المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : النظام العربي الرسمي



تحسين أبو عاصي
14/09/2008, 07:54 PM
بسم الله الرحمن الرحيم



الــنــظــام الــعـربــي الــرســـمــي بــقــلــم ســـاخــر



مقال أدبي سياسي ساخر



أ . تحسين يحيى حسن أبو عاصي – كاتب فلسطيني مستقل -



فلسطين



tahsseemm2010@hotmail.com



***********************************

قمت برحلة إلى حديقة حيوانات صغيرة في قطاع غزة برفقة تلاميذي ، وبمجرد دخولنا الحديقة ، أدهش التلاميذ منظر قرد يضاجع أنثاه ، وقف التلاميذ يرقبون المشهد ومنهم الضاحك ، ومنهم المُعلق ، ومنهم المتأمل ، ومنهم الساخر ، ومنهم الساكت ، فتذكرت من جملة هذا المشهد حال الحكام العرب وعلاقتهم بأمريكا ، وعلاقة بعضهم في بعض ، وعلاقتهم بشعوبهم .

في حديقة الحيوانات ، يتآلف كل جنس مع جنسه فقط ، وكل لون مع لونه فقط ، وكل فصيل مع فصيله ، وكل تنظيم مع تنظيمه ، وكل قطيع مع قطيعه ، وكل فكر مع أفكاره ، وكل قلم مع أقلامه ، وكل حمار مع حميره ، وكل قرد مع قروده ، وكل وحش مع وحوشه ، وكل حيوان مع أليفه ، والحيوانات على دين ملوكهم ، وهكذا .....
رأيت الحمير وهم يقربون رؤوسهم بعضهم من بعض ، كأنهم يستجيبون لدعوة من البيت الأبيض ، فتذكرت حمير القمة العربية ، ورأيت منهم حمارا يهمس كثيرا في آذان محاوريه ، فتذكرت الحمار الذي افتتح الجلسة .

مرّ احد الموظفين في الحديقة من أمامي ، يجر عربة ممتلئة باللحوم التي سيقدمها الآن وجبة طعام للحيوانات ، فتذكرت أربعمائة ألف مشرد مصري ( وفق إحصائيات مراكز حقوق الإنسان ) ينامون على أرصفة مصر، وفوق الأسطح وفي المقابر ، وتذكرت مئات الألوف من الأسر الفلسطينية التي تسمع فقط باللحوم ، وتذكرت ملايين الجياع في العراق ، وتذكرت المشردين في الصومال ، وتذكرت جيوش المعدمين في السودان وإفريقيا ، وتذكرت سجناء الضمير والشرف في سجون النظام العربي الرسمي ، فلو كانوا في نظر قادتهم حيوانات لحظوا باهتمام بالغ ، مثل هذه الحيوانات المحظوظة في أسرها .

حمير حديقة الحيوانات لا يعانون الحصار، ولا يحتاجون إلى وقود ممنوع عنهم ، ولا يحتاجون للمشي على أقدامهم ، حيوانات تعيش في وطن والأرض لهم .

طار خيالي إلى جمعيات الرفق بالحمار وبالكلب وبالبغل وبالتيس في أوروبا وبوحيد القرن والخرتيت في إفريقيا ، وكيف أن الصيادين يصيدونه من أجل أن يحظوا بقرن الفحولة الجنسية ، مثل ذلك القرد مع أنثاه الذي أحسن استقبالنا ، في الوقت الذي لم يحسن النظام العربي استقبال الفلسطيني ولا العراقي ولا السوداني، إلا الغربي والإسرائلي .

كان كل من في الحديقة في واد ، وكنت في وادٍ آخر ، كل من ي الحديقة يرتع ويلهو ويلعب ويستمتع في واديه إلا أنا ، أغرق في وادٍ عميق من التفكير حيث تفتحت عليّ أبوابا كثيرة من الجروح والهموم والأحزان ، التي لا يشاطرني بها أحد من الحيوانات إلا القرود التي كانت تداعبني ، فكنت القي إليها قليلا من الموز الذي تحبه شأن حال الحكام العرب .

أمطرتني الأفكار بكثير من المعاني المتأثرة بالمكان والزمان ، وتذكرت الذئبة تدافع عن صغارها ووطنها حتى الموت ، والنملة تلدغ ، والدجاحة تنقر، والكلبة تعض وتنبح ، إلا النظام العربي الرسمي الذي يعيش لحظة النشوة في أوجها مع أمريكا ،ورضي أن يكون منصوبا بفتحة المفعول به ، شأنه بذلك شأن القرد الذي يضاجع أنثاه ، ولا يشعر بالحرج من الجمهور المتفرج حوله .

ثم إنني لم أر بينهم حيوانا أعمى ولا يتعامى ، فمن يقترب من حدود أي حيوان ، كان ينظر له بعينيه كأنه يتوعده ، ولم أر حيوانا بدل جلده أو هويته أو قوميته ، ولم أر ذكرا منها تحول إلى أنثى ، ولا أنثى تحولت إلى ذكر .

كنت واضعا يدي على خدي ، مستغرقا في تفكير عميق ، أيقظني منه نهيق حمار مزعج ، فتذكرت أصوات الإعلام العربي ، وأبواق المسخ ، ومن أمامي قفص مأسور فيه أسد ، ذهبت من مكاني ووقفت بجوار قفص الأسد ،ووجدت أن بيني وبينه ثلاثة حواجز حديدية ، أحببت أن أقدم له التحية لعله يفهمني كما فهمته ، لكنه كان على ما يبدو مخدّرا ، يغط أحيانا في النوم ، ويصحو أحيانا أخرى .

قلت في نفسي : ما أكثر القواسم المشتركة بين الحيوانات وبين الأنظمة العربية التي يترأسها قرد يجامع قردة ، وربما حمارة أو كلبة ، لأننا أصبحنا اليوم نشكو الرمد المزمن ، فنرى بعين واحدة ، وتذكرت كيف يكون الثعلب أمينا ، وكيف يكون الذئب راعيا ، والحمار قاضيا ، والنمر أستاذا معلما ، والدُّب قدوة عاقلا ،والبقر الوحشي راعيا ، والكل يعيش الواقعية السياسية والعقلانية العلمية والعولمة الحديثة .

وفجأة سمعت صوت طائر يغرد ، و لسان حاله يقول : لا ظلم اليوم ، هنا نحن ننعم بالعدالة أكثر منكم أيها العرب ، فمتى تثوروا على بؤسكم ؟ ومتى تنتقموا من جلاديكم ؟.
وصوت أخر يقول : لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي .
فهل تستقبلنا الأنظمة العربية بمثل ما استقبلتنا القرود المتعطشة لأكل الموز في حديقة الحيوانات؛ لعلنا نعيش لحظة : لا ظلم اليوم ؟ .


الفاتحة لموتاكم


زيارتكم وتعليقاتكم شرف كبير لي
www.tahsseen.jeeran.com (http://www.tahsseen.jeeran.com/)مدونتي : واحة الكتاب والأدباء المغمورين

باسين بلعباس
23/09/2008, 04:45 PM
تذكرت ـ وانا أقرأ مقالك الساخر هذاـ حادثة رواها لي أحد الزملاء: وقد أخرجوا التلاميذ الى حديقة للنباتات والحيوانات للتعرف على أنواعها..وخصائصها وطرق تكاثرها...وبينما كان الاستاذ المعني بالجانب العلمي يشرح للتلاميذ إذ مروا بجانب حمار يركب أتانا..والعملية في عزها..وحدثت بلبلة ..وتعليقات هامشية..وحتى يتدارك الاستاذ الموقف قال: مسكين هذا الجحش..يداعب أمه..
ولكن تعليقا وصل من أحد ال(شياطين)..يقول :ليتني مكانه وأداعبأنثاي مثله..
................................
شكرا لك استاذ :ابو عاصي..
شرحت الوضع العربي المتردي حيوانيا..
كل الود

الحاج بونيف
23/09/2008, 05:07 PM
كانت وحدها السمراء "كوندي" هي من تفعل بهم الأفاعيل وتوجههم إلى حيث تريد..
وبخاصة إن كشفت عن بعض من فخذيها..
الآن وقد اعتلت المنصة الحسناء ليفني سيصطفون أمامها والمحظوظ من يفوز منها بقبلة أو ابتسامة..
مستعدون لبيع الجمل بما حمل..
الله يستر..
أحييك أخي الفاضل على مقالك الساخر من حكام باعوا ذممهم للعدو بأبخس الأثمان..