ما من شأنه تحقيق خططه و سياساته ، قبالة هذا الكيان العدواني و العدو اليهودي اللدود لابدّ أن نستبشر ـ على أقلّ تقدير ـ بأيّ موقفٍ عربيٍّ حقيقيٍّ و صادقٍ يقف في وجه الصهيوينة و دولتها السّرطانية و مخطّطاتها العدوانية التي تستهدفنا جميعاً .
و سوريا و على مدى حياة الرئيس الرّاحل حافظ الأسد وقفت بكلّ معنى الكلمة مؤيدةً لموقف شعوبنا قبالة الكيان الصهيوني المعادي ، و ما زالت سوريا تنتهج هذا الموقف و هذه السّياسة .
أكتب مقالتي هذه ناظراً دوماً لنصفٍ ملآنٍ من كأسٍ ليس لنا إن كنّا نتحلّى بالموضوعيّة و الوطنيّة أيضاً ليس لنا إلّا أن ننظر إليه .
رحم الله الرئيس الراحل حافظ الأسد برحمته الواسعة في ذكرى رحيله الثامنة و إنّا لله و إنّا إليه راجعون .