المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حماس ليست يتيمة أيها الناس



د. محمد اسحق الريفي
14/09/2008, 05:49 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حماس ليست يتيمة، ولا تستجدي أحدا، فحماس لها رب يحميها، ثم لها رجال صناديد لا يهابون الموت ولا يخشون الأعداء مهما علوا علوا كبيرا، ثم لها عمق عربي وإسلامي وعالمي لا يمكن الاستهانة به. لقد تعرضت حركة حماس إلى حرب شنتها عليها أعتى قوى الشر والظلام في الأرض، واجتمع ضدها كل العتاة والمجرمين والمنافقين، ولكنها بقيت عصية على الانكسار، بفضل الله عز وجل، ثم بفضل وقف شعبنا المجاهد معها، ولو تعرض أي نظام أو حركة أو تنظيم في العالم لما تعرضت له حركة حماس لما صمدت إلا أياما معدودة، ولو تعرضت أي دولة عربية للاجتياحات الصهيونية التي تعرض لها شعبنا لرفع الرايات البيضاء دون انتظار، فحركة حماس وكل المقاومين والمجاهدين من أبناء شعبنا الفلسطيني هم جزء لا يتجزأ من الطائفة المنصورة الظاهرة التي أخبرنا عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكد لنا أنه لن يضرها من خذلها ولا من عاداها، وأنها ستبقى ظاهرة منصورة إلى يوم الدين.

إن الدفاع عن حماس شرف لمن يدافع عنها، وإن نصر حماس هو نصر للعرب والمسلمين، وإنه لأمر محزن أن تتحمل حركة حماس بمفردها ومعها الفصائل المقاومة والمجاهدة بالدفاع عن الأمة، بينما أبناء الأمة هائمون على وجوههم، يسمعون لكلام المنافقين والأعداء، ويتقبلون شائعاتهم وأكاذيبهم، ولا يستطيعون حتى فهم ما يدور من أحداث عظيمة على الساحة الفلسطينية، وهي الجبهة الملتهبة التي يقاتلنا فيها أعداء الأمة، الذين لم يدعوا أي وسيلة وأي سلاح إلا واستخدموه ضد حركة حماس...

كان الأولى بشعوبنا أن تجتهد في معرفة دورها في هذه المرحلة الحرجة من حياة الأمة وأن تقوم بواجبها لإنجاح المشروع الإسلامي لحماس وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني في مواجهة القوى العالمية المناهضة لحقوقه بدلا من الانشغال بشائعات الأعداء وأكاذيبهم، ولو تأملنا حقيقة الصراع الذي يدور في فلسطين لأدركنا أنه يستهدف الشعوب العربية والإسلامية، فالولايات المتحدة الأمريكية، التي تقدم كل أنواع الدعم للكيان الصهيوني، تسعى جاهدة إلى تكوين إمبراطورية شريرة على أنقاض حضارتنا وديننا بعد تمزيق بلادنا وأوطاننا لتسد علينا الطريق نحو نهضة أمتنا الإسلامية وانبعاث حضارتها بعد وصول الحضارة الغربية إلى نهايتها الحتمية من الانحطاط والانهيار.

وهذا يلقي بمسؤولية عظيمة وتبعات ثقيلة على شعوبنا ويحتم علينا جميعا العمل، بقوة وبوعي وإخلاص، لإنجاح نموذج حماس والاقتداء به وتنظيم فعاليات وبرامج شعبية في كل أقطار العالم العربي والإسلامي لدعم صمود الشعب الفلسطيني في كل المجالات، ومما يجعل نموذج حماس مؤهلا للنجاح وأهلا لدعم الشعوب العربية والإسلامية أن حماس قد وصلت إلى السلطة بطريقة نظيفة وقوية وأنها تحظى بتأييد شعبي كبير وأن صراعها مع الاحتلال واضح المعالم لا لبس فيه ولا مجال فيه للخلافات التي تؤدي إلى إضعاف قدرة شعبنا على مواصلة مسيرته الطويلة من أجل التحرير، أضف إلى هذا أن فلسطين تحظى بمكانة عظيمة ومقدسة في قلوب سائر العرب والمسلمين.

وعلى شعوبنا أن تعي جيدا أن الكيان الصهيوني يحمل مشروعا غربيا صهيونيا يستهدف كل الدول العربية، وأن هذا الكيان الغريب لا يسعى أبدا إلى السلام العادل الذي يعيد الحقوق والأرض لأصحابها الشرعيين، والممارسات الصهيونية ضد شعبنا الفلسطيني، والتي تتمثل في استمرار الاستيلاء على الأرضي وتهويد القدس واستمرار القتل والاغتيال والاعتقال تؤكد ذلك تماما، بل إن الصهاينة يدركون تماما أن دولتهم، التي ما هي إلا قاعدة عسكرية زرعها الغرب في قلب الأمة العربية، هي جسم سرطاني لا يتوقف عن النمو والعدوان والانتشار، فهذا الكيان يسعى دائما إلى تمزيق الأمة العربية وقهر شعوبها ومنعها من أي محاولة للنهوض مهما حاول التظاهر بأنه يجنح للسلم ويدعو إلى السلام لأنه لا يهدف من وراء هذا التظاهر إلا إلى تحييد شعوبنا عن الصراع وتهدئتها بل وتخديرها حتى الموت.

ولمواجهة هذا التحدي الخطير يجب على شعوبنا أن تسأل: ماذا سنفعل من أجل إنجاح حماس؟ وحتى تستطيع شعوبنا الإجابة على هذا السؤال عليها أن تسعى لحل مشاكلها الذاتية، التي أنهكت أمتنا وجعلتنا هدفا لأطماع المعتدين من الأمم الأخرى وصيدا ثمينا لها، بدلا من إثارة الشكوك حول قدرة حماس على تخطي محاولات تقويضها، بينما يقف الكثيرون من أبناء شعوبنا موقف المتفرج والمراقب عن بعد.

وتنتصر حماس في هذه الجولة الجديدة من الصراع بصمودها وبقائها قادرة على مواصلة مسيرة الجهاد والمقاومة ضد الاحتلال والعدوان بكل أنواعه، وبنجاحها في تجنيد وتوظيف مقدرات شعوبنا وطاقاتها لمواجهة الضغوط والتحديات الجسيمة التي تواجه العرب والمسلمين، وبقدرتها على النفاذ إلى العمق العربي والإسلامي الشعبي وشد العرب والمسلمين إلى مشروع إسلامي عالمي يعيق تقدم المشروع الأمريكي الاستعماري ويعمل على استيعاب كل جهود شعوبنا وإمكانياتها وتوجيهها لصد الهجمة الشرسة على الإسلام والمسلمين.

ويمكن لشعوبنا أن تنصر حماس وتعمل على إنجاح مشروعها إذا ما تحولت إلى طرف فاعل في الصراع مع الأعداء، وبمقاومتها الواعية لكل محاولات احتوائها سياسيا واستخدامها أداة لإضفاء الشرعية على الأنظمة التي تخدم مصالح الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك بتقديمها الدعم الإعلامي والسياسي والاقتصادي لحكومة حماس والشعب الفلسطيني. وعلى مفكري ومثقفي هذه الأمة أن يعملوا على حشد الطاقات والجهود الشعبية لدعم الشعب الفلسطيني وتوعية الشعوب بمسؤوليتها تجاه فلسطين وكشف كل الممارسات الغربية العدائية ضد الشعب الفلسطيني وكل شعوب أمتنا.

وعلى الدعاة والعلماء والمفتين المسلمين أن يعملوا بإخلاص على تكوين رأي عام عربي وإسلامي إيجابي تجاه حماس بعيدا عن الخلافات في الرأي التي تجعل الحليم من أبناء أمتنا حيرانا، والقاعدة الذهبية في ذلك أن نترك كل الخلافات الفقهية والسياسية التي تؤدي إلى تقاعس الشعوب عن أداء واجبها ولا تؤدي إلا إلى زيادة التشرذم والانقسام الذي تعاني منه الأمة وإلهاء الشعوب بتلك الخلافات، مع العلم أن ما يمكن أن نلتقي عليه من الأهداف يكفي لتوحيد الأمة واستيعاب كل طاقاتها ونهوضها وصدها للهجمة الغربية الغادرة، فما قيمة الاختلافات إن كانت تحلق الدين وتوهن الأمة وتزيد المآسي والمصائب؟!

وما يعزز قدرة حماس على اجتياز صعوبات هذه المرحلة امتلاك شعوبنا لوعي مستنير وإيمان متين ولرؤية واضحة لطبيعة الصراع مع الأعداء تنأى بهم عن النظرة السطحية للأمور والاستعجال وردود الأفعال المبنية على العاطفة وقصر النظر واختزال الصورة فقط فيما يبدو منها لعامة الناس وبسطائهم، إن دخول حماس في المعترك السياسي كان لا بد منه لحماية إنجازات الشعب الفلسطيني وتعزيز صموده وحماية المقاومة، وقد بدأ المستنيرون من أبناء الشعب الفلسطيني يلمسون إيجابيات العمل السياسي الذي فتح آفاقا جديدة واسعة أمام حماس والشعب الفلسطيني نحو التحرير وأضاف بعدا جديدا في مسيرة الجهاد والمقاومة بحمايتها من محاولة تجريدها من سلاحها وقوتها.

إن الأعداء دائما يحاولون إلهاء شعوبنا بخلافات وآراء متضاربة وأفكار سطحية وشبهات مغرضة لثني هذه الشعوب عن تكوين رأي موحد والقيام بحركة منتظمة والتوصل إلى فكر انسجامي تجاه أهداف موحدة تلتقي عليها معظم فئات شعوبنا. وشعوبنا قادرة بعون الله على الإجهاز على المشروع الأمريكي على المدى البعيد إذا ما قامت بتحسين أداءها في نصرة قضايا أمتنا وخاصة القضية الفلسطينية، ويعلم الله كم سيلحق بشعوبنا من إحباط إن فشلت حماس في مشروعها، معاذ الله، فانتصار حماس هو نصر لكل العرب والمسلمين وبداية لعهد جديد من الانتصارات وتحقيق الطموح والتطلعات، وما ذلك على الله بعزيز.