المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل أنت مستعد للسباق في رمضان؟!



عبدالعزيز غنيم
05/09/2008, 02:46 AM
بقلم: أحمد زهران
ها قد جاء رمضان شهر السباق إلى الخير، وشهر المنافسة في الصالحات، ولِمَ لا؛ ورمضان ليس له مثل في المنافسة في الآخرة؛ يقول الحسن البصري (رحمه الله): "إن الله جعل شهر رمضان مضمارًا لخلقه يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته، فسبق قوم ففازوا وتخلف آخرون فخابوا، فالعجب من اللاعب الضاحك في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون ويخسر المبطلون".

أتى رمضانُ مزرعةُ العباد لتطهير القلوب من الفساد
فأد حقوقه قولاً وفعلاً وزادكَ فاتخذهُ للمعاد
فمن زرع الحبوبَ وما سقاها تأوه نادمًا يومَ الحصادِ

والمسلم صاحب همة عالية، فهو متطلع دائمًا إلى الأكمل والأحسن، يستشعر أنه في ميدان سباق، فيأخذ أهبته، ويعد عدته، ويشمر عن ساعد الجد والاجتهاد، حتى يصل إلى مطلوبه فيكون من السابقين: ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12)﴾ (الواقعة). يقول الله تعالى: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133)﴾ (آل عمران)، ويقول: ﴿سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21)﴾ (الحديد).
قال الإمام ابن كثير (رحمه الله) في تفسيره: "نَدَبَهُم إلى المبادرة إلى فعل الخيرات والمسارعة".
وقال الإمام ابن رجب (رحمه الله) في كتابه "لطائف المعارف": "لما سمعوا قول الله تعالى: ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾ (البقرة: من الآية 148)، وقوله سبحانه وتعالى: ﴿سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ﴾ فهموا أن المراد من ذلك أن يجتهد كل واحد منهم أن يكون هو السابق لغيره إلى هذه الكرامة، والمسارعة إلى بلوغ هذه الدرجة العالية، فكان أحدهم إذا رأى من يعمل عملاً يعجز عنه خشي أن يكون صاحب ذلك العمل هو السابق له، فيحزن لفوات سبقه، فكان تنافسهم في درجات الآخرة واستباقهم إليها، ثم جاء من بعدهم قوم فعكسوا الأمر، فصار تنافسهم في الدنيا الدنيئة وحظوظها الفانية".
ومن المندوب شرعًا أن لا يؤثر الإنسان غيره على نفسه في الخيرات والمثوبات والقربات، وأن يتقدم على من دونه في حيازة البركات.

حتى تظل في مضمار السباق
وحتى تظل أخي المسلم في مضمار السباق، تنافس وتكافح وتجتهد لتصل إلى ما أعده الله لك، عليك بالآتي:
1- لا يسبقنك أحد إلى الأذان والصف الأول
قال صلى الله عليه وسلم "لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا لاستهموا عليه، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوًا" (رواه البخاري 615، ومسلم 437).
يقول الحسن البصري (رحمه الله): "من نافسك في دينك فنافسه، ومن نافسك في دنياك فألقها في نحره".

اغتنم في الفراغ فضل ركوع فعسى أن يكون موتك بغتة
كم من صحيح رأيت من غير سقم ذهبت نفسه الصحيحة فلتة
2- سارع في الأعمال الصالحة عمومًا
وقد علَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته المبادرة والمسارعة في أمور الآخرة فقال: "بادروا بالأعمال الصالحة فتنًا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيع دينه بعرض من الدنيا" (رواه مسلم: الإيمان (118)، والترمذي: الفتن (2195)، وأحمد (2/303).
وفي يوم من الأيام أثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم على قراءة ابن مسعود، فقال: "من سره أن يقرأ القرآن غضًّا كما أُنزل فليقرأه من ابن أم عبد"، وكان عمر وأبو بكر حاضريْن، فبادر عمر ليلاً لينقل البشرى لابن مسعود، فقال ابن مسعود: ما جاء بك هذه الساعة؟ قال عمر: جئت لأبشرك بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ابن مسعود: قد سبقك أبو بكر،قال عمر: "نْ يفعل فإنه سبَّاق بالخيرات، ما استبقنا خيرًا قط إلا سبقنا إليه أبو بكر".
3- نافس غيرك في الصدقات
فقد كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يتنافسون فيما بينهم في مرضاة الله تعالى، فحين طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أن يتصدقوا قال عمر رضي الله عنه: ووافق ذلك عندي مالاً فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يومًا، فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أبقيتَ لأهلك؟" قلتُ: مثله، وأتى أبو بكر بكل ما عنده، فقال: يا أبا بكر ما أبقيتَ لأهلك؟ فقال: أبقيتُ لهم الله ورسوله، عندئذٍ قال عمر: لا أسبقه إلى شيء أبدًا.
4- اعلم أن المداومة على العبادة قد توصل لأبعد من درجة الشهداء
يروي طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه أن رجلين من "بلى" قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان إسلامهما جميعًا، وكان أحدهما أشد اجتهادًا من الآخر، فغزا المجتهِد فاستُشهد، ثم مكث الآخر بعده سنة ثم توفي، قال طلحة: فرأيتُ في المنام: بينما أنا عند باب الجنة فإذا هم، فخرج خارج من الجنة فأذن للذي تُوفي الآخِر منهما، ثم خرج فأذن للذي استشهد، ثم رجع إلى فقال: ارجع لم يُؤذن لك بعد، فأصبح طلحة يحدث الناس فعجبوا لذلك، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحدثوا الحديث، فقال من أي ذلك تعجبون؟ فقالوا يا رسول الله هذا كان أشد الرجلين اجتهادًا ثم استُشهد ودخل الآخر قبله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أليس قد مكث هذا بعده سنة؟" قالوا بلى، قال: "فأدرك رمضان فصامه وصلى كذا وكذا من سجدة في السنة؟" قالوا بلى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فما بينهما أبعد مما بين السماء والأرض" (حسنه المنذري وصححه ابن حبان).
5- اتخذ لنفسك مشروعًا إيمانيًّا أساسيًّا في رمضان
فيمكنك أن تخطط لختم القرآن أكثر من خمس مرات، وأن تسبِّح كل يوم 1000 تسبيحة، وأن تشتري لنفسك كل يوم ثلاثة بيوت في الجنة فتصلي لله 36 ركعة غير الفريضة، وأن تحج وتعتمر كل يوم إذا جلست من بعد الفجر حتى شروق الشمس في مصلاك تذكر الله وتعبده ثم تصلي ركعتي الضحى.. وهكذا.
6- احرص على الوضوء دائمًا
فعن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه قال: أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا بلالاً، فقال: يا بلال، بِمَ سبقتني إلى الجنة؟ إني دخلت الجنة البارحة فسمعت خَشْخَشَتَك- صوت النعل- أمامي فقال بلال: يا رسول الله ما أذَّنْتُ قط إلا صلَّيت ركعتين، وما أصابني حَدَثٌ قط إلا توضأت عندها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بهذا" (رواه أحمد والترمذي).
قال العلماء: يستحب للعبد كلما أحدث أن يتوضأ؛ لأن المسلم قد يذكر الله ويقرأ القرآن عن ظهر قلب وقد يُتابع المؤذن، وقد يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه أذكار ينبغي أن يذكرها المسلم وهو طاهر لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "إني كرهت أن أذكر الله على غير طهارة".
7- كن سابق أهلك إلى الجنة
فقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم بلالاً فقال: "السُّبَّاق أربعة: أنا سابقُ العرب، وسلمان سابق الفرس، وبلال سابق الحبشة، وصهيب سابق الروم" (رواه البزار).
فتعاهد أهلك ببرنامج رمضاني، وكن أنت الذي تدعوهم إليه، وتحثهم عليه، وأنت أول المبادرين إلى تنفيذه، ولا تشغل نفسك بسواه.. يقول بعض السلف: "من كان اليوم مشغولاً بنفسه فهو غدًا مشغول بنفسه، ومن كان اليوم مشغولاً بربه فهو غدًا يُسَرُّ بلقاء ربه"، وتذكَّر أن لذة الكسل ساعة وتزول وتعقبها حسرة لا تزول، ونصَب الطاعة ساعة وتزول وتليها فرحة لا تزول.
8- نافس أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
كما كان يفعل أبو مسلم الخولاني عندما كان يقوم الليل فإذا تعبت قدماه ضربها بيديه قائلاً: "أيحسب أصحاب محمد أن يسبقونا برسول الله، والله لنزاحمنهم عليه في الحوض"، فهو يريد المنافسة ويريد أن يزاحم صحابة رسول الله في الدار الآخرة، وهنيئًا له بهذه المنافسة الشريفة.
9- ضع نعيم الجنة نصب عينيك
روى ابن ماجة في سننه عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا هل مشمر للجنة؟ فإن الجنة لا خطر لها؛ هي ورب الكعبة نور يتلألأ، وريحانة تهتز، وقصر مشيد، ونهر مطرد، وثمرة نضيجة، وزوجة حسناء جميلة، وحلل كثيرة، ومقام في أبد في دار سليمة، وفاكهة وخضرة وحبرة ونعمة في محلة عالية بهية"، قالوا نعم يا رسول الله نحن المشمرون لها، قال: "قولوا إن شاء الله" فقال القوم: إن شاء الله تعالى.
يا خاطب الحور الحسان وطالبًا لوصالهن بجنة الحيوان
لو كنت تدري من خطبت ومن طلبت بذلت ما تحوي من الأثمان
أو كنت تدري أين مسكنها جعلت السعي منك لها على الأجفان
10- ففروا إلى الله
يقول الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله: "العاصي الذي ينشد التوبة كرجل كان في كنف أبيه، يغذوه بأطيب الطعام والشراب واللباس، ويربيه أحسن التربية، ويرقيه على درجات الكمال أتم ترقية، وهو القيم بمصالحه كلها، فبعثه أبوه في حاجة له، فخرج عليه في طريقه عدو فأسره وكتفه وشدَّ وثاقه، ثم ذهب به إلى بلاد الأعداء، فسامه سوء العذاب، وعامله بضد ما كان أبوه يعامله به؛ فهو يتذكر تربية والده وإحسانه إليه الفينة بعد الفينة، فتهيج من قلبه لواعج الحسرات كلما رأى حاله، ويتذكَّر ما كان عليه، وكل ما كان فيه، فبينما هو في أسْر عدوِّه يسومه سوء العذاب، ويريد نحره في آخر الأمر، إذ حانت منه التفاتة نحو ديار أبيه فرأى أباه منه قريبًا، فسعى إليه، وألقى نفسه عليه وانطرح بين يديه يستغيث: يا أبتاه يا أبتاه يا أبتاه! انظر إلى ولدك وما هو فيه، ودموعه تستبق على خديه قد اعتنقه والتزمه، وعدوه في طلبه حتى وقف على رأسه وهو ملتزم لوالده ممسك به فهل تقول: إن والده يسلمه مع هذه الحال إلى عدوه ويخلي بينه وبينه!!، فما الظن بمن هو أرحم بعبده من الوالد بولده ومن الوالدة بولدها، إذا فر عبد إليه، وهرب من عدوه إليه، وألقى بنفسه طريحًا ببابه يمرغ خده في ثرى أعتابه، باكيًا بين يديه يقول: يا رب يا رب، ارحم من لا راحم له سواك، ولا ناصر له سواك، ولا مؤوي له سواك، ولا مغيث له سواك، مسكينك وفقيرك وسائلك ومؤملك ومرجيك، لا ملجأ له ولا منجى له منك إلا إليك، أنت معاذه وبك ملاذه:

يا من ألوذ به فيما أؤمله ومن أعوذ به مما أحاذره
لا يجبر الناس عظمًا أنت كاسره ولا يهيضون عظمًا أنت جابره
</SPAN>http://www.ikhwanonline.com/ramadan/images/mb_ramadan_64.gifhttp://www.ikhwanonline.com/ramadan/images/archive_06.gif

الحاج بونيف
05/09/2008, 07:28 PM
جزاك الله خيرا على وضع هذه الدرر النفيسة هنا..