سميح خلف
11/09/2008, 10:45 PM
واخيرا ً سقط القناع .... مبروك لسوريا العروبة
منذ مقتل رفيق الحريري بتاريخ 14 شباط 2005 تسأل الكثيرون من له المصلحة الحقيقية في مقتل الحريري ؟! ، ومن المستفيد من ارتكاب مثل هذه الجريمة ومن المستفيد أيضا من اثارة النعرة الطائفية والمذهبية المرافقة لهذا الحدث المؤلم ؟؟!!! ، وكانت اجابة الشارع العربي بالتأكيد أن المستفيد وصاحب المصطلحة الحقيقية في مقتل الحريري هي إسرائيل والقوى الشاذة عن قاعدة المقاومة وصمودها في الجنوب اللبناني وبعكس اجابة الشارع العربي حاولت بعض الأنظمة أن تتناغم مع التيار الأمريكي النامي في الساحة اللبنانية مما وصفوا بتيار الموالاة وثار الحقد وتأجج وقامت بعض القيادات في تيار الموالاة كسمير جعجع وجنبلاط بتأجيج هذا الحقد على المقاومة وعلى سوريا الداعمة للمقاومة اللبنانية والفلسطينية .
للوهلة الأولى من ارتكاب الجريمة كان للمرء أن يرسم الخطوط العامة للوحة والسيناريو المعد وراء هذه الجريمة ، من ردود أفعال فورية ومواقف علنية من تيار الموالاة ضد تيار المعارضة وسوريا وكأن هذا الحدث كان مرصود لديهم بالساعة والدقيقة .
فكان يكفي من هذا الحدث لأن تستغله بعض أعداء الأمة العربية وأعداء الصمود في الساحة اللبنانية وسوريا ضد المشروع الصهيوني لأن يستفيدوا منه ويبرمجوه لضرب سوريا اقليميا ً ودوليا ً ومن ثم حصارها لتقدم أوراقا ً لا يمكن أن تقدمها في الساحة السياسية بخصوص الاحتلال الصهيوني للجولان ودعم سوريا للمقاومة الفلسطينية واللبنانية ، فإثارة مثل قضية الحريري كانت تكفي لتغذي عنصر المذهبية في الساحة اللبنانية التي عملت عليه تلك القوى وفي الحقيقة أن تلك القوى هي عدوة نفسها وعدوة لبنان بوجهه العربي وسريعا ً ما ترجمت ردود الفعل من التيار الامريكي إلى الدعوة الصريحة لإنسحاب سوريا من لبنان وتمهيد لإنتخابات في عام 2005 وانكالت الضغوط والحمم الدبلوماسية والتهديدات لإنسحاب سوريا من لبنان وتشكلت ما يسمى بالمحكمة الدولية التي تناوب عليها أكثر من محقق لوضع سوريا في قفص الاتهام لتقوم سوريا ليس بالدفاع عن نفسها فقط بل كما قلت لتجبر أن تقدم تنازلات على المستوى الاقليمي والذاتي ، وتجاوب سعد الحريري مع التيار الضال في الساحة اللبنانية ليصب حممه أيضا وليحشد قوى في الساحة اللبنانية المطالبة بإنسحاب سوريا ونزع سلاح حزب الله وتمددت تلك المطالب إلى أن بدأ يطالب البعض منهم بوجوب محاكمة دولية للنظام السوري على حد قولهم وبلعبة دبلوماسية ماهرة انسحبت سوريا من لبنان ولتترك القوى اللبنانية لتتسع مشاهدها أكثر فأكثر ولكن المفاجئة هو ما قامت به المقاومة اللبنانية من أسر جنود من الدولة العبرية والحرب التي تلتها والتي عجزت فيها الصهيونية عن تحقيق أهدافها في الساحة اللبنانية ولذلك تغيرت أوراق اللعبة وبدلا من أن يكون حصارا لسوريا وحصارا ً للمقاومة تدعم وجود سوريا الذاتي والاقليمي مقابل أنظمة سميت بحلف أمريكا في المنطقة والتي أدانت عملية أسر للجنود الصهاينة من قبل المقاومة اللبنانية منذ اللحظات الأولى .
المحكمة الدولية والشهود الزور كانت بمثابة فضيحة أولى لتيار أمريكا في الساحة اللبنانية والعربية بل الدولية ، المهم أن سوريا خرجت من تلك الحملة الضخمة صامدة بيدها كثير من أوراق اللعبة ومازالت سوريا تحمل كثير من أوراق اللعبة في ساحة الشرق الأوسط وتتعامل بكل ثقة مع كل حدث بتأني وبدون استعجال للنتائج .
إسرائيل تعترف بمقتل الحريري :-
كشف موقع فولكا الاستخباراتي العبري فــــي 3 يونيو 2008 تفيد بأن إسرائيل هي الجاني في عملية اغتيال رفيق الحريري والاعتراف هو سيد الأدلة ، فلقد ذكرت تقارير سابقة متحدثة على أن إسرائيل لها اليد الأولى في عملية الاغتيال ، إلا أن القوى المتأمركة والمتصهينة والتي تطمع في عقد اتفاقية ما يسمى بالسلام مع الكيان الصهيوني لم تسمع لتلك التقارير أو تفكر فيها أو تبحث أيضا ً، تلك القوى التي تضم تيار المستقبل بقيادة سعد الحريري والأمريكي فؤاد السنيورة الذي يحتل الآن منصب رئيس الوزراء لحكومة الوحدة الوطنية بعد اتفاقية الدوحة التي مازال أمامها مشوار في طريق التنافس والصراع على هوية لبنان ووطنيتها وعروبتها مع قوى المقاومة والقوى العروبية والقومية في الساحة اللبنانية وحزب القوات اللبنانية بقيادة العميد جعجع وحزب الكتائب وكتلة وليد جنبلاط .
سوريا التي ظلمت وسوريا الصابرة التي ما لبثت تلك القوى أن تتهمها في كل عمليات الاغتيال التي تتم على الساحة اللبنانية بل أن تلك القوى قد قامت مؤخرا ً ورفعت صوتها تحذر من تدخل سوريا واجتياح سوريا لشمال لبنان أمام ما يمثله الشمال على أمن سوريا الإقليمي والاقتتال في الشمال من المغذي له أيضا ومن الذي يورد السلاح ولماذا ، هل هو من أجل صياغة قوة حقيقية للبنان أم قوى تنموا وتغذى من أجل تكريس الصراع الطائفي والمذهبي في الساحة اللبنانية .
وإذا ما تمحصنا عملية الاغتيال من جديد فإنها لا تتم من قبل جماعات صغيرة أو دول في المنطقة بل تتم في أجواء من التقنية العالية التي لا تمتلكها إلا الصهيونية وأمريكا ، وهذا يصب في اتجاه الاعتراف الصهيوني بإرتكاب الجريمة .
(ففى كتاب له بعنوان الأدلة المغيبة في ملف التحقيق باغتيال الحريرى ، كشف الخبير الألماني في علم الجريمة يورجن كاين كولبل في مايو 2006 أن أبرز النتائج التي توصل إليها تتعلّق بتعطيل مفعول أجهزة الإنذار الموجودة في موكب سيارات الحريري والتشويش عليها وقيام الشركة المنتجة لهذه الأجهزة بتعطيلها وهي شركة يملكها إسرائيليون بينهم ضباط في كما اتهمت عضو المنظمة العالمية لحقوق الإنسان المحامية مي الخنساء الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا بتنفيذ جريمة الاغتيال بالتعاون مع جهاز 'الموساد'، وقالت في هذا الصدد :' إن الاقمار الاصطناعية الأمريكية لديها شريط يبيّن عملية الاغتيال ولم يتم تسليمه إلى لجنة التحقيق الدولية'، مشيرة إلى أن الإدارة الأمريكية ضغطت على رئيس لجنة التحقيق السابق ديتليف ميليس لإخفاء حقيقة مصدر جهاز التشويش الإلكتروني الذي عطل أجهزة حماية موكب الرئيس الحريري'.
صحيفة 'الاتحاد' الإماراتية هى الأخرى نشرت تقريرا وصفته بالسرى للمعهد الإسرائيلي لدراسات المشرق جاء فيه أن إسرائيل متورطة بالتفجيرات المتواصلة في لبنان .
ووفقا للتقرير فإن رئيس الورزاء الإسرائيلى السابق إرييل شارون أكد بعد اغتيال رفيق الحريرى أن الوضع في لبنان تحت السيطرة وأن إسرائيل فتحت قنوات اتصال متميزة مع العديد من الأطراف سواء في لبنان أو خارجها، ممن لها الصلة والقدرة على التحرك في لبنان لوضع حد للتواجد السوري هناك .
وكشف التقرير أيضا أن إسرائيل قامت منذ اغتيال الحريرى بتهريب كميات كبيرة من المتفجرات عبر حدودها الشمالية مع لبنان ، مشيرا إلى أن التهريب الذي تم جزء منه بمساعدة بعض عناصر القوات الدولية المرابطة على الحدود بين إسرائيل ولبنان تم مقابل مبالغ ضخمة من المال.
كشف شبكة للموساد داخل لبنان
وبجانب التقارير السابقة ، هناك أمور أخرى تدعم تورط إسرائيل في تفجيرات لبنان فقد سبق للجيش اللبناني أن أعلن عن كشف شبكة تعمل لصالح الموساد الإسرائيلي نفذت اغتيالات عديدة وذلك أثناء الوجود العسكري السوري في لبنان وبعده أيضا.
ففى 7 يوليو 2006 ، أعلن الجيش اللبناني في بيان له أن رجلا لبنانيا متهما بعلاقاته بالمخابرات الإسرائيلية اعترف بتنفيذ سلسلة اغتيالات شملت مسئولين بارزين من حزب الله وميليشيات فلسطينية منذ العام 1999 لصالح الموساد الإسرائيلي.
وأوضح البيان أن محمود رافع الذي اعتقل مع ثلاثة آخرين لعلاقته بقتل اثنين من مسئولي الجهاد الإسلامي في 26 مايو 2006 يعد أحد أبرز أعضاء شبكة إرهابية كانت وراء ثلاثة اغتيالات على الأقل في لبنان.
وجاء في البيان أيضا :' تبين من التحقيقات التي أجرتها مديرية المخابرات، أن الشبكة المكتشفة ترتبط بجهاز الموساد الإسرائيلي، منذ عدة سنوات وقد خضع أفرادها لدورات تدريبية داخل إسرائيل وخارجها وقد كلفت الشبكة من قبل الجهاز المذكور بتنفيذ تلك العمليات'.
الموساد يعترف باغتيال الحريري
وأضاف الجيش اللبنانى قائلا في بيانه :' الشبكة زودت لهذه الغاية بأجهزة اتصال ومراقبة سرية ومتطورة، كما زودت بخرائط دقيقة للأماكن المستهدفة، ولأماكن أخرى من لبنان '.
هذا كان ما أعلنه الجيش اللبنانى بشأن تلك الشبكة أما ما تسرب من معلومات عن نتائج التحقيقات مع أعضائها فقد أظهر عمل الشبكة امتد أيضا إلى سوريا حيث قامت باغتيال القيادي في حركة حماس عز الدين خليل بدمشق في 26 سبتمبر 2004 ، بجانب اغتيالات لبنان وأبرزها اغتيال الشقيقين محمود ونضال المجذوب القياديين في حركة الجهاد الإسلامي في 26 مايو 2006 والقيادي في حزب الله علي ديب شرق صيدا في 16 أغسطس 1999 ، واغتيال المسئول في حزب الله علي صالح في الضاحية الجنوبية بتاريخ 2 أغسطس 2003 ، واغتيال جهاد أحمد جبريل في بيروت في مايو 2005 ، بالإضافة إلى تفجيرات أخرى لم تسفر عن وقوع شهداء وأوقعت إصابات.
وكان الأهم فيما تسرب من معلومات حول التحقيق مع شبكة الموساد أن المواد المتفجرة التي استخدمت في اغتيال قيادات المقاومة الفلسطينية واللبنانية هي نفس المواد التي استخدمت في اغتيال قيادات وشخصيات لبنانية معروفة بمواقفها المعارضة لسوريا ومنهم الصحفي سمير قصير والنائب جبران تويني والمحاولة الفاشلة لاغتيال الصحفية مي شدياق والوزير مروان حمادة وشخصيات أخرى وعدة تفجيرات وقعت في بيروت الشرقية أمام مطاعم وكنائس ومحال تجارية.
وكشفت صحيفة السفير اللبنانية أيضا فى 16 يونيو 2006 ، أن وزير الدفاع اللبنانى الياس المر تحدث إلى مجلس الوزراء اللبناني عن تشابه بين التقنية المستخدمة في التفجيرات المنسوبة إلى رافع وبين التقنية المستخدمة في تفجيرات أخرى ، ملمحاً إلى خمس جرائم متشابهة من دون أن يسميها.
وفي السياق ذاته ، ذكر موقع 'نداء القدس' الإلكترونى أن نتائج التحقيقات التى أجراها الجيش اللبنانى مع شبكة التجسس تكشف بوضوح الدور التخريبي الذي يقوم به الموساد الإسرائيلى في أكثر من دولة عربية حاليا لإثارة الفتنة والنعرات الطائفية والإثنية فهو قام بدور مشابه سابقا حيث اكتشفت أكثر من شبكة عملت على تحقيق أهداف سياسية للدولة العبرية .
فبعد ثورة يوليو 1952 ، قام الموساد بعدد من التفجيرات بمصر أمام عدد من دور السينما وضد مصالح أمريكية من أجل إثارة البلبلة في مصر وتوتير علاقاتها مع الولايات والمتحدة كما نفذ في مطلع الخمسينات هجمات ضد أهداف يهودية في العراق لدفع يهود العراق للقدوم إلى فلسطين ، الأمر الذي يجعل تورط الموساد في عمليات اغتيال شخصيات لبنانية معارضة لسوريا أمرا ذو احتمالية كبيرة .( ......مصادر ووكالات
بالتأكيد أن الاعترف الصهيوني باغتيال رفيق الحريري سيعطي سوريا قوة ودفع للأمام في الثبوت بمواقفها التي لن تحيد عنها في الصراع العربي الصهيوني وسيعطيها قوة ثبات في تعاملها مع التناقضات في الساحة اللبنانية فسوريا لن تقف مكتوفة الأيدي لما وضع من أجله قرار 1701 وسوريا مازال أمامها مشوار طويل على طريق استرداد الكرامة العربية والحقوق العربية ولكن ليس من العيب أن يتقن نظام ما أو تقن سوريا فن المناورة الدبلوماسية كما يحدث في تركيا فالأوضاع في الساحة الشمالية لفلسطين المحتلة ملتهبة والجيش الصهيوني على قدم وساق يجري مناورات تلو المناورة وتتحدث لفني اليوم أن ما يسمى بالسلام لا يمكن أن يستقيم وسوريا تدعم المقاومة في فلسطين ولبنان وتتحدث لفني إذا كان من الضروري تدخل الجيش الصهيوني فلن يتوانى في شن هجوم على الجنوب اللبناني مع مقابلة خاصة مع تلفزيون العربية .
ولابد من الاعتراف هذا أن يغير كثير من قواعد اللعبة في عملية اغتيال الحريري والتي تصب في مصب الصراع الرئيسي وهو الصراع العربي الصهيوني ولابد أن يكون له متغيرات جادة وحاسمة على الساحة اللبنانية وخاصة هذا التيار المتآمرك الذي لم يتوانى ليلا ً نهارا ُ في اتهام سوريا في عملية الاغتيال ، نصر حقيقي وصمود حقيقي لسوريا أمام الغوغاء في الساحة اللبنانية وأمام العصا الامريكية المكسورة في منطقة الأوسط في العراق وفلسطين ولبنان ، مبروك لسوريا وللمقاومة ولعروبة لبنان ، وما على ما يسمى المحكمة الدولية ألا أن تلم أوراقها وتمزقها ولأننا نعرف أن جميع التهم تقف أمام الدولة العبرية وكذلك القانون الدولي ولكن سيبقى لبنان وسوريا والمقاومة العراقية والفلسطينية هم الدروع الواقية والحصانة أمام عملية أي انهيار في الموقف العربي .
بقلم / سميح خلف
منذ مقتل رفيق الحريري بتاريخ 14 شباط 2005 تسأل الكثيرون من له المصلحة الحقيقية في مقتل الحريري ؟! ، ومن المستفيد من ارتكاب مثل هذه الجريمة ومن المستفيد أيضا من اثارة النعرة الطائفية والمذهبية المرافقة لهذا الحدث المؤلم ؟؟!!! ، وكانت اجابة الشارع العربي بالتأكيد أن المستفيد وصاحب المصطلحة الحقيقية في مقتل الحريري هي إسرائيل والقوى الشاذة عن قاعدة المقاومة وصمودها في الجنوب اللبناني وبعكس اجابة الشارع العربي حاولت بعض الأنظمة أن تتناغم مع التيار الأمريكي النامي في الساحة اللبنانية مما وصفوا بتيار الموالاة وثار الحقد وتأجج وقامت بعض القيادات في تيار الموالاة كسمير جعجع وجنبلاط بتأجيج هذا الحقد على المقاومة وعلى سوريا الداعمة للمقاومة اللبنانية والفلسطينية .
للوهلة الأولى من ارتكاب الجريمة كان للمرء أن يرسم الخطوط العامة للوحة والسيناريو المعد وراء هذه الجريمة ، من ردود أفعال فورية ومواقف علنية من تيار الموالاة ضد تيار المعارضة وسوريا وكأن هذا الحدث كان مرصود لديهم بالساعة والدقيقة .
فكان يكفي من هذا الحدث لأن تستغله بعض أعداء الأمة العربية وأعداء الصمود في الساحة اللبنانية وسوريا ضد المشروع الصهيوني لأن يستفيدوا منه ويبرمجوه لضرب سوريا اقليميا ً ودوليا ً ومن ثم حصارها لتقدم أوراقا ً لا يمكن أن تقدمها في الساحة السياسية بخصوص الاحتلال الصهيوني للجولان ودعم سوريا للمقاومة الفلسطينية واللبنانية ، فإثارة مثل قضية الحريري كانت تكفي لتغذي عنصر المذهبية في الساحة اللبنانية التي عملت عليه تلك القوى وفي الحقيقة أن تلك القوى هي عدوة نفسها وعدوة لبنان بوجهه العربي وسريعا ً ما ترجمت ردود الفعل من التيار الامريكي إلى الدعوة الصريحة لإنسحاب سوريا من لبنان وتمهيد لإنتخابات في عام 2005 وانكالت الضغوط والحمم الدبلوماسية والتهديدات لإنسحاب سوريا من لبنان وتشكلت ما يسمى بالمحكمة الدولية التي تناوب عليها أكثر من محقق لوضع سوريا في قفص الاتهام لتقوم سوريا ليس بالدفاع عن نفسها فقط بل كما قلت لتجبر أن تقدم تنازلات على المستوى الاقليمي والذاتي ، وتجاوب سعد الحريري مع التيار الضال في الساحة اللبنانية ليصب حممه أيضا وليحشد قوى في الساحة اللبنانية المطالبة بإنسحاب سوريا ونزع سلاح حزب الله وتمددت تلك المطالب إلى أن بدأ يطالب البعض منهم بوجوب محاكمة دولية للنظام السوري على حد قولهم وبلعبة دبلوماسية ماهرة انسحبت سوريا من لبنان ولتترك القوى اللبنانية لتتسع مشاهدها أكثر فأكثر ولكن المفاجئة هو ما قامت به المقاومة اللبنانية من أسر جنود من الدولة العبرية والحرب التي تلتها والتي عجزت فيها الصهيونية عن تحقيق أهدافها في الساحة اللبنانية ولذلك تغيرت أوراق اللعبة وبدلا من أن يكون حصارا لسوريا وحصارا ً للمقاومة تدعم وجود سوريا الذاتي والاقليمي مقابل أنظمة سميت بحلف أمريكا في المنطقة والتي أدانت عملية أسر للجنود الصهاينة من قبل المقاومة اللبنانية منذ اللحظات الأولى .
المحكمة الدولية والشهود الزور كانت بمثابة فضيحة أولى لتيار أمريكا في الساحة اللبنانية والعربية بل الدولية ، المهم أن سوريا خرجت من تلك الحملة الضخمة صامدة بيدها كثير من أوراق اللعبة ومازالت سوريا تحمل كثير من أوراق اللعبة في ساحة الشرق الأوسط وتتعامل بكل ثقة مع كل حدث بتأني وبدون استعجال للنتائج .
إسرائيل تعترف بمقتل الحريري :-
كشف موقع فولكا الاستخباراتي العبري فــــي 3 يونيو 2008 تفيد بأن إسرائيل هي الجاني في عملية اغتيال رفيق الحريري والاعتراف هو سيد الأدلة ، فلقد ذكرت تقارير سابقة متحدثة على أن إسرائيل لها اليد الأولى في عملية الاغتيال ، إلا أن القوى المتأمركة والمتصهينة والتي تطمع في عقد اتفاقية ما يسمى بالسلام مع الكيان الصهيوني لم تسمع لتلك التقارير أو تفكر فيها أو تبحث أيضا ً، تلك القوى التي تضم تيار المستقبل بقيادة سعد الحريري والأمريكي فؤاد السنيورة الذي يحتل الآن منصب رئيس الوزراء لحكومة الوحدة الوطنية بعد اتفاقية الدوحة التي مازال أمامها مشوار في طريق التنافس والصراع على هوية لبنان ووطنيتها وعروبتها مع قوى المقاومة والقوى العروبية والقومية في الساحة اللبنانية وحزب القوات اللبنانية بقيادة العميد جعجع وحزب الكتائب وكتلة وليد جنبلاط .
سوريا التي ظلمت وسوريا الصابرة التي ما لبثت تلك القوى أن تتهمها في كل عمليات الاغتيال التي تتم على الساحة اللبنانية بل أن تلك القوى قد قامت مؤخرا ً ورفعت صوتها تحذر من تدخل سوريا واجتياح سوريا لشمال لبنان أمام ما يمثله الشمال على أمن سوريا الإقليمي والاقتتال في الشمال من المغذي له أيضا ومن الذي يورد السلاح ولماذا ، هل هو من أجل صياغة قوة حقيقية للبنان أم قوى تنموا وتغذى من أجل تكريس الصراع الطائفي والمذهبي في الساحة اللبنانية .
وإذا ما تمحصنا عملية الاغتيال من جديد فإنها لا تتم من قبل جماعات صغيرة أو دول في المنطقة بل تتم في أجواء من التقنية العالية التي لا تمتلكها إلا الصهيونية وأمريكا ، وهذا يصب في اتجاه الاعتراف الصهيوني بإرتكاب الجريمة .
(ففى كتاب له بعنوان الأدلة المغيبة في ملف التحقيق باغتيال الحريرى ، كشف الخبير الألماني في علم الجريمة يورجن كاين كولبل في مايو 2006 أن أبرز النتائج التي توصل إليها تتعلّق بتعطيل مفعول أجهزة الإنذار الموجودة في موكب سيارات الحريري والتشويش عليها وقيام الشركة المنتجة لهذه الأجهزة بتعطيلها وهي شركة يملكها إسرائيليون بينهم ضباط في كما اتهمت عضو المنظمة العالمية لحقوق الإنسان المحامية مي الخنساء الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا بتنفيذ جريمة الاغتيال بالتعاون مع جهاز 'الموساد'، وقالت في هذا الصدد :' إن الاقمار الاصطناعية الأمريكية لديها شريط يبيّن عملية الاغتيال ولم يتم تسليمه إلى لجنة التحقيق الدولية'، مشيرة إلى أن الإدارة الأمريكية ضغطت على رئيس لجنة التحقيق السابق ديتليف ميليس لإخفاء حقيقة مصدر جهاز التشويش الإلكتروني الذي عطل أجهزة حماية موكب الرئيس الحريري'.
صحيفة 'الاتحاد' الإماراتية هى الأخرى نشرت تقريرا وصفته بالسرى للمعهد الإسرائيلي لدراسات المشرق جاء فيه أن إسرائيل متورطة بالتفجيرات المتواصلة في لبنان .
ووفقا للتقرير فإن رئيس الورزاء الإسرائيلى السابق إرييل شارون أكد بعد اغتيال رفيق الحريرى أن الوضع في لبنان تحت السيطرة وأن إسرائيل فتحت قنوات اتصال متميزة مع العديد من الأطراف سواء في لبنان أو خارجها، ممن لها الصلة والقدرة على التحرك في لبنان لوضع حد للتواجد السوري هناك .
وكشف التقرير أيضا أن إسرائيل قامت منذ اغتيال الحريرى بتهريب كميات كبيرة من المتفجرات عبر حدودها الشمالية مع لبنان ، مشيرا إلى أن التهريب الذي تم جزء منه بمساعدة بعض عناصر القوات الدولية المرابطة على الحدود بين إسرائيل ولبنان تم مقابل مبالغ ضخمة من المال.
كشف شبكة للموساد داخل لبنان
وبجانب التقارير السابقة ، هناك أمور أخرى تدعم تورط إسرائيل في تفجيرات لبنان فقد سبق للجيش اللبناني أن أعلن عن كشف شبكة تعمل لصالح الموساد الإسرائيلي نفذت اغتيالات عديدة وذلك أثناء الوجود العسكري السوري في لبنان وبعده أيضا.
ففى 7 يوليو 2006 ، أعلن الجيش اللبناني في بيان له أن رجلا لبنانيا متهما بعلاقاته بالمخابرات الإسرائيلية اعترف بتنفيذ سلسلة اغتيالات شملت مسئولين بارزين من حزب الله وميليشيات فلسطينية منذ العام 1999 لصالح الموساد الإسرائيلي.
وأوضح البيان أن محمود رافع الذي اعتقل مع ثلاثة آخرين لعلاقته بقتل اثنين من مسئولي الجهاد الإسلامي في 26 مايو 2006 يعد أحد أبرز أعضاء شبكة إرهابية كانت وراء ثلاثة اغتيالات على الأقل في لبنان.
وجاء في البيان أيضا :' تبين من التحقيقات التي أجرتها مديرية المخابرات، أن الشبكة المكتشفة ترتبط بجهاز الموساد الإسرائيلي، منذ عدة سنوات وقد خضع أفرادها لدورات تدريبية داخل إسرائيل وخارجها وقد كلفت الشبكة من قبل الجهاز المذكور بتنفيذ تلك العمليات'.
الموساد يعترف باغتيال الحريري
وأضاف الجيش اللبنانى قائلا في بيانه :' الشبكة زودت لهذه الغاية بأجهزة اتصال ومراقبة سرية ومتطورة، كما زودت بخرائط دقيقة للأماكن المستهدفة، ولأماكن أخرى من لبنان '.
هذا كان ما أعلنه الجيش اللبنانى بشأن تلك الشبكة أما ما تسرب من معلومات عن نتائج التحقيقات مع أعضائها فقد أظهر عمل الشبكة امتد أيضا إلى سوريا حيث قامت باغتيال القيادي في حركة حماس عز الدين خليل بدمشق في 26 سبتمبر 2004 ، بجانب اغتيالات لبنان وأبرزها اغتيال الشقيقين محمود ونضال المجذوب القياديين في حركة الجهاد الإسلامي في 26 مايو 2006 والقيادي في حزب الله علي ديب شرق صيدا في 16 أغسطس 1999 ، واغتيال المسئول في حزب الله علي صالح في الضاحية الجنوبية بتاريخ 2 أغسطس 2003 ، واغتيال جهاد أحمد جبريل في بيروت في مايو 2005 ، بالإضافة إلى تفجيرات أخرى لم تسفر عن وقوع شهداء وأوقعت إصابات.
وكان الأهم فيما تسرب من معلومات حول التحقيق مع شبكة الموساد أن المواد المتفجرة التي استخدمت في اغتيال قيادات المقاومة الفلسطينية واللبنانية هي نفس المواد التي استخدمت في اغتيال قيادات وشخصيات لبنانية معروفة بمواقفها المعارضة لسوريا ومنهم الصحفي سمير قصير والنائب جبران تويني والمحاولة الفاشلة لاغتيال الصحفية مي شدياق والوزير مروان حمادة وشخصيات أخرى وعدة تفجيرات وقعت في بيروت الشرقية أمام مطاعم وكنائس ومحال تجارية.
وكشفت صحيفة السفير اللبنانية أيضا فى 16 يونيو 2006 ، أن وزير الدفاع اللبنانى الياس المر تحدث إلى مجلس الوزراء اللبناني عن تشابه بين التقنية المستخدمة في التفجيرات المنسوبة إلى رافع وبين التقنية المستخدمة في تفجيرات أخرى ، ملمحاً إلى خمس جرائم متشابهة من دون أن يسميها.
وفي السياق ذاته ، ذكر موقع 'نداء القدس' الإلكترونى أن نتائج التحقيقات التى أجراها الجيش اللبنانى مع شبكة التجسس تكشف بوضوح الدور التخريبي الذي يقوم به الموساد الإسرائيلى في أكثر من دولة عربية حاليا لإثارة الفتنة والنعرات الطائفية والإثنية فهو قام بدور مشابه سابقا حيث اكتشفت أكثر من شبكة عملت على تحقيق أهداف سياسية للدولة العبرية .
فبعد ثورة يوليو 1952 ، قام الموساد بعدد من التفجيرات بمصر أمام عدد من دور السينما وضد مصالح أمريكية من أجل إثارة البلبلة في مصر وتوتير علاقاتها مع الولايات والمتحدة كما نفذ في مطلع الخمسينات هجمات ضد أهداف يهودية في العراق لدفع يهود العراق للقدوم إلى فلسطين ، الأمر الذي يجعل تورط الموساد في عمليات اغتيال شخصيات لبنانية معارضة لسوريا أمرا ذو احتمالية كبيرة .( ......مصادر ووكالات
بالتأكيد أن الاعترف الصهيوني باغتيال رفيق الحريري سيعطي سوريا قوة ودفع للأمام في الثبوت بمواقفها التي لن تحيد عنها في الصراع العربي الصهيوني وسيعطيها قوة ثبات في تعاملها مع التناقضات في الساحة اللبنانية فسوريا لن تقف مكتوفة الأيدي لما وضع من أجله قرار 1701 وسوريا مازال أمامها مشوار طويل على طريق استرداد الكرامة العربية والحقوق العربية ولكن ليس من العيب أن يتقن نظام ما أو تقن سوريا فن المناورة الدبلوماسية كما يحدث في تركيا فالأوضاع في الساحة الشمالية لفلسطين المحتلة ملتهبة والجيش الصهيوني على قدم وساق يجري مناورات تلو المناورة وتتحدث لفني اليوم أن ما يسمى بالسلام لا يمكن أن يستقيم وسوريا تدعم المقاومة في فلسطين ولبنان وتتحدث لفني إذا كان من الضروري تدخل الجيش الصهيوني فلن يتوانى في شن هجوم على الجنوب اللبناني مع مقابلة خاصة مع تلفزيون العربية .
ولابد من الاعتراف هذا أن يغير كثير من قواعد اللعبة في عملية اغتيال الحريري والتي تصب في مصب الصراع الرئيسي وهو الصراع العربي الصهيوني ولابد أن يكون له متغيرات جادة وحاسمة على الساحة اللبنانية وخاصة هذا التيار المتآمرك الذي لم يتوانى ليلا ً نهارا ُ في اتهام سوريا في عملية الاغتيال ، نصر حقيقي وصمود حقيقي لسوريا أمام الغوغاء في الساحة اللبنانية وأمام العصا الامريكية المكسورة في منطقة الأوسط في العراق وفلسطين ولبنان ، مبروك لسوريا وللمقاومة ولعروبة لبنان ، وما على ما يسمى المحكمة الدولية ألا أن تلم أوراقها وتمزقها ولأننا نعرف أن جميع التهم تقف أمام الدولة العبرية وكذلك القانون الدولي ولكن سيبقى لبنان وسوريا والمقاومة العراقية والفلسطينية هم الدروع الواقية والحصانة أمام عملية أي انهيار في الموقف العربي .
بقلم / سميح خلف