المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كآبة الغروب .. اهي وهم ام حقيقة ؟



عبدالوهاب محمد الجبوري
08/09/2008, 11:00 PM
كآبة الغروب .. اهي وهم ام حقيقة ؟

بقلم الباحث عبدالوهاب محمد الجبوري

كثيرون يستهويهم منظر الشمس وهي تستعجل الرحيل عند المغيب ، فنراهم يخرجون إلى شاطئ البحر أو إلى الحقول والبراري وضفاف الأنهر أو إلى أي مكان يستطيعون فيه رؤية قرصها الذهبي الجميل وهو ينحدر إلى الأفق ..
منظر الشمس عند الأصيل ، وهي تلملم ما تبقى من أشعتها المائل لونها نحو البرتقالي المحمرّ ، يثير مشاعر الحب والشوق لدى البعض ويبعث على السعادة والراحة النفسية والتفكر والتأمل لدى البعض الآخر ، لكنه يثير شعورا غامضا ، وربما مخيفا ، عند البعض الثالث ، الذي يرى في حركة الشمس نحو الغروب دخول الكون في عالم الظلمة والعتمة ، فنراه يبتئس من هذه الحالة ويشعر بالضيق والكآبة ..
أحداهن قالت لي : اشعر في هذا الوقت وكأن جدران البيت ستطبق علي .. وأضافت : ظننت أنني الوحيدة التي تعاني من هذه الحالة شبه اليومية ...ولكنني سمعت الكثيرين يشكون من نفس الحالة.. وسألتني : ما هو تفسيرك لهذه الحالة ؟
قلت لها : أنا لست طبيبا أو أخصائيا نفسانيا ، لكن من خلال قراءاتي لبعض ما كتب عن علم النفس وتجربتي في الحياة ، فإنني اعتقد أن مثل هذه الحالة موجودة فعلا ويعاني منها نسبة غير قليلة ، وخاصة النساء ، وهي تندرج تحت باب الكآبة الانفعالية ..
الكآبة الانفعالية .. ماذا تعني ؟
قلت : هذه الكآبة تصيب الشباب والإناث على السواء ، ولكنها تصيب الإناث بدرجة اكبر من الذكور .. في هذا النوع من الكآبة تتحفز المرسبات الكامنة للحالة النفسية المتصفة بالحزن والخوف والتوتر .. ومن صفاتها أيضا أن الأعراض تكون على أشدها وقت الغروب ..
أما لماذا وقت الغروب فاني اعتقد أن الإنسان يبدأ نهاره نشـــــــيطا ، بعد فترة نوم وهدوء وراحة ، ثم يبدأ ينشغل عن همومه وتوتراته النفسية بأعماله اليومية وبمشاكله الحياتية المختلفة ..
ثم توقفتُ قليلا لأرى انعكاس كلامي على محدثتي التي بدت مهتمة بحديثي ، فرايتها وكأنها تسعى لبلورة أفكار مشتتة ولملمتها لإيجاد سبب أو أسباب لحالة الكآبة التي تنتابها عند كل غروب تقريبا ، فقالت متحمسة : نعم ، نعم .. ثم ماذا ؟
فتابعت : وعندما يحل المساء ويتوقف انشغال الإنسان بأعماله ومشاكله اليومية ، نراه يجد نفسه مرة أخرى في مواجهة المشاكل المختلفة التي أدت إلى اكتئابه بصورة مباشرة ويبدأ التفكير بها ويحاول إيجاد حلول لها ... ثم يتنشط لديه ، وبصورة تدريجية ، الشعور بالحزن والقلق مرة أخرى ...
وأضفت : وبتكرار هذه الحالة يوميا ، يتفاعل حزنه وقلقه وتوتره ليولد نوعا من الكآبة التي تزداد خطورتها بمرور الأيام إذا لم يتمكن من السيطرة على هذه الحالة والتخلص منها حتى لو كان ذلك بمساعدة طبيب أخصائي ..
ولتوضيح الصورة أكثر أكدت لمحدثتي أن هناك علاقة مباشرة بين شعور الإنسان وبين محيطه أو بيئته .. وهذا المحيط هو المكان الذي يعيش فيه الجو الذي يتغير من حوله وحتى تغير حالة الجو والاختلاف في الطقس بين ربيع وخريف وصيف وشتاء ، كلها أسباب تساعد في ظهور حالة الاكتئاب أو زوالها مع العلم أن هذه الحالة تكثر ، حسب دراسات ميدانية أجراها أطباء متخصصون ، في فصلي الربيع والخريف حيث الطقس والطبيعة يكونان على أجمل ما يكون عندنا في الوطن العربي ويبعثان الدفء والحنان في المشاعر والأحاسيس أكثر من فصلي الصيف والشتاء .. و .. وهنا قاطعتني محدثتي وكان السرور باديا على وجهها : أشكرك على هذا التوضيح ولقد عرفت الآن ، أن حالتي ليست مرضية وهي حالة ظرفية مرهونة بزمانها ومكانها وبإمكاني التعامل معها والتخلص منها بالإرادة وعدم الإفراط في الحساسية تجاه كل شيء كي لا تتولد عندي ثانية ردود فعل تتراكم مع الزمن لتتحول إلى مرض أو كآبة ...

أميرة عمارة
16/09/2008, 12:30 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته دكتور عبد الوهاب

المقالة رائعة :good:

ذكرتني بقول الشاعر خليل مطران:

"تغشي البريـــة كــــدرة وكأنها

صعدت الي عيني من أحشائي

ياللغـــروب وما به من عَـــبرة

للمستهـــــام , وعِبرة للرائي"

عبدالوهاب محمد الجبوري
17/09/2008, 09:30 AM
مرحبا بك عزيزتي اميرة وحياك الله ورعاك ... تقبلي تحياتي وتقديري

ليلى احمد معروف
01/03/2009, 10:06 PM
:fl:
كاتب الموضوع : جميل جدا موضوع الغروب ومعبر ، لكنه يعطي شعورا بالنهاية .وكل شيء له نهايه .فبداية اليوم عند الشروق ، الصباح، الارتياح ، التفاؤل ، الأمل بنهار جديد نجهل أحداثه ونتمنى فية كل جميل .وعند الغروب نشعر بالنهاية .وكل مايرمز للنهاية يجعلنا نشعر بالكآبة .ونتذكر نهايتنا التي لانشاهدها بل نشاهد نهاية الآخرين .

عبدالوهاب محمد الجبوري
02/03/2009, 09:34 AM
كاتبة التعليق (جميل جدا موضوع الغروب ومعبر ، لكنه يعطي شعورا بالنهاية .وكل شيء له نهايه .فبداية اليوم عند الشروق ، الصباح، الارتياح ، التفاؤل ، الأمل بنهار جديد نجهل أحداثه ونتمنى فية كل جميل .وعند الغروب نشعر بالنهاية .وكل مايرمز للنهاية يجعلنا نشعر بالكآبة .ونتذكر نهايتنا التي لانشاهدها بل نشاهد نهاية الآخرين )
مع احترامي وتقديري لمداخلتك ولوجهة نظرك فاني ادعوكي لقراءة الموضوع مجددا فان ما كتبته هو جزء من دراسة ميدانية اجريتها في الجامعة حول الشروق والغروب وليس حول البداية والنهاية فهذا امر اخر .. وارجو ان تتمعني فيما ذهبت اليه من غاية وهي التشاؤم والتفاؤل حيث اصل في نهاية المقال الى الغاية من الموضوع عندما فهمت محدثتي - في المقال - الى ماذا ارمي والى المدى الذي اريد بلوغه .. باختصار هكذا علينا ان نفهم دورة الحياة من مشرقها الى مغيبها ومن صيفها الى شتائها وما بينهما الربيع والخريف ، باختصار التشاؤم هو شد للوراء والتفاؤل هو نظرة للامام ..
تحياتي واعتزازي

خالد الضو أحمد
02/03/2009, 11:06 AM
غروب الشمس كلمات رقيقة
غروب الشمس أجمل من قصيدة

جمال الأحمر
02/03/2009, 11:27 AM
أخي الفاضل؛ ابن العراق البطل؛ عبد الوهاب محمد الجبوري

السلام عليكم

ذكرتني بأبيات قرأتها قديما في كتاب "قطر الندى وبل الصدى" النحوي؛ فعلى الرغم من أنها جاءت كشواهد إلا أنها أخرجتني آنذاك من الجو النحوي الذهني العويص إلى جو التأمل، وتركت القراءة بعد ذلك التأمل، ولم أعد إليها إلا بعدما زال التأثير النفسي.

جاءت الأبيات على لسان شاعر جاهلي من الحنفاء الذين آمنوا بوحدانية الله قبل الرسالة. يقول فيها:


مَـنَعَ البقاءَ تقلُّـبُ الشمسِ
*******وطلوعها مِن حيثُ لا تُـمسي
وطلوعُها حمراءَ فاقعةً
*******وغروبُها صفراءَ كالوَرسِ
اليوم أعلم ما أجيء به
*******ومضى بفصلِ قضائِه أمسِ

تقبل تحية أخوية أندلسية خالصة من حضارة غاربة، نأمل طلوع شمسها من جديد...

عبدالوهاب محمد الجبوري
03/03/2009, 08:06 PM
مَـنَعَ البقاءَ تقلُّـبُ الشمسِ
*******وطلوعها مِن حيثُ لا تُـمسي
وطلوعُها حمراءَ فاقعةً
*******وغروبُها صفراءَ كالوَرسِ
اليوم أعلم ما أجيء به
*******ومضى بفصلِ قضائِه أمسِ

اخي العزيز جمال الاحمر .. حياك الله والبسك رداء التقوى والايمان والرضا في الدنيا والاخرة واشكرك مداخلتك الرائعة ..

دمت اخا اعتز به والله حافظك ابدا باذنه تعالى

عبدالوهاب محمد الجبوري
03/03/2009, 08:08 PM
اخي العزيز خالد الضو احمد .. بوركت اخا محبا في الله ولا حرمنا الله من اطلالاتك البهية