المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وراء السراب ... قليلا / رواية لابراهيم درغوثي / الفصل العاشر ( ب )



ابراهيم درغوثي
03/09/2008, 03:22 PM
وراء السراب ... قليلا



رواية





ابراهيم درغوثي







الباب العاشر (ب)





( 3 )




كنا خمسة رجال واقفين قريبا من باب المغارة الجديدة التي بدأنا بشقها في قلب الجبل. لما أعيانا الوقوف جلسنا القرفصاء على الأرض و عيوننا تتابع تساقط قطع الحجارة هنا و هناك في الأماكن التي لم تسند بعد بقطع الخشب فظلت عارية تفغر فاها و تقذف بالتراب بين اللحظة و الأخرى.

امتدت الأيدي بحذر إلى قطع الخبز وحبات الطماطم و البصل . ودهست الأضراس الطعام بدون شهية ، فالخطر ماثل أمام أعيننا و الشق لابد في الأمكنة يترقب غفلة الرجل ليفتك منه روحه و يضعها في جيوبه الكثيرة و يهرب بها إلى الأماكن القصية.

كان معي عاملان و معاونان. المعاونان طويلان و نحيلان فمهنتهما تتطلب طول القامة و كثيرا من الشجاعة. الرجلان يعدان لي أصابع الديناميت و يربطانها بالخيوط و الصواعق حين أكون بصدد حفر ثقوب في الصخور بمغزلي الدوار.بعد ذلك نتعاون جميعا على حشو هذه الأصابع داخل الثقوب ، في قلب الجبل. و نشعل الفتائل و نهرب بعيدا ليدك الديناميت الصخور و يهشمها تهشيما فتنهار مختلطة بالفسفاط و " المارني "* و أسنان الحيتان العملاقة و القواقع المتحجرة لحيوانات البحر . و نترقب إلى أن يعود للجبل هدوءه فنعرف أن ساعة الجد قد آن أوانها فيدحرج العاملان عربات الفسفاط الصغيرة على سكة الحديد و ينهمك الجميع في رفع التراب و ملء العربات و نهر البغال الحرونة و الصياح و الغناء و التقاذف بالسباب و النكات الماجنة.

و أستغل لهوهم وجدهم فأندس من جديد داخل المغارة . أصلح ما أفسدته الانفجاريات و أسند الخشبات التي أمالها تساقط الحجارة و التراب و أغطي السقف بقطع من الخشب الصلب لحمايتها من انهيارات جديدة.

كنا يومها مشغولين بفرحنا فقد أنجزنا عملنا كاملا و بدأنا نستعد لمغادرة النفق حين طن الجبل فوق رؤوسنا . أعرف بالحدس أن هذا الطنين نذير شؤم . و أعرف أيضا أنه بداية لانهيارات صخرية لا قدرة للخشب على تحملها فأشرت إلى الجميع بالانتباه الشديد و الحذر و الإصغاء إلى همس الحجارة.

و تكرر الطنين لطيفا خفيفا في المرات الأولى ثم صرت الخشبات المسنودة على السقف صريرا موجعا وسالت منها قطرات ماء، فدعوت الجماعة إلى الفرار و الاختباء في أماكن حصينة . و لم نكد نغادر المكان حتى وقع الانفجار العظيم . تهشمت الخشبات و تطايرت عشرات الأمطار و هطلت من السقف حجارة من سجيل ملأت الأركان حتى فاضت.و تدافعت نحونا هادرة كالرعود المكتومة. ولم يعد للجبل هدوءه إلا بعد ساعة أو أكثر.

نظرت إلى أصحابي فوجدتهم صامتين . ورأيت صفرة الأموات تجتاح وجوههم . وكان قلبي يدق بعنف الطبول.

طنت أول من انسل من المخبأ ، فتبعني البقية.

اقتربنا بحذر من مكان الانهيارات ووقفنا ننصت إلى صوت الجبل فعرفت أن ثورته قد انتهت ولكن إلى حين و إن ساعة الجد قد حلت فقد تكدس تراب الفسقاط في كل مكان و ستكون غنيمتنا كبيرة هذا اليوم، فلن نكتفي بملء ما علينا من عربات و إنما سنزيد فوق المطلوب عربات أخرى ستحسب لنا يوم القبض. فشمرنا من جديد على السواعد و أشرعنا الفؤوس و عولنا على الله لما تناهى إلى أسماعنا صوت استغاثة يأتي من بعيد .

كانت أصوات كثيرة تتصايح و تطلب النجدة.

" إلينا يا رحمة الرب...

إلينا يا غضب الأجداد...

إلينا فإننا نموت...

إلينا يا أولاد الحلال...

إلينا يا أولاد الكلب...

إلينا يا أولاد الزنى...

إلينا فإننا نختنق...

إننا نختنق ... ن ... خ ... ت ... ن ... ق ... "

كانت الأصوات غريبة. و كانت تصل إلى موقعنا منهكة من التعب فكأنها قطعت آلاف الأميال أو آلاف السنين. و منت أحسها هزيلة ، بلا طعم رغم المرارة الساكنة في توسلاتها و في سبابها.

و كنا ، كلما وصلت دفعة جديدة من هذه الأصوات يزداد استغرابنا أكثر فنحن نحفر في مقطع جديد لم يدخله قبلنا أحد.

فمن أين تأتي هذه الأصوات ؟

التفت إلى أصحابي فوجدتهم حيارى يصيخون إلى الجهة التي تأتي منها الأصوات غير مصدقين لهذه الهواتف البعيدة . ثم رمينا المعاول و الفؤوس و جلسنا على كدس من الحجارة إلى أن قال أحد المعاونين :

- لماذا لا نذهب إلى نجدة هذه الأصوات؟

- ماذا تقول ؟

رد عليه المعاون الآخر وهل هناك رجال وراء هذا المقطع؟ من أين دخلوا و نحن نبعج بطن الجبل للمرة الأولى؟

و رد عامل ظل صامتا كل هذه المدة:

- ربما ولدوا داخل الجبل وهم يطلبون الآن الخروج إلى النور بعد أن شبوا واشتد عودهم.

رأيت على ضوء الفوانيس المعلقة على الأعمدة الغضب على وجه المعاون الذي انطلق صائحا :

- أتسخر مني يا ابن الفاجرة ؟ هل أصابك الصمم ؟ ألا تسمع النداءات و الاستغاثات ؟ سأدق عظامك بهذا الحجر...

و مد يده نحو خناق الرجل.

لكن الأصوات عادت تقرع أسماعنا بوضوح هذه المرة:

- إلي يا أولاد القحبة إني أموت.

فتراخت قبضة المعاون على عنق الرجل و نظر نحوي يطلب المشورة.

قلت له و أنا مضطرب شديد الاضطراب :

- تعالوا ورائي، ولكن حاذروا حتى لا نكون لقمة سائغة للشق و أصحابه.

نظر الرجال في وجوه بعضهم مدة ثم بدأنا في التسلل بين أكوان الحجارة و التراب. كنا نتحرك بحذر دافعين بالحجارة في كل الاتجاهات إلى أن ظهر لنا نفق صغير لا يزيد قطره على خمسين سنتيمترا . نفق يمتد بعيدا داخل بطن الجبل.

كان ضوء الفوانيس لا يصل إلى نهاية النفق . وكانت الحيرة على الوجوه.

قال المعاون الذي اقترح الذهاب إلى نجدة الأصوات:

- لماذا لا نواصل المسيرة ؟ هل أصابكم الخوف؟

و نظر في وجهي بتحد فرفعت يدي عاليا و صفعته بعنف قائلا :

- لست أشجع منا يا ابن الزانية. اتركنا فقط نحل هذه الورطة بهدوء.

رأيت التشفي على وجه العامل الذي خنقه هذا الرجل قبل قليل فندمت على فعلتي . و نظرت نحوه فرأيت في عينيه غلا و غيضا مكتومين. فزاد ندمي على فعلتي لأن القتل يصبح في هذه الحالة أسهل على الإنسان من شربة ماء. فماذا لو نزل على رأسي بفأس أو بحجر من هذه الحجارة المبعثرة في كل مكان.

فقلت له لأخفف من غضبه :

- المعذرة يا أخي. لقد فقدت أعصابي.

لكنه لم يرد على كلامي . فاقترب مني المعاون الآخر يشد أزري . و ظل العاملان الآخران واقفين في مكانهما إلى أن غض الرجل بصره و قال :

- قبلت اعتذارك هذه المرة ، لكن لا تعد إلى ضربي و إلا شدخت رأسك بحجر.

فقلت في نفسي: هذا ما كنت أخشاه ، فما أسهل أن يصرعني داخل هذه القطعة من الجحيم.

و طلبت من الجماعة أن يترقبونا و أن لا يغادروا هذا المكان حتى نعود.

ثم أشرت إلى معاوني بالزحف ورائي . و تسللت داخل النفق كحنش. كنت أدفع أمامي فانوسا . و كان الفانوس ينطفئ بعد كل عدة أمتار. و امتلأ فمي و أنفي بالتراب. و سال على عيني العرق فصارتا تحرقانني . و كان المعاون يدفعني من رجلي دون أن يفوه بكلمة .

وواصلت الزحف في الظلام بعد أن أعياني إشعال الفانوس كلما انطفأ. كنت امضي داخل رحم الجبل ابحث عن نهاية لهذا النفق.وكنت كلما مددت يدي إلى الجانبين لمست الجدران وحط السقف على راسي .و أحسست بشد المعاون على رجلي يرتخي داخل النفق ثم سمعته يتكلم

- هيا بنا نعود يا عزيزي أرى كأن لا نهاية لهذا النفق فرددت عليه بحزم :

- اصبر يا صديقي و لا تبتئس، إني أرى الفرج وراء أبواب الجبل. واطلب رحمة ربك إن رحمة الرب قريبة.

أحس بالسخرية في كلامي فتماسك و عاد يشد على رجلي كأحسن ما يكون الشد.

و تواصل زحفنا في الظلام الدامس إلى أن لفحت وجهي نسمة باردة. و أصبح المكان فسيحا. فلا جدران تضغط على جنبي و لا سقف فوق رأسي يكتم أنفاسي.

مددت يدي إلى الولاعة و أشعلت عود ثقاب . وجدت نفسي في الضوء الشاحب وسط قاعة فسيحة يزيد ارتفاعها على ثلاثة أمتار و تمتد أمامي بعيدا فعدت إلى الفانوس أشعله . ثم وقفت متثاقلا . كان معاوني قد سبقني إلى الوقوف وكانت علامات الهلع مرسومة على وجهه . رأيته يشير بإصبعه إلى الركن الشرقي من المغارة فاتجهت بنظري حيث يشير . و هالني ما رأيت. كتل من العظام الآدمية و الحيوانية مكدسة فوق بعضها. رؤوس بغال و أقحاف رؤوس بشر و فكوك سفلية و عظام لأذرع و أرجل و ... في الجهة الأخرى من المغارة رأيت هيكلا عظميا قائما على رجليه. كانت بقايا ثيابه قد تكدست تحته وكان فانوسه ملقى على جنبه ورأسه مائل قليلا إلى الوراء كالمتكئ على الجدار. ورأيت على الضوء الشاحب بريقا أخاذا. اقتربت من البريق فإذا هي قطع نقود ذهبية. التقطتها بيد مرتعشة ووضعتها في كفي. ورحت أمعن النظر فيها .

اقترب مني المعاون و بدأ يتفحصها بأصابعه مذهولا. تركت له القطع الثلاثة وابتعدت داخل النفق الذي صار في مقدوري المشي فيه وأنا واقف فجرى معاوني ورائي بعد أن أطلق صرخة استغاثة خفيفة و طلب مني أن أترقبه. ابتسمت ووجهت ضوء الفانوس إلى ناحيته فالتصق بي حتى أحسست رائحة أنفاسه الحارة تلفح وجهي.

و تساءل في هلع:

- هل أكل الشق و أصحابه كل هذا الخلق؟

فقلت له:

- لقد اكتشفنا مقبرة جبل " الوصيف " . هنا هلك أكثر من خمسمائة عامل في العام الأول من هذا القرن.

و أضفت هامسا:

- و تلك الأصوات التي استمعنا إليها هي استغاثات أرواح أولئك العملة و قد ظلت هائمة تطوف في أنفاق الجبل باحثة عن مخرج إلى أن انهار اليوم الحاجز الذي سد عليها الطريق فوصلت إلينا ضعيفة واهنة. و هاهي ذي تقودنا إلى المقبرة.

ازداد معاوني رعبا، فعاد يلتصق بي . فدفعته عني بلطف و طلبت منه أن يعود إلى الهدوء. فأطلق صوتا كالنحيب:

- و كيف تريدني أن أهدأ و أنا أحس برفيف أجنحة أرواح هؤلاء الموتى الذين أكلهم الشق؟

فقلت له ساخرا :

- لقد طارت الأرواح و خرجت من الثقب الذي أحدثناه منذ حين في قلب الجبل.

و عاد إليه الهدوء بعض الشيء فواصلنا المسير داخل النفق. كانت عظام الموتى مكدسة في كل مكان على مسافة تزيد على كيلومترين . و كانت رؤوس البغال تبدو كبيرة جدا بعدما انحسر عنها اللحم و الجلد، فيثيرني منظرها وسط عظام الآدميين. و يركب رأسي الجنون فأعبث برؤوس البغال. أحولها من مكانها و أضعها على هياكل عظام بشرية. و أقف أتأمل المنظر الغريب. آدمي برأس بغل . فأحدث نفسي قائلا:

- أو لسنا حقيقة بشرا برؤوس بغال؟ لو لم نكن على هذه الشاكلة لما قبلنا العمل في هذا المنجم لنتقاضى بعض الفرنكات التي لا تكاد تفي بالحاجة ، ثم نبذرها في الحانات أو في المواخير.

و بدأت أدور حول نفسي و أصيح :

- أنا آدمي برأس بغل.

و أقف هنيهة لأرد أنفاسي ثم أعود إلى الدوران و الصراخ إلى أن كدت أفقد وعيي فعدت أدراجي مترنحا كالثمل. بحثت عن معاوني فوجدته قريبا من باب النفق و قد أقعى على مؤخرته. قال لي :

- هيا نعود إلى أصحابنا . لقد ضاق نفسي و ما عدت أستطيع الوقوف.

فقلت له :

- معك الحق يا رجل، فلا مكان لنا هنا . لنترك هؤلاء الموتى يستريحون في رقدتهم الأبدية .

ما كدت أنهي كلامي حتى رفرفت فوق رأسي أجنحة . و أحسست بهواء خفيف يهب على وجهي فأسندت معاوني و جعلته يتكئ على كتفي و عدنا نقرع الباب الذي دخلنا منه هذه الجبانة المنسية في أعماق الجبل.

بعد جهد مضن عدنا من جديد إلى المكان الذي انطلقنا منه . كان العمال الذين تركناهم في الحراسة فد اختفوا فحملت معاوني الذي ما عاد يطيق المشي على ظهري و جررته جرا إلى الخارج فوجدت الجماعة أمام باب النفق. كانوا في حيرة من أمرهم لا يدرون هل ينهون الخبر إلى إدارة الشركة أم يسكتون عن الأمر حتى الصباح. و هاهي ذي عودتنا تنهي المسألة.

سألني أحدهم عما أصاب المعاون فقلت له إنه مريض و طلبت منه أن يعينني على حمله إلى داره، فأحضر لي عربة وضعناه عليها و حثثنا السير. فقد هبط الليل و غطى المكان بكتل كثيفة من الظلام.

و كان معاوني يهذي . كان يقول إنه وجد كنز الشق الذي سلبه من العمال و إن داخل النفق دارا ملأى بقطع الذهب . ثم يصمت فيستحثه الآخرون و يلحون عليه ليتكلم . فيقول لهم إن كلبا يحرس هذا الذهب و قد منه من الاستئثار به. ثم أخرج من جيبه قطع الذهب الثلاث التي وجدتها في المغارة الأولى . فقلت لهم إنه يهذي و إن هذه القطع هي كل ما وجدنا داخل المغارة. فرأيت شكا على وجوههم و تكذيبا لحديثي . فتركتهم و شأنهم و انصرفت. كانوا قد تحولوا إلى أوادم برؤوس بغال فتجمعوا حول رفيقهم و طلبوا منه أن يحكي لهم عما صادفهم في المغارة. فقال لهم إن الذهب يلمع على التراب لمعان عيون القطط في الظلمة. و إنني كنت أمنعه من تجميعه. و كنت أهدده حتى لا يفضح الاكتشاف لأنني أريد أن أستأثر بالكنز. و ظهر الغضب على عيون أصحابي فزدت من سرعتي حتى لا ينالني منهم مكروه.

بعد ثلاثة أيام التقيت واحدا منهم في السوق ، قريبا من بيتي. كان زائغ البصر و محموما .مسكني من يدي و قادني إلى كرسي في مقهى " بو طالب الغرياني " و جلس أمامي ليقول لي إن أصحابي قد عادوا إلى النفق بعد أن أوصلوا المعاون إلى بيته. ثم بدأ يحلف مؤكدا أن كلبا أسود ضخم الجثة كان يحرس باب النفق وكان يمنعهم من الاقتراب من الكنز. و أنهم عادوا مرة أخرى مصحوبين بقطع من اللحم أطعموا منها الكلب. لكنه بعد أن أكلها ازداد شراسة و بدأ ينبح بصوت كالرعد، ففروا هاربين و أبصارهم مخطوفة ببريق الذهب المكدس في كل مكان.

و قال إنهم لم ييأسوا فغافلوا الكلب الذي نام بعد أن دسوا له المخدر في اللحم و تاهوا داخل أنفاق فوجدوا عظام الأوادم و البغال مكدسة حيث ولوا وجوههم.

و فاجأهم وصول الشق و أصحابه ، فأربك خطتهم . سد أحدهم باب النفق و تقافز البقية وراءهم.

كانوا كلما أمسكوا أحدهم نزعوا عنه ثيابه و تداولوا على نكاحه الواحد تلو الآخر.

نكحوهم نكاح البهائم و تركوهم صرعى ثم ولوا الأدبار.

و سألته:

- كيف نجوت منهم؟

فقال :

- أعمى الله بصائرهم و نجاني كما نجى إبراهيم من النار.

ألم تقل لنا أكثر من مرة : إن الله بصير بعباده يجيب دعوة الداعي إذا دعاه. فدعوته و أنا كظيم أن نجني من هذا الخطب، فنجوت.

فقلت له : أنت تختلق هذه الحكاية. و كلامك هذا كذب في كذب . فاستشاط غضبا و بدأ في سبي و لعني قائلا إنه سيجمع حولي كل من يدب في هذه السوق ليفضحني. لكنني لاينته حتى هدأ ثم حدثته عن العمال الطرابلسيين الذين عملوا في المنجم ساعة وقوع الحادث و الذين كانوا يحولون فرنكات رواتبهم إلى قطع ذهبية يخيطون عليها بدلاتهم التي يلبسونها كل يوم حتى لا تسرف منهم في المبيتات الجماعية التي بنتها فرنسا لعمالها، و إن هذه القطع هي ذهب " الشق ". لكنه رفض هذا التفسير. و عاد يهدد بفضح هذا السر إذا لم أمكنه من نصيب من الذهب. و قام ، فرأيت رأس بغل ينبت فوق كتفيه .

فقلت له :

- تعال غدا صباحا لأعطيك نصيبك. و لكنه لم يعد أبدا، فقد مات قبل أن يصل إلى بيته.

طيب بشيري
08/09/2008, 03:01 PM
الاستاذ المبدع ابراهيم درغوثي .. من كوة في باب السراب أنسل إلى عوالم مغرقة في ماهية الشقاء وأسئلة المصير.. هنا حياة أبدعت في نحت أحداثها بإزميل لا يشق له غبار .. في انتظار قيعة السراب الجميل تقبل مودتي

ابراهيم درغوثي
09/09/2008, 08:31 PM
أخي طيب بشيري

لك الود و التقدير

على القراءة و المتابعة